الصفحة السابقة الصفحة التالية

شرح إحقاق الحق (ج24)

فهرسة الكتاب

فهرس الكتب

ص 101

قوله تعالى (ليذهب عنكم) و(ويطهركم)، إذ لو كانت لنسائه خاصة - كما هو ظاهر السياق وذهبت إليه فرقة أخرى - لقال (عنكن) و(يطهركن). ومنهم العلامة الشيخ أبو عبد الله محمد بن المدني جنون المغربي الفاسي المالكي المتوفى بعد سنة 1278 في كتابه (الدرر المكنونة في النسبة الشريفة المصونة) (ص 6 ط دار الطباعة بالمغرب) قال: قال الله تعالى (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) أكثر المفسرين كما قال البن حجر الهيتمي في (الصواعق المحرقة) على أنها نزلت في علي وفاطمة والحسن والحسين. ومنهم الحافظ جمال الدين أبو الحجاج يوسف بن الزكي عبد الرحمن المزي المتوفى سنة 742 في كتابه (تحفة الاشراف بمعرفة الأطراف) (ج 8 ص 130 ط بيروت) قال: حديث: لما نزلت هذه الآية (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم) الحديث. ت في التفسير (الأحزاب: 8) وفي المناقب (105: 2) عن قتيبة بن سعيد، عن محمد بن سليمان ابن الاصبهاني، عن يحيى بن عبيد، عنه به، وقال: غريب من هذا الوجه.

ص 102

ومنهم العلامة شمس الدين محمد بن يوسف الزرندي المتوفى سنة 750 في (بغية المرتاح إلى طلب الأرباح) (ص 90 والنسخة مصورة من مخطوطة إحدى مكاتب لندن) قال: فلما نزلت (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت) الآية، دعى رسول الله صلى الله عليه وسلم فاطمة وعليا والحسن والحسين في بيت أم سلمة وقال: اللهم إن هؤلاء أهل بيتي فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا. ومنهم العلامة الشيخ تقي الدين أبو الحسن علي بن عبد الكافي بن علي الأنصاري الخزرجي الشافعي السبكي المتوفى سنة 756 في (الابهاج في شرح المنهاج) (ج 2 ص 365 ط دار الكتب العلمية في بيروت سنة 1404) قال: قال: (الرابعة) قالت الشيعة إجماع العترة حجة لقوله تعالى (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) وهم علي وفاطمة وأبناؤهما رضي الله عنهم، لأنها لما نزلت لف عليه السلام عليهم كساء وقال: هؤلاء أهل بيتي، ولقوله عليه السلام: إني تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا كتاب الله وعترتي. قالت الشيعة: إجماع أهل البيت حجة، وقالوا أيضا كما نقله الشيخ أبو إسحاق في شرح اللمع، أما الكتاب فقوله تعالى (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) فقد نفا عنهم الرجس والخطأ رجس فيكون منفيا عنهم، وأهل البيت هم علي وفاطمة وأبناؤهما الحسن والحسين رضي الله عنهم، لأنه كما روى الترمذي لما نزلت هذه الآية لف النبي صلى الله عليه وسلم كساء وقال: هؤلاء أهل بيتي وخاصتي، اللهم أذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا.

ص 103

وأما السنة فما روى الترمذي وأخرج مسلم في صحيحه معناه من قوله صلى الله عليه وسلم: إني تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا كتاب الله وعترتي. وأما المعنى ولم يذكره المصنف، فإن أهل البيت مهبط الوحي والنبي منهم وفيهم، فالخطأ عليهم أبعد. ومنهم العلامة محمد بن الحسن البدخشي في (مناهج العقول في شرح منهاج الأصول) للقاضي البيضاوي (ج 2 ص 398 ط دار الكتب العلمية في بيروت سنة 1405) قال: المسألة (الرابعة: قال الشيعة) كالإمامية والزيدية (إجماع العترة) أي عترة الرسول عليه الصلاة والسلام (حجة) سواء كان مع مخالفة غيرهم أو عدم المخالفة، والموافقة بأن علم منهم التوقف أو عدم سماع الحكم، وإلا كان إجماعا سكوتيا لقوله تعالى (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) والخطأ رجس فيجب أن يكون أهل البيت مطهرين علي وفاطمة وابناهما رضوان الله عليهم، لأنها لما نزلت لف عليه الصلاة والسلام عليهم كساء وقال (هؤلاء أهل بيتي). وقال أيضا في ص 401: المسألة الرابعة: ذهبت الشيعة كالإمامية والزيدية إلى أن إجماع العترة حجة وأرادوا بالعترة عليا وفاطمة وابنيهما الحسن والحسين، وهي بالتاء المثناة، واحتجوا بالكتاب والسنة: أما الكتاب فقوله تعالى (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) وجه الاستدلال أن الله تعالى أخبر عن نفي الرجس عن أهل البيت والخطأ رجس، فيكون منفيا عنهم، وإذا كان الخطأ منفيا عنهم كان إجماعهم حجة، وأهل البيت هم علي وفاطمة وابناهما رضي الله عنهم،

ص 104

لأن النبي صلى الله عليه وسلم لف عليهم كساء لما نزلت هذه الآية وقال: هؤلاء أهل بيتي، وأيضا فقد نقله ابن عطية في تفسيره عن الجمهور، وأما السنة فقوله عليه الصلاة والسلام (إني تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا كتاب الله وعترتي)، فإنه كما دل على أن الكتاب حجة دل على أن قول العترة حجة. ومنهم العلامة السيد إبراهيم الحسني المدني السمهودي الشافعي في (الاشراف على فضل الأشراف) (ص 5 والنسخة مصورة من مكتبة الظاهرية بدمشق أو الأحمدية) قال: (الأول) في ذكر ما جاء في تفضيلهم بما أنزل الله عز وجل من تطهيرهم وإذهاب الرجس عنهم وتحريم الصدقة عليهم وعظيم شرف أصلهم واصطفائهم وانهم خير الخلق. قال الله تعالى (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) فقال أبو سعيد الخدري رضي الله عنه: نزلت - يعني هذه الآية - في خمسة النبي صلى الله عليه وسلم وعلي وفاطمة والحسن والحسين رضي الله عنهم، أخرجه أحمد في المناقب والطبراني وأخرجه ابن جرير الطبري عنه مرفوعا بلفظ: نزلت هذه الآية في خمسة في وفي علي والحسن والحسين وفاطمة (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا). ولمسلم في صحيحه عن عائشة رضي الله عنها: خرج النبي صلى الله عليه وسلم ذات غداة وعليه مرطة مرجل من شعر أسود، فجاء الحسن بن علي رضي الله عنه فأدخله، ثم جاء الحسين رضي الله عنه فأدخله، ثم جاءت فاطمة رضي الله عنها فأدخلها، ثم جاء علي رضي الله عنه فأدخله، ثم قال (إنما يريد الله ليذهب عنكم

ص 105

الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا). وفي رواية عقب ذلك: وأنا حرب من حاربهم سلم من سالمهم عدو لمن عاداهم. وفي رواية: اللهم هؤلاء آل محمد فاجعل صلواتك وبركاتك على آل محمد كما جعلتها على إبراهيم إنك حميد مجيد. وفي رواية ثم قال: هؤلاء أهل بيتي حقا فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا. وللترمذي: وقال حسن صحيح عن أم سلمة رضي الله عنها: إن النبي صلى الله عليه وسلم جلل على الحسن والحسين وعلي وفاطمة رضوان الله عليهم كساء وقال: اللهم هؤلاء أهل بيتي وحامتي وخاصتي أذهب الرجس عنهم وطهرهم تطهيرا. وفي رواية: وألوى بيده اليمنى إلى ربه عز وجل وقال: اللهم أهلي أذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا - قالها ثلاثا.

ص 106

الآية الثالثة قوله تعالى

(قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى ومن يقترف حسنة نزد له حسنا إن الله غفور شكور) سورة الشورى: 22.

قد تقدم من الأحاديث الواردة في شأن أهل البيت في تفسيرها عن جماعة من أعلام العامة في ج 3 ص 2 إلى ص 22 وص 531 إلى ص 533 وج 6 ص 92 إلى ص 101 وج 14 ص 106، ونستدرك هيهنا عمن لم ننقل عنهم هناك: ويشتمل على أحاديث: منها

حديث علي عليه السلام

رواه جماعة من أعلام القوم في كتبهم:

ص 107

فمنهم العلامة حسام الدين المردي الحنفي في (آل محمد) (ص 72) قال: في الجواهر روى أبو الشيخ بن حبان عن زاذان عن علي قال: فينا في حم آية لا يحفظها إلا كل مؤمن، ثم قرأ (قل لا أسألكم إلا المودة في القربى). ومنهم العلامة شهاب الدين أحمد بن محمد المصري الحنفي في (تفسير آية المودة) (ص 16 والنسخة من إحدى المكاتب الشخصية بقم) قال: وعن علي بن أبي طالب قال: فينا في آل حم آية لا يحفظ مودتنا إلا كل مؤمن، - إلى آخر ما تقدم عن كتاب (آل محمد) آنفا. ومنهم العلامة شمس الدين الشيخ محمد بن عبد الرحمن السخاوي في (استجلاب ارتقاء الغرف بحب أقرباء الرسول) (ص 19 والنسخة مصورة من مخطوطة مكتبة عاطف أفندي بإسلامبول) قال: عن علي رضي الله عنه قال: فينا في آل (حم) لا يحفظ إلا كل مؤمن - إلى آخر ما تقدم عن كتاب (آل محمد). ومنهم العلامة صلاح بن إبراهيم الهادي في (الكواكب الدرية) (ص 194 نسخة ايرلندة) قال: ومنها ما روى الثعلبي لآل محمد صلى الله عليه وسلم.

ص 108

ومنها

حديث الإمام الحسن عليه السلام

رواه جماعة من أعلام العامة في كتبهم: فمنهم العلامة الشيخ أبو عبد الله محمد بن المدني جنون المغربي الفاسي المالكي في كتابه (الدرر المكنونة) (ص 11 ط المطبعة الفاسية) قال: وأخرج الطبراني والبزار عن الحسن بطرق بعضها حسن أنه خطب خطبة بليغة قال: أنا الحسن بن محمد صلى الله عليه وسلم، أنا ابن البشير، أنا ابن النذير، أنا من أهل البيت الذين افترض الله تعالى مودتهم وموالاتهم فقال (قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى). وفي رواية: (ومن يقترف حسنة نزد له فيها حسنا) قال: اقتراف الحسنة مودتنا أهل البيت. وأخرج الشعبي وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله تعالى (ومن يقترف حسنة) الآية، قال: المودة لآل محمد صلى الله عليه وسلم. إنتهى. ومنهم العلامة حسام الدين المردي الحنفي في (آل محمد) (ص119) قال: (وأخرج) الدولابي أن الحسن كرم الله وجهه قال في خطبة: أن من أهل البيت الذين افترض الله مودتهم على كل مسلم فقال لنبينا صلى الله عليه وسلم (قل لا أسئلكم عليه أجرا إلا المودة في القربى ومن يقترف حسنة نزد له فيها حسنا)

ص 109

واقتراف الحسنة مودتنا أهل البيت. رواه الدولابي والمحب الطبري. ومنها

حديث علي بن الحسين عليه السلام

رواه جماعة من أعلام القوم في كتبهم: فمنهم العلامة شهاب الدين أحمد الشيرازي الحسيني الشافعي في (توضيح الدلائل) (ص 321 والنسخة مصورة من مخطوطة مكتبة الملي بفارس) قال: وأنبأني عقيل بن محمد فأسند إلى السدي رحمه الله تعالى قال: لما جئ بعلي بن الحسين رضي الله تعالى عنهما اسيرا فأقيم على درج دمشق، قام رجل من أهل الشام فقال: الحمد لله الذي قتلكم واستأصلكم وقطع قرن الفتنة. فقال له علي ابن الحسين رضي الله تعالى عنهما أقرأت القرآن؟ قال: نعم. قال رضي الله عنه: قرأت آل (حم)؟ قال: قرأت القرآن ولم اقرأ آل (حم). قال رضي الله تعالى عنه: وما قرأت (قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى)؟ قال: وإنكم لأنتم هم؟ قال رضي الله عنه: نعم. ومنهم العلامة شهاب الدين محمد بن أحمد الحنفي المصري في (تفسير آية المودة) (ص 12 والنسخة مصورة من إحدى المكاتب الشخصية بقم) قال: روي أنه لما جئ بعلي الحسين رضي الله عنهما أسيرا، أي بعد مقتل أبيه الحسين رضي الله عنه - إلى آخر ما تقدم عن كتاب (توضيح الدلائل).

ص 110

ومنهم العلامة شمس الدين محمد بن عبد الرحمن السخاوي الشافعي في (استجلاب ارتقاء الغرف بحب أقرباء الرسول) (ص 19 والنسخة مصورة من مكتبة اسلامبول) قال: وكذا قال السدي عن أبي الديلم لما جئ بعلي بن الحسين رضي الله عنه ورحمه أسيرا فأقيم على درج دمشق قام رجل من أهل الشام - إلى آخر ما تقدم عن كتاب (توضيح الدلائل). ومنهم العلامة أبو الحسن أحمد بن علي بن عبد القادر الشافعي المصري في (فضل آل البيت) (ص 57 ط القاهرة) قال: وقال بهذا المعنى في هذه الآية (قل لا أسئلكم عليه أجرا) الآية، علي بن الحسين رضي الله عنهما، واستشهد بهذه الآية حين سبق إلى الشام أسيرا. ومنها

حديث ابن عباس

رواه جماعة من أعلام القوم في كتبهم: فمنهم العلامة شهاب الدين محمد بن أحمد المصري الحنفي في (تفسير آية المودة) (والنسخة مصورة من إحدى المكاتب الشخصية بقم) قال: وعن ابن عباس رضي الله عنهما: قالت الأنصار فعلنا وفعلنا فكأنهم فخروا،

ص 111

فقال ابن عباس أو العباس شك الراوي: لنا الفضل عليكم، فبلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتاهم في مجالسهم فقال: ألم تكونوا أذلة فأعزكم الله بي؟ قالوا: بلى يا رسول الله. قال: ألم تكونوا أضلالا فهداكم الله بي؟ قالوا: بلى يا رسول الله. قال: أفلا تجيبوني؟ قالوا: ما نقول يا رسول الله؟ قال: ألا تقولون ألم يخرجك قومك فآويناك؟ ألم يكذبوك فصدقناك؟ ألم يخذلوك فنصرناك؟ فما زال يقول حتى جثوا على الركب وقالوا: أموالنا وما في أيدينا لله ولرسوله. قال: فنزلت (قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى). وقال أيضا في ص 11: عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: لما نزلت (قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى) قالوا: يا رسول الله من قرابتك هؤلاء الذين وجبت علينا مودتهم؟ قال: علي وفاطمة وأبناؤهما. والدليل على هذا ما روي عن علي بن أبي طالب عليه السلام قال: شكوت رسول الله (ص) حسد الناس لي، فقال: أما ترضى أن تكون رابع أربعة: أول من يدخل الجنة أنا وأنت والحسن والحسين، وأزواجنا عن أيماننا وشمائلنا، وذرياتنا خلف أزواجنا، وشيعتنا من ورائنا. وقال أيضا: وروى طاووس والشعبي والوالبي والعوفي عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: لم يكن بطن من بطون قريش إلا وبين رسول الله (ص) وبينهم قرابة، فلما كذبوه وأبوا أن يبايعوه أنزل الله تعالى عليه (قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى).

ص 112

ومنهم الفاضل المعاصر الشريف علي بن الدكتور محمد عبد الله فكري الحسيني القاهري المولود والمتوفى سنة 1296 - 1372 في (أحسن القصص) (ج 4 ص 218 ط دار الكتب العلمية في بيروت) قال: وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: لما نزل قوله تعالى (قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى) قالوا: يا رسول الله من قرابتك الذين وجبت علينا محبتهم؟ قال: علي وفاطمة وابناهما. ومنهم الحافظ أبو القاسم سليمان بن أحمد الطبراني المتوفى سنة 360 في (المعجم الكبير) (ج 12 ص 61 ط مطبعة الأمة ببغداد) قال: حدثنا عبد الله بن محمد بن سعيد بن أبي مريم، ثنا محمد بن يوسف الفريابي، ثنا سفيان، عن داود بن أبي هند، عن الشعبي، عن ابن عباس في قوله (قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى). قال: تصلوا قرابتي ولا تكذبوني. وقال أيضا في ص 33: حدثنا محمد بن عبد الله الحضرمي، ثنا محمد بن مرزوق، ثنا حسين الأشقر، ثنا نصير بن زياد، عن عثمان أبي اليقظان، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: قالت الأنصار فيما بينهم: لو جمعنا لرسول الله صلى الله عليه وسلم مالا فبسط يده لا يحول بينه وبين أحد، فأتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: يا رسول الله إنا أردنا أن نجمع لك من أموالنا، فأنزل الله عز وجل (قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى) فخرجوا مختلفين، فقال بعضهم: ألم تروا إلى ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ وقال بعضهم: إنما قال هذا لنقاتل عن أهل بيته وننصرهم، فأنزل الله عز وجل (أم يقولون افترى على الله كذبا) إلى قوله (وهو

ص 113

الذي يقبل التوبة عن عباده) فعرض لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بالتوبة إلى قوله (ويستجيب الذين آمنوا وعملوا الصالحات ويزيدهم من فضله) [هم] الذين قالوا هذا إن تتوبوا إلى الله وتستغفرونه. ومنهم العلامة الشيخ أبو عبد الله محمد بن المدني جنون المغربي الفاسي المالكي المتوفى بعد سنة 1278 في كتابه (الدرر المكنونة في النسبة الشريفة المصونة) (ص 11 ط المطبعة الفاسية) قال: وقال تعالى (قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى ومن يقترف حسنة نزد له فيها حسنا) إلى قوله (يفعلون) روى الطبراني في (المعجم الكبير) وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه في تفاسيرهم كلهم عن ابن عباس قال: لما نزل قوله تعالى (قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى) الآية، قالوا: يا رسول الله من هؤلاء الذين أمرنا الله مودتهم؟ قال: علي وفاطمة وأبناؤهما. ومنهم العلامة الشيخ محمد المهدي الفاسي المالكي في (مطالع المسرات بجلاء دلائل الخيرات) (ص 184 ط الباكستان) قال: وأما ذوو القربى فروى الواحدي في تفسيره بسنده عن ابن عباس قال: لما نزل قوله تعالى (قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى) قالوا: يا رسول الله من هؤلاء الذين أمرنا الله تعالى بمودتهم؟ قال: علي وفاطمة وأبناؤهما، وأما عترته فقيل العشيرة وقيل الذرية، فأما العشيرة فهي الأهل الأدنون، وأما الذرية فنسل الرجل وأولاد بنت الرجل ذريته، ويدل عليه قوله تعالى (ومن ذريته داود) إلى قوله (وعيسى) ولم يتصل عيسى بإبراهيم إلا من جهة أمه مريم. إنتهى.

ص 114

ومنهم العلامة شمس الدين محمد بن عبد الرحمن السخاوي الشافعي في (استجلاب ارتقاء الغرف بحب أقرباء الرسول) (ص 16 والنسخة مصورة من مكتبة عاطف أفندي بإسلامبول) قال: فأخرج الطبراني في (معجمه الكبير) وابن أبي حاتم في تفسيره والحاكم في مناقب الشافعي والواحدي في الوسيط وآخرون منهم أحمد في المناقب، كلهم من رواية حسين الأشعري عن قيس بن ربيع عن الأعمش عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: لما نزلت هذه الآية (قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى) قالوا: يا رسول الله من قرابتك هؤلاء الذين وجبت علينا مودتهم وقال أيضا في ص 19: في أمالي أبي جعفر بن أبي البختري من حديث ابن أبي نجيح عن مجاهد عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم: قل لا أسألكم على ما آتيتكم به من البينات والهدى أجرا إلا أن تودوا الله عز وجل وتقربوا إليه بطاعته، وإذ قد بان ذلك الصحيح في تفسير هذه الآية فأقول: قد جاءت الوصية الصريحة بأهل البيت في غيرها من الأحاديث. ومنهم العلامة نجم الدين الشافعي المقدسي في (منال الطالب في مناقب أبي طالب) (ص 31 مخطوط) قال: عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنه: لما نزل قوله تعالى (قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى) قالوا: يا رسول الله من هم الذين وجبت

ص 115

علينا مودتهم؟ قال صلى الله عليه وسلم: علي وفاطمة وابناهما. ومنهم العلامة المعاصر السيد محمد بن علي الأهدلي الحسيني الشافعي اليماني في (نثر الدر المكنون) (ص 135 ط زهران بمصر) قال: من رواية ابن عباس رضي الله عنهما للطبراني في الأوسط قال: سمع النبي صلى الله عليه وسلم شيئا فخطب فقال للأنصار رضي الله عنهم: ألم تكونوا أذلاء فأعزكم الله بي، ألم تكونوا أضلاء فهداكم الله بي، ألم تكونوا خائفين فآمنكم الله بي، ألم تردوا علي؟ قالوا: أي شيء نجيبك؟ قال: تقولون ألم يطردك قومك فآويناك، ألم يكذبك قومك فصدقناك. يعدد عليهم قال: فجثوا على ركبهم وقالوا: أموالنا وأنفسنا لك، فنزلت (قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى). رواه الطبراني من طريق شيخه علي بن بشير. ومنهم العلامة شهاب الدين أحمد الشيرازي الحسيني الشافعي في (توضيح الدلائل) (ص 166 والنسخة مصورة من مكتبة الملي بفارس) قال: سورة الشورى قوله تعالى (قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى ومن يقترف حسنة نزد له فيها حسنا إن الله غفور شكور) وبالاسناد المذكور عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال: لما نزلت (قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى) قالوا: يا رسول الله من قرابتك هؤلاء الذين يجب علينا هذا؟ قال صلى الله عليه وآله وبارك وسلم: علي وفاطمة وابناهما - قالها ثلاث مرات. رواه الإمام الصالحاني، ورواه الإمام الطبري أيضا وقال: أخرجه أحمد في (المناقب). وقال أيضا: روي أنه صلى الله عليه وآله وبارك وسلم قال: إن الله جعل عليكم

ص 116

أجري المودة في أهل بيتي وإني أسألكم غدا عنهم. أخرجه الملا في (سيرته). وقال أيضا في ص 320: قوله تعالى (قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى) وعن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال: لما قدم رسول الله صلى الله عليه وبارك وسلم المدينة تنوبه نوائب وحقوق وليس في يده سعة لذلك، فقالت الأنصار: إن هذا الرجل قد هداكم الله تعالى به وهو ابن أختكم تنوبه نوائب وحقوق وليس في يده لذلك سعة اجمعوا له من أموالكم ما لا يضركم فتأتونه فيستعين به على ما ينوبه، فعلوه ثم أتوه به فقالوا: يا رسول الله إنك ابن أختنا وقد هدانا الله تعالى على يديك وتنوبك نوائب وحقوق وليست لك عندها سعة فرأينا أن نجمع لك من أموالنا فنأتيك به فتستعين به على ما ينوبك فها هو ذا، فنزلت هذه الآية. وعن قتادة رضي الله تعالى عنه: اجتمع المشركون في مجمع لهم فقال بعضهم لبعض: أترون محمدا يسأل على ما يتعاطاه أجرا؟ فأنزل الله تعالى هذه الآية يحثهم على محبته ومحبة أهل بيته. وقال أيضا في الصفحة المذكورة: فعن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال: لما نزلت (قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى) قالوا: يا رسول الله من قرابتك هؤلاء الذين وجبت علينا مودتهم؟ قال صلى الله عليه وآله وبارك وسلم: علي وفاطمة وابناهما. ورواه الطبري أيضا وقال: أخرجه أحمد في (المناقب).

ص 117

ومنهم العلامة أبو الحسن أحمد بن علي بن عبد القادر الشافعي المصري في (فضل آل البيت) (ص 75 ط القاهرة) قال: قال ابن عباس رضي الله عنهما: قيل يا رسول الله من قرابتك الذين أمرنا بمودتهم؟ فقال: علي وفاطمة وابناهما. ومنهم العلامة الشيخ أحمد بن محمد بن أحمد الخافي (الخوافي) الحسيني الشافعي في (التبر المذاب) (ص 63 نسخة مكتبتنا العامة) قال: روي في الصحيحين والإمام أحمد في المسند والثعلبي في تفسيره عن ابن عباس (رض) قالوا: يا رسول الله من قرابتك الذين وجبت علينا مودتهم؟ قال: علي وفاطمة وابناهما. وروى الإمامان المفسران الثعلبي والواحدي كل منهما يرفعه بسنده: إنه لما نزلت آية المودة قالوا: يا رسول الله من هؤلاء الذين أوجبت علينا محبتهم؟ قال: علي وفاطمة وابناهما. ومنهم العلامة عبد الله بن نوح الجيانجوري في (الإمام المهاجر) (ص 214 ط دار الشروق بجدة) قال: ومنها قوله تعالى (قل لا أسئلكم عليه أجرا إلا المودة في القربى) قال ابن عباس: علي وفاطمة وابناهما.

ص 118

ومنها

حديث أبي الطفيل

رواه جماعة من أعلام القوم في كتبهم: فمنهم العلامة شهاب الدين أحمد بن محمد الحنفي المصري في (تفسير آية المودة) (ص 16) قال: عن أبي الطفيل قال: خطبنا الحسن بن علي بن أبي طالب عليه السلام، فحمد الله وأثنى عليه، واختصر في الخطبة إلى أن قال: من عرفني فقد عرفني ومن لم يعرفني فأنا الحسن بن محمد، ثم تلا هذه الآية (واتبعت ملة آبائي إبراهيم وإسحاق ويعقوب) ثم أخذ في كتاب الله ثم قال: أنا ابن البشير، أنا ابن النذير، أنا ابن النبي، أنا ابن الداعي إلى الله بإذنه وأنا ابن السراج المنير، أنا ابن الذي أرسل رحمة للعالمين، وأنا من أهل البيت الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا، وأنا من أهل البيت الذين افترض الله عز وجل مودتهم وولايتهم فقال فيما أنزل على محمد (قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى). ومنها حديث عمرو بن سعيد رواه جماعة من أعلام القوم في كتبهم:

ص 119

فمنهم العلامة شهاب الدين أحمد بن محمد الحنفي المصري في (تفسير آية المودة) (ص 16) قال: عن أبي بشر الدولابي عن أبي إسحاق السبيعي قال: سألت عمرو بن سعيد عن قوله تعالى (قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى) فقال: قربى النبي صلى الله عليه وسلم. ومنها حديث عمرو بن شعيب رواه جماعة من أعلام القوم في كتبهم: فمنهم العلامة شمس الدين محمد بن عبد الرحمن السخاوي الشافعي في (استجلاب ارتقاء الغرف بخب أقرباء الرسول) (ص 19) قال: وعند الطبراني من طريق أبي إسحاق السبيعي قال: سألت عمرو بن شعيب عن قوله تعالى (قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى) فقال: قرأت النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن الله عز وجل أجرى عليكم المودة في أهل بيتي وإني سائلكم غدا عنهم. وإنما كان قول سعيد بن جبير ومن وافقه على التفسير الذي بينه ممن نقلناه عنهم شاهدا لما نحن فيه لحمل الآية على أمر المخاطبين بأن يواددوا أقارب النبي صلى الله عليه وسلم، يعني بما يليق بهم من السير والاحسان وسائر وجوه الحسان، لكن الحق كما جزم به ابن كثير رحمه الله من هذين التفسيرين قول ابن عباس رضي الله عنهما.

ص 120

ومنها

حديث سعيد بن جبير

رواه جماعة من أعلام العامة في كتبهم: فمنهم العلامة الشيخ أبو عبد الله محمد بن المدني جنون المغربي الفاسي المالكي في كتابه (الدرر المكنونة) (ص 11 ط المطبعة الفاسية) قال: وأخرج سعيد بن منصور في سننه عن سعيد بن جبير في قوله تعالى (قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى) قال: قربى رسول الله صلى الله عليه وسلم. ومنها ما روي مرسلا رواه جماعة من أعلام القوم في كتبهم: فمنهم العلامة الشيخ محمد النووي الجاوي في (مراح لبيد) (ج 2 ص 296 ط دار الفكر) قال: (قل لا أسئلكم عليه أجرا إلا المودة في القربى) أي قل يا أشرف الخلق لأهل مكة: لا أسألكم أجرا قط على التبليغ ببشارة ونذارة، ولكن أسألكم المودة متمكنة في أهل القرابة وحب آل محمد واجب.

ص 121

ومنهم العلامة شهاب الدين أحمد الشيرازي الشافعي في (توضيح الدلائل) (ص 322 والنسخة مصورة من مخطوطة مكتبة الملي بفارس) قال: وروي أنه صلى الله عليه وبارك وسلم قال: إن الله جعل أجري عليكم المودة في أهل بيتي، وإني سائلكم غدا عنهم. أخرجه الملا في سيرته. ومنهم العلامة أبو البركات عبد المحسن بن عثمان الحنفي في (الفائق من اللفظ الرائق) (ص 14 والنسخة مصورة من إحدى مكاتب ايرلندة) قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: الله الله في أصحابي لا تتخذوهم غرضا، فمن أحبهم فبحبي أحبهم، ومن أبغضهم فببغضي أبغضهم، ومن آذاهم فقد آذاني، ومن آذاني فقد آذى الله، فيوشك أن يأخذه. وفي ص 107 قال: ولو أن عبدا عبد الله بين الصفا والمروة ألف عام ثم ألف عام ثم ألف عام حتى يصير كالشن البالي، ثم لم يدرك محبتنا، أعني أنا وعلي والحسن والحسين وفاطمة، لأكبه الله على منخريه في النار، قال الله تعالى (قل لا أسئلكم عليه أجرا إلا المودة في القربى). ومنهم العلامة عبد الله بن نوح الجيانجوري في (الإمام المهاجر) (ص 212 ط دار الشروق بجدة) قال: قال الله تعالى (قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى ومن يقترف

ص 122

حسنة نزد له فيها حسنا إن الله غفور شكور). القربى كما قال ابن حجر وغيره مصدر كالزلفى والبشرى بمعنى القرابة، ومعنى الآية إن الله تعالى أمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يخبر قومه أنه لا يسألهم على الدعاء إلى الله والدلالة على الهدى مالا ولا نفعا، فإن أجره على الله إلا المودة في القربى فإني أطلبها منكم لا طلبا للأجر، ولكن أمرا بالمعروف ونهيا عن المنكر، فإن ترك المودة فيهم قطيعة رحم وإثم كبير، والمودة في القرابة صلة رحم، ورحمه صلى الله عليه وسلم أعظم الأرحام وأحقها بالمودة والصلة، وليس هناك من أجر بل تشريع من الله، فالاستثناء هنا منقطع، ولا حاجة بنا إلى زيادة بيان بعد اتفاق أهل السنة والجماعة على ما تقدم. وقال أيضا في ص 221: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله جعل أجري عليكم المودة في أهل بيتي، وإني سائلكم غدا عنهم. ومنهم العلامة الشيخ حسام الدين المردي الحنفي في (آل محمد) (ص 119 والنسخة مصورة من مكتبة السيد الأشكوري) قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله جعل أجري عليكم المودة في أهل بيتي، وإني أسألكم غدا عنهم، وقد جاءت الوصية الصريحة بهم في عدة مواضع. وقال أيضا في ص 125: عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله عز وجل جعل أجري عليكم المودة في القربى، وإني سائلكم غدا عنها. قال في الهامش: رواه الملا في سيرته، قال المحب الطبري: إن رسول الله

ص 123

صلى الله عليه وسلم... ومنهم العلامة الأستاذ البحاثة السيد محمد بن علي الأهدلي الحسني اليمني الأزهري في (نثر الدر المكنون) (ص 130 ط مطبعة زهران بمصر) قال: حديث وجوب محبة آل رسول الله صلى الله عليه وسلم والوعيد بحرمان شانيهم شفاعته وورود حوضه وإنه من أهل النار وإن إسلامه لا ينفعه، قال الله تعالى (قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى) وقال تعالى (قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله). ومنهم العلامة صلاح بن إبراهيم الهادي في (الكواكب الدرية) (ص 194 نسخة ايرلندة) قال: فمنها ما روي مشهورا أنه لما نزلت آية المودة وهي قوله تعالى (قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى) قالوا: يا رسول الله من قرابتك الذين وجب علينا مودتهم؟ قال: علي وفاطمة وأبناؤهما عليهم السلام. وهذا التفسير قد رواه كافة أهل الكتب المشتهرة في الأخبار من مؤالف ومخالف. ومنهم العلامة يحيى بن الحسن بن القاسم في (الطبقات والزهر في أعيان المصر) (ص 3 والنسخة مصورة من مخطوطة دار الكتب المصرية) قال: وعن النبي صلى الله عليه وسلم: من يود أن يحيى حياتي ويموت مماتي

ص 124

ويدخل جنة ربي التي غرسها، فليتول عليا من من بعدي وليوال وليه، وليقتد بأهل بيتي، فإنهم عترتي، خلقوا من طينتي، ورزقوا علمي وفهمي، فويل للمكذبين بهم من أمتي، القاطعين صلتي، لا أنالهم الله شفاعتي (أخرجه السيوطي). ومنهم العلامة أبو الهدى محمد الصيادي في (ضوء الشمس) (ص 281 ط حلب) قال: لو تأملت قوله تعالى (قل لا أسئلكم عليه أجرا إلا المودة في القربى) عرفت: إن أقرب أقاربه صلى الله عليه وسلم ذريته الذين هم بضعة من جسده الشريف، حتى نص القطب الشعراني قدس الله سره على أنه سرى في لحومهم ودمائهم لحم ودم رسول الله (ص)، ظهر لك ظهورا لا خفاء معه: إن أحق الناس بالتعظيم ذرية الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، ولا نرتاب في أن جميع ذرية السيدة فاطمة الزهراء هم ذرية للحضرة المحمدية، وقد جاءت بذلك الأدلة الواضحة من الكتاب والسنة. ومنهم العلامة الشيخ عبد الوهاب محمد فتوح الجبيري المالكي في (أساس الاقتباس) (ص 16) قال: الكلم الرابع في ذكر آل عبا (قل لا أسئلكم عليه أجرا إلا المودة في القربى). ومنهم العلامة الشيخ أحمد بن يحيى بن محمد بن عبد الواحد التلمساني في كتاب (المعيار المعرب) (ج 12 ص 205 ط بيروت) قال: وفي تفسير الزمخشري: لما نزل قوله تعالى (إلا المودة في القربى)، قيل: يا رسول الله من قرابتك الذين وجبت علينا مودتهم؟ قال: علي وفاطمة وأبناؤهما.

ص 125

ويدل على ما روي عن علي رضي الله عنه: شكوت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حسد الناس لي فقال: ألا ترضى أن تكون رابع أربعة، أول من يدخل الجنة أنا وأنت والحسن والحسين وأزواجنا على أيماننا وشمائلنا وذرياتنا خلف أزواجنا ومنهم العلامة المولوي ولي الله اللكنهوئي في (مرآة المؤمنين) (ص 16) قال: قال الإمام فخر الدين الرازي: إن أهل بيته يساوونه في خمسة أشياء، قال: السلام عليك أيها النبي، وقال: سلام الله على آلياسين، وفي الصلاة صلى عليه وعليهم في التشهد، وفي الطهارة قال تعالى: طه، وقال يطهركم تطهيرا، وفي تحريم الصدقة وفي المحبة قال: فاتبعوني يحببكم الله، وقال: لا أسئلكم عليه أجرا إلا المودة في القربى ومنهم الفاضل المعاصر حسن كامل الملطاوي في كتابه (رسول الله صلى الله عليه وآله في القرآن) (ص 424 ط دار المعارف القاهرة) قال: وقال في موضع آخر: صار أهل البيت متعارفا في آله عليه الصلاة والسلام، وصح عن زيد بن أرقم في حديث أخرجه مسلم أنه قيل له: من أهل بيته، نساؤه صلى الله عليه وسلم؟ فقال: لا أيم الله، إن المرأة تكون مع الرجل العصر من الدهر ثم يطلقها فترجع إلى أبيها وقومها، أهل بيته أصله وعصبته الذين حرموا الصدقة بعده صلى الله عليه وسلم. ثم وضع يده عليهم ثم قال: اللهم إن هؤلاء أهل بيتي - وفي لفظ: آل محمد - فاجعل صلواتك وبركاتك على آل محمد كما جعلتها على آل إبراهيم إنك حميد مجيد.

ص 126

وجاء في رواية أخرجها الطبراني عن أم سلمة أنها قالت: فرفعت الكساء لأدخل معهم فجذبه صلى الله عليه وسلم من يدي وقال: إنك على خير. وفي رواية أخرى رواها ابن مردويه عنها قالت ألست من أهل البيت؟ فقال صلى عليه وسلم: إنك إلى خير، إنك من أزواج النبي صلى عليه وسلم. وقال أيضا في ص 426: ويضيف الإمام الآلوسي قائلا: ما روي عن زيد بن أرقم رضي الله تعالى عنه من نفي كون أزواجه صلى الله عليه وسلم أهل بيته وكون أهل بيته أصله وعصبته الذين حرموا الصدقة بعده عليه الصلاة والسلام، فالمراد باهل البيت الذين جعلهم رسول الله صلى الله وسلم ثاني الثقلين، لا أهل البيت بالمعنى الأعم المراد في الآية. ويشهد لهذا ما في صحيح مسلم عن يزيد بن حبان قال: انطلقت أنا وحصين ابن سبرة وعمر بن مسلم إلى زيد بن أرقم، فلما جلسنا إليه قال له حصين: لقد لقيت يا زيد خيرا كثيرا، رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وسمعت حديثه وغزوت معه وصليت خلفه، لقد لقيت يا زيد خيرا كثيرا، حدثنا يا زيد بما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: يا ابن أخي، والله لقد كبرت سني وقدم عهدي ونسيت بعض الذي كنت أعي من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فما حدثتكم فاقبلوا ومالا لا تكفلونيه. ثم قال: قام رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما فينا خطيبا بماء يدعى (خما) بين مكة والمدينة فحمد الله وأثنى عليه ووعظ وذكر ثم قال: (أما بعد ألا يا أيها الناس فإنما أنا بشر يوشك أن يأتي رسول ربي فأجيب، وإني تارك فيكم ثقلين أولهما كتاب الله فيه الهدى والنور فخذوا بكتاب الله

ص 127

واستمسكوا به، فحث على كتاب الله ورغب فيه، ثم قال (وأهل بيتي أذكركم الله في أهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي - ثلاثا، فقال له حصين: ومن أهل بيته يا زيد؟ أليس نساؤه من أهل بيته؟ قال: نساؤه من أهل بيته، ولكن أهل بيته من حرم الصدقة بعده. وقال أيضا في ص 435 في إثبات وجوب مودة أهل بيت النبي صلى الله عليه وآله: ويدل عليه وجوه: (الأول) قوله تعالى (إلا المودة في القربى) ووجه الاستدلال به ما سبق. (الثاني) لا شك أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يجب فاطمة عليها السلام، قال صلى الله عليه وسلم (فاطمة بضعة مني يريبني ما رابها ويؤذيني ما آذاها) وثبت بالنقل المتواتر عنه صلى الله عليه وسلم أنه كان يحب عليا والحسن والحسين، وإذا ثبت ذلك وجب على كل الأمة مثله قوله تعالى: (واتبعوه لعلكم تهتدون) ولقوله تعالى (فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن يصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم) ولقوله تعالى (قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله) ولقوله تعالى (لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة). (الثالث) أن الدعاء للآل منصب عظيم ولذلك جعل هذا الدعاء خاتمة التشهد في الصلاة، وهو قول المصلي: اللهم صل على محمد وآل محمد وارحم محمدا وآل محمد، وهذا التعظيم لم يوجد في حق غير الآل. فكل ذلك يدل على أن حب آل محمد واجب - وقال سيدي الإمام الشافعي رضي الله عنه: يا راكبا قف بالمحصب من منى * واهتف بساكن خيفها والناهض سحرا إذا فاض الحجيج إلى منى * فيضا كما نظم الفرات الفائض

ص 128

إن كان رفضا حب آل محمد * فليشهد الثقلان أني رافضي كما قال رضي الله عنه: يا آل بيت رسول الله حبكمو * فرض من الله في القرآن أنزله يكفيكمو من عظيم القدر أنكمو * من لم يصل عليكم لا صلاة له

ص 129

الآية الرابعة قوله تعالى (واعتصموا بحبل الله ولا تفرقوا) (سورة آل عمران: 103)

قد تقدم نقل ما يدل على نزولها في خصوص أهل البيت عليهم السلام من الأحاديث في ج 3 ص 539 وج 14 ص 384 و521 من أعلام العامة في كتبهم ونستدرك هيهنا عن كتبهم التي لم ننقل عنها فيما سبق: فمنهم العلامة الشيخ أبو عبد الله محمد بن المدني جنون المغربي الفاسي المالكي المتوفى بعد سنة 1278 في (الدرر المكنونة في النسبة الشريفة المصونة) (ص 8 ط المطبعة الفاسية) قال: وقال تعالى (واعتصموا بحبل الله جميعا) أخرج الثعلبي عن جعفر الصادق عليه السلام أنه قال: (نحن حبل الله).

ص 130

الآية الخامسة قوله تعالى

(إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا لتؤمنوا بالله ورسوله وتعززوه وتوقروه) (سورة الفتح: 8 و9) .

في أن توقير الذرية توقير النبي صلى الله عليه وسلم. رواه جماعة من أعلام العامة في كتبهم: فمنهم العلامة الشيخ أبو عبد الله محمد بن المدني حنون المغربي الفاسي المالكي المتوفى بعد سنة 1278 في كتابه (الدرر المكنونة في النسبة الشريفة المصونة) (ص 7 ط المطبعة الفاسية) قال: وقال تعالى (إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا * لتؤمنوا بالله ورسوله وتعززوه وتوقروه) ومن توقيره صلى الله عليه وسلم وبره توقير ذريته وبرهم، كما قال عياض وغيره.

ص 131

الآية السادسة فوله تعالى (إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن ودا) (سورة مريم: 96)

قد تقدم نقل ما ورد في نزولها من الأحاديث في ج 3 ص 82 وج 14 ص 150 وج 20 ص 51 عن جماعة من أعيان العامة في كتبهم، ونستدرك هيهنا عن كتبهم التي لم نرو عنها فيما سبق: فمنهم العلامة الشيخ أبو عبد الله محمد بن المدني جنون المغربي الفاسي المالكي المتوفى بعد سنة 1278 في (الدرر المكنونة في النسبة الشريفة المصونة) (ص 10 ط المطبعة الفاسية) قال: وقال عز من قائل (إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن ودا) أخرج الثعلبي عن محمد بن الحنيفة أنه قال في هذه الآية: لا يبقى مؤمن إلا وفي قلبه ود لعلي وأهل بيته. وذكر الثعلبي في تفسيره: أنها نزلت في علي. ولله در القائل وهو زبينا بن

ص 132

إسحاق النصراني كما في البحر لأبي حيان: عدي وتيم لا أحاول ذكرهم * بسوء ولكني محب لهاشمي وما تعتريني في علي ورهطه * إذا ذكروا في الله لومة لائم يقولون ما بال النصارى تحبهم * وأهل النهى من أعرب وأعاجم فقلت لهم: إني لأحسب حبهم * سرى في قلوب الخلق حتى البهائم

ص 133

الآية السابعة قوله تعالى (إن الله وملائكته يصلون على النبي) (سورة الأحزاب: 56)

قد تقدم ما ورد من الأخبار في نزولها في شأن أهل البيت عليهم السلام في ج 3 ص 252 إلى ص 272، ونستدرك هيهنا عمن لم نرو عنهم هناك: فمنهم العلامة شهاب الدين أحمد بن محمد الحنفي المصري في (تفسير آية المودة) (ص 37 والنسخة مصورة من مكتبة اسلامبول) قال: عاشرها: إن دعائه صلى الله عليه وسلم يجاب في أمر الصلاة عليه، وقد دعا مولاه أن يخصه بالصلاة عليه وعليهم، فتكون الصلاة عليه من ربه عز وجل كذلك، ولذا شرع ذلك في كيفية صلاتنا عليه المأمور بها بقوله تعالى (إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما) ومنشأ ذلك ما تقدم من مشاركتهم له في التطهير المستفاد من الآية، ولذا لم يدع به إلا بعد نزولها كما إليه ما سبق.

ص 134

ومنهم العلامة أبو عبد الله محمد بن المدني جنون المغربي الفاسي المالكي المتوفى بعد 1278 في كتابه (الدرر المكنونة في النسبة الشريفة المصونة) (ص 7 ط دار الطباعة بالغرب) قال: وقال الله تعالى (إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين) الخ. صح عن كعب بن عجرة: لما نزلت هذه الآية قلنا: يا رسول الله علمتنا كيف نسلم عليك فكيف نصلي عليك؟ قال صلى الله عليه وآله: قولوا (اللهم صل على محمد وعلى آل محمد). وقال: ويروى: لا تصلوا علي الصلاة البتراء. قالوا: وما هي؟ قال: تقولون (اللهم صل على محمد) وتمسكون، بل قولوا: (اللهم صل على محمد وعلى آل محمد). وقال أيضا: وقد أخرج الديلمي مرفوعا: الدعاء محجوب حتى يصلى على محمد وأهل بيته.

ص 135

الآية الثامنة قوله تعالى

(وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم) (سورة النور: 55)

قد تقدم نقل الأحاديث الواردة في شان نزولها في أهل البيت عليهم السلام في ج 14 ص 565، ونستدرك هيهنا عمن لم نرو عنهم هناك: فمنهم العلامة الحافظ أبو نعيم أحمد بن عبد الله بن إسحاق بن موسى الاصبهاني الشافعي في (ما نزل من القرآن في علي) (ص 152 ط طهران) قال: حدثنا سليمان بن أحمد، قال حدثنا محمد بن عبد الله الحضرمي، قال حدثنا محمد ين مرزوق، قال حدثنا حسين بن حسن الأشقر، قال حدثنا صباح بن يحيى المزني، عن الحارث بن حصيرة، عن أبي صادق، عن حنش أن عليا عليه السلام قال: من أراد أن يسأل عن أمرنا وأمر القوم فإنا منذ خلق الله السماوات والأرض

ص 136

على سنة موسى وأشياعه، وإن عدونا منذ خلق الله السماوات والأرض على سنة فرعون وأشياعه، وإني أقسم بالذي فلق الحبة وبرا النسمة وأنزل الكتاب على محمد صلى الله عليه وآله صدقا وعدلا ليعطفن عليكم هذه الآية (وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنكم في الأرض).

ص 137

الآية التاسعة قوله تعالى (أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله) (سورة النساء: 54)

قد تقدم نقل ما ورد في شان نزولها من الأحاديث في ج 3 ص 457 وج 14 ص 366 عن جماعة من أعلام العامة في كتبهم، ونستدرك هيهنا عمن لم ننقل عنهم فيما سبق: فمنهم العلامة السيد إبراهيم الحسني المدني السمهودي في (الاشراف على فضل الأشراف) (ص 38 والنسخة مصورة من مكتبة الظاهرية بدمشق) قال: عن أبي جعفر هو الباقر في قوله تعالى (أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله) قال: نحن الناس والله. إنتهى.

ص 138

ومنهم العلامة الحسين بن الحكم الحبري في (ما نزل من القرآن في أهل البيت) (ص 8 والنسخة مصورة من مخطوطة طاشكند بروسيا) قال: وقوله (أم يحسبون الناس على ما آتاهم الله من فضله) إلى آخر الآية، نزلت في رسول الله صلى الله عليه وسلم عليه خاصة بما أعطاه الله من الفضل. ومنهم العلامة عبد الله بن نوح الجيانجوري في (الإمام المهاجر) (ص 216 ط دار الشروق بجدة) قال: ومنها قوله تعالى (أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله) أخرج أبو الحسن المغازلي عن الباقر أنه قال في هذه: نحن الناس. ومنهم العلامة الشيخ أبو عبد الله محمد بن المدني جنون المغربي الفاسي المالكي المتوفى بعد سنة 1278 في (الدرر المكنونة في النسبة الشريفة المصونة) (ص 8 ط المطبعة الفاسية) قال: وقال تعالى (أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله) أخرج بعضهم عن الباقر أنه قال في هذه الآية: أهل البيت هم الناس والله.

ص 139

الآية العاشرة قوله تعالى (ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا) (سورة الانسان: 8)

قد تقدم ما ورد في نزولها في شأن أهل البيت عليهم السلام من الأخبار عن كتب أعلام العامة في ج 3 ص 158 وص 169 وص 583 وج 8 ص 576 وج 9 ص 110 وج 14 ص 446، ص 457 وج 18 ص 339 وص 343 وج 20 ص 153 إلى ص 170، ونستدرك هيهنا التي لم ننقل عنها فيما مضى: فمنهم الفاضل المعاصر الشيخ عبد القادر عطا في (خطب الجمعة والعيدين للوعظ والارشاد) (ص 171 ط دار الكتب العلمية بيروت) قال: وأن عليا والزهراء رضي الله عنهما أعطيا أقراصهما التي يفطران عليها لمسكين ويتيم وأسير في ثلاثة أيام متتالية، فنزل القرآن بمدحهما ليتلى على أسماع المسلمين أبد الدهر في قوله تعالى (ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا * إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاء ولا شكورا * إنا نخاف من ربنا يوما عبوسا قمطريرا * فوقاهم الله شر ذلك اليوم ولقاهم نضرة وسرورا * وجزاهم بما

ص 140

صبروا جنة وحريرا). (1)

(هامش)

(1) قال الفاضل المعاصر محمود شبلي في (حياة فاطمة عليها السلام) ص 176 ط دار الجيل بيروت: وقالوا: وهذا البيت الطاهر الذي طهره الله في محكم كتابه كان على جانب عظيم من الشفقة والحنان، فقد كان أهل البيت يعطفون حد العطف على الفقراء والمعوزين، يرأفون بهم، ويقدمونهم على أنفسهم، ويبذلون لهم ما بأيديهم ولو كان بهم خصاصة. ولعل قصة النذر التي خلدها الله في كتابه بسورة الدهر، هي أروع ما حكاه التاريخ البشري من حنان الانسان، يحدثنا الزمخشري في كشافه عن ابن عباس أنه قال: إن الحسن والحسين مرضا، فعادهما رسول الله صلى الله عليه وسلم في ناس معه، فقالوا: يا أبا الحسن لو نذرت على ولديك؟ فنذر علي وفاطمة وفضة جارية لهما إن برئا مما بهما أن يصوموا ثلاثة أيام، فشفيا وما معهما شي، فاستقرض علي من شمعون الخيبري اليهودي ثلاثة أصوع من شعير، فطحنته فاطمة واختبزت خمسة أقراص على عددهم، فوضعوها بين أيديهم ليفطروا، فوقف عليهم سائل فقال: السلام عليكم أهل بيت محمد مسكين من مساكين المسلمين أطعموني أطعمكم الله من موائد الجنة ا، فآثروه وباتوا لم يذوقوا إلا الماء وأصبحوا صياما. فلما أمسوا ووضعوا الطعام بين أيديهم وقف عليهم يتيم فآثروه... ووقف عليهم أسير في الثالث ففعلوا مثل ذلك. فلما أصبحوا أخذ علي بيد الحسن والحسين وأقبلوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما أبصرهم وهم يرتعشون كالفراخ من شدة الجوع قال: ما أشد ما أرى بكم. وقام فأنطق معهم، فرأى فاطمة في محرابها قد التصق بطنها بظهرها = (*)

ص 141

(هامش)

= وغارت عيناها فساءه ذلك، فنزل جبريل عليه السلام وقال: خذها يا محمد هنأك الله في أهل بيتك، فأقرأه السورة. قالوا: هذا بيت الوصي كما يراه الله والنبي، ولا أخال أن بيتا في الإسلام حوى من المجد والعظمة ما حواه بيت الإمام، وحسبه عزا وفخرا أن يكون آل هذا البيت أهلا للرسول ليس له آل غيرهم، فقد كانت زوجاته في بيته ولكن لم يكن من أهله كما عرفت، ولذلك كان صلى الله عليه وسلم وآله إذا غزا أو سافر بدأ بالمسجد أولا ثم أتى بيت علي ثانيا ثم انقلب بعد إلى زوجاته. فسلام على محمد في الليل والنهار، وسلام على آل البيت الأطهار. (*)

ص 142

الآية الحادية عشرة قوله تعالى (سلام على آل ياسين) (سورة الصافات: 130)

قد تقدم نقل الأحاديث الواردة في شأن أهل البيت عليهم السلام عن جماعة من أعلام القوم في ج 3 ص 449 وج 14 ص 360، ونستدرك هيهنا عن من لم نرو عنهم هناك: فمنهم العلامة يحيى بن الموفق بالله الشجري في (الأمالي) (ج 1 ص 148 ط القاهرة) قال: أخبرنا محمد بن علي بن محمد المؤدب المعروف بالمكفوف بقراءتي عليه، قال أخبرنا أبو محمد عبد الله بن محمد بن جعفر بن حيان، قال حدثنا موسى ابن هارون، قال حدثنا عباد بن يعقوب، قال حدثنا موسى بن عثمان الحضرمي، عن الأعمش، عن مجاهد، عن ابن عباس في قوله تعالى (سلام على آل ياسين)

ص 143

قال: على آل محمد. ومنهم العلامة الشيخ أبو حفص عمر بن بدير بن سعيد الموصلي الشافعي المعروف بابن معين في (الجمع بين الصحيحين) (ص 13 والنسخة مصورة من مخطوط جستربيتي باير لندة) قال: عن ابن عباس قال: آل إبراهيم وآل عمران وآل ياسين آل محمد صلى الله عليه وسلم، يقول الله (إن أولى الناس بإبراهيم للذين اتبعوا وهذا النبي والذين آمنوا والله ولي المؤمنين) أخرجه البخاري. ومنهم العلامة المولوي ولي الله اللكنهوئي في (مرآة المؤمنين) (ص 16) قال: قال تعالى (سلام على آل ياسين) فقد نقل جماعة من المفسرين عن ابن عباس رضي الله عنه أن المراد بذلك سلام على آل محمد. ومنهم العلامة الحافظ أبو نعيم أحمد بن عبد الله بن أحمد بن إسحق ابن موسى الاصبهاني الشافعي المتوفى سنة 430 في (ما نزل من القرآن في علي عليه السلام) خرجه العلامة المعاصر الشيخ محمد باقر المحمودي وسماه (النور المشتعل) (ص 200 ط وزارة الارشاد الإسلامي في طهران) قال: حدثنا محمد ابن علي بن حبيش، قال حدثنا الهيثم بن خلف، قال حدثنا عباد ابن يعقوب. وحدثنا صباح بن محمد الهندي قال: حدثنا محمد بن الحسين بن حفص، قال حدثنا عباد بن يعقوب، قال حدثنا موسى بن عثمان الحضرمي، عن

ص 144

الأعمش، عن ابن مجاهد، عن ابن عباس رضي الله عنه في قوله تعالى (سلام على آلياسين) قال: آل محمد صلى الله عليه وآله وسلم. ومنهم العلامة عبد الله بن نوح الجيانجوري في (الإمام المهاجر) (ص 216 ط دار الشروق بجدة) قال: ومنها قوله تعالى (سلام على آل ياسين) نقل جمع من المفسرين عن ابن عباس أن المراد آل محمد. ومنهم العلامة الشيخ أبو عبد الله محمد بن المدني جنون المغربي الفاسي المالكي المتوفى بعد سنة 1278 في كتابه (الدرر المكنونة في النسبة الشريفة المصونة) (ص 8 ط المطبعة الفاسية) قال: وقال جل من قائل (سلام على آل ياسين) نقل جماعة عن ابن عباس أن المراد سلام على آل محمد. وكذا قاله الكلبي. ومنهم الشيخ عبد الرحمن بن عبد الله الخثعمي السهيلي المتوفى سنة 581 في (التعريف والأعلام فيما أبهم من الأسماء والأعلام في القرآن الكريم) (ص 148 ط دار الكتب العلمية في بيروت سنة 1407) قال: وقوله تعالى (سلام على آلياسين) قال بعض المتكلمين في معاني القرآن: آلياسين آل محمد صلى الله عليه وسلم، ونزع إلى قوله من قال في تفسير ياسين يا محمد.

ص 145

ومنهم الحافظ أبو القاسم سليمان بن أحمد الطبراني المتوفى سنة 360 في (المعجم الكبير) (ج 11 ص 67 ط مطبعة الأمة ببغداد) قال: حدثنا عبد الرحمن بن الحسن الصابوني التستري، ثنا عباد بن يعقوب، ثنا موسى بن عمير، عن الأعمش، عن مجاهد، عن ابن عباس (سلام على آل ياسين) قال: نحن آل محمد صلى الله عليه وسلم.

ص 146

الآية الثانية والعشرة قوله تعالى (لا تخونوا الله والرسول وتخونوا أماناتكم وأنتم تعلمون) (سورة الأنفال: 27)

قد تقدم ما ورد في شأن نزولها في أهل البيت عليهم السلام عن جماعة من أعلام القوم في ج 14 ص 564، ونستدرك هيهنا عمن لم نرو عنهم هناك: فمنهم العلامة الشيخ محمد أبو الهدى الرفاعي الصياد في (ضوء الشمس) (ج 1 ص 286 ط حلب) قال: ما أحسن ما قاله الشيخ الأكبر سيدي محبي الدين العربي قده سره في فتوحاته عند ذكر قوله تعالى (لا تخونوا الله والرسول) الآية: إن من خيانة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عدم مودة قرابته وآله الذين سئلنا مودتهم بقوله (قل لا أسئلكم عليه أجرا إلا المودة في القربى). وذكر أيضا بعد ذلك: إن ثقة من أصحابه أخبره أنه كان مدة إقامته بمكة يكره ما يفعلونه الشرفاء بالناس، فرأى ليلة فاطمة رضي الله تعالى عنها، فأعرضت عنه،

ص 147

فسألها عن ذلك فقالت: إنك تقع في الشرفاء، فقال: يا بنت رسول الله ألا ترين ما يفعلونه بالناس، فقالت: أو ليس هم بني؟ فقال الرجل: من الآن تبت، فأقبلت عليه وذكر هذين البيتين: فلا تعدل بأهل البيت خلقا * فأهل البيت هم أهل السيادة وبغضهم لأهل العقل خسر * حقيقي وحبهم عبادة

ص 148

الآية الثالثة بعد العشرة قوله تعالى (وإني لغفار لمن تاب وآمن وعمل صالحا ثم اهتدى) (سورة طه: 82)

قد تقدمت الأحاديث الواردة في نزولها في شأن أهل البيت عليهم السلام عن كتب العامة في ج 3 ص 550 وج 14 ص 405 وص 558 وص 559 وج 18 ص 510 وج 20 ص 212 إلى ص 215، ونستدرك هيهنا عن كتبهم التي لم نرو عنها فيما سبق: فمنهم العلامة الشيخ أبو عبد الله محمد بن المدني جنون المغربي الفاسي المالكي المتوفى بعد سنة 1278 في (الدرر المكنونة في النسبة الشريفة المصونة) (ص 9 ط المطبعة الفاسية) قال: وقال تعالى: (إني لغفار لمن تاب وآمن وعمل صالحا ثم اهتدى) قال ثابت البناني: اهتدى إلى ولاية أهل بيته صلى الله عليه وسلم، وجاء عن أبي جعفر الباقر أيضا مرفوعا.

ص 149

الآية الرابعة بعد العشرة قوله تعالى (وعلى الأعراف رجال يعرفون كلا بسيماهم) (سورة الأعراف: 46)

قد تقدم ما ورد في شأن نزولها في أهل البيت عليهم السلام عن كتب أعلام العامة في ج 3 ص 543 وج 14 ص 396 و398، ونستدرك هيهنا عن كتبهم التي لم نرو عنها فيما سبق: فمنهم العلامة الشيخ أبو عبد الله محمد بن المدني جنون المغربي الفاسي المالكي المتوفى بعد سنة 1278 في (الدرر المكنونة في النسبة الشريفة المصونة) (ص 34 ط المطبعة الفاسية) قال: وأخرج الثعلبي في تفسير قوله تعالى (وعلى الأعراف رجال) الآية، عن ابن عباس أنه قال: الأعراف موضع عال من الصراط عليه العباس وحمزة وعلي وجعفر يعرفون محبيهم ببياض الوجوه ومبغضيهم بسواد الوجوه.

ص 150

الآية الخامسة بعد العشرة قوله تعالى: (ولسوف يعطيك ربك فترضى) (سورة الضحى: 5)

قد تقدم ما ورد في نزولها في شأن أهل البيت عليهم السلام في ج 3 ص 586 وفي ج 14 ص 463 عن جماعة من أعلام القوم، ونستدرك هيهنا عمن لم نرو عنهم هناك: فمنهم العلامة عبد الله بن نوح الجيانجوري في (الإمام المهاجر) (ص 216 ط دار الشروق بجدة) قال: ومنها قوله تعالى (ولسوف يعطيك ربك فترضى) أخرج ابن جرير في تفسيره عن ابن عباس قال: رضا محمد صلى الله عليه وسلم أن لا يدخل أحدا من أهل بيته النار. قاله السدي.

 

الصفحة السابقة الصفحة التالية

شرح إحقاق الحق (ج24)

فهرسة الكتاب

فهرس الكتب