ص 501
أحاديث رويت عن الزهراء عليها السلام
وللزهراء البتول أحاديث ذكرها علماء العامة في
كتبهم، وأما عند الخاصة هي سلام الله عليها محدثة - بفتح الدال - ولها كتب جمعت فيه
ما سمعته من الملك وكتاب آخر من إملاء أبيها رسول الله صلى الله عليه وآله. ونذكر
هيهنا نبذة من أحاديثها التي رواها علماء العامة في كتبهم: فمنهم الحافظ أبو القاسم
سليمان بن أحمد الطبراني المتوفى سنة 360 في (المعجم الكبير) (ج 22 ص 413 ط مطبعة
الأمة في بغداد) قال: حدثنا بكر بن مقبل البصري، ثنا الخليل بن أسد النوشجاني، ثنا
رويم بن يزيد المقرئ، ثنا سوار بن مصعب الهمداني، عن عمرو بن قيس الملائي، عن سلمة
بن كهبل، عن شقيق بن سلمة، عن ابن مسعود قال: جاء رجل إلى فاطمة بنت رسول الله صلى
الله عليه وسلم فقال: يا ابنة رسول الله ترك رسول الله صلى الله عليه وسلم عندك
شيئا تطرفينيه؟ فقالت: يا جارية هاتي تلك الجريدة. فطلبتها فلم تجدها، فقالت: ويحك
اطلبيها فإنها تعدل عندي حسنا وحسينا، فطلبتها فإذا
ص 502
هي قد قمتها في قمامتها، فإذا فيها: قال محمد صلى الله عليه وسلم: ليس من المؤمنين
من لم يأمن جاره بوائقه، من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه ومن كان يؤمن
بالله واليوم الآخر فلا يؤذ جاره، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو
ليسكت، والله يحب الحيى الحليم الضعيف المتعفف، ويبغض الفاحش البذئ السائل الملحف،
إن الحياء من الإيمان والإيمان في الجنة، وإن الفحش من البذاء والبذاء في النار.
ومنهم الفاضلان المعاصران الشريف عباس أحمد صقر والشيخ أحمد عبد الجواد المدنيان في
(جامع الأحاديث) (القسم الثاني ج 6 ص 315 ط دمشق) قالا: عن فاطمة بنت رسول الله صلى
الله عليه وسلم قالت: مر بي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا مضجعة متصحبة،
فحركني برجله وقال: يا بنية قومي فاشهدي رزق ربك ولا تكوني من الغافلين، فإن الله
يقسم أرزاق الناس ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس (ابن النجار). ومنهم الفاضل
المعاصر عبد العزيز الشناوي في (سيدات نساء أهل الجنة) (ص 130 ط مكتبة التراث
الإسلامي في القاهرة) قال: تقول فاطمة الزهراء: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم
إذا دخل المسجد يقول: بسم الله والسلام على رسول الله، اللهم اغفر لي ذنوبي وافتح
لي أبواب رحمتك. وتقول: وإذا خرج قال: باسم الله والسلام على رسول الله، اللهم اغفر
لي
ص 503
ذنوبي وافتح لي أبواب فضلك. ومنهم العلامة الحافظ الشيخ جلال الدين عبد الرحمن بن
أبي بكر السيوطي المتوفى سنة 911 في كتابه (مسند فاطمة عليها السلام) (ص 2 ط
المطبعة العزيزية بحيدر آباد - الهند) قال:
قارئ (الحديد) و(إذا وقعت) و(الرحمن) يدعي في ملكوت السماوات والأرض: ساكن الفردوس
(هب، فرعن فاطمة). وقال أيضا في ص 6: شرار أمتي الذين غذوا بالنعيم، الذين يأكلون
ألوان الطعام، ويلبسون ألوان الثياب، ويتشدقون في الكلام (ابن أبي الدنيا في ذم
الغيبة، هب عن فاطمة الزهراء). وقال أيضا في ص 116: إلزم رجلها، فإن الجنة تحت
أقدامها - يعني الوالدة (حم، عن عن فاطمة). ومنهم الفاضل المعاصر عبد العزيز
الشناوي في كتابه (سيدات نساء أهل الجنة) (ص 164 ط مكتبة التراث الإسلامي بالقاهرة)
قال: لم ترو فاطمة بنت رسول الله من الأحاديث إلا قليلا لسرعة موتها، فقد ذكروا إن
جميع ما روته لا يبلغ عشرة أحاديث فمن ذلك: 1 - حديث المسارة: من عائشة قالت:
اجتمعت نساء رسول الله صلى الله عليه وسلم فجاءت فاطمة تمشي وما تخطئ مشيتها مشية
أبيها فقال: مرحبا بابنتي
ص 504
فأقعدها عن يمينه فسارها بشيء فبكت ثم سارها فضحكت فقلت لها: أخبريني بما سارك؟
قالت: ما كنت لأفشي سرا. فلما توفي قلت لها: أسألك بما لي عليك من الحق لما أخبرتني
بما سارك. قالت: أما الآن فنعم، سارني قال: إن جبريل يعارضني بالقرآن في كل سنة مرة
وإنه عارضني العام مرتين ولا أرى إلا اقتراب أجلي فاتقي الله واصبري فنعم السلف أنا
لك، فبكيت ثم سارني وقال: أما ترضين أن تكوني سيدة نساء المؤمنين فضحكت. 2 - حديث
القول عند دخول المسجد: قالت الزهراء: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل
المسجد قال: (بسم الله والسلام على رسول الله، اللهم اغفر لي ذنوبي وافتح لي أبواب
رحمتك). وعنها أيضا قالت: كان رسول الله إذا دخل المسجد صلى الله على محمد وسلم ثم
قال: (اللهم اغفر لي ذنوبي وافتح لي أبواب رحمتك). وإذا خرج - خرج من المسجد - صلى
على محمد وسلم وقال: (اللهم اغفر لي ذنوبي وافتح لي أبواب فضلك). 3 - قالت فاطمة:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ألا يلومن امرؤ إلا نفسه، يبيت وفي يده رمح مخمر
- مغطى. 4 - حديث: ترك الوضوء مما مسته النار. 5 - حديث: ساعة الإجابة في يوم
الجمعة وانها إذا تدلت الشمس للغروب 6 - كتب إلي عمر بن عبد العزيز أن افتح له وصية
فاطمة فكان في وصيتها: الستر الذي يزعم الناس أنها أحدثته وأن رسول الله صلى الله
عليه وسلم دخل عليها فلما رآه رجع... كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا خرج كان
آخر عهده بفاطمة فإذا رجع كان أول عهده بالزهراء، فلما رجع من غزوة تبوك وقد اشترت
مقينعة - شبيهة بغطاء الرأس كما في تاج العروس - فصيغتها بزعفران وألقت على
ص 505
بابها سترا أو ألقت في بيتها بساطا فلما رأى النبي عليه الصلاة والسلام رجع فأتى
المسجد فقعد فيه فأرسلت فاطمة بلالا وقالت له: اذهب فانظر ما رده عن بابي؟ فأتى
بلال بن رباح رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره، فقال النبي عليه الصلاة
والسلام: إني رأيتها صنعت ثمة كذا وكذا. فرجع بلال إليها فأخبرها، فهتكت الستر وكل
شيء أحدثته وألقت ما عليها ولبست أطمارها، فأتى بلال رسول الله صلى الله عليه وسلم
فأخبره، فجاء حتى دخل عليها فقال عليه الصلاة والسلام لها: كوني كذلك فداك أبي
وأمي. 7 - وأتت الزهراء أباها صلى الله عليه وسلم بالحسن والحسين في شكواه الذي
توفي فيه فقالت: يا رسول الله هذان ابناك فورثهما شيئا. فقال النبي عليه الصلاة
والسلام: أما الحسن فله هيبتي وسؤددي، وأما الحسين فله جودي وجرأتي، فإن ابتليتم
فاصبروا فإن العاقبة للمتقين. 8 - يقول ابن مليكة: كان فاطمة تنقر - صوت يحدث من
قرع الابهام على الوسطى - الحسن وتقول: بني شبه رسول الله إنه ليس شبيها لعلي. 9 -
يقول أنس بن مالك: قالت فاطمة له: كيف طابت نفوسكم أن تحثوا التراب - حثو التراب
صبه وإلقاؤه وبالنسبة للميت تغطية الجثة به ودفنه داخله - على رسول الله؟ 10 - يقول
جابر بن سعيد: أخبرتني فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم أنها رأت في نومها
أنها نكحت أبا بكر فنكح علي أسماء بنت عميس - تزوجت جعفر بن أبي طالب فلما استشهد
يوم مؤتة تزوجت أبا بكر ثم تزوجها علي بن أبي طالب - وكانت بنت عميس تحت أبي بكر
فمات أبو بكر وفاطمة فنكح علي أسماء بنت عميس.
ص 506
خطبة (الزهراء عليها السلام في مسجد أبيها) 
قد تقدم منا عن جماعة من أعيان العامة
في ج 10 ص 296 إلى ص 307 وج 19 ص 163 إلى ص 169، ونستدرك هيهنا عن الكتب التي لم
نرو عنها فيما سبق: فمنهم العلامة شمس الدين أبو البركات محمد الباعوني الشافعي في
كتاب (جواهر المطالب في مناقب الإمام أبي الحسنين علي بن أبي طالب) (ص 22 والنسخة
مصورة من المكتبة الرضوية بخراسان) قال: ولما توفى الله نبيه ونقله إلى المقر
الأعلى صلى الله عليه وسلم وبلغها أن أبا بكر منعها، فأرخت خمارها على رأسها
واشتملت بجلبابها وأقبلت في طائفة من حفدتها ونساء قومها من نساء عبد المطلب، يطأن
ذيولها حتى دخلت على أبي بكر الصديق رضي الله عنهما وعنده لحشد من المهاجرين
والأنصار، فنيطت دونها ملاءة، ثم أنت أنة أجهش لها القوم بالبكاء، حتى ارتج المجلس
وعلت الأصوات،
ص 507
ثم إنها أمهلت هنيئة حتى إذا سكن نشيج القوم وهدأت الأصوات وسكنت فورتهم، افتتحت
كلامها بالحمد لله والثناء عليه والصلاة على رسوله صلى الله عليه وسلم. (قال تعالى
لقد جائكم رسول من أنفسكم إلى قوله رؤف رحيم، فإن تعرفونه تجدونه أبي دون آبائكم،
وأخا ابن عمي دون رجالكم، فبلغ الرسالة صادعا بالنذارة والموعظة الحسنة، فهشم
الأصنام وفلق الهام حتى انهزم الجمع وولوا الادبار، حتى نطق زعيم الدين وخرست شقاشق
الشيطان وتمت كلمة الاخلاص، وكنتم على شفا حفره من النار فأنقذكم، نهزة الطامع
ومذقة الشارب وقبسة العجلان وموطئ الأقدام، تشربون الطرق وتقتاتون القد أذلة
خاشعين، يتخطفكم الناس من حولكم، حتى أنقذكم الله برسوله بعد اللتيا واللتي، بعد أن
مني ببهم الرجال وذؤبان العرب ومردة أهل الكتاب، كلما أوقدوا نارا للحرب أطفأها
الله وقد نجم قرن الشيطان وفغرت فاغرة المشركين، فقذف أخاه في لهواتها، فلا ينكفئ
حتى يطأ صماخها بأخمصه وتطفى نارها وعاديها بسيفه، مكدودا في ذات الله، وأنتم في
رفاهية فاكهون آمنون وادعون). (حتى اختار الله لنبيه دار أنبيائه وألحقه بالرفيق
الأعلى، فظهرت حسيكة النفاق، ونطق ناطق الغاوين، ونبغ خامل الآفلين، وهدر فنيق
المبطلين). ومن ألفاظها رضي الله عنها: (وما زالوا حتى استبدلوا الذنابي بالقوادم،
والعجز بالكاهل، فرغما لمعاطس قوم يحسبون أنهم يحسنون صنعا، ألا إنهم هم المفسدون
ولكن لا يشعرون، لفظتهم وشنأتهم بعد أن خلط الرأي، وبئس ما قدمت لهم أنفسهم). وكلام
كثيرا اختصرناه، ثم قامت وانصرفت. نقلت ذلك عن (نثر الدر).
ص 508
رثاء (الزهراء الطاهرة للنبي الأكرم) 
قد تقدم نقل ما يدل عليه من جماعة من علماء
العامة في ج 10 ص 428 وج 19 ص 155، ونروي هيهنا عن كتبهم التي لم ننقل عنها فيما
مضى: وفيه أحاديث: منها حديث علي عليه السلام رواه جماعة من أعلام العامة في كتبهم:
فمنهم العلامة الحافظ الشيخ جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي المتوفى سنة
911 في كتابه (مسند علي بن أبي طالب) (ج 1 ص 143 ط المطبعة العزيزية بحيدر آباد
الهند) قال: عن علي رضي الله عنه: أن فاطمة لما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم
ص 509
كانت تقول: وا أبتاه من ربه ما أدناه، وا أبتاه جنان الخلد مأواه، وا أبتاه ربه
يكرمه إذ أدناه، وا أبتاه الرب والرسل تسلم عليه حين تلقاه (ك). ومنهم العلامة
الحافظ المذكور في كتابه (مسند فاطمة عليها السلام) (ص 29 ط المطبعة العزيزية بحيدر
آباد الهند سنة 1406) قال: عن علي أن فاطمة رضي الله عنهما لما توفي رسول الله صلى
الله عليه وسلم كانت تقول - روى مثل ما تقدم عن مسند علي عليه السلام. ومنها حديث
أنس بن مالك رواه جماعة من أعلام العامة في كتبهم: فمنهم العلامة أبو محمد عبد بن
حميد الكسي الحنفي في (المسند) (ص 22 والنسخة مصورة من مكتبة أيا صوفيا) قال: روى
بإسناده عن أنس بن مالك قال: لما ثقل رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت فاطمة:
واكرب أبتاه. فقال لها: ليس على أبيك كرب بعد اليوم، فلما مات قالت فاطمة رضي الله
عنها: يا أبتاه أجاب ربا دعاه يا أبتاه جنة الفردوس مأواه يا أبتاه إلى جبرئيل
أنعاه يا أبتاه من ربه ما أدناه فلما دفن رسول الله (ص)، قالت: يا أنس أطابت أنفسكم
أن تحثوا
ص 510
على رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم التراب. ومنهم العلامة الأمير علاء الدين علي
بن بلبان الفارسي الحنفي المتوفى سنة 739 في (الاحسان بترتيب صحيح ابن حبان) (ج 8 ص
214 ط بيروت) قال: أخبرنا أحمد بن الحسن بن عبد الجبار الصوفي، حدثنا عبد الله بن
الرومي، حدثنا عبد الرزاق، أخبرنا معمر، عن ثابت، عن أنس،: إن فاطمة بكت رسول الله
صلى الله عليه وسلم فقالت: يا أبتاه من ربه ما أدناه، يا أبتاه إلى جبريل أنعاه يا
أبتاه جنة الفردوس مأواه. أخبرنا عمران بن موسى بن مجاشع، حدثنا إسماعيل بن يونس،
حدثنا حماد بن زيد، عن ثابت، عن أنس قال: لما تغشى رسول الله صلى الله عليه وسلم
الكرب كان رأسه في حجر فاطمة، فقالت فاطمة: واكرباه لكربك اليوم يا أبتاه. فرفع
رأسه صلى الله عليه وسلم وقال: لا كرب على أبيك بعد اليوم يا فاطمة فلما توفي قالت
فاطمة: وا أبتاه أجاب ربا دعاه، وا أبتاه من ربه ما أدناه، وا أبتاه إلى جنة
الفردوس مأواه، وا أبتاه إلى جبريل أنعاه. قال أنس: فلما دفناه مررت بمنزل فاطمة
فقالت: يا أنس أطابت أنفسكم أن تحثوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم التراب.
ومنهم العلامة الشيخ أبو عبد الله محمد بن محمد المنبجي الحنبلي في كتابه (تسلية
أهل المصائب) (ص 61 ط دار الكتب العلمية) قال: في صحيح البخاري من حديث أنس بن مالك
رضي الله عنه قال: لما ثقل رسول الله صلى الله عليه وسلم جعل يتغشاه الكرب، فقالت
فاطمة: واكرب أبتاه
ص 511
فقال: ليس على أبيك كرب بعد اليوم. فلما مات قالت: يا أبتاه أجاب ربا دعاه يا أبتاه
جنة الفردوس مأواه، يا أبتاه إلى جبريل أنعاه، فلما دفن رسول الله صلى الله عليه
وسلم قالت فاطمة: أطابت أنفسكم أن تحثوا التراب على رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ومنهم الحافظ المؤرخ شمس الدين محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي المتوفى سنة 748 في
(تاريخ الإسلام ووفيات المشاهير والأعلام) (ج 1 ص 559 ط بيروت سنة 1407) قال: وقال
مبارك بن فضالة، عن ثابت، عن أنس قال: لما قالت فاطمة عليها السلام: واكرباه. قال
لها النبي صلى الله عليه وسلم: إنه قد حضر من أبيك ما ليس بتارك منه أحدا لموافاة
يوم القيامة. وبعضهم يقول: مبارك، عن الحسن، ويرسله. وقال حماد بن زيد، عن ثابت، عن
أنس: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما ثقل جعل يتغشاه - يعني الكرب - فقالت
فاطمة: واكرب أبتاه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا كرب على أبيك بعد
اليوم. أخرجه البخاري. وقال أيضا في ص 562: وقال حماد بن زيد، عن ثابت، عن أنس قال:
قالت فاطمة: لما مات النبي صلى الله عليه وسلم وهي تبكي: يا أبتاه من ربه ما أدناه
يا أبتاه جنه الفردوس مأواه، يا أبتاه إلى جبريل ننعاه، يا أبتاه أجاب ربا دعاه.
قال: وقالت: يا أنس، كيف طابت أنفسكم أن تحثوا على النبي صلى الله عليه وسلم التراب
(خ).
ص 512
وقال أيضا في ج 3 ص 43: وقد ذكرنا أن النبي صلى الله عليه وسلم أسر إليها في مرضه.
وقالت لأنس: كيف طابت أنفسكم أن تحثوا التراب على رسول الله صلى الله عليه وسلم؟
ولها مناقب مشهورة ولقد جمعها أبو عبد الله الحاكم، وكانت أصغر من زينب ورقية،
وانقطع نسب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا منها، لأن أمامة بنت بنته زينب تزوجت
بعلي، ثم بعده بالمغيرة بن نوفل، وجاءها منهما أولاد. قال الزبير بن بكار: انقرض
عقب زينب. ومنهم العلامة الحافظ الشيخ جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي
المتوفى سنة 911 في كتابه (مسند فاطمة عليها السلام) (ص 29 ط المطبعة العزيزية
بحيدر آباد الهند سنة 1406) قال: عن أنس رضي الله عنه قال: لما وجد النبي صلى الله
عليه وسلم من كرب
الموت ما وجد، قالت فاطمة رضي الله عنها: واكرب أبتاه. فقال: لا كرب على أبيك بعد
اليوم، قد حضر من أبيك ما الله تبارك وتعالى ليس بتارك منه أحدا. وفي لفظ: ما ليس
بناج منه أحدا الموافاة يوم القيامة (ع، وابن خزيمة، ك). عن أنس رضي الله عنه قال:
لما مرض رسول الله صلى الله عليه وسلم فثقل ضمته فاطمة إلى صدرها ثم قالت: واكرباه
لكرب أبتاه. ثم قالت: يا أبتاه من ربه ما أدناه، يا أبتاه إلى جبرئيل ننعاه، يا
أبتاه جنات الفردوس مأواه، يا أبتاه أجاب ربا دعاه. ثم قالت: يا أنس كيف طابت
أنفسكم أن تحثوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم التراب (كر، ع). عن أنس رضي الله
عنه قال: لما ثقل رسول الله صلى الله عليه وسلم جعل
ص 513
يبسط رجلا ويقبض أخرى، قالت فاطمة: يا أبتاه أجاب ربا دعاه، يا أبتاه إلى جبرئيل
أنعاه، يا أبتاه من ربه ما أدناه، يا أبتاه جنة الفردوس مأواه. فلما دفناه قالت لي
فاطمة: يا أنس كيف طابت أنفسكم أن تحثوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم التراب
(ع، كر). ومنهم الفاضل المعاصر الدكتور عبد المعطي أمين قلعجي في (آل بيت الرسول)
(ص 256 ط القاهرة سنة 1399) قال: عن أنس قال: لما ثقل النبي صلى الله عليه وسلم جعل
يتغشاه فقالت فاطمة عليها السلام: واكرب أباه. فقال لها: ليس على أبيك كرب بعد
اليوم. فلما مات قالت: يا أبتاه أجاب ربا دعاه، يا أبتاه من جنة الفردوس مأواه، يا
أبتاه إلى جبريل ننعاه. فلما دفن قالت فاطمة عليها السلام: يا أنس أطابت أنفسكم أن
تحثوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم التراب. عن أنس قال: لما قالت فاطمة ذلك
يعني: لما وجد رسول الله صلى الله عليه وسلم من كرب الموت ما وجد، قالت فاطمة:
واكرباه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا بنية إنه قد حضر بأبيك ما ليس الله
بتارك من أحدا لموافاة يوم القيامة. عن أنس أن فاطمة بكت رسول الله صلى الله عليه
وسلم فقالت: يا أبتاه من ربه ما أدناه، يا أبتاه إلى جبريل أنعاه، يا أبتاه جنة
الفردوس مأواه. ومنهم الفاضل المعاصر محمود شلبي في كتابه (حياة الإمام علي عليه
السلام) (ص 268 ط دار الجيل في بيروت) قال: عن أنس قال: لما ثقل النبي صلى الله
عليه وسلم جعل يتغشاه، فقالت فاطمة
ص 514
عليها السلام: واكرب أباه. فقال لها: ليس على أبيك كرب بعد اليوم. فلما مات قالت:
يا أبتاه أجاب ربا دعاه، يا أبتاه من جنة الفردوس مأواه، يا أبتاه إلى جبريل ننعاه.
فلما دفن قالت فاطمة عليها السلام: يا أنس أطابت أنفسكم أن تحثوا على رسول الله صلى
الله عليه وسلم التراب. وروى أيضا في ص 308 مثل ما تقدم. وروى أيضا في ص 309: عن
أنس قال: لما قالت فاطمة ذلك - يعني: لما وجد رسول الله صلى الله عليه وسلم من كرب
الموت ما وجد، قالت فاطمة: واكرباه. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا بنية إنه
قد حضر بأبيك ما ليس الله بتارك منه أحدا لموافاة يوم القيامة [أخرجه الإمام أحمد].
وقال في ص 310: عن أنس أيضا: أن فاطمة بكت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالت: يا
أبتاه من ربه ما أدناه، يا أبتاه إلى جبريل أنعاه، يا أبتاه جنة الفردوس مأواه
[أخرجه الإمام أحمد]. ومنها مرسلات الباب روى جماعة مرسلا هذه الأحاديث:
ص 515
فمنهم الحافظ جمال الدين أبو الحجاج يوسف بن الزكي عبد الرحمن المزي المتوفى سنة
742 في كتابه (تحفة الاشراف بمعرفة الأطراف) (ج 1 ص 114 ط بيروت) قال: حديث: لما
ثقل النبي صلى الله عليه وسلم قالت فاطمة: واكرب أبتاه! قال (ليس على أبيك كرب بعد
اليوم). فلما مات قالت: يا أبتاه! أجاب ربا دعاه... الحديث. خ في آخر المغازي (84:
23) عن سليمان بن حرب، عنه به. ق في الجنائز (65: 4) عن علي بن محمد الطنافسي، عن
أبي أسامة حماد بن أسامة، عنه ببعضه: قالت لي فاطمة: يا أنس! كيف سخت أنفسكم أن
تحثوا التراب على رسول الله صلى الله عليه وسلم؟. ومنهم الفاضل المعاصر مأمون غريب
المصري القاهري في (خلافة علي بن أبي طالب) (ص 31 ط مكتبة غريب في القاهرة) قال:
ووسط الأحزان التي تخيم على بيت النبوة كانت صيحات الزهراء: أبتاه أبتاه يا أبتاه،
أجاب ربا دعاه، يا أبتاه جنة الفردوس مأواه، يا أبتاه إلى جبريل ننعاه. ومنهم
الفاضل الأمير أحمد حسين بهادر خان الحنفي البريانوي الهندي في (تاريخ الأحمدي) (ص
116 ط بيروت) قال: ودر مدارج النبوة أست كه جون آنحضرت صلى الله عليه وسلم رحلت
فرمود فاطمة زهرا ندبة كرد وزاري نمود وفرمود: يا أبتاه دعوت حق أجابت فرمودي
ص 516
وأ ابتاه بجنت الفردوس نزول نمودى وا أبتاه بعد از تو وحي بركه آيد خداوند روح
فاطمه را بروح او رسان بار خدايا مرا بدار رسول خويش قرين كردان، بار خدايا مرا از
ثواب حبيب خويش بي نصيب ودر روز قيامت از شفاعت او محروم مكذار. ودر روضه الاحباب
ومدارج النبوه است كه بعد از بيغمبر صلى الله عليه وسلم هركز فاطمه رأكس خندان
نديد. ومنهم العلامة الشيخ جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن الجوزي القرشي
البغدادي في كتابه (الثبات عند الممات) (ص 66 ط دار الكتب العلمية بيروت سنة 1406)
قال: وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان عنده قدح من ماء عند الموت، فجعل
يدخل يده في الماء ثم يمسح بها وجهه، ويقول: اللهم هون علي سكرات الموت. وفاطمة رضي
الله عنها تقول: واكرباه لكربك يا أبتاه، وهو يقول: لا كرب على أبيك بعد اليوم.
ومنهم الفاضل المعاصر عبد العزيز الشناوي في كتابه (سيدات نساء أهل الجنة) (ص 147 ط
مكتبة التراث الإسلامي القاهرة) قال: ونزل في قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم أبو
الحسن والفضل بن العباس وقثم بن العباس وشقران مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم،
وكان آخر الناس عهدا برسول الله صلى الله عليه وسلم قثم بن العباس، ولما دفن النبي
عليه الصلاة
ص 517
والسلام قالت الزهراء لزوجها أبي الحسن: دفنتم رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال
أبو السبطين: نعم. قالت فاطمة: كيف طابت قلوبكم أن تحثوا التراب عليه؟ كان نبي
الرحمة. فقال أبو تراب - كان علي يحب أن يكنى بهذه الاسم الذي كناه به النبي عليه
الصلاة والسلام: نعم ولكن لا راد من أمر الله. ووقفت فاطمة على قبر أبيها وقالت:
إنا فقدناك فقد الأرض وابلها * وغاب مذ غبت عنا الوحي والكتب فليت قبلك كان الموت
صادفنا * لما نعيت وحالت دونك الكثب ولم تحزن امرأة على موت أبيها كما حزنت الزهراء
على موت والدها صلى الله عليه وسلم، حتى ضرب بها المثل في الحزن، وعدوها من
البكائين الخمسة الذين مثلوا الحزن والأسى في عالم الوجود، فقد دخل عليها زوجات
رسول الله صلى الله عليه وسلم مع بعض النسوة، فسألن فاطمة عن حالها ويعزينها
بمصابها، فقالت بقلب مكلوم: (أجدني كارهة لدنياكن، مسرورة بفراقكن، ألقى الله
ورسوله بحسرات منكن، فما حفظ لي الحق، ولا رعيت مني الذمة، ولا قبلت الوصية، ولا
عرفت الحرمة). لقد أضناها الحزن، وكسا الشحوب وجهها، وملأت اللوعة صدرها، وراحت
الزهراء تذوب، ومكثت بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ستة أشهر ما رئيت ضاحكة بعده
أبدا. ولقيت عائشة بنت أبي بكر الزهراء فقالت لها: أسألك بما لي من الحق استخصك
رسول الله صلى الله عليه وسلم بحديث؟ فقالت فاطمة: أما الآن فنعم إنه أسر إلي أن
جبريل عليه السلام كان يعارضني - يأتي إلي بمثل ما يأتي -
ص 518
بالقرآن كل سنة مرة وإنه عارضني به العام مرتين ولا أراه - أظنه - إلا حضر أجلي
فاتقي الله واصبري، فنعم السلف - المتقدم أنا لك - فبكيت لذلك ثم قال: وإنك أول أهل
بيتي لحوقا بي، ألا ترضين أن تكوني سيدة نساء أهل الجنة أو نساء المؤمنين؟ فضحكت.
ص 519
مراثي (للزهراء عليها السلام منظومة ولها عليها السلام) (رثاء منظوم قالته بعد
أبيها صلوات الله عليهما السلام وآلهما) 
قد تقدم نقل نبذة من رثائها المنظوم في ج
10 ص 435 وج 19 ص 159 عن كتب العامة، ونستدرك هيهنا عن كتبهم التي لم نرو عنها فيما
مضى: فمنهم العلامة الفاضل الأمير أحمد حسين بهادر خان الحنفي البريانوي الهندي في
(تاريخ الأحمدي) (ص 116 ط بيروت سنة 1408) قال: وفي كتابه (ما ثبت بالسنة) للمحدث
الدهلوي قال: وأخذت فاطمة تربة من تراب رسول الله (ص) وشمته ثم أنشدت: ماذا على من
شم تربة أحمد * أن لا يشم مدى الزمان غواليا؟ صبت علي مصائب لو أنها * صبت على
الأيام صرن لياليا
ص 520
ومنهم الفاضل المعاصر الشريف علي فكري ابن الدكتور محمد بن عبد الله الحسيني
القاهري المولود بها سنة 1296 والمتوفى بها أيضا سنة 1372 في (أحسن القصص) (ج 5 ص
59 ط دار الكتب العلمية في بيروت) قال: ولم تضحك فاطمة عليها السلام بعد وفاة أبيها
قط، ولقد حزنت الزهراء حزنا شديدا لوفاته صلى الله عليه وسلم إلى أن توفاها الله،
فلم تظهر عليها إمارة عن السرور طول تلك المدة. ولما زارت قبر أبيها عليه الصلاة
والسلام بعد وفاته بأيام أخذت بيدها قبضة من تراب القبر فجعلتها على عينها ووجهها،
وأخذت تبكي وتقول: ماذا على من شم تربة أحمد * ألا يشم مدى الزمان غواليا صبت علي
مصائب لو أنها * صبت على الأيام عدن لياليا وقد رثته بهذه المرثية: اغبر آفاق
السماء وكورت * شمس النهار وأظلم العصران والأرض من بعد النبي كئيبة * أسفا عليه
كثيرة الأحزان فليبكه شرق البلاد وغربها * ولتبكه مضر وكل يمان يا خاتم الرسل
المبارك صنوه * صلى عليك منزل القرآن فلم يسمعها إنسان حتى بكى معها، وبعد أن فاضت
دموع العين بما في القلب من نيران الحزن عادت إلى منزلها واجمة مطرقة حزينة.
ص 521
ومنهم العلامة السيد محمد صديق حسن الحسيني القنوجي البخاري في (الاذاعة) (ص 69 ط
دار الكتب العلمية في بيروت) قال: وفي البخاري: لما دفن جاءت فاطمة رضي الله عنها
فقالت: كيف طابت أنفسكم أن تحثوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم التراب؟ وفي
رواية: أخذت تربة من تراب الرسول صلى الله عليه وسلم وشمت ثم أنشدت: ماذا على من شم
تربة أحمد * أن لا يشم مدى الزمان غواليا صبت علي مصائب لو أنها * صبت على الأيام
صرن لياليا ومنهم العلامة الشيخ أبو العباس بن الخطيب الشهير بابن قنفذ القنطيني
الأندلسي المالكي في (وسيلة الإسلام بالنبي) (ص 119 ط مطبعة دار الغرب بيروت) قال:
ووقفت فاطمة ابنته عليه الصلاة والسلام على قبره بعد دفنه وأنشدت: قل للمغيب تحت
أطباق الثرا * هل تسمعن صراخي وندائيا هذا على من شم تربة أحمد * ألا يشم مدى
الزمان غواليا صبت علي مصائب لو أنها * صبت على الأيام عدن لياليا وبكى الناس في
ذلك اليوم بكاءا شديدا، ورثاه أبو بكر وعمر وغيرهما وأنشدت أيضا: قد كانت بعدك
أنباء وهنبئة * لو كنت تشهدها لم يكثر الخطبا إنا فقدناك فقد الأرض وابلها * واختل
قومك بعد العهد واحتزبا
ص 522
قد كان جبريل بالآيات يؤنسنا * فغاب عنا وكل الخير محتجبا وقد رزئنا بما لم يرزه
أحد * من البرية لا عجما ولا عربا ومنهم الفاضل المعاصر الشيخ عبد اللطيف عاشور في
تعليقه في كتاب (إتحاف السائل بما لفاطمة من المناقب والفضائل) للمناوي (ص 103 ط
مكتبة القرآن بالقاهرة) قال: روى السدي عن أشياخه قال: لما توفي رسول الله صلى الله
عليه وسلم قالت فاطمة رضي الله عنها تندبه: أبي وا أبتاه!! * أجاب ربا دعا جنة
الفردوس مأواه * من ربه ما أدناه إلى جبريل نعاه! ويروى أنها قالت على قبره: إنا
فقدناك فقد الأرض وابلها * وغاب مذ غبت عنا الوحي والكتب فليت قبلك كان الموت
صادفنا * لما نعيت وحالت دونك الكثب الوابل: المطر - والكثب جمع كثيب: الكومة من
الرمال]. وهي تقول في بيتيها بالأصل: إن التربة العطرة تغني عن شم كل غوالي الدنيا
- والغوالي جمع غالية وهي أخلاط من الطيب والعطور، ويقال: تغليت بالغالية: إذا
تطيبت بها.
ص 523
ومنهم العلامة الشيخ زين الدين محمد عبد الرؤف بن علي بن زين العابدين الشافعي
المناوي القاهري المتوفى سنة 1031 في (إتحاف السائل بما لفاطمة من المناقب
والفضائل) (ص 103 ط مكتبة القرآن بالقاهرة) قال: وروى طاهر بن يحيى العلوي وابن
الجوزي في الوفاء عن علي: لما دفن رسول الله صلى الله عليه وسلم جاءت فاطمة فوقفت
على قبره، وأخذت قبضة من تراب القبر، وأنشأت تقول: ماذا على من شم تربة أحمد * ألا
يشم مدى الزمان غواليا صبت علي مصائب لو أنها * صبت على الأيام عدن لياليا ما تمثلت
به من الشعر: وروي أنها تمثلت بشعر فاطمة بنت الأحجم: قد كنت لي جبلا ألوذ بظله *
فتركتني أمشي لأجرد ضاحي قد كنت ذات حمية ما عشت لي * أمشي البراز وكنت أنت جناحي
فاليوم أخضع للذليل وأتقي * منه وادفع ظالمي بالراح وإذا دعت قمرية شجنا لها * ليلا
على فتن دعوت صباحي وقال أيضا: ومما ينسب إليها من الشعر قولها ترثي أباها كما في
سيرة اليعمري: اغبر آفاق السماء وكورت * شمس النهار وأظلم العصران فالأرض من بعد
النبي كئيبة * أسفا عليه كثيرة الرجفان
ص 524
فليبكه شرق البلاد وغربها * وليبكه مضر وكل يماني وليبكه الطود المعظم جوه * والبيت
ذو الأستار والأركان يا خاتم الرسل المبارك ضوؤه * صلى عليك منزل الفرقان ومنهم
العلامة صلاح الدين محمد بن شاكر الشافعي الدار الدمشقي في (عيون التواريخ) (ج 1 ص
176 والنسخة مصورة من مكتبة جستربيتي بايرلندة) قال: ومما ينسب لعلي أو فاطمة رضي
الله عنهما: ماذا على من شم تربة أحمد * أن لا يشم مدى الزمان غواليا صبت علي مصائب
لو أنها * صبت على الأيام عدن لياليا ومنهم العلامة أبو طاهر أحمد بن محمد السلفي
الاصفهاني الشافعي في (المشيخة البغدادية) (ص 117 والنسخة مصورة من مخطوطة مكتبة
جستربيتي بايرلندة) قال: أنشدنا الشيخ أبو محمد جعفر بن أحمد السراج في جمادي
الأولى سنة ست وستين، قال: أنشدنا أبو القاسم علي بن المحسن التنوخي، قال: ومن شعر
فاطمة عليها السلام ترثي النبي صلى الله عليه وسلم: اغبر آفاق السماء وكورت * شمس
النهار وأظلم العصران والأرض من بعد النبي حزينة * أسفا عليه كثيرة الرجفان فليبكه
شرق البلاد وغربها * ولتبكه مصر وكل يمان وليبكه الطود المعظم جوده * والبيت ذو
الأستار والأركان
ص 525
ولها فيه عليه السلام أيضا - ماذا على من شم تربة أحمد * أن لا يشم مدى الزمان
غواليا صبت علي مصائب لو أنها * صبت على الأيام عدن لياليا ومنهم الفاضل المعاصر
محمود شلبي في (حياة فاطمة عليها السلام) (ص 312 ط دار الجيل بيروت) قال: وقالوا:
أما الزهراء عليها السلام فقد أخذت قبضة من تراب القبر المعطر فوضعته على عينيها
وبكت وأنشأت تقول - فذكر مثل ما تقدم.
ص 526
حديث (إن المهدي الذي يملأ الأرض قسطا وعدلا) (من ولد فاطمة عليها السلام) 
قد مر
نقل ما يدل عليه من الأحاديث عن أعلام العامة في ج 13 ص 98 - 110 إلى 320 وج 10 ص
240 وج 19 ص 66 وص 671 و672 و673 و679، نستدرك هيهنا عن كتبهم التي لم نرو عنها
فيما مضى: فمنهم العلامة شمس الدين أبو البركات محمد الباعوني الشافعي في كتاب
(جواهر المطالب في مناقب الإمام أبي الحسنين علي بن أبي طالب) (ص 22 والنسخة مصورة
من المكتبة الرضوية بخراسان) قال: وقد روى النزار عن طريق عائشة رضي الله عنها
قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فاطمة خير بناتي، إنها أصيبت بي، ومن
شرفها أن المهدي الذي يملأ الأرض عدلا من ولدها، وقد اختصت بهذه المزايا دون
أخواتها، وفضائلها رضوان الله عليها أكثر من أن يحصر، ذكر ذلك كله الإمام السهيلي
رحمه الله في كتابه (الروض الأنف) والله أعلم.
ص 527
حديث (بكاء فاطمة عليها السلام من وحشة يوم الحشر) 
رواه جماعة من أعلام العامة في
كتبهم: فمنهم العلامة أبو عبد الله الحارث بن أسد المحاسبي البصري المتوفى ببغداد
سنة 243 في (البعث والنشور) (ص 23 ط بيروت سنة 1406) قال: وعن ثابت البناني، عن
عفان النهري، قال: دخل النبي صلى الله عليه وسلم على فاطمة الزهراء رضي الله عنها،
فوجدها تبكي، فقال: يا قرة عيني ما الذي أبكاك؟ قالت: ذكرت قول الله تعالى
(وحشرناهم فلم نغادر منهم أحدا) فقعد النبي صلى الله عليه وسلم وقال: يا قرة عيني
لقد ذكرت يوما عظيما. ثم قال لها: يا فاطمة تحشر أمتي عراة حفاة عطاشا، أوزارهم على
ظهورهم، ودموعهم تجري على خدودهم. فقالت فاطمة رضي الله عنها: يا أبتاه أما تستحي
النساء من الرجال؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: يا فاطمة أن ذلك اليوم كل نفس
مشغولة بنفسها أما سمعت قول الله تعالى (لكل امرئ منهم يومئذ شأن يغنيه) فقالت
فاطمة: يا
ص 528
أبتي أين ألقاك يوم القيامة؟ فقال: تجديني يوم القيامة على الحوض أنا وأبو الحسن
علي - رضي الله عنه، أسقي أمتي من العطش. قالت: فإن لم أجدكم على الحوض قال:
تجدينني على الصراط، والأنبياء حولي وأنا أقول: رب سلم أمتي، رب سلم أمتي،
والملائكة يقولون: آمين، آمين.
ص 529
حديث (بكاء فاطمة عليها السلام على حال أبيها لما رأت) (أن ثيابه اخلولقت وقد شحب
لونه) 
رواه جماعة من أعلام العامة في كتبهم: فمنهم العلامة الحافظ الشيخ جلال الدين
عبد الرحمن بن بي بكر السيوطي المتوفى سنة 911 في كتابه (مسند فاطمة عليها السلام)
(ص 1 ط المطبعة العزيزية بحيدر آباد - الهند) قال: عن أبي ثعلبة الخشني رضي الله
عنه قال: قدم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في غزاة له، فدخل المسجد فصلى فيه
ركعتين - وكان يعجبه إذا قدم من سفر أن يدخل المسجد فيصلي فيه ركعتين - ثم يثني
بفاطمة ثم يأتي أزواجه، فقدم من سفره، مرة فأتى فاطمة فبدأ بها قبل بيوت أزواجه،
فاستقبلته على باب البيت فاطمة فجعلت تقبل وجهه - وفي لفظ: فاه - وعينيه وتبكي،
فقال لها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ما يبكيك يا بنية؟ قالت: أراك يا رسول
الله
ص 530
قد شحب لونك واخلولقت ثيابك. فقال لها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: يا فاطمة
لا تبكي، فإن الله بعث أباك على أمر لا يبقى على ظهر الأرض بيت مدر ولا وبر ولا شعر
إلا أدخله الله به عزا أو ذلا، حتى يبلغ حيث الليل (طب، حل، ك).
ص 531
نزول آية (وآت ذا القربى حقه) (سورة الاسراء: 26) (في حق فاطمة الزهراء بنت النبي
صلى الله عليهما وآلهما) 
قد تقدم نقل ما يدل عليه في ج 3 ص 549 وج 14 ص 575 - 618،
عن كتب أعيان العامة، ونستدرك هيهنا عن الكتب التي لم نرو عنها فيما مضى: فمنهم
الفاضلان المعاصران الشريف عباس أحمد صقر والشيخ أحمد عبد الجواد المدنيان في (جامع
الأحاديث) (القسم الثاني ج 5 ص 340 ط دمشق) قالا: عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه
قال: لما نزلت (وآت ذا القربى حقه) قال النبي صلى الله عليه وسلم: يا فاطمة لك فدك
(ك في تاريخه وقال: تفرد به إبراهيم بن محمد بن ميمون عن علي بن عابس (ابن النجار).
ص 532
ومنهم العلامة أبو أحمد عبد الله بن عدي الجرجاني الشافعي في (الكامل في الرجال) (ج
5 ص 1835 ط بيروت) قال: أخبرنا القاسم بن زكريا، حدثنا عباد بن يعقوب، حدثنا علي بن
عابس، عن فضيل - يعني ابن مرزوق، عن عطية، عن أبي سعيد قال: لما نزلت (وآت ذا
القربى حقه) دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم فاطمة فأعطاها فدك. ومنهم الفاضل
الأمير أحمد حسين بهادر خان الحنفي البريانوي الهندي في كتابه (تاريخ الأحمدي) (ص
84 ط بيروت سنة 1408) قال: وفي الدر المنثور للسيوطي: أخرج البزار وأبو يعلى وابن
أبي حاتم عن أبي سعيد الخدري: قال لما نزلت هذه الآية (وآت ذا القربى حقه) دعا رسول
الله (ص) فاطمة فأعطاها فدك. وروى أيضا عن ابن عباس قال: لما نزلت (وآت ذا القربى
حقه) أقطع رسول الله (ص) فاطمة فدكا.
ص 533
حديث (غضب الزهراء عليها السلام على بعض) 
قد تقدم نقل ما يدل عليه من الأحاديث
المروية في كتب العامة في مواضع مختلفة من هذه الموسوعة الكبيرة، ونستدرك هيهنا عن
الكتب التي لم نرو عنها فيما مضى: فمنهم الفاضلان المعاصران الشريف عباس أحمد صقر
والشيخ أحمد عبد الجواد المدنيان في (جامع الأحاديث) (القسم الثاني ج 1 ص 18 ط
دمشق) قالا: عن عائشة رضي الله عنها: إن فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم
سألت أبا بكر بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقسم لها ميراثها مما ترك
رسول صلى الله عليه وسلم مما أفاء الله، فقال لها أبو بكر: إن رسول الله صلى الله
عليه وسلم قال: لا نورث ما تركنا صدقة، فغضبت فاطمة فهجرت أبا بكر، فلم تزل مهاجرة
له حتى توفيت، وعاشت بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ستة أشهر، فكانت فاطمة تسأل
أبا بكر نصيبها مما ترك رسول الله صلى الله عليه وسلم من خيبر وفدك
ص 534
وصدقته بالمدينة فأبى أبو بكر ذلك، وقال: لست تاركا شيئا كان رسول الله صلى الله
عليه وسلم يعمل به إلا عملت به، فإني أخشى إن تركت شيئا من أمره أن أزيغ فأما صدقته
بالمدينة فدفعها عمر إلى علي والعباس فغلب علي عليها، وأما خيبر وفدك فأمسكهما عمر
وقال: هما صدقة رسول الله صلى الله عليه وسلم كانتا لحقوقه التي تعروه ونوائبه
وأمرهما إلى من ولي الأمر، قال: فهما على ذلك إلى اليوم (حم خ م هق). وفي ج 4 ص 63
ذكرا مثل ما تقدم بعينه. ومنهم الحافظ الشيخ جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر
السيوطي المتوفى سنة 911 في كتابه (مسند فاطمة عليها السلام) (ص 28 ط المطبعة
العزيزية بحيدر آباد الهند) روى الحديث بعين ما تقدم عن (جامع الأحاديث). ومنهم
الفاضل المعاصر الدكتور عبد المعطي أمين قلعجي في (آل بيت الرسول) (ص 267 ط القاهرة
سنة 1399) قال: عن عائشة أن فاطمة والعباس أتيا أبا بكر يلتمسان ميراثهما من رسول
الله صلى الله عليه وسلم وهما حينئذ يطلبان أرضيهما من فدك وسهمهما من خيبر، فقال
لهما أبو بكر: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لا نورث، ما تركنا صدقة
إنما يأكل آل محمد من هذا المال. قال أبو بكر: والله لا أدع أمرا رأيت رسول الله
صلى الله عليه وسلم يصنعه فيه إلا صنعته. قال: فهجرته فاطمة، فلم تكلمه حتى ماتت.
أخرجه البخاري في كتاب الفرائض، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم:
ص 535
لا نورث ما تركنا صدقة: 8 - 185 (طب. الشعب). وقد سبق بما في معناه. وقال أيضا في ص
268: عن عائشة أن فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم أرسلت إلى أبي بكر الصديق
تسأله ميراثها من رسول الله صلى الله عليه وسلم، مما أفاء الله عليه بالمدينة وفدك،
وما بقي من خمس خيبر، فقال أبو بكر: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا نورث
ما تركنا صدقه، إنما يأكل آل محمد صلى الله عليه وسلم في هذا المال، وإني والله لا
أغير شيئا من صدقة رسول الله صلى الله عليه وسلم، عن حالها التي كانت عليها في عهد
رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولأعملن فيها بما عمل به رسول الله صلى الله عليه
وسلم، فأبى أبو بكر أن يدفع إلى فاطمة شيئا، فوجدت (غضبت) فاطمة على أبي بكر في
ذلك. قال: فهجرته، فلم تكلمه حتى توفيت. وعاشت بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم
سته أشهر، فلما توفيت دفنها زوجها علي بن أبي طالب ليلا، ولم يؤذن بها أبا بكر،
وصلى عليها علي. وقال أيضا في ص 270: عن عائشة أن فاطمة بنت رسول الله صلى الله
عليه وسلم سألت أبا بكر بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقسم لها ميراثها
مما ترك رسول الله مما أفاء الله عليه، فقال لها أبو بكر: إن رسول الله صلى الله
عليه وسلم قال: لا نورث ما تركنا صدقه. فغضبت فاطمة وعاشت بعد وفاة رسول الله صلى
الله عليه وسلم ستة أشهر. ومنهم العلامة الأمير علاء الدين علي بن بلبان الفارسي
الحنفي المتوفى سنة 739 في (الاحسان بترتيب صحيح ابن حبان) (ج 78 ص 156 ط بيروت).
أخبرنا محمد بن عبيد الله بن الفضل الكلاعي بحمص، قال حدثنا عمرو بن
ص 536
عثمان بن سعيد، قال حدثنا أبي، عن شعيب بن أبي حمزة، عن الزهري، قال حدثني عروة بن
الزبير: أن عائشة أخبرته: أن فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم أرسلت إلى أبي
بكر تسأله ميراثها من رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما أفاء الله على رسوله،
وفاطمة رضوان الله عليها حينئذ تطلب صدقة رسول الله صلى الله عليه وسلم التي
بالمدينة وفدك وما بقي من خمس خيبر. قالت: عائشة: فقال أبو بكر: أن رسول الله صلى
الله عليه وسلم قال: لا نورث ما تركناه صدقة إنما يأكل آل محمد من هذا المال، ليس
لهم أن يزيدوا على المأكل، وإني والله لا أغير شيئا من صدقات رسول الله صلى الله
عليه وسلم عن حالها التي كانت عليها في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا عملن
فيها بما عمل فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم. فأبى أبو بكر أن يدفع إلى فاطمة
منها شيئا، فوجدت فاطمة على أبي بكر من ذلك فهجرته فلم تكلمه حتى توفيت، وعاشت بعد
رسول الله صلى الله عليه وسلم ستة أشهر، فلما توفيت دفنها علي بن أبي طالب رضوان
الله عليه ليلا ولم يؤذن بها أبا بكر، فصلى عليها علي. وكان لعلي من الناس وجه حياة
فاطمة فلما توفيت فاطمة رضوان الله عليها انصرفت وجوه الناس عن علي حتى أنكرهم،
فضرع علي عند ذلك إلى مصالحة أبي بكر ومبايعته ولم يكن بايع تلك الأشهر، فأرسل إلى
أبي بكر أن أيتنا ولا يأتنا معك أحد، وكره علي أن يشهدهم عمر لما يعلم من شدة عمر
عليهم، فقال عمر لأبي بكر: والله لا تدخل عليهم وحدك. فقال أبو بكر: وما عسى أن
يفعلوا بي، والله لآتينهم. فدخل أبو بكر فتشهد علي ثم قال: إنا قد عرفنا يا أبا بكر
فضيلتك وما أعطاك الله، وإنا لم ننفس عليك خيرا ساقه الله إليك، ولكنك استبددت
علينا بالأمر وكنا نرى لنا حقا. وذكر قرابتهم من رسول الله صلى الله عليه وسلم
وحقهم،
ص 537
فلم يزل يتكلم حتى فاضت عينا أبي بكر، فلما تكلم أبو بكر قال: والذي نفسي بيده
لقرابة رسول الله صلى الله عليه وسلم أحب إلي أن أصل من قرابتي، وأما الذي شجر بيني
وبينكم من هذه الصدقات فإني لم أك فيها عن الخير، وإني لم أكن لأترك فيها أمرا رأيت
رسول الله صلى الله عليه وسلم يصنع فيها إلا صنعته. قال علي: موعدك العشية للبيعة.
فلما أن صلى أبو بكر صلاة الظهر ارتقى على المنبر، فتشهد علي فعظم حق أبي بكر وذكر
أنه لم يحمله على الذي صنع نفاسة على أبي بكر ولا إنكار فضيلته التي فضله الله بها،
ولكنا كنا نرى لنا في الأمر نصيبا واستبد علينا فوجدنا في أنفسنا فسر بذلك المسلمون
وقالوا لعلي: أصبت، وكان المسلمون إلى علي قريبا حين راجع علي الأمر بالمعروف.
ومنهم الفاضل الأمير أحمد حسين بهادر خان الحنفي البريانوي الهندي في كتابه (تاريخ
الأحمدي) (ص 130 ط بيروت) قال: في تاريخ ابن واضح: إن فاطمة بنت رسول الله أتت أبا
بكر تطلب ميراثها، فقال لها: قال رسول الله: لا نورث وما تركنا صدقة، فقالت: أفي
كتاب الله أن ترث أباك ولا أرث أبي، أما قال رسول الله (المرء يحفظ بولده) فبكى أبو
بكر بكاءا شديدا. وقال أيضا في ص 131 من المطبعة المذكورة: وأخرج البخاري ومسلم في
صحيحهما وأحمد في المسند عن عروة بن الزبر أن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها
أخبرت أن فاطمة رضي الله عنها بنت رسول الله (ص) سألت أبا بكر الصديق رضي الله عنه
بعد وفاة رسول الله (ص) أن يقسم لها
ص 538
ميراثها ما ترك رسول الله (ص) مما أفاء الله عليه، فقال أبو بكر: إن رسول الله قال:
(لا نورث ما تركنا صدقة)، فغضبت فاطمة بنت رسول الله فهجرت أبا بكر لم تزل مهاجرته
حتى توفيت. ومنهم الفاضل المعاصر محمود شلبي في (حياة فاطمة عليها السلام) (ص 317 ط
دار الجيل - بيروت) قال: عن عائشة: أن فاطمة سألت أبا بكر الصديق بعد وفاة رسول
الله صلى الله عليه وسلم أن يقسم لها ميراثها مما ترك رسول الله صلى الله عليه وسلم
مما أفاء الله عليه، فقال لها أبو بكر: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (لا
نورث ما تركنا صدقة) فغضبت فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم فهجرت أبا بكر،
فلم تزل مهاجرته حتى توفيت، وعاشت بعد رسول الله (ص) ستة أشهر. وقالا أيضا في ص 324
من الطبع المذكور: عن عائشة: إن فاطمة والعباس أتيا أبا بكر يلتمسان ميراثهما من
رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهما حينئذ يطلبان أرضيهما من فدك وسهميهما من خيبر.
فقال لهما أبو بكر: سمعت رسول الله (ص) يقول: لا نورث ما تركنا صدقة، إنما يأكل آل
محمد من هذا المال. قال أبو بكر: والله لا أدع أمرا رأيت رسول الله (ص) يصنعه فيه
إلا صنعته. قال: فهجرته فاطمة فلم تكلمه حتى ماتت [أخرجه البخاري].
ص 539
ومنها حديث أبي هريرة رواه جماعة من أعلام العامة في كتبهم: فمنهم الفاضل المعاصر
الدكتور عبد المعطي أمين قلعجي في (آل بيت الرسول) (ص 521 ط القاهرة سنة 1399) قال:
عن أبي هريرة أن فاطمة جاءت أبا بكر وعمر تسأل ميراثها من رسول الله صلى الله عليه
وسلم فقالا: سمعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إني لا أورث قالت: والله لا
أكلمكما أبدا، فماتت ولا تكلمهما. ومنهم الفاضل المعاصر عبد العزيز الشناوي في
(سيدات نساء أهل الجنة) (ص 148 ط مكتبة التراث الإسلامي - القاهرة) فذكر الحديث إلى
أن قال: وراحت فاطمة تقرأ في كتاب الله (وورث سليمان داود وقال يا أيها الناس علمنا
منطق الطير) ثم عادت تقرأ قوله تعالى (يرثني ويرث من آل يعقوب واجعله رب رضيا) لقد
سمعت الزهراء أن نساء النبي عليه الصلاة والسلام أردن أن يبعثن ذا النورين إلى
خليفة رسول الله ليسألنه ميراثهن. وانطلقت الزهراء إلى العباس بن عبد المطلب
فأخبرته، فمشيا إلى أبي بكر يلتمسان ميراثهما من رسول الله صلى الله عليه وسلم -
كانا يطلبان أرض فدك وسهمه من خيبر - فقالت فاطمة للخليفة الأول: أنت ورثت رسول
الله أم أهله؟ فقال الصديق: لا بل أهله. فتساءلت الزهراء: من يرثك إذا مت؟ قال
خليفة النبي
ص 540
عليه الصلاة والسلام: ولدي وأهلي. فقالت أم أبيها: فما لنا لا نرث رسول الله صلى
الله عليه وسلم؟ قال أبو بكر الصديق: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (إن
النبي لا يورث..) ولكني أعول من كان رسول الله يعول وأنفق على من كان رسول الله
ينفق. لقد سمعت فاطمة أم المؤمنين عائشة تقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم
يقول (لا نورث ما تركناه صدقة)، فسألته أن ينتظر علي بن أبي طالب على تلك الأرض -
أرض فدك - وذلك السهم، فقال خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم: لست بالذي أقسم من
ذلك شيئا ولست تاركا شيئا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعمل به فيها إلا
عملته، وإني أخشى إن تركت أمره أو شيئا من أمره أن أزيغ. فقامت الزهراء مغضبة وساء
أبا بكر غضبها، إنها غضبت من قبل عمر ابن الخطاب وقالت: لن أكلمك حتى ألقى ربي.
وقال أيضا في ص 150: لقد جاءت فاطمة تطلب إرثا مما أعطاه الأنصار لرسول الله صلى
الله عليه وسلم من أرضهم وما أوصى به إليه صلى الله عليه وسلم - وصية مخيريق
اليهودي عند إسلامه وهي سبعة حوائط في بني النضير فكان أول وقف في الإسلام - ومما
أفاء الله على رسوله صلى الله عليه وسلم من أرض بني النضير وفدك ونصيبه عليه الصلاة
والسلام من خيبر وهما حصتان من حصونها: الوطيح وسلالم، فإن ذلك كان للنبي صلى الله
عليه وسلم خاصة فكان ينفق من ذلك على أهل بيته سنة وما بقي جعله في الكراع - الخيل
والسلاح في سبيل الله - فربما احتاج صلى الله عليه وسلم إلى شيء ينفقه قبل فراغ
السنة فيقترض وقد انتقل رسول الله صلى الله عليه وسلم
ص 541
إلى الرفيق الأعلى ودرعه - ذات الفضول - مرهونة عند يهودي على آصع من شعير وافتكها
أبو بكر. والتقى أبو بكر وعمر فقال الفاروق للصديق: انطلق بنا إلى فاطمة فإنا قد
أغضبناها. فانطلقا إلى بيت أبي الحسن فاستأذنا عليها فلم تأذن لهما، فأتيا عليا
فكلماه فأدخلهما عليها، فلما قعدا عندها حولت الزهراء وجهها إلى الحائط، فسلما
عليها فلم ترد علي أبي بكر وعمر السلام، فتكلم الصديق فقال: يا حبيبة رسول الله
والله إن قرابة رسول الله أحب إلي من قرابتي وإنك أحب إلي من عائشة ابنتي، ولوددت
يوم مات أبوك إني مت ولا أبقى بعده، أفتراني أعرفك وأعرف فضلك وشرفك وأمنعك حقك
وميراثك من رسول الله، إلا أني سمعت أباك رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (لا
نورث ما تركناه فهو صدقة). فقالت فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم: أرأيتكما
إذا حدثتكما حديثا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم تعرفانه وتفعلانه به؟ قال أبو
بكر وعمر: نعم. فقالت الزهراء: نشدتكم الله ألم تسمعا رسول الله يقول: رضا فاطمة من
رضاي وسخط فاطمة من سخطي، فمن أحب فاطمة ابنتي فقد أحبني ومن أرضى فاطمة فقد أرضاني
ومن أسخط فاطمة فقد أسخطني؟ فقال الصديق والفاروق: نعم سمعنا من رسول الله صلى الله
عليه وسلم. فقالت فاطمة: فإني أشهد الله وملائكته إنكما سخطتماني وما أرضيتماني،
ولئن لقيت النبي لأشكونكما إليه. فقا أبو بكر: أنا عائذ بالله تعالى من سخطه وسخطك
يا فاطمة. ثم انتحب يبكي وخرج باكيا فلقيه الناس فقالوا: ما وراءك يا خليفة رسول
الله؟ قال الخليفة الأول: يبيت كل رجل منكم معانقا خليلته - زوجته - مسرورا بأهله
وتركتموني وما أنا فيه؟ لا حاجة لي في بيعتكم أقيلوني بيعتكم.
ص 542
فقال الناس: يا خليفة رسول الله إن هذا الأمر لا يستقيم، وأنت أعلمنا بذلك، إنه إن
كان هذا لم يقم الله دين. فقال أبو بكر الصديق: والله لولا ذلك وما أخافه من رخاوة
هذه العروة ما بت ليلة ولي في عنق مسلم بيعة بعد ما سمعت من فاطمة. قال الفاضل
المعاصر الأمير أحمد حسين بهادر خان البريانوي المذكور في المتن في كتابه المزبور ص
132 من الطبعة المذكورة: وفي فتوح البلدان للبلاذري: كانت فدك لرسول الله (ص) خاصة
لأنه لم يوجف المسلمون عليها بخيل ولا ركاب. وعن مالك بن جعونة عن أبيه قال: قالت
فاطمة لأبي بكر: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم جعل لي فدك فاعطني إياها، وشهد
لها علي بن أبي طالب، فسألها شاهدا آخر فشهدت لها أم أيمن، فقال: قد علمت يا بنت
رسول الله إنه لا تجوز إلا شهادة رجلين أو رجل وامرأتين. وقال الحلبي في السيرة
الحلبية: وفي كلام سبط ابن الجوزي رحمه الله: إن أبا بكر رضي الله عنه كتب لها بفدك
ودخل عليه عمر بن الخطاب فقال له: ما هذا؟ فقال: كتاب كتبته لفاطمة بميراثها من
أبيها، فقال: فماذا تنفق على المسلمين وقد حاربتك العرب كما ترى، ثم أخذ عمر الكتاب
فشقه. وفي تاريخ ابن واضح: وكان الغالب على أبي بكر عمر بن الخطاب. وقال أيضا في ص
344 من الطبعة المذكورة: وفي فتوح البلدان للبلاذري: قام أمير المؤمنين المأمون
بدفع فدك إلى ولد فاطمة، وقد كتب أمير المؤمنين إلى المبارك الطبري مولى أمير
المؤمنين يأمره برد فدك على ورثة فاطمة بنت رسول الله (ص) بحدودها وجميع حقوقها.
ص 543
وقال العلامة أبو عبد الله محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي في (تذهيب التهذيب في
مختصر التهذيب) (ج 3 ص 82 نسخة اسلامبول). وروى الأصمعي عن الوليد بن يسار الخزاعي
قال: لما استخلف عمر بن عبد العزيز قال للحاجب: ادن مني قريشا ووجوه الناس، ثم قال
لهم: إن فدك كانت بيد رسول الله صلى الله عليه وسلم فكان يضعها حيث أراه الله، ثم
وليها أبو بكر ففعل مثل ذلك، ثم وليها عمر ففعل مثل ذلك، ثم إن مروان أقطعها فوهبها
لمن لا يرثها من بني بنيه فكنت أحدهم، ثم ولي الوليد فوهب لي نصيبه، ثم ولي سليمان
فوهب لي نصيبه، ثم لم يكن من مالي شيء ارق علي منها ألا وإني قد رددتها موضعها.
قال: فانقطعت ظهور الناس ويئسوا من المظالم. ومنهم الفاضل المعاصر الدكتور عامر
النجار في (الخوارج عقيدة وفكرا وفلسفة) (ص 19 ط بيروت) قال: وموضوع (فدك) ذلك أن
فاطمة الزهراء رضي الله عنها والعباس عم رسول الله صلى الله عليه وسلم أتيا أبا بكر
بعد استخلافه يطلبان ميراثهما من رسول الله صلى الله عليه وسلم في أرض فدك وفي سهمه
من خيبر، فقال لهما أبو بكر: أما إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: نحن
معاشر الأنبياء لا نورث ما تركناه صدقة، إنما يأكل أهل محمد في هذا المال، وإني
والله لا أدع أمرا رأيت رسول الله يصنعه إلا صنعته. فغضبت فاطمة لذلك وهجرت أبا
بكر. وقد مكثت فاطمة ستة أشهر بعد وفاة أبيها، وكان علي يغاضب أبا بكر غضبا لفاطمة
زوجه، فلما ماتت مال إلى مصالحته وصالحه.
ص 544
ومنهم الفاضل الأمير أحمد حسين بهادر خان الحنفي البريانوي الهندي في كتابه (تاريخ
الأحمدي) (ص 128 ط بيروت سنة 1408) قال: وفي العقد الفريد لابن عبد ربه قال: الذين
تخلفوا عن بيعة أبي بكر علي والعباس والزبير وسعد بن عبادة، فأما علي والعباس
والزبير فقعدوا في بيت فاطمة حتى بعث إليهم أبو بكر عمر بن الخطاب ليخرجهم من بيت
فاطمة وقال له: إن أبوا فقاتلهم، فأقبل بقبس من النار على أن يضرم عليهم الدار
فلقيته فاطمة فقالت: يا ابن الخطاب أجئت لتحرق دارنا؟ قال: نعم أو تدخلوا فيما دخلت
عليه الأمة. وقال أبو الفداء: فأقبل عمر بشيء من نار على أن يضرم الدار، فلقيته
فاطمة وقالت: إلى أين يا ابن الخطاب أجئت لتحرق دارنا؟ قال: نعم أو تدخلوا فيما دخل
فيه الأمة. وقال أبو جعفر ابن جرير في تاريخه: أتى عمر بن الخطاب منزل علي وفيه
طلحة والزبير ورجال من المهاجرين فقال: والله لأحرقن عليكم أو لتخرجن إلى البيعة.
وفي كتاب الإمامة والسياسة لابن قتيبة الكاتب الدينوري: إن أبا بكر رضي الله عنه
تفقد قوما تخلفوا عن بيعته عند علي كرم الله وجهه، فبعث إليهم عمر فجاء فناداهم وهم
في دار علي فأبوا أن يخرجوا، فدعا عمر بالحطب وقال: والذي نفس عمر بيده لتخرجن أو
لأحرقنها على من فيها، فقيل له: يا أبا حفص إن فيها فاطمة فقال وإن، فخرجوا فبايعوا
إلا علي. وفيه وقال علي: أنا أحق بهذه الأمر منكم لا أبايعكم وأنتم أولى بالبيعة
لي، أخذتم هذا الأمر من الأنصار واحتججتم عليهم بالقرابة من النبي، وتأخذونه من أهل
البيت غصبا، ألستم زعمتم للأنصار أنكم أولى بهذا الأمر منهم لما كان محمد (ص) منكم.
فأنا أحتج عليكم بمثل ما
ص 545
احتججتم على الأنصار نحن أولى برسول الله حيا وميتا فأنصفونا إن كنتم تؤمنون بالله
وتخافونه. إلى أن قال -: وقال علي: يا معشر المهاجرين الله الله لا تخرجوا سلطان
محمد (ص) في العرب من داره وعقر بيته إلى دوركم وقعور بيتكم، فوقفت فاطمة رضي الله
عنها على بابها وقالت: تركتم رسول الله (ص) جنازة بين أيدينا وقطعتم أمركم بينكم
وكم تروا لنا حقا.