ص 501
العشيرة وحمل الجريرة. قال: فما المروءة؟ قال: العفاف وإصلاح المال. قال: فما
الدقة؟ قال: النظر في اليسير ومنه الحقير. قال: فما اللؤم؟ قال: إحراز المرء نفسه
وبذله عرسه. قال: فما السماحة؟ قال: البذل من اليسير والعسير. قال: فما الشح؟ قال:
أن ترى ما أنفقت تلفا. قال: فما الاخاء؟ قال: المؤاخاة في الشدة والرخاء. قال: فما
الجبن؟ قال: الجرأة على الصديق والنكول عن العدو. قال: فما الغنيمة؟ قال: الرغبة في
التقوى والزهادة في الدنيا هي الغنيمة الباردة. قال: فما الحلم؟ قال: كظم الغيظ
وملك النفس. [قال ابن عساكر:] وقد وقعت إلي هذه الحكاية أتم مما هاهنا: أخبرنا بها
أبو حفص عمر بن محمد بن الحسن الفرغولي، أنبأنا أبو القاسم إبراهيم ابن عثمان
الحلالي، أنبأنا حمزة بن يوسف بن إبراهيم السهمي، أنبأنا أبو بكر أحمد بن الحسين بن
عبد العزيز بعكبرا، أنبأنا أبو القاسم بدر بن الهيثم القاضي ببغداد. حيلولة وأخبرنا
أبو العز أحمد بن عبيد الله فيما قرأ علي إسناده وناولني إياه وقال: اروه عني
أنبأنا أبو علي محمد بن الحسين، أنبأنا أبو الفرج المعافى بن زكريا، أنبأنا بدر بن
الهيثم الحضرمي، أنبأنا علي بن المنذر الطريقي، أنبأنا عثمان بن سعيد، أنبأ محمد بن
عبد الله أبو رجاء من أهل تستر، أنبأنا شعبة بن الحجاج الواسطي، عن أبي إسحاق
الهمداني، عن الحرث الأعور قال: إن عليا عليه الصلاة والسلام سأل ابنه الحسن عن
أشياء من أمر المروءة - وقال ابن كادش: من المروءة - فقال: يا بني ما السداد؟ قال:
يا أبه السداد دفع المنكر بالمعروف. قال: فما الشرف؟ قال: اصطناع العشيرة وحمل
الجريرة. قال: فما المروءة؟ قال: العفاف وإصلاح المال. قال: فما الدقة؟ قال: النظر
في اليسير ومنع الحقير. قال: فما اللؤم؟ قال: إحراز المرء نفسه وبذله عرسه من
اللؤم. قال: فما السماحة؟ قال: البذل في العسر واليسر. قال: فما الشح؟ قال: أن ترى
ما في يديك شرفا وما أنفقته تلفا. قال: فما الاخاء؟ قال: الوفاء في الشدة والرخاء.
قال: فما الجبن؟ قال: الجرأة على الصديق
ص 502
والنكول عن العدو. قال: فما الغنيمة؟ قال: الرغبة في التقوى والزهادة في الدنيا هي
الغنيمة الباردة. قال: فما الحلم؟ قال: كظم الغيظ وملك النفس. قال: فما الغنى؟ قال:
رضا النفس بما قسم الله جل وعز لها وإن قل، فإنما الغنى غنى النفس. قال: فما الفقر؟
قال: شره النفس في كل شيء. قال: فما المنعة؟ قال: شدة البأس ومقارعة أشد الناس.
قال: فما الذل؟ قال: الفزع عند المصدوقة. قال: فما الجرأة؟ قال: مواقفة الأقران.
قال: فما الكلفة؟ قال: كلامك فيما لا يعنيك. قال: فما المجد؟ قال: أن تعطي في الغرم
وأن تعفوا عن الجرم. قال: فما العقل؟ قال: حفظ القلب كلما استرعيته. قال: فما
الخرق؟ قال: معاداتك لإمامك ورفعك عليه كلامك. قال: فما السناء؟ قال: إتيان الجميل
وترك القبيح. قال: فما الحزم، قال: طول الأناة والرفق بالولاة والاحتراس من الناس
بسوء الظن هو الحزم. قال: فما الشرف؟ قال: موافقة الأخوان وحفظ الجيران. قال: فما
السفة؟ قال: اتباع الدناءة ومصاحبة الغواة. قال: فما الغفلة؟ قال: تركك المسجد
وطاعتك المفسد. قال: فما الحرمان؟ قال: تركك حظك وقد عرض عليك. قال: فما السيد؟
قال: السيد الأحمق فالمال المتهاون في عرضه يشتم فلا يجيب [و] المختزن بأمر عشيرته
هو السيد. قال: ثم قال علي عليه السلام: يا نبي سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم
يقول: لا فقر أشد من الجهل، ولا مال أعود من العقل، ولا وحدة أوحش من العجب، ولا
مظاهرة أوثق من المشاورة، ولا عقل كالتدبير، ولا حسب كحسن الخلق، ولا ورع كالكف،
ولا عبادة كالتفكر، ولا إيمان كالحياء والصبر، وآفة الحديث الكذب، وآفة العلم
النسيان، وآفة الحلم السفه، وآفة العبادة الفترة، وآفة الظرف الصلف وآفة الشجاعة
البغي، وآفة السماحة المن، وآفة الجمال الخيلاء، وآفة الحسب الفخر. يا بني لا
تستخفن برجل تراه أبدا فإن كان أكبر منك فعد أنه أبوك، وإن كان مثلك فهو أخوك، وإن
كان أصغر منك فاحسبه أنه ابنك. [قال ابن عساكر:] فهذا ما ساءل علي بن أبي طالب ابنه
الحسن عن أشياء من
ص 503
المروءة وأجابه الحسن واللفظ لرواية ابن كادش وزاد: قال: قال القاضي أبو الفرج: في
هذا الخبر من جوابات الحسن أباه عما ساءله عنه من الحكمة وجزيل الفائدة ما ينتفع به
من راعاه وحفظه ووعاه وعمل به، وأدب نفسه بالعمل عليه وهداها بالرجوع إليه وتتوفر
فائدته بالوقوف عنده، وفيما رواه في أضعافه أمير المؤمنين رضي الله عنه عن النبي
صلى الله عليه وسلم ما لا غنى بكل لبيب عليم ومدره حكيم [ظ] عن حفظه وتأمله،
والمسعود من هدي لتقبله، والمحدود من وفق لامتثاله وتقبله. ومنهم الحافظ جمال الدين
أبو الحجاج يوسف المزي المتوفى سنة 742 في (تهذيب الكمال) (ج 6 ص 238 ط مؤسسة
الرسالة - بيروت) قال: وقال أبو الفرج المعافى بن زكريا الجريري: حدثنا بدر بن
الهيثم الحضرمي، قال: حدثنا علي بن المنذر الطريقي، قال حدثنا عثمان بن سعيد
الزيات، قال حدثنا أبو رجاء محمد بن عبد الله الحبطي من أهل تستر، قال حدثنا شعبة
بن الحجاج الواسطي، عن أبي إسحاق الهمداني، عن الحارث الأعور: أن عليا عليه السلام
سأل ابنه الحسن عن أشياء من أمر المرؤة - فذكر الحديث مثل ما تقدم عن ابن عساكر في
(تاريخ دمشق) إلى قوله: والمجدود من وفق لامتثاله وتقبله. ثم زاد وقال: تابعه أبو
عمر خشيش بن أصرم البصري، عن محمد بن عبد الله الحبطي. أخبرنا به أبو الحسن ابن
البخاري، قال: أنبأنا أبو سعد ابن الصفار، قال أخبرنا أبو عبد الله الفزاري، قال
أخبرنا أبو عثمان الصابوني، قال حدثنا الأستاذ أبو منصور محمد ابن عبد الله بن
حمشاذ، قال: حدثنا أبو عبد الله محمد بن محمد بن محمد بن عبيد الله الجرجاني، قال:
حدثنا أبو محمد عبد الرحمن بن عبد عبد المؤمن الجرجاني بجرجان، قال: أحسب عليكم هذا
الحديث بمائة حديث، أخبرنا أبو إسحاق إبراهيم بن المهلب البجلي العابد، قال أخبرنا
أبو عمر خشيش بن أصرم البصري، قال: أخبرنا محمد بن عبد الله الحبطي، عن شعبة، فذكره
بمعناه، وزاد ونقص فما زاد بعد قوله (وملك النفس)
ص 504
قال: فما الغنى؟ قال: رضى النفس بما قسم الله لها، وبعد قوله (كلامك فيما لا
يعنيك)، قال: فما العي؟ قال: العبث باللحية وكثرة التبزق، وبعد قوله (وآفة الجمال
الخيلاء): وسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ينبغي للعاقل إذا كان عاقلا أن
يكون له من النهار أربع ساعات: ساعة يناجي فيها ربه، وساعة يحاسب فيه نفسه، وساعة
يأتي أهل العلم الذين يبصرونه أمر دينه وينصحونه، وساعة يخلي بين نفسه ولذتها من
النساء فيما يحل ويحمل. وقد ينبغي أن لا يكون شاخصا إلا في ثلاث: مرمة لمعاش، أو
خلوة لمعاد، أو لذة في غير محرم. وقد ينبغي للعاقل أن ينظر في شأنه فيحفظ فرجه
ولسانه، ويعرف أهل زمانه. والعلم خليل الرجل، والعقل دليله، والحلم وزيره، والعمل
قيمه، والصبر أمير جنده، والرفق والده، والبر أخوه. ولم يذكر (قال: فما الحرمان)؟
ولا قوله: (قال: فما السيد)؟ ولا قوله: (ولا حسن كحسن الخلق)، ولا قوله: (وآفة
الحلم السفه)، ولا قوله: (وآفة الحسب الفخر). ومنهم الفاضلان المعاصران الشريف عباس
أحمد صقر والشيخ أحمد عبد الجواد المدنيان في (جامع الأحاديث) (القسم الثاني ج 6 ص
420 ط دمشق) قالا: عن الحارث الأعور: أن عليا سأل ابنه الحسن عن أشياء من المروءة -
فذكر الحديث مثل ما تقدم عن ابن عساكر إلى قوله: فاحسب أنه ابنك. ثم قالا (الصابوني
في المائتين - طب، كر). ومنهم العلامة المؤرخ محمد بن مكرم المشتهر بابن منظور
المتوفى 711 في (مختصر تاريخ دمشق لابن عساكر) (ج 7 ص 30 ط دار الفكر) قال: وعن
الحارث الأعور: أن عليا عليه السلام سأل ابنه الحسن عن أشياء من أمر المرؤة فقال -
فذكر مثل ما تقدم عن ابن عساكر.
ص 505
ومنهم الفاضل المعاصر الشريف علي بن الدكتور محمد عبد الله فكري الحسيني القاهري
المولود بها 1296 والمتوفى بها أيضا 1372 في كتابه (أحسن القصص) (ج 4 ص 211 ط دار
الكتب العلمية في بيروت) قال: قال الحافظ أبو النعيم بسنده: إن أمير المؤمنين علي
بن أبي طالب رضي الله عنه سأل الحسن رضي الله عنه فقال: يا بني ما السداد؟ فقال: يا
أبت، السداد دفع المنكر بالمعروف. قال: فما الشرف؟ قال: اصطناع العشيرة والاحتمال.
قال: فما السماح؟ قال: البذل في العسر واليسر. قال: فما اللؤم؟ قال: إحراز المرء
ماله، وبذله عرضه. قال: فما الجبن؟ قال: الجراءة على الصديق، والنكول عن العدو.
قال: فما الغنى؟ قال: رضا النفس بما قسم الله لها وإن قل. قال: فما الحلم؟ قال: كظم
الغيظ، وملك النفس. قال: فما المنعة؟ قال: شدة البأس، ومنازعة أعز الناس. قال: فما
الذل؟ قال: الفزع عند الصدمة. قال: فما الكلفة؟ قال: كلامك فيما لا يعنيك. قال: فما
الجد؟ قال: أن تعطي في العزم، وتعفو في الجرم. قال: فما السؤدد؟ قال: إتيان الجميل،
وترك القبيح. قال: فما السفه؟ قال: اتباع الدناءة، وصحبة الغواة. قال: فما الغفلة؟
قال: ترك المسجد، وطاعة المفسد.
ص 506
مستدرك كلامه عليه السلام لأصحابه

قد تقدم نقل ذلك عن أعلام العامة في ج 11 ص 219،
ونستدرك هيهنا عن كتبهم التي لم نرو عنها فيما مضى: فمنهم الحافظ المؤرخ ابن عساكر
الشافعي الدمشقي في (تاريخ دمشق - ترجمة الإمام الحسن عليه السلام) (ص 160 ط بيروت)
قال: أخبرنا أبو الحسن ابن قبيس، أنبأنا وأبو منصور ابن خيرون، أنبأنا أبو بكر
الخطيب، أخبرني أبو الحسن محمد بن عبد الواحد، أنبأنا أحمد بن إبراهيم بن شاذان،
أنبأنا محمد ابن الحسين بن حميد اللخمي، حدثني خضر بن أبان بن عبيدة الواعظ، حدثني
عثيم البغدادي الزاهد: حدثني محمد بن كيسان أبو بكر الأصم قال: قال الحسن بن علي
ذات يوم لأصحابه: إني أخبركم عن أخ لي وكان من أعظم الناس في عيني وكان رأس ما عظمه
في عيني صغر الدنيا في عينه. [و] كان خارجا من سلطان بطنه، فلا يشتهي ما لا يجد،
ولا يكثر إذا وجد. [و] كان خارجا من سلطان فرجه فلا يستخف له عقله ولا رأيه. [و]
كان خارجا من سلطان الجهلة فلا يمد يدا إلا على ثقة المنفعة. [و] كان لا يسخط ولا
يتبرم.
ص 507
[و] كان إذا جامع العلماء يكون على أن يسمع أحرص منه على أن يتكلم. [و] كان إذا غلب
على الكلام لم يغلب على الصمت. [و] كان أكثر دهره صامتا فإذا قال بذ القائلين. [و]
كان لا يشارك في دعوى ولا يدخل في مراء، ولا يدلي بحجة حتى يرى قاضيا. [و] كان يقول
ما يفعل، ويفعل ما لا يقول تفضلا وتكرما. [و] كان لا يغفل عن إخوانه ولا يختص بشيء
دونهم. [و] كان لا يلوم أحدا فيما يقع العذر في مثله. [و] كان إذا ابتداه أمران لا
يدري أيهما أقرب إلى الحق نظر فيما هو أقرب إلى هواه فخالفه. ومنهم صاحب كتاب
(مختار مناقب الأبرار) (ص 100 نسخة مكتبة جستربيتي) قال: وقال أبو بكر الأصم: قال
الحسن بن علي ذات يوم لأصحابه: إني أخبركم عن أخ لي - فذكر الحديث مثل ما تقدم.
ومنهم الفاضل المعاصر أحمد عبد العليم البردوني في (المختار من كتاب عيون الأخبار -
لابن قتيبة) (ص 229 ط دار الثقافة والارشاد القومي - القاهرة) قال: قال الحسن بن
علي: ألا أخبركم عن صديق كان لي من أعظم الناس في عيني، وكان رأس ما عظم به في عيني
صغر الدنيا في عينه. كان خارجا من سلطان بطنه، فلا يتشهى ما لا يحل، ولا يكنز إذا
وجد. وكان خارجا من سلطان الجهالة، فلا يمد يدا إلا على ثقة لمنفعة. كان لا يتشكى
ولا يتبرم. كان أكثر دهره صامتا، فإذا قال بذ القائلين. كان ضعيفا مستضعفا، فإذا
جاء الجد، فإذا هو الليث عاديا. كان إذا اجتمع بالعلماء على أن يسمع أحرص منه على
أن قول. كان إذا غلب على الكلام لم يغلب على السكوت. كان لا يقول ما يفعل ويفعل ما
لا يقول. كان إذا عرض له أمران لا يدري أيهما أقرب
ص 508
إلى الحق نظر أقربهما من هواه فخالفه. كان لا يلوم أحدا على ما قد يقع العذر في
مثله.
ص 509
كلام الحسن عليه السلام في وصف أبيه علي بن أبي طالب عليه السلام

رواه جماعة من
أعلام القوم في كتبهم: فمنهم العلامة صفي الدين أحمد بن فضل الشافعي الحضرمي المكي
المتوفى سنة 1047 في (وسيلة المآل) (ص 124) نسخة المكتبة الظاهرية بدمشق) قال: وعن
الحسن بن علي رضي الله عنهما وقد سئل عن علي بن أبي طالب كرم الله وجهه قال: كان
والله سهما صائبا في مرام الله على عدوه، ورباني هذه الأمة، وذا فضلها، وذا
سابقتها، وذا قرابتها من رسول الله صلى الله عليه وسلم، لم يكن بالنوم عن أمر الله،
ولا بالملومة في دين الله، ولا بالمسروقة لمال الله عز وجل، أعطى القرآن عزائمه
ففاز منهن برياض مونقة، ذاك علي بن أبي طالب كرم الله وجهه (أخرجه القلعي).
ص 510
ومن كلامه أيضا فيه

قد رواه جماعة من الأعلام: فمنهم العلامة أبو بكر أحمد بن مروان
بن محمد الدينوري المتوفى سنة 330 في كتابه (المجالسة وجواهر العلم) (ص 431 طبع
معهد العلوم العربية في فرانكفورت بالتصوير في سنة 1407) قال: حدثنا أحمد، نا أحمد
بن علي، نا إبراهيم بن شاو، نا نعيم بن مورع، نا هشام بن حسان، قال: بينا نحن عند
الحسن إذا جاء رجل فقال: ما تقول في علي بن أبي طالب؟ فقال الحسن: رحم الله عليا؟
أن عليا كان سهما صائبا في أعدائه، وكان في محلة العلم أشرفها وأقرنها من رسول الله
صلى الله عليه وسلم، وكان رهباني هذه الأمة، لم يكن لمال الله بالسروقة، ولا في
أمرا لله بالنومة، أعطى القرآن عزيمة علمه، فكان منه في رياض مونقة وأعلام بينة،
ذلك علي يا لكع.
ص 511
ومن كلامه أيضا في صفة أبيه عليهما السلام

رواه جماعة من الأعلام في كتبهم: فمنهم
علامة التاريخ صارم الدين إبراهيم بن محمد بن أيدمر بن دقماق المتولد سنة 750
والمتوفى سنة 809 في (الجوهر الثمين في سيرة الخلفاء والسلاطين) (ج 1 ص 64 ط عالم
الكتب في بيروت سنة 1405) قال: وسئل الحسن رضي الله عنه عن صفة أبيه، قال: كان رجلا
أسمر، ثقيل العينين عظيمهما، ذا بطن، أصلع، ربعة، إلى القصر، لا يخضب، وكان إذا ورد
عليه مال لم يبق منه شيئا.
ص 512
ومن كلامه عليه السلام في تقسيم الناس إلى أربعة أقسام

رواه جماعة من أعلام القوم
في كتبهم: فمنهم العلامة أبو القاسم علي بن الحسن الشافعي الدمشقي الشهير بابن
عساكر في (ترجمة الإمام الحسن عليه السلام من تاريخ دمشق) (ص 159) قال: أخبرنا
القاسم ابن السمرقندي، أنبأنا محمد بن علي بن الحسين بن سكينة، أنبأنا محمد بن فارس
بن محمد الغوري، أنبأنا محمد بن جعفر بن أحمد العسكري، أنبأنا عبد الله بن محمد
القرشي، أنبأنا يوسف بن موسى، أنبأنا أبو عثمان، عن سهل بن شعيب، عن قنان النهمي عن
جعيد بن همدان أن الحسن بن علي قال له: يا جعيد بن همدان إن الناس أربعة: فمنهم من
له خلاق وليس له خلق، ومنهم من له خلق وليس له خلاق، ومنهم من ليس له خلق ولا خلاق
- فذاك أشر الناس - ومنهم من له خلق وخلاق فذاك أفضل الناس. ومنهم العلامة جمال
الدين يوسف بن عبد الرحمن المزي الكلبي في (تهذيب الكمال) (ج 6 ص 235 ط بيروت) قال:
وقال أبو بكر بن أبي الدنيا، حدثنا يوسف بن موسى، قال حدثنا أبو عثمان، عن سهل بن
شعيب، عن قنان النهمي، عن جعيد بن همدان: أن الحسن بن علي قال له: يا
ص 513
جعيد - فذكر الحديث مثل ما تقدم عن الحافظ ابن عساكر بعينه. ومن كلامه عليه السلام
رواه جماعة من أعلام القوم في كتبهم: فمنهم العلامة الشيخ أبو عمر يوسف بن عبد الله
بن عبد البر النمري القرطبي المتوفى سنة 463 في كتابه (بهجة المجالس وأنس المجالس)
(ج 1 ص 484 ط مصر) قال: قال الحسن بن علي رضي الله عنهما: لو أن رجلا شتمني في أذني
هذه، واعتذر إلي في أذني هذه لقبلت عذره. وقال أيضا في ص 638: وسئل الحسن بن علي
رضي الله عنهما عن البخل؟ فقال: هو أن يرى الرجل ما ينفقه تلفا، وما أمسكه شرفا.
ص 514
ومن كلامه عليه السلام حين سأله معاوية عن الكرم والنجدة والمودة

قد تقدم نقله منا
عن بعض أعلام القوم في ج 11 ص 241، ونستدرك هيهنا عمن لم نرو عنهم هناك: فمنهم
العلامة أبو القاسم علي بن الحسن الدمشقي الشافعي الشهير بابن عساكر في (ترجمة
الإمام الحسن عليه السلام من تاريخ مدينة دمشق) (ص 165 ط بيروت) قال: أخبرنا أبو
القاسم علي بن إبراهيم، أنبأنا أبو الحسن رشاء بن نظيف، أنبأنا الحسن بن إسماعيل،
أنبأنا أحمد بن مروان، أنبأنا محمد بن موسى، أنبأنا محمد بن الحرث عن المدائني،
قال: قال معاوية للحسن بن علي بن أبي طالب: ما المروءة يا أبا أحمد؟ فقال: فقه
الرجل في دينه وإصلاح معيشته وحسن مخالقته. قال: فما النجدة؟ قال: الذب عن الجار،
والاقدام على الكريهة والصبر على النائبة. قال: فما الجود؟ قال: التبرع بالمعروف
والاعطاء قبل السؤال والاطعام في المحل. أخبرنا أبو نصر أحمد بن عبد الله بن رضوان،
أنبأنا أبو محمد الحسن بن علي، أنبأنا أبو عمر بن حيويه، أنبأنا محمد بن خلف بن
المرزبان، أنبأنا أحمد بن منصور - وليس بالرمادي - أنبأنا العتبي قال: سأل معاوية
الحسن بن علي عن الكرم والمروءة؟ فقال الحسن: أما الكرم فالتبرع بالمعروف والاعطاء
قبل السؤال، والاطعام في المحل. وأما المروءة فحفظ الرجل دينه وإحراز نفسه من
الدنس، وقيامه بضيفه وأداء الحقوق
ص 515
وإفشاء السلام. قال: وأنبأنا محمد بن خلف بن المرزبان، حدثني مسلم بن يزيد، أنبأنا
أبو الفضل الرياشي أنبأنا العتبي قال: سأل معاوية بن أبي سفيان الحسن بن علي بن أبي
طالب عن المروءة والكرم؟ فقال الحسن بن علي: أما الكرم فالتبرع بالمعروف والاعطاء
قبل السؤال والاطعام في المحل. وأما المروءة فحفظ الرجل دينه وإحراز نفسه من الدنس،
وقيامه بضيفه وأداء الحقوق وإفشاء السلام. أخبرنا أبو القاسم ابن السمرقندي، أنبأنا
أبو الحسين ابن النقور، وأبو منصور ابن العطار، قالا: أنبأنا أبو طاهر المخلص،
أنبأنا أبو محمد عبيد الله بن عبد الرحمن، أنبأنا أبو يعلى زكريا بن يحيى، أنبأنا
الأصمعي، أخبرني عيسى بن سليمان، قال: سأل معاوية الحسن بن علي عن الكرم والنجدة
والمروءة؟ فقال الحسن: الكرم: التبرع بالمعروف والعطاء قبل السؤال، وإطعام الطعام
في المحل. وأما النجدة: فالذب عن الجار، والصبر في المواطن والاقدام عند الكريهة.
أما المروءة: فحفظ الرجل دينه وإحراز نفسه من الدنس، وقيامه بضيفه وأداء الحقوق
وإفشاء السلام. ومنهم الحافظ جمال الدين أبو الحجاج يوسف المزي المتوفى سنة 742 في
(تهذيب الكمال) (ج 6 ص 242 ط مؤسسة الرسالة - بيروت) قال: وقال الأصمعي عن عيسى بن
سليمان سأل معاوية الحسن بن علي - فذكر مثل ما تقدم عن ابن عساكر. ومنهم العلامة
الشيخ أبو طاهر إسماعيل بن موسى الجيطالي النفوسي الخارجي الأباضي من علماء الخوارج
المتوفى في أوائل المائة الثامنة في كتابه (قناطر الخيرات) (ج 2 ص 426 طبع مطبعة
وزارة التراث القومي والثقافة في عمان) قال: إن معاوية سأله عن المروة والنجدة
والكرام، فقال: أما المروة فحفظ الرجل دينه.
ص 516
وحرزه نفسه، وحسن قيامه بصنيعه، وحسن المنازعة، والاقدام في الكراهية. وأما النجدة
فالذب عن الجار، والصبر في المواطن. وأما الكرم فالتبرع بالمعروف قبل السؤال،
والانعام في الجدب، والرأفة بالسائل مع بذل النائل. ومنهم العلامة صاحب كتاب (مختار
مناقب الأبرار) (ص 101 مصورة مكتبة جستربيتي بايرلندة) قال: سأله معاوية عن الكرم
والنجدة والمروة فقال عليه السلام: الكرم التبرع بالمعروف، والعطاء قبل السؤال،
وإطعام الطعام في المحل. وأما النجدة فالذب عن الجار، والصبر في المواطن، والاقدام
عند الكريهة. وأما المروة فحفظ الرجل دينه، وإحراز نفسه عن الدنس، وقيامه بضيفه،
وأداء الحقوق، وإفشاء السلام. ومنهم الحافظ الشيخ جلال الدين السيوطي المتوفى سنة
911 في (فاكهة الصيف وأنيس الضيف) (ص 54 ط مكتبة ابن سينا - القاهرة) قال: وقال
معاوية للحسن بن علي: ما المروءة يا أبا محمد؟ قال: فقه الرجل في دينه، وإصلاحه
معيشته. قال: فما النجدة؟ قال: الذب عن الجار، والصبر على النائبة، والإقدام على
الكراهية. قال: فما الجود؟ قال: التبرع بالموجود، والإعطاء قبل السؤال. ومن كلامه
عليه السلام رواه جماعة من أعلام العامة في كتبهم:
ص 517
فمنهم العلامة الحافظ الشيخ جلال الدين السيوطي في (مسند علي عليه السلام) (ج 1 ص
416 ط حيدر آباد) قال: عن الحسن بن علي رضي الله عنه: أنه سئل ما مكتوب على جناح
الجرادة؟ فقال: سألته أبي فقال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لي: على
جناح الجرادة مكتوب: (إني أنا الله لا إله إلا أنا رب الجرادة ورازقها، إذا شئت
بعثتها رزقا بقوم، وإن شئت على قوم بلاء) (طب وإسماعيل بن عبد الغافر الفارسي في
الأربعين). ومن كلامه عليه السلام رواه جماعة من الأعلام في كتبهم: فمنهم العلامة
أبو زكريا يحيى بن شرف الدين النووي الشافعي في كتابه) (التبيان في آداب حملة
القرآن) (ص 28 ط دار الكتب العلمية في بيروت) قال: وعن الحسن بن علي رضي الله عنه
قال: إن من كان قبلكم رأوا القرآن رسائل من ربهم فكانوا يتدبرونها بالليل
ويتفقدونها فبي النهار. ومن كلامه عليه السلام رواه جماعة من أعلام القوم في كتبهم:
فمنهم العلامة الشيخ جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد بن علي ابن
عبيد الله القرشي التيمي البكري البغدادي الحنبلي المشتهر بابن الجوزي المولود
ببغداد سنة 510 والمتوفى بها سنة 597 في كتابه (غريب الحديث) (ج 1 ص 295 ط دار
الكتب العلمية في بيروت سنة 1405) قال: ورأى الحسن رجلا يمشي مشية أنكرها فقال:
يخلج في مشيته خلجان المجنون.
ص 518
ومن كلامه عليه السلام

رواه جماعة من أعلام القوم في كتبهم: فمنهم العلامة الشيخ
شمس الدين محمد بن يوسف الزرندي في (بغية المرتاح إلى طلب الأرباح) (ص 87 والنسخة
مصورة من مخطوطة مكتبة لندن) قال: وسئل الحسن بن علي رضي الله عنهما عن الجواد من
هو؟ فقال: لو كانت الدنيا كلها له بحذافيرها فأنفقها في الحقوق لرأى على نفسه أن
عليه بعد ذلك حقوقا.
كلمات له عليه السلام

روى جماعة من أعلام القوم كلمات للإمام
الحسن عليه السلام ننقلها فيما يلي: فمنهم العلامة الشريف أحمد بن محمد بن الصديق
الحسني الغماري الشافعي في كتابه (فتح الوهاب بتخريج أحاديث الشهاب) (ج 2 ص 192 ط
بيروت 1408) قال: ورواه ابن صرصري في أماليه الحديثية من حديث الحسن بن علي عليهما
السلام بلفظ: الغل والحسد يأكلان الجسد كما تأكل النار الحطب. ومنهم العلامة الشيخ
نور الدين علي بن محمد بن سلطان المشتهر بالملا علي القري المتوفى 1014 في (الأسرار
المرفوعة والأخبار الموضوعة) (ص 157 ط دار الكتب العلمية - بيروت) قال: حديث:
(العار خير من النار). قاله الحسن بن علي رضي الله عنهما حين أذعن لمعاوية فقال له
أصحابه: يا عار المسلمين. فقال: العار خير من النار.
ص 519
ومنهم المحقق المعاصر محمد عبد القادر عطا في (تعليقاته على كتاب الغماز على اللماز
- للعلامة السمهودي) (ص 152 ط دار الكتب العلمية - بيروت) قال في تعليقه على حديث
(العار ولا النار): أورده السخاوي بلفظ (العار خير من النار)، وقال: قاله الحسن بن
علي بن أبي طالب حين قال له أصحابه لما أذعن لمعاوية خوفا من قتل من لعله يموت من
المسلمين بين الفريقين، بحيث انطبق ذلك مع قوله صلى الله عليه وسلم: (ابني هذا سيد،
وسيصلح الله به بين فئتين من المسلمين: يا عار المؤمنين). أخرجه ابن عبد البر في
الاستيعاب. وفي لفظ عنده أيضا: أنه قيل له: يا مذل المؤمنين، فقال: إني لم أذلهم،
ولكني كرهت أن أقتلهم في طلب الملك. وقال القاري: أما قول بعض العامة (النار ولا
العار) فهو من كلام الكفار، إلا أن يراد بها نار الدنيا. (انظر المقاصد الحسنة 673،
وكشف الخفاء 1696). ومنهم العلامة نور الدين أبو الحسن علي بن عبد الله بن أحمد
الحسني الشافعي السمهودي المصري المولود سنة 844 بسمهود والمتوفى سنة 911 بالمدينة
المشرفة في كتابه (الغماز على اللماز) (ص 152 ط دار الكتب العلمية - بيروت) قال:
170 - حديث (العار ولا النار). ليس بحديث، إن ما هو من كلام الحسن بن علي رضي الله
عنه حين اشتدت الفتنة بينه وبين معاوية، فقالوا له: يا عار المسلمين، فقال: العار
ولا النار.
ص 520
ومنهم الفاضل المعاصر السيد علي فكري ابن الدكتور محمد عبد الله يتصل بنسبه بالحسين
عليه السلام القاهري المصري المولود سنة 1296 والمتوفى سنة 1372 بالقاهرة في كتابه
(السمير المهذب) (ج 4 ص 186 ط دار الكتب العلمية في بيروت سنة 1399) قال: وقال
الحسن بن علي رضي الله عنه: المسئول حر حتى يعد، ومسترق بالوعد حتى ينجز، فأوف يا
بني بعهد الله إذا عاهدت، ولا تنقض الإيمان بعد توكيدها، واحذر الغدر بالعد، فإنه
دليل اللؤم، وبرهان الدناءة والسفالة. واعلم أن الوعد دين على الحر واجب أداؤه، فلا
تخلف وعدك، ولا تعد أحدا بما لا تقدر على وفائه، فإن من أخلف الوعد فقد عصى الله،
وخالف سنته في نظامه. ومنهم العلامة الشيخ يحيى بن شرف الدين النووي المتوفى سنة
676 في (متن الأربعين النووية) (ص 18 ط بيروت سنة 1983 الميلادي) قال: عن أبي محمد
الحسن بن علي بن أبي طالب سبط رسول الله صلى الله عليه وسلم وريحانته رضي الله
عنهما قال: حفظت من رسول الله (دع ما يريبك إلى ما لا يريبك) رواه الترمذي
والنسائي، وقال الترمذي: حديث حسن صحيح. ومنهم العلامة الخطاط ياقوت المستعصمي في
(رسالة آداب وحكم وأخبار وآثار وفقر وأشعار) (ص 45 ط دار المدنية - بيروت بضميمة
رسائل أخرى) قال: وقال الحسن بن علي عليهما السلام: من بدأ بالكلام قبل السلام فلا
يجيبوه.
ص 521
ومنهم العلامة الشيخ نور الدين علي بن محمد بن سلطان المشتهر بالملا علي القاري
المتوفى 1014 في (الأسرار المرفوعة على الأخبار الموضوعة) (ص 223 ط دار الكتب
العلمية - بيروت) قال: وقال الزركشي (من أهدي له هدية فجلساؤه شركاؤه فيها) رواه
الطبراني من حديث الحسن بن علي. ومنهم العلامة أحمد بن علي بن ثابت الأشعري الشافعي
البغدادي في (المتفق والمفترق) (ص 20 والنسخة مصورة من مكتبة جستربيتي في ايرلندة)
قال: وعبد الله بن الحارث الوحيدي العامري الكوفي، حدث عن بشر بن غالب، روى عنه
سفيان الثوري، أخبرني أبو يعلى أحمد بن عبد الواحد الوكيل، حدثنا أحمد بن الفرج بن
منصور الوراق، حدثنا أحمد بن محمد بن سعيد، حدثني إبراهيم بن الوليد ابن حماد
الكوفي، قال: هذا كتاب أبي فقرأت فيه، حدثنا عبد الله بن عقيل، حدثني أبي عقيل بن
عبد الله بن الحارث، قال: حدثني سفيان الثوري، قال حدثني أبوك عبد الله بن الحارث
أنه سمع بشر بن غالب الأسدي يقول: سألت الحسن بن علي عن جوائز العمال فقال: خذ
منهم، فما يأخذون من الحلال أكثر مما يأخذون من الحرام. ومنهم العلامة أبو القاسم
علي بن الحسن الشافعي الدمشقي الشهير بابن عساكر في (ترجمة الإمام الحسن عليه
السلام من تاريخ مدينة دمشق) (ص 167 ط بيروت) قال: أخبرنا أبو بكر ابن المرزقي،
أنبأنا أبو بكر الخطيب، أنبأنا أبو الحسن ابن رزقويه، أنبأنا أبو عمرو ابن السماك،
أنبأنا حنبل ابن إسحاق، أنبأنا أبو غسان، أنبأنا مسعود بن سعد، أنبأنا يونس بن عبد
الله بن أبي فروة، عن شرحبيل أبي سعد قال: دعا الحسن بن علي بنيه وبني أخيه فقال:
يا بني وبني أخي إنكم صغار قوم يوشك أن تكونوا كبار آخرين
ص 522
فتعلموا العلم، فمن لم يستطع منكم أن يرويه أو يحفظه فليكتبه وليضعه في بيته.
أخبرنا أبو المظفر ابن القشيري، أنبأنا أبو بكر البيهقي، أنبأنا أبو عبد الله
الحافظ، وأبو سعيد ابن أبي عمرو [ظ] قالا: أنبأنا أبو العباس محمد بن يعقوب، أنبأنا
عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثني أبي، أنبأنا مطلب بن زياد أبو محمد [قال] أنبأنا
محمد بن أبان، قال: قال الحسن بن علي لبنيه وبني أخيه: تعلموا العلم فإنكم صغار قوم
اليوم وتكونوا كبارهم غدا، فمن لم يحفظه منكم فليكتبه. ومنهم العلامة جمال الدين
يوسف بن عبد الرحمن المزي الكلبي في (تهذيب الكمال) (ج 6 ص 242 ط بيروت) قال: وقال
يونس بن عبد الله بن أبي فروة عن شرحبيل بن سعد: دعا الحسن بن علي - فذكر الحديث
مثل ما تقدم عن ابن عساكر بعينه، ثم قال: وقال مطلب بن زياد عن محمد بن أبان: قال
الحسن بن علي - فذكر نحو ذلك. ومنهم الفاضل المعاصر الدكتور محمد عجاج الخطيب
الأستاذ بكلية الشريعة في جامعة دمشق في (أصول الحديث) (ص 161 ط دار المعارف) قال:
وهذا الحسن بن علي رضي الله عنهما يقول لبنيه وبني أخيه: تعلموا - فذكر الحديث مثل
ما تقدم. ومنهم الفاضل المعاصر الشريف علي فكري ابن الدكتور محمد عبد الله الحسيني
القاهري في (أحسن القصص) (ج 4 ص 213 ط بيروت) قال: وكان رضي الله عنه يقول لبنيه
وبني أخيه: تعلموا العلم، فإن لم تستطيعوا حفظه فاكتبوه وضعوه في بيوتكم.
ص 523
ومنهم علامة التاريخ صارم الدين إبراهيم بن محمد بن أيدمر بن دقماق القاهري المتولد
سنة 750 والمتوفى سنة 809 في (الجوهر الثمين في سرية الخلفاء والسلاطين) (ج 1 ص 109
ط عالم الكتب في بيروت سنة 1405) قال: قال إبراهيم بن محمد بن عرفة النحوي، المعروف
بنفطويه: أخبرنا محمد بن محمد بن عيسى، قال حدثنا مسلم بن إبراهيم، قال حدثنا
القاسم بن الفضل، قال حدثنا يوسف بن مازن، قال: قال الحسن بن علي عليهما السلام:
أري رسول الله صلى الله عليه وسلم بني أمية رجلا رجلا، فساءه ذلك، فأنزل الله عز
وجل قوله تعالى: (إنا أنزلناه في ليلة القدر) إلى قوله تعالى: (ليلة القدر خير من
ألف شهر) (1: 3 القدر) يعني مدة دولة بني أمية. ومنهم علامة النحو والأدب أبو جعفر
أحمد بن محمد بن إسماعيل بن يونس المرادي النحاس الصفار المصري المتوفى سنة 338 في
كتاب (اعراب القرآن) (ج 5 ص 267 طبع بيروت) قال: روي عن الحسن بن علي بن أبي طالب
رضي الله عنهما أنه قال: هي ألف شهر وليت فيها بنو أمية. قال: وكان النبي صلى الله
عليه وسلم قد أريهم على المنابر فهاله ذلك فأحصيت ولا يتهم بعد ذلك فكانت كذلك.
ومنهم الحافظ الشيخ جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي المتوفى سنة 911 في
كتابه (مسند علي بن أبي طالب) (ج 1 ص 417 ط المطبعة العزيزية بحيدر آباد - الهند
قال): عن الحسن عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: من أتى كاهنا أو عرافا فصدقه
بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم (رسته).
ص 524
ومنهم العلامة الشيخ شمس الدين محمد بن علي بن طولون الدمشقي الصالحي المولود سنة
880 والمتوفى سنة 953 في كتابه (فص الخواتم فيما قيل في الولائم) (ص 73 ط دار
الفكر) قال: قال الحسن بن علي بن أبي طالب: الطعام أهون من أن يحلف عليه. ومنهم
الفاضل المعاصر الشريف علي بن الدكتور محمد عبد الله فكري الحسيني القاهري المولود
بها 1296 والمتوفى بها أيضا 1372 في كتاب (أحسن القصص) (ج 4 ص 212 ط دار الكتب
العلمية في بيروت) قال: ومن مواعظه رضي الله عنه أنه كان يقول: يا ابن آدم، عف عن
محارم الله تكن عابدا، وارض بما قسم الله لك تكن غنيا، وأحسن جوار من جاورك تكن
مسلما، وصاحب الناس بمثل ما تحب أن يصاحبوك بمثله تكن عادلا، إنه كان بين أيديكم
قوما يجمعون كثيرا، ويبنون مشيدا، يأملون بعيدا، أصبح جمعهم بورا، وعملهم غرورا،
ومساكنهم قبورا. يا ابن آدم، إنك لم تزل في هدم عمرك منذ سقطت من بطن أمك، فجد بما
في يدك لما بين يديك، فإن المؤمن يتزود، والكافي يتمتع. وكان يتلو هذه الآية بعد:
(وتزودوا فإن خير الزاد التقوى). ومنهم الفاضل المعاصر عمر سليمان الأشقر في كتابه
(عالم الجن والشياطين) (ص 128 ط دار الكتب العلمية - بيروت) قال: وذكر الحافظ أبو
موسى، عن الحسن بن علي قال: أنا ضامن لمن قرأ هذه العشرين الآية أن يعصمه الله
تعالى من كل شيطان ظالم، ومن كل شيطان مريد، ومن كل سبع ضار، ومن كل لص عاد: آية
الكرسي، وثلاث آيات من الأعراف (إن ربكم الله الذي
ص 525
خلق السماوات والأرض..) [الأعراف: 54 - 57]، وعشرا من الصافات [1 - 10]، وثلاث آيات
من الرحمن (يا معشر الجن والإنس..) [الرحمن: 33 - 34]، وخاتمه سورة الحشر: (لو
أنزلنا هذا [القرآن]) [الحشر: 21 - 24] ومنهم العلامة حميد بن زنجويه المتوفى سنة
251 في كتابه (الأموال) (ج 3 ص 1133 ط مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية)
قال: أخبرنا حميد، أنا محمد بن يوسف، أنا الأوزاعي، حدثني يحيى بن أبي كثير، قال:
جاء رجل إلى الحسن بن علي يسأله فقال: إن كنت تسأل في فقر مدقع، أو غرم موجع، أو دم
مفظع، فقد وجب حقك. قال: ما أسألك في شيء من هؤلاء. قال: فلا حق لك. فأتى ابن عمر
فسأله فقال له مثل ذلك. حدثنا حميد، ثنا علي بن الحسن، عن ابن المبارك، عن سفيان،
عن أبي إسحق، عن حبال بن رفيدة التميمي: أن الحسن بن علي أتاه سائل فقال: إن كنت
تسأل عن غرم مفظع، أو فقر مدقع، أو دم موجع فقد وجب حقك. ومنهم العلامة أبو القاسم
علي بن الحسن الدمشقي الشهير بابن عساكر في (ترجمة الإمام الحسن بن علي عليه السلام
من تاريخ مدينة دمشق) (ص 158 ط بيروت) قال: أخبرنا أبو بكر رستم بن إبراهيم بن أبي
بكر الطبري بطابران، أنبأنا أبو القاسم سهل بن إبراهيم بن أبي القاسم السبعي -
وأجازه لي سهل - أنبأنا الشيخ العارف أبو سعيد فضل الله ابن أبي الحسين، أنبأنا
الشيخ أبو علي زاهر بن أحمد السرخسي، أنبأنا أبو علي إسماعيل ابن محمد، أنبأنا محمد
بن يزيد المبرد، قال: قيل للحسن بن علي: إن أبا ذر يقول: الفقر أحب إلي من الغنى،
والسقم أحب إلي من الصحة. فقال: رحم الله أبا ذر، أما أنا فأقول: من اتكل [ظ] على
حسن اختيار الله له لم يتمن أنه في غير الحالة التي اختار الله تعالى له، وهذا حد
الوقوف على الرضا بما تصرف به القضاء.
ص 526
ومنهم العلامة حجة الإسلام أبو حامد محمد بن محمد الغزالي الطوسي في (روضة الطالبين
وعمدة السالكين) (ط ضمن مجموعة رسائله المطبوعة في دار الكتب العلمية ببيروت سنة
1406) قال: وقال بعضهم للحسن بن علي: إن أبا ذر يقول: الفقر أحب - فذكر الحديث مثل
ما تقدم عن ابن عساكر بعينه، وليس فيه: وهذا حد الوقوف - الخ.
ومن كلام له عليه
السلام

رواه جماعة من الأعلام في كتبهم: فمنهم علامة الأدب واللغة أبو الهلال الحسن
بن عبد الله العسكري كان حيا سنة 395 في كتابه (جمهرة الأمثال) (ج 1 ص 417 ط بيروت
1408) قال: قولهم (سفيه لم يجد مسافها) قيل: المثل للحسن بن علي رضي الله عنهما،
قاله لعمرو بن الزبير، وكان عمرو بن الزبير ذاهبا بنفسه، شامخا بأنفه. فكان إذا
شتمه إنسان أعرض عنه إعراض من لا يعبأ بالشتم، فشتم عمرو يوما الحسن بن علي رضي
الله عنهما، فقال: سفيه لم يجد مسافها ، وسكت، فقال عمر: لم سكت؟ قال: لما تسكت
له، يريد: أن المتناهي في الشرف ليس له من يسابه، وإنما يتساب النظراء، ومنه قول
الشاعر [وهو عبد الرحمن ابن حسان]: لا تسبنني فلست بسبي * إن سبي من الرجال الكريم
ص 527
فمنهم العلامة الشيخ محمد بن محمد بن عبد الله المدعو بابن الموقت المراكشي المالك
في (إظهار المحامد في التعريف بمولانا الوالد) (ص 48 المطبوع بهامش كتابه (تعطير
الأنفاس في التعريف بالشيخ أبي العباس) قال: وروى البيهقي في (سننه) عن الحسن بن
علي رضي الله عنهما قال: لا بأس أن يشتكي المريض إلى بعض أصدقائه مما هو فيه من
الأسى، كما أنه لا بأس أن يتحدث الثقة من إخوانه مما فعله من الخير، لقوله تعالى:
(وأما بنعمة ربك فحدث). ومنهم العلامتان الشريف عباس أحمد صقر وأحمد عبد الجواد
المدنيان في (جامع الأحاديث) (القسم الثاني ج 6 ص 420 ط دمشق) قالا: عن الحسن بن
علي رضي الله عنهما قال: من طلب الدنيا قعدت به، ومن زهد فيها لم يبال من أكلها،
الراغب فيها عبد لمن يملكها، أدنى ما فيها يكفي، وكلها لا تغني، من اعتدل يومه فيها
فهو مغرور، ومن كان يومه خيرا من غده فهو مغبون، ومن لم يتفقد النقصان عن نفسه فإنه
في نقصان، ومن كان في نقصان فالموت خير له (ابن النجار). ومنهم الفاضل المعاصر أحمد
عبد العليم البردوني في (المختار من كتاب عيون الأخبار - لابن قتيبة) (ص 60 ط دار
الثقافية والارشاد القومي - القاهرة) قال: قال معاوية: لا ينبغي أن يكون الهاشمي
غير جواد، ولا الأموي غير حليم، ولا الزبيري غير شجاع، ولا المخزومي غير تياه. فبلغ
ذلك الحسن بن علي فقال: قاتله الله أراد أن يجود بنو هاشم فينفذ ما بأيديهم، ويحلم
بنو أمية فيتحببوا إلى الناس، ويتشجع آل زبير فيفنوا، ويتيه بنو مخزوم فيبغضهم
الناس.
ص 528
ومنهم العلامة المؤرخ محمد بن مكرم المشتهر بابن منظور المتوفى 711 في (مختصر تاريخ
دمشق لابن عساكر) (ج 7 ص 33 ط دار الفكر) قال: قال معاوية يوما في مجلسه: إذا لم
يكن الهاشمي سخيا لم يشبه حسبه، وإذا لم يكن الزبيري شجاعا لم يشبه حسبه، وإذا لم
يكن المخزومي تائها لم يشبه حسبه، وإذا لم يكن الأموي حليما لم يشبه حسبه. فبلغ ذلك
الحسن بن علي فقال: والله ما أراد الحق، ولكنه أراد أن يغري بي هاشم بالسخاء فيفنوا
أموالهم ويحتاجوا إليه، ويغري آل الزبير بالشجاعة فيفنوا بالقتل، ويغري بني مخزوم
بالنية فيبغضهم الناس، ويغري بني أمية بالحلم فيحبهم الناس. ومنهم العلامة ابن
عساكر في (تاريخ دمشق ترجمة سيدنا الإمام الحسن بن علي عليهما السلام) (ص 165 ط
بيروت) قال: قال: وأنبأنا الأصمعي، أنبأنا عيسى بن سليمان عن أبيه قال: قال معاوية
يوما في مجلسه - فذكر مثل ما تقدم عن (مختصره) بعينه. ومنهم الحافظ جمال الدين أبو
الحجاج يوسف المزي المتوفى سنة 742 ط بيروت) قال: وقال [الأصمعي] أيضا عن عيسى بن
سليمان عن أبيه: قال معاوية - فذكر الحديث بعين ما تقدم عن (المختصر).
ص 529
ومنهم قائد الحنابلة أبو عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل الشيباني المتولد سنة 164
والمتوفى سنة 241 في (الزهد) (ص 214 ط دار الكتب العلمية في بيروت سنة 1403) قال:
حدثنا عبد الله، حدثنا حسن بن الصباح البزار، حدثنا الحارث بن عطية، عن مخلد ابن
الحسين، عن ابن جريج قال: كان الحسن بن علي لا يزال مصليا ما بين المغرب والعشاء،
فقيل له في ذلك فقال: إنها ناشئة الليل. ومنهم الفاضل المعاصر الشريف علي بن
الدكتور محمد عبد الله فكري الحسيني القاهري في (أحسن القصص) (ج 4 ص 212 ط دار
الكتب العلمية - بيروت) قال: لا أدب لمن لا عقل له، ولا مودة لمن لا همة له، ولا
حياء لمن لا دين له، ورأس العقل معاشرة الناس بالجميل، وبالعقل تدرك الداران (الدار
الدنيا والدار الآخرة) جميعا، ومن حرم العقل حرمهما جميعا. وقال رضي الله عنه: هلاك
الناس في ثلاث: في الكبر، والحرص، والحسد. فالكبر هلاك الدين وبه لعن إبليس، والحرص
عدو النفس وبه أخرج آدم من الجنة، والحسد رائد السوء ومنه قتل (قابيل هابيل). وقال
رضي الله عنه: دخلت على أبي علي بن أبي طالب رضي الله عنه وهو يجود بنفسه لما ضربه
(ابن ملجم) فجزعت لذلك، فقال لي أتجزع؟ فقلت: وكيف لا أجزع، وأنا أراك على هذه
الحالة؟ فقال: يا بني، احفظ عني خصالا أربعا إن أنت حفظتهن نلت بهن النجاة. يا بني:
لا غني أكثر من العقل، ولا فقر مثل الجهل، ولا وحشة أشد من العجب، ولا عيش ألذ من
حسن الخلق. واعلم أن مروءة القناعة والرضا أكبر من مروءة الاعطاء، وتمام الصنيعة
خير
ص 530
من ابتدائها. وقال رضي الله عنه: حسن السؤال نصف العلم، ومن بدأ بالكلام قبل السلام
فلا تجيبوه. وسئل عن الصمت فقال: هو ستر العي، وزين العرض، وفاعله في راحة، وجليسه
في أمن. ومنهم العلامة عبد الرزاق بن همان اليماني الصنعاني المولود في سنة 126 في
(المصنف في الأحاديث والآثار) (ج 1 ص 31) قال: حدثنا شريك، عن الركين، عن صفية
قالت: سألت الحسن بن علي عن الهر؟ فقال: هو من أهل البيت. ومنهم الفاضل المعاصر
أحمد عبد العليم البردوني في (المختار من كتاب عيون الأخبار - لابن قتيبة) (ص 236 ط
دار الثقافة والارشاد القومي - القاهرة) قال: قال الحسن بن علي: من أدام الاختلاف
إلى المسجد أصاب ثماني خصال: آية محكمة، وأخا مستفادا، وعلما مستطرفا، ورحمة
منتظرة، وكلمة تدل على هدى أو تردعه عن ردى، وترك الذنوب حياء أو خشية. ومنهم
العلامة ابن كرامة البيهقي الجشمي في (الرسالة في نصيحة العامة) (ص 67 نسخة
امبروزيانا بايطاليا) قال: ومن كلام الحسن بن علي [عليهما السلام]: من سمع واعيتنا
أهل البيت فلم يجبه كبه الله على منخريه في نار جهنم.
ص 531
ومنهم العلامة الشيخ جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد بن علي ابن
عبيد الله القرشي البكري البغدادي الحنبلي المشتهر بابن الجوزي المولود ببغداد سنة
510 والمتوفى بها سنة 597 في كتابه (غريب الحديث) (ج 2 ص 232 ط دار الكتب العلمية
في بيروت سنة 1405) قال: قال الحسن بن علي: (ول حارها من تولى قارها)، أي: ول
شديدها من تولى هينها. ومنهم الفاضل المعاصر الدكتور صلاح الدين المنجد في (الإسلام
والعقل على ضوء القرآن والحديث النبوي) (ص 53 ط دار الكتاب الجديد في بيروت) قال:
قال الحسن بن علي: لا يتم دين الرجل حتى يتم عقله. ومنهم الفاضل المعاصر الدكتور
محمد ماهر حمادة في (الوثائق السياسية والإدارية العائدة للعصر الأموي) (ص 86 ط
مؤسسة الرسالة - بيروت) قال: لما بلغ سليمان بن صرد تنازل الحسن لمعاوية - وكان
غائبا عن العراق وقت الصلح - دخل على الحسن، مع أفراد من الشيعة فقال: السلام عليك
يا مذل المؤمنين. فقال الحسن: وعليك السلام أجلس، لله أبوك. فجلس سليمان فقال: أما
بعد فإن تعجبنا لا ينقضي من بيعتك معاوية، ومعك مائة ألف مقاتل من أهل العراق،
وكلهم يأخذ العطاء مع مثلهم من أبنائهم ومواليهم سوى شيعتك من أهل البصرة وأهل
الحجاز، ثم لم تأخذ لنفسك بقية في العهد ولا حظا من القضية فلو كنت - إذ فعلت ما
فعلت وأعطاك ما أعطاك بينك وبينه من العهد والميثاق - كتب كتبت عليه بذلك كتابا
وأشهدت عليه شهودا من أهل المشرق والمغرب أن هذا الأمر لك من بعده، كان الأمر علينا
أيسر، ولكنه أعطاك هذا فرضيت به من قوله.
ص 532
ثم قال: وزعم على رؤوس الناس ما قد سمعت: إني كنت شرطت لقوم شروطا ووعدتهم عدات
ومنيتهم أماني إرادة إطفاء نار الحرب ومداراة لهذه الفتنة إذ جمع الله لنا كلمتنا
وألفتنا، فإن كل ما هنالك تحت قدمي هاتين. ووالله ما عني بذلك إلا نقض ما بينك
وبينه، فأعد الحرب جذعة وأذن لي أشخص إلى الكوفة فأخرج عامله منها وأظهر فيها خلعه
وأنبذ إليه على سواء، إن الله لا يهدي كيد الخائنين. ثم سكت، فتكلم كل من حضر مجلسه
بمثل مقالته، وكلهم يقول: ابعث سليمان ابن صرد وابعثنا معه، ثم ألحقنا إذا علمت أنا
قد أشخصنا عامله وأظهرنا خلعه. فتكلم الحسن فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: أما بعد
فإنكم شيعتنا وأهل مودتنا ومن نعرفه بالنصيحة والصحبة والاستقامة لنا، وقد فهمت ما
ذكرتم، ولو كنت بالحزم في أمر الدنيا وللدنيا أعمل وأنصب ما كان معاوية بأبأس مني
بأسا وأشد شكيمة، ولكان رأيي غير ما رأيتم، ولكني أشهد الله وإياكم فاتقوا الله
وارضوا بقضاء الله وسلموا الأمر لله، والزموا بيوتكم وكفوا أيديكم حتى يستريح بر أو
يستراح من فاجر، مع أن أبي كان يحدثني أن معاوية سيلي الأمر، فوالله لسرنا إليه
بالجبال والشجر ما شككت أنه سيظهر، إن الله لا معقب لحكمه ولا راد لقضائه. وأما
قولك (يا مذل المؤمنين) فوالله لئن تذلوا وتعافوا أحب إلي من أن تفروا وتقتلوا، فإن
رد الله علينا حقنا في عافية قبلنا وسألنا الله العون على أمره، وإن صرفه عنا رضينا
وسألنا الله أن يبارك في صرفه عنا، فليكن كل رجل منكم حلسا من أحلاس بيته ما دام
معاوية حيا، فإن يهلك ونحن وأنتم أحياء سألنا الله العزيمة على رشدنا والمعونة على
أمرنا وأن لا يكلنا إلى أنفسنا فإن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون. (الإمامة
والسياسة لابن قتيبة 1 ج 260 - 262).
ص 533
ومنهم الفاضل المعاصر السيد علي فكري ابن الدكتور محمد عبد الله يتصل نسبه بالحسين
عليه السلام القاهري المصري المولود سنة 1296 والمتوفى سنة 1372 بالقاهرة في كتابه
(السمير المهذب) (ج 2 ص 162 ط دار الكتب العلمية في بيروت سنة 1399) قال: خرج
معاوية سنة حاجا، فمر بالمدينة، ففرق على أهلها أموالا جزيلة، ولم يحضر الحسن بن
علي، فلما حضر، قال له معاوية: مرحبا، مرحبا برجل تركنا حتى نفد ما عندنا، وتعرض
لنا ببخلنا. فقال الحسن: كيف ينفد ما عندك، وخراج الدنيا يجبى إليك؟ فقال معاوية:
قد أمرت لك بمثل ما أمرت به لأهل المدينة، وأنا ابن هند. فقال الحسن: قد رددته
عليك، وأنا ابن فاطمة الزهراء. ومنهم العلامة الشيخ محمد الدياب الأقليدي المصري في
(إعلام الناس بما وقع للبرامكة مع بني العباس) (ص 11 ط المكتبة الوهبية) قال: وروي
أن معاوية خرج عاما حاجا - فذكر القصة مثل ما تقدم عن (السمير المهذب) بعينه. ومنهم
العلامة أبو القاسم علي بن الحسن الشافعي الشهير بابن عساكر الدمشقي في (ترجمة
الإمام الحسن من تاريخ مدينة دمشق) (ص 138 ط بيروت) قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن
شجاع اللفتواني، أنبأنا أبو عمرو ابن مندة، أنبأنا أبو محمد ابن يوه، أنبأنا أبو
الحسن اللنباني، أنبأنا أبو بكر ابن أبي الدنيا القرشي، قال: زعم داوود ابن رشيد،
أنبأنا أبو المليح، أنبأنا أبو هاشم الجعفي قال: فاخر يزيد بن معاوية الحسن ابن
علي، فقال معاوية ليزيد: فاخرت الحسن؟ قال: نعم. قال: لعلك تقول: إن أمك
ص 534
مثل أمه، وأمه فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولعلك تقول: إن جدك مثل
جده؟ وكان جده رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأما أبوك وأبوه فقد تحاكما إلى الله
جل وعز، فحكم أبيك على أبيه [كذا]. ومنهم العلامة صاحب كتاب (الأربعين عن الأربعين)
(ص 66 المخطوط) حكايت سوم: أنبأ السيد العالم الصفي أبو تراب المرتضى بن الداعي بن
القاسم الحسني رحمه الله، ثنا المفيد عبد الرحمن بن أحمد النيسابوري إملاء من لفظه،
أنبأ السيد أبو المعالي إسماعيل بن الحسن بن محمد الحسني النقيب بنيسابور قراءة
عليه وأبو بكر محمد بن عبد العزيز الحيري الكرامي قالا: أخبرنا الحاكم أبو عبد الله
محمد ابن عبد الله الحافظ إجازة، ثنا أبو بكر أحمد بن كامل بن خلف القاضي، ثنا علي
بن عبد الصمد لفظا، ثنا يحيى بن معين، ثنا أبو حفص الأبار، ثنا إسماعيل بن عبد
الرحمن وشريك عن إسماعيل بن أبي خلد، عن حبيب بن أبي ثابت قال: لما بويع معاوية خطب
وذكر عليا عليه السلاة والسلام فنال منه ونال من الحسن. فقام الحسين ليرد عليه،
فأخذ الحسن بيده وأجلسه، ثم قام الحسن عليه السلام وقال: أيها الذاكر عليا أنا
الحسن وأبي علي وأنت معاوية وأبوك صخر وأمي فاطمة وأمك هند وجدي رسول الله وجدك حرب
وجدتي خديجة وجدتك فتيكة، فلعن الله أخملنا ذكرا وألأمنا حسبا وشرنا قدما وأقدمنا
كفرا ونفاقا. فقال ئف أهل المسجد: آمين. وقال: فقال ابن معين: وأنا أقول: آمين. قال
ابن عبد الصمد: وأنا أقول: آمين. وقال لنا القاضي: وأنا أقول: آمين، فقولوا آمين.
وقال محمد بن عبد الحافظ: وأنا أقول: آمين. قال السيد والحيري: ونحن نقول: آمين
آمين آمين. وقال الشيخ المفيد عبد الرحمن: وأنا أقول: آمين آمين، فإن الملائكة
تقول: آمين. قال السيد الصفي: وأنا أقول: آمين اللهم آمين. قال ابن بابويه: وأنا
أقول: آمين ثم آمين ثم آمين ثم آمين.
ص 535
ومنهم العلامة شمس الدين أبو البركات محمد الباعوني الشافعي في كتاب (جواهر المطالب
في مناقب الإمام أبي الحسنين علي بن أبي طالب) (ص 121 والنسخة مصورة من المكتبة
الرضوية بخراسان) قال: لما قدم معاوية المدينة فصعد المنبر فخطب ونال من علي رضي
الله عنه، فقام الحسن فحمد الله وأثني عليه ثم قال: إن الله لم يبعث نبيا إلا وجعل
له عدوا من ذي حين، فأنا ابن علي وأنت ابن صخر، وأنا ابن فاطمة الزهراء بنت محمد
وأنت ابن هند آكلة الأكباد، وجدتك سلة وجدتي خديجة، فلعن الله الأمنا حسبا وأخملنا
ذكرا وأعظمنا كفرا وأشدنا نفاقا. فصاح أهل المسجد: آمين آمين. فقطع معاوية الخطبة
ونزل فدخل منزله. وقال أيضا: اجتمع عند معاوية عمرو بن العاص والوليد بن عقبة وعتبة
بن أبي سفيان والمغيرة ابن شعبة، فقالوا: يا أمير المؤمنين ابعث لنا إلى الحسن بن
علي. فقال: فيم ولم؟ قالوا: وكي نوبخه ونعرفه أن أباه قتل عثمان. فقال لهم معاوية:
إنكم لا تنصفون منه، إنه لا يقول شيئا إلا صدقه الناس، ولا تقولون شيئا إلا وكذبكم
الناس. قالوا: أرسل إليه فإنه يكفيك هو. فأرسل معاوية، فلما دخل حمد الله معاوية
وأثنى عليه ثم قال: يا حسن إني لم أرسل ولكن هؤلاء أرسلوا إليك، فاستمع مقالتهم
وأجبهم ولا يمنعكم من الجواب هيبتي. قال الحسن: أفلا آذيتموني حتى إني باعدادهم مني
(من ظ) بني هاشم وما استوحش لهم (منهم ظ)، إن وليي الله الذي نزل الكتاب وهو يتولى
الصالحين، فليتكلموا ونسمع. فقام عمرو بن العاص فحمد الله وأثني عليه ثم قال: هل
تعلم يا حسن أن أباك أول من أثار الفتنة وطلب الملك، فكيف رأيت صنع الله بك، أما
رأيت كيف سلبه وسلبك
ص 536
منك وتركك أحمق، فاعلم إنك وأباك من شر البرية. ثم قام الوليد بن عقبة بن أبي معيط
فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: يا بني هاشم كنتم أصهار عثمان، فنعم الصهر كان لكم
يقويكم ويفضلكم، ثم بعثتم عليه فقتلتموه، ولقد أردنا يا حسن قتلك وقتل أباك من
قبلك، فأقادنا الله منك، ولو قتلناك لما كان علينا من ذنب ولا إثم. ثم قام عتبة بن
أبي سفيان فقال: يا حسن هل تعلم أن أباك بغى على عثمان فقتله حسدا وبغيا، وطلب
الأمارة لنفسه فسلبه إياها، ولقد أردنا قتله فقتله الله. ثم قام الحسن عليه السلام
فحمد الله وأثنى عليه وصلى على النبي صلى الله عليه وسلم ثم قال: بك أبدأ يا
معاوية، فلم يشتمني هؤلاء بل أنت شتمتني بغضا وعداوة لمحمد صلى الله عليه وسلم. ثم
التفت إلى الناس فقال: أنشدكم الله هل تعلمون أن الرجل الذي شتمه هؤلاء كان أول من
آمن بالله، وصلى القبلتين وأنت يومئذ يا معاوية كافر ومشرك، وكان معه لواء محمد صلى
الله عليه وسلم يوم بدر ومع معاوية وأبيه لواء المشركين. قالوا: اللهم نعم. قال:
وأذكركم الله والاسلام هل تعلمون أن معاوية كان يكتب لرسول الله صلى الله عليه وسلم
الرسائل، فأرسل إليه يوما فقالوا: هو يأكل، فرد الرسول إليه ثلاث مرات كل ذلك يقول:
هو يأكل. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا أشبع الله بطنه، أتعرف ذلك في بطنك
إلى اليوم. فقالوا: اللهم نعم. قال: أذكركم الله والاسلام أتعلمون أن معاوية كان
يقود بأبيه على جمل وأخوه هذا يسوق به فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لعن الله
الجمل وراكبه وقائده، هذا لك. وأما أنت يا عمرو فإنه تنازع فيك خمسة من قريش فغلب
عليك شبه ألأمهم حسبا وشرهم منصبا وأعظمهم لعنة، وسئلت أمك عنك، فقال: كلهم يأتيني
فلا أعلم، ثم قمت وسط قريش فقلت: إني شانئ محمدا. فأنزل الله (إن شانئك هو الأبتر)
هجوت محمدا صلى الله عليه وسلم بثلاثين بيتا من الشعر، فقال رسول الله صلى الله
عليه
ص 537
وسلم: إني لا أحسن الشعر ولكن العن عمرو بن العاصي بكل بيت لعنة، ثم انطلقت إلى
النجاشي في جعفر وأصحابه بغيا عليهم وعداوة وظلما وبغضا، فردك الله خائبا ولم
يعاتبك فيه. وما أنت يا بن معيط فكيف ألومك على شتمك عليا وقد جلد ظهرك في الخمر
ثمانين سوطا، وقتل أباك صبرا بأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم: وقال لما قدمه
للقتل: من المصيبة؟ فقال: النار، فلم يكن لكم عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا
النار، ولم يكن لكم عند علي إلا السوط والسيف. وأما أنت يا عتبة بن أبي سفيان فكيف
تعد أحدا بالقتل، ألا قتلت الذي وجدته على فراشك مضاجعا لامرأتك ثم أمسكتها بعد إذ
بغت عليك، فكيف تعد أحدا بالقتل بعد ذلك. وما أنت يا أعور ثقيف ففي ثلاث تسب عليا،
أفي بعده من رسول الله صلى الله عليه وسلم، أم في حكم جائر، أم في رغبة دنيا، فإن
قلت شيئا من ذلك كذبك الناس وكذبت. وأما وعيدك إيانا فإن مثلك مثل بعوضة وقعت على
نخلة فقالت لها: استمسكي فإني أريد أطير، فقالت النخلة: والله ما علمت بقعودك فكيف
يشق علي طيرانك، وأنت فوالله ما شعرنا بعداوتك فكيك يشق علينا سبك. ثم نفض ثيابه
وقام، فقال لهم معاوية: خيبكم الله، ألم أقل لكم إنكم لا تتنصفون منه، والله لقد
أظلم علي البيت حتى قام، ولقد هممت به، قوموا فليس فيكم بعد اليوم من خير. ومنهم
العلامة الشيخ محمد الدياب الأقليدي المصري في (أعلام الناس بما وقع للبرامكة مع
بني العباس) (ص 11 ط المكتبة الوهبية) قال: عن الأجوبة الهاشمية وبلاغتها في المحل
الرفيع، فمن أجل ذلك أنه اجتمع عند معاوية - فذكر القصة مثل ما تقدم عن (جواهر
المطالب) بعينه مع اختلاف قليل في اللفظ.
ص 538
ومنهم الفاضل المعاصر محمد رضا أمين مكتبة جامعة فؤاد الأول سابقا في كتابه: (الحسن
والحسين سبطا رسول الله صلى الله عليه وسلم) (ص 33 ط دار الكتب العلمية - بيروت)
قال: روى الزبير بن بكار في كتاب المفاخرات قال: اجتمع عند معاوية، عمرو بن العاص،
والوليد بن عقبة بن أبي معيط، وعتبة بن أبي سفيان بن حرب، والمغيرة بن شعبة، وقد
كان بلغهم عن الحسن بن علي عليه السلام قوارص، وبلغه عنهم مثل ذلك. فقالوا: يا أمير
المؤمنين إن الحسن قد أحيا أباه وذكره، وقال فصدق، وأمر فأطيع وخفقت له النعال،
والله إن ذلك لرافعه إلى ما هو أعظم منه، ولا يزال يبلغنا عنها ما يسوءنا. قال
معاوية: فما تريدون؟ قالوا: ابعث إليه فليحضر لنسبه ونسب أباه ونعيره ونوبخه ونخبره
أن أباه قتل عثمان ونقرره بذلك ولا يستطيع أن يغير علينا شيئا من ذلك. قال معاوية:
إني لا أرى ذلك ولا أفعله. قالوا: عزمنا عليك يا أمير المؤمنين لتفعلن. فقال: ويحكم
لا تفعلوا فوالله ما رأيته قط جالسا عندي إلا خفت مقامه وعيبه لي. قالوا: ابعث إليه
على كل حال. قال: إن بعثت إليه لأنصفنه منكم. فقال عمرو بن العاص: أتخشى أن يأتي
باطله على حقنا، أو يربي قوله على قولنا؟ قال معاوية: أما إني إن بعثت إليه لآمرنه
أن يتكلم بلسانه كله. قال: مره بذلك. قال: أما إذا عصيتموني وبعثتم إليه وأبيتم إلا
ذلك فلا تمرضوا له في القوم واعلموا أنهم أهل بيت لا يعيبهم العائب ولا يلصق بهم
العار ولكن اقذفوه بحجر تقولون له إن أباك قتل عثمان وكره خلافة الخلفاء من قبله.
فبعث إليه معاوية، فجاءه رسوله، فقال: إن أمير المؤمنين يدعوك، قال: من عنده؟
فسماهم، فقال الحسن عليه السلام: ما لهم خر عليهم السقف من فوقهم وأتاهم العذاب من
حيث لا يشعرون، ثم قال: يا جارية، ابغيني ثيابي، اللهم إني أعوذ بك من شرورهم وأدرأ
بك من فجورهم وأستعين بك عليهم فاكفنيهم كيف شئت وأنى
ص 539
شئت بحول منك وقوة يا أرحم الراحمين. ثم قال: فلما دخل على معاوية أعظمه وأكرمه
وأجلسه إلى جانبه وقد ارتاد القوم وخطروا خطران الفحول بغيا في أنفسهم وعلوا. ثم
قال: يا أبا محمد، إن هؤلاء بعثوا إليك وعصوني. فقال الحسن عليه السلام: سبحان
الله، الدار دارك والإذن فيها إليك، والله إن كنت أجبتهم إلى ما أرادوا وما في
أنفسهم إني لأستحيي لك من الفحش، وإن كانوا غالبوك على أمرك إني لأستحيي لك من
الضعف، فأيهما تقر وأيهما تنكر؟ أما إني لو علمت بمكانهم لجئت معي بمثلهم من بني
عبد المطلب وما لي أن أكون مستوحشا منك ولا منهم، إن وليي الله وهو يتولى الصالحين.
فقال معاوية: يا هذا، إني كرهت أن أدعوك لكنه هؤلاء حملوني على ذلك مع كراهتي له
وإن لك منهم النصف ومني، وإنما دعوناك لنقررك أن عن عثمان قتل مظلوما وأن أباك
قتله. فاستمع منهم ثم أجبهم ولا تمنعك وحدتك واجتماعهم أن تتكلم بكل لسان. فتكلم
عمرو بن العاص، فحمد الله وصلى على رسوله ثم ذكر عليا عليه السلام فلم يترك شيئا
يعيبه به إلا قاله، وقال: إنه شتم أبا بكر وكره خلافته وامتنع من بيعته ثم بايعه
مكرها، وشارك في دم عمر وقتل عثمان ظلما وادعى من الخلافة ما ليس له، ثم ذكر الفتنة
يعيره بها وأضاف إليه مساوئ وقال: إنكم يا بني عبد المطلب لم يكن الله ليعطيكم
الملك على قتلكم الخلفاء واستحلالكم ما حرم الله من الدماء وحرصكم على الملك
وإتيانكم ما لا يحل. ثم إنك يا حسن تحدث نفسك أن الخلافة صائرة إليك وليس عندك عقل
ذلك ولا لبه. كيف ترى الله سبحانه سلبك عقلك وتركك أحمق قريش، يسخر منك ويهزأ بك
وذلك لسوء عملك، وإنما دعوناك لنسبك وأباك. فأما أبوك فقدت تفرد الله به وكفانا
أمره، وأما أنت فإنك في أيدينا نختار فيك الخصال ولو قتلناك ما كان علينا إثم من
الله ولا عيب من الناس، فهل تستطيع أن ترد علينا وتكذبنا؟ فإن كنت ترى أنا كذبنا في
شيء فاردد علينا فيما قلنا وإلا فاعلم أنك وأباك ظالمان. ثم تكلم الوليد بن عقبة بن
أبي معيط فقال:
ص 540
يا بني هاشم، إنكم كنت أخوال عثمان فنعم الولد كان لكم فعرف حقكم، وكنتم أصهاره
فنعم الصهر كان لكم يكرمكم فكنتم أول من حسده فقتله أبوك ظلما لا عذر له ولا حجة.
فكيف ترون الله طلب بدمه وأنزلكم منزلتكم، والله إن بني أمية خير من بني هاشم لبني
أمية، وإن معاوية خير لك من نفسك. ثم تكلم عتبة بن أبي سفيان فقال: يا حسن، كان
أبوك شر قريش لقريش لسفكه لدمائها وقطعه لأرحامها، طويل السيف واللسان، يقتل الحي
ويغيب الميت، وإنك ممن قتل عثمان ونحن قاتلوك به. وأما رجاؤك الخلافة فلست في زندها
قادحا ولا في ميراثها راجحا، وإنكم يا بني هاشم قتلتم عثمان وإن في الحق أن نقتلك
وأخاك به. فأما أبوك فقد كفانا الله أمره وأقاد منه، وأما أنت فوالله ما علينا - لو
قتلناك بعثمان - إثم ولا عدوان. ثم تكلم المغيرة بن شعبة فشتم عليا وقال: والله ما
أعيبه في قضية يخون ولا في حكم يميل ولكنه قتل عثمان. ثم سكتوا. ثم تكلم الحسن عليه
السلام فحمد الله وأثني عليه وصلى على رسوله صلى الله عليه وسلم ثم قال: (أما بعد
يا معاوية فما هؤلاء شتموني ولكنك شتمتني، فحشا ألفته وسوء رأي عرفت به، وخلقا سيئا
ثبت عليه، وبغيا علينا وعداوة منك لمحمد وأهله، ولكن اسمع يا معاوية واسمعوا
فلأقولن فيك وفيهم ما هو دون ما فيكم. أنشدكم الله أيها الرهط. أتعلمون أن الذي
شتمتموه منذ اليوم صلى القبلتين كليهما وأنت يا معاوية بهما كافر. تراها ضلالة
وتعبد اللات والعزى غواية؟ وأنشدكم الله هل تعملون أنه بايعه البيعتين كليهما، بيعة
الفتح وبيعة الرضوان. وأنت يا معاوية بإحداهما كافر وبالأخرى ناكث. وأنشدكم الله،
هل تعلمون أنه أول الناس إيمانا وأنك يا معاوية وأباك من المؤلفة قلوبهم، تسرون
الكفر وتظهرون الإسلام وتستمالون بالأموال. وأنشدكم الله ألستم تعلمون أنه كان صاحب
راية رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم بدر وأن راية
ص 541
المشركين كانت مع معاوية ومع أبيه ثم لقيكم يوم أحد ويوم الأحزاب ومعه راية رسول
الله صلى الله عليه وآله وسلم ومعك ومع أبيك راية الشرك، وفي كل ذلك يفتح الله له
ويفلج حجته وينصر دعوته ويصدق حديثه، ورسول الله صلى الله عليه وسلم في تلك المواطن
كلها عنه راض وعليكم وعلى أبيك ساخط، وأنشدك الله يا معاوية، أتذكر يوما جاء أبوك
على جمل أحمر وأنت تسوقه وأخوك عتبة هذا يقوده فرآكم رسول الله صلى الله عليه وسلم
فقال: اللهم العن الراكب والقائد والسائق. أتنسى يا معاوية الشعر الذي كتبته إلى
أبيك لما هم أن يسلم تنهاه عن ذلك: يا صخر لا تسلمن يوما فتفضحنا * بعد الذين ببدر
أصبحوا مزقا خالي وعمي وعم الأم ثالثهم * وحنظل الخير قد أهدى لنا الأرقا لا تركنن
إلى أمر تكلفنا * والراقصات به في مكة الخرقا فالموت أهون من قول العداة لقد * حاد
ابن حرب عن العزى إذا فرقا والله لما أخفيت من أمرك أكبر مما أبديت. وأنشدكم الله
أيها الرهط أتعلمون أن عليا حرم الشهوات على نفسه بين أصحاب رسول الله صلى الله
عليه وآل وسلم فأنزل فيه: (يا أيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم)
وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث أكابر أصحابه إلى بني قريظة فنزلوا من حصنهم
فهزموا فبعث عليا بالراية فاستنزلهم على حكم الله وحكم رسوله وفعل في خيبر مثلها.
ثم قال يا معاوية: أظنك لا تعلم إني أعلم ما دعا به عليك رسول الله صلى الله عليه
وسلم لما أراد أن يكتب كتاب إلى بني خزيمة فبعث إليك ونهمك إلى أن تموت. وأنتم أيها
الرهط نشدتكم الله، ألا تعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا سفيان في سبعة
مواطن لا تستطيعون ردها. أولها يوم كان رسول الله صلى الله عليه وسلم خارجا من مكة
إلى الطائف يدعو ثقيفا إلى الدين فوقع به وسبه وسفهه وشتمه وكذبه وتوعده وهم أن
يبطش به فلعنه الله ورسوله وصرف عنه. والثانية يوم العير إذ عرض لها رسول الله صلى
الله عليه وسلم وهي جائية من الشام فطردها أبو سفيان وساحل بها فلم يظفر بها
ص 542
المسلمون ولعنه رسول الله ودعا عليه فكانت وقعة بدر لأجلها. والثالثة يوم أحد حيث
وقف تحت الجبل ورسول الله صلى الله عليه وسلم في أعلاه وهو ينادي (أعل هبل) مرارا
فلعنه رسول الله صلى الله عليه وسلم عشر مرات ولعنه المسمون. والرابعة يوم جاء
بالأحزاب وغطفان واليهود فلعنه رسول الله وابتهل. والخامسة يوم جاء أبو سفيان في
قريش فصدوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المسجد الحرام والهدي معكوفا أن يبلغ
محله ذلك يوم الحديبية، فلعن صلى الله عليه وسلم أبا سفيان ولعن القادة والأتباع.
وقال: (ملعون كلهم وليس فيهم من يؤمن) فقيل: يا رسول الله أفما يرحب الإسلام لأحد
منهم، فكيف باللعنة؟ فقال: (لا تصيب اللعنة أحدا من الأتباع وأما القادة فلا يفلح
منهم أحد). والسادسة يوم الجمل الأحمر. والسابعة يوم وقفوا لرسول الله صلى الله
عليه وسلم في العقبة ليستنفروا ناقته وكانوا اثني عشر رجلا منهم أبو سفيان. فهذا لك
يا معاوية. وأما أنت يا ابن العاص فإن أمرك مشترك، وضعتك أمك مجهولا عن عهر وسفاح.
فتحاكم فيك أربعة من قريش فغلب عليك جزارها. ألأمهم حسبا وأخبثهم منصبا، ثم قام
أبوك فقال: أنا شانئ محمد الأبتر، فأنزل الله فيه ما أنزل. وقاتلت رسول الله صلى
الله عليه وسلم في جميع المشاهد وهجوته وآذيته بمكة وكدته كيدك كله، وكنت من أشد
الناس له تكذيبا وعداوة ثم خرجت تريد النجاشي مع أصحاب السفينة لتأتي بجعفر وأصحابه
إلى مكة. فلما أخطأك ما رجوت ورجعك الله خائبا وأكذبك واشيا، جعلت حدك على صاحبك
عمارة بن الوليد فوشيت به إلى النجاشي حسدا لما ارتكب من حليلة ففضحك الله وفضح
أصحابك فأنت عدو بني هاشم في الجاهلية والاسلام. ثم إنك تعلم وكل هؤلاء الرهط
يعلمون أنك هجوت رسول الله صلى الله عليه وسلم بسبعين بيت من الشعر. فقال رسول الله
صلى الله عليه وسلم (اللهم إني لا أقول الشعر ولا ينبغي لي، اللهم العنه بكل حرف
ألف لعنة). فعليك إذن من الله ما لا يحصى من اللعن. وأما ما ذكرت من أمر عثمان فأنت
سعرت عليه الدنيا نارا ثم لحقت بفلسطين. فلما أتاك
ص 543
قتله، قلت أنا أبو عبد الله إذا نكأت قرحة أدميتها. ثم حبست نفسك إلى معاوية وبعت
دينك بدنياه. فلسنا نلومك على بغض ولا نعاتبك على ود. وبالله ما نصرت عثمان حيا،
ولا غضبت له مقتولا. ويحك يا ابن العاص، ألست القائل في بني هاشم لما خرجت من مكة
إلى النجاشي: تقول ابنتي أين هذا الرحيل * وما السير مني بمستنكر فقلت ذريني فإني
امرؤ * أريد النجاشي في جعفر لأكويه عنده كية * أقيم بها نخوة الأصعر وشانئ أحمد من
بينهم * وأقوالهم فيه بالمنكر وأجر إلى عتبة جاهدا * ولو كان كالذهب الأحمر ولا
أنثني عن بني هاشم * وما استطعت في الغيب والمحضر فإن قبل العتب مني له * وإلا لويت
له مشفري وأما أنت يا وليد: فوالله ما ألومك على بغض علي وقد جلدك ثمانين في الخمر
وقتل أباك بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنت الذي سماه الله فاسق وسمى
عليا المؤمن حيث تفاخرتما فقتل له: اسكت يا علي فأنا أشجع منك جنانا وأطول لسانا.
فقال لك علي: اسكت يا وليد فأنا مؤمن وأنت فاسق. فأنزل الله تعالى في موافقته قوله:
(أفمن كان مؤمنا كمن كان فاسقا لا يستوون) ثم أنزل فيك على موافقته قوله أيضا (إن
جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا) ويحك يا وليد مهما نسيت قريش فلا تنس قول الشاعر فيك
وفيه: أنزل الله والكتاب عزيز * في علي وفي الوليد قرآنا فتبوأ الوليد إذ ذاك فسقا
وعلي مبوأ إيمانا ليس من كان مؤمنا - عمرك الله - كمن كان فاسقا خوانا سوف يدعى
الوليد بعد قليل * وعلي إلى الحساب عيانا فعلي يجزي بذلك جنانا * ووليد يجزي بذاك
هوانا
ص 544
رب جد لعقبة بن أبان * لا بس في بلادنا تبانا وما أنت وقريش، إنما أنت علج من أهل
صفورية وأقسم بالله لأنت أكبر في الميلاد ممن تدعى إليه. وأما أنت يا عتبة، فوالله
ما أنت بحصيف فأجيبك ولا عاقل فأحاورك وأعاتبك، وما عندي خير يرجى ولا شر يتقى، وما
عقلك وعقل أمتك إلا سواء، وما يضر عليا لو سببته على رؤوس الأشهاد. وأما وعيدك إياي
بالقتل، فهلا قتلت اللحياني إذ وجدته على فراشك؟ أما تستحي من قول نصر بن حجاج فيك:
يا للرجال وحادث الأزمان * ولسبة تخزي أبا سفيان نبئت عتبة خانه في عرسه * جنس لئيم
الأصل من لحيان وبعد هذا ما أربأ بنفسي عن ذكره لفحشه، فكيف يخاف أحد سيفك ولم تقتل
فاضحك، وكيف ألومك على بغض علي وقد قتل خالك الوليد مبارزة يوم بدر وشارك حمزة في
قتل جدك عتبة وأوحدك من أخيك حنظلة في مقام واحد. وأما أنت يا مغيرة، فلم تكن بخليق
أن تقع في هذا وشبهه، وإنما مثلك مثل البعوضة إذ قالت للنخلة: استمسكي فإني طائرة
عنك، فقالت النخلة: وهل علمت بك واقعة علي فأعلم بك طائرة عني، والله ما نشعر
بعداوتك إيانا ولا اغتممنا إذ علمنا بها، ولا يشق علينا كلامك، وإن حد الله في
الزنا لثابت عليك. ولقد درأ عمر عنك حقا، الله سائله عنه. ولقد سألت رسول الله صلى
الله عليه وسلم: هل ينظر الرجل إلى المرأة يريد أن يتزوجها؟ فأجابك: لا بأس بذلك يا
مغيرة ما لم ينو الزنا، لعلمه بأنك زان. وأما فخركم علينا بالإمارة فإن الله تعالى
يقول: (وإذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها ففسقوا فيها فحق عليها القول
فدمرناها تدميرا). ثم قام الحسن فنفض ثوبه فانصرف. فتعلق عمرو بن العاص بثوبه وقال:
يا أمير المؤمنين! قد شهدت قوله في، وقذفه أمي بالزنا، وأنا مطالب له بحد القذف
فقال. معاوية: خل عنه لا جزاك الله خيرا. فتركه. فقال معاوية: قد أنبأتكم أنه ممن
لا تطاق
ص 545
عارضته ونهيتكم أن تسبوه فعصيتموني. والله ما قام حتى أظلم علي البيت. قوموا عني
فلقد فضحكم الله وأخزاكم بترككم الحزم وعدولكم عن رأي الناصح المشفق، والله
المستعان ا ه. ثم قال الفاضل المذكور: هذه محاورة من أعجب ما قرأناه من المحاورات
انتصر فيها الحسن انتصارا مبينا على زعماء بني أمية فتركهم لا يدرون ما ذا يقولون،
تركهم باهتين حائرين مخذولين. وقد دل الحسن برده عليهم أنه خطيب مفوه لا يتلجلج ولا
يتلعثم ولا يخشى في الحق لومة لائم. ولا يرهب التهديد والوعيد. ولا يبالي بسطوة
الحاكم، بل إن رده عليهم بهذه القوة، أعظم برهان على حدة ذهنه وحضور بديهته وقوة
عارضته وشجاعته الفائقة. إن من يتكلم بهذا الكلام أمام معاوية، لا يرمى بالجبن
والكسل، وحب الدعة كما ادعت دائرة المعارف الإسلامية في ترجمة الحسن، ولا يقال عنه
إنه ترك الخلافة لمعاوية حبا في الدعة ولإقباله على الشهوات. تلك تهم اعتدنا أن
نقرأها في الصحف التي لوثتها جماعة من المستشرقين الذين دأبوا على الطعن في أبطال
المسلمين تشويها لفضائلهم وحطا من مقامهم في عيون من يعظمونهم ويحترمونهم. إن بني
أمية كانت تحقد على علي وأبنائه وقد أعماهم البغض فصاروا يسبونهم في كل مناسبة. فإن
أعوزتهم الظروف والمناسبات احتالوا عليها. اجتمع هؤلاء النفر عند معاوية، فأرادوا
أن يتفكهوا بالطعن على الحسن فاستحضروه ليسبوه ويهددوه مع أنه سالمهم وسلم الأمر
لمعاوية تجنبا لإراقة الدماء واعتكف بالمدينة تاركا لهم الأمر يفعلون ما يشاؤون.
ومع هذا لم يخلص من ألسنتهم ومعاكستهم. وكان عمرو بن العاص يحرض معاوية على التحكك
به، ومعاوية ينهاه، علما منه بقوة عارضة الحسن. فلما حضر، أخذ عمرو يعيب عليا رضي
الله عنه وصرح أنهم دعوه ليسبوه ويسبوا
ص 546
أباه. ثم تلكم الوليد وعتبة والمغيرة كل بدوره والحسن يسمع شتمهم وتهديدهم إياه
بالقتل وهو رابط الجأش مستجمع لحواسه. فلما أفرغوا ما في جعبتهم، دافع عن أبيه
فأجمع مناقبه، وذكر ما كان من إسلامه وحسن بلائه في سبيل نشر الدين وما كان من عداء
أبي سفيان ومعاوية للاسلام. وكان الحسن عالما بالتاريخ والوقائع، عارفا بسير
الرجال، حافظا للأشعار. ثم خاطب عمرو بن العاص وذكر نسبه ومسيره إلى الحبشة للايقاع
بجعفر والمسلمين المهاجرين ومحاربته لرسول الله. وقال للوليد إنه جلد في الخمر وإن
عليا هو الذي جلده وكان ذلك في خلافة عثمان الخ. قال ذلك كله بصراحة متناهية وجرأة
عجيبة، وقد استحقوا ما سمعوا منه فإن الشر لا يدفعه إلا الشر. فغضب معاوية عليهم
وأمرهم بالخروج وقد كان وكانوا في غنى عن ذلك كله. وشهد معاوية للحسن بأنه ممن لا
تطاق عارضته. ولا غرو في ذلك فإن جده رسول الله وأمه فاطمة الزهراء وأباه علي الذي
بهر الأعداء بشجاعته وفاق الفصحاء بفصاحته وبز الحكماء بحكمه.
ص 547
المنظوم من كلام الإمام الحسن عليه السلام

روى جماعة من أعلام أهل السنة جملة مما
نقل عن الإمام الحسن عليه السلام من المنظوم قالها في شتى المناسبات نذكرها هنا ما
وجدنا منها: فمنهم العلامة جمال الدين المعافى الشافعي الموصلي في (تفسير القرآن)
(ج 8 ص 161 والنسخة مصورة من مكتبة ايرلندة) قال: مضى أمسك الماضي شهيدا معدلا *
وخلفت في يوم عليك شهيد فإن كنت بالأمس اقترفت إساءة فثن بإحسان وأنت حميد ولا ترخ
فقد الخير يوما إلى غد * لعل غدا يأتي وأنت فقيد ومنهم أحمد بن محمد السلفي
الأصفهاني في (المشيخة البغدادية) (ص 117 والنسخة مصورة من مكتبة جستربيتي
بايرلنده) قال: لما توفي علي رضي الله عنه قال الحسن بن علي فيه: أزجر العين طال
فيها العناء * واصطبر إنما البلايا قضاء أنت تبكي على أبيك وتنسى * أن ما قد أصابه
لك داء أنت ميت كمثل ما مات لا شك وقد مات قبله الأنبياء
ص 548
ونقل الفاضل المعاصر أحمد قبش مدرس اللغة العربية في ثانويات دمشق في (جمع الحكم
والأمثال في الشعر العربي) (ص 369 ط دار العروبة) قال: الموت خير من ركوب العار *
والعار خير من دخول النار ونقل علامة التاريخ صارم الدين إبراهيم بن محمد بن أيدمر
بن دقماق المتولد سنة 750 والمتوفى سنة 809 في كتابه (الجوهر الثمين في يسرة
الخلفاء والسلاطين) (ج 1 ص 69 ط عالم الكتب بيروت سنة 1405) قال: ومن شعر الحسن -
رضي الله عنه (قوله: وما رست هذه الدهر خمسين حجة * وخمسا أرجى قابلا بعد قابل فلا
أنا في الدنيا بلغت جسيمها * ولا في الذي أهوى كدحت بطائل وقد أسرعت في المنايا
أكفها * وأيقنت أني رهن موت معاجل ونقل العلامة القاضي أبو بكر محمد بن الطيب بن
محمد بن جعفر بن القاسم المعروف بالباقلاني البصري المتوفى سنة 403 ببغداد في كتابه
(إعجاز القرآن) (ص 97 ط بيروت سنة 1408) قال: فلا الجود يفني المال والجد مقبل *
ولا البخل يبقي المال والجد مدبر ونقل العلامة الشريف أبو المعالي المرتضى محمد بن
علي الحسيني البغدادي في (عيون الأخبار في مناقب الأخيار) (ص 48 والنسخة مصورة من
مكتبة الواتيكان) قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن علي الصوري الحافظ، نبأ أبو
الحسن محمد بن العباس ابن عبد الملك، نبأ أبو الحسن محمد بن نافع بن إسحق الخزاعي،
نبأ أبو جعفر بن المؤمل العدوي، نبأ وريرة بن محمد الغساني، نبأ عبيد الله الخياط،
نبأ الحرمازي، نبأ
ص 549
محمد بن أزهر السعدي، قال: اجتمعت بطون قريش عند معاوية فتفاخروا والحسن ابن علي
رضي الله عنهما ساكت، فقال له معاوية: مالك لا تتكلم، فوالله ما أنت بمشوب الحسب
ولا بكليل اللسان. فقال الحسن رضي الله عنه: والله ما ذكروا من مكرمة مونقة ولا
فضيلة سابقة إلا ولي محضها ولبابها. ثم أنشأ يقول: فيم الكلام وقد سبقت مبرزا * سبق
الجواد من المدى المتباعد نحن الذين إذ القروم تخاطرت * صلنا على رغم العدو الحاسد
دانت لنا رغما بفضل قديمنا * مضر وقومنا طريق الجاحد ونقل العلامة علي بن الحسن
الشافعي الشهير بابن عساكر الدمشقي في (ترجمة الإمام الحسن بن علي من تاريخ مدينة
دمشق) (ص 146 ط بيروت) قال: [وبالسند المتقدم آنفا] قال الحسين بن محمد: وأنبأ محمد
بن سعد، أنبأنا علي بن محمد، عن أبي عبد الرحمن العجلاني، عن سعيد بن عبد الرحمن،
عن أبيه قال: تفاخر قوم من قريش بين يدي معاوية فذكر كل رجل منهم ما فيه، فقال
معاوية للحسن: يا أبا محمد ما يمنعك من القول؟ فما أنت بكليل اللسان. قال: ما ذكروا
مكرمة ولا فضيلة إلا ولي محضها ولبابها. ثم قال: فيم الكلام وقد سبقت مبرزا * سبق
الجياد من المدي المتنفس
ص 550
صبره عليه السلام 
قد تقدم نقله من الأعلام في كتبهم في ج 11 ص 161، ونستدرك هيهنا
عمن لم نرو عنهم هناك: فمنهم العلامة أبو القاسم علي بن الحسن الشافعي الشهير بابن
عساكر الدمشقي في (ترجمة الإمام الحسن عليه السلام من تاريخ مدينة دمشق) (ص 198 ط
بيروت) قال: أخبرنا أبو محمد عبد الكريم بن حمزة، أخبرنا أبو بكر الخطيب، أخبرنا
ابن الفضل وابن شاذان، قالا: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن عمرويه
الصفار، أخبرنا أبو بكر بن أبي خيثمة، أخبرنا موسى بن إسماعيل، أخبرنا القاسم بن
الفضل الحداني، عن يوسف بن مازن قال: عرض للحسن بن علي رجل فقال: يا مشوه وجوه
المسلمين. فقال: لا تعاذلني فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم أراهم كذا يلمون على
منبره رجلا فرجلا، فأنزل الله تعالى (إن أعطيناك الكوثر) نهر في الجنة (إنا أنزلناه
في ليلة القدر * ليلة القدر خير من ألف شهر) يملكون بعدي، يعني بني أمية. وفي
ترجمته ص 200 قال: أخبرنا أبو محمد، أخبرنا أبو بكر (حيلولة) وأخبرنا أبو القاسم بن
السمرقندي، أخبرنا أبو بكر بن الطبري، قالا: أخبرنا أبو الحسين بن الفضل، أخبرنا
عبد الله بن جعفر، أخبرنا يعقوب بن سفيان، أخبرنا العباس بن عبد العظيم، أخبرنا
أسود بن عامر (حيلولة) وأخبرنا أبو منصور بن ذريق، أخبرنا أبو بكر الخطيب، أخبرنا
إبراهيم بن