الصفحة السابقة الصفحة التالية

شرح إحقاق الحق (ج26)

فهرسة الكتاب

فهرس الكتب

 

ص 551

مخلد بن جعفر، أخبرنا محمد بن أحمد بن إبراهيم الحكيمي، أخبرنا عباس بن محمد، أخبرنا أسود بن عامر، أخبرنا زهير بن معاوية، أخبرنا أبو روق الهمداني، أخبرنا أبو الغريف [عبيد الله بن خليفة] قال: كنا مقدمة الحسن بن علي اثنى عشر ألفا بمسكن مستميتين تقطر أسيافنا [دما] من الجد على قتال أهل الشام، وعلينا أبو العمرطة، فلما جاءنا صلح الحسن بن علي كأننا كسرت ظهورنا من الغيظ، فلما قدم الحسن بن علي الكوفة قال له رجل منا يقال له أبو عامر سفيان بن ليلى. قال ابن الفضل: سفيان بن الليل السلام عليك يا مذل المؤمنين. قال: فقال: لا تقل ذاك يا أبا عامر، لست بمذل المؤمنين، ولكني كرهت أن أقتلكم على الملك. قال ابن عساكر: واللفظ لحديث الحكيمي. وقال أيضا في ص 203: أنبأنا أبو غالب شجاع بن فارس، حدثنا أبو طالب محمد بن علي الحربي العشاري، أخبرنا عبد الله بن محمد بن الحي تميمي وأبو عبد الله أحمد بن محمد بن درست (حيلولة) قال: وأخبرنا علي بن أحمد الملطي، أخبرنا أحمد بن محمد بن درست قالا: أخبرنا الحسين بن صفوان، أخبرنا ابن أبي الدنيا، أخبرنا عبد الرحمن بن صالح، أخبرنا محمد بن موسى، عن فضيل من مرزوق قال: أتى مالك بن ضمرة الحسن بن علي فقال: السلام عليك يا منسخم وجوه المؤمنين. قال: يا مالك لا تفعل ذلك، إني لما رأيت الناس تركوا ذلك إلى أهله خشيت أن تجتثوا عن وجه الأرض، فأردت أن يكون للدين في الأرض ناعي. فقال: بأبي أنت وأمي ذرية بعضها من بعض. وفي ترجمته ص 205 قال: وأخبرنا أبو الحسين محمد بن محمد، وأبو غالب أحمد وأبو عبد الله يحيى، ابنا الحسن قالوا: أنبأنا محمد بن أحمد بن محمد، أنبأنا محمد بن عبد الرحمن، أنبأنا أحمد

ص 552

ابن سليمان، أنبأنا الزبير بن أبي بكر، حدثني أحمد بن سليمان، عن أبي داوود الطيالسي، عن شعبة، عن يزيد بن خمير الشامي، عن عبد الرحمن بن جبير بن نفير الشامي، عن أبيه قال: قلت للحسن بن علي: إن الناس يزعمون أنك تريد الخلافة؟ قال: كانت جماجم العرب بيدي يسالمون من سالمت، ويحاربون من حاربت، فتركتها ابتغاء وجه الله تعالى ثم أثيرها باتياس الحجاز. وقال في ص 157: أخبرنا أبو الحسين ابن فراء، وأبو غالب وأبو عبد الله ابنا البناء، قالوا: أنبأنا أبو جعفر ابن المسلمة، أنبأنا أبو طاهر المخلص، أنبأنا أحمد بن سليمان، أنبأنا الزبير بن بكار، قال: وحدثني عمي قال: وروى ابن عون، عن عمير بن إسحق قال: قال [معاوية] ما تكلم عندي أحد كان أحب إلي إذا تكلم أن لا يسكت من الحسن بن علي، وما سمعت منه كلمة فحش قط إلا مرة فإنه كان بين الحسين بن علي وعمرو بن عثمان خصومة في أرض، فعرض الحسين أمرا لم يرضه عمرو، فقال الحسن: ليس له عندنا إلا ما رغم أنفه. قال: فهذه أشد كلمة فحش سمعتها منه قط. [قال ابن عساكر:] هذا منقطع [وقد ورد أيضا من غير انقطاع]: وقد أخبرناه أبو بكر محمد بن عبد الباقي: أنبأنا الحسن بن علي بم علي، أنبأنا محمد بن العباس، أنبأنا أحمد بن معروف، أنبأنا الحسين بن محمد، أنبأنا محمد بن سعد، أنبأنا إسماعيل بن إبراهيم الأسدي، عن ابن عون، عن عمير بن إسحاق،، قال: ما تلكم عندي أحد كان أحب إلي إذا تلكم أن لا يسكت من الحسن بن علي، وما سمعت منه كلمة فحش قط إلا مرة، فإنه كان بين الحسين بن علي وعمرو بن عثمان بن عفان خصومة في أرض فعرض حسين أمرا لم يرضه عمرو فقال الحسن: فليس له عندنا إلا ما رغم أنفه. قال: فهذا أشد كلمة فحش سمعتها منه قط. قال: وأنبأنا الفضل بن دكين، أنبأنا مسافر الجصاص عن رزيق بن سوار، قال: كان

ص 553

بين الحسن بن علي وبين مروان كلام فأقبل عليه مروان فجعل يغلظ له وحسن ساكت، فامتخط مروان بيمينه فقال له الحسن: ويحك، أما علمت أن اليمين للوجه والشمال للفرج؟ أف لك. فسكت مروان. وقال في ص 149: أنبأنا أبو غالب شجاع بن فارس، أنبأنا محمد بن علي الحربي، أنبأنا محمد بن عبد الله الدقاق وأحمد بن محمد العلاف [حيلولة] قال: وأنبأنا علي بن أحمد الملطي، أنبأنا أحمد بن محمد العلاف، قالا: أنبأنا الحسين بن صفوان، أنبأنا أبو بكر بن أبي الدنيا، حدثني محمد بن الحسين، أنبأنا عبيد الله بن محمد التميمي، أنبأنا عبيد الله بن عباس، عن شيخ من بني جمع، عن رجل من أهل الشام قال: قدمت المدينة فرأيت رجلا جهري كحالة، فقلت: من هذا؟ قالوا: الحسن بن علي. قال: فحسدت والله عليا أن يكون له ابن مثله. قال: فأتيته فقلت: أنت ابن أبي طالب؟ قال: إني ابنه. فقلت: بك وبأبيك وبك وأبيك. قال: وازم لا يرد إلي شيئا، ثم قال: أراك غريبا فلو استحملتنا حملناك، وإن استرفدتنا رفدناك، وإن استعنت بنا أعناك. قال: فانصرفت والله عنه وما في الأرض أحد أحب إلي منه. ومنهم العلامة أبو العباس محمد بن يزيد المعروف بالمبرد في (الكامل) (ج 1 ص 235) قال: وذكر ابن عائشة أن رجلا من أهل الشام قال: دخلت المدينة فرأيت رجلا راكبا على بغلة لم أر أحسن وجها ولا سمتا ولا ثوبا ولا دابة منه، فمال قلبي إليه، فسألت عنه فقيل لي: هذا الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهما، فامتلأ قلبي له بغضا - فذكر القصة باختلاف قليل في اللفظ.

ص 554

من عادته عليه السلام أنه كان يقرأ سورة الكهف إذا آوى إلى فراشه

قد تقدم نقله منا عن بعض الأعلام في ج 11 ص 114، ونستدرك هيهنا عمن لم نرو عنهم هناك: فمنهم العلامة أبو القاسم علي بن الحسن بابن عساكر الدمشقي الشافعي في (ترجمة الإمام الحسن من تاريخ مدينة دمشق) (ص 144 ط بيروت) قال: أخبرنا أبو القاسم زاهر بن طاهر، أنبأنا أبو بكر البيهقي، أنبأنا أبو نصر بن قتادة، أنبأنا أبو الحسن علي بن الفضل بن محمد بن عقيل، أنبأنا أبو شعيب الحراني، أنبأنا علي بن المديني، أنبأنا جرير بن عبد الحميد، عن المغيرة، عن أم موسى قالت: كان الحسن بن علي إذا آوى إلى فراشه بالليل أتى بلوح منقوش فيه سورة الكهف فيقرؤها. قالت: كان يطاف بذلك اللوح معه حيث طاف من نسائه.

ص 555

قرائة عليه السلام سورة إبراهيم في خطبة يوم الجمعة

رواه جماعة من أعلام العامة في كتبهم: فمنهم العلامة أبو القاسم علي بن الحسن الدمشقي الشافعي الشهير بابن عساكر في (ترجمة الإمام الحسن عليه السلام من تاريخ مدينة دمشق) (ص 155 ط بيروت) قال: أخبرنا أبو بكر الأنصاري، أنبأنا أبو محمد العدل، أنبأنا محمد بن العباس، أنبأنا أبو الحسن الخشاب، أنبأنا الحسين بن محمد، أنبأنا محمد بن سعد، أنبأنا الفضل بن دكين، أنبأنا شريك، عن عاصم، عن أبي رزين قال: خطبنا الحسن بن علي يوم الجمعة فقرأ [سورة] إبراهيم على المنبر حتى ختمها.

ص 556

أمره عليه السلام حين حضرة الوفاة بإخراج فراشه إلى الصحن

قد تقدم نقله منا عن أعلام القوم في ج 11 ص 173، ونستدرك هيهنا عمن لم نرو عنهم هناك: فمنهم العلامة أبو القاسم علي بن الحسن الشافعي الشهير بابن عساكر الدمشقي في (ترجمة الإمام الحسن عليه السلام من تاريخ مدينة دمشق) (ص 212 ط بيروت) قال: أنبأنا أبو علي الحداد، أنبأنا أبو نعيم الحافظ، أنبأنا سليمان بن أحمد، أنبأنا محمد بن عبد الله الحضرمي، أنبأنا عثمان بن أبي شيبه، أنبأنا أبو أسامة، عن سفيان بن عيينة، عن رقبة بن مصقلة قال: لما حضر الحسن بن علي قال أخرجوني إلى الصحراء لعلي أنظر في ملكوت السماء - يعني الآيات - فلما أخرج قال: اللهم إني أحتسب نفسي عندك فإنها أعز الأنفس علي. فكان مما صنع الله له أنه احتسب نفسه. [قال ابن عساكر:] كذا قال إلى الصحراء وهو تصحيف وإنما هو [إلى] الصحن. وأخبرنا [ه] أبو القاسم إسماعيل بن أحمد، أنبأنا أبو بكر محمد بن هبة الله، أنبأنا أبو الحسين بن بشران، أنبأنا أبو علي ابن صفوان، أنبأنا أبو بكر ابن أبي الدنيا، حدثني محمد بن عثمان العجلي، أنبأنا أبو أسامة، حدثني سفيان بن عيينة، عن رقبة بن مصقلة، قال: لما حضر الحسن بن علي قال: أخرجوا فراشي إلى الصحن حتى أنظر في

ص 557

ملكوت السماوات، فأخرجوه فراشه؟ فرفع رأسه فنظر فقال: اللهم إني أحتسب نفسي عندك فإنها أعز الأنفس علي. قال: فكان مما صنع الله له أن احتسب نفسه عنده. وأخبرناه أبو القاسم أيضا، أنبأنا أبو بكر. حيلولة: وأخبرنا أبو محمد بن طاووس، أنبأنا علي بن محمد بن الأخضر، قالا: أنبأنا أبو الحسين ابن بشران، أنبأنا أبو علي ابن صفوان، أنبأنا أبو بكر ابن أبي الدنيا، أنبأنا إسحاق بن إسماعيل، حدثني أحمد بن عبد الجبار، عن سفيان بن عيينة، عن رقبة بن مصقلة قال: لما احتضر الحسن - وقال: ابن طاووس لما نزل بالحسن بن علي الموت - قال: أخرجوا فراشي إلى صحن الدار. فأخرج فقال - زاد ابن السمرقندي قال: فرفع رأسه إلى السماء. ثم اتفقا فقالا: [قال:] - اللهم إني أحتسب نفسي عندك فإني لم أصب بمثلها - وفي حديث ابن السمرقندي: - فإنها أعز الأنفس علي. ومنهم العلامة الشيخ أحمد بن محمد بن أحمد الحافي (الخوافي) الحسيني الشافعي في (التبر المذاب) (ص 67) قال: فقال في بعض الأيام: أخرجوا فراشي إلى صحن الدار، فأخرج، فقال: اللهم إني أحتسب نفسي عندك، فإني لم أصب بمثلها، اللهم إني أستعديك على معاوية بن أبي سفيان، فإنه صفقة يمينه فبغا علي ونكث العهد والشرط، وقد دس إلي سما من غير [ما] جرم صدر مني، ولا أثم بلغه عني، إلا أن الدنيا فتحت له حرصا عليها ولهجا بها، فلم يستغن بما نال فيها عما لم يبلغه منها، ومن وراء ذلك فراق ما جمع ونقض ما أبرم، ولو اعتبر لمن مضى حفظ ما بقي. اللهم إنه ليس شيء أدعى إلى تغيير نعمة وتعجيل نقمة من إقامة على ظلم، وإنك اللهم سميع دعوة المظلومين، وأنت للظالمين بالمرصاد.

ص 558

ومنهم العلامة أبو الوليد إسماعيل بن محمد الإشبيلي في (مناقل الدرر ومناقب الزهر) (ص 64 مصورة مكتبة جستربيتي) قال: لما سقي الحسن رضي الله عنه السم، رمى كبده وتناثر شعره، وذهبت عيناه، فلما حضرته الوفاة قال: أخرجوني إلى صحن الدار حتى أنظر إلى ملكوت السماء، فلما أخرج استقبل القبلة وقال: يا رب خذ مني حتى ترضى، ولا تؤبخني بين يدي جدي غدا. ثم أغمي عليه فأفاق، وقد شخص بصره وهو يقول: فاز المتقون، وخسر الأركسون، وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون. ومنهم العلامة صارم الدين إبراهيم بن محمد بن أيدمر بن دقماق المتوفى سنة 809 في (الجوهر الثمين في سيرة الخلفاء والسلاطين) (ج 1 ص 68 ط عالم الكتب - بيروت) قال: قيل: لما احتضر الحسن - عليه السلام - قال: أخرجوني أنظر إلى ملكوت السماء. فلما خرج قال: اللهم إني أحتسب نفسي عندك، فإنها أعز الأنفس علي. وكان مما صنع الله له أنه احتسب نفسه. ومنهم العلامة جمال الدين يوسف بن عبد الرحمن الكلبي المزي في (تهذيب الكمال) (ج 6 ص 253 ط بيروت) قال: وقال سفيان بن عيينة: عن رقبة بن مصقلة - لما حضر الحسن بن علي – فذكر الحديث مثل ما تقدم عن كتاب (الجوهر الثمين).

ص 559

بكاؤه عليه السلام من هيبة لقاء الله تعالى

قد تقدم نقله منا عن أعلام القوم ج 11 ص 110، ونستدرك هيهنا عمن لم نرو عنهم هناك: فمنهم العلامة أبو القاسم علي بن الحسن الشافعي الشهير بابن عساكر الدمشقي في (ترجمة الإمام الحسن عليه السلام من تاريخ مدينة دمشق) (ص 214 ط بيروت) قال: أخبرنا أبو العز ابن كادش فيما قرأ علي إسناده وناولني إياه وقال: اروه عني، أنبأنا أبو علي محمد بن الحسين، أنبأنا أبو الفرج المعافي بن زكريا، أنبأنا محمد بن القاسم الأنباري، أنبأنا محمد بن علي المدائني، أنبأنا أبو الفضل الهاشمي الربعي، حدثني أحمد بن يعقوب، حدثني المفضل بن غسان بن المفضل أبي عبد الرحمن الغلابي، حدثني إبراهيم بن علي المطبخي قال: سمعت أبا عبد الرحمن بن عيسى بن مسلم الحنفي أخا سليم بن عيسى قارئ أهل الكوفة، قال: لما حضرت الحسن بن علي الوفاة كأنه جزع عند الموت فقال له الحسين كأنه يعزيه: يا أخي ما هذا الجزع؟ إنك ترد على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى علي وهما أبواك، وعلى خديجة وفاطمة وهما أماك، وعلى القاسم والطاهر وهما خالاك، وعلى حمزة وجعفر وهما عماك. فقال له الحسن: أي أخي إني أدخل في أمر من أمر الله لم أدخل في مثله، وأرى خلقا من خلق الله لم أر مثله قط. قال: فبكى الحسين.

ص 560

وفي ص 215 قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن إبراهيم، وأبو الحسن علي بن الحسن، قالا: أنبأنا أبو الحسين ابن أبي نصر، أنبأنا أبو بكر يوسف بن القاسم، أنبأنا أبو سعيد: أحمد بن محمد ابن الأعرابي بمكة في ذي الحجة سنة تسع وثلاثمائة. حيلولة: وأخبرنا أبو بكر وجيه بن طاهر، أنبأنا أبو صالح أحمد بن عبد الملك، أنبأنا علي بن محمد بن علي، وعبد الرحمن بن محمد بن أحمد، قالا: أنبأنا أبو العباس الأصم، قالا: سمعنا العباس بن محمد، يقول: سمعت يحيى بن معين، يقول: لما ثقل الحسن بن علي دخل عليه الحسين، فقال: يا أخي لأي شيء تجزع؟ تقدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى علي بن أبي طالب وهما أبواك، وعلى خديجة بنت خويلد وفاطمة بنت محمد وهما أماك، وعلى حمزة بن عبد المطلب وجعفر بن أبي طالب وهما عماك. قال: يا أخي أقدم على أمر لم أقدم على مثله. أخبرنا أبو القاسم إسماعيل بن أحمد، أنبأنا محمد بن هبة الله، أنبأنا أبو الحسين علي ابن محمد بن بشران، أنبأنا الحسين بن صفوان، أنبأنا أبو بكر ابن أبي الدنيا، حدثني يوسف بن موسى، حدثني مسلم بن أبي حية الرازي، حدثنا جعفر بن محمد، عن أبيه قال: لما أن حضر الحسن بن علي الموت بكى بكاءا شديدا، فقال هل الحسين: ما يبكيك يا أخي وإنما تقدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى علي وفاطمة وخديجة وهم ولدوك، وقد أجرى الله لك على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم أنك سيد شباب أهل الجنة. وقاسمت الله مالك ثلاث مرات، ومشيت إلى بيت الله على قدميك خمس عشرة مرة حاجا - وإنما أراد أن يطيب نفسه - قال: فوالله ما زاده إلا بكاءا وانتحابا، وقال: يا أخي إني أقدم على أمر عظيم مهول لم أقدم على مثله قط.

ص 561

ومنهم العلامة المؤرخ محمد بن مكرم المشتهر بابن منظور المتوفى 711 في (مختصر تاريخ دمشق) (ج 7 ص 40 ط دار الفكر بدمشق) فروى مثل ما تقدم عن ابن عساكر. ومنهم العلامة الحافظ يحيى بن معين في (تاريخه) (ج 6 ص 6) فروى الحديث مثل ما تقدم عن ابن عساكر.

ص 562

طعنه عليه السلام بخنجر وهو ساجد

قد تقدم نقل منا عن أعلام القوم في ج 11 ص 158، ونستدرك هيهنا عمن لم نرو عنهم هناك: فمنهم العلامة أبو القاسم علي بن الحسن الشافعي الشهير بابن عساكر الدمشقي في (ترجمة الإمام الحسن عليه السلام من تاريخ مدينة دمشق) (ص 173 ط بيروت) قال: أخبرنا أبو غالب ابن البناء، أنبأنا أبو الحسين ابن الآبنوسي، أنبأنا عبيد الله بن عثمان بن جنيقا الدقاق [ظ] أنبأنا إسماعيل بن علي، حدثني علي بن محمد بن خالد، أنبأنا سعيد ابن يحيى، حدثني عمي عبد الله، عن زياد بن عبد الله، عن عوانة بن الحكم، قال: بايع أهل العراق الحسن بن علي فسار حتى نزل المدائن وبعث قيس بن سعد بن عبادة الأنصاري على المقدمات [كذا] وهم اثنا عشر ألفا، وكانوا يسمون شرطة الخميس. قال: وأنبأنا الخطبي حدثني علي بن محمد، عن سعيد بن يحيى عن عمه عبد الله، عن زياد بن عبد الله، عن عوانة بن الحكم قال: بينا الحسن بالمدائن إذ نادى مناد في عسكر الحسن: ألا إن قيس بن سعد بن عبادة قد قتل: فانتهب الناس سرادق الحسن حتى نازعوه بساطا تحته ووثب على الحسن رجل من الخوارج من بني أسد فطعنه بالخنجر، ووثب الناس على الأسدي فقتلوه. ثم خرج الحسن حتى نزل القصر الأبيض بالمدائن.

ص 563

قال عوانة: ثم قام الحسن - فيما بلغني - في الناس فقال: يا أهل العراق إنه سخي بنفسي عنكم ثلاث: قتلكم أبي وطعنكم إياي وانتهابكم متاعي. وقال أيضا في ص 180: أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الباقي، أنبأنا أبو محمد الجوهري، أنبأنا محمد بن العباس، أنبأنا أحمد بن معروف، أنبأنا محمد بن سعد، أنبأنا هشام أبو الوليد [الطيالسي] أنبأنا أبو عوانة، عن حصين عن أبي جميلة [ميسرة بن يعقوب] أن الحسن بن علي لما استخلف حين قتل علي. فبينما هو يصلي إذ وثب عليه رجل فطعنه بخنجر، وزعم حصين أنه بلغه أن الذي طعنه رجل من بني أسد وحسن ساجد. قال حصين: - وعمي أدرك ذاك. قال: فيزعمون أن الطعنة وقعت في وركه فمرض منها أشهرا ثم برأ فقعد على المنبر فقال: يا أهل العراق اتقوا الله فينا فإنا أمراءكم وضيفانكم الذين قال الله عز وجل: (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) [الأحزاب: 33]. قال: فما زال يقول ذاك حتى ما رئي أحد من أهل المسجد إلا وهو يخن بكاءا. (1)

(هامش)

(1) قال الفاضل المعاصر محمد رضا أمين مكتبة جامعة فؤاد الأول سابقا في كتابه: (الحسن والحسين سبطا رسول الله صلى الله عليه وسلم) (ص 29 ط دار الكتب العلمية - بيروت) قال: تفرق أهل العراق عن الحسن رضي الله عنه ولم يستطع تأليف جيش منهم لمحاربة معاوية. فكتب إليه وذكر له شروطا. وقال له: إن أنت أعطيتني هذا، فأنا سامع مطيع وعليك أن تفي لي به، وقال لأخيه الحسين وعبد الله بن جعفر: إنني قد راسلت معاوية في الصلح. فقال له الحسين: أنشدك الله أن تصدق أحدوثة معاوية وتكذب أحدوثة أبيك! فقال له الحسن: اسكت أنا أعلم بالأمر منك. وكان رأي الحسين رضي الله عنه أن يحارب الحسن معاوية كما حاربه أبوه علي رضي الله عنه. لكن الحسن علم تفرق الأم عنه، وأنه لو حارب معاوية بجيش غير متحد وغير راغب = (*)

ص 564

(هامش)

= في القتال لما أحرز النصر فأراد أن يحقن دماء المسلمين ويصالح معاوية. فلما انتهى كتاب الحسن إلى معاوية، فرح فرحا شديدا، وأمسك الكتاب وكان قد أرسل عبد الله بن عامر وعبد الرحمن بن سمرة بن حبيب بن عبد شمس إلى الحسن وكتب إليه: أن اشترط في هذه الصحيفة التي ختمت أسفلها ما شئت فهو لك. فلما أتت الصحيفة إلى الحسن اشترط أضعاف الشروط التي سأل معاوية قبل ذلك وأمسكها عنده. فلما سلم الحسن الأمر إلى معاوية طلب أن يعطيه الشروط التي في الصحيفة التي ختم عليها معاوية فأبى. وقال: لقد أعطيتك ما كنت تطلب. فلما اصطلحا، قام الحسن في أهل العراق فقال: (إنه سخي بنفسي عنكم ثلاث: (أي الأسباب التي جعلتني أتخلى عنكم وأزهد فيكم وأسلم الأمر إلى معاوية) قتلكم أبي، وطعنكم إياي (وكان قد طعن)، وانتهابكم متاعي) يعني أنه قد فقد الثقة بهم. وكان الذي طلب الحسن من معاوية أن يعطيه ما في بيت مال الكوفة وقدره خمسة آلاف ألف أي خمسة ملايين درهم (15000 جنيه في السنة) وخراج دارابجرد من فارس (ولاية) وإن لا يشتم عليا. فلما يجبه إلى الكف عن شتم علي. فطلب أن لا يشتم وهو يسمع. فأجابه إلى ذلك ثم لم يف له به أيضا. أما خراج داربجرد، فإن أهل البصرة منعوا الحسن منه وقالوا هو فيئنا لا نعطيه أحدا، وكان منعهم بأمر معاوية أيضا. إلى أن قال في ص 43: اشترط الحسن على معاوية أن تكون له الخلافة بعده. وكان معاوية استعمل على الكوفة المغيرة بن شعبة، ثم هي أن يعزله ويولي سعيد بن العاص. فلما بلغ ذلك المغيرة، قدم الشام على معاوية فقال: (يا أمير المؤمنين قد علمت ما لقيت هذه الأمة من الفتنة والاختلاف وفي عنقك الموت. وأنا أخاف إن حدث بك حدث أن يقع الناس في مثل ما وقعوا فيه بعد قتل عثمان. فاجعل للناس بعدك علما يفزعون إليه. واجعل ذلك يزيد ابنك). قال ذلك المغيرة بعد أن علم أن مركزه مهدد وبعد أن بلغه أن معاوية يريد عزله. فأراد أن يتزلف إلى معاوية بترشيح ابنه يزيد للخلافة لأن ذلك يرضيه ويرضي يزيد. = (*)

ص 565

(هامش)

= ففكر معاوية في ذلك، ثم بدا له أن يأخذ برأي المغيرة. فلما اجتمعت وفود الأمصار بدمشق وفيهم الأحنف بن قيس، دعا معاوية الضحاك بن قيس الفهري فقال له: (إذا جلست على المنبر وفرغت من بعض موعظتي وكلامي، فاستأذني للقيام، فإذا أذنت لك، فاحمد الله تعالى واذكر يزيد وقل فيه الذي يحق له عليك من حسن الثناء عليه. ثم ادعني إلى توليته من بعدي، فإني رأيت وأجمعت على توليته. فأسأل الله في ذلك وفي غيره الخيرة وحسن القضاء) فمعاوية يملي إرادته على الضحاك. ثم دعا عبد الرحمن بن عثمان الثقفي وعبد الله بن مسعدة الفزاري وثور بن معن السلمي وعبد الله بن عصام الأشعري، فأمرهم أن يقوموا إذا فرغ الضحاك وأن يصدقوا قوله ويدعوه إلى يزيد. فلما جلس معاوية على المنبر وفرغ من بعض موعظته وهؤلاء النفر في المجلس قد قعدوا للكلام، قام الضحاك بن قيس، فاستأذن في الكلام فأذن له، فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: (أصلح الله أمير المؤمنين وأمتع به. إنا قد بلونا الجماعة والألفة، والاختلاف والفرقة، فوجدناها ألم لشعثنا وأمنة لسبلنا وحاقنة لدمائنا وعائدة علينا في عاجل ما نرجو به الجماعة من الألفة، ولا خير لنا أن نترك سدى والأيام عوج رواجع. والله يقول: (كل يوم هو في شأن) ولسنا ندري ما يختلف به العصران. وأنت يا أمير المؤمنين ميت كما مات من كان قبلك من أنبياء الله وخلفائه. نسأل الله تعالى بك المتاع. وقد رأينا من دعة يزيد ابن أمير المؤمنين وحسن مذهبه وقصد سيرته ويمن نقيبته، مع ما قسم الله له من المحبة في المسلمين والشبه بأمير المؤمنين في عقله وسياسته وشيمته المرضية ما دعانا إلى الرضا به في أمورنا والقنوع به في الولاية علينا. فليوله أمير المؤمنين (أكرمه الله - عهده. وليجعله لنا ملجأ ومفزعا بعده نأوي إليه إن كان كون. فإنه ليس أحد أحق بها منه. فاعزم على ذلك، عزم الله لك في رشدك، ووفقك في أمورنا). فالضحاك أطاع أمر معاوية ومدح يزيد وجعله كمعاوية. أما قوله: فإنه ليس أحد أحق بها منه، فهذا كذب صريح ونفاق واضح (* 1). = (*) (* 1) كان الضحاك على شرطه معاوية، وحارب في جيشه واستعمله على الكوفة بعد زياد سنة 53، ولما توفي معاوية صلى الضحاك عليه، وضبط البلد حتى قدم يزيد فكان مع يزيد وابنه معاوية إلى أن ماتا (*).

ص 566

(هامش)

= ثم قام عبد الرحمن بن عثمان الثقفي، فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: (أصلح الله أمير المؤمنين، إنا قد أصبحنا في زمان مختلفة أهواؤه، قد احدودبت علينا سيساؤه، واقطوطبت علينا أدواؤه، وأناخت علينا أنباؤه، نخن نشير عليك الرشاد، وندعوك إلى السداد، وأنت يا أمير المؤمنين أحسننا نظرا، وأثبتنا بصرا، ويزيد ابن أمير المؤمنين قد عرفنا سيرته، وبلونا علانيته ورضينا ولايته، وزادنا بذلك انبساطا وبه اغتباطا مع ما منحه الله من الشبه بأمير المؤمنين والمحبة في المسلمين. فاعزم على ذلك ولا تضق به ذرعا، فالله تعالى يقيم به الأود، ويردع به الألد، ويؤمن به السبل، ويجمع به الشمل، ويعظم به الأجر ويحسن به الذخر) ثم جلس. فقام ثور بن معن السلمي، فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: (أصلح الله أمير المؤمنين، إنا قد أصبحنا في زمان صاحبه شاغب، وظله ذاهب، مكتوب علينا فيه الشقاء والسعادة. وأنت يا أمير المؤمنين ميت نسأل الله بك المتاع. ويزيد ابن أمير المؤمنين أقدمنا شرفا وأبذلنا عرفا، وقد دعانا إلى الرضا به والقنوع بولايته والحرص عليه والاختيار له ما قد عرفنا من صدق لسانه ووفائه وحسن بلائه. فاجعله لنا بعدك خلفا، فإنه أوسعنا كنفا وأقدمنا سلفا. وهو رتق لما فتق، وزمام لما شعث، ونكال لمن فارق ونافق، وسلم لمن واظب وحافظ للحق. أسأل الله لأمير المؤمنين أفضل البقاء والسعادة والخير فيما أراد، والتوطن في البلاد وصلاح أمر جميع البلاد). ثم قام عبد الله بن عاصم، فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: (أصلح الله أمير المؤمنين وأمتع به، إنا قد أصبحنا في دنيا منقضية، وأهواء منجذمة نخاف حدها، وننتظر جدها، شديد منحدرها، كثير وعرها شامخة مراقيها، ثابتة مراتبها، صعبة مراكبها. فالموت يا أمير المؤمنين مسؤول وراءك وراء العباد، لا يخلد في الدنيا أحد، ولا يبقى لنا أمد. وأنت يا أمير المؤمنين مسؤول عن رعيتك، ومأخوذ بولايتك، وأنت نظر للجماعة، وأعلى عينا بحسن الرأي لأهل الطاعة، وقد هديت ليزيد في أكمل الأمور وأفضلها رأيا وأجمعها رضا. فاقطع بيزيد قالة الكلام، ونخوة المبطل، وشعث المنافق، وأكبت به الباذخ المعادي، فإن ذلك ألم للشعث وأسهل للوعث. فاعزم على ذلك ولا تترام بك الظنون = (*)

ص 567

(هامش)

= ثم قام عبد الله بن سعدة الفزاري، فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: (أصلح الله أمير المؤمنين وأمتع به، إن الله قد آثرك بخلافته، واختصك بكرامته، وجعلك عصمة لأوليائه، وذا نكاية لأعدائه، فأصبحت بأنعمه جذلا، ولما حملك محتملا، يكشف الله تعالى بك العمى، ويهدي بك العدا، ويزيد ابن أمير المؤمنين أحسن الناس برعيتك رأفة، وأحقهم بالخلافة بعدك، قد ساس الأمور، وأحكمته الدهور، ليس بالصغير الفهيه، ولا بالكبير السفيه، قد احتجن المكارم، وارتجي لحمل العظائم، وأشد الناس في العدا نكاية، وأحسنهم صنعا في الولاية. وأنت أغنى بأمرك، وأحفظ لوصيتك، وأحرز لنفسك. أسأل الله لأمير المؤمنين العافية في غير جهد والنعمة في غير تغيير). فقال معاوية: (أو كلكم قد أجمع على هذا رأيه؟ فقالوا: كلنا قد أجمع رأيه على ما ذكرنا. قال: فأين الأحنف؟ فأجابه. قال: ألا تتكلم؟). فقام الأحنف، فحمد الله وأثنى عليه ثم قال (* 1): (أصلح الله أمير المؤمنين، إن الناس قد أمسكوا في منكر زمان قد سلف، ومعروف زمان مؤتنف، ويزيد ابن أمير المؤمنين نعم الخلف، وقد حلبت الدهر أشطره يا أمير المؤمنين فاعرف من تسند إليه الأمر من بعدك، ثم اعص أمر من يأمرك، ولا يغررك من يشير عليك ولا ينظر لك، وأنت أنظر للجماعة، وأعلم باستقامة الطاعة مع أن أهل الحجاز أو أهل العراق لا يرضون بهذا، ولا يبايعون ليزيد ما كان الحسن حيا). فغضب الضحاك بن قيس فقام الثانية فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: (أصلح الله أمير المؤمنين، إن أهل النفاق من أهل العراق، مروءتهم في أنفسهم الشقاق، وألفتهم في دينهم الفراق، يرون الحق على أهوائهم كما ينظرون بأقفائهم، اختالوا جهلا وبطرا لا يرقبون من الله راقبه، ولا يخافون وبال عاقبة! اتخذوا إبليس لهم ربا، واتخذهم إبليس حزبا! فمن يقاربوه لا يسروه، ومن يفارقوه لا يضروه. فادفع رأيهم يا أمير المؤمنين = (*) (* 1) أدرك الأحنف النبي صلى الله عليه وسلم ولم يره، كان أحد الحكماء الدهاة العقلاء، وكان ممن اعتزل الحرب بين علي وعائشة رضي الله عنهما بالجمل، وشهد صفين مع علي. (*)

ص 568

(هامش)

= في نحورهم وكلامهم في صدورهم! ما للحسن وذوي الحسن في سلطان الله الذي استخلف به معاوية في أرضه، هيهات، لا تورث الخلافة عن كلالة، ولا يحجب غير الذكر العصبة. فوطنوا أنفسكم يا أهل العراق على المناصحة لإمامكم وكاتب نبيكم وصهره، يسلم لكم العاجل وترجوا من الآجل). ثم قام الأحنف بن قيس فحمد الله وأثنى عليه وقال: (يا أمير المؤمنين. إنا قد فررنا عنك قريشا فوجدناك أكرمها زندا وأشدها عقدا وأوفاها عهدا. وقد علمت أنك لم تفتح العراق ولم تظهر عليها قعصا. ولكنك أعطيت الحسن بن علي من عهود الله ما قد علمت ليكون له الأمر من بعدك. فإن تف، فأنت أهل الوفاء، وإن تغدر تعلم والله إن وراء الحسن خيولا وجيادا وأذرعا شددا وسيوفا حدادا. إن تدن له شبرا من غدر، تجد وراءه باعا من نصر. وإنك تعلم أن أهل العراق ما أحبوك منذ أبغضوك ولا أبغضوا عليا وحسنا منذ أحبوهما، وما نزل عليهم في ذلك خبر من السماء. وإن السيوف التي شهروها عليك مع علي يوم صفين لعلى عواتقهم. والقلوب التي أبغضوك بها لبين جوانحهم. وأيم الله إن الحسن لأحب إلى أهل العراق من علي). ثم قام عبد الله بن عثمان الثقفي فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: (أصلح الله أمير المؤمنين. إن رأي الناس مختلف. وكثير منهم منحرف لا يدعون أحدا إلى رشاد. ولا يجيبون داعيا إلى سداد. مجانبون لرأي الخلفاء. مخالفون لهم في السنة والقضاء. وقد وقفت ليزيد في أحسن القضية وأرضاها لحمل الرعية. فإذا خار الله لك فاعزم ثم اقطع قالة الكلام. فإن يزيد أعظمنا حلما وعلما. وأوسعنا كنفا. وخيرنا سلفا. قد أحكمته التجارب وقصدت به سبل المذاهب. فلا يصرفنك عن بعته صارف. ولا يقفن بك دونها واقف ممن هو شاسع عاص ينوص للفتنة كل مناص. لسانه ملتو وفي صدره داء دوي. إن قال فشر قائل. وإن سكت فداء غائل. قد عرفت منهم أولئك وما هم عليه لك من المجانبة للتوفيق والكلف للتفريق. فأجل ببيعته عنا الغمة واجمع به شمل الأمة. فلا تحد عنه إذا هديت له ولا تنبش عنه إذا وقفت له. فإن ذلك الرأي لنا. ولك الحق علينا وعليك أسأل الله العون وحسن العاقبة لنا ولك بمنه). فقام معاوية فقال: أيها الناس إن لإبليس من الناس إخوانا وخلانا: بهم يستعدي وإياهم يستعين، وعلى = (*)

ص 569

(هامش)

= ألسنتهم ينطق. إن رجوا طبعا أو جفوا. وإن استغني عنهم أرجفوا. ثم يلحقون الفتن بالفجور ويشققون لها حطب النفاق. عيابون مرتابون إن لووا عروة أمر حنقوا. وإن دعوا إلى غي أسرفوا. وليسوا أولئك بمنتهين ولا بمقلعين ولا متعظين حتى تصيبهم صواعق خزي وبيل، وتحل بهم قوارع أمر جليل. تجتث أصولهم كاجتثاث أصول الفقع، فأولى لأولئك ثم أولى، فإنا قد قدمنا وأنذرنا إن أغنى التقدم شيئا أو نفع النذر). فدعا معاوية الضحاك فولاه الكوفة - وترك المغيرة. ودعا عبد الرحمن فولاه الجزيرة. ثم قام أبو حنيف فقال: (يا أمير المؤمنين: إنا لا نطيق ألسنة مضر وخطبها. أنت يا أمير المؤمنين فإن هلكت فيزيد بعدك. فمن أبى فهذا. وسل سيفه. فقال معاوية: أنت أخطب القوم وأكرمهم). ثم قام الأحنف بن قيس فقال: (أنت أعلمنا بليله ونهاره، وسره وعلانيته. فإن كنت تعلم أنه شر لك فلا تزوده الدنيا وأنت صائر إلى الآخرة. فإنه ليس لك من الآخرة إلا ما طاب. واعلم أنه لا حجة لك عند الله إن قدمت يزيد على الحسن والحسين وأنت تعلم منهما وإلى ماهما. وإنما علينا أن نقول سمعنا وأطعنا ربنا وإليك المصير). هذا ما دبره معاوية ليولي ابنه يزيد الخلافة بعده، وفي ذلك نقض لما شرطه عليه الحسن. وقد سمع معاوية الخطباء الذين تكلموا فمدحوا يزيد وأثنوا عليه ثناء عاطرا وطلبوا توليته لاستحقاقه. وقد أجمعوا على ذلك بناء على إيعاز سابق، ولم يخالفهم غير الأحنف بن قيس، وكان كما ذكرنا في الهامش من دهاة العرب وعقلائهم. فإنه دعا معاوية إلى الوفاء للحسن وصرح له أن وراء الحسن خيولا وجيادا وأذرعا شدادا وسيوفا حدادا. أي أن له شيعة قوية تسنده وتحارب من أجله. وفي هذا تهديد ووعيد. لم يرد عليه معاوية حين قال له: واعلم أنه لا حجة لك عند الله إن قدمت يزيد على الحسن والحسين وأنت تعلم من هما. لم يرد عليه لأنه لم يشأ إثارة هذا الموضوع في مجتمع حافل فيه من يقدر عليا وأولاده ومن يفضل الحسن على يزيد. فأعرض معاوية عن ذكر البيعة حتى قدم المدينة سنة 50 فتلقاه الناس، فلما استقر في منزله أرسل إلى عبد الله بن عباس وعبد الله بن جعفر بن أبي طالب وإلى عبد الله بن عمر وإلى عبد الله بن الزبير وأمر حاجبه أن لا يأذن لأحد من الناس حتى يخرج هؤلاء النفر. فلما جلسوا تكلم معاوية فقال: = (*)

ص 570

(هامش)

= (الحمد لله الذي أمرنا بحمده ووعدنا عليه ثوابه. نحمده كثيرا كما أنعم علينا كثيرا. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله. أما بعد: فإني قد كبر سني ووهن عظمي وقرب أجلي وأوشكت أن أدعى فأجيب. وقد رأيت أن أستخلف عليكم بعدي يزيد، ورأيته لكم رضا وأنتم عبادلة قريش وخيارها، وأبناء خيارها، لو يمنعني أن أحضر حسنا وحسينا إلا أنهما أولاد أبيهما، على حسن رأيي فيهما وشديد محبتي لهما. فردوا على أمير المؤمنين خيرا رحمكم الله). رد عبد الله بن عباس على معاوية فتكلم عبد الله بن عباس فقال: (الحمد لله الذي ألهمنا أن نحمده، واستوجب علينا الشكر على آلائه وحسن بلائه. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله صلى الله على محمد وآل محمد. أما بعد فإنك قد تكلمت فأنصتنا وقلت فسمعنا. وإن الله جل ثناءه وتقدست أسماؤه اختار محمد صلى الله عليه وسلم لرسالته واختاره لوحيه وشرفه على خلقه. فأشرف الناس من تشرف به وأولاهم بالأمر أخصهم به. وإنما على الأمة التسليم لنبيها إذا اختاره الله لها. فإنه إنما اختار محمدا بعلمه وهو العليم الخبير والله لي ولكم). أشار ابن عباس إلى أن أقارب النبي هم أولى بالأمر ولم يخص الحسن والحسين. رد عبد الله بن جعفر (الحمد لله أهل الحمد ومنتهاه نحمده على إلهامنا حمده نرغب إليه في تأدية حقه. وأشهد أن لا إله إلا هو واحدا صمدا. لم يتخذ صاحبة ولا ولدا. وأن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم. أما بعد فإن هذا الخلافة إن أخذ فيها بالقرآن فأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله. وإن أخذ فيها بسنة رسول الله فأولوا رسول الله. وإن أخذ فيها سنة الشيخين أبي بكر وعمر فأي الناس أفضل وأكمل وأحق بهذا الأمر من آل الرسول. وأيم الله لو ولوه بعد نبيهم لوضعوا الأمر موضعه لحقه وصدقه ولأطيع الرحمن وعصي الشيطان. وما اختلف في الأمة سيفان. فاتق الله يا معاوية فإنك قد صرت راعيا ونحن رعية. فانظر لرعيتك فإنك مسؤول عنها غدا. وأما ما ذكرت من ابني عمي وتركك أن تحضرهما، فوالله ما أصبت = (*)

ص 571

(هامش)

= الحق ولا يجوز لك ذلك إلا بهما وإنك لتعلم أنهما معدن العلم والكرم. فقل أو دع. واستغفر الله لي ولكم). صرح عبد الله بن جعفر أن أولي الأرحام أولى، وبعبارة أخرى أولي رسول الله وقال إنه كان ينبغي لمعاوية أن يستدعي الحسن والحسين. رد عبد الله بن الزبير (الحمد لله الذي عرفنا دينه وأكرمنا برسوله، وأحمده على ما أبلى وأولى وأشهد أن لا إله إلا الله وأن محمد عبده ورسوله. أما بعد: فإن هذه الخلافة لقريش خاصة تتناولها بمآثرها السنية. وأفعالها المرضية مع شرف الآباء وكرم الأبناء. فاتق الله يا معاوية وأنصف من نفسك فإن هذا عبد الله بن عباس ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم وهذا عبد الله بن جعفر ذو الجناحين ابن عم رسول الله وأنا عبد الله بن الزبير ابن عمة رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلي خلف حسنا وحسينا، وأنت تعلم من هما وما هما. فاتق الله يا معاوية وأنت الحاكم بيننا وبين نفسك). رد عبد الله بن عمر (الحمد لله الذي أكرمنا بدينه وشرفنا بنبيه صلى الله عليه وسلم. أما بعد: فإن هذه الخلافة ليست بهر قلية ولا قيصرية ولا كسراوية يتوارثها الأبناء عن الآباء. ولو كان كذلك، كنت القائم بهذا بعد أبي. فوالله ما أدخلني مع الستة من أصحاب الشورى إلا على أن الخلافة ليست شرطا مشروطا وإنما هي في قريش خاصة لمن كان لها أهلا ممن ارتضاه المسلمون لأنفسهم من كان أتقى وأرضى فإن كنت تريد الفتيان من قريش، فلعمري إن يزيد من فتيانها واعلم أنه لا يغني عنك من الله شيئا). تعقيب معاوية على كلام العبادلة (قد قلت وقلتم، وإنه قد ذهبت الآباء وبقيت الأبناء. فابني أحب إلي من أبنائهم مع أن ابني إن قاولتموه، وجد مقالا. وإنما كان هذا الأمر لبني عبد مناف لأنهم أهل رسول الله. فلما مضى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولي الناس أبا بكر وعمر من غير معدل الملك

ولا = (*)

ص 572

بيان سبب تسليمه عليه السلام الأمر إلى معاوية

ذكر جماعة من أعلام العامة في كتبهم سبب تسليم الإمام الحسن عليه السلام أمر الخلافة إلى معاوية: فمنهم العلامة أبو القاسم علي بن الحسن الشافعي الدمشقي الشهير بابن عساكر في (ترجمة الإمام الحسن عليه السلام من تاريخ مدينة دمشق) (ص 175 ط بيروت) قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الباقي، أنبأنا الحسن بن علي، أنبأنا محمد بن العباس، أنبأنا أحمد بن معروف، أنبأنا الحسين بن محمد، أنبأنا محمد بن سعد، أنبأنا أبو عبيد، عن مجالد، عن الشعبي، وعن يونس بن أبي إسحاق، عن أبيه، وعن أبي السفر وغيرهم قالوا: بايع أهل العراق بعد علي بن أبي طالب الحسن بن علي، ثم قالوا له: سر إلى هؤلاء القوم الذين عصوا الله ورسوله ارتكبوا العظيم، وابتزوا الناس أمورهم فإنا

(هامش)

= الخلافة. غير أنهما سارا بسيرة جميلة، ثم رجع الملك إلى بني عبد مناف فلا يزال فيهم إلى يوم القيامة. وقد أخرجك الله يا ابن الزبير وأنت يا ابن عمر منها فأما ابني عمي هذان فليسا بخارجين من الرأي إن شاء الله). ثم أمر بالرحلة وأعرض عن ذكر البيعة ليزيد ولم يقطع عنهم شيئا من صلاتهم، ثم انصرف راجعا إلى الشام، وسكت عن البيعة، فلم يعرض لها إلى سنة إحدى وخمسين. (*)

ص 573

نرجوا أن يمكنا الله منهم. فسار الحسن إلى أهل الشام وجعل على مقدمته قيس بن سعد ابن عبادة في اثني عشر ألفا وكانوا يسمون شرطة الخميس. وقال غيره: وجه إلى الشام عبيد الله بن العباس ومعه قيس بن سعد بن عبادة الأنصاري فسار فيهم قيس حتى نزل مسكن والأنبار وناحيتها، وسار الحسن حتى نزل المدائن وأقبل معاوية في أهل الشام يريد الحسن حتى نزل جسر منبج، فبينا الحسن بالمدائن إذ نادى مناد في عسكره: ألا إن قيس بن سعد قد قتل. قال: فشد الناس على حجرة الحسن فانتهبوها حتى انتهبت بسطه وجواريه وأخذوا رداءه من ظهره!! وطعنه رجل من بني أسد يقال له: ابن أقيصر بخنجر مسموم في إليته، فتحول من مكانه الذي انتهب فيه متاعه ونزل الأبيض -: قصر كسرى - وقال: عليكم لعنة الله من أهل قرية فقد علمت أنه لا خير فيكم قتلتم أبي بالأمس واليوم تفعلون بي هذا؟! ثم دعا عمرو بن سلمة الأرحبي فأرسله وكتب معه إلى معاوية بن أبي سفيان يسأله الصلح ويسلم له الأمر على أن يسلم له ثلاث خصال: يسلم له بيت المال فيقضي منه دينه ومواعيده التي عليه ويتحمل منه هو ومن معه من عيال أبيه وولده وأهل بيته، ولا يسب علي وهو يسمع، وأن يحمل إليه خراج (فسا) و(دار ابجرد) من أرض فارس كل عام إلى المدينة ما بقي. فأجابه معاوية إلى ذلك وأعطاه ما سأل. ويقال: بل أرسل الحسن بن علي عبد الله بن الحرث بن نوفل إلى معاوية حتى أخذ له ما سأل وأرسل معاوية عبد الله بن عامر بن كريز وعبد الرحمن بن سمرة بن حبيب بن عبد شمس فقدما المدائن إلى الحسن فأعطياه ما سأل وما أراد. ووثقا له، فكتب إليه الحسن أن أقبل، فأقبل من جسر منبج إلى مسكن في خمسة أيام وقد دخل اليوم السادس فسلم إليه الحسن الأمر وبايعه. ثم سارا جميعا حتى قدما الكوفة فنزل الحسن القصر ونزل معاوية النخيلة فأتاه الحسن في عسكره غير مرة، وفي معاوية للحسن بيت المال وكان فيه يومئذ سبعة آلاف درهم، واحتملها الحسن وتجهز بها هو وأهل بيته إلى المدينة، وكف معاوية عن سب علي والحسن يسمع.

ص 574

ودس معاوية إلى أهل البصرة فطردوا وكيل الحسن فقالوا: لا تحمل فيئنا إلى غيرنا - يعنون خراج (فسا) و(دارابجرد) فأجرى معاوية على الحسن كل سنة ألف ألف درهم، وعاش الحسن بعد ذلك عشر سنين. ومنهم العلامة المؤرخ محمد بن مكرم المشتهر بابن منظور المتوفى 711 في (مختصر تاريخ دمشق) لابن عساكر 9 (ج 7 ص 34 ط دار الفكر) قال: وأقبل معاوية في أهل الشام يريد الحسن حتى نزل جسر منبج، فبينا الحسن بالمدائن إذ نادى مناد في عسكره: ألا إن قيس بن سعد قد قتل - فذكر مثل ما تقدم عن ابن عساكر. ومنهم الحافظ الشيخ محمد بن حبان بن أبي حاتم التميمي البستي المتوفى سنة 356 في (الثقات) (ج 2 ص 305 ط حيدر آباد (الهند) قال: قال أبو حاتم: ولي أهل الكوفة بعد علي بن أبي طالب الحسن بن علي، ولما اتصل الخبر بمعاوية ولي أهل الشام معاوية بن أبي سفيان، واسم أبي سفيان صخر بن حرب ابن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف، وأم معاوية عند بنت عتبة بن ربيعة بن عبد شمس، فكان معاوية نافذ الأمور بالشام والأردن وفلسطين ومصر، وكان الحسن بن علي يمشي الأمور بالعراق إلى أن دخلت سنة إحدى وأربعين، فاحتال معاوية في الحسن بن علي وتلطف له، وخوفه هراقة دماء المسلمين وهتك حرمهم وذهاب أموالهم إن لم يسلم الأمر لمعاوية، فاختار الحسن ما عند الله على ما في الدنيا وسلم الأمر إلى معاوية يوم الاثنين لخمس ليال بقين من ربيع الأول سنة إحدى وأربعين، واستوى الأمر لمعاوية حينئذ، وسميت هذه السنة سنة الجماعة.

ص 575

ومنهم الفاضل المعاصر الدكتور محمد ماهر حمادة في (الوثائق السياسية والإدارية العائدة للعصر الأموي) (ص 96 ط مؤسسة الرسالة - بيروت) قال: 27 - نص الصلح بين معاوية والحسن: لما رأى الحسن تفرق أصحابه وخذلانهم إياه راسل معاوية في الصلح وشرط شروطا وقال له: إن أنت أعطيتني هذا فأنا سميع مطيع وعليك أن تفي به. وكان معاوية قد أرسل إلى الحسن ورقة بيضاء وختم في أسفلها وكتب إليه اشترط في هذه الصحيفة ما شئت فهو لك. وكان الشرائط: أن لا يأخذ أحدا من أهل العراق بإحنة، وأن يؤمن الأسود والأحمر ويحتمل ما يكون من هفواتهم، وأن يجعل له خرج الأهواز مسلما في كل عام. وأن يحمل إلى أخيه الحسين في كل عام ألفي ألف درهم، ويفضل بني هاشم في العطاء على بني عبد شمس.

ص 576

شهادته عليه السلام بالسم وكتمانه لاسم قاتله

قد تقدم نقل ذلك عن كتب العامة في ج 11 ص 169 وج 19 ص 335، ونستدرك هيهنا عن الكتب التي لم نرو عنها فيما سبق: فمنهم العلامة أبو العرب محمد بن أحمد بن تميم بن تمام بن تميم التميمي القيرواني المغربي المالكي المولود سنة 251 والمتوفى سنة 333 في كتابه (المحن) (ص 143 ط دار الغرب الإسلامي في بيروت سنة 1403) قال: قال أبو العرب التميمي: فأما وفاة الحسن بن علي وكيف خرج وكيف سم، فحدثني محمد بن أبي القاسم الأندلسي عن عبد الرحمن بن صالح العكي ومحمد بن عثمان العجلي قالا: حدثنا أبو أسامة عن ابن عون عن عمير بن إسحاق قال: دخلت أنا ورجل من قريش على الحسن بن علي، فقال فدخل في المحدج ثم خرج وقال: لقد لفظت طائفة من كبدي أقلبها بهذا العود، ولقد سقيت السم مرارا وما سقيت مرة أشد من هذه. قال: وجعل يقول لذلك الرجل: سلني قبل أن تسألني، قال: ما أسألك شيئا يعافيك الله، قال: فخرجنا من عنده ثم عندنا إليه من غد وقد أخذ في الشرق، فجاء الحسين فجلس عنده رأسه فقال: أي أخي، من صاحبك؟ قال: تريد قتله، قال: نعم. قال: لئن كان صاحبي الذي أظن الله له أشد نقمة، وإن لم يكن به، ما أحب أن يقتل بي بريئا.

ص 577

ومنهم العلامة الشيخ أحمد بن محمد بن أحمد الحافي (الخوافي) الحسيني الشافعي في (التبر المذاب) (ص 67) قال: وروي عن عمران بن إسحاق قال: دخلت أنا ورجل على الحسن بن علي (ع) نعود فقال: يا فلان سلني. فقلت: لا والله يا بن رسول الله لا أسألك حتى يعافيك الله ثم أسألك. قال: ألقيت طائفة من كبدي ولقد سقيت السم مرارا فلم اسق مثل هذه المرة. ثم دخلت عليه من الغد وهو يجود بنفسه والحسين عند رأسه وهو يقول: اللهم إني أحتسب نفسي عندك فإنك أشد بأسا وأشد تنكيلا على من فعله بي وكان سببا فيه، اللهم أني لا أشكوه إلا إليك ولا أخاصمه إلا بين يديك. ثم مضى لسبيله سلام الله عليه ورحمته ورضوانه لخمس خلون من شهر ربيع الأول سنة تسع وأربعين من الهجرة، ودفن بالبقيع مع عم أبيه العباس بن عبد المطلب، وكانت تحته الجعدة بنت الأشعث بن قيس الكندي، وهي التي سمته بسم أرسلته إليها معاوية وأوعدها بتزويج ابنه يزيد، وذلك بإشارة عمر بن العاص في أبياته المذكورة آنفا. فلما قضى طلبت معاوية يزيد، فأرسل إليها: إنك لم تحفظي رسول الله صلى الله عليه وسلم في ولده فكيف يزيد، فخسرت الدنيا والآخرة ذلك هو الخسران المبين. ومنهم العلامة الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن الشافعي ابن عساكر في (تاريخ دمشق - ترجمة الإمام الحسن بن علي عليهما السلام) (ص 207 ط بيروت) قال: أخبرنا أبو القاسم إسماعيل بن أحمد، أنبأنا أبو بكر محمد بن هبة الله، أنبأنا أبو الحسين علي بن محمد بن عبد الله، أنبأنا أبو علي الحسين بن صفوان، أنبأنا أبو بكر عبد الله بن محمد بن عبيد، أنبأنا عبد الرحمن بن صالح العتكي ومحمد بن عثمان العجلي، قالا: أنبأنا أبو أسامة، عن ابن عون، عن عمير بن إسحاق، قال: دخلت أنا ورجل من قريش على الحسن بن علي، فقام فدخل المخرج ثم خرج فقال: لقد لفظت

ص 578

من كبدي أقلبها بهذا العود، ولقد سقيت السم مرارا وما سقيته مرة هي أشد من هذه. قال: وجعل يقول لذلك الرجل: سلني قبل أن لا تسألني. قال: ما أسألك شيئا [حتى] يعافيك الله. قال: فخرجنا من عنده ثم عدت إليه من غد وقد أخذ في السوق فجاء حسين حتى قعد عند رأسه فقال: أي أخي من صاحبك؟ قال: تريد قتله؟ قال: نعم. قال: لئن كان صاحبي الذي أظن [فا] لله أشد له نقمة وإن لم يكنه فما أحب أن تقتل بي بريئا. وقال ص 208: أخبرنا أبو بكر الأنصاري، أنبأنا الحسن بن علي الشاهد، أنبأنا محمد بن العباس، أنبأنا أحمد بن معروف، أنبأنا الحسين بن محمد، أنبأنا محمد بن سعد، أنبأنا إسماعيل بن إبراهيم، عن ابن عون، عن عمير بن إسحاق، قال: دخلت أنا وصاحب لي على الحسن ابن علي نعوده فقال لصاحبي: يا فلان سلني. قال: ما أنا بسائلك شيئا. ثم قام من عندنا فدخل كنيفا له ثم خرج فقال: أي فلان سلني قبل أن لا تسألني فإني والله لقد لفظت طائفة من كبدي قد قلبتها بعود كان معي وإني قد سقيت السم مرارا فلم أسق مثل هذا قط فسلني. فقال: ما أنا بسائلك شيئا حتى يعافيك الله إن شاء الله. قال عمير: ثم خرجنا من عنده، فلما كان الغد أتيته وهو يسوق، فجاء الحسين فقعد عند رأسه، فقال: أي أخي أنبئني من سقاك؟ قال: لم؟ أتقتله؟ قال: نعم. قال: ما أنا بمحدثك شيئا، إن يك صاحبي الذي أظن فالله أشد نقمة، وإلا فوالله لا يقتل بي برئ. أنبأنا أبو علي الحداد، أنبأنا أبو نعيم، أنبأنا محمد بن علي، أنبأنا أبو عروبة الحراني، أنبأنا سليمان بن عمر بن خالد، أنبأنا ابن علية، عن ابن عون، عن عمير بن إسحاق، قال: دخلت أنا ورجل على الحسن بن علي نعوده فقال: يا فلان سلني. قال: ولا والله لا نسألك حتى يعافيك الله ثم نسألك. قال: ثم دخل ثم خرج إلينا فقال: سلني قبل أن لا تسألني. قال: بل يعافيك الله ثم أسألك. قال: لقد ألقيت طائفة من كبدي وإني قد

ص 579

سقيت السم مرارا فلم أسق مثل هذا المرة. [قال] ثم دخلت عليه من الغد وهو يجود بنفسه والحسين عند رأسه قال: يا أخي من تتهم؟ قال: لم لتقتله؟ قال: نعم. قال: إن يكن الذي أظن فالله أشد بأسا وأشد تنكيلا، وإلا يكون فما أحب أن يقتل بي برئ. ثم قضى. ومنهم العلامة شمس الدين أبو البركات محمد الباعوني الشافعي في كتاب (جواهر المطالب في مناقب الإمام أبي الحسنين علي بن أبي طالب) (ص 120 والنسخة مصورة من المكتبة الرضوية بخراسان) قال: وعن عمر بن إسحاق، قال: دخلت أنا ورجل على الحسن نعوده، فقال: قد ألقيت قطعة من كبدي، وإني سقيت السم مرارا فلم أسق مثل هذه المرة. ثم دخلت عليه من الغد وهو يجود بنفسه والحسين رضي الله عند رأسه وهو يقول: يا أخي لمن تتهم؟ قال: ولم، وتريد قتله، لا والله إن كان الذي أظن فالله أشد بأسا وأشد تنكيلا، وإن لم يكن فما أحب أن تقتل بريئا. ثم قضى نحبه رضوان الله عليه وسلامه ورحمته. ومنهم صاحب كتاب (مختار مناقب الأبرار) (ص 101 نسخة مخطوطة مكتبة جستربيتي) قال: قال الإمام الحسن بن علي عليهما السلام: لقد لفظت طائفة من كبدي أقبلها بهذا العود، ولقد سقيت السم مرارا وما سقيته مرة هي أشد من هذه. ثم جاء حسين فقال: أي أخي من صاحبك؟ قال: تريد قتله؟ قال: نعم. قال: لئن كان صاحبي الذي أظن الله أشد له نقمة، وإن لم يكن هو ما أحب أن يقتل بريئا. ثم قبض.

ص 580

رسالة معاوية إلى جعدة بنت الأشعث وطلبه منها أن تسقي الإمام المجتبى زوجها السم

درواها جماعة من أعلام العامة في كتبهم: فمنهم الفاضل المعاصر الدكتور محمد ماهر حمادة في كتابه (الوثائق السياسية والإدارية العائدة للعصر الأموي) (ص 100 ط مؤسسة الرسالة - بيروت) قال: دس معاوية إلى زوجة الحسن جعدة بنت الأشعث بن قيس رسالة يطلب منها فيها أن تسقي الحسن السم لقاء إعطائها مائة ألف درهم وتزويجها ابنه يزيد، وفيما يلي نص الرسالة: إنك إن احتلت في قتل الحسن وجهت إليك بمائة ألف درهم وزوجتك من يزيد. فكان ذلك الذي دفعها إلى سمه، فلما مات الحسن وفى لها معاوية بالمال وأرسل إليها يقول: إننا نحب حياة يزيد ولولا ذلك لوفينا لك بتزويجه. ومنهم الفاضل المعاصر الشريف علي بن الدكتور محمد عبد الله فكري الحسيني القاهري المولود بها 1296 والمتوفى بها أيضا 1372 في (أحسن القصص) (ج 4 ص 209 ط دار الكتب العلمية في بيروت) قال: بعد أن تم الصلح بين الحسن ومعاوية، وخرج الحسن إلى المدينة أقام بها عشر سنين

ص 581

وسقته زوجته (جعدة بنت الأشعث بن قيس الكندي) السم فبقي مريضا أربعين يوما، وكان قد سألها يزيد في ذلك وبذل لها مائة ألف درهم، وأن يتزوجها بعد الحسن ففعلت. لما مات الحسن بعثت إلى يزيد بن معاوية فسألته الوفاء بما وعدها، فقال: إنا لن نرضاك للحسن أفنرضاك لأنفسنا (وكان ذلك خدعة منه لها). ومنهم العلامة شمس الدين أبو البركات محمد الباعوني الشافعي في كتاب (جواهر المطالب في مناقب الإمام أبي الحسنين علي بن أبي طالب) (ص 120 والنسخة مصورة من المكتبة الرضوية بخراسان) قال: قال الإمام ابن الجوزي في تاريخه المنتظم: والصحيح أن جعدة بنت الأشعث بن قيس - وكانت تحت الحسن - فدس إليها معاوية أن سمي الحسن وأزوجك يزيد. وكان معاوية قد جعل ولاية العد بعده للحسن، فسمه ليكون الأمر بعده لابنه يزيد. فلما فعلت ذلك أرسلت إليه تطالبه بما وعدها عليه وتذكره بالعهد والوفاء، فأجاب لا نفعل وقد فعلت بالحسن ما فعلت فكيف آمنك على يزيد، وعند الله تجتمع الخصوم والحرب ما زالوا حربا لله ورسوله وذرية نبيه والله يحكم بينهم بعدله. وكان الحسن ليوضع تحته طشت ويرفع آخر مدة أربعين يوما، وقال الطبيب: قد قطع السم أمعاءه. ولما مات ارتجت المدينة صياحا وبكاءا ونوحا، وأقام عليه نساء بني هاشم المآتم شهرا وحددن عليه سنة، وعلى مثله يناح ويبكى، جمع الله بينه وبين جده بالرفيق الأعلى ورواه من كوثره الأحلى. ومات رضي الله عنه مسموما، ولم يقنعهم تركه الخلافة لهم. قال أهل التاريخ: والصحيح أن الذي سمته زوجته جعدة بنت الأشعث بن قيس الكندية، أمرها بذلك يزيد بن معاوية عليه من الله ما يستحقه.

ص 582

ومنهم العلامة الشيخ عبد الهادي (نجا) الأبياري المصري المعاصر في (جالية الكدر) في شرح منظومة البرزنجي (ص 197 ط مصر) قال: ثم ارتحل [أي الحسن بن علي] إلى المدينة، فأقام بها حتى مات مسموما من زوجته جعدة بنت الأشعث، دس إليها يزيد بن معاوية أن تسميه ويتزوجها ففعلت، فلما مات الحسن بعثت إليه تسأله الوفاء بما قال: فأبى، فخسرت الدين والدنيا. ومنهم علامة التاريخ صارم الدين إبراهيم بن محمد بن أيدمر بن دقماق المتولد سنة 750 والمتوفى سنة 809 في (الجوهر الثمين في سيرة الخلفاء والسلاطين) (ج 1 ص 68 ط عالم الكتب في بيروت سنة 1405) قال: ثم إن الحسن سار بأهله وحشمه إلى المدينة، فأقام بها إلى أن مات في ربيع الأول سنة تسع وأربعين، وصلى عليه سعيد بن العاص، ودفن بالبقيع. ذكر الشيخ شمس الدين بن خلكان: أن امرأته جعدة بنت الأشعث سمته فمكث شهرين، وإنه ليرفع من اليوم كذا وكذا طست من دم. ومنهم العلامة أبو القاسم علي بن الحسن الشافعي الشهير بابن عساكر الدمشقي في (ترجمة الإمام الحسن بن علي عليه السلام من تاريخ مدينة دمشق) (ص 210 ط بيروت) قال: وأنبأنا محمد بن سعد، أنبأنا يحبى بن حماد، أنبأنا أبو عوانة، عن يعقوب، عن أم موسى: أن جعدة بنت الأشعث بن قيس سقت الحسن فاشتكى منه شكاة، قال: فكان يوضع تحته طست وترفع أخرى نحوا من أربعين يوما. وقال أيضا في ص 211:

ص 583

أنبأنا أبو محمد ابن الأكفاني، أنبأنا عبد العزيز الكناني، أنبأنا عبد الله بن أحمد الصيرفي إجازة، أنبأنا أبو عمر بن حيويه، أنبأنا محمد بن خلف بن المرزبان، حدثني أبو عبد الله التمامي، أنبأنا محمد بن سلام الجمحي قال: كانت جعدة بنت الأشعث بن قيس تحت الحسن بن علي، فدس إليها يزيد: أن سمي حسنا إني مزوجك. ففعلت، فلما مات الحسن بعثت إليه جعدة تسأل يزيد الوفاء بما وعدها، فقال: إنا والله لم نرضك للحسن فنرضاك لأنفسنا؟ فقال كثير - وقد يروى للنجاشي -: يا جعدة بكيه ولا تسأمي * بكاء حق ليس بالباطل لن تستري البيت على مثله * في الناس من حاف ومن ناعل أعني الذي أسلمه أهله * للزمن المستحرج الماحل كان إذا شبت له ناره * يرفعها بالنسب الماثل كيما يراها بائس مرمل * أو فرد قوم ليس بالآهل يغلي بني اللحم حتى إذا * أنضج لم يغل على الآكل ومنهم العلامة المؤرخ محمد بن مكرم المشتهر بابن منظور المتوفى 711 في (مختصر تاريخ دمشق لابن عساكر) (ج 7 ص 39 ط دار الفكر) قال: قال ابن جعدبة: كانت جعدة بنت الأشعث - فذكر مثل ما تقدم. ومنهم العلامة أبو العرب محمد بن أحمد بن تميم بن تمام بن تميم التميمي القيرواني المغربي المالكي المولود سنة 251 والمتوفى سنة 333 في كتابه (المحن) (ص 254 ط دار الغرب الإسلامي في بيروت سنة 1403) قال: سقي الذي سقاه، وسقي الحسن بن علي، وقد روي أن الذي سقي الحسن السم امرأته وهي بنت الأشعث بن قيس الكندي. وقال في ص 144

ص 584

وحدثني عبد العزيز بن شيبة قال: حدثنا أبو الأشعث أحمد بن المقدام، قال حدثنا زهير بن العلاء، قال حدثنا سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة بن دعامة: أن الحسن بن علي سمته امرأته بنت الأشعث بن قيس الكندي.

ص 585

تاريخ شهادة سيدنا الإمام المجتبى الحسن بن علي عليهما السلام

قد تقدم ما يدل على ذلك نقلا عن كتب أعلام العامة في ج 11 ص 165 إلى ص 168، ونستدرك هيهنا عن الكتب التي لم نرو عنها: فمنهم الحافظ الشيخ شمس الدين محمد بن محمد بن عثمان الذهبي المتوفى سنة 748 في كتابه (العبر في خبر من غبر) (ج 1 ص 55 طبع الكويت) قال: (سنة تسع وأربعين) في ربيع الأول توفي سيد شباب أهل الجنة أبو محمد الحسن بن علي الهاشمي، ورخه فيها الواقدي وسعيد بن عفير، والأكثر على أنه سنة خمسين. وقال أيضا: (سنة خمسين) (فيها بخلف) الحسن بن علي رضي الله عنه وله سبع وأربعون سنة بالمدينة. ومنهم العلامة الحافظ شهاب الدين أحمد بن علي ابن حجر العسقلاني المتوفى 852 في (تقريب التهذيب) (ج 1 ص 168) قال: الحسن بن علي بن أبي طالب الهاشمي، سبط رسول الله صلى الله عليه وسلم وريحانته، وقد صحبه وحفظ عنه، مات شهيدا بالسم سنة تسع وأربعين وهو ابن سبع وأربعين، وقيل: بل مات سنة خمسين، وقيل: بعدها.

ص 586

ومنهم الفاضل المعاصر محمد رضا أمين مكتبة جامعة فؤاد الأول سابقا في كتابه (الحسن والحسين سبطا رسول الله صلى الله عليه وسلم) (ص 53 ط دار الكتب العلمية - بيروت) قال: توفي الحسن رضي الله عنه بالمدينة سنة 49 هجرية بعد ما مضى من إمارة معاوية عشر سنين، ودفن بالبقيع، وصلى الله عليه سعيد بن العاص وكان أميرا بالمدينة، قدمه الحسين للصلاة على أخيه رضي الله عنهما، وقال: لولا أنها سنة ما قدمتك. وقد سمته امرأته جعدة بنت الأشعث بن قيس الكندي، وقالته طائفة كان ذلك منها بتدسيس معاوية إليها وما بذل لها في ذلك. ومنهم العلامة يوسف بن عبد الرحمن الكلبي المزي في (تهذيب الكمال) (ج 6 ص 256 ط بيروت) قال: وقال شعبة عن أبي بكر بن حفص: توفي سعد بن أبي وقاص والحسن بن علي في أيام بعد ما مضى من أمارة معاوية عشر سنين. وقال معروف بن خربوذ وعمر وأخذ عن أبي جعفر محمد بن علي: مات الحسن ابن علي وهو ابن سبع وأربعين سنة، وزاد بعضهم: وصلى عليه سعيد بن العاص وهو أمير المدينة. وقال أبو عبيد القاسم بن سلام توفي سنة ثمان وأربعين، ويقال سنة تسع وأربعين. وقال الواقدي وخليفة بن خياط وغير واحد: مات سنة تسع وأربعين، زاد بعضهم في ربيع الأول وهو ابن سبع وأربعين، وقيل غير ذلك في مبلغ سنه وتاريخ وفاته، فقيل مات سنة خمسين، وقيل سنة إحدى وخمسين، وقيل سنة ستة وخمسين، وقيل سنة ثمان وخمسين، وقيل سنة تسع وخمسين. والله أعلم.

ص 587

ومنهم العلامة أبو بشر محمد بن أحمد بن حماد الأنصاري في (الذرية الطاهرة المطهرة) (ص 88 نسخة مكتبة السليمانية بإسلامبول) قال: أخبرنا الحسن بن رشيق، حدثنا أبو بشر، أخبرني محمد بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن محمد بن عمر قال: توفي الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهما في ربيع الأول سنة تسع وأربعين وهو يومئذ ابن سبع وأربعين.

ص 588

سبب دفنه عليه السلام بالبقيع

رواه جماعة من أعلام أهل السنة في كتبهم: فمنهم العلامة أبو القاسم علي بن الحسن بن هبة الشافعي الدمشقي الشهير بابن عساكر في (ترجمة الإمام الحسن عليه السلام من تاريخ مدينة دمشق) (216 ط بيروت) قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الباقي، أنبأنا أبو محمد الجوهري، أنبأنا أبو عمر بن حيويه، أنبأنا أحمد بن معروف، أنبأنا الحسين بن محمد بن الفهم، أنبأنا محمد بن سعد، أنبأنا محمد بن عمر، أنبأنا إبراهيم بن الفضل عن أبي عتيق قال: سمعت جابر بن عبد الله يقول: شهدنا حسن بن علي يوم مات فكادت الفتنة [أن] تقع بين حسين بن علي ومروان بن الحكم، وكان الحسن قد عهد إلى أخيه أن يدفن مع رسول الله صلى عليه وسلم، فإن خاف أن يكون في ذلك [قتال] فليدفن بالبقيع، فأبي مروان أن يدعه - ومروان يومئذ معزول يريد أن يرضي معاوية بذلك فلم يزل مروان عدوا لبني هاشم حتى مات - قال جابر: فكلمت يومئذ حسين بن علي فقلت: يا أبا عبد الله اتق الله فإن أخاك كان لا يحب ما ترى فادفنه بالبقيع مع أمه. ففعل [الحسين ذلك]. ومنهم العلامة المؤرخ محمد بن مكرم المشتهر بابن منظور المتوفى 711 في (مختصر تاريخ دمشق لابن عساكر) (ج 7 ص 42 ط دار الفكر) قال: قال محمد بن الضحاك الحرامي: لما بلغ مروان بن الحكم أنهم قد أجمعوا أن

ص 589

يدفنوا الحسن بن علي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، جاء إلى سعيد بن العاص وهو عامل المدينة، فذكر ذلك له، وقال: ما أنت صانع في أمرهم؟ فقال: لست منهم في شيء، ولست حائلا بينهم وبين ذلك، قال: فخلني وإياهم. فقال: أنت وذلك. فجمع لهم مروان من كان هناك من بني أمية وحشمهم ومواليهم، وبلغ ذلك حسينا، فجاء هو ومن معه في السلاح ليدفن حسنا في بيت النبي صلى الله عليه وسلم، وأقبل مروان في أصحابه وهو يقول: يا رب هيجا هي خير من دعه أيدفن عثمان بالبقيع ويدفن حسن في بيت النبي صلى الله عليه وسلم؟! والله لا يكون ذلك أبدا وأنا أحمل السيف، فلما صلوا على حسن خشي عبد الله بن جعفر أن يقع في ذلك ملحمة عظيمة، فأخذ بمقدم السرير ثم مضى به نحو البقيع، فقال له حسين: ما تريد؟ قال: عزمت عليك بحقي ألا تكلمني كلمة واحدة، فصار به إلى البقيع، فدفنه هناك، رحمه الله، وانصرف مروان ومن معه. وبلغ معاوية ما كانوا أرادوا في دفن حسن في بيت النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ما أنصفتنا بنو هاشم حين يزعمون أنهم يدفنون حسنا مع النبي صلى الله عليه وسلم، وقد منعوا عثمان أن يدفن إلا في أقصى البقيع، إن يك ظني بمروان صادقا لا يخلصون إلى ذلك. وقال أيضا في ص 44: وجعل حسن يوعز إلى الحسين: يا أخي إياك أن تسفك الدماء في، فإن الناس سراع إلى الفتنة، فلما توفي الحسن ارتجت المدنية صياحا، فلا تلقي أحدا إلا باكيا. وأبرد مروان إلى معاوية يخربه بموت حسن وأنهم يريدون دفنه مع النبي صلى الله عليه وسلم، وأنهم لا يصلون إلى ذلك أبدا وأنا حي. فانتهى حسين بن علي إلى قبر النبي صلى الله عليه وسلم فقال: احفروا ههنا،

ص 590

فسكت عنه سعيد بن العاص وهو الأمير، فاعتزل ولم يحل بينه وبينه، وصاح مروان في بني أمية ولفها، وتلبسوا السلاح وقال مروان: لا كان هذا أبدا، فقال له حسين: يا بن الزرقاء مالك ولهذا أوال أنت؟ قال: لا كان هذا ولا خلص إليه وأنا حي، فصاح حسين بحلف الفضول: فاجتمع هاشم وتيم وزهرة وأسد وبنو جعونة به شعوب من بني ليث قد تلبسوا السلح، وعقد مروان لواء، وعقد حسين بن علي لواء. فقال الهاشميون: يدفن مع النبي صلى الله عليه وسلم، حتى كانت بينهم المراماة بالنبل وابن جعونة بن شعوب يومئذ شاهر سيفه، فقام في ذلك رجال من قريش: عبد الله بن جعفر بن أبي طالب، والمسور بن مخرمة بن نوفل، وجعل عبد الله بن جعفر يلح على حسين وهو يقول: يا بن عم ألم تسمع إلى عهد أخيك: إن خفت أن يهراق في محجمة دم فادفني بالبقيع مع أمي؟ أذكرك الله أن تسفك الدماء، وحسين يأبى دفنه إلا مع النبي صلى الله عليه وسلم، وهو يقول: ويعرض مروان لي ما له ولهذا؟ قال: فقال المسور بن مخرمة: يا أبا عبد الله اسمع مني، قد دعوتنا بحلف الفضول وأجبناك، وتعلم أني سمعت أخاك يقول قبل أن يموت بيوم: يا بن مخرمة إني قد عهدت إلى أخي أن يدفنني مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إن وجد إلى ذلك سبيلا، فإن خاف أن يهراق في ذلك محجمة من دم فليدفني مع أمي بالبقيع، وتعلم أني أذكرك الله في هذه الدماء، ألا ترى ما ههنا من السلاح والرجال؟ والناس سراع إلى الفتنة. قال: فجعل الحسين يأبى وجعلت بنو هاشم والحلفاء يلغطون ويقولون: لا يدفن إلا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال الحسن بن محمد: سمعت أبي يقول: لقد رأيتني يومئذ، وإني لأريد أن أضرب عنق مروان، ما حال بيني وبين ذلك إلا أن أكون أراه مستوجبا لذلك، إلا أني سمعت أخي يقول: إن خفتم أن يهراق في محجمة من دم فادفنوني بالبقيع، فقلت: يا أخي، يا أبا عبد الله، وكنت أرفقهم به، وإنا لا ندع قتال هؤلاء القوم جبنا عنهم، ولكنا إنما نتبع وصية أبي محمد، إنه والله لو قال ادفنوني

ص 591

مع النبي صلى الله عليه وسلم لمتنا من آخرنا أو ندفنه مع النبي صلى الله عليه وسلم، ولكنه خاف ما قد ترى، فقال: إن خفتم أن يهراق في محجم من دم فادفنوني مع أمي، فإنما نتبع عهده وننفذ أمره. قال: فأطاع حسين بعد أن ظننت أنه لا يطيع، فاحتملناه حتى وضعناه بالبقيع، وحضر سعيد بن العاص ليصلي عليه فقالت بنو هاشم: لا يصلي عليه أبدا إلا حسين، قال: فاعتزل سعيد بن العاص، فوالله ما نازعنا في الصلاة، وقال: أنتم أحق بميتكم، فإن قدمتموني تقدمت، فقال حسين بن علي: تقدم، فلولا أن الأئمة تقدم ما قدمناك. قال عباد بن عبد الله بن الزبير: سمعت عائشة تقول يومئذ: هذا الأمر لا يكون أبدا، يدفن ببقيع الغرقد ولا يكون لهم رابعا؟ والله إنه لبيتي أعطانيه رسول الله صلى الله عليه وسلم في حياته، وما دفن فيه عمر وهو خليفة إلا بأمري، وما آثر علي عندنا بحسن. ومنهم العلامة الحافظ جمال الدين يوسف بن عبد الرحمن الكلبي المزي في (تهذيب الكمال) (ج 6 ص 204 ط مؤسسة الرسالة (بيروت) قال: وقال أبو عوانة، عن حصين، عن أبي حازم: لما حضر الحسن قال للحسين: ادفنوني عند أبي - يعني النبي صلى الله عليه وسلم - إلا أن تخافوا الدماء، فإن خفتم الدماء فلا تهريقوا في دما ادفنوني عند مقابر المسلمين. قال: فلما قبض تسلح الحسين وجمع مواليه، فقال له أبو هريرة: أنشدك الله وصية أخيك، فإن القوم لن يدعوك حتى يكون بينكم دما. قال: فلم يزل به حتى رجع ثم دفنوه في البقيع الغرقد، فقال أبو هريرة: أرأيتم لو جئ بابن موسى ليدفن مع أبيه فمنع أكانوا قد ظلموه؟ قال: فقالوا: نعم. قال: فهذا ابن نبي الله قد جئ به ليدفن مع أبيه.

ص 592

ومنهم العلامة شمس الدين أبو البركات محمد الباعوني الشافعي في كتاب (جواهر المطالب في مناقب الإمام أبي الحسنين علي بن أبي طالب) (ص 121 والنسخة مصورة من المكتبة الرضوية بخراسان) قال: وقال مساور مولى سعد بن أبي وقاص: رأيت أبا هريرة واقفا على في المسجد يوم مات الحسن عليه السلام وهو ينادي بأعلى صوته: أيها الناس اليوم مات حبيب رسول الله صلى الله عليه وسلم وريحانته، فابكوا واجتمع الناس بجنازته، حتى كان البقيع لا يسمع أحد من الزحام. وكان الحسين قد لبس السلاح هو وبنو هاشم لما جاء مروان في السلاح ومن معه من بني أمية، وقال الحسين: لا أدفنه إلا عند جده. فلما خاف الناس وقوع الفتنة أشار سعد بن أبي وقاص وأبو هريرة وجابر بن عبد الله: على الحسين أن لا يقاتل وأن يدفن أخاه قريبا من أمه فانتهى رضوان الله عليهم أجمعين. ومنهم الحافظ الشيخ محمد بن حبان ابن أبي حاتم التميمي البستي المتوفى سنة 354 في كتابه (الثقات) (ج 3 ص 67 ط دائرة المعارف العثمانية في حيدر آباد - الهند) قال: الحسن بن علي بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم ابن فاطمة الزهراء، كان أشبه الناس برسول الله صلى الله عليه وسلم، كنيته أبو محمد، سم حتى نزل كبده، وأوصى إلى أخيه الحسين: إذا أنا مت فاحفر لي مع أبي وإلا ففي بيت علي وفاطمة وإلا ففي البقيع، ولا ترفعن في ذلك صوتا. فمات في شهر ربيع الأول سنة إحدى وخمسين بعد ما مضى من إمارة معاوية عشر سنين، وهو ابن تسع وأربعين سنة، وصلى عليه سعيد بن العاص، قدمه الحسين وقال: تقدم فلولا أنها سنة ما قدمتك. ثم أمر الحسين أن يحفر له في بيت علي وفاطمة، فبلغ ذلك بني أمية فأقبلوا وعليهم السلاح وقالوا: والله لا تتخذ القبور مساجد. فنادى الحسين في بني هاشم فأقبلوا

ص 593

بالسلاح. ثم ذكر الحسين قول أخيه لا ترفعن في ذلك صوتا، فحفر له بالبقيع ودفن هناك عليه السلام في أحسن مقام. وروى أيضا مثل ما تقدم في كتابه (تاريخ الصحابة الذين روى عنهم الأخبار) (ص 66 ط بيروت).

ص 594

سرور معاوية لموت الإمام المجتبى عليه السلام وكلام فاختة بنت قرظة وعبد الله بن العباس مع معاوية في ذلك

رواه جماعة من أعلام العامة في كتبهم: فمنهم الفاضل المعاصر محمد رضا أمين مكتبة جامعة فؤاد الأول سابقا في كتابه (الحسن والحسين سبطا رسول الله صلى الله عليه وسلم) (ص 56 ط دار الكتب العلمية - بيروت) قال: وفد عبد الله بن عباس على معاوية، قال: فوالله إني لفي المسجد إذ كبر معاوية في الخضراء، فكبر أهل الخضراء ثم كبر أهل المسجد بتكبير أهل الخضراء. فخرجت فاختة بنت قرظة بن عمرو بن نوفل من خوخة لها فقالت: سرك الله يا أمير المؤمنين، ما هذا الذي بلغك فسررت به؟ قال: موت الحسن بن علي. فقالت: إنا لله وإنا إليه راجعون. ثم بكت، وقالت: مات سبط سيد المرسلين وابن بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقال معاوية: نعما والله ما فعلت إنه كان كذلك أهلا أن يبكى عليه. ثم بلغ الخبر ابن عباس رضي الله عنهما فراح فدخل على معاوية، فقال معاوية: علمت يا ابن عباس أن الحسن توفي. قال: ألذلك كبرت؟ قال: نعم. قال: والله ما موته بالذي يؤخر أجلك ولا حفرته بسادة حفرتك. ولئن أصبنا به فقد أصبنا بسيد المرسلين وإمام المتقين ورسول رب العالمين. ثم بسيد الأوصياء فجبر الله تلك المصيبة ورفع تلك العبرة. فقال: ويحك يا ابن عباس! ما كلمتك إلا وجدتك معدا.

ص 595

بكاء مروان في جنازة الإمام الحسن عليه السلام

قد تقدم نقله منا عن بعض الأعلام في ج 11 ص 121، ونستدرك هيهنا عمن لم نرو عنهم هناك: فمنهم العلامة أبو القاسم علي بن الحسن بن هبة الله الشافعي الدمشقي الشهير بابن عساكر في ترجمة الإمام الحسن عليه السلام من تاريخ مدينة دمشق) (ص 156 ط بيروت) قال: أخبرنا أبو محمد الحسن بن أبي بكر ابن أبي الرضا، أنبأنا الفضيل بن يحيى الفضيلي، أنبأنا أبو محمد ابن أبي شريح، أنبأنا محمد بن عقيل بن الأزهر، أنبأنا محمد بن فضيل، أنبأنا سعيد بن عامر، روى بسنده عن جويرية بن أسماء قال: لما مات الحسن بن علي بكى مروان في جنازته، فقال له حسين: أتبكيه وقد كنت تجرعه ما تجرعه؟ فقال: إني كنت أفعل ذلك إلى أحلم من هذا. وأشار بيده إلى الجبل.

ص 596

ازدحام الناس في دفن الإمام المجتبى عليه السلام رواه جماعة من أعلام العامة في كتبهم: فمنهم الحافظ جمال الدين يوسف بن عبد الرحمن الكلبي المزي المتوفى 742 في (تهذيب الكمال) (ج 6 ص 256 ط بيروت) قال: وقال محمد بن سعد: أخبرنا محمد بن عمر، قال حدثنا داود بن سنان، قال سمعت ثعلبة بن أبي مالك، قال: شهدنا حسن بن علي يوم مات، ودفناه بالبقيع، فلقد رأيت البقيع ولو طرحت ابرة ما وقت إلا على الانسان.

ص 597

إقامة نساء بني هاشم على الإمام المجتبى ابن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم العزاء شهرا ولبسوا الحداد سنة

رواه جماعة من أعلام القوم في كتبهم: فمنهم العلامة أبو القاسم علي بن الحسن الشافعي الشهير بابن عساكر الدمشقي في (ترجمة الإمام الحسن عليه السلام من تاريخ مدينة دمشق) (ص 209 ط بيروت) قال: وأنبأنا محمد بن سعد، أنبأنا محمد بن عمر، حدثني عبد الله بن جعفر، عن أم بكر بنت المسور، قالت: كان الحسن بن علي سقي مرارا كل ذلك يفلت منه، حتى كان المرة الآخرة التي مات فيها، فإنه كان يختلف كبده، فلما مات أقام نساء بني هاشم عليه النوح شهرا. ومنهم الفاضل المعاصر محمد رضا أمين مكتبة جامعة فؤاد الأول سابقا في كتابه (الحسن والحسن سبطا رسول الله صلى الله عليه وسلم) (ص 55 ط دار الكتب العلمية - بيروت) قال: قال ثعلبة بن أبي مالك: شهدت الحسن يوم مات ودفن في البقيع، فلقد رأيت البقيع لو طرحت فيه أبرة ما وقعت إلا على رأس إنسان (وذلك لشدة الزحام) وأقام نساء بني هاشم عليه النواح شهرا ولبسوا الحداد سنة.

ص 598

وكان عمره رضي الله عنه حين مات 47 سنة وكانت مدة خلافته ستة أشهر وخمسة أيام.

ص 599

بعض مراثي الإمام الحسن عليه السلام

ما قاله سيدنا الإمام الحسين عند قبر أخيه سيدنا الإمام الحسن المجتبى عليهما السلام بعد وفاته رواه جماعة من أعلام العامة في كتبهم: فمنهم العلامة المؤرخ محمد بن مكرم المشتهر بابن منظور المتوفى سنة 711 في كتابه (مختصر تاريخ دمشق) لابن عساكر (ج 7 ص 46 ط دار الفكر) قال: قال ابن سماك: قال الحسين بن علي عند قبر أخيه الحسن يوم مات: رحمك الله أبا محمد، إن كنت لتناصر الحق مظانه، وتؤثر الله عند مداحض الباطل في مواطن التقية بحسن الروية، وتستشف جليل معاظم الدنيا بعين لها حاقرة، وتفيض عليها يدا طاهرة، وتردع بادرة أعدائك بأيسر المؤنة عليك، وأنت ابن سلالة النبوة، ورضيع لبان الحكمة، وإلى روح وريحان وجنة نعيم، أعظم الله لنا ولكم الأجر عليه، ووهب لنا ولكم السلوة وحسن الاتساء عليه.

ص 600

ما قاله محمد بن الحنفية عند قبر أخيه الشريف

قد تقدم نقله عن كتب العامة في ج 11 ص 178، ونستدرك هيهنا عن الكتب التي لم نرو عنها فيما سبق: فمنهم الحافظ جمال الدين أبو الحجاج يوسف المزي المتوفى سنة 742 في (تهذيب الكمال) (ج 6 ص 255 ط مؤسسة الرسالة - بيروت) قال: وقال القاضي أبو الفرج المعافي بن زكريا، حدثنا أحمد بن العباس العسكري، قال حدثنا عبد الله بن أبي حمزة، قال حدثني حمزة بن القاسم بن حمزة بن الحسن بن عبيد الله بن العباس بن علي بن أبي طالب، قال حدثنا محمد بن علي بن عبيد الله بن محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب، عن أبيه، عن جده، عن عمر بن علي بن أبي طالب قال: لما قبض الحسن بن علي بن أبي طالب وقف على قبره أخوه محمد بن علي فقال: يرحمك الله أبا محمد، وإن عزت حياتك لقد هدت وفاتك، ولنعم الروح روح تضمنه بدنك، ولنعم البدن تضمنه كفنك، وكيف لا يكون هكذا وأنت سليل الهدى وحليف أهل التقى وخامس أصحاب الكساء، وغذتك أكف الحق وربيت في حجر الإسلام ورضعت ثدي الإيمان، وطبت حيا ميتا وإن كانت أنفسنا غير طيبة لفراقك فلا نشك في الخيرة لك، يرحمك الله. ثم انصرف عن قبره.

 

الصفحة السابقة الصفحة التالية

شرح إحقاق الحق (ج26)

فهرسة الكتاب

فهرس الكتب