الصفحة السابقة الصفحة التالية

شرح إحقاق الحق (ج28)

فهرسة الكتاب

فهرس الكتب

ص 401

أعيد منهما والقرآن لا يمل ؟ فيجيب : لأن القرآن حجة على أهل العصر الثاني كما هو حجة على أهل العصر الأول ، فكل طائفة تراه عصرا جديدا ، ولأن كل امرئ في نفسه متى أعاده وفكر فيه تلقى منه في كل مدة علوما غضة ، وليس هذا كله في الشعر والخطب . ويقول المفضل : قلت : أخبرني عن قول الله عز وجل : (وجعلها باقية في عقبه) قال : يعني بذلك الإمامة ، جعلها في عقب الحسين إلى يوم القيامة . فقلت : فكيف صارت الإمامة في ولد الحسين دون ولد حسن وهما جميعا ولدا رسول الله صلى الله عليه وسلم وسبطاه وسيدا شباب أهل الجنة ؟ فقال : إن موسى وهارون كانا نبيين مرسلين أخوين ، فجعل الله النبوة في صلب هارون دون صلب موسى . ولم يكن لأحد أن يقول لم فعل الله ذلك ، فإن الإمامة خلافة الله عز وجل جعلها في صلب الحسين دون صلب الحسن ، لأن الله هو الحكيم في أفعاله ، لا يسأل عن فعله وهم يسألون . ويعلن الإمام رأيه بوجوب الإمامة ، فيسأله السائل عن منزلة الأئمة ومن يشبهون ؟ فيقول : كصاحب موسى وذي القرنين ، كانا عالمين ولم يكونا نبيين . وفي قوله تعالى (يمحو الله ما يشاء ويثبت) يقول الإمام : وهل يمحو الله إلا ما كان ثابتا ، وهل يثبت الله إلا ما لم يكن ، ويقول : لم علم الناس ما في القول بالبداء من الأجر ما فتروا عن الكلام فيه . وإنما يقصد استجابة الله لدعاء العباد ، وفي ذلك قوله : ما عظم الله بشيء مثل البداء . ويسأله عمرو بن عبيد عن الكبائر من كتاب الله ، فيسردها ، ويضع في جوار كل كبيرة النص عليها من الكتاب العزيز ، فهي : الشرك : (إن الله لا يغفر أن يشرك به) . اليأس من روح الله : (لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون) . عقوق الوالدين : (وبرا بوالدتي ولم يجعلني جبارا شقيا) . قتل النفس : (من يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها) .

ص 402

قذف المحصنات : (إن الذين يرمون المحصنات الغافلات المؤمنات لعنوا في الدنيا والآخرة) . أكل مال اليتيم : (إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما إنما يأكلون في بطونهم نارا وسيصلون سعيرا) . أكل الربا : (الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس) . الفرار من الزحف : (ومن يولهم يومئذ دبره إلا متحرفا لقتال أو متحيزا إلى فئة فقد باء بغضب من الله ومأواه جهنم وبئس المصير) . السحر : (ولقد علموا لمن اشتراه ماله في الآخرة من خلاق) . الزنا : (ولا تقربوا الزنا إنه كان فاحشة وساء سبيلا) . اليمين الغموس : (إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا أولئك لا خلاق لهم في الآخرة ولا يكلمهم الله ولا ينظر إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم) . الغلول : (ومن يغلل يأت بما غل يوم القيامة) . منع الزكاة : (والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب أليم) . كتمان الشهادة : (ومن يكتمها فإنه آثم قلبه) . شهادة الزور : (والذين لا يشهدون الزور) . نقض العهد وقطيعة الرحم : (الذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل ويفسدون في الأرض أولئك هم الخاسرون) . كفران النعمة : (ولئن كفرتم إن عذابي لشديد) . بخس الكيل : (ويل للمطففين) . وترك الصلاة : ( . . . .) واللواط : ( . . . .) وقول الزور : ( . . . .) وشرب

ص 403

الخمر : ( . . . .) والبدعة : ( . . . .) . ومن علم الإمام جعفر بالقرآن أخذ القراءات عليه حمزة بن حبيب التيمي ، وفيها مد وإطالة وسكت على الساكن قبل الهمز . إلى أن قال في ص 176 : وفي صفات الله يقول الإمام لعبد الملك بن أعين : تعالى الله الذي ليس كمثله شيء وهو السميع البصير . تعالى عما يصفه الواصفون المشبهون لله بخلقه . إن المذهب الصحيح في التوحيد ما نزل به القرآن من صفات الله عز وجل فانف عن الله تعالى البطلان والتشبيه فلا نفي ولا تشبيه ، هو الله الثابت الموجود . ويقول لمن سأله : هل رأى رسول الله ربه ؟ نعم لقد رآه بقلبه ، أما ربنا جل جلاله فلا تدركه أبصار الناظرين ولا تحيط به أسماع السامعين . وسأله الأعمش شيخ المحدثين عن مكان الله ؟ فقال : لو كان في مكان لكان محدثا . ولما سئل عن استوائه على العرش ؟ قال : إنه يعني أنه لا شيء أقرب إليه من شيء . سئل عن قوله تعالى (وسع كرسيه السموات والأرض) ؟ فقال : العرش في وجه هو جملة الخلق والكرسي وعاؤه ، وفي وجه آخر هو العلم الذي أطلع الله عليه أنبياءه ورسله وحججه ، والكرسي هو العلم الذي لم يطلع عليه أحدا من أنبيائه ورسله وحججه . وسئل عن قوله تعالى (وكان عرضه على الماء) وقول البغض : إن العرش كان على الماء والرب فوقه ؟ فأجاب : كذبوا ، من زعم هذا فقد صير الله محمولا ، ووصفه بصفة المخلوق ، ولزمه أن الشيء الذي يحمله أقوى منه . إلى أن قال في ص 177 : يجئ الإمام رجل من أهل مصر أوصى أخوه للكعبة بجارية مغنية فارهة كانت له ،

ص 404

فقيل له : ادفعها إلى بني شيبة وفيهم سدانة الكعبة ، واختلف الناس في أداء الوصية ، وأخيرا أشاروا عليه أن يأتي الإمام ، قال الإمام : إن الكعبة لا تأكل ولا تشرب وما أهدي إليها فهو لزوارها ، فبع الجارية وناد : هل من يحتاج ؟ فإذا أتوك فسل عنهم وأعطهم . ويسأل عن القضاء والقدر ، فيجيب : هو أمر بين أمرين : لا جبر ولا تفويض . ويحسم القضية بين الجبرية والقدرية . فيقول : ما من قبض ولا بسط إلا لله فيه مشيئة ورضاء وابتلاء . يسأل عن الجبر والتفويض : جعلت فداك ، أجبر الله العباد على المعاصي ؟ فيجيب : الله أعدل من أن يجبرهم على المعاصي ثم يعذبهم عليها . فيقول السائل : جعلت فداك ففوض إليهم ؟ فيجيبه : لو فوض إليهم لم يحصرهم بالأمر والنهي . فيقول السائل : جعلت فداك فبينهما منزلة ؟ فيجيب : نعم ، ما بين السماء والأرض . وفي مجلس آخر يسأله السائل : وما أمر بين أمرين ؟ فيجيب : مثل ذلك رجل رأيته على معصية فنهيته فلم ينته ، فتركته ، ففعل تلك المعصية ، فليس حيث لم يقبل منك فتركته ، كنت أنت الذي أمرته بالمعصية . ويقول لسائل آخر : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من زعم أن الله يأمر بالسوء والفحشاء فقد كذب على الله ، ومن زعم أن الخير والشر بغير مشيئة الله فقد أخرج الله من سلطانه ، ومن زعم أن المعاصي بغير قوة الله فقد كذب على الله . ومن كذب على الله أدخله النار . ويقول : إن الله أراد منا شيئا وأراد بنا شيئا ، وما أراده منا أظهره لنا ، فما بالنا نشتغل بما أراده بنا عما أراده منا . وقال في ص 222 . ومن وصية الإمام الصادق له قوله : يا هشام من أراد الغنى بلا مال ، وراحة القلب

ص 405

من الحسد ، والسلامة في الدين ، فليفزع إلى الله في مسألته إن كان له عقل ، فمن عقل قنع بما يكفيه ، ومن قنع استغنى ، ومن لم يقنع لم يدرك الغنى أبدا . يا هشام كما تركوا لكم الحكمة أتركوا لهم الدنيا ، العاقل لا يحدث من يخاف تكذيبه ، إن الزرع ينبت في السهل ، من أحب الدنيا ذهب خوف الآخرة من قلبه . وقال في ص 239 : يقول الإمام الصادق : إذا رويت لكم حديثا فسلوني أين أصله من القرآن ؟ روى يوما نهي النبي عن القيل والقال وفساد المال وكثرة السؤال ، فقيل له : أين هذا من كتاب الله ؟ فأجاب : إن الله تعالى يقول (لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس) وقال تعالى (ولا تؤتوا السفهاء أموالكم التي جعل الله لكم قياما) وقال تعالى (لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم) . وقال أيضا : روى هشام بن سالم قول الصادق [عليه السلام] : إنما علينا أن نلقي إليكم الأصول وعليكم أن تفرعوا . وقال في ص 240 : والإمام الصادق يقول : حديثي حديث أبي ، وحديث أبي حديث جدي ، وحديث جدي حديث الحسين ، وحديث الحسين حديث الحسن ، وحديث الحسن حديث أمير المؤمنين ، وحديث أمير المؤمنين حديث رسول الله ، وحديث رسول الله قوله تعالى . وقال في ص 242 : أما الشهادة فيقول فيها الإمام جعفر : لو لم تقبل شهادة المقترفين للذنوب لما قبلت

ص 406

إلا شهادة الأنبياء والأوصياء ، فمن لم تره بعينيك يرتكب ذنبا ولم يشهد عليه بذلك شاهدان فهو من أهل العدالة والستر ، وشهادته مقبولة وإن كان في نفسه مذنبا . وقال في ص 243 : فالإمام الصادق يقول : إن السنة إذا قيست محق الدين . ولما قيل له : أرأيت إن كان كذا وكذا ما يكون القول فيها ؟ قال : ما أجبتك فيه من شيء فهو عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : لسنا من أرأيت في شيء . لكن وسائل استعمال العقل مباحة للمجتهد . والإمام الصادق يقول : ما من أمر يختلف فيه اثنان إلا وله أصل في كتاب الله ، ولكن لا تبلغه عقول الرجال . وقال في ص 300 : يقول الإمام الصادق : كل شيء لك حلال حتى تعلم أنه حرام بعينه . والإمام الصادق يفتح أبواب رحمة الله ويرفع الحرج ويبيح الرخص ، يقول : الوضوء نصف الإيمان ، ويقول : إنه توبة من غير استغفار ، ومع هذا سئل عن رجل يكون معه الماء في السفر ويخاف قلته ؟ فقال : يتيمم بالصعيد ويستبقي الماء . ويقول : من خاف عطشا فلا يهريق قطرة وليتيمم بالصعيد ، فالصعيد أحب إلي . سئل عن رجل ليس معه ماء والماء عن يمين الطريق ويساره غلوتين أو نحو ذلك (الغلوة مسافة مرمى السهم) ؟ فقال : لا آمره أن يغرر بنفسه فيعرض له لص أو سبع . وسئل عن رجل يمر بالركية (البئر) وليس معه دلو ؟ قال : ليس عليه أن يدخل الركية ، لأن رب الماء هو رب الأرض ، فليتيمم ، إن الله جعل التراب طهورا كما جعل الماء طهورا .

ص 407

وقال في ص 301 : يقول الصادق : لا صلاة إلا إلى القبلة . فقيل له : أين حد القبلة ؟ قال : ما بين المشرق والمغرب كله قبلة . ويشرح ذلك قوله : يجزي التحري أبدا إذا لم يعلم وجه القبلة . سئل الإمام الصادق عن رجل شك في الأذان وقد دخل في الإقامة ؟ قال : يمضي . قيل له : شك في الإقامة وقد كبر ؟ قال : يمضي . . . وفي التكبير وقد قرأ ؟ قال : يمضي . . . وفي القراءة وقد ركع ؟ قال : يمضي . . . وفي الركوع وقد سجد ؟ قال : يمضي . . . إلى أن قال : إذا خرجت من شيء ثم دخلت في غيره فشكك ليس بشيء . يقول : إذا شككت في شيء من الوضوء وقد دخلت في غيره فليس شكك بشيء ، إنما الشك إذا كنت في شيء لم تجزه . وسئل عن رجل يشك كثيرا في صلاته ؟ فقال فيما قال : إن الشيطان خبيث معتاد لمن عود ، فليمض أحدكم في الوهم . وقال في ص 302 : يقول الإمام الصادق : من كان على يقين ثم شك فلا ينقض اليقين بالشك . وقال في ص 323 : يقول : أفضل الملوك من أعطي ثلاث خصال : الرحمة ، والجود ، والبذل . ويقول : ليس للملوك أن يفرطوا في ثلاثة : حفظ الثغور ، وتفقد المظالم ، واختيار الصالحين لأعمالهم . والصادق يقول لكل هؤلاء : خير الناس أكثرهم خدمة للناس . يقول للحكام : كفارة عمل السلطان قضاء حاجات الإخوان ، ويقول : المستبد برأيه موقف على مداحض الزلل . ويقول : لوالي المنصور على الأهواز إذ استنصحه : فاعلم أن خلاصك ونجاتك

ص 408

في حقن الدماء ، وكف الأذى عن أولياء الله ، والرفق بالرعية ، وحسن المعاشرة مع لين في غير ضعف وشدة في غير عنف . . وإياك والسعاة وأهل النمائم ، ولا تستصغرن من حلو وفضل طعام في بطون خالية . . إياك يا عبد الله أن تخيف مؤمنا . وقال في ص 324 : يقول الإمام الصادق : من نكد العيش السلطان الجائر ، والجار السوء ، والمرأة البذيئة . يقول : لا يطمع القليل التجربة المعجب برأيه في الرياسة ، ويقول : من طلب الرياسة هلك . وقال أيضا في ص 327 : أوصى الإمام المفضل بن عمر بخصال يبلغهن من وراءه من شيعة أهل البيت : أن تؤدي الأمانة إلى من ائتمنك ، وأن ترضى لأخيك ما ترضاه لنفسك ، واعلم أن للأمور أواخر فاحذر العواقب ، وأن للأمور بغتات فكن منها على حذر ، وإياك ومرتقى جبل سهل إذا كان المنحدر وعرا . وأوصاهم : صلوا عشائركم ، واشهدوا جنائزهم ، وعودوا مرضاكم ، وأدوا حقوقهم ، فإن الرجل منكم إذا ورع في دينه وصدق الحديث وأدى الأمانة وحسن خلقه مع الناس قيل هذا جعفري ، ويسرني ذلك . وإذا كان غير ذلك دخل علي بلاؤه وعاره وقيل هذا أدب جعفر ! فوالله إن الرجل كان يكون في القبيلة من شيعة علي فيكون زينها ، آداهم للأمانة ، وأقضاهم للحقوق ، وأصدقهم ، يحمل إليه وصاياهم وودائعهم ، تسأل العشيرة عنه ويقال : من مثل فلان ؟ وأوصاهم : أوصيكم بتقوى الله واجتناب معاصيه ، وأداء الأمانة لمن ائتمنكم ، وحسن الصحابة لمن صحبتموه ، وأن تكونوا لنا دعاة صامتين .

ص 409

فهو بهذا يربط إحسان العمل بالانتساب لأهل البيت ويضع القواعد المثلى للتجمع . دخل عليه المفضل بن قيس ذات يوم يسأله الدعاء ، وكما قال : فشكوت إليه بعض حالي وسألته الدعاء . فقال : يا جارية هاتي الكيس . فقال : هذا كيس فيه أربعمائة دينار فاستعن بها . قلت : ما أردت هذا الكيس ولكن أردت الدعاء لي . قال : ولا أدع الدعاء لك ، ولكن لا تخبر الناس بكل ما أنت فيه فتهون عليهم . قال يوما لبعض أصحابه : ما بال أخيك يشكوك ؟ قال : يشكوني إذ استقصيت عليه حقي ، فقال مغضبا : كأنك إذا استقصيت حقك لم تسئ ؟ أرأيت ما حكى الله عن قوم يخافون سوء الحساب ، أخافوا أن يجور عليهم ؟ ولكن خافوا الاستقصاء ، سماه الله سوء الحساب ، فمن استقصى فقد أساء . دخل عليه رجل من خراسان قال : لقد قل ذات يدي ولا أقدر على التوجه إلى أهلي إلا أن تعينوني . فنظر الإمام للجالسين وقال : أما تسمعون ما يقول أخوكم ؟ إنما المعروف ابتداء ، فأما ما أعطيت بعد ما سأل فإنما هو مكافأة لما بذل من ماء وجهه ، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : والذي فلق الحب وبرأ النسمة وبعثني بالحق نبيا ، لما يتجشم أحدكم من مسألته إياك أعظم مما ناله من معروفك . . فجمعوا له خمسمائة درهم . وبهذا اشترك الجميع في أداء الواجب . وهو القائل : أغنى الغنى ألا تكون للحرص أسيرا . قال مصادف : كنت عند أبي عبد الله فدخل رجل ، فسأله الإمام : كيف خلفت إخوانك ؟ فأحسن الثناء عليهم . فسأله : كيف عيادة أغنيائهم على فقرائهم ؟ قال الرجل : قليلة . قال الإمام : كيف مساعدة أغنيائهم لفقرائهم ؟ قال : قليلة . قال الإمام : فكيف يزعم هؤلاء أنهم شيعتنا ؟ وقال في ص 330 : يقول الإمام الصادق : من فر من رجلين فقد فر ، ومن فر من ثلاثة فلم يفر .

ص 410

والصادق يعلم المسلمين قوانين الإسلام في الحروب ، فيقول : إذا أخذت أسيرا فعجز عن المشي ولم يكن معك محمل فأرسله ولا تقتله . ويعلن أن : إطعام الأسير حق على من أسره ، وإن كان يراد من الغد قتله ، فإنه ينبغي أن يطعم ويسقى ويرفق به ، كافرا كان أو غيره . وينهى الصادق عن قتل الرسل ، أو قتل الرهن ، أو استعمال السم ، حتى في حرب المشركين ، فإذا كانت حرب فلتكن حربا نظيفة - أي إسلامية . وقال في ص 331 : ولما سأل الإمام رجلا : من سيد هذه القبيلة ؟ فأجاب : أنا . قال الإمام : لو كنت سيدهم ما قلت أنا . وقال في ص 332 : قال : المكارم عشر : صدق الناس ، وصدق اللسان ، وأداء الأمانة ، وصلة الرحم ، وقرى الضيف ، وإطعام الصائم ، والمكافأة على الصنائع ، والتذمم للجار ، والتذمم للصاحب ، ورأسهن الحياء . يقول : خمسة لا يعطوا شيئا من الزكاة : الأب ، والأم ، والولد ، والزوجة ، والمملوك ، لأنهم عياله ولازمون له . يقول الإمام : لا صدقة وذو رحم محتاج . وقال أيضا : الإمام يقول : لا تقطع رحمك وإن قطعك . وقال أيضا : قال لعبد الله بن الحسن : يا أبا محمد أما علمت أن صلة الرحم تخفف الحساب ، ثم

ص 411

تلى قوله تعالى (والذين يصلون ما أمر الله به أن يوصل ويخشون ربهم ويخافون سوء الحساب) فقال عبد الله : فلا تراني بعدها قاطعا رحما . وقال في ص 333 : وكان الإمام يصلي عن ولده في كل ليلة ركعتين ، وعن والده في كل يوم ركعتين . يقول في صدد الصلاة عن الميت : إنه ليكون في ضيق فيوسع عليه ذلك الضيق ، ثم يؤتى فيقال له : خفف الله عنك ذلك الضيق لصلاة فلان أخيك عنك . وقال عليه السلام : خير من الصدق قائله ، وخير من الخير فاعله . والإمام يرى أن : رأس الحزم التواضع ، وأن التواضع هو الرضى بأن تجلس من المجلس بدون شرفك ، وأن تسلم على من لقيت ، وأن تترك المراء وإن كنت محقا . ويقول : من أكرمك فأكرمه ، ومن لم يكرمك فأكرم نفسك عنه . ويضيف إلى ذلك : إنك لن تمنع الناس من عرضك إلا بما تنشره عليهم من فضلك . وهذا الفضل بعض المعروف ، أما عن تمام المعروف فيقول : المعروف لا يتم إلا بثلاثة : تعجيله ، وتصغيره ، وستره . يقول : العافية نعمة يعجز عنه الشكر ، بل يقول : المعروف زكاة النعم . وقال في ص 334 : يقول الإمام : جاهل سخي أفضل من ناسك بخيل . ثم قال : لنقرأ وصية الإمام لعبد الله بن جندب ، لنلمس مواقع الجمال والكمال في هذا المجتمع : لا تكن بطرا في الغنى ولا جزعا في الفقر ، ولا تكن فظا غليظا يكره الناس قربك ، ولا تكن واهنا يجفوك من عرفك ، ولا تشار من فوقك ، ولا تسخر ممن

ص 412

دونك ، ولا تنازع الأمر أهله . يا بن جندب لا تتصدقن على أعين الناس يزكوك ، فإنك إن فعلت ذلك فقد استوفيت أجرك ، ولكن إذا أعطيت بيمينك فلا تطلع عليها شمالك ، فإن الذي تتصدق له سرا يجزيك علانية ، فقد علم ما تريد . وقال أيضا : فيقول [عليه السلام] : من حب الرجل دينه حبه إخوانه . ويقول : وطن نفسك على حسن الصحبة لمن صحبت ، وحسن خلقك وكف لسانك واكظم غيضك ، أما يستحي الرجل منكم أن يعرف جاره حقه ولا يعرف حق جاره ، ليس منا من لم يحسن مجاورة جاره . وقال في ص 335 : والإمام الصادق يقول : أيسر حق من حقوق الإخوان أن تحب لأخيك ما تحب لنفسك ، وأن تكره لأخيك ما تكره لنفسك ، وأن تتجنب سخطه وتتبع مرضاته وتطيع أمره وتعينه بنفسك ومالك ولسانك ويدك ورجلك ، وأن تكون عينه ودليله ومرآته ، ولا تشبع ويجوع ، ولا تروى ويظمأ ، ولا تلبس ويعرى ، وأن تبر قسمه وتجيب دعوته ، وتعود مريضه وتشهد جنازته ، فإذا علمت أن له حاجة تبادر إلى قضائها ولا تلجئه إلى أن يسألكها . وقال أيضا : وما أدق نصح الإمام في معاشرة الناس : لا تفتش الناس فتبقى بلا صديق ، المؤمن يداري ولا يماري ، مجاملة الناس ثلث العقل . وهو ينهى عن الظنة ، فالظنين متهم ، يقول : ضع أمر أخيك على أحسنه ، ولا تظن بكلمة خرجت من أخيك سوءا وأنت تجد لها في الخير محملا .

ص 413

أما من فرط حيث تجب اليقظة فلا يلومن إلا نفسه - يقول الإمام : من كتم سره كانت الخير بيده ، ويقول : لا تثقن بأخيك كل الثقة فإن سرعة الاسترسال لا تقال ، ويقول : صدرك أوسع لسرك ، وسرك من دمك فلا تجره في غير أوداجك . ويقول : من خان لك خانك ، ومن ظلم لك سيظلمك ، ومن نم إليك سينم عليك . وقال في ص 336 : قال : من غض طرفه عن المحارم ، ولسانه عن المآثم ، وكفه عن المظالم . وقال أيضا : والإخوان - عند الإمام - هم المواسون ، فهم بين ثلاثة : مواس بنفسه ، وآخر مواس بما له وهما الصادقان في الإخاء ، وآخر يأخذ منك البلغة ويريدك لبعض اللذة فلا تعده من أهل الثقة . يقول الإمام : لا تسم الرجل صديقا ، سمه معرفة ، حتى تختبره بثلاثة : تغضبه فتنظر غضبه أيخرجه عن الحق إلى الباطل ، وعند الدينار والدرهم ، وحتى تسافر معه . ويقول : ثلاثة لا تعرف إلا في مواطن : لا يعرف الحليم إلا عند الغضب ، ولا الشجاع إلا عند الحرب ، ولا الأخ إلا عند الحاجة . وقال أيضا : فيقول : من الجور قول الراكب للراجل : الطريق ، فهو الراكب وبيده الزمام ، والطريق للناس كافة . وكفى الراجلين أنهم يمشون ، وكفاه أنه فوق ظهر . وقال أيضا : والغضب عند الإمام : مفتاح كل شر ، بما فيه من ذبذبة للذات وزعزعة للتوازن ، فعنده أن من ظهر غضبه ظهر كيده بل إن من لم يملك غضبه لم يملك عقله في

ص 414

حين أن المؤمن إذا غضب لم يخرجه غضبه عن حق ، وإذا رضي لم يدخله رضاه في باطل . ويهتف الإمام بالشيعة : يا شيعة محمد ، ليس منا من لم يملك نفسه عند الغضب ، ويحسن صحبة من صاحبه ، ومرافقة من رافقه ، ومخالفة من خالفه . وقال أيضا في ص 337 : يقول الإمام للمرائي ثلاث علامات : يكسل إذا كان وحده ، وينشط إذا كان الناس عنده ، ويحب أن يحمد بما لم يفعل . وللكسلان ثلاث علامات : يتوانى حتى يفرط ، ويفرط حتى يضيع ، ويضيع حتى يأثم . وللمسرف ثلاث علامات : يشتري ما ليس له ، ويأكل ما ليس له ، ويلبس ما ليس له . وللمنافق ثلاث علامات : إذا حدث كذب ، وإذا وعد أخلف ، وإذا اؤتمن خان . وللحاسد ثلاث علامات : يغتاب إذا غاب ، ويتملق إذا شهد ، ويشمت بالمصيبة . وللظالم ثلاث علامات : يعصي من فوقه ، ويعتدي علي من دونه ، ويظاهر الظالمين . وقال أيضا في ص 338 : يقول الإمام : اتقوا الله في الضعفين : اليتيم ، والنساء . ويقول : البنات حسنات والبنون نعم ، الحسنات يثاب عليها والنعم مسؤول عنها . وقال أيضا : فيقول الشؤم في المرأة كثرة صداقها وعقوق زوجها ، وفي الدار ضيق ساحتها

ص 415

وشر جيرانها . يقول عليه الصلاة والسلام : علموا أبناءكم السباحة والرماية ، ونعم لهو المرأة في بيتها المغزل . وقال أيضا : يقول الإمام : صلاح حال التعايش على مكيال ثلثاه فطنة وثلثه تغافل . وقال أيضا في ص 339 : يقول : إن المرء يحتاج في منزله وعياله إلى ثلاث خلال يتكلفها ، وإن لم يكن في طبعه ذلك : معاشرة جميلة ، وسعة بتقدير ، وغيرة بتحصن . وقال أيضا : ثم يقول ليبين أثر المرأة في سلام الأسرة : ثلاث من ابتلي بهن كان طائح العقل : نعمة مولية ، وزوجة فاسدة ، وفجيعة نجيب . وقال أيضا : الأنس في ثلاثة : الزوجة الموافقة ، والولد البار ، والصديق الصافي . وقال أيضا : يقول الإمام : ثلاثة من استعملها فسد دينه ودنياه : من ساء ظنه ، وأمكن من سمعه ، وأعطي قياده حليلته . وقال أيضا : النساء ثلاثة : واحدة لك ، وواحدة عليك ولك ، وواحدة عليك . أما التي لك فهي

ص 416

العذراء ، والتي لك وعليك فهي الثيب ، أما التي عليك فهي المتبع التي لها ولد من غيرك . وقال أيضا في ص 340 : يقول لعنوان البصري : اسأل العلماء ما جهلت ، وإياك أن تسألهم تعنتا وتجربة ، وإياك أن تعمل برأيك شيئا ، وخذ بالاحتياط في جميع ما تجد إليه سبيلا ، واهرب من الدنيا هربك من الأسد . ويقول لحمران بن أعين : العمل الدائم القليل على اليقين ، أفضل عند الله من العمل الكثير على غير يقين . وقال أيضا : يقول : العامل على غير بصيرة كالسائر على غير الطريق ، لا تزيده سرعة السير إلا بعدا . وقال أيضا : قال لعنوان : الجهل نقص في الدين والخلق ومعاملة الناس أو كما قال : الجهل في ثلاث : الكيد ، وشدة المراء ، والجهل بالله . ويقول : ثلاثة يستدل بهن على إصابة الرأي : حسن اللقاء ، وحسن الاستماع ، وحسن الجواب . أما البلاغة فهي : ليست بحدة اللسان ، ولا بكثرة الهذيان ، ولكنها إصابة المعنى وقصد الحجة . وقال أيضا في ص 340 : يقول : كثرة النظر في العلم تفتح العقل ، وكثرة النظر بالحكمة تلقح العقل . ومن أخلاق الجاهل الإجابة قبل أن يسمع ، والمعارضة قبل أن يفهم ، والحكم

ص 417

بما لا يعلم . والرجال ثلاثة : عاقل ، وأحمق ، وفاجر : العاقل إن كلم أجاب ، وإن نطق أصاب ، وإن سمع وعى . والأحمق إن تكلم عجل ، وإن حدث ذهل ، وإن حمل على القبيح فعل . والفاجر إن ائتمنته خانك ، وإن حدثته شانك . وقال أيضا : يقول : أربعة ينبغي لكل شريف ألا يأنف منها : أولها خدمته لمن تعلم منه . . . وقال أيضا في ص 341 : والعلم جنة والعالم بزمانه لا تهجم عليه اللوابس . والله ولي من عرفه . العاقل غفور والجاهل ختور . ومن خاف العاقبة تثبت فيما لا يعلم . ومن هجم على أمر من غير علم جدع أنف نفسه . وأكمل الناس عقلا أحسنهم خلقا . والخشية طريق العلم ، والعلم شعاع المعرفة وقلب الإيمان ، ومن حرم الخشية لا يكون عالما . وقال أيضا : وفي ذات يوم ذهب قوم يقولون للإمام الصادق : ندعو فلا يستجاب لنا . فأجاب : لأنكم تدعون من لا تعرفونه . وقال أيضا في ص 360 : ودخل عليه عمار الساباطي فقال له : يا عمار إنك رب مال كثير فتؤدي ما افترض عليك الله من الزكاة ؟ قال : نعم . قال : فتخرج الحق المعلوم من مالك؟ قال : نعم . قال: فتصل قرابتك ؟ قال: نعم . قال: فتصل إخوانك ؟ قال : نعم . قال : يا عمار إن المال يفنى ، والبدن يبلى ، والعمل يبقى ، والديان حي لا يموت . يا عمار ما قدمت فلم يسبقك،

ص 418

وما أخرت فلن يلحقك .

جملة من كلماته الشريفة

رواها الفاضل المعاصر الشريف علي بن الدكتور محمد عبد الله فكري الحسيني القاهري المولود بها سنة 1296 والمتوفى بها أيضا 1372 في أحسن القصص (ج 4 ص 280 ط دار الكتب العلمية في بيروت) قال : قال جعفر الصادق رضي الله عنه : للصداقة خمسة شروط فمن كانت فيه فانسبوه إليها ، ومن لم تكن فيه فلا تنسبوه إلى شيء منها ، وهي : أن يكون زين صديقه زينه ، وسريرته له كعلانيته ، وألا يغره عليه مال ، وأن يراه أهلا لجميع مودته ، ولا يسلمه عند النكبات . ومن كلامه رضي الله عنه : لا يتم المعروف إلا بثلاث : تعجيله ، وتصغيره ، وستره . وقال رضي الله عنه : ما كل من رأى شيئا قدر عليه ، ولا كل من قدر على شيء وفق له ، ولا كل من وفق أصاب له موضعا ، فإذا اجتمعت النية والتوفيق والإصابة فهناك السعادة . وقال رضي الله عنه : تأخير التوبة اغترار ، وطول التسويف حيرة ، والاعتدال على الله هلكة ، والاصرار على الذنب من مكر الله (ولا يأمن مكر الله إلا القوم الخاسرون) . وقال رضي الله عنه : أربعة أشياء القليل منها كثير : النار ، والعداوة ، والفقر ، والمرض . وسئل : لم سمي البيت العتيق ؟ قال : لأن الله تعالى أعتقه من الطوفان . وقال : صحبة عشرين يوما قرابة . وقال : كفارة عمل الشيطان الاحسان إلى الإخوان . وقال : إذا دخلت منزل أخيك فاقبل الكرامة ما خلا الجلوس في الصدور .

ص 419

وقال : البنات حسنات ، والبنون نعم ، والحسنات يثاب عليها ، والنعم مسؤول عنها . وقال : من لم يستح عند العيب ، ويرعوى عند الشيب ، ويخش الله بظهر الغيب ، فلا خير فيه . وقال : إياكم وملاحاة الشعراء فإنهم يضنون بالمدح ، ويجودون بالهجاء والقدح . وقال : من أكرمك فأكرمه ، ومن استخف بك فأكرم نفسك عنه . وقال : منع الجود سوء الظن بالمعبود . وقال : دعا الله الناس في الدنيا بآبائهم ليتعارفوا ، ودعاهم في الآخرة بأعمالهم ليجازوا فقال : (يا أيها الذين آمنوا ، يا أيها الذين كفروا) . وقال : إن عيال المرء أسراؤه ، فمن أنعم الله عليه نعمة فليوسع على أسرائه ، فإن لم يفعل يوشك أن تزول تلك النعمة . وقال : ثلاثة لا يزيد الله بها الرجل المسلم إلا عزا : الصفح عمن ظلمه ، والاعطاء لمن حرمه ، والصلة لمن قطعه . وقال : المؤمن إذا غضب لم يخرجه غضبه عن حق ، وإذا رضي لم يدخله رضاه في باطل .

جملة من كلماته الشريفة

رواها العلامة الشيخ أبو عمر يوسف بن عبد الله بن عبد البر النمري القرطبي المتوفى سنة 463 في كتابه بهجة المجالس وأنس المجالس (ج 1 ص 138 ط مصر) قال : وقال جعفر بن محمد : إني لأملق فأتاجر الله بالصدقة فأربح . وقال أيضا في ج 1 ص 205 : قال جعفر بن محمد : العز والغنى يجولان في الأرض ، فإذا أصابا موضعا يدخله التوكل أوطناه .

ص 420

وقال أيضا في ج 1 ص 214 : قال جعفر بن محمد : المستدين تاجر الله في الأرض . وقال أيضا في ص 313 : قال جعفر بن محمد : ما أنعم الله على عبد نعمة فعرفها بقلبه وشكرها بلسانه فما يبرح حتى يزداد . وقال أيضا في ج 1 ص 315 : قال جعفر بن محمد : من لم يشك الجفوة لم يشكر النعمة . وقال أيضا في ج 1 ص 318 : قال جعفر بن محمد : ما من شيء أسر إلي من يد أتبعها أخرى ، لأن مع الأواخر يقطع لسان شكر الأوائل . وقال أيضا في ج 1 ص 320 : قال جعفر بن محمد : حاجة الرجل إلى أخيه فتنة لهما ، إن أعطاه شكر من لم يعطه ، وإن منعه ذم من لم يمنعه . وقال أيضا في ج 1 ص 370 : قال جعفر بن محمد : لأن أندم على العفو خير من أن أندم على العقوبة . وقال أيضا في ج 1 ص 394 : قال جعفر بن محمد : من نقله الله عز وجل من ذل المعاصي إلى عز الطاعة أغناه

ص 421

بلا مال ، وآنسه بلا أنيس ، وأعزه بلا عشيرة . وقال أيضا في ج 2 ص 348 : قال جعفر بن محمد : من أنصف الناس من نفسه قضي به حكما لغيره . وقال أيضا في ج 2 ص 570 : قال جعفر بن محمد : إياكم والمزاح ، فإنه يذهب بماء الوجه . وقال أيضا في ج 2 ص 587 : قال جعفر بن محمد : ما ناصح الله عبد مسلم في نفسه فأخذ الحق لها ، وأعطى الحق منها ، إلا أعطي خصلتان : رزق من الله يقنع به ، ورضى من الله عنه . وقال أيضا في ج 2 ص 733 : سئل جعفر بن محمد عن المؤمن ، هل يكون بغيضا ؟ قال : لا يكون بغيضا ، ولكن يكون ثقيلا . وقال أيضا في ج 2 ص 626 : قال جعفر بن محمد : قال الله عز وجل : أنا جواد كريم ، لا يجاورني في جنتي لئيم . وقال أيضا في ج 2 ص 646 : قال جعفر بن محمد : لا دين لمن لا مروءة له . وقال أيضا في ج 2 ص 704 : قال جعفر بن محمد : حفظ الرجل أخاه بعد وفاته في تركته كرم .

ص 422

وقال أيضا في ج 2 ص 686 : قال جعفر بن محمد : لقد عظمت منزلة الصديق حتى عند أهل النار ، ألم تسمع إلى قول الله تعالى حاكيا عنهم (فما لنا من شافعين * ولا صديق حميم) . وقال في ج 3 ص 84 : روى جعفر بن محمد بن علي بن الحسين ، عن أبيه أنه قال : رب البيت آخر من يغسل يديه . وقال أيضا في ج 3 ص 127 : قال سفيان الثوري : دخلت على جعفر بن محمد ، فقال لي : يا سفيان إذا أنعم الله عليك نعمة فأحمد الله ، وإذا استبطأت رزقا فاستغفر الله ، وإذا حزبك أمر فقل : لا حول ولا قوة إلا بالله ، ثم قال لي : يا سفيان ثلاث وأي ثلاث . ثلاث خصال من حقائق الإيمان : الاقتصاد في الإنفاق ، والإنصاف من نفسك ، والابتداء بالسلام . ثلاث من لم تكن فيه لم يطعم الإيمان : حلم يرد به جهل الجاهل ، وورع يحجزه عن المحارم ، وخلق يداري به الناس . ثلاث لا يعرفون إلا في ثلاثة : الحليم عند الغضب ، والشجاع عند الحرب ، والأخ عند الحاجة . وقال أيضا في ج 3 ص 149 : قال الزبير : حدثني أبو ضمرة أنس بن عياض ، قال : قيل لجعفر بن محمد : كم تتأخر الرؤيا ؟ فقال : رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم كأن كلبا أبقع يلغ في دمه ، فكان شمر بن ذي الجوشن قاتل الحسين رضي الله عنه ، وكان أبرص ، فكان تأويل الرؤيا بعد

ص 423

خمسين سنة . وقال أيضا في ج 3 ص 134 : أربعة قالها جعفر بن محمد ، لا تستقل القليل منها : الدين ، والنار ، والعداوة ، والمرض . وقال أيضا في ج 3 ص 320 : قال جعفر بن محمد : الناقص من الناس من لا ينتفع من المواعظ إلا بما آلمه أو لزمه . كان يقال : اجعل عمرك كنفقة رفعت إليك ، فأنت لا تحب أن يذهب ما ينفق منها ضياعا ، فلا يذهب عمرك ضياعا .

ص 424

بعض وصاياه عليه السلام

رواها جماعة من أعلام العامة في كتبهم : فمنهم الفاضل المعاصر عبد الغني نكدمي في حدائق المتقين فيما ينفع المسلمين (ص 175 ط دار الكتاب النفيس ، بيروت) قال : وقال جعفر الصادق رضي الله عنه : لا تصحب خمسة : 1 - الكذاب : فإنك منه على غرور ، وهو مثل السراب ، يقرب منك البعيد ، ويبعد منك القريب . 2 - والأحمق : فإنك لست منه على شيء ، يريد أن ينفعك فيضرك . 3 - والبخيل : فإنه يقطع بك أحوج ما تكون إليه . 4 - والجبان : فإنه يسلمك ويفر عند الشدة . 5 - والفاسق : فإنه يبيعك بأكلة ، أو أقل منها . فقيل : وما أقل منها ؟ قال : الطمع فيها ثم لا ينالها .

ص 425

تفسيره عليه السلام لبعض الآيات

كلامه الشرف في دنى فتدلى [النجم : 8]

رواه جماعة من أعلام العامة في كتبهم : فمنهم العلامة أبو محمد عبد الله بن حميد السالمي الحوقيني العماني الأباضي مذهبا الضرير المتوفى سنة 1332 في مشارق أنوار العقول (ج 1 ص 76 ط دار الجيل ، بيروت) قال : وقال النووي في شرح مسلم في تفسير قوله تعالى (ثم دنى فتدلى) ما نصه : وعلى هذا القول - يعني القول بدنو الرسول من ربه - يكون الدنو متأولا ليس على وجهه بل كما قال جعفر بن محمد : الدنو من الله تعالى لأحد له ومن العباد محدود .

كلامه عليه السلام في قوله تعالى خذ العفو وأمر بالعرف [الأعراف : 199]

رواه جماعة من الأعلام في كتبهم : فمنهم العلامة محمد بن أحمد بن جزى الكلبي الغرناطي الأندلسي المولود سنة 741 والمتوفى سنة 792 في التسهيل لعلوم التنزيل (ج 2 ص 58 ط دار الفكر) قال :

ص 426

وعن جعفر الصادق : أمر الله نبيه صلى الله عليه وسلم فيها بمكارم الأخلاق . ومنهم الفاضل المعاصر الدكتور عبد المجيد قطامش أستاذ الدراسات الإسلامية المساعد بجامعة أم القرى في الأمثال العربية (ص 132 ط دار الفكر ، دمشق) قال : وروى الزمخشري (ت 538 ه‍) في تفسير هذا الآية الشريفة قول جعفر الصادق : أمر الله نبيه عليه الصلاة والسلام بمكارم الأخلاق ، وليس في القرآن آية أجمع لمكارم الأخلاق منها .

ومن كلامه عليه السلام في قوله تعالى لكيلا تأسوا على ما فاتكم ولا تفرحوا بما آتاكم والله لا يحب كل مختال فخور [لقمان : 18]

رواه جماعة من الأعلام في كتبهم : فمنهم الشيخ محمد علي طه الدرة في تفسير القرآن الكريم وإعرابه وبيانه (ج 14 ص 337 ط دار الحكمة ، دمشق وبيروت سنة 1402) قال : وقال جعفر الصادق بن محمد الباقر رضي الله عنهما : يا بن آدم ما لك تأسف على مفقود لا يرده إليك الفوت ، ومالك تفرح بموجود لا يتركه في يديك الموت ؟

ومن كلامه عليه السلام في قوله تعالى وآويناهما إلى ربوة ذات قرار ومعين [المؤمنون : 5]

رواه جماعة من أعلام العامة في كتبهم : فمنهم الفاضلان المعاصران الشريف عباس أحمد صقر والشيخ أحمد عبد الجواد المدنيان في جامع الأحاديث القسم الثاني (ج 3 ص 513 ط دمشق) قالا :

ص 427

عن جعفر الصادق أنه سئل عن قوله تعالى : (وآويناهما إلى ربوة ذات قرار ومعين) قال : الربوة النجف، والقرار المسجد، والمعين الفرات. ثم قال: إن نفقة في الكوفة بالدرهم الواحد تعدل بمائة درهم في غيرها ، والركعة بمائة ركعة ، ومن أحب أن يتوضأ بماء الجنة ويشرب من ماء الجنة ويغتسل بماء الجنة فعليه بماء الفرات فإن فيه منبعين من الجنة، وينزل من الجنة كل ليلة مثقالان من مسك في الفرات، وكان أمير المؤمنين علي يأتي باب النجف، ويقول: وادي السلام ومجمع أرواح المؤمنين ، ونعم المضجع للمؤمنين هذا المكان، يقول: اللهم اجعل قبري بها (كر) .

ومن كلامه عليه السلام في قوله تعالى إن الأبرار لفي نعيم * وإن الفجار لفي جحيم [الانفطار : 13]

رواه جماعة من الأعلام في كتبهم : فمنهم الفاضل المعاصر الشيخ محمد محمود الصواف المكي في كتابه القيامة رأي العين (ص 134 ط مؤسسة الرسالة في بيروت سنة 1407) قال : في موضع من كتاب الله قال : (إن الأبرار لفي نعيم * وإن الفجار لفي جحيم) وروي عن الإمام جعفر الصادق رضي الله عنه أنه قال : النعيم المعرفة والمشاهدة ، والجحيم ظلمات الشهوات .

ومن كلامه عليه السلام في قوله تعالى وإذا رأوا تجارة أو لهوا انفضوا إليها وتركوك قائما [الجمعة : 11]

رواه جماعة من الأعلام في كتبهم : فمنهم قائد الشافعية أبو عبد الله محمد بن إدريس الشافعي المتوفى سنة 204 في المسند (ص 65 ط دار الكتب العلمية في بيروت) قال:

ص 428

أخبرنا إبراهيم بن محمد ، حدثني جعفر بن محمد ، عن أبيه قال : كان النبي صلى الله عليه وسلم يخطب يوم الجمعة وكانت لهم سوق يقال لها البطحاء كانت بنو سليم يجلبون إليها الخيل والإبل والغنم والسمن ، فقدموا فخرج إليهم الناس وتركوا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكان لهم لهو إذا تزوج أحدهم من الأنصار ضربوا بالكير ، فعيرهم الله بذلك فقال (وإذا رأوا تجارة أو لهوا انفضوا إليها وتركوك قائما) . ومنهم العلامة الشيخ محمد عابد بن أحمد بن علي بن القاضي محمد الواعظ الحنفي الأنصاري الأيوبي السندي المتولد بها والمتوفى سنة 1257 في المدينة المنورة في ترتيب مسند الشافعي (ج 1 ص 130 ط بيروت سنة 1370) قال : أخبرنا إبراهيم بن محمد ، حدثني جعفر بن محمد ، عن أبيه قال : كان النبي صلى الله عليه وسلم يخطب يوم الجمعة - فذكر مثل ما تقدم عن المسند بعينه .

كلامه عليه السلام في أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا [المؤمنون : 115]

ذكره جماعة من الأعلام في كتبهم : فمنهم تقي الدين أبو العباس أحمد بن عبد الحليم المشتهر بابن تيمية المتولد سنة 661 والمتوفى سنة 728 في الأسماء والصفات (ج 2 ص 374 ط بيروت سنة 1408) قال : وقد روى الثعلبي في تفسيره بإسناده عن جعفر بن محمد الصادق رضي الله عنه : أنه سئل عن قوله تعالى (أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا) لم خلق الله الخلق ؟ فقال : لأن الله كان محسنا بما لم يزل فيما لم يزل إلى ما لم يزل ، فأراد الله أن يفيض إحسانه إلى خلقه ، وكان غنيا عنهم ، لم يخلقهم لجر منفعة ولا لدفع مضرة ، ولكن خلقهم

ص 429

وأحسن إليهم وأرسل إليهم الرسل حتى يفصلوا بين الحق والباطل ، فمن أحسن كافأه بالجنة ، ومن عصى كافأه بالنار .

ومن كلامه عليه السلام في تفسير شهد الله أنه لا إله إلا هو الآية [آل عمران : 18]

رواه جماعة من الأعلام في كتبهم : فمنهم العلامة الشيخ فخر الدين محمد بن عمر بن الحسين الرازي المتوفى سنة 606 في كتابه عجائب القرآن (ص 43 ط بيروت سنة 1404) قال : وقال جعفر الصادق وقد سألوه عن هذه الآية : إن الله شهد لنفسه بالفردانية والصمدية والأحدية والأزلية ، ثم خلق الخلق ، فشغلهم بعبادة هذه الكلمة . وذلك لأن شهادة الحق لنفسه حق ، وشهادتهم له رسم ، فكيف يستوي الرسم مع الحق ، ومن أين للتراب طاقة على تجلي نور رب الأرباب .

كلامه عليه السلام في تفسير والنجم إذا هوى [النجم : 1]

رواه جماعة من الأعلام في كتبهم : فمنهم المولوي علي بن سلطان محمد القاري في شرح الشفاء للقاضي عياض (ج 1 ص 201 المطبوع بهامش نسيم الرياض في شرح شفاء القاضي عياض ط دار الفكر ، بيروت) قال : رواه عن كتاب الشفاء للقاضي عياض فشرحه : (والنجم إذا هوى) أنه محمد صلى الله عليه وسلم ، وهوى أي نزل أو صعد إلى السماء (والنجم) قلب محمد صلى الله عليه وسلم (هوى) انشرح من الأنوار . وقال أيضا : (هوى) انقطع عن

ص 430

غير الله . ومنهم العلامة شهاب الدين أحمد الخفاجي المصري في نسيم الرياض في شرح شفاء القاضي عياض (ج 1 ص 201 ط دار الفكر ، بيروت) رواه عن كتاب الشفاء فشرحه . ومنهم الفاضل المعاصر حسن كامل الملطاوي في رسول الله في القرآن الكريم (ص 161 ط دار المعارف ، القاهرة) قال : وفي تفسير الإمام القرطبي رضي الله عنه عند قوله تعالى (والنجم إذا هوى) قال الإمام جعفر بن محمد بن علي بن الحسين رضي الله عنهم (والنجم) يعني محمدا صلى الله عليه وسلم (إذا هوى) إذا نزل من السماء ليلة المعراج .

ومن كلامه عليه السلام في قوله تعالى ولقد آتيناك سبعا من المثاني [الحجر : 87]

رواه جماعة من أعلام العامة في كتبهم : فمنهم العلامة المولوي علي بن سلطان القاري في شرح الشفاء - للقاضي عياض (ج 1 ص 298 المطبوع بهامش نسيم الرياض للخفاجي ط دار الفكر ، بيروت) قال : قال عليه السلام : أي أكرمنا بسبع كرامات : الهدى ، والنبوة ، والرحمة ، والشفاعة ، والولاية ، والتعظيم ، والسكينة . رواه عن كتاب الشفاء للقاضي عياض فشرحه .

ومن كلامه عليه السلام في قوله تعالى إني جاعل في الأرض خليفة [البقرة : 30]

ص 431

رواه جماعة من أعلام العامة في كتبهم : فمنهم العلامة الشيخ عبد الغني بن إسماعيل النابلسي المتوفى سنة 1143 في كتابه الحقيقة والمجاز في الرحلة إلى بلاد الشام ومصر والحجاز (ص 443 ط القاهرة) قال : وحكى جعفر بن محمد ، عن أبيه محمد بن علي رضي الله عنهم : أن سبب وضع البيت والطواف بيان الله تعالى ، قال للملائكة (إني جاعل في الأرض خليفة قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك قال إني أعلم ما لا تعلمون) فغضب عليهم فعاذوا بالعرش ، فطافوا حوله سبعة أطواف يسترضون ربهم ، فرضي عنهم وقال لهم : ابنوا لي في الأرض بيتا يعوذ به من سخطت عليه من بني آدم يطاف حوله كما فعلتم بعرشي فأرضى عنهم ، فبنوا له هذا البيت ، فكان أول بيت وضع للناس ، قال الله سبحانه (إن أول بيت وضع للناس للذي ببكة مباركا) [آل عمران : 96] .

ومن كلامه عليه السلام حول بعض الآيات

رواه جماعة من الأعلام في كتبهم : فمنهم الفاضل المعاصر الشيخ محمد متولي الشعراوي في المنتخب من تفسير القرآن الكريم (ج 1 ص 56 ط منشورات دار النصر ، بيروت) قال : وكان الإمام جعفر الصادق يقول : عجبت لمن خاف كيف لا يفزع إلى قول الله سبحانه وتعالى (حسبنا الله ونعم الوكيل) فإن الله يعقبها بقوله (فانقلبوا بنعمة الله وفضل لم يمسسهم سوء) [آل عمران : 174] وعجبت لمن اغتم كيف لا يفزع إلى قول الله تعالى (لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين) [الأنبياء : 87] فالله

ص 432

يعقبها بقوله (فاستجبنا له ونجيناه من الغم وكذلك ننجي المؤمنين) ، وعجبت لمن يمكر به كيف لا يفزع إلى قول الله تعالى (وأفوض أمري إلى الله إن الله بصير بالعباد) [غافر : 44] فإن الله يعقبها بقوله (فوقاه الله سيئات ما مكروا) ، وعجبت لمن طلب الدنيا وزينتها كيف لا يفزع إلى قول الله سبحانه وتعالى (ما شاء الله لا قوة إلا بالله) [الكهف : 39] فإني سمعت الله يعقبها بقوله (إن ترن أنا أقل منك مالا وولدا . . فعسى ربي أن يؤتيني خيرا من جنتك) . ومنهم العلامة الشيخ فخر الدين محمد بن عمر بن الحسين الرازي المتوفى سنة 606 في كتابه عجائب القرآن (ص 123 ط بيروت سنة 1404) قال : قال جعفر بن محمد الصادق : عجبت لمن ابتلي بأربع كيف يغفل عن أربع : عجبت لمن أعجب بأمر كيف لا يقول ما شاء الله لا قوة إلا بالله ، وإنه تعالى يقول (ولو لا إذ دخلت جنتك قلت ما شاء الله لا قوة إلا بالله) [الكهف : 39] ، وعجبت لمن خاف قوما كيف لا يقول حسبي الله ونعم الوكيل ، والله تعالى يقول (الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل * فانقلبوا بنعمة من الله وفضل لم يمسسهم سوء) [آل عمران : 174] ، وعجبت لمن مكر به كيف لا يقول أفوض أمري إلى الله إن الله بصير بالعباد والله تعالى يقول (فوقاه الله سيئات ما مكروا وحاق بآل فرعون سوء العذاب) [غافر : 45] وعجبت لمن أصابه هم أو كرب لا يقول لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين فيقول الله (فاستجبنا له ونجيناه من الغم وكذلك ننجي المؤمنين) [الأنبياء : 88] . ومنهم الفاضل المعاصر الشيخ عبد القادر عطا في خطب الجمعة والعيدين للوعظ والارشاد (ص 11 ط دار الكتب العلمية ، بيروت) قال :

ص 433

قال سيدنا جعفر الصادق رضي الله عنه : عجبت لمن خاف - فذكر مثل ما تقدم باختلاف يسير . كلامه عليه السلام في قوله تعالى واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى [البقرة : 125] رواه جماعة من أعلام العامة في كتبهم : فمنهم العلامة أبو الحسن أسلم بن سهل بن أسلم بن زياد بن حبيب الرزاز الواسطي المشتهر ببحشل في تاريخ واسط (ص 189 ط عالم الكتب ، بيروت) قال : حدثنا أسلم ، قال : ثنا أحمد بن سنان ، قال : ثنا هيم بن معاوية الزمراي ، قال : ثنا حاتم بن إسماعيل ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه أن رسول الله عليه وسلم قرأ (واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى) .

كلامه عليه السلام في فوجدك ضالا فهدى [الضحى : 7]

رواه جماعة من أعلام العامة في كتبهم : فمنهم العلامة شهاب الدين أحمد الخفاجي المصري في نسيم الرياض في شرح شفاء القاضي عياض (ج 4 ص 48 ط دار الفكر ، بيروت) قال : في قوله تعالى (فوجدك ضالا فهدى) ضالا عن محبتي لك في الأزل ، أي تعرفها فمننت عليك بمعرفتي . روى كلامه عليه السلام عن الشفاء فشرحه .

ص 434

ومنهم المولوي علي بن سلطان محمد القاري في شرح الشفاء - للقاضي عياض (ج 4 ص 48 المطبوع بهامش نسيم الرياض في شرح شفاء القاضي عياض ط دار الفكر ، بيروت) رواه مثل ما تقدم فشرحه .

ومن كلامه عليه السلام في تفسير ألم يجدك يتيما فآوى [الضحى : 6]

رواه جماعة من أعلام العامة في كتبهم : فمنهم المولوي علي بن سلطان محمد القاري في شرح الشفاء - للقاضي عياض (ج 1 ص 208 المطبوع بهامش نسيم الرياض في شرح شفاء القاضي عياض ط دار الفكر ، بيروت) قال : عن جعفر الصادق أنه سئل : لم أفرد رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم من أبويه فكان يتيما في صغره ؟ فقال : لئلا يكون عليه حق للمخلوق . إنتهى . ومنهم العلامة شهاب الدين أحمد الخفاجي المصري في نسيم الرياض في شرح شفاء القاضي عياض (ج 1 ص 210 ط دار الفكر ، بيروت) قال : (وقيل آواه إليه) أي قيل في تفسير هذه الآية أن معناها آواه الله أي ضمه إلى نفسه ولم يحوجه لحماية أحد وإيوائه ، وهذا معنى ما حكي عن جعفر الصادق أنه سئل : لم كان النبي صلى الله تعالى عليه وسلم يتيما في صغره ؟ فقال : لئلا يكون عليه حق لمخلوق .

ص 435

كلامه عليه السلام في الحمد لله رب العالمين

رواه جماعة من أعلام العامة في كتبهم : فمنهم الدكتور القصبي محمود زلط الأستاذ المساعد بجامعة الأزهر في القرطبي ومنهجه في التفسير (ص 315 ط المركز العربي للثقافة والعلوم ، بيروت) قال ففي قوله (الحمد لله رب العالمين) يقول : ويذكر عن جعفر الصادق في قوله (الحمد لله) من حمده بصفاته كما وصف نفسه فقد حمد ، لأن الحمد حاء وميم ودال ، فالحاء من الوحدانية ، والميم من الملك ، والدال من الديمومية ، فمن عرفه بالوحدانية والديمومية والملك فقد عرفه .

من كلامه عليه السلام في قوله تعالى فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم [النساء : 65]

رواه جماعة من أعلام العامة في كتبهم : فمنهم الفاضل المعاصر موسى محمد علي في كتابه حقيقة التوسل والوسيلة على ضوء الكتاب والسنة (ص 17 ط عالم الكتب ، بيروت) قال : عن جعفر الصادق رضي الله عنه أنه قال : لو أن قوما عبدوا الله تعالى وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وصاموا رمضان وحجوا البيت ، ثم قالوا لشيء صنعه رسول الله صلى الله عليه وسلم : ألا صنع خلاف ما صنع ، أو وجدوا في أنفسهم حرجا فكانوا مشركين ، ثم تلا هذه الآية : (فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما) . وقال أيضا في كتابه حليم آل البيت الإمام الحسن بن علي ص 35 ط عالم

ص 436

الكتب مثله بعينه .

من كلامه عليه السلام في أرجى آية في القرآن ولسوف يعطيك ربك فترضى [الضحى : 5]

رواه جماعة من أعلام العامة في كتبهم : فمنهم العلامة أبو بكر أحمد بن مروان بن محمد الدينوري في المجالسة وجواهر العلم (ص 502 ط معهد تاريخ العلوم العربية بفرانكفورت) قال : حدثنا محمد بن علي بن حمزة العلوي ، نا علي بن الحسن بن عمر بن الحسن بن علي بن أبي طالب ، نا الحسن بن زيد بن علي بن أبي طالب ، قال : سمعت جعفر بن محمد يقول : أرجى آية في كتاب الله عز وجل (ولسوف يعطيك ربك فترضى) فلم يكن مرضى محمد من ربه أن يدخل أحدا من أمته النار . ومنهم الشيخ محمد علي طه الدرة في تفسير القرآن الكريم وإعرابه وبيانه (ج 16 ص 327 ط دار الحكمة ، دمشق وبيروت سنة 1402) قال : وفي الخازن : قال حرب بن شريح : سمعت جعفر بن محمد بن علي ، أي زين العابدين يقول : يا معشر أهل العراق إنكم تقولون : أرجى آية في كتاب الله (قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله - الخ) قالوا : نقول ذلك . قال : ولكنا أهل البيت نقول : إن أرجى آية في كتاب الله قوله تبارك وتعالى (ولسوف يعطيك ربك فترضى) .

من كلامه عليه السلام في تفسير فأوحى إلى عبده ما أوحى [النجم : 10]

رواه جماعة من أعلام العامة في كتبهم :

ص 437

فمنهم الفاضل المعاصر محمد سليم في الإسراء والمعراج (ص 109 ط المختار الإسلامي ، القاهرة) قال : سئل جعفر الصادق رضي الله عنه عن معنى قوله تعالى (فأوحى إلى عبده ما أوحى) قال : سر الحبيب مع الحبيب ، ولا يعلم سر الحبيب إلا الحبيب .

من كلامه عليه السلام في قوله تعالى ويتم نعمته عليك [الفتح : 2]

رواه جماعة من أعلام العامة في كتبهم : فمنهم العلامة شهاب الدين أحمد الخفاجي المصري في نسيم الرياض في شرح شفاء القاضي عياض (ج 1 ص 280 ط دار الفكر ، بيروت) قال : (وقال جعفر بن محمد) الصادق الذي تقدمت ترجمته في تفسير هذه الآية (من تمام نعمته عليه) أي من إتمام نعمته التي أنعم بها عليه (إن جعله حبيبه) أي اصطفاه وخصه وأكرمه إكرام المحب لحبيبه حتى لقب بالحبيب .

ص 438

كلمات أعلام العامة (من السلف والخلف في شأنه عليه السلام)

منها

قول مالك بن أنس

رواه جماعة من أعلام العامة في كتبهم : فمنهم العلامة برهان الدين بن فرحون المدني المالكي المتوفى سنة 799 في إرشاد السالك إلى أفعال المناسك (ج 1 ص 201 ط بيت الحكمة ، قرطاج) قال : وقد ذكر مصعب الزبيري عن مالك رحمه الله تعالى قال : اختلفت إلى جعفر بن محمد الصادق زمانا ، وما كنت أراه إلا على إحدى ثلاث خصال : إما مصل ، وإما صائم ، وإما يقرأ القرآن ، وما رأيته يحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا على طهارة ، وكان لا يتكلم فيما لا يعنيه ، وكان من العلماء العباد الزهاد الذين يخشون الله تعالى ، ولقد حججت معه سنة ، فلما أتى الشجرة أحرم ، فكلما أراد أن يهل كان يغشى عليه ، فقلت له : لا بد لك من ذلك ؟ فقال : يا بن أبي عامر إني أخشى أن أقول لبيك اللهم ، فيقول : لا لبيك ولا سعديك .

ص 439

ومنهم العلامة أبو بكر محمد بن إسماعيل بن خلف بن خلقون الإشبيلي المتوفى سنة 636 في أسماء شيوخ مالك بن أنس (ص 66 ط مكتبة الثقافة الدينية ، بور سعيد الظاهر) قال : وذكر مصعب الزبيري عن مالك رحمه الله أنه قال : اختلفت إلى جعفر بن محمد - فذكر مثل ما تقدم عن البرهان ابن فرحون . ومنهم العلامة شهاب الدين أحمد الخفاجي المصري في نسيم الرياض في شرح شفاء القاضي عياض (ج 3 ص 399 ط دار الفكر ، بيروت) قال : وقال مصعب : قال الإمام مالك : وقد كنت أرى جعفر بن محمد - فذكر مثل ما تقدم عن ابن فرحون مع شرحه . ومنهم المولوي علي بن سلطان محمد القاري في شرح الشفاء للقاضي عياض (ج 3 ص 399 المطبوع بهامش نسيم الرياض في شرح شفاء القاضي عياض ط دار الفكر ، بيروت) قال : وقال مصعب بن عبد الله : قال مالك : ولقد كنت أرى جعفر بن محمد - فذكر مثل ما تقدم عن ابن فرحون وشرحه أيضا . ومنهم الأستاذ محمد أبو زهرة في الميراث عند الجعفرية (ص 33 ط دار الرائد العربي ، بيروت) قال : قال إمام دار الهجرة مالك رضي الله عنه : اختلفت إلى جعفر بن محمد زمانا ، فما كنت أراه إلا على إحدى ثلاث خصال - فذكر مثل ما تقدم عن ابن فرحون إلى : يخشون الله . ومنهم الفاضل المعاصر عبد الرحمن الشرقاوي في كتابه أئمة الفقه التسعة (ج 1

ص 440

ص 140 ط الهيئة المصرية العامة للكتاب) قال : ويقول الإمام مالك من علاقته بالإمام جعفر الصادق : كنت آتي جعفر بن محمد ، وكان كثير المزاح والتبسم ، فإذا ذكر عنده النبي (ص) اخضر واصفر ، ولقد اختلفت إليه زمانا فما كنت أراه إلا على ثلاث خصال - فذكر مثل ما تقدم عن ابن فرحون . ثم قال : أفاد الإمام مالك من صحبة الإمام جعفر ، وأخذ عنه كثيرا من طرق استنباط الحكم ووجوه الرأي ، وأخذ عنه بعض الأحكام في المعاملات ، وأخذ الاعتماد على شاهد دون شاهدين ، إذا حلف المدعي اليمين ، وكما أخذ من الإمام الصادق جعفر بن محمد أخذ من أبيه الإمام محمد الباقر بن علي زين العابدين بن الحسين بن علي بن أبي طالب . ومنهم تقي الدين أبو العباس أحمد بن عبد الحليم المشتهر بابن تيمية الحنبلي الحراني الدمشقي المتوفى سنة 728 في كتابه قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة (ص 68 ط دار الكتب العلمية في بيروت) قال : قال مصعب : قال مالك (ابن أنس) : ولقد كنت أرى جعفر بن محمد - وكان كثير الدعابة والتبسم - فإذا ذكر عنده النبي صلى الله عليه وسلم اصفر لونه ، وما رأيته يحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا على طهارة . ومنهم الفاضل المعاصر الدكتور أحمد علي طه ريان الأستاذ المساعد بكلية الشريعة والقانون في جامعة الأزهر في ملامح من حياة مالك بن أنس (ص 34 ط دار الاعتصام ، القاهرة) فذكر قول مالك مثل ما تقدم عن ابن فرحون في إرشاد السالك .

ص 441

ومنها

قول محمد بن إدريس الشافعي

ذكره جماعة من أعلام العامة في كتبهم : فمنهم العلامة أبو بكر محمد بن إسماعيل بن خلف بن خلقون الإشبيلي المتوفى سنة 636 في أسماء شيوخ مالك بن أنس (ص 67 ط مكتبة الثقافة الدينية ، بورسعيد الظاهر) قال : قال ابن أبي حاتم : نا أحمد بن سلمة ، قال : سمعت إسحاق بن إبراهيم بن راهويه يقول : قلت للشافعي : كيف جعفر بن محمد عندك ؟ قال : ثقة - في مناظرة جرت بينهما . ومنها

قول عمر بن المقداد

ذكره جماعة من أعلام العامة في كتبهم : فمنهم الفاضل الأمير أحمد حسين بهادرخان الحنفي البريانوي الهندي في كتابه تاريخ الأحمدي (ص 327 ط بيروت سنة 1408) قال : وفي حلية الأولياء لأبي نعيم عن عمر بن المقداد قال : كنت إذا نظرت إلى جعفر بن محمد علمت أنه من سلالة النبيين . ومنها

قول أبي حنيفة النعمان بن ثابت

رواه جماعة من أعلام العامة في كتبهم :

ص 442

فمنهم الحافظ المؤرخ شمس الدين محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي المتوفى سنة 748 في تاريخ الإسلام ووفيات المشاهير والأعلام حوادث سنة 141 - 160 (ص 89 ط بيروت سنة 1407) قال : وقال ابن عقدة : ثنا جعفر بن محمد بن حسين بن حازم ، حدثني أبو نجيح إبراهيم ابن محمد ، سمعت الحسن بن زياد الفقيه ، سمعت أبا حنيفة وسئل : من أفقه من رأيت ؟ فقال : ما رأيت أحدا أفقه من جعفر ، لما أقدمه المنصور الحيرة بعث إلي فقال : يا أبا حنيفة إن الناس قد فتنوا بجعفر بن محمد ، فهيئ لنا من مسائلك الصعاب ، فهيأت له أربعين مسألة ، ثم بعث إلي المنصور فأتيته ، فدخلت ، وجعفر جالس عن يمينه ، فلما بصرت بهما دخلني لجعفر من الهيبة ما لم يدخلني للمنصور ، ثم التفت إلى جعفر فقال : يا أبا عبد الله ، أتعرف هذا ؟ قال : نعم هذا أبو حنيفة ، ثم أتبعها : قد أتانا ، ثم قال : يا أبا حنيفة هات من مسائلك فأسأل أبا عبد الله ، فابتدأت أسأله ، فكان يقول في المسألة : أنتم تقولون فيها كذا وكذا ، وأهل المدينة يقولون كذا وكذا ، ونحن - يريد أهل البيت - نقول كذا وكذا ، فربما تابعنا ، وربما تابع أهل المدينة ، وربما خالفنا معا ، حتى أتيت على أربعين مسألة ، ما أخرم فيها مسألة ، ثم يقول أبو حنيفة : أليس قد روينا أن أعلم الناس أعلم الناس بالاختلاف . ومنهم العلامة صدر الأئمة صدر الدين أبو المؤيد موفق بن أحمد المكي أخطب خطباء خوارزم في مناقب أبي حنيفة (ج 1 ص 148 ط دار الكتاب العربي ، بيروت) قال : وبه قال عن الحسن بن زياد اللؤلؤي ، سمعت أبا حنيفة وسئل : من أفقه من رأيت ؟ قال : ما رأيت أفقه من جعفر بن محمد الصادق ، لما أقدمه المنصور بعث إلي فقال : يا أبا حنيفة إن الناس قد فتنوا بجعفر بن محمد فهيئ له من المسائل الشداد ، فهيأت له أربعين مسألة - فذكر مثل ما تقدم عن الحافظ الذهبي .

ص 443

ومنهم العلامة أبو أحمد عبد الله بن محمد الحنفي المتوفى سنة 365 في الكامل في الرجال (ج 2 ص 556) قال : حدثنا ابن سعيد ، حدثنا جعفر بن محمد بن حسن بن حازم ، حدثنا أبي إبراهيم بن محمد الزماني أبو نجيح ، سمعت حسن زياد يقول : سمعت أبا حنيفة وسئل : من أفقه من رأيت ؟ فقال : ما رأيت أحدا أفقه من جعفر بن محمد ، لما أقدمه المنصور - فذكر مثل ما تقدم عن الذهبي بعينه . ومنهم الفاضل المعاصر عبد الرحمن الشرقاوي في كتابه أئمة الفقه التسعة (ج 2 ص 90 ط الهيئة المصرية العامة للكتاب) قال عند ذكر الإمام أبي حنيفة النعمان : لزم الإمام جعفر الصادق سنتين تعلم فيهما الكثير ، وإن اختلفا من بعد ، حتى قال أبو حنيفة النعمان : لولا السنتان للهلك النعمان . وقال أيضا في ج 1 ص 166 عند ذكر الشافعي : والتقى ببعض تلاميذ جعفر الصادق ، وتعلم منهم بعض فقه الإمام الصادق وأقضية الإمام علي كرم الله وجهه ، وتعلم من مذهب الإمام الصادق أن العقل هو أقوى أدوات الاستنباط حين لا يكون نص ، العقل وحده هو أداة فهم النصوص لا الاتباع ولا التقليد . وتعلم من تلاميذ الإمام الصادق رأي الإمام في حقيقة العلم . ومنهم الفاضل الأمير أحمد حسين بهادرخان الحنفي البريانوي الهندي في تاريخ الأحمدي (ص 327 ط بيروت سنة 1408) قال : وفي تذكرة الحفاظ للذهبي عن أبي حنيفة قال : ما رأيت أفقه من جعفر بن محمد .

ص 444

ومنها

قول هياج بن بسطام

نقله جماعة من أعلام العامة في كتبهم : فمنهم الحافظ المؤرخ شمس الدين محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي المتوفى سنة 748 في تاريخ الإسلام ووفيات المشاهير والأعلام حوادث سنة 141 - 160 (ص 89 ط بيروت سنة 1407) قال : وقال هياج بن بسطام : كان جعفر بن محمد يطعم حتى لا يبقى لعياله شيء . ومنها

قول أبي حاتم

نقله جماعة من أعلام العامة في كتبهم : فمنهم الحافظ المذكور في الكتاب المزبور (في الصحيفة الماضية) قال : قال أبو حاتم : ثقة لا يسأل عن مثله . ومنها

قول ابن معين

نقله جماعة من الأعلام في كتبهم : فمنهم الحافظ المؤرخ شمس الدين محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي المتوفى سنة 748 في تاريخ الإسلام ووفيات المشاهير والأعلام حوادث سنة 141 - 160

ص 445

(ص 88 ط بيروت سنة 1407) قال: روى عباس الدوري عن ابن معين قال: جعفر بن محمد ثقة مأمون. ومنها

قول الحافظ الشيخ زين الدين العراقي

نقله في شرح الألفية المسماة بالتبصرة والتذكرة له أيضا (ج 1 ص 31 ط دار الكتب العلمية، بيروت) قال فيه: فنقول وبالله التوفيق: إن أصح أسانيد أهل البيت جعفر بن محمد عن أبيه عن جده عن علي إذا كان الراوي عن جعفر ثقة. ومنها

قول الحافظ ابن شاهين

نقله في كتابه تاريخ أسماء الثقات ممن نقل عنهم العلم (ص 85 ط دار الكتب العلمية في بيروت سنة 1406) قال فيه: جعفر بن محمد الصادق: ثقة مأمون، قاله يحيى وسئل عثمان بن أبي شيبة عنه، فقال: مثل جعفر لا يسأل عنه، هو ثقة إذا روى عنه الثقات. ومنها

قول الحافظ العجلي

نقله في تاريخ الثقات ترتيب الحافظ الهيثمي (ص 98) قال فيه:

ص 446

جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهم أجمعين ، ولهم شيء ليس لغيرهم ، خمسة أئمة : جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب . حدثني حسين الجعفي ، عن حفص بن غياث قال : قدمت البصرة ، فقالوا : لاتحدثنا عن ثلاثة : جعفر بن محمد ، وأشعث بن سوار ، وأشعث بن عبد الملك ، فقلت : أما جعفر بن محمد فلم أكن لأدع الحديث عنه ، لقرابته من رسول الله صلى الله عليه وسلم ولفضله . ومنها

قول الفاضل الدكتور عبد المعطي قلعجي

في تعليقه على تاريخ الثقات (ص 98) قال : جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب الهاشمي العلوي أبو عبد الله الصادق : روى عنه شعبة ، والسفيانان ، ومالك ، وابن جريج ، وأبو حنيفة ، وخلق كثير ، ولا يسأل عن عدالته فهو الثقة ابن الثقة ، ذكره ابن حبان في الثقات فقال : كان من سادات أهل البيت فقها وعلما وفضلا ، يحتج بحديثه . وقال أيضا في تعليقات تاريخ أسماء الثقات لابن شاهين ص 85 مثل ذلك . ومنها

قول أبي زهرة

في كتابه الميراث عند الجعفرية (ص 34 ط دار الرائد العربي ، بيروت) قال : والإمام جعفر الصادق هو ابن الإمام محمد الباقر بن علي زين العابدين بن الحسين ابن علي بن أبي طالب ، من فاطمة سيدة نساء العالمين ، كما قال سيد المرسلين ، وهي

ص 447

بنت محمد ، وهي التي بقيت منها العترة النبوية والسلالة المحمدية ، ففي أولادها وذريتها إلى يوم القيامة العبقة النبوية والسلالة الهاشمية ، إن صحت النسبة واستقاموا على الجادة . ولد الإمام جعفر سنة 83 ، وقيل سنة 80 ، وتوفي سنة 148 ، فسنه قريبة من سن الإمام أبي حنيفة ، وإن كان يعد من شيوخ أبي حنيفة ، فقد روى عنه وعن أبيه محمد الباقر . وجعفر الصادق إمام ابن إمام ، حتى تنتهي السلسلة إلى الإمام علي بن أبي طالب الذي قال عنه النبي صلى الله عليه وسلم إنه أقضى أصحابه ، وهو الذي كان يحل كل معضلة في عهد الخليفة الثاني عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، حتى لقد كان يقول عمر عندما تكون معضلة : مسألة ولا أبا حسن لها . بيئة كريمة : ولسنا ممن يقول إن العلم ينتقل بالوراثة ، ولكنا نقول إن العرق دساس ، وإن الرجل الذي ينبت في منبت العلم ، ويتوارث ذكر العلم كابرا عن كابر ، لا بد أن يكون فيه نزوع إليه ، واتجاه نحوه ، فإن وجد البيئة الصالحة والفراغ الذي يشغله بالعلم ، ولا يشغل عنه بشاغل آخر ، فإنه لا بد أن ينتج في العلم ويثمر ، والإمام جعفر الصادق ، هو غصن كبير من أغصان تلك الدوحة الهاشمية التي انصرفت في العصر الأموي والعباسي إلى العلم تزجي به الفراغ ، وتعمل فيه بما يتفق مع شرف النسبة ، والانتماء إلى محمد صلى الله عليه وسلم . جمعه بين علم المدينة وعلم العراق : وقد تهيأت لجعفر الصادق نشأة علمية ، وبيئة علمية ، فأبوه محمد الباقر بن علي زين العابدين كان إماما من أئمة العلم بالمدينة يؤخذ عنه في الفتيا ويرجع إليه ، وقد

ص 448

التقى فيه شرف النسب ، وشرف النفس ، والعزة الهاشمية ، مع العلم الذي انصرف إليه ، ولم يجد عملا له دون سواه . وقد قالوا إنه لقب بالباقر لأنه لما اشتهر بالعلم ونفاذ البصيرة فيه قيل كأنه بقر العلم أي شقه ووصل إلى لبابه وأقصى غايته . وعمه الإمام زيد بن علي أستاذ أبي حنيفة ، وصاحب واصل بن عطاء ، كان عالما في الفقه وفي العقائد ، وحسبك أن أبا حنيفة شيخ الفقهاء قد أخذ عنه . وابن عمه عبد الله بن حسن كان إماما في الفقه والحديث ، وقد أخذ عنه أبو حنيفة أيضا . فالإمام جعفر نشأ في ذلك البيت العلمي ، وكان مقامه مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم التي كانت مثابة الحديث ، وفقه الصحابة والتابعين ، ولذلك كان من أعلم الناس بأقوال العلماء وقد علم فقه الأثر ، وفقه الرأي معا ، ولقد قال أبو حنيفة في مقدار علمه ما رأيت أفقه من جعفر بن محمد الصادق . وقد روي أن أبا جعفر المنصور قال : يا أبا حنيفة إن الناس قد فتنوا بجعفر بن محمد ، فهيئ من المسائل الشداد ما تسأله به ، فهيأ له أربعين مسألة ، وإن أبا حنيفة يقول في لقائه وعرض هذه المسائل : أتيته فدخلت عليه (أي على أبي جعفر المنصور) وجعفر بن محمد جالس عن يمينه فلما بصرت به دخلتني من الهيبة لجعفر بن محمد ما لم يدخلني لأبي جعفر المنصور ، فسلمت عليه ، وأومأ فجلست ، ثم التفت إليه ، فقال : يا أبا عبد الله هذا أبو حنيفة . فقال : نعم ، ثم التفت إلي فقال : يا أبا حنيفة ألق على أبي عبد الله مسائلك ، فجعلت ألقي عليه فيجيبني ، فيقول : أنتم تقولون كذا وأهل المدينة يقولون كذا ، ونحن نقول كذا ، فربما تابعنا ، وربما تابعهم ، وربما خالفنا ، حتى أتيت على الأربعين مسألة ، ما أخل منها مسألة واحدة . ثم قال أبو حنيفة : أعلم الناس أعلمهم باختلاف الناس . فإذا كان قد تلقى العلم بالمدينة ، فهو لم ينقطع عن علم العراق ، بل كان يعرفه كما حكى شيخ فقهاء العراق وإمام القياسين في الفقه الإسلامي .

ص 449

علاقته بالسياسة في عصره : ولقد كان أبو عبد الله كأبيه محمد الباقر ممن لم تشغل السياسة العملية حيزا كبيرا من تفكيرهم فيما يظهر ، بل انصرف إلى العلم كأبيه ، ولم يشغل ولا أبوه أنفسهما بالسياسة العملية ، كما فعل عمه زيد ، وكما فعل أولاد عمه إبراهيم ومحمد النفس الزكية أولاد عبد الله بن حسن . وكان في آرائه السياسية كأبيه معتدلا غير مغال ، وقد كان أبوه ينهى عن سب الشيخين أبي بكر وعمر ، وعن سب ذي النورين عثمان رضي الله عنهم ، ويروى أنه ذكر بحضرته بعض أهل العراق هؤلاء الأئمة الثلاثة بسوء ، فغضب وقال لهم مؤنبا : أنتم من المهاجرين الأولين الذين أخرجوا من ديارهم وأموالهم ! قالوا : لا . قال : فأنتم من الذين تبوءوا الدار والإيمان ! قالوا : لا . قال : ولستم من الذين جاؤا من بعدهم يقولون : ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ، قوموا عني ، لا قرب الله داركم ، تقرون بالاسلام ، ولستم من أهله . التزامه محراب العلم : ولقد كانت الأحوال في العصر الذي عاش فيه الإمام جعفر تجره إلى السياسة جرا شديدا ، ولكنه استعصم ولم يسر في تيارها العملي ، كما فعل عمه ، وأبناء عمومته من أولاد الإمام عبد الله بن الحسن رضي الله عنهم أجمعين . ومنها

قول الشيخ أحمد محيي الدين العجوز

في كتابه مناهج الشريعة الإسلامية (ج 3 ص 114 ط مكتبة المعارف ، بيروت) قال : مذهب الإمامية وهم الذين يعتقدون بإمامة اثني عشر من آل البيت النبوي ،

ص 450

والإمامية أكبر طوائف الشيعة وينتشر مذهبهم في إيران ، ثم العراق ، ثم لبنان . وإمامهم في الفقه وأحكامه الإمام جعفر بن محمد الصادق وهو الإمام السادس من أئمة أهل البيت الكرام ، كان رضي الله عنه من كبار المجتهدين ، ومن العلماء الزهاد ، الذين يخشون الله تعالى ، فهو ذو علم غزير في الدين ، وأدب كامل وحكمة رفيعة ، وزهد بالغ في الدنيا ، وورع تام عن الشهوات . وكما كان من كبار المجتهدين في أحكام الشريعة السمحة ، ومرجع علماء الشرع في زمانه ، كان عالما جليلا في الزجر والفال ، ولا سيما علم الكيمياء . فقد كان فيه على باع واسع ، ومعرفة دقيقة وبراعة فائقة . وقد تلقى عنه علم الكيمياء جابر بن حيان ، فبرع في الأركان الأربعة ، والموازين والخمائر الكبيرة ، والمزج والأصباغ وخواص المعادن وطبائعها والعلم الإلهي وما بعد الطبيعة . وقد ألف الإمام جعفر الصادق كتابا في الكيمياء يقع في ألف ورقة في القرن الأول الهجري . وكان يقال له : شيخ الكيميائيين . كان مقامه في المدينة المنورة في أكثر الأحيان ، ثم رحل إلى الكوفة ، وأقام فيها حينا . وقد أخذ عن الإمام جعفر الصادق رضي الله عنه الإمام مالك في المدينة ، وقال عنه : إنه كان من العلماء الزهاد الذين يخشون الله . وأخذ عنه أيضا الإمام أبو حنيفة في الكوفة ، وقال : ما رأيت أفقه من جعفر بن محمد الصادق . ومنهم الفاضل المعاصر عبد الرحمن الشرقاوي في كتابه أئمة الفقه التسعة (ج 1 ص 27 ط الهيئة المصرية العامة للكتاب) قال : لم يجمع الناس على حب أحد في ذلك العصر كما أجمعوا على حب الإمام جعفر

 

الصفحة السابقة الصفحة التالية

شرح إحقاق الحق (ج28)

فهرسة الكتاب

فهرس الكتب