الصفحة السابقة الصفحة التالية

شرح إحقاق الحق (ج33)

فهرسة الكتاب

فهرس الكتب

ص 301

في تهذيب تاريخ ابن عساكر 5 / 188 ولفظه (سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: أول من يلحقني من أهل بيتي أن يا فاطمة). ومنهم الفاضل المعاصر يوسف عبد الرحمن المرعشلي في (فهرس أحاديث نوادر الأصول في معرفة أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم) لأبي عبد الله الترمذي (ص 60 ط دار النور الإسلامي ودار البشائر الإسلامية بيروت) قال: قال لها عند موته إنك أسرع الناس لحوقا بي فضحكت... فاطمة 307. ومنهم عبد الرحمن الشرقاوي في (علي إمام المتقين) (ج 1 ص 70 ط مكتبة غريب بالعجالة) قال: فذكر الحديث كما تقدم. ومنهم الفاضلان عبد مهنا وسمير جابر في (أخبار النساء في العقد الفريد) (ص 138 ط دار الكتب العلمية بيروت) قال: قالت عائشة أم المؤمنين: ما رأيت من خلق الله أشبه حديثا وكلاما برسول الله صلى الله عليه وسلم من فاطمة، وكانت إذا دخلت عليه أخذ بيدها فقبلها ورحب بها وأجلسها في مجلسه، وكان إذا دخل عليها قامت إليه ورحبت به وأخذت بيده فقبلتها. فدخلت عليه في مرضه الذي توفي فيه، فأسر إليها فبكت، ثم أسر إليها فضحكت، فقلت: كنت أحسب لهذه المرأة فضلا على النساء، فإذا هي واحدة منهن، بينما هي تبكي إذ هي تضحك! فلما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم سألتها، فقالت: أسر إلي فأخبرني أنه ميت فبكيت، ثم أسر إلي أني أول أهل بيته لحوقا به فضحكت. ومنهم الفاضلة المعاصرة الدكتورة عائشة عبد الرحمن بنت الشاطئ في (بنات النبي صلى الله عليه وآله) (ص 212 ط دار الكتاب العربي بيروت) قالت:

ص 302

فأشار إلى الحديث الشريف. ومنهم الفاضل المعاصر عبد المنعم الهاشمي في كتابه (أصهار رسول الله صلى الله عليه وآله) (ص 43 ط دار الهجرة بيروت) قال: ولم تشاء بل ولم يشاء الله أن يطيل مقامها في الدنيا بعد وفاة رسول الله فقد همس في أذنيها وهو على فراش الموت قائلا: إنك أول الناس لحوقا بي في الجنة.. فابتسمت والدموع في عينها ولم تمض ستة أشهر حتى لحقت بالمصطفى عليه السلام في الخير إن شاء الله. ومنهم سامية منيسي في (أمهات المؤمنين والقرشيات) (ص 246 ط دار المريخ الرياض) قال: فذكر أنه قال لها: أنت أول لحوقا بي من أهل بيتي.

مستدرك قال رسول الله صلى الله عليه وآله: (أنا الشجرة وفاطمة فرعها [أصلها])

تقدم ما يدل عليه عن العامة في ج 9 ص 153 وج 25 ص 120 ومواضع أخرى، ونستدرك هيهنا عن الكتب التي لم نرو عنها فيما سبق. رواه جماعة: منهم الفاضل المعاصر أبو هاجر محمد السعيد بن بسيوني زغلول في (موسوعة أطراف الحديث النبوي الشريف) (ج 2 ص 510 ط عالم التراث للطباعة والنشر بيروت) قال: أنا الشجرة وفاطمة أصلها (فرعها) وعلي لقاحها. كر 4: 321 - ميزان 1896، 8981 - تذكرة 99 - لئ 1: 220 - عدي 6: 2451. وقال في (فهارس المستدرك للحاكم ص 708: أنا الشجرة وفاطمة فرعها وعلي لقاحها.

ص 303

مستدرك قال رسول الله صلى الله عليه وآله: (أنا شجرة وفاطمة حملها)

قد تقدم ما يدل عليه عن العامة في ج 9 ص 157 ومواضع أخرى. ونستدرك هيهنا عن الكتب التي لم نرو عنها فيما سبق. رواه جماعة: فمنهم الفاضل محمد خير المقداد في (مختصر المحاسن المجتمعة - للصفوري) (ص 182 ط دار ابن كثير) قال: وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (أنا شجرة، وفاطمة حملها، وعلي لقاحها، والحسن والحسين ثمارها، ومحبونا أهل البيت ورقها، وكلنا في الجنة حقا حقا).

مستدرك قال رسول الله صلى الله عليه وآله: (إذا كان يوم القيامة ينادى: يا أهل الجمع غضوا أبصاركم عن فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وآله حتى تمر)

قد تقدم ما يدل عليه عن العامة في ج 10 ص 139 وج 19 ص 67 وج 25 ص 219 ومواضع أخرى، ونستدرك هيهنا عن الكتب التي لم نرو عنها فيما سبق. رواه جماعة: منهم العلامة محمد بن يوسف بن عيسى بن اطيفش الأباضي الحفصي العدوي القرشي الجزائري المولود 1236 والمتوفى 1332 ه في (جامع الشمل في حديث خاتم الرسل) (ج 1 ص 46 ط دار الكتب العلمية) قال:

ص 304

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا كان يوم القيامة نادى مناد: يا أهل الجمع، غضوا أبصاركم عن فاطمة بنت محمد حتى تمر). رواه تمام، والحاكم، عن علي. ومنهم العلامة الشيخ أبو الفرج عبد الرحمن بن علي ابن الجوزي التيمي القرشي في ( العلل المتناهية في الأحاديث الواهية) (ج 1 ص 262 ط دار الكتب العلمية بيروت) قال: قد روي عن علي وأبي أيوب أبي سعيد وأبي هريرة وعائشة - ثم ذكر الأحاديث بأسانيدها المختلفة والطرق المتفاوتة. ومنهم الفاضل المعاصر أبو هاجر محمد السعيد بن بسيوني زغلول في (موسوعة أطراف الحديث النبوي الشريف) (ج 11 ص 79 وص 100 ط عالم التراث للطباعة والنشر) قال: يا أيها الناس غضوا أبصاركم حتى تمر فاطمة. متناهية 1: 262. يا أيها الناس غضوا أبصاركم ونكسوا رؤوسكم. متناهية 1: 262. يا أيها الناس غضوا أبصاركم ونكسوا رؤوسكم حتى تمر فاطمة. متناهية 1: 261. ورواه أيضا في (فهارس المستدرك للحاكم) ص 708. ومنهم الفاضل محمد خير المقداد في (مختصر المحاسن المجتمعة) للصفوري (ص 188 ط دار ابن كثير) قال: وعن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (إذا كان يوم القيامة نادى مناد من بطنان العرش: يا أهل الجمع نكسوا رؤوسكم، وغضوا أبصاركم حتى تمر فاطمة بنت محمد على الصراط) قيل: حتى لا يراها قاتل الحسين، فيتعلق بها، فتعفو عنه، وقد قضى الله عليه بالعذاب - فتمر رضي الله عنها ومعها سبعون ألف جارية من الحور العين كالبرق اللامع).

ص 305

مستدرك

قال رسول الله صلى الله عليه وآله: (إن الله حرم فاطمة وذريتها على النار)

قد تقدم ما يدل عليه عن العامة في ج 10 ص 123 وج 18 ص 57 وج 25 ص 196 ومواضع أخرى، ونستدرك عن الكتب التي لم نرو عنها فيما سبق. رواه جماعة: فمنهم العلامة المؤرخ محمد بن مكرم المشتهر بابن منظور المتوفى 711 ه في (مختصر تاريخ دمشق لابن عساكر) (ج 7 ص 126 ط دار الفكر) قال: وعن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن فاطمة أحصنت فرجها، فحرمها الله وذريتها على النار. ومنهم الفاضل المعاصر رياض عبد الله عبد الهادي في (فهارس كتاب الموضوعات - لابن الجوزي) (ص 73 ط دار البشائر الإسلامية بيروت) قال: فأشار إلى الحديث الشريف مثل ما تقدم. ومنهم الفاضل المعاصر أبو هاجر محمد السعيد بن بسيوني زغلول في (موسوعة أطراف الحديث النبوي الشريف) (ج 5 ص 552 ط عالم التراث للطباعة والنشر بيروت) قال: فذكر الحديث مثلما تقدم عن ابن منظور.

مستدرك قال رسول الله صلى الله عليه وآله: (المهدي من ولد فاطمة)

قد تقدم ما يدل عليه عن العامة في ج 13 ص 98 وص 110 وج 10 ص 240 وج 19 ص 66 وص 671 و672 و673 و679 وج 25 ص 526 ومواضع أخرى.

ص 306

ونستدرك هيهنا عن الكتب التي لم نرو عنها فيما سبق. رواه جماعة: فمنهم الحافظ ابن كثير الدمشقي في (علامات يوم القيامة) (ص 27 ط مكتبة القرآن بالقاهرة) قال: وقال أبو داود: حدثنا أحمد بن إبراهيم، حدثنا عبد الله بن جعفر الرقي، حدثنا أبو المليح الحسن بن عمر، عن زياد بن بيان، عن علي بن نفيل، عن سعيد بن المسيب، عن أم سلمة قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (المهدي من عترتي، من ولد فاطمة). ومنهم الفاضل المعاصر محمد سعيد زغلول في (فهارس المستدرك للحاكم) (ص 709 ط بيروت) قال: المهدي هو من ولد فاطمة رضي الله عنها.

مستدرك قال رسول الله صلى الله عليه وآله في فاطمة بعد أن ضمها إلى صدره: (ذرية بعضها من بعض)

رواه جماعة: فمنهم العلامة أبو الحجاج يوسف بن محمد البلوي المشتهر بابن الشيخ في كتاب (ألف باء) (ج 2 ص 76 ط عالم الكتب بيروت) قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لابنته فاطمة رضي الله عنها: أيما خير للمرأة وخير للرجل؟ قالت: أن لا ترى المرأة رجلا ولا يرى الرجل امرأة فضمها رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى صدره وقال: ذرية بعضها من بعض.

ص 307

ومنهم الفاضل المعاصر عبد الحليم أبو شقة في (تحرير المرأة في عصر الرسالة) (ج 3 ص 39 ط دار القلم الكويت عام 1410) قال: فذكر الحديث مثل ما تقدم عن (ألف باء) وفيه: أي شيء خير للمرأة؟

مستدرك قال رسول الله صلى الله عليه وآله لفاطمة وبعلها وابنيهما: (أنا حرب لمن حاربكم وسلم لمن سالمكم)

تقدم ما يدل عليه عن العامة في ج 9 ص 49 وص 161 وج 18 ص 411 ومواضع أخرى، ونستدرك هيهنا عن الكتب التي لم نرو عنها فيما سبق. رواه جماعة: فمنهم الحافظ محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي في (الخلفاء الراشدون) (ص 23 ط دار الكتب العلمية) قال: وفي الترمذي، عن زيد بن أرقم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لعلي وفاطمة وابنيهما: أنا حرب لمن حاربكم وسلم لمن سالمكم. وقال في (تاريخ الإسلام) ج 3 ص 45: وفي الترمذي عن زيد بن أرقم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لعلي وفاطمة وابنيهما: فذكر الحديث مثل ما تقدم.

مستدرك

قال رسول الله صلى الله عليه وآله: (أفضل نساء أهل الجنة فاطمة عليها السلام)

 قد تقدم ما يدل عليه عن العامة في ج 10 ص 52 وج 19 ص 50 وج 25 ص 30 ومواضع أخرى. ونستدرك هيهنا عن الكتب التي لم نرو عنها فيما سبق. رواه جماعة:

ص 308

سفمنهم الحافظ الجمال يوسف المزي في (تهذيب الكمال) (ج 35 ص 249 ط بيروت) قال: وقال علباء بن أحمر، عن عكرمة، عن ابن عباس: خط رسول الله صلى الله عليه وسلم في الأرض أربعة خطوط، ثم قال: أتدرون ما هذا؟ قالوا: الله ورسوله أعلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أفضل نساء أهل الجنة خديجة بنت خويلد وفاطمة بنت محمد ومريم بنت عمران وآسية بنت مزاحم امرأة فرعون. ومنهم الفاضل المعاصر توفيق الحكيم في (مختار تفسير القرطبي) (ص 236 ط الهيئة المصرية العامة للكتاب) قال: أفضل نساء أهل الجنة خديجة بنت خويلد وفاطمة بنت محمد ومريم بنت عمران وآسية بنت مزاحم امرأة فرعون.

مستدرك تعليمه (ص) التسبيح لعلي وفاطمة عليهما السلام عند المنام

قد تقدم ما يدل عليه عن العامة في ج 10 ص 278 وج 25 ص 309 ومواضع أخرى ونستدرك هيهنا عن الكتب التي لم نرو عنها فيما سبق. رواه جماعة: فمنهم الفاضل وحيد عبد السلام بالي في (وقاية الانسان) (ص 385 ط دار الكتب العلمية بيروت) قال: عن علي رضي الله عنه: إن فاطمة رضي الله عنها أتت النبي صلى الله عليه وسلم تسأله خادما، فلم تجده، ووجدت عائشة فأخبرتها، قال علي: فجاءنا النبي صلى الله عليه وسلم وقد أخذنا مضجعنا فقال: (ألا أدلكما على ما هو خير لكما من خادم، إذا أويتما إلى فراشكما، فسبحا ثلاثا وثلاثين، واحمدا ثلاثا وثلاثين، وكبرا أربعا

ص 309

وثلاثين، فإنه خير لكما من خادم) متفق عليه. ومنهم الشيخ أبو بكر الجزائري في (منهاج المسلم) (ص 138 ط دار الكتب السلفية القاهرة) قال: قول الرسول عليه الصلاة والسلام لعلي وفاطمة رضي الله عنهما وقد طلبا منه صلى الله عليه وسلم خادما يساعد في البيت: (ألا أدلكما على خير مما سألتماه؟ إذا أخذتما مضجعا فسبحا ثلاثا - فذكر مثل ما تقدم عن (وقاية الانسان). ومنهم الفاضل المعاصر عبد الحميد كشك في (بناء الامرأة المسلمة) (ص 171 ط دار المختار الإسلامي) قال: روى البخاري ومسلم أن فاطمة رضي الله عنها أتت النبي صلى الله عليه وسلم تشكو إليه ما تلقى من يديها من الرجال وتسأله خادمة فقال: (ألا أدلكم على ما هو خير لكما مما سألتما: إذا أخذتما مضاجعكما فسبحا الله ثلاثا وثلاثين. فذكر مثل ما تقدم باختلاف في اللفظ. ومنهم الحافظ جمال الدين يوسف المزي في (تهذيب الكمال) (ج 16 ص 332 ط مؤسسة الرسالة بيروت) قال: أخبرنا به أبو الحسن ابن البخاري. قال: أنبأنا الكراني. قال: أخبرنا الصيرفي، قال: أخبرنا ابن فاذشاه. قال: أخبرنا الطبراني، قال: حدثنا علي بن عبد العزيز، قال: حدثنا أبو نعيم، قال: حدثنا عيسى بن عبد الرحمان السلمي، قال: سمعت عبد الله بن يعلى النهدي، يقول: قال علي: أتت فاطمة رسول الله صلى الله عليه وسلم، تشكو إليه العمل وتسأله خادما، فقال: (أولا خير من ذلك؟ إذا أويت إلى فراشك فسبحي الله ثلاثا وثلاثين، واحمديه ثلاثا وثلاثين، وكبريه أربعا وثلاثين). قال عيسى: فقلت لعبد الله بن يعلى: أدركت عليا؟ قال: نعم يوم صفين. وقال في ج 20 ص 321 في ترجمة علي بن أعبد إنه روى عن علي بن أبي طالب:

ص 310

ألا أحدثك عني وعن فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم وكانت من أحب أهله إليه؟ قلت: بلى، قال إنها جرت بالرحى... الحديث. ومنهم الأستاذ الدكتور السيد أحمد فرج في (الزواج وأحكامه في مذهب أهل السنة) (ص 226 ط 1 دار الوفاء المنصورة) قال: وفي الصحيحين أن فاطمة (رضي الله عنها) أتت النبي صلى الله عليه وسلم فشكت إليه ما تلقى في يديها من الرحا، وتسأله خادما فلم تجده، وذكرت ذلك لعائشة رضي الله عنها فلما جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبرته، قال علي كرم الله وجهه فجاءنا وقد أخذنا مضاجعنا، فذهبنا نقوم فقال مكانكما، فجاء فقعد بيننا حتى وجدت برد قدميه على بطني، فقال: أدلكما على ما هو خير لكما مما سألتما. إذا أخذتما مضاجعكما فسبحا الله ثلاثا وثلاثين مرة، واحمدا الله ثلاثا وثلاثين مرة، وكبرا أربعا وثلاثين مرة، فهو خير لكما من خادم)، قال علي كرم الله وجهه فما تركتها بعد. قيل: ولا ليلة صفين. ومنهم الفاضل المعاصر طه عبد الله العفيفي في (من وصايا الرسول صلى الله عليه وآله) (ص 389 ط دار التراث العربي القاهرة) قال: عن علي رضي الله عنه، قال لابن أعبد: ألا أحدثك عني وعن فاطمة رضي الله عنها بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم وكانت من أحب أهله إليه، وكانت عندي؟ قلت: بلى، قال: إنها جرت بالرحا حتى أثرت في يدها، واستقت بالقربة حتى أثرت في نحرها، وكنست البيت حتى اغبرت ثيابها، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم خدم، فقلت: لو أتيت أباك فسألته خادما، فأتته فوجدت عنده حدثاء، فرجعت فأتاها من الغد، فقال: ما كان حاجتك؟ فسكتت، فقلت: أنا أحدثك يا رسول الله.. جرت بالرحا حتى أثرت في يدها، وحملت القربة حتى أثرت في نحرها، فلما إن جاء الخدم أمرتها أن تأتيك فتستخدمك خادما يقيها حر ما هي فيه، قال:

ص 311

(اتقي الله يا فاطمة، وأدي فريضة ربك، واعملي عمل أهلك، وإذا أخذت مضجعك: فسبحي ثلاثا وثلاثين، واحمدي ثلاثا وثلاثين، وكبري أربعا وثلاثين، فتلك مائة فهو خير لك من خادم). قالت: رضيت عن الله ورسوله. زاد في رواية: (ولم يخدمها). (رواه البخاري ومسلم وأبو داود واللفظ له والترمذي مختصرا، وقال: وفي الحديث قصة ولم يذكرها. ومنهم العلامة أبو الفضل عبد الله بن محمد بن الصديق الحسني في (الكنز الثمين في أحاديث النبي الأمين) (ص 10 ط عالم الكتب بيروت) قال: اتقي الله يا فاطمة وأدي فريضة ربك واعملي عمل أهلك وإذا أخذت مضجعك فسبحي - فذكر مثل ما تقدم. ومنهم العلامة الحافظ أبو يعلى أحمد بن علي بن المثنى التميمي الموصلي المتوفى 307 ه في (مسند أبي يعلى) (ج 1 ص 287 ط دار المأمون للتراث دمشق) قال: حدثنا أبو خيثمة، حدثنا يزيد بن هارون، أخبرنا العوام بن حوشب، حدثني عمرو بن مرة، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى. عن علي، قال: أتانا رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى وضع قدمه بيني وبين فاطمة، فعلمنا ما نقول إذا أخذنا مضاجعنا: (ثلاثا وثلاثين تسبيحة، وثلاثا وثلاثين تحميدة، وأربعا وثلاثين تكبيرة، قال: قال علي: فما تركتها بعد. فقال له رجل: ولا ليلة صفين؟ قال: ولا ليلة صفين). وقال أيضا في ص 419: حدثنا أبو موسى، حدثنا عثمان بن عمر، حدثنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن هبيرة. عن علي: قال: قلت لفاطمة: لو أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فسألته خادما، فإنه قد أجهدك العمل. فأتته فلم توافقه. فقال: (ألا أدلكما على خير مما سألتما؟ إذا أويتما إلى فراشكما. فسبحا - فذكر مثل ما تقدم - وزاد:

ص 312

فذلك، مئة على اللسان، وألف في الميزان). حدثنا أبو موسى، حدثنا يزيد بن هارون، أخبرنا العوام بن حوشب، حدثني عمرو بن مرة، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن علي قال: أتانا رسول الله حتى وضع قدمه - فذكر مثل ما تقدم أولا. وقال أيضا في ص 436: حدثنا أبو خيثمة، حدثنا ابن عيينة، عن عبيد الله بن أبي يزيد، عن مجاهد، عن ابن أبي ليلى، عن علي، قال: أتت فاطمة النبي صلى الله عليه وسلم تستخدمه خادما فقال: (أدلك، أو أعلمك ما هو خيرلك من ذلك؟ إذا أويت إلى فراشك تسبحين ثلاثة وثلاثين. وكبري، واحمدي أحدهما ثلاثا وثلاثين، والآخر أربعا وثلاثين). قال علي: فلم أدعها بعد أن سمعتها. قيل له: ولا ليلة صفين؟ قال: ولا ليلة صفين). وقال في ج 12 ص 123: حدثنا زهير، حدثنا جرير بن عبد الحميد، عن سهيل، عن أبيه، عن أبي هريرة قال: سألت فاطمة النبي صلى الله عليه وسلم خادما فقال: (ألا أدلك على ما هو خير من ذلك؟ تسبحين الله، وتكبرين، وتحمدين الله إذا أويت إلى فراشك مئة مرة). ومنهم الفاضل المعاصر خالد محمد خالد في (أبناء الرسول صلى الله عليه وآله في كربلا) (ص 15 ط 5 دار ثابت القاهرة) قال: فذكر الحديث مثل ما تقدم. ومنهم الفاضل المعاصر أبو هاجر محمد السعيد بن بسيوني زغلول في (فهارس أحاديث وآثار مسند الإمام أحمد بن حنبل) (ج 1 ص 489 ط دار الكتب العلمية بيروت) قال: تسبحين ثلاثا وثلاثين (قاله لفاطمة) علي بن أبي طالب 1 / 80. ومنهم سامية منيسي في (أمهات المؤمنين والقرشيات) (ص 246 ط دار المريخ بالرياض) قال:

ص 313

فذكر أنه أمرهما بالتسبيح والتكبير التحميد عوض الخادم. حديث آخر. رواه جماعة: فمنهم العلامة المؤرخ محمد بن مكرم المشتهر بابن منظور المتوفى 711 ه في (مختصر تاريخ دمشق لابن عساكر) (ج 21 ص 135 ط دار الفكر) قال: عن كثير بن الحارث، عن القاسم مولى معاوية: أنه سمع علي بن أبي طالب يذكر أنه أمر فاطمة تستخدم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالت: يا رسول الله، إنه قد شق علي الرحى، وأرته أثرا في يدها من أثر الرحى، فسألته أن يخدمها خادما، فقال: (ألا أعلمك خيرا من ذلك - أو قال: خيرا من الدنيا وما فيها - إذا أويت إلى فراشك فكبري أربعا وثلاثين تكبيرة، وثلاثا وثلاثين تحميدة، وثلاثا وثلاثين تسبيحة، فذلك خير لك من الدنيا وما فيها). فقال علي: ما تركتها منذ سمعتها. فقيل له: ولا ليلة صفين؟ قال: ولا ليلة صفين. ومنهم الفاضل المعاصر أحمد عبد الجواد المدني في (المعاملات في الإسلام) (ص 158 ط مؤسسة الإيمان ودار الرشيد بيروت دمشق) قال: فذكر الحديث مثل ما تقدم. حديث آخر رواه جماعة: فمنهم الفاضل المعاصر محمد فؤاد عبد الباقي في (اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان) (ج 3 ص 237 ط المكتبة العلمية بيروت) قال: حديث علي، أن فاطمة عليها السلام، شكت ما تلقى من أثر الرحا. فأتى النبي صلى الله عليه وسلم سبي. فانطلقت فلم تجده. فوجدت عائشة، فأخبرتها. فلما جاء النبي صلى الله عليه وسلم، أخبرته عائشة بمجئ فاطمة. فجاء النبي صلى الله عليه وسلم، إلينا، وقد أخذنا مضاجعنا. فذهبت لأقوم، فقال: (على مكانكما) فقعد بيننا، حتى وجدت برد قدميه على صدري. وقال: (ألا أعلمكما خيرا مما سألتماني؟ إذا

ص 314

أخذتما مضاجعكما تكبرا أربعا وثلاثين، وتسبحا ثلاثا وثلاثين، وتحمدا ثلاثة وثلاثين. فهو خير لكما من خادم). أخرجه البخاري في: 62 - كتاب أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم: 9 - باب مناقب علي بن أبي طالب القرشي. ومنهم العلامة الشيخ حافظ بن أحمد حكمي في (معارج القبول بشرح سلم الوصول إلى علم الأصول - في التوحيد) (ج 2 ص 473 ط دار الكتب العلمية بيروت) قال: عن ابن أبي ليلى قال: حدثنا علي - فذكر مثل ما تقدم عن (اللؤلؤ والمرجان) وليس فيه: أخرجه البخاري - الخ. ومنهم الشريف أبو الحسن علي الحسني الندوي في (المرتضى - سيرة سيدنا أبي الحسن علي بن أبي طالب) (ص 42 ط دار القلم دمشق) قال: وقد روى البخاري عن علي رضي الله عنه أن فاطمة عليها السلام اشتكت ما تلقى من الرحى مما تطحن، فبلغها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أوتي بسبي، - فروى مثل ما تقدم. ومنهم العلامة السيد عبد الرحيم عنبر الطهطاوي في (هداية الباري إلى ترتيب أحاديث البخاري) (ج 1 ص 266 ط مطبعة الاستقامة بمصر) قال: ألا أعلمكما خيرا ما سألتماني. إذا أخذتما مضاجعكما تكبرا أربعا وثلاثين - فروى مثل ما تقدم عن اللؤلؤ والمرجان وقال في آخره: (رواه على: كتاب المناقب: باب مناقب علي). ومنهم العلامة أبو جعفر أحمد بن محمد بن سلامة بن عبد الملك بن سلمة الأزدي الحجري المصري الطحاوي الحنفي في (شرح معاني الآثار) (ج 3 ص 233 ط 2 دار الكتب العلمية بيروت) قال:

ص 315

حدثنا سليمان بن شعيب، قال: ثنا عبد الرحمن بن زياد، قال: ثنا شعبة، عن الحكم قال: سمعت عبد الرحمن بن أبي ليلى يحدث عن علي بن أبي طالب، أن فاطمة أتت رسول الله صلى الله عليه وسلم تشكو إليه أثر الرحى في يدها وقد بلغها أن النبي صلى الله عليه وسلم أتاه سبي، فأتته تسأله خادما، فلم تلقه، ولقيتها عائشة، فأخبرتها الحديث. فلما جاء النبي صلى الله عليه وسلم أخبرته بذلك قال: فأتاني رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد أخذنا مضاجعنا، فذهبنا لنقوم فقال (مكانكما) فقعد بيننا حتى وجدت برد قدميه على صدري. فقال: ألا أدلكما على خير مما سألتما؟ - فذكر مثل ما تقدم عن اللؤلؤ. ومنهم الفاضل المعاصر الدكتور محمد الأحمدي أبو النور المصري في (منهج السنة في الزواج) (ص 401 ط 3 دار السلام للطباعة والتوزيع والنشر والترجمة - قال: وقد روى ابن أبي ليلى عن علي عليه السلام - فذكر مثل ما تقدم عن اللؤلؤ. حديث آخر. رواه جماعة: فمنهم العلامة شمس الدين محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي المتوفى 748 ه في (معجم شيوخ الذهبي) (ص 551 ط دار الكتب العلمية بيروت) قال: أخبرنا محمد بن عمر الزاهد أنا محمد بن عبد الهادي أنا يحيى الثقفي أنا حمزة بن العباس حضورا أنا ابن عبد الرحيم أنا أبو محمد بن حبان نا عبد الله بن محمد بن زكريا ومحمد بن نصير قالا: أنا إسماعيل بن عمر ثنا سفيان الثوري عن عبدة بن أبي لبابة عن سويد بن علقمة قال: أصابت عليا عليه السلام خصاصة فقال لفاطمة: لو أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فسألتيه فأتته فقال: (إن شئت أمرت لك بخمسة أعنز وإن شئت علمتك خمس كلمات علمنيهن جبريل قالت: بل علمنيهن، قال: قولي: يا أول الأولين ويا آخر الآخرين ويا ذا القوة المتين ويا راحم المساكين ويا أرحم الراحمين) فانصرفت. فقال علي: ما وراءك؟ فقالت: ذهبت إلى الدنيا وأتيتك

ص 316

بالآخرة. ومنهم محمد خير المقداد في (مختصر المحاسن المجتمعة) (ص 191) قال: فذكر الحديث والدعاء مثل ما مر. حديث آخر. رواه جماعة: فمنهم المحقق الفاضل محمد شكور محمود الحاج امرير في (الروض الداني إلى المعجم الصغير للطبراني) (ج 1 ص 270 ط 1 دار عمار عمان والمكتب الإسلامي بيروت) قال: حدثنا خالد بن النضر أبو يزيد القرشي المصري، حدثنا نصر بن علي، حدثنا سلمة بن حرب بن زياد الكلابي، حدثني أبو مدرك، حدثني أنس بن مالك قال: (كنا مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في المسجد، حتى إذا طلعت الشمس، خرج رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم واتبعته فقال: انطلق بها حتى ندخل على فاطمة بنت محمد، فدخلنا عليها، فإذا هي نائمة مضطجعة، فقال: يا فاطمة ما ينيمك في هذه الساعة؟ قالت: ما زلت عند البارحة محمومة. قال: فأين الدعاء الذي علمتك؟ قالت: نسيته. فقال: قولي: يا حي يا قيوم برحمتك استغيث اصلح لي شأني كله، ولا تكلني إلى نفسي طرفة عين، ولا إلى أحد من الناس). ومنهم الفاضل المعاصر عبد السلام محمد هارون في كتابه (تهذيب إحياء علوم الدين - للغزالي) (ج 1 ص 152 ط القاهرة) قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يا فاطمة ما يمنعك أن تسمعي ما أوصيك به؟ أن تقولي: يا حي يا قيوم، برحمتك أستغيث، لا تكلني إلى نفسي طرفة عين، وأصلح لي شأني كله). حديث آخر. رواه جماعة: فمنهم الفاضل المعاصر محمد خير المقداد في (مختصر المحاسن المجتمعة في فضائل

ص 317

الخلفاء الأربعة - للعلامة الصفوري) (ص 191 ط دار ابن كثير دمشق بيروت) قال: الثانية: قال في (صحيح مسلم) قولي: (اللهم رب السماوات السبع، ورب الأرض ورب العرش العظيم، ورب كل شيء، فالق الحب والنوى، ومنزل التوراة والإنجيل والفرقان العظيم، أعوذ بك من شر كل شيء أنت آخذ بناصيته، [اللهم] أنت الأول فليس قبلك شيء، وأنت الظاهر فليس فوقك شيء، وأنت الباطن فليس دونك شيء، اقض عنا الدين، واغننا من الفقر). الثالثة: قالت فاطمة رضي الله عنها: رغب النبي صلى الله عليه وسلم في الجهاد، وذكر فضله، فسألته الجهاد؟ فقال: (ألا أدلك على شيء يسير، وأجره كثير، ما من مؤمن ولا مؤمنة، يسجد عقب الوتر سجدتين، ويقول في كل سجدة: سبوح قدوس رب الملائكة والروح، خمس مرات لا يرفع رأسه حتى يغفر الله له ذنوبه كلها وإن مات في ليلته مات شهيدا). ومنهم الفاضلة المعاصرة الدكتورة عائشة عبد الرحمن بنت الشاطئ في (بنات النبي صلى الله عليه وآله) (ص 186 ط دار الكتاب العربي بيروت) قالت: ذكر طلبهما عن النبي صلى الله عليه وآله خادما ومجئ النبي إليهما وهما مضطجعان - إلى أن قالت: ثم أضاف في رفق وهو يقدر حالهما: (ألا أخبركما بخير مما سألتماني) أجابا معا: (بلى يا رسول الله...). قال: (كلمات علمنيهن جبريل: تسبحان الله في دبر كل صلاة عشرا، وتحمدان عشرا، وتكبران عشرا، وإذا أويتما إلى فراشكما، تسبحان ثلاثا وثلاثين، تحمدان ثلاثا وثلاثين، وتكبران ثلاثا وثلاثين... ثم ودعهما ومضى، بعد أن زودهما بهذا المدد الأهلي، ولقنهما هذه الرياضة النفسية التي تغلب المصاعب وتهزم المتاعب... ولقد سمع (الإمام علي) بعد أكثر من ثلث قرن يذكر كلمات الرسول ويقول: (فوالله ما تركتهن منذ علمنيهن!) سأله رجل من أصحابه: ولا ليلة صفين؟ فأجاب

ص 318

مؤكدا: ولا ليلة صفين. وذكرت أيضا مثل ما تقدم في كتابها (تراجم سيدات بيت النبوة) ص 602 ط بيروت. ومنهم الدكتور عبد الصبور شاهين والأستاذة إصلاح عبد السلام الرفاعي في (موسوعة أمهات المؤمنين) (ص 91 ط الزهراء للإعلام العربي القاهرة) قالا: وقد وردت إلى المدينة مرة غنائم وسبي فانتهزا الفرصة وذهبا لرسول الله صلى الله عليه وسلم يشكوان له الجهد والكلال، ويطلبان شيئا مما أفاء الله على المسلمين من غنائم. فقال لهما: لا والله لا أعطيكما وأدع أهل الصفة تتلوى بطونهم. ثم أضاف: ألا أخبركم بخير مما سألتماني؟ فقالا: بلى، قال: كلمات علمنيهن جبريل: تسبحان. فذكر الحديث ثمل ما تقدم. ومنهم أبو جعفر أحمد بن محمد بن سلامة الأزدي الحجري المصري في (شرح معاني الآثار) (ج 3 ص 233 ط دار الكتب العلمية بيروت) قال: حدثنا ربيع المؤذن، قال: ثنا أسد، قال: ثنا حماد بن سلمة، عن عطاء بن السائب، عن أبيه، عن علي أنه قال لفاطمة ذات يوم (قد جاء الله أباك بسعة ورقيق فأتيه فاطلبي منه خادما) فأتيته، فذكرت ذلك له فقال (والله لا أعطيكما وأدع أهل الصفة يطوون بطونهم، فذكر الحديث مثل ما تقدم. ومنهم الفاضل المعاصر طه عبد الله العفيفي في كتابه (حق الزوح على الزوجة وحق الزوجة على الزوج) (ص 71 ط دار الاعتصام) قال: فقد جاءت فاطمة ابنة الرسول صلى الله عليه وسلم تطلب من أبيها خادما يعينها على عمل البيت، فنصحها بالاكثار من الذكر والتسبيح والتيقظ للعبادة، فذلك خير لها. حديث آخر. رواه جماعة:

ص 319

فمنهم الدكتور عبد الصبور شاهين والأستاذة إصلاح عبد السلام الرفاعي في (موسوعة أمهات المؤمنين) (ص 337 ط الزهراء للإعلام العربي القاهرة) قالا: عن أم سلمة زعمت أن فاطمة جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم تشتكي إليه الخدمة، فقالت: يا رسول الله لقد مجلت يدي من الرحى، أطحن مرة وأعجن مرة، فقال ها رسول الله: يرزقك الله شيئا يأتك، وسأدلك على خير من ذلك إذا لزمت مضجعك، فسبحي ثلاثا وثلاثين مرة وكبري ثلاثا وثلاثين مرة، واحمدي أربعا وثلاثين، فذلك مائة، فهو خير لك من الخادم. وإذا صليت الصبح فقولي: لا إله إلا الله وحده لا شريك لك له الملك، وله الحمد، يحيي ويميت، بيده الخير، وهو على كل شيء قدير (عشر مرات). وبعد صلاة المغرب كذلك. فإن كل واحدة تكتب عشر حسنات وتحط عشر سيئات، وكل واحدة منهن كعتق رقبة من ولد إسماعيل. لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وهو حرسك ما بين ما تقولين غدوة إلى أن تقوليه عشية من كل شيطان ومن كل سوء.

مستدرك دعاء رسول الله (ص) لابنته فاطمة عليها السلام لما رآها جائعة

رواه جماعة: فمنهم الفاضل المعاصر أبو ياسر عصام الدين غلام حسين في (التصنيف الفقهي لأحاديث كتاب الكنى والأسماء - للدولابي) (ج 2 ص 738 ط دار الكتاب المصري بالقاهرة ودار الكتاب اللبناني بيروت) قال: حدثنا أحمد بن يحيى الصوفي قال: حدثنا عمرو بن حماد قال: حدثنا مسهر بن عبد الملك الهمداني، عن عتبة بن معاذ البصري، عن عكرمة، عن عمران بن حصين

ص 320

الخزاعي قال: كنت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ أقبلت فاطمة قال: فنظرت إليها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: (أدني يا فاطمة) فدنت حتى قامت بين يديه فوضع يده على صدرها في موضع القلادة وفرج بين أصابعه ثم قال: (اللهم مشبع الجاعة رافع الوضعة لا تجع فاطمة بنت محمد) قال عمران: فنظرت إليها وقد غلب الدم على الصفرة في وجهها كما كانت الصفرة قد غلبت على الدم قال عمران: فلقيها بعد فسألتها فقالت: ما جعت بعدها يا عمران. وروى مثله سندا ومتنا بعينه في ص 756. ومنهم العلامة محمد بن أحمد عبد الباري الأهدل في (الخصائص النبوية - المسماة: فتح الكريم القريب) (ص 240 ط مكتبة جدة) قال: (وفي الدلائل للبيهقي أنه صلى الله عليه وسلم وضع يده على صدرها ورفع عنها الجوع فما جاعت بعد) وفيه أنه صلى الله عليه وسلم لما وضع يده قال اللهم مشبع الجوعة ورافع الوضعة ارفع فاطمة بنت محمد.

مستدرك

نزع فاطمة (ع) لستر الباب وفكت القلبين عن ولديها مع بكائها رغبة عن الدنيا

قد تقدم منا عن العامة في ج 10 ص 234 وص 291 وج 19 ص 105 وج 25 ص276 ومواضع أخرى. ونستدرك هيهنا عن الكتب التي لم نرو عنها فيما سبق. رواه جماعة: فمنهم الشريف أبو الحسن علي الحسني الندوي في (المرتضى - سيرة سيدنا أبي الحسن علي بن أبي طالب) (ص 86 ط دار القلم دمشق) قال:

ص 321

عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا خرج كان آخر عهده بفاطمة عليها السلام، فإذا رجع كان أول عهده بفاطمة عليها السلام، فلما رجع من غزوة تبوك وقد اشترت مقينعة فصبغتها بزعفران، وألقت على بابها سترا، أو ألقت في بيتها بساطا، فلما رأى ذلك النبي صلى الله عليه وسلم رجع فأتى المسجد فقعد فيه، فأرسلت إلى بلال، فقالت: اذهب فانظر ما رده عن بابي؟ فأتاه فأخبره، فقال: إني رأيتها صنعت كذا وكذا، فأتاها فأخبرها، فهتكت الستر وكل شيء أحدثته، وألقت ما عليها، ولبست أطمارها، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره، فجاء حتى دخل عليها، فقال: كذلك كوني فداك أبي وأمي. عن ابن عمر: أن النبي صلى الله عليه وسلم جاء إلى منزل فاطمة عليها السلام فرجع ولم يدخل، وجاء علي عليه السلام، فذكرت ذلك له، فذكر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إني رأيت على بابها سترا، وما لي وللدنيا، قال: وكان الستر موشيا، قال: فذكر ذلك علي لفاطمة عليها السلام، فقالت: يأمرني بما أحب، فذكر ذلك علي لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: ابعثوا به إلى آل فلان، فإن بهم إليه حاجة. عن ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سافر كان آخر عهده من أهله بفاطمة عليها السلام، وأول من يدخل عليها إذا قدم، فقدم من غزاة، وقد علقت مسحا أو سترا على بابها، وحلت الحسن والحسين عليهما السلام قلبين من فضة، فقبض ولم يدخل، فظنت أنما منعه أن يدخل ما رأى، فهتكت الستر، وفككت القلبين عن الصبيين، فبكيا وقطعته بينهما، فانطلقا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهما يبكيان، فأخذهما منهما فقال: (يا ثوبان إذهب بهذا إلى فلان أو إلى أبي فلان - قال: أهل بيت بالمدينة - إن هؤلاء أهل بيتي أكره أن يأكلوا طيباتهم في حياتهم الدنيا، يا ثوبان اشتر لفاطمة قلادة من عصب، وسوارين من عاج).

ص 322

ومنهم الفاضل المعاصر الأستاذ عباس محمود العقاد في (المجموعة الكاملة - العبقريات الإسلامية) (ج 2 ص 314 ط دار الكتاب اللبناني بيروت) قال: (وأسند يحيى عن محمد بن قيس قال: (كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا قدم من سفر أتى فاطمة فدخل عليها وأطال عندها المكث، فخرج مرة في سفر وصنعت فاطمة مسكتين من ورق (بكسر الراء) وقلادة وقرطين وسترت باب البيت لقدوم أبيها وزوجها، فلما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل عليها ووقف أصحابه على الباب لا يدرون أيقيمون أم ينصرفون لطول مكثه عندها، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد عرف الغضب في وجهه حتى جلس على المنبر، ففطنت فاطمة إنه فعل ذلك لما رأى من المسكتين والقلادة والستر.. فنزعت قرطيها وقلادتها ومسكتيها ونزعت الستر وبعثت به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقالت للرسول: قل له تقرأ عليك ابنتك السلام وتقول لك: اجعل هذا في سبيل الله. فلما أتاه قال: قد فعلت، فداها أبوها، ثلاث مرات، ليست الدنيا من محمد ولا من آل محمد، ولو كانت الدنيا تعدل عند الله من الخير جناح بعوضة ما سقى كافرا منها شربة ماء). .

مستدرك كانت لفاطمة عليها السلام سلسلة من ذهب أهدى لها علي عليه السلام فباعتها فاشترت بها نسمة فأعتقتها في سبيل الله

قد تقدم ما يدل عليه عن العامة في ج 10 ص 287، ونستدرك هيهنا عن كتبهم التي لم نرو عنها فيما سبق. رواه جماعة: فمنهم الفاضل المعاصر محمد ناصر الدين الألباني في (آداب الزفاف في السنة

ص 323

المطهرة) (ص 90 ط دار عمر بن الخطاب للنشر والتوزيع) قال: قال ثوبان: دخل النبي صلى الله عليه وسلم على فاطمة وأنا معه، وقد أخذت من عنقها سلسلة من ذهب فقالت: هذا أهدى لي أبو حسن (تعني زوجها عليا رضي الله عنه). - وفي يدها السلسلة - فقال النبي صلى الله عليه وسلم: يا فاطمة، أيسرك أن يقول الناس: فاطمة بنت محمد في يدها سلسلة من نار؟ [ثم عذمها عذما شديدا]، فخرج ولم يقعد، فعمدت فاطمة إلى السلسلة فباعتها فاشترت بها نسمة فأعتقتها، فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فقال: الحمد لله الذي نجى فاطمة من النار). وقال المحشي: أخرجه النسائي (2 / 284) والطيالسي (1 / 354) ومن طريقه الحاكم (3 / 152 - 153) والطبراني في (الكبير) (1 / 148 / 1) وكذا أحمد (5 / 278) وإسناده صحيح موصول. وقال الحاكم: (صحيح على شرط الشيخين) ووافقه الذهبي، وقال الحافظ المنذري (1 / 273): (رواه النسائي بإسناد صحيح) وقال العراق (4 / 205) (... بإسناد جيد). والزيادة الأولى عندهم جميعا إلا في رواية النسائي، والزيادة الثانية عنده وكذا الطيالسي وغيره وسائرها عند أحمد والحربي في (الغريب) (5 / 18 / 2) مختصرا والطبراني ولم يسق لفظه. وله طريق آخر عن أبي أسماء الرجبي عن ثوبان. رواه الروياني في (مسنده) (14 / 126 / 1) وليس عنده (أيسرك...)، وسنده صحيح أيضا. واعلم أن ابن حزم روى (10 / 84) هذا الحديث من طريق النسائي فقط التي ليس فيها زيادة (من ذهب). ومنهم الفاضل المعاصر محمد عطية الأبراشي في (عظمة الإسلام) (ص 352 ط مكتبة الإنجلو المصرية القاهرة) قال: فذكر الحديث مثل ما تقدم.

ص 324

مستدرك خطبة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب لفاطمة بنت النبي صلى الله عليه وعليهما وآلهما

تقدم ما يدل عليه عن العامة في ج 10 ص 326 وج 19 ص 123 وج 25 ص 386 ومواضع أخرى ونستدرك هيهنا عن الكتب التي لم نرو عنها فيما سبق. رواه جماعة: فمنهم الفاضل المعاصر الأستاذ عباس محمود العقاد في (المجموعة الكاملة - العبقريات الإسلامية) (ج 2 ص 304 ط دار الكتاب اللبناني بيروت) قال: ومن جملة الأخبار يتضح أن النبي عليه السلام كان يبقيها لعلي رضي الله عنه. فقد خطبها أبو بكر وعمر فردهما وقال لكل منهما: انتظر بها القضاء، أو قال إنها صغيرة كما جاء في سنن النسائي. وفي أسد الغابة أنها لما خطبها أبو بكر وعمر وأبى رسول الله قال عمر: (أنت لها يا علي!) فقال علي: (ما لي من شيء إلا درعي أرهنها) فزوجه رسول الله فاطمة، فلما بلغ ذلك فاطمة بكت، ثم دخل عليها رسول الله فقال: (ما لك تبكين يا فاطمة! فوالله لقد أنكحتك أكثرهم علما وأفضلهم حلما وأولهم سلما). وفي رواية أن عليا لما سأله النبي: (هل عندك من شيء؟) قال: (كلا). فقال له: (وأين درعك الحطمية؟) أي التي تحطم السيوف، وكان النبي قد أهداه إياها، فباعها وباع أشياء غيرها كانت عنده، فاجتمع له منها أربعمائة درهم... جاء في أنساب الأشراف للبلاذري: (فباع بعيرا له ومتاعا فبلغ من ذلك أربعمائة وثمانين درهما ويقال أربعمائة درهم، فأمره أن يجعل ثلثها في الطيب وثلثها في المتاع ففعل..).

ص 325

ثم استطرد صاحب الأنساب إلى رواية أخرى، يرتفع سندها إلى علي نفسه قال: (سمعت عليا عليه السلام يقول: (أردت أن أخطب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ابنته فقلت: والله ما لي شيء، ثم ذكرت صلته وعائدته فخطبتها إليه) فقال: (وهل عندك من شيء؟) قلت: (لا) قال: (فأين درعك التي أعطيتك يوم كذا؟ فقلت: هي عندي؟ قال: فاعطها إياها). وفي طبقات ابن سعد أن رسول الله قال لما خطب أبو بكر وعمر فاطمة: (هي لك يا علي! لست بدجال) يعني لست بكذاب. وذلك أنه كان وعد عليا بها قبل أن يخطبها. ويروى عن النبي أنه قال لفاطمة: (ما أليت أن أزوجك خير أهلي). وجهزت وما كان لها من جهاز غير سرير مشروط ووسادة من أدم حشوها ليف ونورة من أدم (إناء يغسل فيه) وسقاء ومنخل ومنشفة وقدح ورحاءان وجرتان.. وعن أنس بن مالك أن النبي قال له: انطلق وادع لي أبا بكر وعمر وعثمان وطلحة والزبير وبعدتهم من الأنصار، قال فانطلقت فدعوتهم، فلما أخذوا مجالسهم قال صلى الله عليه وسلم: (الحمد لله المحمود بنعمته المعبود بقدرته، المطاع لسلطانه، المهروب إليه من عذابه، النافذ أمره في أرضه وسمائه، الذي خلق الخلق بقدرته ونيرهم بأحكامه وأعزهم بدينه وأكرمهم بنبيه محمد صلى الله عليه وسلم. إن الله عز وجل جعل المصاهرة نسبا لاحقا وأمرا مفترضا وحكما عادلا وخيرا جامعا، أوشج بها الأرحام وألزمها الأنام. فقال الله عز وجل: وهو الذي خلق من الماء بشرا فجعله نسبا وصهرا وكان ربك قديرا، وأمر الله يجري إلى قضائه، وقضاؤه يجري إلى قدره، ولكل أجل كتاب، يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب، ثم إن الله تعالى أمرني أن أزوج فاطمة من علي وأشهدكم أني زوجت فاطمة من علي، على أربعمائة مثقال فضة إن رضي بذلك على السنة القائمة والفريضة الواجبة، فجمع الله شملهما وبارك لهما وأطاب نسلهما، وجعل نسلهما مفاتيح الرحمة ومعادن الحكمة وأمن

ص 326

الأمة، أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم). قال أنس: (وكان علي عليه السلام غائبا في حاجة لرسول الله صلى الله عليه وسلم قد بعثه فيها.. ثم أمر لنا بطبق فيه تمر فوضع بين أيدينا، فقال: انتهبوا. فبينما نحن كذلك إذ أقبل علي فتبسم إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: يا علي! إن الله أمرني أن أزوجك فاطمة، وإني زوجتكها على أربعمائة مثقال فضة، فقال علي: رضيت يا رسول الله! ثم إن عليا خر ساجدا شكرا لله، فلما رفع رأسه قال الرسول صلى الله عليه وسلم: بارك الله لكما وعليكما وأسعد جدكما وأخرج منكما الكثير الطيب). قال أنس: (والله لقد أخرج منهما الكثير الطيب). ومن المرجح جدا أن الزهراء قد استبشرت في زواجها على عادة النبي عليه السلام في تزويج كل بنت من بناته كما جاء في مسند ابن حنبل، فيقول لها: فلان يذكرك، فإن سكتت أمضى الزواج، وإن نقرت الستر علم أنها تأباه، وفي زواج الزهراء قال لها: يا فاطمة! إن عليا يذكرك. فسكتت، وفي روايات أخرى أنه وجدها باكية، فذاك حيث قال رسول الله: (ما لك تبكين يا فاطمة! فوالله لقد أنحكتك أكثرهم علما وأفضلهم حلما وأولهم سلما). ولم يجمع كتاب السيرة على الوقت الذي تم فيه الزواج، ولكنهم قالوا إنه كان بعد الهجرة، وبعد غزوة بدر. ومنهم الفاضل المعاصر محمد ناصر الدين الألباني في (آداب الزفاف في السنة المطهرة) (ص 55 ط دار عمر بن الخطاب للنشر والتوزيع) قال: عن بريدة رضي الله عنه قال: قال نفر من الأنصار لعلي: عندك فاطمة، فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فسلم عليه، فقال: ما حاجة ابن أبي طالب؟ فقال: يا رسول الله ذكرت فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: مرحبا وأهلا، ولم يزد عليهما، فخرج علي بن أبي طالب على أولئك الرهط من الأنصار ينتظرونه، قالوا: ما وراءك؟ قال: ما أدري غير أنه قال لي: مرحبا وأهلا، فقالوا: يكفيك من رسول الله إحداهما، أعطاك الأهل والمرحب.

ص 327

ومنهم الفاضلان عبد مهنا وسمير جابر في (أخبار النساء في العقد الفريد) (ص 182 ط دار الكتب العلمية بيروت) قال: وفي رواية: إنه لما خطب أبو بكر وعمر فاطمة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يزوجها، قال عمر: أنت لها يا علي. فقال علي: ما لي من شيء إلا درعي أرهنها. فزوجه رسول الله صلى الله عليه وسلم فاطمة. فلما بلغ ذلك فاطمة بكت ثم دخل عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ما لك تبكين يا فاطمة! فوالله لقد أنحكتك أكثرهم علما وأفضلهم حلما وأولهم سلما. وظلت فاطمة الزهراء الزوجة الوحيدة لعلي بن أبي طالب طيلة حياتها. ولم يتخذ علي عليها زوجة حتى توفيت. وقد ولدت له الحسن والحسين وأم كلثوم وزينب. وكانت فاطمة ترقص الحسين بن علي رضي الله عنهما وتقول: وا بأبي شبه النبي ليس شبيها بعلي ومنهم العلامة الحافظ جمال الدين أبي الحجاج يوسف المزي في (تهذيب الكمال في أسماء الرجال) (ج 17 ص 75 ط بيروت) قال: وأخبرنا أبو إسحاق ابن الدرجي، وأحمد بن شيبان، قالا: أنبأنا أبو جعفر الصيدلاني، قال: أخبرنا أبو علي الحداد، قال: أخبرنا أبو نعيم الحافظ، قال: حدثنا عبد الله بن جعفر، قال: حدثنا إسماعيل بن عبد الله، قال: حدثنا مالك بن إسماعيل، قال: حدثنا عبد الرحمن بن حميد الرؤاسي، قال: حدثني عبد الكريم بن سليط البصري، عن ابن بريدة، عن أبيه، قال: قال نفر من الأنصار لعلي رضي الله عنه: لو كانت عندك فاطمة. فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم، يعني: ليخطبها، فقال: (ما حاجة ابن أبي طالب؟) قال: يا رسول الله ذكرت فاطمة. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (مرحبا وأهلا). لم يزده على ذلك. فخرج علي على هؤلاء الرهط من الأنصار ينتظرونه، فكأنهم قالوا: ما وراءك؟ قال: إنه قال: (مرحبا وأهلا). قالوا: يكفيك من

ص 328

رسول الله صلى الله عليه وسلم أحدهما، أعطاك الأهل، وأعطاك المرحب. فلما زوجه قال: (لا بد للعروس من وليمة)، فجمع له رهط من الأنصار شيئا، فقال: (اللهم بارك لهما في شملهما). رواه النسائي في (اليوم والليلة). عن أحمد بن سليمان الرهاوي، وعبد الأعلى بن واصل بن عبد الأعلى، جميعا عن مالك بن إسماعيل، فوقع لنا بدلا عاليا بدرجتين. وهذا جميع ماله عندهم والله أعلم. ومنهم العلامة الشيخ عبد العزيز الثعالبي التونسي المتوفى 1944 م في (معجز محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم) (ص 267 ط بيروت) قال: ثم سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عليا: أعندك شيء تمهرها به؟ فقال: فرسي وبدني. فأجابه صلى الله عليه وسلم أما فرسك فلا بد لك منها، وأما بدنك فبعها. فباعها رضي الله عنه من عثمان بن عفان ب 480 درهما. ثم ردها عليه. فجاء إلى رسول الله بالمال فوضعه في حجره. فقبض منه قبضا وناولها إلى بلال. وقال له: ابتع لنا بها طيبا! وحكى رواة السيرة إن عقد علي على فاطمة كان في رمضان، والبناء بها كان في ذي الحجة. وروى بعضهم، أنه تأخر سبعة أشهر ونصف، والأول أرجح. ولما تم العقد، دعا صلى الله عليه وسلم بطبق بسر، فوضع بين يديه، وقال لمن حضر من الصحابة انتهبوا! ولما كانت ليلة الدخول، أولم عليها رضي الله عنه بكبش من عند سعد بن عبادة وأصوع من ذرة من عند جماعة من الأنصار. ومنهم الأستاذ محمد المنتصر الكتاني في معجم فقه السلف عترة وصحابة وتابعين (ج 7 ص 15 ط مطابع الصفا بمكة المكرمة) قال: فعن علي بن أبي طالب عند قاسم بن أصبغ الأندلسي قال: أتيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقلت: يا رسول الله قد علمت قدمي في الإسلام ومناصحتي وأني وأني قال: وما ذاك يا علي؟ قال: تزوجني فاطمة قال: وما عندك؟ قلت: عندي

ص 329

فرسي ودرعي قال: أما فرسك فلا بد لك منها، وأما درعك فبعها قال: فبعتها بأربعمائة وثمانين فأتيته بها فوضعتها في حجره، ثم قبض منها قبضة وقال: يا بلال ابغنا بها طيبا.. ومنهم عبد المنعم محمد عمر في (خديجة أم المؤمنين) (ص 267 ط دار الريان للتراث) قال: تقدم أبو بكر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب (فاطمة الزهراء)، فترفق به صلى الله عليه وسلم وقال: (انتظر بها القضاء)، فذكر ذلك (أبو بكر لعمر)، فقال له (عمر): ردك (يا أبا بكر). ثم إن (أبا بكر) قال (لعمر): اخطب (فاطمة) إلى النبي صلى الله عليه وسلم فخطبها فقال له مثل ما قال (لأبي بكر): انتظر بها القضاء. فجاء (عمر إلى أبي بكر) فأخبره فقال له: ردك (يا عمر). وشاع الخبر في المدينة، وكان أول من أخبر (عليا) بذلك جارية له فقالت: هل عملت أن (فاطمة) خطبت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: لا. قالت: فقد خطبت فما يمنعك أن تأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم فيزوجك؟ ولا شك أن كلامها بعث في نفسه تفكيرا عميقا، فقد كان يعصب عليه أن يذهب لخطبتها وهو صفر اليدين لا يملك شيئا يمهرها به، وعلم أهله من (بني هاشم) بالخبر، فأخذوا يحثونه على أن يخطبها، ولكنه تهيب الموقف بعد أن رفض الرسول خطبة صاحبيه، فذكر له أهله قرابته من أبيها وأنه لن يرد ابن عمه، وعلم نفر من الأنصار بالخبر، وكانوا يحبون (فاطمة وعليا)، فأخذوا يشجعونه على أن يطلبها، وشجعه عمر بن الخطاب إذ قال له: أنت لها يا علي. أثر كل ذلك في نفس علي فتشجع وقصد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد روى بعد ذلك ما حدث فقال: (كانت لرسول الله صلى الله عليه وسلم جلالة وهيبة، فلما قعدت بين يديه أفحمت، فوالله ما أستطيع أن أتكلم، فقال: ما جاء بك؟ ألك حاجة؟ فسكت، فقال: لعلك جئت تخطب (فاطمة)؟ قلت: نعم. قال: وهل عندك شيء تستحلها به؟ فقلت لا والله يا رسول الله. فقال: ما فعلت بالدرع التي سلحتكها؟

ص 330

فقلت: عندي والذي نفس (علي) بيده إنها لحطمية ما ثمنها أربعمائة درهم). وكان الرسول الكريم يجعل أمر بناته بأيديهن، وقد استن استشارتهن في أمر زواجهن، فقال (للزهراء): (إن عليا) يذكرك. فسكتت، فزوجها) وبذلك تم عقد قران أحب اثنين إلى أكرم الأنبياء: (فاطمة الزهراء)، أحب الناس إلى أبيها، و(علي بن أبي طالب) أحب الرجال إلى نفس ابن عمه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد كان هذا القران، على أصح الروايات التي ترتضيها النفس، في شهر رجب بعد مقدم النبي المدينة بخمسة أشهر.

مستدرك زوج النبي (ص) فاطمة من علي عليهما السلام بأمر الله تعالى

قد تقدم ما يدل عليه عن العامة في ج 4 ص 460 و472 وج 6 ص 592 وج 10 ص 326 وج 17 ص 83 وج 18 ص 173 وج 19 ص 123 وج 25 ص 423 ومواضع أخرى. ونستدرك هيهنا عن الكتب التي لم نرو عنها فيما سبق. رواه جماعة: فمنهم الحافظ الشيخ جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي المتوفى 911 ه في كتابه (القول الجلي في فضائل علي عليه السلام) (ص 26 ط مؤسسة نادر للطباعة والنشر) قال: عن ابن مسعود أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إن الله أمرني أن أزوج فاطمة من علي). أخرجه الطبراني. ومنهم العلامة أبو الحسين محمد بن أحمد بن جميع الصيداوي المتولد 305 والمتوفى 402 ه في (معجم الشيوخ) (ص 193 ط مؤسسة الرسالة بيروت ودار الإيمان طرابلس) قال:

ص 331

حدثنا أحمد بن سعيد، حدثنا محمد بن علي بن راشد، حدثنا عبيد الله بن موسى، حدثنا سفيان، عن الأعمش، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبد الله، قال: لما أراد النبي صلى الله عليه وسلم أن يوجه بفاطمة إلى علي أخذتها رعدة، فقال: (يا بنية لا تجزعي، إني لم أزوجك من علي، إن الله عز وجل أمرني أن أزوجك منه، إن الله تعالى لما أمرني أن أزوجك من علي أمر الملائكة أن يصطفوا صفوفا في الجنة، ثم أمر شجر الجنان أن تحمل الحلي والحلل، ثم أمر جبريل عليه السلام فنصب في الجنة منبرا، ثم صعد جبريل فاختطب، فلما أن فرغ نثر عليهم من ذلك، فمن أخذ أحسن أو أكثر من صاحبه افتخر به إلى يوم القيامة. يكفيك يا بنية هذا). ومنهم العلامة ابن أبي القاسم التجاني في (تحفة العروس ونزهة النفوس) (ص 39 ط مكتبة التراث الإسلامي بالقاهرة) قال: وفي رواية عن أنس: أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال لعلي حين أراد تزويجه: (إن الله أمرني أن أزوج فاطمة بنت خديجة إن رضيت). قال: قد رضيت يا رسول الله. ومنهم العلامة المؤرخ محمد بن مكرم المشتهر بابن منظور المتوفى 711 ه في (مختصر تاريخ دمشق لابن عساكر) (ج 22 ص 155 ط دار الفكر) قال: محمد بن دينار العرقي - من أهل عرقة من أعمال دمشق - روى عن هشيم بسنده إلى أنس بن مالك قال: بينا أنا عند النبي صلى الله عليه وسلم إذ غشيه الوحي فلما سرى عنه قال: هل تدري ما جاء به جبريل من عند صاحب العرش؟ قلت: لا. قال: إن الله أمرني أن أزوج فاطمة من علي بن أبي طالب انطلق فادع لي أبا بكر وعمر وعثمان وطلحة والزبير وبعددهم من الأنصار - الخبر. ومنهم العلامة كمال الدين عمر بن أحمد بن أبي جرادة المولود 588 والمتوفى 660 في (بغية الطلب في تاريخ حلب) (ج 8 ص 3546 ط دمشق) قال:

ص 332

أخبرنا عمي أبو غانم بن هبة الله بن محمد بن أبي جرادة والشيخ أبو محمد عبد الرحمن بن عبد الله بن علوان الأسدي، وابنه القاضي أبو عبد الله محمد بن عبد الرحمن وأبو عبد الله محمد بن أحمد بن محمد بن الطرطوسي الحلبيون بها قالوا: أخبرنا أبو سالم أحمد بن عبد القاهر بن الموصول الحلبي بها قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن عبد الله بن محمد بن أبي جرادة الحلبي - بها - قال: حدثني أبو الفتح عبد الله بن إسماعيل بن الجلي الحلبي بها قال: أخبرنا الشيخ الزاهد أبو عبيد الله عبد الرزاق بن عبد السلام بن أبي نمير العابد الحلبي بها قال: حدثنا أبو الحسن الراجح بن الحسين بن عتاب النشائي بحلب قال: حدثني محمد بن خلف بن صالح التيمي بكناسة الكوفة قال: حدثني سليمان الأعمش قال: بعث إلي أبو جعفر المنصور في الليل، فقلت في نفسي ما وجه إلي في هذا الوقت إلا وهو يريد أن يسألني عن فضائل علي بن أبي طالب عليه السلام، وذكر الحديث وقال فيه عن المنصور قال: حدثني أبي عن جدي قال: كنا جلوسا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أقبلت فاطمة باكية فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما يبكيك يا بنية؟ قالت: يا رسول الله عيرنني نساء قريش وزعمن أنك زوجتني معدما لا مال له، فقال لها رسول الله والذي بعثني بالحق نبيا يا بنية ما زوجتك حتى زوجك الله من فوق عرشه وأشهد على ذلك جبريل وميكائيل. ومنهم العلامة يوسف بن إسماعيل النبهاني رئيس محكمة الحقوق في بيروت في (الأنوار المحمدية من المواهب اللدنية) (ص 70 ط دار الإيمان دمشق وبيروت) قال: وفي هذه السنة [الثالثة] تزوج علي بفاطمة رضي الله عنهما وخطبها قبله أبو بكر وعمر رضي الله عنهما فلم يجبهما صلى الله عليه وسلم ثم دعاهما وجماعة من المهاجرين والأنصار فلما اجتمعوا وكان علي غائبا خطب صلى الله عليه وسلم خطبة بليغة ثم قال إن الله عز وجل أمرني أن أزوج فاطمة من علي بن أبي طالب فاشهدوا أني قد زوجته على أربعمائة مثقال فضة إن رضي بذلك علي ثم دعا صلى

ص 333

الله عليه وسلم بطبق من بسر وقال انتهبوا فانتهبوا ودخل علي فتبسم النبي صلى الله عليه وسلم في وجهه ثم قال إن الله عز وجل أمرني أن أزوجك فاطمة على أربعمائة مثقال فضة أرضيت بذلك فقال قد رضيت بذلك يا رسول الله فقال عليه الصلاة والسلام جمع الله شملكما وأعز جدكما وبارك عليكما وأخرج منكما كثيرا طيبا قال أنس فوالله لقد أخرج الله منهما الكثير الطيب. ومنهم السيد رفاعة الطهطاوي في (نهاية الايجاز في سيرة الحجاز صلى الله عليه وآله) (ج 2 ص 51 ط مكتبة الآداب ومطبعتها بالجماميز) قال: وفيها تزوج علي فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال: (إن الله تعالى عقد على فاطمة لعلي في السماء) فنزل الوحي بذلك. ومنهم الحافظ الشيخ أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت الخطيب البغدادي في (تلخيص المتشابه في الرسم) (ج 1 ص 363 ط دار طلاس) قال: فذكر الحديث مثل ما تقدم عن ابن منظور. ومنهم العلامة الشيخ عبد العزيز الثعالبي التونسي المتوفى 1944 م في (معجز محمد رسول الله صلى الله عليه وآله) (ص 266 ط دار الغرب الإسلامي بيروت) قال: فخطبها كبار الصحابة، اضراب أبي بكر وعمر، فردهم رسول الله ردا جميلا قال فيه: إني أنتظر بها القضاء، فعلموا بذلك أنه يريد أن يزوجها من ابن عمها علي بن أبي طالب يشد بها ظهره، فأتاه أبو بكر وعمر يحضانه على خطبتها. فقال علي يذكر لهما هذه اليد: لقد نبهاني لأمر كنت غافلا عنه، فجئته صلى الله عليه وسلم، فقلت هل لك في أني تزوجني فاطمة؟ فقال: انتظر حتى أسألها رأيها، ثم كلمها في ذلك: أي بنية؟ إن ابن عمك عليا قد خطبك فماذا تقولين؟ فبكت رضي الله عنها. وصارحته برأي يدل على الرجاحة والعقل، وهي لا تنظر للزواج نظرة عاطفية فقط، فقالت: كأنك يا أبت ادخرتني لفقير قريش.

ص 334

فقال لها ما يهون عليها روعتها: والذي بعثني بالحق ما كلمتك في هذا حتى أذن الله لي فيه. فقالت: رضيت يا أبت بما رضيه لي الله ورسوله. ومنهم الفاضل المعاصر رياض عبد الله عبد الهادي في (الدرر المجموعة بترتيب أحادث اللآلي المصنوعة) (ص 185 ط دار البشائر الإسلامية بيروت) قال: يا علي إن الله زوجك فاطمة وجعل... ابن عباس 1 / 396. ومنهم الفاضل المعاصر أبو هاجر محمد السعيد بن بسيوني زغلول في (موسوعة أطراف الحديث النبوي الشريف) (ج 3 ص 138 ط عالم التراث للطباعة والنشر بيروت) قال: إن الله أمرني أن أزوج فاطمة من علي مجمع 9: 204 - جوامع 4710 - كنز 32891، 32929، 37753 - طب 10: 194 - موضوعات 1: 415، 418 - ميزان 5280 - لسان 4: 126 - لئ 1: 205 - فوائد 390 - تنزيه 1: 410. وأشار إليه أيضا في ج 4 ص 258 - وج 11 ص 217: يا فاطمة إن الله زوجك سيدا في الدنيا وإنه في الآخرة لمن الصالحين. وقال أيضا في ج 11 ص 217: يا فاطمة إن الله... ومنهم الفاضل محمد خير المقداد في (مختصر المحاسن المجتمعة - للصفوري) (ص 184 ط دار ابن كثير) قال: قال النسفي: لما دخل النبي صلى الله عليه وسلم الجنة ليلة المعراج رأى قصرا لخديجة رضي الله عنها، فأخذ جبريل تفاحة من شجرة من القصر، وقال: كل هذه يا محمد، فإن الله تعالى يخلق منها بنتا تحمل بها خديجة اسمها فاطمة، ففعل، فلما حملت بها وجدت رائحة الجنة تسعة أشهر، فلما وضعتها، انتقلت الرائحة إلى فاطمة رضي الله عنها، فكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا اشتاق إلى الجنة، قبل فاطمة، فلما كبرت قال: يا ترى هذه الحورية لمن؟ فجاء جبريل في بعض الأيام، وقال: إن الله يقرئك السلام ويقول لك اليوم، كان عقد فاطمة في موطنها في قصر أمها

ص 335

في الجنة، الخاطب إسرافيل، وجبريل وميكائيل الشهود، ورب العزة جل جلاله الولي، والزوج علي. قال أنس رضي الله عنه: بينما النبي صلى الله عليه وسلم في المسجد إذ قال لعلي رضي الله عنه: (هذا جبريل يخبرني أن الله تعالى زوجك من فاطمة، وأشهد على تزويجها أربعين ألف ملك، وأوحى إلى شجرة طوبى: أن انثري عليهم الدر والياقوت فنثرت عليم، فابتدر الحور العين يلتقطن في زوجها علي بن أبي طالب رضي الله عنه، فكبر جبريل وميكائيل والملائكة، فصار التكبير على العرائس من تلك الليلة. أطباق الدر والياقوت الحلي والحلل فهم يتهادونه إلى يوم القيامة. قال جابر بن عبد الله رضي الله عنه: دخلت أم أيمن باكية على النبي صلى الله عليه وسلم فسألها عن ذلك؟ فقالت: دخلت على رجل من الأنصار، قد زوج ابنته، ونثر عليها اللوز والسكر، فتذكرت تزويجك فاطمة، ولم تنثر عليها شيئا، فقال صلى الله عليه وسلم: (والذي بعثني بالكرامة واستخصني بالرسالة إن الله تعالى لما زوج عليا فاطمة، أمر الملائكة المقربين، أن يحدقوا بالعرش فيهم جبريل وميكائيل وإسرافيل، وأمر الجنان أن تزخرف، والحور العين أن تزين، ثم أمر شجرة طوبى أن تنثر عليهم اللؤلؤ الرطب، مع الدر الأبيض، والزبرجد الأخضر مع الياقوت الأحمر). وفي رواية: إن الله تعالى زوج عليا ليلة أسري بي عند سدرة المنتهى وأوحى إلى السدرة: أن انثري ما عليك، فنثرت الدر، والجوهر، والمرجان، فلما كان ليلة الزفاف، أركبها النبي صلى الله عليه وسلم على بغلته الشهبا، وأمر سلمان الفارسي أن يقودها، والنبي صلى الله عليه وسلم يسوقها فلما كانوا في أثناء الطريق، إذ سمع وجبة، فإذا هو جبريل، بسبعين ألفا من الملائكة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (ما أهبطكم [الساعة]؟) قالوا: جئنا لنزف فاطمة إلى...

ص 336

مستدرك خطبة عقد فاطمة عليها السلام

تقدم ما يدل عليه من العامة في ج 18 ص 181 وج 19 ص 138 وج 25 ص 434 ومواضع أخرى. ونستدرك هيهنا عن الكتب التي لم نرو عنها فيما سبق. رواه جماعة: فمنهم العلامة المؤرخ محمد بن مكرم المشتهر بابن منظوم المتوفى 711 ه في (مختصر تاريخ دمشق لابن عساكر) (ج 22 ص 155 ط دار الفكر) قال: محمد بن دينار العرقي من أهل عرقة من أعمال دمشق. روى عن هشيم، بسنده إلى أنس بن مالك قال: بينا أن عند النبي صلى الله عليه وسلم إذ غشيه الوحي، فلما سري عنه قال: (هل تدري ما جاء به جبريل من عند صاحب العرش؟) قالت: لا. قال: إن ربي أمرني أن أزوج فاطمة من علي بن أبي طالب. انطلق فادع لي أبا بكر وعمر وعثمان وطلحة والزبير، وبعددهم من الأنصار) فانطلقت، فدعوتهم. فلما أخذوا المقاعد، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (الحمد لله المحمود بنعمته، المعبود بقدرته، المطاع بسلطانه، المرهوب من عذابه، المرغوب إليه فيما عنده، النافذ أمره في سمائه وأرضه، الذي خلق الخلق بقدرته، وميزهم بأحكامه، وأعزهم بدينه، كرمهم بنبيه محمد صلى الله عليه وسلم. ثم إن الله جعل المصاهرة نسبا لاحقا، وأمرا مفترضا، وشج به الأرحام، وألزمها الأنام، فقال تبارك وتعالى: (وهو الذي خلق من الماء بشرا فجعله نسبا وصهرا وكان ربك قديرا) فأمر الله يجري إلى قضائه، وقضاؤه يجري إلى قدره، ولكل قضاء قدر، ولكل قدر أجل، ولكل أجل كتاب: (يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب) ثم إن ربي أمرني أن أزوج فاطمة من علي بن أبي طالب، فأشهدكم أني قد زوجته إياها على أربع مئة مثقال فضة، إن رضي بذلك علي) - وكان النبي صلى الله عليه وسلم قد

ص 337

بعثه في حاجة - ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا بطبق فيه بسر، فوضعه بين أيدينا، وقال: (انتهبوا) فبينا نحن ننتهب إذ أقبل علي، فتبسم النبي صلى الله عليه وسلم إليه وقال: (يا علي، إن الله أمرني أن أزوجك فاطمة، وقد زوجتكها على أربع مئة مثقال فضة، إن رضيت) فقال علي: رضيت يا رسول الله. ثم خر لله ساجدا. فلما رفع رأسه، قال له النبي صلى الله عليه وسلم: (بارك الله فيكما، وبارك عليكما، وأخرج منكما الكثير الطيب). قال أنس: فوالله لقد أخرج منهما الكثير الطيب. ومنهم العلامة الشيخ أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت بن أحمد بن مهدي الخطيب البغدادي في (تلخيص المتشابه في الرسم) (ج 1 ص 363 ط دار طلاس دمشق) قال: أنا الحسن بن أبي بكر، نا محمد بن العباس بن نجيح البزاز - من لفظه - ثنا محمد ابن نهار بن عمار بن أبي المحياة التيمي إملاء، نا عبد الملك بن خيار الدمشقي، نا محمد بن دينار - بساحل دمشق - نا هشيم، عن يونس بن عبيد، عن الحسن، عن أنس بن مالك، قال: فذكر مثل ما تقدم عن ابن منظور إلا أن فيه: المطاع سلطانه المهروب إليه من عذابه - وليس فيه: المرغوب إليه فيما عنده. ومنهم الفاضل المعاصر محمد خير المقداد في (مختصر المحاسن المجتمعة في فضائل الخلفاء الأربعة - للعلامة الصفوري) (ص 186 ط دار ابن كثير دمشق بيروت) قال: قال المحب الطبري: فخطب النبي صلى الله عليه وسلم، وقال: (الحمد لله المحمود بنعمته، المعبود بقدرته، المطاع بسلطانه، المرهوب من عذابه - فذكر مثل ما تقدم عن ابن منظور باختلاف قليل. ومنهم الفاضل المعاصر أحمد عبد الجواد المدني في (المعاملات في الإسلام) (ص 152 ط مؤسسة الإيمان ودار الرشيد بيروت دمشق) قال: فذكر مثل ما تقدم عن ابن منظور باختلاف يسير في اللفظ.

ص 338

ومنهم العلامة أبو طاهر محمد بن أحمد السلفي الإصبهاني المتوفى سنة 576 ه بالإسكندرية في (المشيخة البغدادية) (ق 101 والنسخة مصورة من مكتبة اسكوريال في مدريد) قال: أخبرنا أبو جعفر عبد الواحد بن الحسين [اللوازشوزي عله تلعيس - كذا] أنا القاضيان أبو علي بن عثمان بن أبي هشام وأبو الحسن علي بن الحسن بن أبي مسرة قالا: نا أبو الفرج محمد بن معيد بن عبدان البغدادي، ثنا أبو نعيم محمد بن جعفر بن محمد الأحول، ثنا محمد بن نصار بن يحيى بن أبي المحياة، نا عبد الملك بن خباز بن عم يحيى بن معين، نا محمد بن دينار العرقي عن مشيم بن بشير عن يونس بن عبيد عن الحسن عن أنس بن مالك قال: بينا أنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ غشيه الوحي - فذكر الحديث مثل ما تقدم. ومنهم الفاضل المعاصر رياض عبد الله عبد الهادي في (فهارس كتاب الموضوعات - لابن الجوزي) (ص 53 ط دار البشائر الإسلامية بيروت) قال: الحمد لله المحمود بنعمه، المعبود بقدرته... ذكر تزويج فاطمة بعلي 1 / 418. الحمد لله المحمود بنعمه المعبود بقدرته... ذكر تزويج فاطمة بعلي 1 / 416.

مستدرك كان صداق فاطمة درعا حطمية

تقدم ما يدل عليه عن العامة في ج 10 ص 352 وج 25 ص 400 ومواضع أخرى، ونستدرك هيهنا عن الكتب التي لم نرو عنها فيما سبق. رواه جماعة: فمنهم العلامة الحافظ أبو حاتم محمد بن أحمد التميمي البستي المتوفى 354 ه في (السيرة النبوية وأخبار الخلفاء) (ص 152 ط مؤسسة الكتب الثقافية دار الفكر بيروت) قال:

ص 339

ثم زوج رسول الله صلى الله عليه وسلم ابنته فاطمة عليا في صفر، وقال له: (أعطها شيئا)، فقال: ما عندي يا رسول الله شيء، قال فأين درعك الحطيمة؟ فبعث إليها بدرعه . ومنهم الحافظ أحمد بن علي بن حجر العسقلاني المتولد 773 والمتوفى 852 ه في بلوغ المرام من أدلة الأحكام) (ص 215 ط دار النهضة) قال: وعن ابن عباس قال: لما تزوج علي فاطمة قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم (أعطها شيئا) قال: ما عندي شيء. قال (فأين درعك الحطمية؟) رواه أبو داود والنسائي وصححه الحاكم. ومنهم الشريف أبو الحسن علي الحسني الندوي في (المرتضى - سيرة سيدنا أبي الحسن علي بن أبي طالب) (ص 40 ط دار القلم دمشق) قال: وقد جاء في مسند علي حديث مفصل في خطبة فاطمة بنت الرسول صلى الله عليه وسلم، فإنه قال: أردت أن أخطب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ابنته، فقلت: ما لي من شيء فكيف؟ ثم ذكرت صلته وعائدته، فخطبتها إليه، فقال: (هل لك من شيء؟) قلت: لا، فقال: (أين درعك الحطمية التي أعطيتك يوم كذا وكذا؟) قال: هي عندي، قال: (فأعطها)، قال: فأعطيتها إياه. ومنهم الأستاذ محمد المنتصر الكتاني في (معجم فقه السلف عترة وصحابة وتابعين) (ج 7 ص 15 ط مطابع الصفا بمكة المكرمة) قال: وعن ابن عباس عن النسائي: أن علي بن أبي طالب قال: تزوجت فاطمة فقلت: يا رسول الله ابن لي. فقال: أعطها شيئا فقلت: ما عندي شيء قال: فأين درعك الحطمية؟ قلت: هو عندي قال: فأعطها إياه. ومنهم العلامة الحافظ أبو يعلى أحمد بن علي بن المثنى التميمي الموصلي

ص 340

المتوفى 307 ه في (مسند أبي يعلى) (ج 1 ص 362 ط دار المأمون للتراث دمشق) قال: حدثنا نصر بن علي، أخبرني العباس بن جعفر بن زيد بن طلق، عن أبيه، عن جده، عن علي، قال: لما تزوجت فاطمة قلت: يا رسول الله ما أبيع فرسي أو درعي؟ قال: (بع درعك) فبعتها بثنتي عشرة أوقية، فكان ذاك مهر فاطمة). وقال أيضا في ص 388: حدثنا عبد الله بن عمر بن أبان، حدثنا عبد الرحيم بن سليمان، حدثنا محمد بن إسحاق، عن عبد الله بن أبي نجيح، عن مجاهد قال: قال علي بن أبي طالب: زوجني رسول الله صلى الله عليه وسلم فاطمة على درع حديد حطمية وكان سلحنيها وقال: (ابعث بها إليها تحللها بها). فبعثت بها إليها، والله ما ثمنها كذا وأربع مئة درهم. ومنهم العلامة السيد محمد بن إسماعيل الكحلاني الصنعاني المشتهر بالأمير في (سبل السلام) (ج 3 ص 149 ط دار الكتب العلمية بيروت) قال: (وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: لما تزوج علي فاطمة رضي الله عنها) هي سيدة نساء العالمين، تزوجها علي رضي الله عنه في السنة الثانية من الهجرة في شهر رمضان وبنى عليها في ذي الحجة. ولدت له الحسن والحسين والمحسن وزينب ورقية وأم كلثوم، وماتت بالمدينة بعد موته صلى الله عليه وسلم بثلاثة أشهر. وقد بسطنا ترجمتها في الروضة الندية (قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: أعطها شيئا، قال ما عندي شيء، قال: فأين درعك الحطمية؟) بضم الحاء المهملة وفتح الطاء نسبة إلى حطمة من محارب بطن من عبد القيس كانوا يعملون الدروع (رواه أبو داود والنسائي وصححه الحاكم) فيه دليل على أنه ينبغي تقديم شيء للزوجة قبل الدخول بها جبرا لخاطرها وهو المعروف عند الناس كافة، ولم يذكر في الرواية هل أعطاها درعه المذكورة أو غيرها. ومنهم عبد المنعم محمد عمر في (خديجة أم المؤمنين) (ص 468 ط دار الريان) قال:

ص 341

فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: أين درعك الحطمية - الخ. ومنهم سامية منيسي في (أمهات المؤمنين والقرشيات) (ص 245 ط دار المريخ الرياض) قال: وكان مهرها: ثمن درع لعلي (أربعمائة درهم) أمر النبي صلى الله عليه وسلم علي أن يجعل ثلثيها في الطيب، والثلث في المتاع. ومنهم الفاضل المعاصر محمد رضا في (الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام) (ص 6 ط بيروت) قال: دخل علي رضي الله عنه على رسول الله يريد أن يخطب فاطمة، فقعد بين يديه لكنه لم يستطع الكلام لهيبته صلى الله عليه وسلم، فقال: ما جاء بك، ألك حاجة؟ فسكت. فقال عليه الصلاة والسلام: لعلك جئت تخطب فاطمة! فقال: نعم. قال: وهل عندك من شيء تستحلها به؟ فقال: لا والله يا رسول الله. فقال: ما فعلت بالدرع التي سلحتكها؟ فقال: عندي والذي نفس علي بيده، إنها لحطمية ما ثمنها أربعمائة درهم. قال: قد زوجتك فابعث بها فإن كانت لصداق فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم. ومنهم الفاضل المعاصر ابن أبي القاسم التجاني في (تحفة العروس ونزهة النفوس) (ص 32 ط مكتبة التراث الإسلامي القاهرة) قال: محمد بن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: (أصدق علي فاطمة عليها السلام بنت محمد صلى الله عليه وسلم درعا من حديد، هذه الدرع هي درعه المعروفة بالحطمية. ومنهم الفاضل المعاصر أبو هاجر محمد السعيد زغلول في (تعاليق تحفة العروس - التجاني) (ص ط مكتبة التراث الإسلامي) قال: أخرجه أبو داود عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أن عليا عليه

ص 342

السلام لما تزوج فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ورضي الله عنها أراد أن يدخل بها فمنعه رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى يعطيها شيئا فقال: يا رسول الله، ليس لي شيء فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: أعطها درعك فأعطاها درعه ثم دخل بها. ورواه أبو داود عن ابن عباس بلفظ (أين درعك الحطمية). وأخرجه النسائي (6 / 129). ومنهم العلامة أبو سليمان حمد بن محمد بن إبراهيم البستي المتوفى 388 ه في (غريب الحديث) (ج 1 ص 291 ط دمشق) قال: وقال أبو سليمان في حديث النبي صلى الله عليه: (أن علي بن أبي طالب قال: لما خطبت فاطمة قال النبي صلى الله عليه: عندك شيء؟ قلت: لا، قال: فأين درعك الحطمية التي أعطيتك؟ قال: قلت: ها هي ذه، قال: أعطها). الدرع الحطمية [قال: هي الثقيلة العريضة، وقال بعضهم: هي التي تحطم السيوف: أي تكسرها، وقيل:] منسوب إلى حطمة بن محارب، بطن من عبد القيس، كانوا يعملون الدروع، نسبت إليهم كما نسبت التبعية إلى تبع، قال الهذلي: وعليهما مسرودتان قضاهما داود أو صنع السوابغ تبع

مستدرك وليمة عرس فاطمة عليها السلام

تقدم ما يدل عليه عن العامة في ج 10 ص 424 وج 25 ص 449 ومواضع أخرى. ونستدرك هيهنا عن الكتب التي لم نرو عنها فيما سبق. رواه جماعة: فمنهم الحافظ المحدث أبو عبد الرحمن أحمد بن شعيب النسائي المتوفى 303 ه في (عمل اليوم والليلة) (ص 97) قال:

ص 343

أخبرنا عبد الأعلى بن واصل بن عبد الأعلى، قال حدثنا مالك بن إسماعيل عن عبد الرحمن بن حميد، قال: حدثنا عبد الكريم بن سليط البصري. وأخبرنا أحمد بن سليمان قال: حدثنا مالك بن إسماعيل، قال: حدثنا حميد بن عبد الرحمن الرواسي، قال: حدثنا عبد الكريم بن سليط عن ابن بريدة عن أبيه، أن نفرا من الأنصار قالوا لعلي: عندك فاطمة فدخل على النبي صلى الله عليه وسلم، فسلم عليه فقال: ما حاجة ابن أبي طالب؟ قال: ذكرت فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (مرحبا وأهلا) لم يزده عليها، فخرج إلى الرهط من الأنصار ينتظرونه، فقالوا: ما وراءك؟ قال: ما أدري غير أنه قال لي: (مرحبا وأهلا)، قالوا: يكفيك من رسول الله صلى الله عليه وسلم إحداهما، قد أعطاك الأهل، وأعطاك الرحب، فلما كان بعد ذلك بعد ما زوجه، قال: (يا علي: إنه لا بد للعروس من وليمة) قال سعد: عندي كبش، وجمع له رهط من الأنصار آصعا من ذرة. ومنهم الفاضل المعاصر عبد المنعم محمد عمر في (خديجة أم المؤمنين) (ص 469 ط دار الريان للتراث) قال: ولما كانت ليلة العرس في أوائل ذي الحجة على رأس اثنين وعشرين شهرا من الهجرة، أولم (علي بن أبي طالب) وليمة يبدو أنه بذل فيها الكثير مما أفاء الله عليه من (بدر) ومن (بني قينقاع)، (فما كانت وليمة في ذلك الزمان أفضل من وليمته) وقدم أخوال الرسول من الأنصار (لعلي) بعض الهدايا العينية مشاركة منهم في إعداد هذه الوليمة على مألوف عادة الأهل والأقارب، فقد سيد الأوس (سعد بن معاذ) كبشا، كما قدموا بعضا من ذرة. فلما انتهت الوليمة انتقلت أفضل عروس إلى منزل كان (علي) قد أعده لسكناهما، وقد زفت إليه وهي تلبس بردين وتتحلى بدملوجين من فضة مصفرين بزعفران، وسعدت بحضور زفافها شقيقاتها (زينب وأم كلثوم) و(أم أيمن) ومعهن لفيف من فضليات بني النجار جئن ليهدينها إلى أشجع فتيان المسلمين (علي بن أبي طالب).

ص 344

ومنهم الشيخ محمد ناصر الدين الألباني في (آداب الزفاف في السنة المطهرة) (ص 55 ط دار عمر بن الخطاب) قال: فلما كان بعد ذلك، بعد ما زوجه قال: يا علي إنه لا بد للعروس من وليمة. فقال سعد : عندي كبش، وجمع له رهط من الأنصار أصوعا من ذرة. ومنهم العلامة شهاب الدين أحمد الخفاجي المصري في (نسيم الرياض في شرح شفاء القاضي عياض) (ج 3 ص 43 ط دار الفكر بيروت) قال: فذكر الحديث وشرحه.

مستدرك جهاز فاطمة عليها السلام

تقدم ما يدل عليه عن العامة في ج 10 ص 369 وج 19 ص 144 وج 25 ص 443 ومواضع أخرى، ونستدرك هيهنا عن الكتب التي لم نرو عنها فيما سبق. رواه جماعة: فمنهم الشيخ عبد العزيز الثعالبي التونسي في (معجز محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم) (ص 267 ط دار الغرب الإسلامي في بيروت) قال: وكان جهاز فاطمة فراشا من جلد كبش، ووسادة من جلد، ولحافا من قطيفة إذا جعلاه بالطول انكشفت ظهورهما، وإذا جعلاه بالعرض انكشفت رؤوسهما. ومكث صلى الله عليه وسلم ثلاثة أيام لا يدخل عليهما، ودخل في اليوم الرابع في غداة باردة، فوجدهما جالسين في تلك القطيفة، فأرادا أن يقوما له فقال لهما: كما أنتما، وجلس عند رأسيهما، وبعد مدة شكت له فاطمة عسر الحال فقالت: يا رسول الله، ما لنا فراش إلا هذا الجلد ننام عليه بالليل، ونعلف عليه ناضحنا بالنهار فقال: يا بنية اصبري، فإن موسى بن عمران أقام مع امرأته سنين ليس لهما فراش إلا

ص 345

عباءة قطوانية. ومنهم الشريف أبو الحسن علي الحسني الندوي في (المرتضى - سيرة سيدنا أبي الحسن علي بن أبي طالب) (ص 40 ط دار القلم دمشق) قال: وعن عطاء بن السائب عن أبيه عن علي قال: جهز رسول الله صلى الله عليه وسلم فاطمة في خميل، وقرية، ووسادة أدم حشوها ليف الأذخر. ومنهم عبد المنعم محمد عمر في (خديجة أم المؤمنين) (ص 469 ط دار الريان للتراث) قال: فباع علي بعيرا له بثمانين وأربع مائة درهم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (اجعلوا ثلثين في الطيب وثلثا في الثياب). وقد وليت (أم أيمن) أمر إعداد جهاز العروس، فكان فيما جهزتها به: سرير وخميلة من قطيفة، ووسادة من أدم، وتور من أدم، ومنشفة، ومنخل، وجرتين، ورحا. ومنهم سامية منيسي في (أمهات المؤمنين والقرشيات) (ص 245 ط دار المريخ بالرياض) قال: وكان متاعهما فراشا من فرأ الكبش، ووسادة حشوها ليف، وتورا من (أدم) وقرية. وقيل: إهاب شاة، ووسادة فيها ليف، ورحائين وسقاء، وجرتين. ومنهم الفاضل المعاصر أحمد عبد الجواد المدني في (المعاملات في الإسلام) (ص 151 ط مؤسسة الإيمان ودار الرشيد بيروت ودمشق) قال: وعن ابن عباس رضي الله عنه قال: (خطب علي بن أبي طالب فاطمة بنت النبي صلى الله عليه وسلم، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم أعطها شيئا، قال: ما عندي شيء، قال: فأين درعك الحطمية؟). أخرجه أبو داود والنسائي. وعن أنس رضي الله عنه قال: (قال علي: فبعتها بأربعمائة وثمانين درهما، فأتيته

ص 346

بها فوضعها في حجره، فقبض منها قبضة فقال: يا بلال! ابغنا بها طيبا، وأمرهم أن يجهزوها، فجعل لهم سرير شرط بالشرط ووسادة من أدم حشوها ليف وسقاء وجرتين ومل البيت كثيبا - يعني رملا -).

مستدرك إيثار فاطمة عليها السلام قميصها الجديد ليلة الزفاف للسائل

تقدم ما يدل عليه عن العامة في ج 10 ص 401 ومواضع أخرى، ونستدرك هيهنا عن الكتب التي لم نرو عنها فيما سبق. رواه جماعة: فمنهم الفاضل المعاصر محمد خير المقداد في (مختصر المحاسن المجتمعة في فضائل الخلفاء الأربعة - للعلامة الصفوري) (ص 186 ط دار ابن كثير دمشق وبيروت) قال: وذكر ابن الجوزي: أن النبي صلى الله عليه وسلم صنع لها قميصا جديدا ليلة زفافها، وكان لها قميص مرقع، وإذا بسائل على الباب يقول: أطلب من بيت النبوة قميصا خلقا، فهمت أن تدفع له المرقع، فتذكرت قوله تعالى: (لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون) فدفعت له الجديد فلما قرب الزفاف، نزل جبريل عليه السلام وقال: يا محمد إن الله تعالى يقرئك السلام، وأمرني أن أسلم على فاطمة، وقد أرسل لها معي هدية من ثياب الجنة من السندس الأخضر، فلما بلغها السلام من ربها وألبسها القميص الذي جاء به جبريل من الجنة، لفها رسول الله صلى الله عليه وسلم بالعباء، ولفها جبريل بأجنحته حتى لا يأخذ نور القميص بالأبصار، فلما جلست بين النساء المسلمات والمشركات ومع كل واحدة شمعة ومع فاطمة رضي الله عنها سراج، رفع جبريل جناحيه، ورفع العباء وإذ بالأنوار قد طبقت المشرق والمغرب، فلما وقع النور على أبصار المشركات خرج الشرك من قلوبهن، وقلن: (نشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله).

ص 347

مستدرك

دعاء رسول الله صلى الله عليه وآله لعلي وفاطمة عليهما السلام ليلة العرس

قد تقدم ما يدل عليه عن العامة في ج 10 ص 403 وج 19 ص 141 وج 25 ص 459 ومواضع أخرى، ونستدرك هيهنا عن الكتب التي لم نرو عنها فيما سبق. رواه جماعة: فمنهم الفاضل المعاصر ابن أبي القاسم التجاني في (تحفة العروس ونزهة النفوس) (ص 39 ط مكتبة للتراث الإسلامي القاهرة) قال: سعيد بن المسيب عن ابن عباس - رضي الله عنه - قال: لما ابتنى علي - رضي الله عنه - بفاطمة رضي الله عنها دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم عليهما فقال: (قوما إلى بيتكما جمع الله بينكما، وبارك فيكما، وأصلح بالكما). ثم قام فأغلق عليهما بيده. وفي رواية عن أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لعلي حين أراد تزويجه: إن الله أمرني أن أزوجك فاطمة بنت خديجة إن رضيت. قال: قد رضيت يا رسول الله. قال أنس: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: جمع الله شملكما، وأقر عينكما، وأسعد جدكما، وأخرج منكما خيرا طيبا كثيرا. قال أنس: فوالله لقد خرج منهما كثير، ورضوان الله على جميعهم. ومنهم الفاضل المعاصر محمد رضا في (الإمام علي بن أبي طالب كرم الله وجهه رابع الخلفاء الراشدين) (ص 24 ط دار الكتب العلمية بيروت) قال: وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعلي ليلة البناء بفاطمة: لا تحدثن شيئا حتى تلقاني، فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بماء فتوضأ منه ثم أفرغه على علي

ص 348

وقال: اللهم بارك فيهما، وبارك عليهما، وبارك لهما في نسلهما. ومنهم الفاضل المعاصر محمد سعيد زغلول في (فهارس المستدرك للحاكم) (ص 708 ط بيروت) قال: أشار إلى دعاءه صلى الله عليه وآله لهما صباح الزفاف. ومنهم الفاضل المعاصر محمد خير المقداد في (مختصر المحاسن المجتمعة) (ص 186 ط دار ابن كثير دمشق) قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: جمع الله شملكما وأسعد جدكما وبارك عليكما وأخرج منكما كثيرا طيبا. ومنهم الشيخ عبد العزيز الثعالبي التونسي في (معجز محمد رسول الله صلى الله عليه وآله) (ص 267 ط دار الغرب الإسلامي في بيروت) قال: وحضر رسول الله دخولها وباركهما، فقال: اللهم بارك فيهما، وبارك عليهما، وبارك في شملهما، ثم قرأ سورة الاخلاص، والمعوذتين، وأشار إلى علي، وقال له: قم وادخل بأهلك، باسم الله والبركة. ومنهم الحافظ جمال الدين يوسف المزي في (تهذيب الكمال) (ج 17 ص 75 ط بيروت) قال: فروى حديثا بإسناده عن ابن بريدة عن أبيه - وفيه: فقال: اللهم بارك لهما في شملهما. ومنهم الشيخ محمد ناصر الدين الألباني في (آداب الزفاف في السنة الطاهرة) (ص 55 ط دار عمر بن الخطاب) قال: فلما كانت ليلة البناء، قال: لا تحدث شيئا حتى تلقاني، فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بماء فتوضأ فيه، ثم أفرغه على علي، فقال: اللهم بارك فيهما وبارك لهما

ص 349

في بنائهما. ومنهم الحافظ أبو بكر أحمد بن ثابت الخطيب البغدادي في (تلخيص المتشابه في الرسم) (ج 1 ص 363 ط دار طلاس) قال: قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: بارك الله لكما، وبارك الله فيكما، وأسعد جدكما، وأخرج منكما كثير الطيب. قال أنس: والله لقد أخرج منهما الكثير الطيب. ومنهم العلامة الحافظ أبو عبد الرحمن أحمد بن شعيب النسائي في (عمل اليوم والليلة) (ص 97) قال: فلما كان ليلة البناء قال: يا علي لا تحدث شيئا حتى تلقاني فدعا النبي صلى الله عليه وسلم بماء فتوضأ منه ثم أفرغه على علي فقال: اللهم بارك فيهما وبارك عليهما، وبارك لهما في شبلهما. ومنهم عبد المنعم محمد عمر في (خديجة أم المؤمنين) (ص 469 ط دار الريان) قال: وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أمر عليا أن لا يدخل على فاطمة حتى يجيئه، فتبعها بعد قليل من وصولها حتى وقف على الباب، فاستأذن، فأذن له، فقال: أثم أخي؟ فتعجبت أم أيمن وقالت وهي تتبسط معه: بأبي أنت وأمي يا رسول الله من أخوك؟ قال: علي بن أبي طالب قالت: وكيف يكون أخاك وقد زوجته ابنتك؟ قال: هو ذاك يا أم أيمن، ثم دعا بماء في إناء، وتلا بعض آيات القرآن الكريم وهو يحرك فاطمة، فجاءت بغير خمار تعثر في ثوبها حياء، فنضح عليها من ذلك الماء، ثم دعا فاطمة، فجاءت بغير تعثر في ثوبها حياء، فنضح عليها من ذلك الماء، ثم قال: والله ما ألوت أن زوجتك خير أهلي، ثمدعا لهما قائلا: اللهم بارك فيهما وبارك عليهما وبارك لهما في نسلهما ثم انصرف وتركهما يرتشفان من السعادة الزوجية الصافية ما شاء الله لهما أن يرتشفا. ومنهم الفاضل المعاصر أحمد عبد الجواد المدني في (المعاملات في الإسلام)

ص 350

(ص 154 ط مؤسسة الإيمان ودار الرشيد بيروت ودمشق) قال: عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: فلما كان ليلة بناء علي بفاطمة رضي الله عنها، قال النبي صلى الله عليه وسلم لفاطمة: ائتني بماء، فمج فيه، ثم قال لها قومي، فنضح بين ثدييها وكتفيها وعلى رأسها وقال: اللهم إني أعيذها بك وذريتها من الشيطان الرجيم، ثم قال لعلي: ائتني بماء فمج فيه ثم صب على رأسه وثدييه وكتفيه وقال: اللهم إني أعيذه بك وذريته من الشيطان الرجيم، وفي رواية: أعوذهما بقل هو الله أحد والمعوذتين، ثم قال لعلي: ادخل بأهلك وباسم الله والبركة. وأخرج بنحوه الطبراني وابن جرير وابن عساكر.

مستدرك فاطمة عليها السلام أرسلت إلى أبي بكر تسأله حقها من فدك

وقد تقدم ذكر فدك وإعطاء النبي صلى الله عليه وآله فدك لها عليها السلام في مواضع منها ج 3 ص 549 وج 10 ص 296 و304 وج 12 ص 340 وج 19 ص 119 وج 5 ص 403 و410. ونستدرك هيهنا عن الكتب التي لم نرو عنها فيما سبق. رواه جماعة: فمنهم العلامة أبو جعفر أحمد بن محمد بن سلامة بن عبد الملك بن سلمة الأزدي الحجري المصري الطحاوي الحنفي في (شرح معاني الآثار) (ج 2 ص 4 ط 2 دار الكتب العلمية بيروت) قال: (1)

(هامش)

(1) قال العلامة الكبير الفقيه المحدث أبو الفتح محمد بن علي بن عثمان الكراجكي قدس سره الشريف في كتابه (كنز الفوائد) ص 52 ط تبريز: فصل في ذكر فدك فمن عجب الأمور وطريفها أن تخرج فاطمة الزهراء البتول سيدة نساء العالمين ابنة خاتم (*)

ص 351

(هامش)

النبيين تندب أباها وتستغيث بأمته ومن هدايتهم إلى شريعته في منع أبي بكر من ظلمها فلا يساعدها أحد ولا يتكلم معها بشر مع قرب العهد برسول الله صلى الله عليه وآله ومع ما يدخل القلوب من الرقة في مثل هذا الفعل إذ ورد من مثلها حتى تحمل الناس أنفسهم على الظلم فضلا عن غيره ثم تخرج عائشة بنت أبي بكر إلى البصرة تحرض الناس على قتال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام وقتال من معه من خيار الناس ساعية في سفك دمه ودماء أولاده وأهله وشيعته فتجيبها عشرة ألوف من الناس ويقاتلون أمامها إلى أن هلك أكثرهم بين يديها إن هذا لمن الأمر العجيب. ومن العجب أن تأتي فاطمة عليها السلام إلى أبي بكر تطالبه بفدك وتذكر أن أباها نحلها إياها فيكذب قولها ويقول لها هذه دعوى لا بينة لها هذا مع إجماع الأمة على طهارتها وعدالتها فتقول له إن لم يثبت عندك أنها نحلة فإنا استحقها ميراثا فيدعي أنه سمع النبي صلى الله عليه وآله يقول نحن معاشر الأنبياء لا نورث وما تركناه صدقة ويلزمها تصديقه فيما ادعاه من هذا الخبر مع اختلاف الناس في طهارته وصدقه وعدالته وهو فيما ادعاه خصم لأنه يريد أن يمنعها حقا جعله الله لها. ومن العجب أن يقول لها أبو بكر مع علمه بعظم خطرها في الشرف وطهارتها من كل دنس وكونها في مرتبة من لا يتهم ومنزلة من لا يجوز عليه الكذب ايتيني بأحمر أو أسود يشهد لك بها وخذيها يعني فدك فأحضرت إليه أمير المؤمنين والإمامين الحسن والحسين صلوات الله عليهم أجمعين وأم أيمن فلم يقبل شهادتهم واعلها وزعم أنه لا يقبل شهادة الزوج لزوجته ولا الولد لوالده وقال هذه امرأة واحدة يعني أم أيمن هذا مع إجماع المخالف والموالف على أن النبي قال علي مع الحق والحق مع علي اللهم أدر الحق معه حيثما دار وقوله الحسن والحسين إمامان قاما أو قعدا وقوله صلى الله عليه وآله في أم أيمن أنت على خير وإلى خير فرد شهادة الجميع مع تميزهم على الناس ثم لم يمض الأيام حتى أتاه مال البحرين فلما ترك بين يديه تقدم إليه جابر بن عبد الله الأنصاري فقال له: النبي صلى الله عليه وآله قال لي إذا أتى مال البحرين حبوت لك ثم حبوت لك ثلثا فقال له تقدم فخذ بعددها فأخذ ثلاث حفنات من أموال المسلمين بمجرد الدعوى من غير بينة ولا شهادة ويكون أبو بكر عندهم مصيبا في الحالين عادلا في الحكمين إن هذا من الأمر المستطرف البديع. ومن عجيب أمر المعتزلة إقرارهم بأن أمير المؤمنين عليه السلام أعلم الناس وأزهدهم بعد رسول الله صلى الله عليه وآله ثم يعلمون أنه أتى مع فاطمة شاهدا لها بصحة ما ادعته من نحلتها فلا يستدلون بذلك على صوابها وظلم مانعها ولا يتسائلون إن أعلم الناس لا يخفى عنه ما يصح من الشهادة وما يبطل وإن أزهد الناس لا يشهد بباطل وإن أمير المؤمنين عليه السلام لو كان لا يعلم أن شهادته بذلك مع من حضره لا يجوز قبولها ولا يؤثر في وجوب الحكم بها وكان أبو بكر (*)

ص 352

(هامش)

يعلم ذلك لبطل القول بأنه عليه السلام أعلم الناس بعد النبي صلى الله عليه وآله وإنه لو كان يعلم أن فاطمة عليها السلام تطلب باطلا والتمست محالا وإن شهادته لا تحل في تلك الحال قبولها ولا يسوغ الحكم بها ثم أقدم مع ذلك عليها فشهد لها لكان قد أخطأ متعمدا وفعل ما لا يليق بالزهاد والأتقياء ويظل قولهم إنه عليه السلام أزهد الناس بعد النبي صلى الله عليه وآله ولا ينتبهون بهذا الحال من رقدة الخلال. ومن عجيب أمرهم اعتقادهم في رد أبي بكر شهادة أمير المؤمنين والحسن والحسين عليهم السلام بقولهم إن هذا بعلها وهذان ابناها وكل منهم يجر إلى نفسه ولا يصح شهادة من له حظ فيما يشهد به ثم يقبلون مع ذلك قول سعيد بن زيد بن نفيل فيما رواه وحده من أن أبا بكر وعمر وعثمان وطلحة والزبير وسعدا وسعيدا وعبد الرحمن بن عوف وأبا عبيدة من أهل الجنة ويصدقونه في هذه الدعوى ويحتجون بقوله مع علمهم بأنه أحد من ذكره وله حظ فيما شهد به ولا يردون بذلك قوله ولا يبطلون خبره ويتغطى عليهم إنه لا للزوج من مال زوجته ولا للولد من مال والده إلا ما نحله أباه أو ورثه عنه. ومن عجيب الأمور وعظيم البدع في الدين أن يشهد رجل بر تقي لم يكن قط بالله مشركا ولا للدين منكرا ولا أكل من حرام سحتا ولا عاقر على خمر نديما ولا ارتكب محرما ولا جرب أحد منه قط كذبا ولا علم منه ذنبا ولا كان في طاعة الله ورسوله مقصرا ولا عن درجات السبق إلى الفضائل متأخرا مع اختصاصه برسول الله نسبا وسببا عند رجل أقام أربعين سنة من عمره كافرا وبالله تعالى مشركا ولما ظهر وبطن من الفواحش مرتكبا ولما ظهر الإسلام لم يعلم أحد أن له فيه أثرا جميلا ولا كفى النبي صلى الله عليه وآله مخوفا بل عن كل فضيلة متأخرا ولعهود الله ناكثا وكان في علمه ضعيفا وإلى غيره فيه فقيرا فيردن شهادته ولا يقبل قوله ويظهر إنه أعرف بالصواب منه هذا والشاهد متفق على طهارته وصدقه وإيمانه والمشهود عنده مخالف في طهارته وصدقه وإيمانه إن هذا مما تنفر منه النفوس السليمة والعقول المستقيمة. ومن العجب أنهم يدعون على فاطمة البتول سيدة نساء العالمين التي أحضرها النبي صلى الله عليه وآله للمباهلة وشهد لها بالجنة ونزلت فيها آية الطهارة إنها طلبت من أبي بكر باطلا والتمست لنفسها محالا وقالت كذبا ويعتذرون في ذلك بأنها لم تعلم بدين أبيها أنه لا حق لها في ميراثه ولا نصيب لها من تركته وجهلت هذا الأصل في الشرع وعلم أبو بكر أن النساء لا يعلمن ما يعلم الرجال ولا جرت العادة بأن يتفقهن في الأحكام ثم يدعون مع هذا أن النبي قال خذوا ثلث دينكم عن عائشة لا بل خذوا ثلثي دينكم عن عائشة لا بل خذوا كل دينكم عن عائشة فتحفظ عائشة جميع الدين وتجهل فاطمة في مسألة واحدة مختصة بها في الدين إن هذا لشيء (*)

ص 353

(هامش)

عجيب والذي يكثر العجب ويطول فيه الفكر أن بعلها أمير المؤمنين عليه السلام لم يعلمها ولم يصنها عن الخروج من منزلها لطلب المحال والكلام بين الناس بل يعرضها لالتماس الباطل ويحضر معها فيشهد بما لا يسوغ ولا يحل إن هذا من الأمر المهول الذي تحار فيه العقول. ومن عجيب أمرهم وضعف دينهم أنهم نسبوا رسول الله صلى الله عليه وآله إلى أنه لم يعلم ابنته التي هي أعز الخلق عنده والذي يلزم من صيانتها ويتعين عليه من حفظها أضعاف ما يلزمه لغيرها بأنه لا حق لها من ميراثه ولا نصيب له في تركته ويأمرها أن تلزم بيتها ولا تخرج للمطالبة لما ليس لها والمخاصمة في أمر مصروف عنها وقد جرت عادة الحكماء في تخصيص الأهل والأقرباء بالارشاد والتعليم والتأديب والتهذيب وحسن النظر بهم بالتنبيه والتنتيف والحرص عليهم بالتعريف والتوقيف والاجتهاد في ايداعهم معالم الدين وتميزهم عن العالمين هذا مع قول الله تعالى (وأنذر عشيرتك الأقربين) وقوله سبحانه (يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا وقودها الناس والحجارة) وقول النبي صلى الله عليه وآله بعثت إلى أهل بيتي خاصة وإلى الناس عامة فنسبوه صلى الله عليه وآله إلى تضييع الواجب والتفريط في الحق اللازم من نصيحة ولده وإعلامه ما عليه وله ومن ذا الذي يشك في أن فاطمة كانت أقرب الخلق إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وأعظمهم منزلة عنده وأجلهم قدرا لديه وإنه كان في كل يوم يغدو إليها لمشاهدتها والسؤال عن خبرها والمراعاة لأمرها ويروح كذلك إليها ويتوفر على الدعاء لها ويبالغ في الاشفاق عليها وما خرج قط في بعض غزواته وأسفاره حتى ولج بيتها ليودعها ولا قدم من سفره إلا لقوه بولديها فحملهما على صدره وتوجه بهما إليهما إليها فهل يجوز في عقل أو يتصور في فهم أن يكون النبي صلى الله عليه وآله أغفل إعلامها بما يجب لها وعليها وأهمل تعريفها بأنه لا حظ في تركته لها والتقدم إليها بلزوم بيتها بترك الاعتراض بما لم يجعله الله لها اللهم إلا أن نقول أنه أوصاها فخالفت وأمرها بترك الطلب فطلبت وعاندت فيجاهرون بالطعن عليها ويوجبون بذلك بذمها والقدح فيها ويضيفون المعصية إلى من شهد القرآن بطهارتها وليس ذلك منهم بمستحيل وهو في جنب عداوتهم لأهل البيت عليهم السلام قليل. ومن العجب قول بعضهم لما أغضبه الحجاج إنه صلى الله عليه وآله أعلمها فنسيت واعترضها الشك بعد علمها فطلبت وهذا مخالف للعادات لأنه لم يجر العادة بنسيان ما هذا سبيله لأنه قال لها لا ميراث لك مني وإنا معاشر الأنبياء لا نورث وما تركناه صدقة كان الحكم في ذلك معلقا بها فكيف يصح في العادات أن تنسى شيئا يخصها فرض العلم به ويصدق حاجتها إليه حتى يذهب عنها علمه وتبرز للحاجة ويقال لها إن أباك قال إنه لا يورث ولا تذكر مع وصيته إن كان وصاها حتى تحاجهم بقول الله تعالى (وورث سليمان داود) وقوله تعالى حكاية عن زكريا (يرثني ويرث (*)

ص 354

(هامش)

من آل يعقوب واجعله رب رضيا) ولا تزال باكية شاكية إلى أن قبضت وأوصت أن لا يصلي ظالمها وأصحابه عليها ولا يعرفوا قبرها. ومن العجب أن يعترض اللبس على أمير المؤمنين عليه السلام حتى يحضر فيشهد لها مما ليس لها مع قول النبي أنا مدينة العلم وعلي بابها. ومن العجب اعترافهم بأن رسول الله صلى الله عليه وآله قال إن الله يغضب لغضب فاطمة ويرضى لرضاها وقال فاطمة بضعة مني يؤلمني ما يؤلمها وقال من آذى فاطمة فقد آذاني ومن آذاني فقد آذى الله ثم إنهم يعلمون يتفقون أن أبا بكر أغضبها وآلمها وآذاها فلا يقولون هو هذا إنه ظلمها ويدعون إنها طلبت باطلا فكيف يصح هذا ومتى يتخلص أبو بكر من أن يكون ظالما وقد أغضب من يغضب لغضبه الله وآلم هو بضعة لرسول الله ويتألم لألمها وآذى من في أذيته أذية الله ورسوله وقد قال الله تعالى (إن الذين يؤذون الله ورسوله لعنهم الله في الدنيا والآخرة وأعد لهم عذابا مهينا) وهل هذا إلا مباهتة في تصويب الظالم وتهور في ارتكاب المظالم. ومن العجب قول بعضهم أيضا إن أبا بكر كان يعلم صدق الطاهرة فاطمة عليها صلوات الله فيما طلبته من نحلته من أبيها لكنه لم يكن يرى أن يحكم بعلمه فاحتاج في إمضاء الحكم لها إلى بينة تشهد بها فإذا قيل لهم فلم لم يورثها من أبيها قالوا لأنه سمع النبي صلى الله عليه وآله يقول نحن معاشر الأنبياء لا نورث ما تركناه صدقة فإذا قيل لهم فهذا خبر تفرد أبو بكر بروايته ولم يروه معه غيره قالوا هو وإن كان كذلك فإنه السامع له من النبي صلى الله عليه وآله ولم يجز له مع سماعه منه وعلمه به أن يحكم بخلافه فهم في النحلة يقولون إنه لا يحكم بعلمه وله المطالبة بالبينة وفي الميراث يقولون إنه يحكم بعلمه ويقضي بما انفرد بسماعه والمستعان بالله على تلاعبهم بأحكام الملة وهو الحكم العدل بينهم وبين من عاند من أهله. ومن عجائب الأمور تأتي فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وآله تطلب فدك وتظهر إنها تستحقها فيكذب قولها ولا تصدق في دعويها وترد خائبة إلى بيتها ثم تأتي عائشة بنت أبي بكر تطلب الحجرة التي أسكنها أباها رسول الله صلى الله عليه وآله وتزعم أنها تستحقها فيصدق قولها ويقبل دعواها ولا يطالب بينة عليها وتسلم هذه الحجرة إليها فتصرف فيها وتضرب عند رأس النبي صلى الله عليه وآله بالمعاول حتى تدفن تيما وعديا فيها ثم تمنع الحسن بن رسول الله بعد موته منها ومن أن يقربوا سريره إليها وتقول لا تدخلوا بيتي من لا أحبه وإنما أتوا به ليتبرك بوداع جده فصدته عنه فعلى أي وجه دفعت هذه الحجرة إليها وأمضى حكمها إن كان ذلك لأن النبي نحلها أباها فكيف لم تطالب بالبينة على صحة نحلتها كما طولبت بمثل ذلك فاطمة صلوات الله عليها وكيف صار قول عائشة بنت أبي بكر مصدقا وقول فاطمة ابنة رسول الله مكذبا مردودا وأي عذر (*)

ص 355

حدثنا فهد، قال: ثنا عبد الله بن صالح، قال: حدثني الليث، قال: حدثني عبد الرحمن بن خالد بن مسافر، عن ابن شهاب، عن عروة بن الزبير أن عائشة رضي الله عنها أخبرته أن فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم أرسلت إلى أبي بكر رضي الله عنه تسأله ميراثها من رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما أفاء الله على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفاطمة حينئذ تطلب صدقة رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة وفدك، وما بقي من خمس خيبر. ومنهم الفاضل المعاصر الشيخ محمد الخضري ابن الشيخ عفيفي الباجوري المفتش بوزارة الأوقاف في (إتمام الوفاء في سيرة الخلفاء) (ص 15 ط المكتبة التجارية الكبرى بمصر) قال: وفي مسلم عن عائشة رضي الله عنها أن فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم أرسلت إلى أبي بكر تسأله ميراثها من رسول الله صلى الله عليه وسلم مما أفاء الله عليه بالمدينة وفدك (قرية بخيبر) وما بقي من خمس خيبر فقال أبو بكر إن رسول

(هامش)

لمن جعل عائشة أزكى من فاطمة صلى الله عليها وقد نزل القرآن بتزكية فاطمة في آية الطهارة وغيرها ونزل بذم عائشة وصاحبتها وشدة تظاهرهما على النبي صلى الله عليه وآله وأفصح بذمها وإن كانت الحجرة دفعت إليها ميراثا فكيف استحقت هذه الزوجة من ميراثه ولم تستحق ابنة منه حظا ولا نصيبا وكيف لم يقل هذا الحاكم لابنته عائشة نظير ما قالت لبنت رسول الله إن النبي لا يورث وما تركه صدقة على أن في الحكم لعائشة بالحجرة عجبا آخر وهو أنها واحدة من تسع أزواج خلفهن النبي فلها تسع الثمن بلا خلاف ولو اعتبر مقدار ذلك من الحجرة مع ضيقها لم يكن بمقدار ما يدفن أباها وكان بحكم الميراث للحسن عليه السلام منها أضعاف مما ورثه من أمه فاطمة ومن أبيه أمير المؤمنين المنتقل إليه بحق الزوجية منها. ثم إن العجب كله من أن تمنع فاطمة جميع ما جعله الله لها من النحلة والميراث ونصيبها ونصيب أولادها من الأخماس التي خص الله تعالى بها أهل بيته عليهم السلام دون جميع الناس فإذا قيل للحاكم بهذا القضية إنها وولدها يحتاجون إلى انفاق جعل لهم في كل سنة بقدر قوتهم على تقدير الكفاف ثم برأيه يجري على عائشة وحفصة في كل سنة اثنى عشر ألف درهم واصلة إليهما على الكمال ولا ينتطح في الحكم عنزان. (*)

ص 356

الله صلى الله عليه وسلم قال لا نورث ما تركناه صدقة إنما يأكل آل محمد من هذا المال وإني والله لا أغير شيئا من صدقة رسول الله صلى الله عليه وسلم عن حالها التي كانت في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا أعمل فيها إلا بما عمل رسول الله صلى الله عليه وسلم فأبى أبو بكر أن يدفع إلى فاطمة شيئا فوجدت فاطمة على أبي بكر في ذلك قال فهجرته فلم تكلمه حتى توفيت وعاشت بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ستة أشهر فلما توفيت دفنها زوجها علي بن أبي طالب ليلا ولم يؤذن بها أبا بكر وصلى عليها وكانت لعلي من الناس وجهة حياة فاطمة فلما توفيت استنكر على وجوه الناس. ومنهم العلامة الحافظ الشيخ جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر بن محمد الخضري السيوطي المصري المتوفى سنة 911 ه في كتابه (مسند فاطمة عليها السلام) (ص 13 ط المطبعة العزيزية بحيدر آباد الهند سنة 1406) قال: عن أم هاني أن فاطمة رضي الله عنها قالت: با أبا بكر من يرثك إذا مت؟ قال: ولدي وأهلي، قالت: فما شأنك ورثت رسول الله صلى الله عليه وسلم دوننا - فذكر الخبر. ومنهم العلامة الحافظ أبو حاتم محمد بن أحمد التميمي البستي المتوفى 354 ه في (السيرة النبوية وأخبار الخلفاء) (ص 429 ط مؤسسة الكتب الثقافية ودار الفكر في بيروت) قال: فذكر قصة مطالبتها فدك من أبي بكر إلى أن قال: فهجرته فاطمة ولم تكلمه حتى ماتت. ومنهم العلامة الحافظ أبو الفضل أحمد بن علي بن محمد بن محمد بن علي الكناني العسقلاني المصري الشافعي المشتهر بابن حجر في (الوقوف على ما في صحيح مسلم من

ص 357

الموقوف) (ص 94 ط مؤسسة الكتب الثقافية بيروت) قال: إن فاطمة أرسلت إلى أبي بكر فذكرت الحديث. ومنهم الفاضل المعاصر الشيخ عبد الله الليثي الأنصاري في (تعاليقه على كتاب (الوقوف على ما في صحيح مسلم من الموقوف) لابن حجر العسقلاني (ص 94 ط مؤسسة الكتب الثقافية) قال: الحديث بعد ذلك هو الصديق تسأله ميراثها من رسول الله صلى الله عليه وسلم مما أفاء الله عليه بالمدينة وفدك، وما بقي من خمس خيبر. فقال أبو بكر: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا المال... الحديث. ومنهم العلامة أبو المظفر شمس الدين يوسف بن قزاوغلي - سبط ابن الجوزي البغدادي المتوفى 674 ه في (إيثار الإنصاف في آثار الخلاف) (ص 340 ط دار السلام القاهرة) قال: فذكر أنها عليها السلام ادعت فدكا واستشهدت عليا عليه السلام وامرأة. قلت: والمرأة هي أم أيمن وكانت من أهل الجنة بشهادة رسول الله صلى الله عليه وآله. ومنهم الفاضل المعاصر عيسى أيوب الباروني في (الرقابة المالية في عهد الرسول والخلفاء الراشدين) (ص 288 ط 1 جمعية الدعوة الإسلامية العالمية) قال: ذكر طلب فاطمة الصديقة فدك من أبي بكر واستدلال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام بآيات الإرث. وشهادة أم أيمن إن النبي صلى الله عليه وآله أعطاها فدك وغير ذلك. ومنهم الأستاذ رضوان محمد رضوان في (فهارس البخاري) (ص 267 ط دار المعرفة بيروت) قال:

ص 358

إن فاطمة بنت النبي صلى الله عليه وسلم أرسلت إلى أبي بكر تسأله ميراثها من رسول الله صلى الله عليه وسلم. انظر الجهاد: 280. ومنهم الفاضل المعاصر عبد الرحمن الشرقاوي في (علي إمام المتقين) (ج 1 ص 59 ط مكتبة غريب الفجالة) قال: وفدك قرية بخيبر، وعندما فرغ رسول الله من خيبر، وكانت راية المسلمين لعلي ابن أبي طالب، قذف الله الرعب في قلوب أهل فدك، فبعثوا إلى رسول الله يصالحونه على النصف من فدك، فقبل ذلك منهم، ولم يغزهم، وكانت فدك لرسول الله خاصة فهي فئ خصه به الله، لأن المسلمين لم يأخذوها بقتال فلا تقسم قسمة الغنائم.. لأنها لم يوجف عليها بخيل ولا ركاب.. وكان الصحابة من قبل قد طلبوا من الرسول أن يقسم الفئ بينهم كما قسم الغنيمة بينهم، فذكر الله الفرق بين الأمرين في (سورة الحشر). وقد غرس صلى الله عليه وسلم بعض النخيل في فدك، وجعلها لفاطمة الزهراء. فكانت هي التي تتصرف فيها، وكانت تتصدق بكل خراجها بعد أن تستبقي ما يسد حاجة عام. ورأى أبو بكر أن تكون فدك بيد ولي الامر، أي بيده يوزع خراجها على الناس، واحتج أبو بكر لرأيه بأنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إنا معاشر الأنبياء لا نورث، ما تركناه فهو صدقة. وأفتى علي بأن الأنبياء يورثون واستشهد بقوله تعالى: (وورث سليمان داود). وقوله تعالى على لسان زكريا: (فهب لي من لدنك وليا يرثني...) واحتج عليه بأن الحديث الشريف الذي يرويه أبو بكر هو من أحاديث الآحاد التي ينفرد بروايتها واحد فحسب من الصحابة، وأحاديث الآحاد لا تقيد حكما أطلقه القرآن، ولو أن الرسول أراد أن يخصص أو يقيد هذا الحكم القرآني لأخبر ورثته أنهم لن يرثوه. ثم إن فاطمة قالت إن أباها وهبها أرض فدك فهي إن لم تكن إرثا فهي هبة.. فطلب منها شهودا، فاستشهدت بعلي وأم أيمن، فقال: لا بد من رجل وامرأتين أو رجلين. وأفتى علي بأن الشهادة تصح برجل وامرأة واحدة، مع حلف اليمين. بل بشاهد

ص 359

واحد، ويمين.. ولكن أبا بكر رد هذا الرأي.. ونزع فدك من تحت يدي فاطمة، واستشار في ذلك عمر فأيده، وتحدثت المدينة عن غضب فاطمة.. فقال عمر لأبي بكر: انطلق بنا إلى فاطمة فإنا قد أغضبناها. فانطلقا جميعا، فاستأذنا على فاطمة، فلم تأذن لهما، فأتيا عليا فكلماه فأدخلهما عليها. فلما قعدا عندها تكلم أبو بكر فقال: يا حبيبة رسول الله، والله إن قرابة رسول الله أحب إلي من قرابتي، وإنك لأحب إلي من عائشة ابنتي، ولوددت يوم مات أبوك أني مت، ولا أبقى بعده. أفتراني أعرفك وأعرف فضلك وشرفك وأمنعك حقك وميراثك من رسول الله؟ إلا أني سمعت أباك رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: نحن معاشر الأنبياء لا نورث ذهبا ولا فضة ولا دارا ولا عقارا، وإنما نورث الكتاب والحكمة والعلم والنبوة. وما تركنا فهو صدقة فقالت فاطمة لأبي بكر وعمر: أرأيتكما إن حدثتكما حديثا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم تعرفانه وتعملان به؟ قالا: نعم. فقالت: نشدتكما الله ألم تسمعا رسول الله يقول: رضا فاطمة من رضاي، وسخط فاطمة من سخطي، فمن أحب فاطمة ابنتي فقد أحبني، ومن أرضى فاطمة ابنتي فقد أرضاني، ومن أسخط فاطمة فقد أسخطني؟. قالا: نعم سمعناه من رسول الله صلى الله عليه وسلم. قالت: فإني أشهد الله وملائكته أنكما أسخطتماني وما أرضيتماني، ولئن لقيت النبي لأشكونكما إليه. فقال أبو بكر: أنا عائذ بالله تعالى من سخطه وسخطك يا فاطمة. فقالت لأبي بكر: والله لا أكلمك أبدا قال: والله لا أهجرك أبدا. والله ما أجد أعز علي منك فقرا، ولا أحب إلي منك غنى، ولكني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إنا معاشر الأنبياء لا نورث، ما تركناه فهو صدقة. ثم خرج أبو بكر باكيا ومعه عمر مطرقا، فذهبا إلى المسجد فاجتمعا بالناس فقال أبو بكر: أيها الناس أقيلوني! يبيت كل رجل منكم معانقا حليلته، مسرورا بأهله، وتركتموني وما أنا فيه!.. لا حاجة لي في بيعتكم.

ص 360

ومنهم العلامة الشيخ أبو إسحاق الحويني الأثري في (جمهرة الفهارس) (ص 299 ط دار الصحابة للتراث) قال: دعا صلى الله عليه وسلم فاطمة فأعطاه فدك. ومنهم الفاضل المعاصر عمر رضا كحالة في (المرأة في القديم والحديث) (ج 6 ص 186 ط مؤسسة الرسالة بيروت) قال: وتفقد أبو بكر قوما تخلفوا عن بيعته عند علي بن أبي طالب كالعباس والزبير وسعد بن عبادة، فقعدوا في بيت فاطمة، فبعث أبو بكر إليهم عمر بن الخطاب، فجاءهم عمر فناداهم وهم في دار فاطمة، فأبوا أن يخرجوا فدعا بالحطب وقال: والذي نفس عمر بيده لتخرجن أو لأحرقنها على من فيها، فقيل له: يا أبا حفص إن فيها فاطمة، فقال: وإن، فخرجوا فبايعوا إلا عليا، فقد اعتذر، فقال: إنه قد حلف أن لا يخرج ولا يضع ثوبه على عاتقه حتى يجمع القرآن. ثم وقفت فاطمة على بابها، فقالت: لا عهد لي بقوم حضروا أسوأ محضر منكم تركتم رسول الله صلى الله عليه وسلم جنازة بين أيدينا وقطعتم أمركم بينكم لم تستأمرونا ولم تردوا لنا حقا. فأتى عمر أبا بكر، فقال له: ألا تأخذ هذا المتخلف عنك بالبيعة؟ فقال أبو بكر لقنفذ: عد إليه فقل له أمير المؤمنين يدعوك لتبايع، فجاء قنفذ فأدى ما أمره به، فرفع علي صوته، فقال: سبحان الله لقد ادعى ما ليس له، فرجع قنفذ فأبلغ الرسالة، فبكى أبو بكر طويلا، ثم قام عمر فمشى معه جماعة حتى أتوا باب فاطمة فدقوا الباب، فلما سمعت أصواتهم نادت بأعلى صوتها يا أبي يا رسول الله ماذا لقينا بعدك من ابن الخطاب وابن أبي قحافة. فلما سمع القوم صوتها وبكاءها انصرفوا باكين، وكادت قلوبهم تتصدع وأكبادهم تنفطر. وبقي عمر ومعهم قوم فأخرجوا عليا فمضوا به إلى أبي بكر، فقالوا: بايع، فقال:

 

الصفحة السابقة الصفحة التالية

شرح إحقاق الحق (ج33)

فهرسة الكتاب

فهرس الكتب