ص 482
دعائه عليه السلام على زياد بن أبيه 
رواه جماعة من العامة: فمنهم العلامة أبو العرب
محمد بن أحمد بن تميم التميمي المتوفى 332 ه في (المحن) (ص 264 ط 2 الغرب الإسلامي
بيروت) قال: وحدثني أحمد بن مغيث، قال: حدثنا سفيان، عن يونس، عن الحسن، قال: بلغ
الحسن بن علي أن زيادا تتبع شيعة علي ثم يقتلهم، فقال: اللهم لا تقتل زيادا وأمته
حتف أنفه، فإنه كان يقال: إن في القتل كفارة.
ومن كلامه عليه السلام في الإيمان
واليقين 
رواه جماعة: فمنهم عبد الله المهنا في (طرائف الخلفاء والملوك) (ص 30 ط
بيروت) قال: قال الأصمعي: سأل علي بن أبي طالب الحسن ابنه رضوان الله عليهما: كم
بين الإيمان واليقين؟ قال: أربع أصابع. قال: وكيف ذلك؟ قال: الإيمان كل ما سمعته
أذناك وصدقه قلبك، واليقين ما رأته عيناك فأيقن به قلبك، وليس بين العين والأذنين
إلا أربع أصابع.
ومن كلامه عليه السلام 
رواه جماعة: فمنهم العلامة المؤرخ محمد بن
مكرم المشتهر بابن منظور المتوفى 711 ه في (مختصر تاريخ دمشق لابن عساكر) (ج 7 ص 38
ط دار الفكر) قال: قال فضيل بن مرزوق: أتى مالك بن ضمرة الحسن بن علي فقال: السلام
عليك يا مسخم وجوه المؤمنين، قال: يا مالك، لا تقل ذلك، إني لما رأيت الناس تركوا
ذلك
ص 483
إلا أهله خشيت أن يجتثوا عن وجه الأرض، فأردت أن يكون للدين في الأرض ناع، فقال:
بأبي أنت وأمي (ذرية بعضها من بعض). قال جبير بن نفير الحضرمي: قلت للحسن بن علي:
إن الناس يزعمون أنك تريد الخلافة، فقال: كانت جماجم العرب بيدي، يسالمون من سالمت،
ويحاربون من حاربت، فتركتها ابتغاء وجه الله ثم أثيرها باتئاس أهل الحجاز؟!.
ومن
كلامه عليه السلام في حسن الخلق 
رواه جماعة: فمنهم العلامة الشيخ أبو موسى محمد بن
عمر الإصبهاني المديني المتوفى 581 ه في (نزهة الحفاظ) (ص 64 ط مؤسسة الكتب
الثقافية بيروت) قال: أخبرنا الحسن بن الفضل بن محمد، حدثنا محمد بن علي المذكر،
حدثنا أبو الفوارس أسد بن أحمد بن الحسن بالبصرة، حدثنا محمد بن أحمد بن يعقوب وعبد
العزيز بن يحيى ومحمد بن أحمد البزاز قالوا: حدثنا محمد بن زكريا اللؤلؤي، حدثنا
الحسن عن الحسن عن الحسن عن الحسن قال: من أحسن الحسن حسن الخلق. ومنهم العلامة
المولى علي القاري الحنفي في (شرح مسند أبي حنيفة) (ص 279 ط دار الكتب العلمية
بيروت) قال: وروى المستغفر في مسلسلاته، وابن عساكر عن الحسن البصري، عن الحسن بن
علي، عن أبي الحسن، عن جد الحسن: أن أحسن الحسن الخلق الحسن. كلامه عليه السلام في
الاحسان رواه جماعة:
ص 484
منهم الفاضل المعاصر الدكتور ياسين أحمد إبراهيم في تعاليقه على (حلية العلماء في
معرفة مذاهب الفقهاء) للعلامة سيد الدين أبي بكر محمد بن أحمد الشاشي القفال (ج 5 ص
263 ط دار الباز مكة المكرمة) قال: أن الحسن بن علي رضي الله عنه كان له دين على
انسان، فطالب غريمه فقال: أحسن إلي يا ابن رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: وهبت
لك النصف، فقيل له: النصف كثير، فقال: وأين ذهب قوله تعالى: (وأحسنوا إن الله يحب
المحسنين) سمعت جدي رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من تمام الاحسان أن يحط
الشطر / المبسوط للسرخسي 14: 90 - 91.
ومن كلامه عليه السلام في تعليم بنيه وبني
إخوته بحفظ العلم وكتابته 
رواه جماعة: فمنهم الحافظ المؤرخ أحمد بن علي بن ثابت
الخطيب البغدادي المتوفى 463 ه في (موضح أوهام الجمع والتفريق) (ج 2 ص 554 ط دار
المعرفة بيروت) قال: أخبرنا محمد بن أحمد بن رزق أخبرنا عثمان بن الدقاق حدثنا حنبل
بن إسحاق، حدثنا أبو غسان [....] قال: دعا الحسن بن علي رضي الله عنهما بنيه وبني
أخيه فقال: يا بني وبني أخي إنكم صغار قوم يوشك أن تكونوا كبار آخرين فتعلموا العلم
فمن لم يستطع منكم أن يرويه أو يحفظه فليكتبه وليضعه في بيته. وهو يونس بن عبيد
الذي روى عنه محمد بن أبان الجعفي، كتب إلي أبو بكر محمد بن أحمد بن عبد الرحمن
الأصفهاني أن محمد بن أحمد بن الفضل بن شهريار الأردستاني أخبرهم: قال أخبرنا عبد
الرحمن بن محمد بن إدريس الحنظلي قال: سمعت أبي ورأى في كتابي حديثا، حدثنا به علي
بن الحسن الهسنجاني، عن يحيى ابن بشر الأسدي، عن محمد بن أبان، عن يونس بن عبيد عن
شرحبيل قال: جمع
ص 485
الحسن بن علي رضي الله عنهما بنيه وبني أخيه فقال: عليكم بالعلم، فإن لم تكونوا
تحفظونه فاكتبوه. وقال أيضا في كتابه (تقييد العلم) ص 91 ط دار إحياء السنة النبوية
قال: أخبرنا الحسن بن أبي بكر، أخبرنا أبو سهل أحمد بن محمد بن عبد الله بن زياد
القطان، حدثنا ابن أبي الجنين، حدثنا أبو غسان، حدثنا يونس بن عبد الله بن أبي فروة
عن شرحبيل أبي سعد قال دعا الحسن بن علي بنيه وبني أخيه فقال يا بني وبني أخي إنكم
صغار قوم يوشك أن تكونوا كبار - فذكر الحديث مثل ما تقدم أولا.
ومن كلامه عليه في
القرآن 
رواه جماعة: فمنهم العلامة الشيخ محي الدين يحيى بن شرف النووي المتوفى سنة
676 في (التبيان في آداب حملة القرآن) (ص 69) المطبوع بهامش (منار الهدى) في دار
المصحف بدمشق قال: وعن الحسن بن علي رضي الله عنهما قال: إن من كان قبلكم رأوا
القرآن رسائل من ربهم فكانوا يتدبرونها الليل ويتفقدونها في النهار.
ومن كلامه عليه
السلام 
رواه جماعة: فمنهم الفاضل المعاصر محمد عثمان الخشت في (خطب الصحابة
ومواعظهم) (ص 141 ط المختار الإسلامي بالقاهرة) قال: أخرج ابن النجار، عن الحسن بن
علي رضي الله عنهما، قال: من طلب الدنيا قعدت به، ومن زهد فيها لم يبال من أكلها،
الراغب فيها عبد لمن يملكها، أدنى ما
ص 486
فيها يكفي وكلها لا تغني، من اعتدل يومه فيها فهو مغرور، ومن كان يومه خيرا من غده
فهو مغبون، ومن لم يتفقد النقصان عن نفسه فإنه في نقصان، ومن كان في نقصان فالموت
خير له.
ومن كلامه رواه في الكتاب: 
وأخرج ابن عساكر، عن الحسن بن علي رضي الله
عنهما، قال: اعلموا أن الحلم زينة، والوفاء مروة، والعجلة سفه، والسفر ضعف، ومجالسة
أهل الدناءة شين، ومخالطة أهل الفسق ريبة. ومن كلامه عليه السلام رواه في الكتاب
المذكور: وأخرج ابن عساكر، عن الحسن بن علي رضي الله عنهما، قال: الناس أربعة:
فمنهم من له خلاق، وليس له خلق، ومنهم من له خلق، وليس له خلاق، ومنهم من ليس له
خلق ولا خلاق، فذاك شر الناس، ومنهم من له خلق وخلاق، فذاك أفضل الناس. ومن كلامه
عليه السلام رواه جماعة: فمنهم العلامة مجاهد بن جبر المتوفى سنة 102 ه في (تفسيره)
(ص 527 ط دار الفكر الإسلامي الحديثة) قال: أنا عبد الرحمن ثنا إبراهيم نا آدم ثنا
حبان عن سعد بن طريف عن مقسم أبي عبد الرحمن، قال: قلت للحسن بن علي: أي الأجلين
قضى موسى؟ قال: أكثرهما، قلت: فما كان اسم امرأته؟ قال: بلاقيس.
ص 487
ومن كلامه عليه السلام 
رواه جماعة: فمنهم الفاضل المعاصر محمد الصباغ في (الذكر في
القرآن الكريم والسنة المطهرة) (ص 186 ط مكتبة السلام العالمية ودار الاعتصام) قال:
حكي عن الحسن بن علي رضي الله عنهما أن الدعاء يستجاب هنالك في خمسة عشر موضعا: في
الطواف، وعند الملتزم، وتحت الميزاب، وفي البيت، وعند زمزم، وعلى الصفا والمروة،
وفي السعي، وخلف المقام وفي عرفات، وفي المزدلفة، وفي منى، وعند الجمرات الثلاث،
فمحروم من لا يجتهد في الدعاء فيها وفيما يلي ملخص لما ذكره الإمام النووي في كتابه
الأذكار عن الذكر في الحج والعمرة. ومن كلامه عليه السلام فيمن اغبرت قدماه في سبيل
الله رواه جماعة: فمنهم الفاضل المعاصر ظافر القاسمي في (الجهاد والحقوق الدولية
العامة في الإسلام) (ص 318 ط دار العلم للملايين بيروت) قال: روي عن الحسن بن علي
رضي الله عنهما، أنه كان يمشي في طريق الحج، ونجائبه تقاد إلى جنبه. فقيل له: ألا
تركب يا ابن رسول الله؟ فقال: لا. إني سمعت رسول الله عليه السلام يقول: من اغبرت
قدماه في سبيل الله، لم تمسها نار جهنم. ومن كلامه عليه السلام في جواب أصحاب
معاوية رواه جماعة: فمنهم العلامة الشيخ فخر الدين محمد بن عمر بن الحسين الرازي
المولود سنة 544 والمتوفى سنة 606 ه في كتابه (المحصول في علم الأصول) (ج 2 ص 165 ط
دار الكتب
ص 488
العلمية بيروت) قال: حكى ابن داب في مجادلات قريش قال: اجتمع عند معاوية عمرو بن
العاص، وعتبة بن أبي سفيان، والوليد بن عقبة، والمغيرة بن شعبة، ثم أحضروا الحسن بن
ي رضي الله عنهم ليسبوه. فلما حضر تكلم عمرو بن العاص، وذكر عليا رضي الله عنه ولم
يترك شيئا من المساوئ إلا ذكر فيه. وفيما قال: إن عليا شتم أبا بكر، وشارك في دم
عثمان إلى أن قال: إعلم أنك وأباك من شر قريش. ثم خطب كل واحد منهم بمساوئ علي
والحسن رضي الله عنهما ومقابحهما، ونسبوا عليا إلى قتل عثمان، ونسبوا الحسن إلى
الجهل والحمق. فلما آل الأمر إلى الحسن رضي الله عنه خطب، ثم بدأ يشتم معاوية رضي
الله عنه وطول فيه، إلى أن قال له: إنك كنت ذات يوم تسوق بأبيك، يقود به أخوك هذا
القاعد وذلك بعد ما عمي أبو سفيان، فلعن رسول الله صلى الله عليه وسلم الجمل وراكبه
وسائقه وقائده: فكان أبوك الراكب، وأخوك القائد أنت السائق. ثم قال لعمرو بن العاص:
إنما أنت سبة كما أنت فأمك زانية، اختصم فيك خمسة نفر من قريش، كلهم يدعي عليك أنك
ابنه، فغلب عليك جزار قريش، من ألأمهم حسبا، وأقلهم منصبا، وأعظمهم لعنة ما أنت إلا
شانئ محمد، فأنزل الله تعالى على نبيه صلى الله عليه وسلم: (إن شانئك هو الأبتر)
[الكوثر: 3]. ثم هجوت رسول الله صلى الله عليه وسلم تسعين قافية، فقال رسول الله
صلى الله عليه وسلم: اللهم إني لا أحسن الشعر، فالعنه بكل قافية لعنة. وأما أنت يا
بن أبي معيط فوالله ما ألومك أن تبغض عليا، وقد جلدك في الخمر وفي الزنا، وقتل أباك
صبرا بأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم بدر. وسماه الله تعالى في عشر آيات
مؤمنا، وسماك فاسقا. وأنت علج من أهل النورية. أما أنت يا عتبة فما أنت بحصيف
فأجيبك، ولا عاقل فأعاتبك. وأما وعدك إياي بالقتل فهلا قتلت الذي وجدت في فراشك مع
أهلك؟.
ص 489
وأما أنت يا مغيرة بن شعبة فمثلك مثل البعوضة إذ قالت للنخلة: استمسكي فإني عليك
نازلة. فقالت النخلة: والله ما شعرت بوقوعك علي. وأما زعمك أنه قتل عثمان فلعمري لو
قتل عثمان ما كنت منه في شيء وإنك لكاذب.
ومن كلامه في جواب معاوية 
رواه جماعة:
منهم الفاضل المعاصر سليمان سليم البواب في (مئة أوائل من النساء) (ص 277 ط 2 دار
الحكمة دمشق) قال: وبد التنازل خطب معاوية. فنال في خطبته من علي والحسن، فقام
الحسن وقال: أيها الذاكر عليا. أنا الحسن وأبي علي. وأنت معاوية وأبوك صخر. وأمي
فاطمة وأمك هند. وجدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، وجدك حرب. وجدتي خديجة، وجدتك
قتيلة، فلعن الله أخملنا ذكرا، وألأمنا حسبا، وشرنا قدما، وأقدمنا كفرا ونفاقا.
ومن
كلامه في جواب مروان بن الحكم 
رواه جماعة: فمنهم العلامة الحافظ أبو يعلى أحمد بن
علي بن المثنى التميمي الموصلي المتوفى 307 ه في (مسند أبي يعلى) (ج 12 ص 135 ط دار
المأمون للتراث دمشق) قال: حدثنا إبراهيم بن الحجاج السامي، حدثنا حماد بن سلمة، عن
عطاء بن السائب، عن أبي يحيى قال: كنت بين الحسين والحسن، ومروان يتشاتمان فجعل
الحسن يكف الحسين فقال مروان: أهل بيت ملعونون. فغضب الحسن فقال: أقلت: أهل
ص 490
بيت ملعونون؟ فوالله لقد لعنك الله على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم وأنت في صلب
أبيك. وقال أيضا في ص 136: حدثنا أبو معمر، حدثنا جرير، عن عطاء بن السائب، عن أبي
يحيى النخعي. أن الحسن والحسين مر بهما مروان فقال لهما قولا قبيحا. فقال الحسن أو
الحسين: والله، ثم والله، لقد لعنك الله وأنت في صلب الحكم على لسان نبيه صلى الله
عليه وسلم قال: فسكت مروان.
من كلامه عليه السلام في جواب الشامي رسول معاوية

رواه
جماعة: فمنهم العلامة السيد شهاب الدين أحمد بن علي الشافعي الشيرازي في (توضيح
الدلائل) (ق 358 نسخة مكتبة الملي بفارس) قال: وروي أن أمير المؤمنين عليا عليه
السلام في الرحبة والناس متداركون بين مستفتي ومستعدي إذ قام رجل فقال: السلام عليك
يا أمير المؤمنين فأجابه وقال من أنت قال: رجل من رعيتك وأهل بلدك قال عليه السلام
أنا لا أعرفك ولو سلمت علي يوما لعرفتك ثم قال لمن حوله أتعرفون هذا قالوا ما
رأيناه قط إلا الساعة فقال الرجل الأمان يا أمير المؤمنين قال هل أحدثت في مصري هذا
منذ دخلته قال: لا إلا أني رجل بعثني إليك معاوية في خفية لكي أسألك عن مسائل بعث
بها إليه ابن الأصفر ملك الروم يسأله عنها ويقول إن كنت أنت القيم بهذا الأمر
والخليفة بعد محمد صلى الله عليه وسلم وبارك وسلم فلا يخفى عليك ونعطيك الجزية وإلا
فنتخلص منك وقد أشكل عليه جوابها فبعثني إليك متغفلا لأسألك قال عليه الرحمة
والرضوان ما هي كم بين الحق والباطل وكم بين السماء والأرض وكم بين المشرق والمغرب
وعن هذه المجرة وعن قوس قزح وعن الشامة التي في وجه القمر وعن أول نهر جرى على وجه
الأرض وعن أول شيء اهتز عليها وعن العين التي
ص 491
تأوى إليها أرواح المشركين وعن العين التي تأوي إليها أرواح المسلمين وعن الخنثى
المشكل وعن عشرة أشياء بعضها أشد من بعض فقال أمير المؤمنين عليه السلام قاتل الله
ابن آكلة الأكباد ما أضله وأضل من معه لقد أعتق جارية فما أحسن أن يتزوجها حكم الله
تعالى بيني وبين هذه الأمة قطعوا رحمي وأضاعوا أيامي ورفعوا حقي وصغروا عظيم منزلتي
وأجمعوا على منازعتي علي بالحسن والحسين فجاء وبهما فقال يا أخا أهل الشام هذان
ابنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وبارك وسلم وهذا ابني فسل أيهما شئت فقال الشامي
اسأل هذا يعني الحسن عليه السلام فقال أمير المؤمنين سله فسأله فقال الحسن عليه
السلام يا أخا أهل الشام بين الحق والباطل أربع أصابع ما رأيته بعينك فهو الحق وما
سمعته فهو باطل لو لم تشهد عليه فقال الشامي صدقت أصلحك الله قال وبين المشرق
والمغرب مسيرة يوم تطلع فيه الشمس وتغرب قال صدقت وأما المجرة فهي اشراح السماء
ومنها يهبط الماء المنهمر وأما قوس قزح فإنه اسم شيطان وإنما هو قوس الله تعالى
وأمان من الغرق وأما شامة القمر فإن صورة القمر كان مثل صورة الشمس فمحاه الله
تعالى كما ورد بالنص القاطع حيث قال جل وعلا (وجعلنا الليل والنهار آيتين فمحونا
آية الليل وجعلنا آية النهار مبصرة) وأما أول نهر جرى على وجه الأرض فهو وادي دلث
وأما أول شيء اهتز على وجه الأرض فهي النخلة وأما العين التي تأوي إليها أرواح
المشركين فهي عين يقال لها برهوت وأما العين التي تأوي إليها أرواح المسلمين فهي
عين يقال لها؟؟؟ وأما الخنثى فانسان لا يدري أرجل أم امرأة ينتظر فإن كان رجلا
احتلم والتحى وإن كانت امرأة حاضت أو بدا ثديها وإلا قيل له بل على الحائط فإن أصاب
بوله الحائط فهو رجل وإن انتكص فهي امرأة وأما عشرة أشياء بعضها أشد من بعض فأشد
شيء خلقه الله تعالى الحجر وأشد من الحجر الحديد يكسر به الحجر وأشد من الحديد
النار لأنه تلينه وأشد من النار الماء لأنه يطفيها وأشد من الماء السحاب لأنه يحمله
وأشد من السحاب الريح لأنه يفرقه وأشد من الريح الانسان
ص 492
وأشد من الانسان النوم لأنه يسقطه وأشد من النوم المرض لأنه يمنع النوم وأشد من
المرض الموت لأنه يقهره ويفت أجله في عضده أهله ولله ميراث السموات والأرض فقال
الشامي أشهد أنك ابن رسول الله صلى الله عليه وسلم وبارك وسلم وأولى بهذا الأمر من
معاوية ثم كتب هذه الأشياء فذهب بها إلى معاوية وبعث بها معاوية إلى ابن صفر فكتب
إليه يا معاوية أشهد أنها ليست من عندك وما هي إلا من معدن النبوة وموضع الرسالة.
رواه الحافظ الإمام الصالحاني.
ومن كلامه عليه السلام في تزويج البنات

رواه جماعة:
فمنهم الفاضل المعاصر الدكتور محمد عقلة مدرس في الجامعة الأردنية في كتابه (نظام
الأسرة في الإسلام) (ج 1 ص 78 ط مكتبة الرسالة الحديثة عمان) قال: قال الحسن بن علي
رضي الله عنه: زوجوا بناتكم من الرجل الصالح فإنه إن أحبها أكرمها، وإن أبغضها فلن
يظلمها.
ومن كلامه عليه السلام في ذم السؤال

رواه جماعة: فمنهم العلامة أبو العباس
أحمد بن عبد المؤمن بن عيسى القيسي الشريشي في (شرح المقامات الحريرية) (ج 2 ص 140
ط دار الكتب العلمية بيروت) قال: وقال الحسن بن علي رضي الله عنهما حسبك من السؤال
أنه يضعف لسان المتكلم ويكسر قلب الشجاع البطل ويوقف الحر الكريم موقف العبد الذليل
ويذهب بنضرة اللون ويمحو الحسن ويحبب الموت ويمقت الحياة. ومن كلامه عليه السلام
ص 493
رواه جماعة: فمنهم العلامة الحافظ أبو يعلى أحمد بن علي بن المثنى التميمي الموصلي
المتوفى 307 ه في (مسند أبي يعلى) (ج 12 ص 132 ط دار المأمون للتراث دمشق) قال:
وكان يقول: دع ما يريبك إلى ما لا يريبك، فإن الصدق طمأنينة، وإن الكذب ريبة. ومنهم
العلامة الشيخ عبد الرحمن بن علي بن محمد بن عمر الشيباني الشافعي الأثري في (تمييز
الطيب من الخبيث فيما يدور على ألسنة الناس من الحديث) (ص 79 ط دار الكتاب العربي
بيروت) قال: (حديث) دع ما يريبك إلى ما لا يريبك رواه أحمد والدارمي والترمذي
والنسائي وآخرون عن الحسن بن علي به مرفوعا وقال الترمذي إنه حسن صحيح وقال الحاكم
صحيح الإسناد ولم يخرجاه وكذا صححه ابن حبان. ومنهم الفاضل المعاصر محمد عطية
الأبراشي في (عظمة الإسلام) (ص 321 ط مكتبة الإنجلو المصرية القاهرة) قال: فذكر مثل
ما تقدم عن مسند أبي يعلى. ومنهم الفاضل وحيد عبد السلام بالي في (وقاية الانسان)
(ص 320 ط دار الكتب العلمية بيروت) قال: رواه مثل ما تقدم عن مسند أبي يعلى بعينه -
ثم قال: رواه الترمذي وقال: حسن صحيح. ورواه أيضا مثل ما تقدم - وزاد بعد الترمذي:
والدارمي. ومنهم العلامة أبو الفضل عبد الله بن محمد بن الصديق الحسني في (الكنز
الثمين في 2 أحاديث النبي الأمين) (ص 283 ط عالم الكتب بيروت) قال: رواه مثل ما
تقدم عن المسند - ثم قال (الطيالسي حم ع والدارمي ت حب ك) عن
ص 494
الحسن بن علي عليهما السلام. ومنهم الأستاذ محمد سعيد زغلول في (فهارس المستدرك -
للحاكم) (ص 169 ط بيروت) قال: أشار إلى كلامه عليه السلام. ومنهم عدة من الفضلاء في
(فهرس أحاديث وآثار المستدرك على الصحيحين) للحاكم النيسابوري (القسم 1 ص 364 ط
عالم الكتب بيروت) قالوا: أشاروا إلى كلامه عليه السلام.
ومن كلامه عليه السلام في
الفقه

رواه جماعة : فمنهم العلامة الحافظ أبو عبيد القاسم بن سلام المتوفى 224 ه في
(الأموال) (ص 135 ط دار الكتب العلمية بيروت) قال: حدثنا أبو عبيد حدثنا ابن أبي
عدي عن سفيان بن سعيد عن عبد الله بن شريك عن بشير بن غالب قال سئل الحسن بن علي
عليه السلام؟ على من فداء الأسير؟ قال: على الأرض التي يقاتل عنها. قيل: فمتى يجب
سهم المولود؟ قال: إذا استهل صارخا.
من كلامه عليه السلام في الكرم

رواه جماعة:
فمنهم الفاضل المعاصر جمال الدين محمد بن محمد سعيد بن قاسم بن صالح الدمشقي
القاسمي في (تهذيب موعظة المؤمنين في كتاب إحياء علوم الدين - للغزالي) (ص 283)
ص 495
قال: وعن الحسن بن علي: الكرم هو التبرع بالمعروف قبل السؤال والاطعام في المحل
والرأفة بالسائل مع بذل النائل.
ومن كلامه عليه السلام في التفسير 
رواه جماعة:
فمنهم المولوي علي بن سلطان محمد القاري في (شرح الشفاء للقاضي عياض) (ج 4 ص 48)
المطبوع بهامش (نسيم الرياض في شرح شفاء القاضي عياض) ط دار الفكر بيروت) قال: وقرأ
الحسن بن علي ووجدك ضال أي بالرفع على أنه فاعل أي متحير في الحال (فهدى) أي اهتدى
بك في المال ونال مقام الوصال.
ومن كلامه عليه السلام في الشكر 
رواه جماعة: فمنهم
العلامة أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب البصري الماوردي المولود 364 والمتوفى 450 ه
في (أدب الدنيا والدين (ص 32 ط دار الصحابة للتراث طنطا) قال: قال الحسن بن علي رضي
الله عنه: نعم الله أكثر من أن تشتري إلا ما أعان عليه وذنوب ابن آدم أكثر من أن
تغفر إلا ما عفا عنه. وإذا كنت عن شكر نعمه عاجزا فكيف بك إذا قصرت فيما أمرك أو
فرطت فيما كلفك ونفعه أعود عليك لو فعلته هل تكون لنعمه إلا كفورا فقد قال تعالى:
(يعرفون نعمة الله ثم ينكرونها). قال مجاهد: أي يعرفون ما عدد الله عليهم من نعمه
وينكرونها بقولهم إنهم ورثوها
ص 496
عن آبائهم أو اكتسبوها بأفعالهم.
ومن كلام الحسن عليه السلام العار خير من النار

رواه جماعة من أعلا القوم: منهم العلامة علي بن الحسن الدمشقي الشافعي الشهير بابن
عساكر في (ترجمة الإمام الحسن بن علي عليه السلام من تاريخ مدينة دمشق) (ص 171 ط
بيروت) قال: قال: وأنبأنا ابن أبي خيثمة، أنبأنا هارون بن معروف، أنبأنا ضمرة، عن
ابن شوذب، قال: لما قتل علي سار الحسن في أرض العراق وسار معاوية في أهل الشام،
قال: فالتقوا فكره الحسن القتال وبايع معاوية على أن جعل العهد للحسن من بعده، قال:
فكان أصحاب الحسن يقولون: [له]: يا عار المؤمنين: قال: فيقول لهم: العار خير من
النار. ومنهم العلامة الشيخ عبد الرحمن بن علي بن محمد بن عمر الشيباني الشافعي
الأثري في (تمييز الطيب من الخبيث فيما يدور على ألسنة الناس من الحديث) (ص 104 ط
دار الكتاب العربي بيروت) قال: (حديث) العار خير من النار قاله الحسن بن علي رضي
الله تعالى عنهما حين أذعن لمعاوية فقال له أصحابه يا عار المؤمنين فقال العار خير
من النار. ومنهم الفاضل المعاصر محمد إبراهيم سليم في (المروة الغائبة) (ص 70 ط
مكتبة القرآن القاهرة) قال: وقد أنشدني بعض أهل الأدب، للحسن بن علي رضي الله
عنهما: الموت خير من ركوب العار والعار خير من دخول النار والله من هذا وهذا جاري
ص 497
ومن كلامه عليه السلام 
رواه جماعة: فمنهم جماعة من فضلا مديرية الطباعة المنيرية في
دمشق في (مجموعة الرسائل المنيرية) (ج 2 ص 268 ط بيروت) قال: وروى الترمذي في جامعه
عن يوسف بن سعد قال قام رجل إلى الحسن بن علي بعد ما بايع معاوية فقال سودت وجوه
المؤمنين أو يا مسود وجوه المؤمنين فقال لا تؤذني رحمك الله فإن النبي صلى الله
عليه وسلم رأى بني أمية على منبره فساءه ذلك فنزلت (إنا أعطيناك الكوثر) يعني نهرا
في الجنة ونزت (إنا أنزلناه في ليلة القدر وما أدراك ما ليلة القدر ليلة القدر خير
من ألف شهر) يملكها بعدك بنو أمية يا محمد قال القاسم بن الفضل أحد رواته فعددناها
فإذا هي ألف شهر لا تنقص يوما ولا تزيد يوما قلت نعم كان من سنة الجماعة إلى قتل
مروان الجعدي آخر ملوك بني أمية هذا القدر أعني ألف شهر وهي ثمانون سنة وثلاثة
أعوام وثلث عام وقال الترمذي هذا حديث غريب.
ومن كلامه عليه السلام حين وفاته 
رواه
جماعة: منهم الشيخ أحمد بن عبد الرحمن بن قدامة المقدسي في (مختصر منهاج القاصدين)
(ص 394 ط مكتبة دار التراث القاهرة) قال: لما نزل الموت بالحسن بن علي رضي الله
عنهما قال: أخرجوا فراشي إلى صحن الدار، فأخرج فقال: اللهم إني احتسب نفسي عندك،
فإني لم أصب بمثلها. ومنهم الشريف علي فكري القاهري في (أحسن القصص) (ج 4 ص 209 ط
بيروت) قال:
ص 498
قال الحافظ أبو نعيم في حليته: لما اشتد الأمر بالحسن قال: أخرجوا فراشي إلى صحن
الدار لعلي أتفكر في ملكوت السموات (يعني الآيات) فلما خرجوا به قال: اللهم إني
أحتسب نفسي عندك فإنها أعز علي.
ومن كلامه عليه السلام في جواب مروان بن الحكم

رواه
جماعة: فمنهم الفاضل المعاصر عبد الله علي مهنا في (طرائف الخلفاء والملوك) (ص 34 ط
1 دار الكتب العلمية بيروت) قال: بينا معاوية جالس في أصحابه إذ قيل له: الحسن
بالباب. فقال معاوية: إنه إن دخل علينا أفسد ما نحن فيه، فقال له مروان بن الحكم:
إيذن له فإني أسأله عما ليس عنده فيه جواب. قال معاوية: لا تفعل فإنهم قوم الهموا
الكلام، وأذن له، فلما دخل وجلس قال له مروان: أسرع الشيب إلى شاربك يا حسن، إن ذلك
من الخوف. قال الحسن: ليس كما بلغك ولكنا معشر بني هاشم طيبة أفواهنا، عذبة شفاهنا،
فنساؤنا يقبلن علينا بأنفاسهن وقبلهن، وأنتم معشر بني أمية فيكم بخر شديد، فنساؤكم
يصرفن أفواههن وأنفاسهن عنكم إلى أصداغكم، فإنما يشيب منكم موضع العذار من أجل ذلك.
قال مروان: أما إن فيكم يا بني هاشم خصلة سوء. قال: ما هي؟ قال: الغلمة. قال: أجل،
نزعت الغلمة من نسائنا ووضعت في رجالنا ونزعت الغلمة من رجالكم ووضعت في نسائكم،
فما قام لأموية إلا هاشمي. فغضب معاوية وقال: قد كنت أخبرتكم فأبيتم حتى سمعتم ما
أظلم عليكم بيتكم وأفسد مجلسكم. فخرج الحسن وهو يقول: ومارست هذا الدهر خمسين حجة *
وخمسا أرجي قابلا بعد قابل فما أنا في الدنيا بلغت جسيمها * ولا في الذي أهوى كدحت
بطائل
ص 499
وقد أشرعت في المنايا أكفها وأيقنت أني رهن موت معاجل
ومن كلامه عليه السلام ما
قاله لمعاوية بن حديج 
رواه جماعة: منهم العلامة الحافظ أبو يعلى أحمد بن علي بن
المثنى التميمي الموصلي المتوفى 307 ه في (مسند أبي يعلى) (ج 12 ص 140 ط دار
المأمون للتراث دمشق) قال: حدثنا إسماعيل بن موسى بن بنت السدي، حدثنا سعيد بن خثيم
الهلالي، عن الوليد بن يسار الهمداني، عن علي بن [أبي] طلحة مولى بني أمية قال: حج
معاوية بن أبي سفيان وحج معه معاوية بن حديج وكان من أسب الناس لعلي. قال: فمر في
المدينة، وحسن بن علي ونفر من أصحابه جالس فقيل له: هذا معاوية ابن حديج الساب
لعلي. قال: علي الرجل. قال: فأتاه رسول فقال: أجبه. قال: من؟ قال: الحسن بن علي
يدعوك. فأتاه فسلم عليه فقال له الحسن: أنت معاوية بن حديج؟ قال: نعم. قال: فرد ذلك
عليه. قال: فأنت الساب لعلي؟ قال: فكأنه استحيا فقال له الحسن: أما والله لئن وردت
عليه الحوض - وما أراك ترده - لتجدنه مشمرا الإزار على ساق يذود عنه رايات
المنافقين. ذود غريبة الإبل، قول الصادق المصدوق، (وقد خاب من افترى) [طه: 61].
كلامه عليه السلام حين وفاته 
رواه جماعة: فمنهم الفاضل المعاصر عبد السلام محمد
هارون في كتابه (تهذيب إحياء علوم الدين - للغزالي) (ج 2 ص 304 ط القاهرة) قال:
ودخل الحسن رضي الله عنه على رجل يجود بنفسه فقال: إن أمرا هذا أوله
ص 500
لجدير أن يتقى آخره، وإن أمرا هذا آخره لجدير أن يزهد في أوله.
كلامه عليه السلام
لزوجه عائشة بنت طلحة 
رواه جماعة: فمنهم العلامة الشيخ أحمد بن محمد بن عبد ربه
الأندلسي صاحب (عقد الفريد) في (طبائع النساء وما جاء فيها من العجائب والغرائب) (ص
161 ط مكتبة القرآن بولاق القاهرة) قال: وقال الحسن بن علي بن حسين لامرأته عائشة
بنت طلحة: أمرك بيدك! فقالت: قد كان عشرين سنة بيدك، فأحسنت حفظه، فلم أضيعه إذ صار
بيدي ساعة واحدة، وقد صرفته إليك! فأعجبه ذلك منها وأمسكها. ومنهم الفاضلان عبد
مهنا وسمير جابر في (أخبار النساء في العقد الفريد) (ص 162 ط دار الكتب العلمية
بيروت) قال: فذكر مثل ما تقدم عن كتاب (طبايع النساء).
ومن كلامه عليه السلام في
جواب أبيه أمير المؤمنين عليه السلام 
رواه جماعة: فمنهم الفاضل المعاصر موسى محمد
علي في كتابه (حليم آل البيت الإمام الحسن بن علي رضي الله عنه) (ص 189 ط عالم
الكتب بيروت) قال: عن شعبة بن الحجاج الواسطي، عن أبي إسحاق الهمداني إن عليا رضي
الله عنه، سأل ابنه الحسن رضي الله عنه، عن أشياء من المروءة فقال: يا بني، ما
السداد؟ قال: يا أبتي السداد: رفع المنكر بالمعروف. قال: فما الشرف؟ قال: اصطناع
العشيرة وحمل الجريرة.
ص 501
قال: فما المروءة؟ قال: العفاف وإصلاح المرء ماله. قال: فما الدنيئة؟ قال: النظر في
اليسير ومنع الحقير. قال: فما اللؤم؟ قال: احتراز المرء نفسه وبذله عرسه. قال: فما
السياحة؟ قال: البذل في العسر واليسر. قال: فما الشح؟ قال: أن ترى ما في يديك سرفا،
وما أنفقته تلفا. قال: فما الأخاء؟ قال: الوفاء في الشدة والرخاء. قال: فما الجبن؟
قال: الجرأة على الصديق والنكول عن العدو. قال: فما الغنيمة؟ قال: الرغبة في التقوى
والزهادة في الدنيا. قال: فما الحلم؟ قال: كظم الغيظ وملك النفس. قال: فما الغنى؟
قال: رضى النفس بما قسم الله لها وإن قل، فإنما الغنى غنى النفس. قال: فما الفقر؟
قال: شره النفس في كل شيء. قال: فما المتعة؟ قال: شدة البأس ومقارعة أشد الناس.
قال: فما الذل؟ قال: الفزع عند المصيبة. قال: فما الجرأة؟ قال: موافقة الأقران.
قال: فما الكلفة؟ قال: كلامك فيما لا يعنيك. قال: فما المجد؟ قال: أن تعطي في الغرم
وأن تعفو عن الجرم. قال: فما العقل؟ قال: حفظ القلب كل ما استرعيته. قال: فما
الخرق؟ قال: معاداتك إمامك ورفعك عليه كلامك. قال: فما الثناء؟ قال: إتيان الجميل
وترك القبيح. قال: فما حزم؟ قال: طول الأناة، والرفق بالولاة، والاحتراس من الناس
بسوء الظن، هو الحزم. قال: فما الشريف؟ قال موافقة الأخوان، وحفظ الجيران.
ص 502
قال: فما السفه؟ قال: اتباع الدناة، ومصاحبة الغواة. قال: فما الغفلة؟ قال: تركك
المسجد، وطاعتك المفسد. قال: فما الحرمان؟ قال: تركك حظك وقد عرض عليك. قال: فمن
السفيه؟ قال: الأحمق في المال المتهاون بعرضه. قال: ثم قال علي رضي الله عنه: يا
بني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لا فقر أشد من الجهل، ولا مال أفضل من
العقل، ولا وحدة أوحش من العجب، ولا مظاهرة أوثق من المشاورة، ولا عقل كالتدبير،
ولا حسب كحسن الخلق، ولا ورع كالكف، ولا عبادة كالتفكر، ولا إيمان كالحياء، ورأس
الإيمان الصبر، وآفة الحديث الكذب، وآفة العلم النسيان، وآفة الحلم السفه، وآفة
العبادة الفترة، وآفة الطرف الصلف، وآفة الشجاعة البغي، وآفة السماحة المن، وآفة
الجمال الخيلاء، وآفة الحسب الفخر. وقال أيضا في ص 192: أيها الناس إنه من نصح لله
وأخذ قولا دليلا، هدي للتي هي أقوم، ووفقه الله للرشاد، وسسده للحسنى، فإن جار الله
آمن محفوظ، وعدوه خائف مخذول، فاحترسوا من الله بكثرة الذكر. واخشوا الله بالتقوى،
وتقربوا إلى الله بالطاعة، فإنه قريب مجيب، قال الله تبارك وتعالى: (وإذا سألك
عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم
يرشدون) [البقرة: 186]. فاستجيبوا لله وآمنوا به، فإنه لا ينبغي لمن عرف عظمة الله
أن يتعاظم، فإن رفعة الذين يعلمون عظمة الله أن يتواضعوا، وعز الذين يعرفون جلال
الله أن يتذللوا له، وسلامة الذين يعلمون ما قدره الله أن يستسلموا له، ولا ينكروا
أنفسهم بعد المعرفة، ولا يضلوا بعد الهدى. واعلموا علما يقينا أنكم لن تعرفوا التقي
حتى تعرفوا صفة الهدى، ولن تمسكوا بميثاق الكتاب حتى تعرفوا الذي نبذه، ولن تتلوا
الكتاب حق تلاوته حتى تعرفوا
ص 503
الذي أنزله، فإذا عرفتم ذلك البدع والتكلف، ورأيتم الفرية على الله والتحريف،
ورأيتم كيف يهوي من يهوي، ولا يجهلنكم الذي لا يعلمون، والتمسوا ذلك عند أهله،
فإنهم خاصة نور يستضاء بهم وأئمة يقتدى بهم. بهم عيش العلم وموت الجهل، وهم الذين
أخبركم حلمهم عن جهلهم، وحكم منطقهم عن صمتهم وظاهرهم عن باطنهم، لا يخالفون الحق،
ولا يختلفون في، وقد خلت لهم من الله سنة، ومضى فيهم من الله حكم، وإن في ذلك لذكرى
للذاكرين، واعقلوه إذا سمعتموه عقل رعايته، ولا تعقلوه عقل روايته، فإن رواة الكتاب
كثير، ورعاته قليل، والله المستعان. أ ه. وأخرج اليعقوبي في تاريخه بسنده قال: قال
معاوية للحسن رضي الله عنه: يا أبا محمد ثلاث خلال ما وجدت من يخبرني عنهن؟ قال:
وما هن؟ قال: المروءة، والكرم، والنجدة. قال: أما المروءة: فإصلاح الرجل أمر دينه،
وحسن قيامه على ماله، ولين الكف، وإفشاء السلام، والتحبب إلى الناس. والكرم: العطية
قبل السؤال، والتبرع بالمعروف، والاطعام في المحل، ثم النجدة الذب عن الجار،
والمحاماة في الكريهة، والصبر عند الشدائد. وقال جابر: سمعت الحسن رضي الله عنه
يقول: مكارم الأخلاق عشر: صدق اللسان، وصدق البأس، وإعطاء السائل، وحسن الخلق،
والمكافأة بالصنائع، وصلة الرحم، والتذمم على الجار، ومعرفة الحق للصاحب، وقرى
الضيف، ورأسهن الحياء. وقيل للحسن رضي الله عنه: من أحسن الناس عيشا؟ قال: من أشرك
الناس في عيشه. فقيل له: من أشر الناس عيشا؟ قال: من لا يعيش في عيشه أحد. وقال
الحسن رضي الله عنه: فوت الحاجة خير من طلبها إلى غير أهلها وأشد من المصيبة سوء
الخلق، والعبادة انتظار الفرج. ودعا الحسن بن علي بنيه وبني أخيه فقال: يا بني وبني
أخي: إنكم صغار قوم وتوشكون أن تكونوا كبار قوم آخرين. فتعلموا العلم، فمن لم يستطع
منكم أن يرويه
ص 504
أو يحفظه فليكتبه، وليجعله في بيته. وقال رجل للحسن رضي الله عنه: إني أخاف الموت؟
قال: ذاك، إنك أخرت مالك، ولو قدمته لسرك أن تلحق به. وقال له معاوية يوما: ما يجب
لنا في سلطاننا؟ قال ما قال سليمان بن داود، قال معاوية: وما قال سليمان بن داود؟
قال: قال لبعض أصحابه: أتدري ما يجب على الملك في ملكه، وما لا يضره. إذا أدى الذي
عليه منه، وإذا خاف الله في السر والعلانية، وعدل في الغضب والرضى، وقصد في الفقر
والغنى، ولم يأخذ الأموال غصبا، ولم يأكلها إسرافا وبدارا، لم يضره ما تمتع به من
دنياه إذا كان ذلك من خلقه. وقال الحسن رضي الله عنه: كان رسول الله صلى الله عليه
وسلم، إذا سأله أحد حاجة لم يرده إلا بها وبميسور من القول. ومر الحسن رضي الله عنه
يوما وقاص يقص على باب مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال الحسن: ما أنت؟
فقال: أنا قاص يا بن رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال: كذبت، محمد القاص، قال
الله عز وجل: (فاقصص القصص) [الأعراف: 176]. قال: فأنا مذكر، قال: كذبت، محمد
المذكر، قال له عز وجل: (فذكر إنما أنت مذكر) [الغاشية: 21]. قال: فما أنا؟ قال:
المتكلف من الرجال أ ه. ومن مواعظه رضي الله عنه: إعلموا إن الله لم يخلقكم عبثا،
ولس بتارككم سدى، كتب آجالكم، وقسم بينكم معاشكم، ليعرف كل ذي لب منزلته، وأن ما
قدر له أصابه وما صرف عنه فلن يصيبه، قد كفاكم مؤونة الدنيا، وفرغكم لعبادته، وحثكم
على الشكر، وافترض عليكم الذكر، وأوصاكم بالتقوى، وجعل التقوى منتهى رضاه، والتقوى
باب كل توبة، ورأس كل حكمة، وشرف كل عمل. بالتقوى فاز من فاز من المتقين، قال الله
تبارك وتعالى: (إن للمتقين مفازا) [النبأ: 31]. وقال: (وينجي الله الذين اتقوا
بمفازتهم، لا يمسهم السوء ولا هم يحزنون) [الزمر: 61]. فاتقوا الله عباد
ص 505
الله واعلموا أنه من يتق الله يجعل له مخرجا من الفتن، ويسدده في أمره ويهئ له
رشده، ويفلحه ويبيض وجهه ويعطيه رغبته، مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين
والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا. ومن مواعظه رضي الله عنه أنه كان
رضي الله عنه، يقول: يا بن آدم عف عن محارم الله تكن عابدا، وارض بما قسم الله لك
تكن غنيا، وأحسن جوار من جاورك تكن مسلما، وصاحب الناس بمثل ما تحب أن يصاحبوك
بمثله تكن عادلا. إنه كان بين أيديكم قوم يجمعون كثيرا، ويبنون مشيدا، ويأملون
بعيدا، أصبح جمعهم بورا، وعملهم غرورا، ومساكنهم قبورا. يا بن آدم إنك لم تزل في
هدم عمرك منذ سقطت من بطن أمك، فجد بما في يدك لما بين يديك فإن المؤمن يتزود
والكافر يتمتع. وكان يتلو هذه الآية بعدها: (وتزودوا فإن خير الزاد التقوى)
[البقرة: 197]. وقال رضي الله عنه في كلام له: امتكم آخر الأمم وأنتم آخر امتكم،
وقد أسرع بخياركم فماذا تنتظرون؟ هيهات هيهات، ذهبت الدنيا بحال بما لها، وبقيت
الأعمال أطواقا في أعناق بني آدم، فيا لها موعظة لو وافقت من القلوب حياة، إنه
والله لا أمة بعد امتكم ولا نبي بعد نبيكم، ولا كتاب بعد كتابكم، وأنتم تسوقون
الناس والساعة تسوقكم، وإنما ينتظر بأولكم أن يلحق آخركم. من رأى محمدا صلى الله
عليه وسلم فقد رآه غاديا رائحا، لم يضع لبنة على لبنة، ولا قصبة على قصبة، رفع له
علم فشمر إليه، فألوحا ألوحا، والنجاء النجاء، علام تعرجون؟ أسرع بخياركم، وأنتم كل
يوم ترذلون. لقد صحبت أقواما كانت صحبتهم قرة العين، وجلا الصدور، وكانوا من
حسناتهم أن ترد عليهم أشفق منكم من سيئاتكم أن تعذبوا عليها، وكانوا فيما أحل الله
لهم من الدنيا أزهد منكم فيما حرم الله عليكم. إني أسمع حسيسا، ولا أرى أنيسا، ذهب
الناس، وبقيت النسناس، ولو تكاشفتم ما تدافنتم، تهاديتم الأطباق، ولم تهادوا
النصائح - يا بن آدم، إن دين الله ليس بالتحلي ولا بالتمني، ولكنه ما وقر في القلوب
وصدقته الأعمال أ ه.
ص 506
ومن كلامه رضي الله عنه: لا أدب لمن لا عقل له، ولا مودة لمن لا همة له، ولا حياء
لمن لا دين له، ورأس العقل معاشرة الناس بالجميل وبالعقل تدرك الدين جميعا، ومن حرم
العقل حرمهما جميعا أ ه. وقال رضي الله عنه: هلاك الناس في ثلاث: في الكبر، والحرص،
والحسد. فالكبر: هلاك الدين، وبه لعن إبليس. والحرص: عدو النفس، وبه أخرج آدم من
الجنة. والحسد: رائد السوء، ومنه قتل قابيل هابيل أ ه. وقال رضي الله عنه: دخلت على
علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وهو يجود بنفسه لما ضربه ابن ملجم فجزعت لذلك. فقال
لي أتجزع؟ فقلت وكيف لا أجزع وأنا أراك على هذه الحالة؟ فقال يا بني: احفظ عني
خصالا أربعا، إن أنت حفظتهن نلت بهن النجاة: يا بني لا غنى أكثر من العقل، ولا فقر
مثل الجهل، ولا وحشة أشد من العجب، ولا عيش ألذ من حسن الخلق.. وأعلم أن مروءة
القناعة والرضا أكبر من مروءة الاعطاء، وتمام الصنيعة خير من ابتدائها أ ه. وقال
رضي الله عنه: حسن السؤال نصف العلم.. وقال من بدأ بالكلام قبل السلام فلا تجيبوه..
وسئل عن الصمت فقال: هو ستر الغي، وزين العرض وفاعله في راحة وجليسه في أمن.. أغن
عن المخلوق بالخالق * تغن عن الكاذب والصادق واسترزق الرحمن من فضله * فليس غير
الله بالرازق.. من ظن أن الناس يغنونه * فليس بالرحمن بالواثق.. من ظن أن الرزق من
كسبه * زلت به النعلان من حالق وأخرج أبو نعيم عن الأعمش، قال معاوية للحسن رضي
الله عنه: ما المروءة يا أبا محمد ؟.. فقال رضي الله عنه: فقه الرجل في دينه
وصلاحه، وإصلاح معيشته، وحسن مخالفته.. وفي رواية: حفظ الرجل دينه وإحراز نفسه من
الدنس، وقيامه بضيفه، وأداء الحقوق وإفشاء السلام.. قال فما النجدة؟ قال: التبرع
بالمعروف،
ص 507
والاعطاء قبل السؤال، والاطعام في المحل، ا ه. وقال معاوية يوما في مجلسه: إذا لم
يكن الهاشمي سخيا لم يشبه حسبه. وإذا لم يكن الزبيري شجاعا لم يشبه حسبه. وإذا لم
يكن المخزومي تائها لم يشبه حسبه. وإذا لم يكن الأموي حليما لم يشبه حسبه، فبلغ ذلك
الحسن فقال: والله ما أراد الحق ولكنه أراد أن يغري بني هاشم بالسخاء فيفنون
أموالهم ويحتاجون إليه. ويغري آل الزبير بالشجاعة فيفنون بالقتل. ويغري بني مخزوم
بالتيه فيبغضهم الناس.. ويغري بني أمية بالحلم فيحبهم الناس. ا ه. ومن كلامه رضي
الله عنه قال: ما تشاور قوم إلا هدوا إلى رشدهم. وقال: اللؤم أن لا تشكر النعمة.
وقال: لبعض ولده: يا بني لا تآخ أحدا حتى تعرف موارده ومصادره، فإذا استنبطت
الخبرة، ورضيت العثرة، فآخه على إقالة العثرة والمواساة في العسرة. وقال رضي الله
عنه: لا تجاهد الطلب جهاد الغالب، ولا تتكل على القدر. اتكال المستسلم، فإن ابتغاء
الفضل رزقا من السنة، والاجمال في الطلب من العفة، وليست العفة بدافعة رزقا، ولا
الحرص بجالب فضلا، فإن الرزق مقسوم، واستعمال الحرص استعمال المآثم. ا ه. ثم قال
رضي الله عنه: القريب من قربته المودة وإن بعد نسبه، والبعيد من باعدته المودة وإن
قرب نسبه، لا شيء أقرب من يد إلى جسد، وإن اليد تفل فتقطع وتحسم.. وقال: الخير الذي
لا شر فيه: الشكر مع النعمة والصبر على النازلة. وقال: الرجل أقل من علة: إن الله
قد ذكرك فاذكره وأقالك فاشكره. وقال: عند صلحه لمعاوية: إنا والله ما ثنانا عن أهل
الشام بالسلامة والصبر، فسلبت السلامة بالعداوة، والصبر بالجزع وكنتم في مبدأكم إلى
صفين، ودينكم أمام دنياكم، وقد أصبحتم اليوم ودنياكم أمام دينكم. ا هـ.
ص 508
وقال: ما أعرف أحدا إلا وهو أحمق فيما بينه وبين ربه. وقيل له: فيك عظمة، فقال رضي
الله عنه: بل في عزة، قال الله تعالى: (ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين) [المنافقون:
8]. ومن كلامه رضي الله عنه: عليكم بحفظ السرائر، فإن الله مطلع على الضمائر وحفظ
القلب هو عدم الاتجاه إلى غير الله، وحفظ فكرك عن معصيته تعالى. وعن الشعبي أن
الحسن رضي الله عنه قال: إن أكيس الكيس التقي، وإن أحمق الحمق الفجور، ألا وأن هذه
الأمور التي اختلفت فيها أنا ومعاوية، تركت لمعاوية إرادة إصلاح المسلمين وحقن
دمائهم. وأخرج ابن عساكر في تاريخه قال: جاء الحسن رجل من الشام فسأله قائلا: كم
بين الحق والباطل وكم بين السماء والأرض؟ وكم بين المشرق والمغرب؟ وعن هذا المحو
الذي في القمر؟ وعن قوس قزح؟ وعن هذه المجرة، وعن أول شيء انتضح على وجه الأرض؟ وعن
أول شيء اهتز عليها؟ وعن العين التي تأوي إليها أرواح المؤمنين والمشركين؟ وعن
المؤنث؟ وعن عشرة أشياء بعضها أشد من بعض؟ فقال الحسن رضي الله عنه: يا أخا أهل
الشام، بين الحق والباطل أربع أصابع، ما رأيت بعينك فهو الحق، وقد تسمع بأذنيك
باطلا كثيرا. وبين السماء والأرض دعوة المظلوم ومد البصر، فمن قال غير هذا فكذبه..
وبين المشرق والمغرب يوم مطرد للشمس حين تطلع وتنظر إليها حين تغرب، من قال غير هذا
فكذبه. وأما هذه المجرة فهي أشراج السماء، مهبط الماء المنهمر على نوح عليه السلام.
وأما قوس قزح فلا تقل: فإن قزح شيطان ولكنها قوس الله وأمان من الغرق. وأما المحو
الذي في القمر فإن ضوء القمر كان مثل ضوء الشمس فمحاه الله. وقال في كتابه: (فمحونا
آية الليل وجعلنا آية النهار مبصرة) [الإسراء: 12]. وأما أول شيء انتضح على وجه
الأرض فهو وادي دلس. وأما أول شيء اهتز على وجه الأرض فهي النخلة. وأما العين التي
تأوي إليها أرواح المؤمنين، فهي عين يقال لها سلمى. وأما العين التي تأوي إليها
ص 509
أرواح الكافرين فهي عين يقال لها برهوت. وأما المؤنث فانسان لا يدري: امرأة هو أو
رجل فينتظر به الحلم، فإن كانت امرأة بانت ثدياها، وإن كان رجلا خرجت لحيته، وإلا
قيل له يبول على الحائط فإن أصاب الحائط بوله فهو رجل، وإن نكص كما ينكص بول البعير
فهي امرأة. وأما عشرة أشياء بعضها أشد من بعض: فأشد شيء خلق الله الحجر، وأشد من
الحجر الحديد، وأشد من الحديد النار، وأشد من النار الماء، وأشد من الماء السحاب،
وأشد من السحاب الريح، وأشد من الريح الملك، وأشد من الملك، ملك الموت، وأشد من ملك
الموت، الموت، وأشد من الموت أمر الله.. قال الشامي: أشهد أنك ابن رسول الله صلى
الله عليه وسلم، وأن عليا وصي محمد صلى الله عليه وسلم. ثم كتب هذا الجواب ومضى به
إلى معاوية وأنفذه معاوية إلى ابن الأصفر فلما أتاه قال: أشهد أن هذا ليس من عند
معاوية ولا هو إلا من معدن النبوة.. وأخرج ابن عساكر، واليعقوبي، وابن كثير بسنده
قال: خطب رضي الله عنه حينما قال له معاوية بعد الصلح: اذكر فضلنا: فقام وحمد الله
وأثنى عليه، وصلى على محمد النبي وآله، ثم قال: من عرفني فقد عرفني، ومن لم يعرفني
فأنا الحسن بن رسول الله، أنا ابن البشير النذير، أنا ابن المصطفى بالرسالة، أنا
ابن من صلت عليه الملائكة، أنا ابن من شرفت به الأمة، أنا ابن من كان جبريل السفير
من الله إليه، أنا ابن من بعث رحمة للعالمين (صلى الله عليه وسلم أجمعين). فلم يقدر
معاوية أن يكتم عداوته وحسده، فقال: يا حسن، عليك بالرطب فانعته لنا. قال: نعم يا
معاوية. الريح تلحقه، والشمس تنفخه، والقمر يلونه، والحر ينضجه، والليل يبرده، ثم
أقبل على منطقه فقال: أنا ابن المستجاب الدعوة، أنا ابن من كان من ربه كقاب قوسين
أو أدنى، أنا ابن مكة ومنى، أنا ابن من خضعت له قريش رغما، أنا ابن من سعد تابعه
وشقى خاذله، أنا ابن من جعلت الأرض له طهورا ومسجدا، أنا ابن من كانت أخبار السماء
ص 510
إليه تترى، أنا ابن من أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا. فقال معاوية: أظن نفسك
يا حسن تنازعت إلى الخلافة؟ فقال: ويلك يا معاوية إنما الخليفة من سار بسيرة رسول
الله صلى الله عليه وسلم، وعمل بطاعة الله، ولعمري إنا لأعلام الهدى ومنار التقى،
ولكنك يا معاوية ممن أبار السنن، وأحيا البدع واتخذ عباد الله دخلا، ودين الله
لعبا، فكان قد أخمل ما أنت فيه، فعشت يسيرا، وبقيت عليك تبعاته. يا معاوية، والله
لقد خلق الله مدينتين إحداهما بالمشرق، والأخرى أسماها جابلقا أو جابلسا، ما بعث
الله إليهما أحدا غير جدي رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقال معاوية: يا أبا محمد
أخبرنا عن ليلة القدر؟ قال: نعم عن مثل هذا فاسأل، إن الله خلق السموات سبعا
والأرضين سبعا، والجن من سبع والإنس من سبع، فتطلب من ليلة ثلاث وعشرين، إلى ليلة
سبع وعشرين، ثم نهض رضي الله عنه. وعن أبي جميلة أن الحسن بن علي رضي الله عنه حين
قتل علي استخلف فبينا هو يصلي بالناس إذ وثب إلى رجل فطعنه بخنجر في وركه فتمرض
منها أشهرا ثم قام فخطب على المنبر فقال: يا أهل العراق اتقوا الله فينا، فإنا
أمراؤكم وضيفانكم، ونحن أهل البيت، الذين قال الله عز وجل فيهم: (إنما يريد الله
ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) [الأحزاب: 33] فما زال يومئذ يتكلم حتى
ما ترى في المسجد إلا باكيا. ورواه الطبراني ورجاله ثقات. وفيما أخرجه ابن عبد البر
في الاستيعاب عن الشعبي قال: لما جرى الصلح بين الحسن بن علي ومعاوية قال له
معاوية: قم فاخطب الناس، واذكر ما كنت فيه.. فقام الحسن فخطب فقال: الحمد لله الذي
هدى بنا أولكم وحقن بنا دماء آخركم، ألا أن أكيس الكيس التقي، وأعجز العجز الفجور،
وإن هذا الأمر الذي اختلفت فيه أنا ومعاوية إما أن يكون أحق به مني، وإما أن يكون
حقي فتركته لله، ولإصلاح أمة محمد صلى الله عليه وسلم وحقن دمائهم. قال: ثم التفت
إلى معاوية فقال: (وإن أدري لعله فتنة لكم ومتاع إلى حين) [الأنبياء: 111] ثم نزل.
فقال عمرو لمعاوية: ما
ص 511
أردت إلا هذا.. وفيما أخرجه ابن شهاب قال: لما دخل معاوية الكوفة حين سلم الأمر
إليه الحسن ابن علي، كلم عمرو بن العاص معاوية أن يأمر الحسن بن علي فيخطب الناس،
فكره ذلك معاوية، وقال: لا حاجة بنا إلى ذلك: قال عمرو: ولكني أريد ذلك ليبدو عيه،
فإنه لا يدري هذه الأمور ما هي؟ ولم يزل بمعاوية حتى طلب من الحسن أن يخطب، وقال
له: قم يا حسن فكلم الناس فيما جرى بيننا. فقام الحسن فتشهد، وحمد الله، وأثنى
عليه، ثم قال في بديهته: أما بعد: أيها الناس، فإن الله هداكم بأولنا، وحقن دماءكم
بآخرنا، وإن لهذا الأمر مدة والدنيا دول، وإن الله عز وجل يقول: (وإن أدري أقريب أم
بعيد ما توعدون إنه يعلم الجهر من القول ويعلم ما تكتمون وإن أدري لعله فتنة لكم
ومتاع إلى حين) [الأنبياء: 109 - 111]. فلما قالها قال له معاوية: اجلس، فجلس ثم
قام معاوية فخطب الناس، ثم قال لعمرو: هذا من رأيك.. وعن عمرو بن الأعصم قال: قلت
للحسن رضي الله عنه: إن الشيعة تزعم أن عليا مبعوث قبل يوم القيامة؟ فقال: كذبوا
والله، ما هؤلاء بالشيعة، لو علمنا أنه مبعوث ما زوجنا نساءه ولا اقتسمنا ماله. وعن
عبد الرحمن بن جبير بن نفير عن أبيه، قال الحسن: إن الناس يقولون أنك تريد الخلافة؟
فقال: قد كانت جماجم العرب في يدي يحاربون من حاربت، ويسالمون من سالمت فتركتها
ابتغاء وجه الله وحقن دماء أمة محمد صلى الله عليه وسلم.. وعن الحر قال: خطب الحسن
بن علي بالكوفة فقال: إن الحلم زينة، والوقار مروءة، والعجلة سفه، والسفه ضعف،
ومجالسة أهل الدناءة شين، ومخالطة أهل الفساق ريبة. وكان علي يكرم الحسن إكراما
زائدا، ويعظمه ويجله وقد قال له يوما: يا بني ألا تخطب حتى أسمعك؟ فقال: إني أستحيي
أن أخطب وأنا أراك، فذهب علي فجلس
ص 512
حيث لا يراه الحسن، ثم قام الحسن في الناس خطيبا، وعلي يسمع، فأدى خطبة بليغة
فصيحة، فلما انصرف جعل علي يقول: (ذرية بعضها من بعض والله سميع عليم) [آل عمران:
34].
ومن كلامه عليه السلام

رواه جماعة: منهم الشريف مسعود بن حسن بن أبي بكر
القناوي الحسيني الشافعي في (فتح الرحيم الرحمن شرح نصيحة الأخوان ومرشدة الخلان -
لأن الوردي) (ص 127 ط شركة مطبعة ومكتبة مصطفى البابي وأولاده بمصر) قال: وقال
الحسن بن علي رضي الله تعالى عنه: البخل جامع المساوي والعيوب وقاطع المودات من
القلوب، نسأله وتعالى التوفيق لما يحب ويرضى.
ومن كلامه عليه السلام

رواه جماعة من
أعلام العامة: فمنهم الأستاذ أحمد متولي في (منهج القرآن في بيان مسالك الشيطان) (ص
76 ط 1 مطابع الأهرام بكورنيش النيل) قال: وقال الإمام الحسن رضي الله عنه: من
علامات المسلم قوة في دين، وحزم في لين، وإيمان في يقين، وعلم في حلم، وكيس في رفق،
وإعطاء في حق، وقصد في غنى، وتجمل في فاقة وإحسان في قدرة، وتجمل في فاقة، وصبر في
شدة، لا يغلبه الغضب، ولا تجمع به الحمية ولا تغلبه شهوة، ولا تفضحه بطنه، ولا
يستخفه حرصه، ولا تقصر به نيته، فينصر المظلوم ويرحم الضعيف، ولا يتجل، ولا يبذر
ولا يسرف، ولا يقتر، يغفر إذا ظلم، ويعفو عن الجاهل، نفسه منه في عناء، والناس منه
ص 513
في رخاء.
ومن كلامه عليه السلام في المروءة والنجدة والكرم في جواب معاوية

رواه
جماعة: فمنهم محمد بن محمد الغزالي في كتابه (ذم البخل وفضل السخاوة) (ص 106 ط دار
الاعتصام) قال: وسأل معاوية الحسن بن علي رضي الله عنهم، عن المروءة، والنجدة،
والكرم، فقال: أما المروءة فحفظ الرجل دينه، [وحرزه] نفسه، وحسن قيامه بضيفه، وحسن
المسارعة والإقدام في الكراهية، وأما النجدة فالذب عن الجار، والصبر في المواطن،
وأما الكرم فالتبرع بالمعروف قبل السؤال، والاطعام في المحل، والرأفة بالسائل، مع
بذل النائل.
ومن كلامه عليه السلام في التفسير 
رواه جماعة: ومنهم العلامة المفسر
الشيخ عماد الدين أبو الحسن علي بن محمد بن علي الطبري المشتهر بالكيا الهراسي
المتولد بطبرستان سنة 450 والمتوفى ببغداد سنة 504 في (أحكام القرآن) (ج 3 - 4 ص
230 ط بيروت سنة 1405) قال: وعن الحسن بن علي رضي الله عنهما، أنه قضى في اللقيط
أنه حر، وقرأ: (وشروه بثمن بخس دراهم معدودة وكانوا فيه من الزاهدين).
ومن كلامه
عليه السلام في الحسد 
رواه جماعة:
ص 514
فمنهم الشريف أحمد بن محمد الصديق الحسني الغماري الشافعي في (فتح الوهاب بتخريج
أحاديث الشهاب) (ج 2 ص 192 ط عالم الكتب ومكتبة النهضة العربية بيروت) قال: ورواه
ابن صصري في أماليه الحديثية من حديث الحسن بن علي عليهما السلام بلفظ: الغل والحسد
يأكلان الحسنات كما تأكل النار الحطب.
ومن كلامه المنظوم

رواه جماعة: فمنهم العلامة
أبو علي الحسن بن رشيق القيرواني المولود 390 والمتوفى 456 ه في (العمدة في محاسن
الشعر وآدابه) (ج 1 ص 99 ط دار المعرفة بيروت) قال: الحسن بن علي رحمة الله عليه،
هو القائل وقد خرج على أصحابه محتضبا رواه المبرد، وقد روي لغيره: نسود أعلاها،
وتأبى أصولها فليت الذي يسود منها هو الأصل ومنهم الفاضل المعاصر طه عبد الله
العفيفي في (من وصايا الرسول صلى الله عليه وآله) (ج 1 ص 779 ط دار التراث العربي
بالقاهرة) قال: عن الحسن رحمه الله أنه قال:
أحلام نوم أو كظل زائل * إن اللبيب
بمثلها لا يخدع
كما كان الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهما يتمثل كثيرا بهذا
البيت:
يا أهل لذات دنيا لا بقاء لها * إن اغترار بظل زائد حمق
مستدرك بعض خطبه
عليه السلام

تقدم بيان بعض خطبه الشريفة في ج 11 ص 19 وج 26 ومواضع أخرى نقلا عن
ص 515
العامة، ونستدرك هيهنا عن الكتب التي لم نرو عنها فيما سبق. ومنها
الخطبة التي
ألقاها بعد شهادة أبيه أمير المؤمنين عليه السلام 
رواها جماعة: فمنهم الحافظ إمام
الحنابلة أبو عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل المتوفى 241 ه في (مسند أهل البيت) (ص
27) برواية ولده عبد الله (ط مؤسسة الكتب الثقافية بيروت) قال: حدثنا عبد الله بن
أحمد قال: حدثني أبي، قال: حدثنا وكيع، عن شريك، عن أبي إسحاق، عن هبيرة (قال):
خطبنا الحسن بن علي، فقال: لقد فارقكم رجل بالأمس، لم يسبقه الأولون بعلم، ولا
يدركه الآخرون، كان يبعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم، يبعثه بالراية، جبرائيل عن
يمينه، وميكائيل عن شماله، لا ينصرف حتى يفتح الله له. وقال أيضا في ص 29: حدثنا
عبد الله، قال حدثني أبي، قال حدثنا وكيع، عن (شريك)، عن أبي إسحاق، عن عمرو بن
حبشي قال: خطبنا الحسن بن علي بعد قتل علي عليهما السلام فقال: لقد فارقكم رجل
بالأمس، ما سبقه الأولون بعلم - فذكر مثل ما تقدم بتفاوت يسير في اللفظ - وزاد في
آخره: وما ترك من صفراء ولا بيضاء، إلا سبعمائة درهم من عطاياه، كان يرصدها لخادم
أهله. ومنهم الفاضل الدكتور دوايت. رونلدسن في (عقيدة الشيعة) تعريب: ع، م (ص 84 ط
مؤسسة المفيد بيروت) قال: ودفن علي عليه السلام ليلا وصلى عليه الحسن عليه السلام
وكبر خمسا فلم يعلم أحد أين دفن - قالوا ولما توفي علي خرج الحسن إلى المسجد الأعظم
فاجتمع الناس إليه فبايعوه. ثم خطب الناس فقال: أفعلتموها؟ قتلتم أمير المؤمنين أما
والله لقد قتل في الليلة التي نزل فيها القرآن ورفع فيها الكتاب وجف القلم وفي التي
قبض فيها موسى بن
ص 516
عمران وعرج فيها بعيسى. ومنهم العلامة الحافظ أبو يعلى أحمد بن علي بن المثنى
التميمي الموصلي المتوفى 307 ه في (مسند أبي يعلى) (ج 12 ص 125 ط دار المأمون
للتراث دمشق) قال: حدثنا السامي، حدثنا سكين بن عبد العزيز، حدثنا جعفر، عن أبيه،
عن جده قال: لما قتل علي، قام حسن بن علي خطيبا، فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: أما
بعد، والله لقد قتلتم الليلة رجلا في ليلة نزل فيها القرآن، وفيها رفع عيسى بن
مريم، وفيها قتل يوشع بن نون فتى موسى عليه السلام. حدثنا إبراهيم بن الحجاج، حدثنا
سكين قال: وحدثني أبي، عن خالد بن جابر، عن أبيه عن الحسن بن علي، مثل هذا، وزاد
فيه، وفيها تيب على بني إسرائيل. وقال: والله ما سبقه أحد كان قبله، ولا لحقه أحد
كان بعده وإن كان النبي صلى الله عليه وسلم ليبعثه في السرية وجبريل عن يمينه
وميكائيل عن يساره. والله ما ترك صفراء ولا بيضاء إلا ثمان مئة، أو سبع مئة درهم
أرصدها لخادم يشتريها. ومنهم جماعة من فضلا لجنة الزهراء للإعلام العربي في (العشرة
المبشرون بالجنة في طبقات ابن سعد) (ص 207 ط 3 الزهراء للإعلام العربي القاهرة)
قال: قال: أخبرنا عبد الله بن نمير وعبيد الله بن موسى قالا أخبرنا إسماعيل بن أبي
خالد عن أبي إسحاق عن هبيرة بن يريم قال: سمعت الحسن بن علي قام يخطب الناس فقال:
يا أيها الناس لقد فارقكم أمس رجل ما سبقه الأولون ولا يدركه الآخرون، لقد كان رسول
الله صلى الله عليه وسلم، يبعثه المبعث فيعطيه الراية فما يرد حتى يفتح الله عليه،
إن جبريل عن يمينه وميكائيل عن يساره، ما ترك صفراء ولا بيضاء، إلا سبعمائة درهم
فضلت من عطائه أراد أن يشتري بها خادما. قال: أخبرنا عبد الله بن نمير عن الأجلح عن
أبي إسحاق عن هبيرة بن يريم قال: لما توفي علي بن أبي طالب قام الحسن بن علي فصعد
المنبر فقال: أيها الناس، قد
ص 517
قبض الليلة رجل لم يسبقه الأولون ولا يدركه الآخرون، قد كان رسول الله صلى الله
عليه وسلم، يبعثه المبعث فيكتنفه جبريل عن يمينه وميكائيل عن شماله فلا ينثني حتى
يفتح الله له، وما ترك إلا سبعمائة درهم أراد أن يشتري خادما ولقد قبض في الليلة
التي عرج فيها بروح عيسى بن مريم ليلة سبعة وعشرين من رمضان. ومنهم الفاضل المعاصر
إبراهيم محمد الجمل في (مواعظ الصحابة في الدين والحياة) (ص 84 ط الدار المصرية
اللبنانية) قال: عن هبيرة قال: لما توفي علي بن أبي طالب رضي الله عنه قام الحسن بن
علي رضي الله عنهما فصعد المنبر فقال: أيها الناس! قد قبض الليلة رجل لم يسبقه
الأولون، ولا يدركه الآخرون، قد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يبعثه المبعث
فيكتنفه جبريل عن يمينه وميكائيل عن شماله، فلا ينثني حتى يفتح الله له، وما ترك
إلا سبعمائة درهم أراد أن يشتري بها خادما، ولقد قبض في الليلة التي عرج فيها بروح
عيسى بن مريم ليلة سبع وعشرين من رمضان. وزاد في رواية ما ترك صفراء ولا بيضاء إلا
سبعمائة درهم فضلت من عطائه أ ه. عن الحسن رضي الله عنه أنه لما قتل علي رضي الله
عنه قام خطيبا، فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: أما بعد: والله لقد قتلتم الليلة رجلا
في ليلة نزل فيها القرآن، وفيها رفع عيسى بن مريم عليه السلام، وفيها قتل يوشع بن
نون فتى موسى عليه السلام، وفيها تيب على بني إسرائيل أ ه. ومنهم الفاضل المعاصر
محمد عثمان الخشت في (خطب الصحابة ومواعظهم (ص 139 ط المختار الإسلامي القاهرة)
قال: أخرج ابن سعد عن هبيرة - فذكر مثل ما تقدم عن (العشرة المبشرون) الحديث
الثاني. وقال أيضا: وعند أبي يعلى، وابن جرير، وابن عساكر، عن الحسن كما في
ص 518
المنتخب (ج 5 ص 161) أنه لما قتل علي رضي الله عنه قام خطيبا، فحمد الله وأثنى
عليه، ثم قال: أما بعد، والله لقد قتلتم الليلة رجلا نزل فيها القرآن، وفيها رفع
عيسى بن مريم عليه السلام، وفيها قتل يوشع بن نون فتى موسى عليه السلام، وفيها تيب
على بني إسرائيل. وأخرجه الطبراني، عن أبي الطفيل، فذكر بمعنى روايتي ابن سعد
ورواية أبي يعلى وغيره، وزاد: ثم قال: من عرفني فقد عرفني، ومن لم يعرفني فأنا
الحسن بن محمد صلى الله عليه وسلم ثم تلا هذه الآية قول يوسف: (واتبعت ملة آبائي
إبراهيم وإسحاق ويعقوب). ثم أخذ في كتاب الله، ثم قال: أنا ابن البشير! أنا ابن
النذير! وأنا ابن النبي! أنا ابن الداعي إلى الله بإذنه! وأنا ابن السراج المنير!
وأنا ابن الذي أرسل رحمة للعالمين! وأنا من أهل البيت الذين أذهب الله عنهم الرجس
وطهرهم تطهيرا! وأنا من أهل البيت الذي افترض الله عز وجل مودتهم وولايتهم فقال
فيما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم: (قل لا أسألكم عليه أجرا إلا لمودةفي
القربى). قال الهيثمي: رواه الطبراني في الأوسط والكبير باختصار، وأبو يعلى
باختصار، والبزار بنحوه، إلا أنه قال: ويعطيه الراية فإذا حم الوغى فقاتل جبريل عن
يمينه وقال: وكانت إحدى وعشرين من رمضان، ورواه أحمد باختصار كثير وإسناد أحمد وبعض
طرق البزار والطبراني في الكبير حسان - إنتهى. ومنهم محمد رضا أمين مكتبة جامعة
فوآد الأول سابقا في (الحسن والحسين سبطا رسول الله صلى الله عليه وآله) (ط دار
الكتب العلمية بيروت) قال: لما توفي علي رضي الله عنه خرج الحسن إلى المسجد الأعظم
فاجتمع الناس إليه فبايعوه ثم خطب الناس فقال: أفعلتموها. قتلتم أمير المؤمنين. أما
والله لقد قتل في الليلة التي نزل فيها القرآن ورفع فيها الكتاب وجف القلم. وفي
الليلة التي قبض فيها موسى بن عمران وعرج فيها بعيسى.
ص 519
ومنهم العلامة الحافظ أبو حاتم محمد بن أحمد التميمي البستي المتوفى سنة 354 ه في
(السيرة النبوية وأخبار الخلفاء) (ص 553 ط مؤسسة الكتب الثقافية دار الفكر بيروت)
قال: ثم قام الحسن بعد دفن أبيه خطيبا في الناس فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: -
فذكر مثل ما تقدم عن (مسند أبي يعلى) ثانيا. ومنهم عدة من الفضلاء في (فهرس أحاديث
وآثار المستدرك على الصحيحين) للحاكم النيسابوري (القسم 2 ص 341 ط عالم الكتب
بيروت) قالوا: خطب الحسن بن علي الناس... معرفة الصحابة / الحسن 3 / 172. لقد قبض
في هذه الليلة. معرفة الصحابة / الحسن 3 / 172.
ومن خطبة له عليه السلام 
رواها
جماعة: فمنهم محمد رضا - أمين مكتبة جامعة فؤاد الأول سابقا في كتاب (الحسن والحسين
سبطا رسول الله صلى الله عليه وسلم) قال: وكان علي رضي الله عنه اعتل فأمر ابنه
الحسن رضي الله عنه أن يصلي بالناس يوم الجمعة. فصعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه
ثم قال: إن الله لم يبعث نبيا إلا اختار له نفسا ورهطا وبيتا. فوالذي بعث محمدا
بالحق لا ينتقص من حقنا أهل البيت أحد إلا نقصه الله من عمله مثله. ولا يكون علينا
دولة إلا وتكون لنا العاقبة. ولتعلمن نبأه بعد حين.
ص 520
ومن خطبة له عليه السلام 
رواها جماعة: فمنهم الفاضل المعاصر محمد عثمان الخشت في
(خطب الصحابة ومواعظهم) (ص 140 ط المختار الإسلامي القاهرة) قال: وأخرج الطبراني في
الكبير، عن الشعبي، قال: شهدت الحسن بن علي رضي الله عنهما، حين صالحه معاوية، فقال
له معاوية: إذا كان ذا فقام فتكلم وأخبر الناس أنك قد سلمت هذا الأمر لي - وربما
قال سفيان: أخبر الناس بهذا الأمر الذي تركته - فقام فخطب على المنبر فحمد الله
وأثنى عليه - قال الشعبي: وأنا أسمع - ثم قال: أما بعد، فإن أكيس الكيس التقي، وإن
أحمق الحمق الفجور، وإن هذا الأمر الذي اختلفت فيه أنا ومعاوية، أما كان حقا لي
تركته لمعاوية إرادة صلاح هذه الأمة وحقن دمائهم، أو يكون حقا كان لامرئ أحق به مني
ففعلت ذلك، (وإن أدري لعله فتنة لكم ومتاع إلى حين). ومنهم إبراهيم محمد الجمل في
(مواعظ الصاحبة في الدين والحياء) (ص 86 ط الدار المصرية) قال: عن الشعبي قال: شهدت
السن بن علي رضي الله عنهما حين صالحه معاوية - فذكر مثل ما تقدم عن محمد عثمان
بعينه. ومنهم المولوي علي بن سلطان محمد القاري في (شرح الشفاء) (ج 3 ص 186 ط
بيروت) قال: فذكر مثل ما تقدم عن محمد عثمان إلا أن فيه: وإن أعجز العجز الفجور
ألا،... فذكر البقية باختلاف يسير في اللفظ، وقال في آخره: استغفر ونزل. وقال
إبراهيم محمد الجمل في كتابه المذكور أيضا:
ص 521
وذكر ابن جرير في تاريخه أن الحسن بن علي رضي الله عنهما قال في تلك الخطبة: أما
بعد، يا أيها الناس، فإن الله قد هداكم بأولنا وحقن دماءكم بآخرنا، وإن لهذا الأمر
مدة، والدنيا دول، وإن الله تعالى قال لنبيه صلى الله عليه وسلم: (وإن أدري لعله
فتنة لكم ومتاع إلى حين) أ ه. وقال المولوي علي بن سلطان محمد في (شرح الشفاء)
المذكور آنفا - فذكر مثل ما تقدم. ثم قال: في شرح السنة قد خرج مصداق هذا الحديث في
الحسن بترك الأمر حين صارت الخلافة إليه وكان أحق بها وأهلها فسلمها إلى معاوية
وترك الملك والدنيا ورعا ورغبة فيما عند الله وإشفاقا على الأمة من الفتنة لا من
القلة والذلة إن كان معه يومئذ أربعون ألفا قد بايعوه على الموت فأصلح الله به بين
الفرقتين أهل الشام فرقة معاوية وأهل العراق فرقة الحسن. ومنهم الشريف أبو الحسن
علي الحسني الندوي في (المرتضى - سيرة سيدنا أبي الحسن علي بن أبي طالب) (ص 20 ط
دار القلم دمشق) قال: وخطب الحسن، بطلب من معاوية بعد نزوله عن الخلافة، فقال في
خطبته بعد حمد الله والثناء عليه، والصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم:
فذكرها مثل ما تقدم. ومنهم الفاضل المعاصر محمد رضا أمين مكتبة جامعة فؤاد الأول
سابقا في كتابه: (الحسن والحسين سبطا رسول الله صلى الله عليه وسلم) (ص 31 ط دار
الكتب العلمية بيروت) قال: فذكر الخطبة مثل ما تقدم عن (مواعظ الصحابة). ومنهم
الفاضل المعاصر خالد محمد خالد في (أبناء الرسول صلى الله عليه وآله في كربلا) (ص
56 ط 5 دار ثابت القاهرة) قال:
ص 522
فذكر الخطبة بتفاوت يسير.
ومن خطبة له عليه السلام ألقاها لأهل الكوفة في دعوتهم
إلى حرب الجمل 
رواها جماعة: فمنهم الفاضل المعاصر محمود شلبي في كتابه (حياة الإمام
علي عليه السلام) (ص 42 ط دار الجيل في بيروت) قال: وقام الحسن بن علي... فقال:
أيها الناس... أجيبوا دعوة أميركم... وسيروا إلى إخوانكم... فإنه سيوجد لهذا الأمر
من ينفر إليه... ووالله لأن يليه أولوا النهى... أمثل في العاجل والآجل... وخير في
العاقبة... فأجيبا دعوتنا... وأعينونا على ما ابتلينا به وابتليتم... وإن أمير
المؤمنين يقول: قد خرجت مخرجي هذا ظالما أو مظلوما... وإني أذكر الله رجلا رعى حق
الله إلا نفر... فإن كنت مظلوما أعانني... وإن كنت ظالما أخذ مني... والله إن طلحة
والزبير أول من بايعني... وأول من غدر... فهل استأثرت بمال أو بدلت حكما؟.. فانفروا
فمروا بالمعروف... وانهوا عن المنكر... فسامح إلى هذا الناس... وأجابوا... ورضوا...
ومن خطبة له عليه السلام ألقاها بعد أن طعنه رجل بخنجر مسموم

رواها جماعة: فمنهم
الفاضل المعاصر عبد الله الليثي الأنصاري في (مقدمة كتاب مسند أهل البيت عليهم
السلام لأحمد بن حنبل) (ص 10 ط مؤسسة الكتب الثقافية بيروت) قال: وأخرج الطبراني في
الكبير بإسناد رجاله ثقات، عن أبي جميلة أن الحسن بن علي حين قتل علي استخلف،
فبينما هو يصلي بالناس إذ وثب إليه رجل فطعنه بخنجر في وركه، فتمرض منها أشهرا، ثم
قام فخطب على المنبر، فقال: يا أهل
ص 523
العراق اتقوا الله فإنا أمراؤكم وضيفانكم ونحن أهل البيت الذين قال الله عز وجل:
(إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا). فما زال يومئذ يتكلم
حتى ما نرى في المسجد إلا باكيا. ومنهم الفاضل المعاصر موسى محمد علي في كتابه
(حليم آل البيت الإمام الحسن بن علي صلى الله عليه وآله) (ص 148 ط عالم الكتب
بيروت) قال: وأخرج الحافظ الذهبي في سير أعلام النبلاء بسنده عن يونس بن أبي إسحاق،
عن أبيه: أن أهل العراق لما بايعوا الحسن قالوا له: سر إلى هؤلاء الذين عصوا الله
ورسوله وارتكبوا العظائم، فسار إلى أهل الشام، وأقبل معاوية حتى نزل جسر منبج،
فبينما الحسن بالمدائن إذا نادى مناد في عسكره، ألا أن قيس بن سعد قد قتل، فشد
الناس على حجرة الحسن فنهبوا حتى بسطه وأخذوا رداءه، وطعنه رجل من بني أسد في ظهره
بخنجر مسموم في إليته، فتحول ونزل قصر كسرى الأبيض وقال: عليكم لعنة الله من أهل
قرية، قد علمت أنه لا خير فيكم، قتلتم أبي بالأمس، واليوم تفعلون بي هذا. ومنهم
الفاضل المعاصر محمد رضا أمين مكتبة جامعة فؤاد الأول سابقا في كتابه: (الحسن
والحسين سبطا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم) (ص 27 ط دار الكتب العلمية بيروت)
قال: وعدا عليه الجراح بن الأسد ليسير معه فوجاه بالخنجر في فخذه ليقتله. فقال
الحسن: قتلتم أبي بالأمس ووثبتم علي اليوم تريدون قتلي زهدا في العادلين ورغبة في
القاسطين، والله لتعلمن نبأه بعد حين.
ومن خطبة له عليه السلام 
رواها جماعة:
ص 524
فمنهم الفاضل المعاصر محد رضا أمين مكتبة جامعة فؤاد الأول سابقا في كتابه: (الحسن
والحسين سبطا رسول الله صلى الله عليه وسلم) قال: ومن خطب الحسن رضي الله عنه في
أيامه في بعض مقاماته أنه قال: نحن حزب الله المفلحون. وعترة رسول الله صلى الله
عليه وسلم الأقربون، وأهل بيته الطاهرون الطيبون وأحد الثقلين اللذين خلفهما رسول
الله صلى الله عليه وسلم. والثاني كتاب الله فيه تفصيل كل شيء لا يأتيه الباطل من
بين يديه ولا من خلفه والمعول عليه في كل شيء لا يخطئنا تأويله بل نتيقن حقائقه.
فأطيعونا فإطاعتنا مفروضة. إذ كانت بطاعة الله والرسول وأولي الأمر مقرونة. فإن
تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول. ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم
لعلمه الذين يستنبطونه منهم. وأحذركم الاصغاء لهتاف الشيطان إنه لكم عدو مبين.
فتكونون كأوليائه الذين قال لهم: (لا غالب لكم اليوم من الناس وإني جار لكم. فلما
تراءت الفئتان نكص على عقبيه وقال إني برئ منكم إني أرى ما ترون) فتلفون للرماح
إزرا وللسيوف جزرا وللعمد خطا وللسهام غرضا ثم لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من
قبل أو كسبت في إيمانها خيرا والله أعلم.
ومن خطبة له عليه السلام 
رواها جماعة:
فمنهم الفاضل المعاصر إبراهيم محمد الجمل في (مواعظ الصحابة في الدين والحياة) (ص
85 ط الدار المصرية اللبنانية) قال: عن أبي جميلة أن الحسن بن علي رضي الله عنهما -
حين قتل علي رضي الله عنه استخلف، فبينما هو يصلي بالناس إذ وثب إليه رجل فطعنه
بخنجر في وركه فتمرض منها أشهرا ثم قام فخطب على المنبر فقال: يا أهل العراق اتقوا
الله فينا فإنا أمراؤكم وضيفانكم، ونحن أهل البيت الذين قال فيهم الله عز وجل:
(إنما يريد الله ليذهب
ص 525
عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) فما زال يومئذ يتكلم حتى ما ترى في المسجد
إلا باكيا أ ه.
ومن خطبة له عليه السلام 
رواها جماعة: فمنهم الفاضل الماصر موسى
محمد علي في كتابه (حليم آل البيت الإمام الحسن بن علي رضي الله عنه) (ص 180 ط عالم
الكتب بيروت) قال: وروى ابن سعد أن معاوية لما دخل الكوفة وبايعه الحسن، قال له
عمرو بن العاص، والوليد بن عقبة أو أمثالهما من أصحابه: إن الحسن رضي الله عنه
مرتفع في أنفس الناس، لقرابته من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنه حديث السن
عيي، فمره فليخطب، فإنه يسفي في الخطبة فيسقط من أنفس الناس، فأبى عليهم فلم يزالوا
به حتى أمره، فقام الحسن على المنبر دون معاوية وقال: والله لو ابتغيتم ما بين
جابلق وجابرس رجلا جده نبي غيري وغير أخي لم تجدوه، وإنا قد أعطينا بيعتنا معاوية،
ورأينا إن حقن دماء المسلمين خير من إهراقها، والله ما أدري: (لعله فتنة لكم ومتاع
إلى حين) [الحج: 111]. فقال: أردت بها ما أراد الله بها، فقال هودة جابلق وجابرس
المشرق والمغرب. وفي رواية أنه قال: أما بعد: فإن عليا لم يسبقه أحد من هذه الأمة
من أولها بعد نبيها، ولن يلحق به أحد من الآخرين منهم ثم وصله بقوله الأول. وفي
رواية أن الحسن لما خطب جعل يخفض من صوته، فقال له معاوية: أسمعنا فإنا لا نسمع،
فرفع صوته. فقال له معاوية: هكذا نعم كأنه يأمره بالخفض، فأبى الحسن وجعل يرفع
صوته. وفي رواية: أن الحسن قال أثناء خطبته: إن لهذا الأمر مدة، وإن الدنيا دول وإن
الله تعالى قال: (وإن أدري أقريب أم بعيد ما توعدون، إنه يعلم الجهر من القول ويعلم
ما
ص 526
تكتمون، وإن أدري لعله فتنة لكم ومتاع إلى حين). فلما قالها أجلسه معاوية، فقام
فخطب فلم يزل ضرما على عمرو، وقال: هذا من فعل رأيك؟
كتابه عليه السلام إلى معاوية

ذكره جماعة: فمنهم الفاضل المعاصر أحمد زكي صفوت - وكيل كلية دار العلوم جامعة
القاهرة سابقا في (جمهرة رسائل العرب في القصور العربية الزاهرة) (ج 2 ص 10 ط
المكتبة العلمية بيروت) قال: ودس معاوية رجلا من حمير إلى الكوفة، ورجلا من بني
القين إلى البصرة، يكتبان إلى بالأخبار فدل على الحميري وعلى القيني فأخذا وقتلا،
وكتب الحسن عليه السلام إلى معاوية: أما بعد: فإنك دسست إلي الرجال، كأنك تحب
اللقاء، لا أشك في ذلك، فتوقعه إن شاء الله، وبلغني أنك شمت بما لم يشمت به ذوو
الحجى، وإنما مثلك في ذلك كما قال الأول: فإنا ومن قد مات منا لكالذي * يروح فيمسي
في المبيت ليغتدي
فقل للذي يبغي خلاف الذي مضى * تجهز لأخرى مثلها فكأن قد
(شرح ابن
أبي الحديد م 4: ص 11) وكتابه الآخر إليه: من عبد الله الحسن أمير المؤمنين إلى
معاوية بن أبي سفيان، أما بعد: فإن الله بعث محمدا صلى الله عليه وسلم رحمة
للعالمين، فأظهر به الحق، وقمع به الشرك، وأعز به العرب عامة، وشرف به قريشا خاصة،
فقال: (وإنه لذكر لك ولقومك) فلما توفاه الله تنازعت العرب في الأمر بعده، فقالت
قريش: نحن عشيرته وأولياؤه، فلا تنازعونا سلطانه، فعرفت العرب لقريش ذلك، وجاحدتنا
قريش ما عرفت لها العرب، فهيهات! ما أنصفتنا قريش، وقد كانوا ذوي فضيلة في الدين،
وسابقة في الإسلام، ولا
ص 527
غرو إلا منازعتك إيانا الأمر بغير حق في الدنيا معروف، ولا أثر في الإسلام محمود،
فالله الموعد، نسأل الله معروفه أن لا يؤتينا في هذه الدنيا شيئا ينقصنا عنده في
الآخرة، إن عليا لما توفاه الله ولاني المسلمون الأمر بعده، فاتق الله يا معاوية،
وانظر لأمة محمد صلى الله عليه وسلم ما تحقن به دماءها، وتصلح به أمرها، والسلام.
وبعث بالكتاب مع الحارث بن سويد التيمي (تيم الرباب) وجندب الأزدي، فقدما على
معاوية، فدعواه إلى بيعة الحسن عليه السلام، فلم يجبهما. وكتب جوابه: (شرح ابن أبي
الحديد م 4: ص 9) وقال أيضا في ص 14: وروى كتاب الحسن السابق إلى معاوية بصورة أخرى
وهي: كتب الحسن عليه السلام إلى معاوية مع جندب بن عبد الله الأزدي: من الحسن ابن
علي أمير المؤمنين إلى معاوية بن أبي سفيان، سلام عليك فإني أحمد إليك الله الذي لا
إله إلا هو، أما بعد: فإن الله جل جلاله بعث محمدا رحمة للعالمين ومنة للمؤمنين،
وكافة للناس أجمعين (لينذر من كان حيا ويحق القول على الكافرين) فبلغ رسالات الله،
وقام بأمر الله، حتى توفاه الله غير مقصر ولا وإن، بعد أن أظهر الله به الحق ومحق
به الشرك، وخص به قريشا خاصة، فقال له: (وإنه لذكر لك ولقومك) فلما توفي تنازعت
سلطانه العرب، فقالت قريش: نحن قبيلته وأسرته وأولياؤه، ولا يحل لكم أن تنازعونا
سلطان محمد وحقه، فرأت العرب أن القول ما قالت قريش، وأن الحجة في ذلك لهم على من
نازعهم أمر محمد، فأنعمت لهم وسلمت إليهم، ثم حاججنا نحن قريشا بمثل ما حاججت به
العرب، فلم تنصفنا قريش إنصاف العرب لها، إنهم أخذوا الأمر دون العرب بالإنصاف
والاحتجاج، فلما صرنا أهل بيت محمد وأولياءه إلى محاجتهم وطلب النصف منهم، باعدونا
واستولوا بالاجتماع على ظلمنا ومراغمتنا، والعنت منهم لنا، فالموعد الله، وهو الولي
النصير. ولقد كنا تعجبنا لتوثب المتوثبين علينا في حقنا وسلطان بيتنا، وإن كانوا
ذوي فضيلة وسابقة في الإسلام،
ص 528
وأمسكنا عن منازعتهم مخافة على الدين أن يجد المنافقون والأحزاب في ذلك مغمزا
يثلمونه به، أو يكون لهم بذلك سبب إلى ما أرادوا من إفساده، فاليوم فليتعجب المتعجب
من توثبك يا معاوية على أمر لست من أهله، ولا بفضل في الدين معروف، ولا أثر في
الإسلام محمود، وأنت ابن حزب من الأحزاب، وابن أعدى قريش لرسول الله صلى الله عليه
وسلم ولكتابه، والله حسيبك، فسترد وتعلم لمن عقبى الدار، وبالله لتلقين عن قليل
ربك، ثم ليجزينك بما قدمت يداك، وما الله بظلام للعبيد. إن عليا لما مضى لسبيله -
رحمة الله عليه يوم قبض، ويوم من الله عليه بالاسلام، ويوم يبعث حيا - ولاني
المسلمون الأمر بعده، فأسأل الله أن لا يؤتينا في الدنيا الزائلة شيئا ينقصنا به في
الآخرة مما عنده من كرامة، وإنما حملني على الكتاب إليك الاعذار فيما بيني وبين
الله عز وجل في أمرك ولك في ذلك إن فعلته الحظ الجسيم، والصلاح للمسلمين، فدع
التمادي في الباطل، وادخل فيما دخل فيه الناس من بيعتي، فإنك تعلم أني أحق بهذا
الأمر منك عند الله وعند كل أواب حفيظ ومن له قلب منيب، واتق الله ودع البغي واحقن
دماء المسلمين، فوالله ما لك خير في أن تلقى الله من دمائهم بأكثر مما أنت لاقيه
به، وادخل في السلم والطاعة، ولا تنازع الأمر أهله، ومن هو أحق به منك، ليطفئ الله
النائرة بذلك، ويجمع الكلمة، ويصلح ذات البين، وإن أنت أبيت إلا التمادي في غيك،
سرت إليك بالمسلمين، فحاكمتك حتى يحكم الله بيننا وهو خير الحاكمين. (شرح ابن أبي
الحديد م 4: ص 12). وقال أيضا في ص 18: كتابه إلى معاوية: أما بعد: فقد وصل إلي
كتابك تذكر فيه ما ذكرت، وتركت جوابك خشية البغي عليك، وبالله أعوذ من ذلك، فاتبع
الحق تعلم أني من أهله، وعلي إثم أن أقول فأكذب، والسلام. (شرح ابن أبي الحديد م 4:
ص 13). وقال أيضا في ص 20: ولما سلم الحسن بن علي رضي الله عنه الأمر إلى معاوية،
سار يريد المدينة، فكتب إليه معاوية يدعوه إلى قتال الخوارج، فكتب إليه: لو آثرت
ص 529
أن أقاتل أحدا من أهل القبلة لبدأت بقتالك، فإني تركتك لصلاح الأمة، وحقن دمائها.
(الكامل لابن الأثير 3: 163). وروى أبو العباس المبرد قال: دخل معاوية الكوفة مع
الحسن بن علي صلوات الله عليه بعد أن بايعه الحسن والحسين عليهما السلام، وقيس بن
سعد بن عبادة، ثم خرج الحسن يريد المدينة، فوجه إليه معاوية، وقد تجاوز في طريقه،
يسأله أن يكون المتولي لمحاربة الخوارج، فقال الحسن: والله لقد كففت عنك لحقن دماء
المسلمين، وما أحسن ذلك يسعني، أفأقاتل عنك قوما أنت والله أولى بالقتال منهم.
(الكامل للمبرد 2: 156).
كتابه إلى أهل البصرة 
رواه جماعة: فمنهم الفاضل المعاصر
أحمد زكي صفوت - وكيل كلية دار العلوم جامعة القاهرة سابقا في (جمهرة رسائل العرب
في عصور العربية الزاهرة) (ج 2 ص 27 ط المكتبة العلمية بيروت) قال: وكتب الحسن بن
علي عليهما السلام إلى أهل البصرة كتابا قال فيه: من لم يؤمن بالله وقضائه وقدره
فقد كفر، ومن حمل ذنبه على ربه فقد فجر، إن الله لا يطاع استكراها، ولا يعصى لغلبة،
لأنه المليك لما ملكهم، والقادر على ما أقدرهم عليه، فإن عملوا بالطاعة لم يحل
بينهم وبين ما فعلوا، وإن عملوا بالمعصية فلو شاء حال بينهم وبين ما فعلوا، فإذا لم
يفعلوا فليس هو الذي أجبرهم على ذلك، فلو أجبر الله الخلق على الطاعة لأسقط عنهم
الثواب، ولو أجبرهم على المعاصي لأسقط عنهم العقاب، ولو أهملهم لكان عجزا في
القدرة، ولكن له فيهم المشيئة التي غيبها عنهم، فإن عملوا بالطاعات كانت له المنة
عليهم، وإن عملوا بالمعصية كانت له الحجة
ص 530
عليهم (1). (المنية والأمل ص 10). وقال أيضا في ص 36: كتابه عليه السلام إلى زياد
بن أبيه: وكان سعيد بن أبي سرح مولى حبيب بن عبد شمس شيعة لعلي بن أبي طالب عليه
السلام، فلما قدم زياد الكوفة طلبه وأخافه، فأتى الحسن بن علي عليه السلام مستجيرا
به، فوثب زياد على أخيه، وولده وامرأته فحبسهم، وأخذ ماله ونقض داره، فكتب الحسن بن
علي عليه السلام إلى زياد: من الحسن بن علي إلى زياد: أما بعد، فإنك عمدت إلى رجل
من المسلمين، له ما لهم، وعليه ما عليهم، فهدمت داره، وأخذت ماله، وحبست أهله
وعياله، فإن أتاك كتابي هذا فابن له داره، واردد عليه عياله وماله، وشفعني فيه فقد
أجرته، والسلام. ورد على سيدنا الحسن عليه السلام كتاب من زياد فقرأه وتبسم وكتب
بذلك إلى معاوية، وجعل كتاب زياد عطفه، وبعث به إلى الشام، وكتب جواب كتابه كلمتين
لا ثالثة لهما: من الحسن بن فاطمة إلى زياد بن سمية، أما بعد: فإن رسول الله صلى
الله عليه وسلم قال: الولد للفراش، وللعاهر الحجر، والسلام.
ما كتب عليه السلام
لمعاوية في الصلح

رواه جماعة: فمنهم العلامة محمد بن حسن الآلائي الكردي المتوفى
1189 ه في (رفع الخفا شرح ذات الشفا) (ج 2 ص 283 ط عالم الكتب ومكتبة النهضة
العربية) قال: وصورة ما كتبه [الحسن] لمعاوية في الصلح: بسم الله الرحمن الرحيم هذا
ما صالح عليه الحسن بن علي معاوية ابن أبي سفيان، صالحه على أن يسلم إليه ولاية