ص 721
أن يطاف بها في أحياء الكوفة ثم ترسل إلى يزيد. وكانت فعلة يدارونها بالتوقح فيها
على سنة المأخوذ الذي لا يملك مداراة ما فعل. فبات خولي بن يزيد ليلته بالرأس في
بيته، وهو يمني نفسه بغنى الدهر كما قال. فأقسمت امرأة له حضرمية: لا يجمع رأسها
ورأسه بيت وفيه رأس ابن رسول الله. ثم غدا إلى قصر ابن زياد وكان عنده زيد ابن أرقم
من أصحاب رسول الله.. فرآه ينكث ثنايا الرأس حين وضع أمامه في إجانة، فصاح به
مغضبا: إرفع قضيبك عن هاتين الثنيتين.. فوالذي لا إله إلا غيره لقد رأيت شفتي رسول
الله على هاتين الشفتين يقبلهما.. وبكى.. فهزئ به ابن زياد وقال له: لولا أنك شيخ
قد خرفت وذهب عقلك، لضربت عنقك! فخرج زيد وهو ينادي في الناس غير حافل بشيء: أنتم
معشر العرب العبيد بعد اليوم.. قتلتم ابن فاطمة وآثرتم ابن مرجانة، فهو يقتل شراركم
ويستعبد خياركم. وادخلت السيدة زينب بنت علي رضي الله عنها، وعليها أرذل ثيابها
ومعها عيال الحسين واماؤها.. فجلست ناحية لا تتكلم ولا تنظر إلى ما أمامها. فسأل
ابن زياد: من هذه التي انحازت ناحية ومعها نساؤها؟ فلم تجبه.. فأعاد سؤاله ثلاثا
وهي لا تجيبه، ثم أجابت عنها إحدى الإماء: هذه زينب بنت فاطمة بنت رسول الله صلى
الله عليه وسلم فاجترأ ابن زياد قائلا: الحمد لله الذي فضحكم وقتلكم وأبطل
أحدوثتكم.. وقد كانت زينب رضي الله عنها حقا جديرة بنسبها الشريف في تلك الرحلة
الفاجعة التي تهد عزائم الرجال.. كانت كأشجع وأرفع ما تكون حفيدة محمد وبنت علي
وأخت الحسين. وكتب لها أن تحفظ بشجاعتها وتضحيتها بقية العقب الحسيني من الذكور..
ولولاها لانقرض من يوم كربلاء.. فلم تمهل ابن زياد أن ثارت به قائلة: الحمد لله
الذي أكرمنا بنبيه وطهرنا من الرجس تطهيرا.. إنما يفضح الفاسق ويكذب الفاجر، وهو
غيرنا والحمد لله. فقال ابن زياد: قد شفى الله نفسي من طاغيتك والعصاة. فغلبها
الحزن والغيظ من هذا التشفي الذي لا ناصر لها منه، وقالت: لقد قتلت كهلي، وأبديت
أهلي، وقطعت فرعي واجتثثت أصلي، فإن يشفك هذا فقد اشتفيت.. فتهاتف ابن زياد ساخرا
ص 722
وقال: هذه سجاعة.. لعمري لقد كان أبوها سجاعا شاعرا. فقالت زينب: إن لي عن السجاعة
لشغلا.. ما للمرأة والسجاعة؟ علي زين العابدين ثم نظر ابن زياد إلى غلام عليل هزيل
مع السيدة زينب فسأله: من أنت؟ قال: علي ابن الحسين. قال: أو لم يقتل الله علي بن
الحسين؟ قال: كان لي أخ يسمى عليا قتله الناس. فأعاد ابن زياد قوله: الله قتله.
فقال علي: الله يتوفى الأنفس حين موتها، وما كان لنفس أن تموت إلا بأذن الله..
فأخذت زيادا عزة الإثم وانتهره قائلا: وبك جرأة لجوابي! وصاح الخبيث الأثيم بجنده:
إذهبوا به فاضربوا عنقه.. فجاشت بعمة الغلام قوة لا يردها سلطان، ولا يرهبها سلاح..
لأنها قوة من هان لديه الموت وهانت عليه الحياة، فاعتنقت الغلام اعتناق من اعتزم
ألا يفارقه إلا وهو جثة هامدة، وأقسمت لئن قتلته لتقتلني معه. فارتد ابن زياد
مشدوها وهو يقول متعجبا: يا للرحم.. إني لأظنها ودت أني قتلتها معه. ثم قال: دعوه
لما به.. كأنه حسب أن العلة قاضية عليه. وعلى هذا هو زين العابدين جد كل منتسب إلى
الحسين عليهما السلام، وكان كما قال ابن سعد في الطبقات: ثقة كثير الحديث عاليا
رفيعا ورعا، وكما قال يحيى بن سعيد: أفضل هاشمي رأيته في المدينة.. ولولا استماتة
عمته كما ترى، لقد كادت تذهب بهذه البقية الباقية كلمة على شفتي ابن زياد! ومنهم
العلامة محمد زكي إبراهيم رائد العشيرة المحمدية في (مراقد أهل البيت بالقاهرة) (ص
27 ط 4 مطبوعات العشيرة المحمدية بمبنى جامع البنات بالقاهرة) قال: أولا رأى
المؤرخون وكتاب السيرة: يجمع المؤرخون وكتاب السيرة على أن جسد الحسين رضوان الله
عليه دفن مكان مقتله في كربلاء، أما الرأس الشريفة فقد طافوا به حتى استقرت بعسقلان
الميناء الفلسطيني. وقد أيد وجود الرأس الشريف بعسقلان ونقله منها إلى مصر جمهور
كبير من المؤرخين والرواد منهم ابن ميسر والقلقشندي وعلي بن أبي بكر
ص 723
الشهير بالسايح الهروي وابن أياس وسبط الجوزي. وممن ذهب إلى دفن الرأس الشريف بمشهد
القاهرة المؤرخ العظيم عثمان مدوخ إذ قال: إن الرأس الشريف له ثلاثة مشاهد تزار...
مشهد بدمشق دفن به الرأس أولا ثم مشهد بعسقلان بلد على البحر الأبيض ونقل إليه
الرأس من دمشق ثم نقل إلى المشهد القاهري لمصر بين خان الخليلي والجامع الأزهر.
ويقول المقريزي إن رأس الحسين رضوان الله عليه نقلت من عسقلان إلى القاهرة في 8
جمادى الآخرة عام 548 ه وبقيت عاما مدفونة في قصر الزمرد حتى أنشئت له خصيصا قبة هي
المشهد الحالي وكان ذلك عام 549 ه. ثانيا شهادة الدكتور الحسيني هاشم. ويقول فضيلة
الشيخ الحسيني هاشم وكيل الأزهر وأمين عام مجمع البحوث تعليقا على ما دسه النساخون
على كتاب الإمام السيوطي (حقيقة السنة والبدعة) ما ملخصه: وقد أكد استقرار الرأس
بمصر أكبر عدد من المؤرخين منهم ابن إياس في كتابه والقلقشندي في صبح الأعشى،
والمقريزي الذي عقد فصلا في خططه المسمى المواعظ والاعتبار ص 427، ص 428، ص 430
يؤكد رواية ابن ميسر أن الأفضل بن أمير الجيوش بدر الجمالي هو الذي حمل الرأس
الشريف على صدره من عسقلان وسعى به ماشيا حيث وصل مصر يوم الأحد ثامن جمادى الآخرة
سنة 548 هجرية وحلت الرأس في مثواها الحالي من القصر يوم الثلاثاء 10 من جمادى
الآخرة سنة 548 هجرية عند قبة باب الديلم، حيث الضريح المعروف الآن بمسجده المبارك،
وكذا (السخاوي) رحمه الله قد أثبت رواية نقل رأس الحسين إلى مصر. ثالثا: الرأي
الرسمي لمصلحة الآثار: تقول الأستاذة عطيات الشطوي المفتشة الأثرية الثقة والمشرفة
المقيمة على تجديد القبة الشريفة: تؤكد وثائق هيئة الآثار أن رأس الحسين رضوان الله
عليه نقل من عسقلان إلى القاهرة كما يقول المقريزي في يوم الأحد ثامن جمادى الآخرة
سنة ثمان وأربعين
ص 724
وخمسمائة الموافق 31 أغسطس سنة 1153 م وكان الذي وصل بالرأس من عسقلان الأمير سيف
المملكة تميم واليها، وحضر في القصر يوم الثلاثاء العاشر من جمادى الآخر المذكور
الموافق 2 سبتمبر 1153 م. ويضيف المقريزي: فقدم به الرأس الأستاذ مكنون في عشارى من
عشاريات الخدم وأنزل به إلى الكافوري (حديقة) ثم حمل في السرداب إلى قصر الزمرد ثم
دفن في قبة الديلم بباب دهليز الخدمة. وفي العصر الأيوبي أنشأ أبو القاسم بن يحيى
بن ناصر السكري المعروف بالزرزور منارة على باب المشهد سنة 634 ه (1236 م) وهي
منارة مليئة بالزخارف الجصية والنقوش البديعة، وهي تعلو الباب الأخضر وقد تهدم
معظمها ولم يبق منها إلا القاعدة المربعة وعليها لوحتان تأسيسيتان. وقد احترق هذا
المشهد في عهد الملك الصالح نجم الدين أيوب سنة 640 ه، وقد قام بترميمه بعد هذا
الحريق القاضي الفاضل عبد الرحيم البيساني ووسعه وألحق به ساقية وميضأة ووقف عليه
أراضي خارج الحسينية قرب الخندق. واستمرت عمليات التوسيع والاضافة حتى جاء الأمير
كتخدا فقد قام بإصلاحات كثيرة، ففي سنة 1175 ه أعاد بناء المسجد وعمل به صهريجا
وحنفية بفسحة وأضاف إليه إيوانين كما رتب للقائمين عليه مرتبات كثيرة ظل معمولا بها
حتى سنة 1206 ه. ولما قدم إلى مصر السلطان عبد العزيز سنة 1279 ه وزار المقام
الحسيني الشريف، أمر الخديوي إسماعيل بعمارته وتشييده على أتم شكل وأحسن نظام، وقد
استغرقت هذه العملية عشر سنوات إذ تمت سنة 1290 ه، أما المنارة فقد تمت سنة 1295 ه.
أما في عهد ثورة 23 يولية سنة 1952 م فقد عنيت عناية خاصة بتجديد مسجد الحسين
وزيادة مساحته وفرشه وإضاءته حتى يتسع لزائريه والمصلين به. وقد بدأت هذه التجديدات
سنة 1959 م، تمت سنة 1963 م، وبلغت جملة تكاليفها 83 ألف جنيه. رابعا: دليلان
آخران: الدليل الأول:
ص 725
لقد أراد الله أن يقطع حجة القائلين بعدم وجود الرأس بالقاهرة، وأن يسمهم على
الخرطوم، فقد عثر الباحثون بالمتحف البريطاني بلندن من سنوات [أشرنا إليها بالمسلم
في حينها] على نسخة خطية محفوظة من (تاريخ آمد) لابن الأورق المتوفى عام (572 ه)
وهي مكتوبة عام (560 ه) - أي قبل وفاة المؤرخ باثنتي عشرة سنة - ومسجلة بالمتحف
المذكور تحت رقم (5803) شرقيات، وقد أثبت صاحب هذا التاريخ بالطريق اليقيني أن رأس
الحسين قد نقل من عسقلان إلى مصر عام (549 ه)، أي في عهد المؤرخ، وتحت سمعه وبصره،
وبوجوده، ومشاركته ضمن جمهور مصر العظيم في استقبال الرأس الشريف. ولا نظن أن
مخلوقا يتمتع بذرة من الإنصاف يماري في وجود الرأس الشريف بمصر بعد ذلك، أو يماري
في أن ظهور هذه النسخة الخطية من هذا الكتاب في هذا الوقت إنما هو كرامة لأهل البيت
جميعا، وللحسين بخاصة، ولو علم (ابن تيمية) وهو خصم الحسين الأخصم بذلك لتاب إلى
الله من قوله أنها (رأس يهودية بمصر)، سامحه الله، ويصر السائرين على منهجه، بما هو
أهدى وأندى وأجدى. الدليل الثاني: معروف أن الدولة الفاطمية بمصر كانت محل تناظر
وتنافس بالغ ومخاصمة مع الدولة العباسية بالعراق، وكانت كل دولة منها تتسقط للأخرى
مواقع الزلل، ومواطن الأخطاء للتشهير بها، وأضعاف مركزها، وبخاصة في مثل هذه
الموضوعات التي يتأثر بها الجماهير، مهما كان الخلاف بينهم في أبناء علي، وأبناء
العباس فكان صمت العباسيين وغيرهم دولة وشعبا، على هذا الحدث الخطير أكبر دليل على
صحة وجود الرأس بعسقلان، ثم على صة نقلها من عسقلان إلى مصر. وقد غاب هذا الدليل عن
المتحدثين على كثرتهم في هذا الجانب رغم أنه قاطع حاسم. خامسا: شهود عدول مع وجود
الرأس الشريف بالقاهرة: نقل في أواخر (بحر الأنساب) ما ملخصه (بتصرف) أن العلامة
الشبراوي ألف
ص 726
كتابا أسماه (الاتحاف) أثبت فيه وجود الرأس بمقره المعروف بالقاهرة يقينا وذكر أن
ممن أثبتوا ذلك السادة الأعلام: (1) الإمام المحدث الحافظ زكي الدين المنذري. (2)
الإمام المحدث الحافظ ابن دحية. (3) الإمام المحدث الحافظ نجم الدين الغيطي. (4)
الإمام مجد الدين بن عثمان. (5) الإمام محمد بن بشير. (6) القاضي محي الدين بن عبد
الظاهر. (7) القاضي عبد الرحيم. (8) كما أكد هذا الشيخ عبد الله الرفاعي المخزومي
في مؤلفه. (9) والشيخ ابن النحوي في مؤلفه. (10) والشيخ القرشي في مؤلفه. (11)
الشيخ الشبلنجي في مؤلفه. (12) الشيخ حسن العدوي في مؤلفه. (13) الشيخ الشعراني في
أكثر من مؤلف. (14) الشيخ المناوي في مؤلفه. (15) الشيخ الصبان في مؤلفه. (16)
الشيخ الأجهوري في مؤلفه. (17) كما أكده الشيخ أبو المواهب التونسي. (18) الشيخ أبو
الحسين التمار. (19) الشيخ شمس الدين البكري. (20) الشيخ كريم الدين الخلوتي.
وجماهير الصوفية على اختلاف المراتب والأسماء والمشارب والأوطان. مما
ص 727
يرفع الحكم إلى درجة التواتر لعدم التسليم بتواطؤ كل هؤلاء على الكذب أو على الجهل
والغفلة والتعصب، بالإضافة إلى كبار المؤرخين الذين أسلفنا ذكرهم. وتم الاجماع على
أن الرأس الطاهر وصل إلى القاهرة من عسقلان في (يوم الأحد ثامن جمادى الآخرة سنة
خمسمائة وتسع وأربعين) فحمله الأمير (سيف المملكة كمين) والقاضي (ابن مسكين) إلى
السرداب الخليفي العظيم بقصر الزمرد، فحفظ مؤقتا بالسرداب من عاشر جمادى الآخرة في
خلافة (الفائز الفاطمي) على يد وزيره الصالح (طلائع بن رزيك) حتى بن القبر الحالي
والقبة عند باب (الديلم) الواقع وقتئذ في الجنوب الشرقي من القصر الكبير والمعروف
الآن بالباء الأخضر فحمل الرأس الشريف من السرداب العظيم إلى هذا القبر ودفن به في
الثلاثاء الأخير من ربيع الآخر على المشهور من العام التالي وهو موعد الذكرى
السنوية الكبرى. سادسا: قول فصل في الموضوع تحقيق علمي حاسم لأختنا في الله
الدكتورة الأثرية الحاجة سعاد ماهر عميدة كلية الآثار في كتاب (أولياء الله
الصالحون) للعلامة الأثرية المحققة الدكتورة سعاد ماهر تحدثت بإفاضة عن موضوع الرأس
الشريف، فجمعت بين العلم والمنطق والعقل والعاطفة. وبعد أن فندت الروايات التي تقول
بدفن الرأس بعيدا عن القاهرة أفردت بداية من صحيفة (374) من الكتاب المذكور هذا
التحقيق العظيم الذي تقول فيه ما نصه: ولكن ما السبب في اختيار مدينة عسقلان بالذات
لكي تكون مقرا للرأس؟ وهي مدينة لم تحدثنا كتب التاريخ بأنها كانت مركزا من مراكز
الشيعة (مثلا) اللهم إلا إذا أريد أن يكون الرأس في مكان قريب من (بيت المقدس) من
جهة وقريب من (الساحل) من جهة إخراجها من (المشرق)، حيث لاقى الشيعة الشيء الكثير
من اضطهاد الأمويين أولا، ثم العباسيين ثانيا، ليمكن نقلها في يسر إلى (شمال
أفريقيا وبلاد المغرب مثلا) حيث اتجه عدد عظيم من الشيعة!!!
ص 728
ومهما يكن من أمر فقد بات في حكم المؤكد أنه لم يكن في القرن الخامس الهجري وجود
للرأس في دمشق بل كان في مدينة عسقلان للأسباب الآتية: أولا - يؤيد وجود الرأس
بعسقلان في العصر الفاطمي نص تاريخي منقوش على منبر (المشهد) الذي أعاد بناءه بدر
الجمالي وأكمله ابنه الأفضل في عصر الخليفة المستنصر. ولما نقل الرأس إلى مصر، نقل
المنبر إلى المشهد الخليلي بالقدس، والمنبر ما زال موجودا حتى الآن هناك. أما النص
الكتابي فقد جاء فيه: الحمد لله وحده لا شريك له، محمد رسول الله، علي ولي الله،
صلى الله عليهما وعلى ذريتهما الطاهرة، سبحان من أقام لموالينا الأئمة مشهدا مجدا
رفع راية، وأظهر معجزا بين كل وقت وآية. وكان من معجزاته تعالى إظهاره رأس مولانا
الإمام الشهيد أبي عبد الله الحسين بن علي بن أبي طالب صلى الله عليه وعلى جده
وأبيه وأهل بيتهم بموضع بعسقلان كان الظالمون ستروه فيه. وإظهاره الآن شرفا
لأوليائه الميامين، وانشراح صدور شيعته المؤمنين. ورزق الله فتى مولانا وسيدنا معد
أبي تميم الإمام المستنصر بالله أمير المؤمنين صلى الله عليه وعلى آبائه وأبنائه
الطاهرين. ثانيا - جاء في المقريزي أن المؤرخ ابن المأمون ذكر في حوادث سنة 516 ه
أن الخليفة الفاطمي الأمر بأحكام الله أمر بإهداء قنديل من ذهب وآخر من فضة إلى
مشهد الحسين وأهدى إليه الوزير المأمون قنديلا ذهبيا له سلسلة فضية. ثالثا - لو كان
الرأس موجودا في مكان آخر غير عسقلان سواء في الشام أو خارجها لما عز على خلفاء
الدولة الفاطمية الوصول إليه، وهم كما نعلم من الشيعة الإسماعيلية وقوتهم الدينية
تعتمد على أكثر ما تعتمد على نسبهم لفاطمة الزهراء، أما قوتهم السياسية فقد فاقت
الدولة العباسية، إذ امتدت الدولة الفاطمية من مصر وبلاد الشام والحجاز واليمن شرقا
إلى شمال أفريقيا وبلاد المغرب غربا، بل أنه حدث في عهد الخليفة المستنصر أن نادى
البساسيري أحد كبار الشيعة، بسقوط الدولة
ص 729
العباسية في بغداد والبصرة وواسط وجميع الأعمال وذكر اسم الخليفة المستنصر الفاطمي
على منابرها في خطبة الجمعة، وفي هذا أكبر شاهد على تلك القوة. رابعا - ما ذكره
عثمان مدوخ في كتاب (العدل الشاهد) من العثور بالقرب من باب الفراديس على طاق مسدود
بحجر عليه كتابة تفيد أنه مشهد الحسين فلما رفع الحجر وجدت الفجوة خالية من الدفن،
مما يؤيد نقل الرأس منها. خامسا - جاء في المقريزي، وبنى طلائع مسجدا لها (يعني
الرأس) خارج باب زويلة من جهة الدرب الأحمر وهو المعروف بجامع الصالح طلائع الآن
فغسلها في المسجد المذكور على ألواح من خشب. يقال إنها لا زالت موجودة بهذا المسجد.
فمما لا شك فيها أنه قد أحضرت إلى القاهرة رأس، وليس من مستغرب أن تكون قد غسلت في
مسجد الصالح طلائع، ويؤيد هذه الرواية ما كشفت عنه الحفائر التي أجريت سنة (1945).
من وجود مبان بجوار الجهة الشرقية للواجهة البحرية لجامع الصالح طلائع عليها كتابات
أثرية منها (ادخلوها بسلام آمنين) ومثل هذه العبارة تكتب عادة على مداخل المدافن،
ولذلك فإنه من المرجح أن تكون هذه الكتابات من بقايا المشهد الذي بناه الصالح طلائع
مجاورا لمسجده لكي يدفن فيه رأس الحسين (كما ذكر ابن دقاق). سادسا - جاء في كتاب
(العدل الشاهد في تحقيق المشاهد) أن المرحوم عبد الرحمن كتخدا الفزدغلي، لما أراد
توسيع المسجد المجاور للمشهد الشريف، قيل له إن هذا المشهد لم يثبت فيه دفن. فأراد
تحقيق ذلك فكشف المشهد الشريف بمحضر من الناس، ونزل فيه الأستاذ الجوهري الشافعي
والأستاذ الشيخ الملوي المالكي وكانا من كبار العلماء العاملين وشاهدا ما بداخل
البرزخ ثم ظهرا وأخبرا بما شاهداه، وهو كرسي من الخشب الساج عليه طشت من ذهب فوقه
ستارة من الحرير الأخضر تحتها كيس من الحرير الأخضر الرقيق داخله الرأس الشريف،
فانبنى على إخبارهم تحقيق هذا المشهد وبنى المسجد والمشهد وأوقف عليه أوقافا يصرف
ص 730
على المسجد من ريعها. هذا ولا أجد في هذا المقام خيرا من العبارة التي جاءت في
المقريزي أختم بها موضوع الرأس الشريف: ولحفظه الآثار وأصحاب الحديث ونقله الأخبار،
ما إذا طولع وقف منه على السطور وعلم منه ما هو غير المشهور، وإنما هذه البركات
مشاهدة مرئية، وهي بصحة الدعوى ملية، والعمل بالنية أو كما قال الجوزي، ففي أي مكان
كان رأس الحسين أو جسده فهو ساكن في القلوب والضمائر قاطن في الأسرار والخواطر
(إنتهى). نقول: وبعد هذا التحقيق العلمي العملي الحاسم وما قدمناه قبله لم يبق وجه
للملاحاة والجدل حول هذا الموضوع، يجب العلم بأنه ليس من أمهات العقائد حتى تتاجر
به هيئات المنتفعين بالدعوة الوهابية فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر، والحسين هو
الحسين، أمس واليوم وغدا إلى يوم القيامة، ولينطح الصخر من أراد أن يدمر رأس نفسه.
سابعا: معالم ومعلومات الرأس والمشهد والقبة يقول المقريزي: نقلت رأس الحسين رضوان
الله عليه من عسقلان إلى القاهرة - في يوم الأحد ثامن جمادى الآخرة سنة ثمان
وأربعين وخمسمائة الموافق (31 أغسطس سنة 1153 م) وكان الذي وصل بالرأس من عسقلان
الأمير سيف المملكة تميم واليها، وحضر في القصر يوم الثلاثاء العاشر من جمادى الآخر
المذكور (الموافق 2 سبتمبر سنة 1153 م) ويضيف المقريزي: فقدم به الرأس الأستاذ
مكنون في عشارى من عشاريات الخدمة وأنزل به إلى الكافوري (حديقة) ثم حمل في السرداب
إلى قصر الزمرد ثم دفن في قبة الديلم بباب دهليز الخدمة. ويضيف ابن عبد الظاهر أن
طلائع بن رزيك بنى جامعه خارج زويلة ليدفنه الرأس به ويفوز بهذا الفخار فغلبه أهل
القصر على ذلك وقالوا لا يكون ذلك إلا عندنا فعمدوا إلى هذا
ص 731
المكان وبنوه له ونقلوا الرخام إليه وكان ذلك في خلافة الفائز على يد طلائع في سنة
تسع وأربعين وخمسمائة، ويفهم من هذين النصين أن الرأس بقي عاما مدفونا في قصر
الزمرد، حتى أنشئت له خصيصا قبة هي المشهد الحالي وذلك سنة 549 ه. قالوا: ولما جاءت
الدولة الأيوبية جعل صلاح الدين بالمشهد حلقة تدريس وفقهاء وفوضها للفقيه البهاء
الدمشقي، وما كان ليفعل ذلك لولا تأكده من وجود الرأس الشريف في هذا المكان. ولما
تولى الوزارة معين الدين حسين ابن شيخ الشيوخ ابن حمويه في عهد الملك الصالح نجم
الدين أيوب بني إيوانا للتدريس وبيوتا للفقهاء في مكان المسجد الحالي بجوار المشهد
ثم توالت التجديدات والصيانات والاصلاحات والتوسعات بهذا الحرم المصري ولا زالت
تتوالى حتى اليوم وغدا بإذن الله. وصف القبة المباركة وقد كتب ابن جبير وصفا شاملا
دقيقا للقبة والمدرسة جاء فيه: فمن ذلك المشهد العظيم الشأن الذي بمدينة القاهرة
حيث رأس الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهما. وهو في تابوت من فضة مدفون تحت
الأرض. قد بني عليه بنيان جميل يقصر الوصف عنه. ولا يحيط الادراك به مجلل بأنواع
الديباج، محفوف بأمثال العمد الكبار شمعا أبيض ومنه ما هو دون ذلك قد وضع أكثره في
أنوار فضة خالصة ومذهبة. وعلقت عليه قناديل فضة، وحف أعلاه كله بأمثال التفافيح
ذهبا في مصنع شبيه الروضة يقيد الأبصار حسنا وجمالا. فيه من أنواع الرخام المجزع
الغريب الصنعة البديع الترصيع مما لا يتخيله المتخيلون. والمدخل إلى هذه الروضة على
مسجد على مثلها في التأنق والغرابة، وحيطانه كلها رخام على الصفة المذكورة، وعن
يمين الروضة المذكورة وشمالها وهما على تلك الصفة بعينها، والأستار البديعة الصنعة
من الديباج معلقة على الجميع. القبة في عصرها الحديث
ص 732
وفي عصرنا هذا اهتمت الدولة بكل هيئات الاختصاص فيها بتجديد هذه القبة المباركة على
أحدث الفنون التكنولوجية.. فحقنت الحوائط واستبدلت بالقبة القديمة قبة عظيمة صبتها
من معدن خاص لا يقبل الصدأ، ولا التغير قامت بصنعه الشركات الألمانية بالمواصفات
التي طلبت منها كما قامت بإعادة النقوش والرخام الداخلي على ما كان عليه، حفظا
للصورة الأثرية المباركة، وقد شاركت جماعة (البهرة الهندية) بفرش الضريح بأرقى
أنواع المرمر الشفاف.. وقد حضر افتتاح الزيارة بالقبة الجديدة وزراء الدولة وكبار
علمائها، ورجال مجلسي الشعب والشورى. وقد تحدث السيد وزير الأوقاف فضيلة الدكتور
الأحمدي أبو النور أستاذ الدراسات العليا بالأزهر، كما تحدث كبار رجال الدولة بينما
كان الميدان والطرقات من حول المسجد مليئة بأفراد الشعب من كل الطبقات يهللون
ويكبرون (راجع تفاصيل وصف القبة في باب الملحقات). أضرحة القبة الشريفة وقد أبلغني
الأخ المرحوم الشيخ (عرفة الكبير شيخ المسجد الحسيني السابق) وهو والد الأخ الشيخ
محمد عرفة الشيخ الحالي للمسجد الحسيني، وكان رحمه الله رجلا مهذبا صالحا ثقة ترجى
بركاته أبلغني أنه عرف من سابقيه عند تجديد المسجد الحسيني بأمر السلطان الخليفة
عبد العزيز خان في زيارته لمصر وتخليد ذكرى هذه الزيارة بتسمية (شارع عبد العزيز)
الممتد بين ميدان العتبة الخضراء وميدان الجمهورية (عابدين) قال: (كان الضريح
الطاهر ينزل الزوار إليه بعدد من السلالم فأنشأ المهندسون سقفا عظيما على مستوى
أراضي المسجد فوق القبر فتكونت فوق القبر غرفة وضع فيها مقصورة صغرى، وبعض التحف
القيمة على سبيل التذكار، ونقلت المقصورة الخشبية الكبرى إلى أعلى، وأبلغني أنه رأى
هذه الغرفة ثم نقلت المقصورة الخشبية الكبرى إلى ضريح (السيدة رقية بنت علي الرضا)
في منطقة السيدة نفيسة، ولا تزال إلى الآن، واستبدل بها المقصورة النحاسية التي
ص 733
ظلت شارة جليلة على الضريح، حتى أهدى سلطان البهرة المقصورة الفضية الموجودة الآن
على القبر وهي مكفتة بالذهب ومزينة بالأحجار الكريمة، وقد قبلتها مصر بمطلق
الاعزاز، وبالغ التكريم لصاحب القبر العظيم، ولكن على الزائر ألا ينشغل أبدا بهذا
المظاهر، وأن يتخطاها إلى التزام الحكمة الشرعية في الزيارة بشروطها المقررة عند
فقهاء الإسلام وعند أهل الله الصالحين والحمد لله رب العالمين. (البناء الحالي
للمسجد) ولما قدم مصر السلطان عبد العزيز سنة 1279 ه وزار المقام الحسيني الشريف
أمر الخديو إسماعيل بعمارته وتشييده على أتم وأحسن نظام، وقد استغرقت هذه العملية
بإشراف راتب باشا عشر سنوات إذ تمت سنة 1290 ه. وقد أسهب علي مبارك في خططه في وصف
المسجد وهو البناء الحالي، وما بذله الخديو إسماعيل الذي فتح بجوار المشهد (سنة
1295 ه سنة 1878 م) شارع السكة الجديدة من آخر الموسكي شرقا حتى وصل إلى تلول
البرقية المعروفة بالدراسة الآن (والموسكي نسبة إلى موسك) أحد كبار الدولة الأيوبية
الذي أنشأ هذا الشارع، وقد انتقد علي مبارك سوء التصرف الهندسي الذي قام على أساسه
المسجد والواجهة والنوافذ والأبواب، أشد الانتقاد وتابعه كثيرون. قاعة المخلفات
النبوية وقد أنشئت للمخلفات النبوية قاعة خاصة جنوبي المرقد الحسيني الشريف، بنيت
على أحسن طراز وزينت أفخر زينة وللقاعة الشريفة بابان أحدهما إلى المسجد والآخر
يؤدي إلى القبة، وقد كتب على جدران الغرفة من الداخل على الرخام البسملة وسورة (ألم
نشرح) وبعد ذلك النص الآتي: ذكر ما هو محفوظ بهذه الخزانة المباركة من آثار المصطفى
صلى الله عليه وسلم وآثار خلفائه رضي الله عنهم أجمعين تشمل هذه الخزانة من الآثار
النبوية على قطعة من قميصه الشريف ومكحلة
ص 734
ومرود وقطعة من القضيب وشعرتين من اللحية الشريفة وبها أيضا مصحفان كريمان بالخط
الكوفي أحدهما بخط سيدنا عثمان بن عفان رضي الله عنه والآخر بخط سيدنا الإمام علي
كرم الله وجهه وهكذا كتب. وكانت هذه المخلفات بجامع أثر النبي بمصر القديمة قبل
نقلها إلى هذه القاعة، بعد التأكد من صحة نسبها إلى سيدنا رسول الله صلى الله عليه
وسلم ونقلها من مكان إلى مكان. وبمناسبة تجديد القبة أهدى رجال (البهرة) الهنديون
للباب الفاصل بين القبة الشريفة وحجرة المخلفات بابا جديدا مغلقا بالذهب الخالص
ومكفتا بالفضة والأحجار الكريمة تقديرا منهم للآثار النبوية والرأس الشريف. واجهة
المسجد وجهود العشيرة المحمدية منذ أكبر من أربعين عاما والعشيرة المحمدية كما هو
مسجل بمجلتها المسلم تدعو وتجاهد وتكافح عمليا في سبيل وصل ميداني الحسين والأزهر
ومسجديهما، وإزالة جميع المباني بينهما حتى يكون هناك ميدان مناسب للانشاء واجهة
عظيمة للمشهد الحسيني تتناسب ومنزلته في القلوب، ومع توالي الالحاح استجابت بعض
الجهات المسؤلة إلى ما استطاعت حتى قررت وزارة الأوقاف إقامة واجهة جديدة تتقدم
الواجهة القديمة بحيث تليق بمنزلة صاحب المقام، وجعلت طول هذه الواجهة (45) مترا
وعرضها (8) أمتار، وروعي في الواجهة الجديدة أن تكون أقصر من القديمة، حتى تظهر
شرفات الواجهة القديمة، وقد صممت هذه الواجهة بحيث جاءت آية في الدقة والابداع،
وتتكون الواجهة من حائط تزخرفه سبعة عقود مدببة، يرتكز كل منها على عمودين من
الرخام. ويحيط بهذه العقود شريط من الزخارف الجصية البديعة. ويستعمل ثلاث من هذه
العقود كأبواب، أما الأربعة الباقية فهي نوافذ. وستكون النوافذ مملؤة بالبرنز
المخرم، وكذا النصف العلوي من الأبواب. وستتدلى من الحوائط المحصورة بين العقود
مشكاوات بديعة التصميم، ويعلو كل
ص 735
منها دائرة من الزخارف الجصية في توازن وتماثل محكم. وستقام مئذنة في الطرف الجنوبي
الشرقي مماثلة للمئذنة الموجودة في الطرف الجنوبي الغربي ومن نفس الطراز. ثم حالت
الظروف المالية الطارئة دون سرعة التنفيذ حتى تبرع أحد كبار المحبين بمبلغ نصف
مليون جنيه لتحقيق هذا الحلم الجميل بحق، وبدأت إحدى الشركات الكبرى عملها فعلا، ثم
تصدى لها بعض المسئولين بأسباب غير مقنعة إطلاقا، فأوقف العمل وحطم الأمل، ولكن
الله غالب على أمره وسوف يتحقق الأمل بإذن الله يوما من الأيام.
هدم المتوكل
الخليفة العباسي قبر الحسين الشريف بكربلاء

رواه جماعة: منهم أبو الفرج عبد الرحمن
بن علي بن محمد ابن الجوزي المتوفى سنة 597 ه في (المنتظم في تاريخ الملوك والأمم)
(ج 11 ص 237 ط دار الكتب العلمية بيروت) قال: ومن الحوادث: أن المتوكل أمر بهدم قبر
الحسين بن علي عليهما السلام، وهدم ما حوله من المنازل والدور، وأن يبذر ويسقى موضع
قبره، وأن يمنع الناس من إتيانه، فنادى صاحب الشرطة في الناحية: من وجدناه عند قبره
بعد ثالثة بعثنا به إلى المطبق، فهرب، وامتنعوا من المصير إليه، وحرث ذلك [الموضع]
وزرع ما حوله. وقيل: كان ذلك سنة ثمان وثلاثين. كلمات الأعاظم والمؤرخين في شأن
سيدنا الإمام الشهيد عليه السلام فمنهم العلامة السيد صديق حسن خان القنوجي في
(إكليل الكرامة في تبيان مقاصد الإمامة) (ص 35 ط 1 عام 1411 ه) قال: وقد غلط القاضي
أبو بكر بن العربي المالكي في هذا فقال - في كتابه الذي سماه
ص 736
بالعواصم والقواصم - ما معناه: إن الحسين قتل بشرع جده، وهو غلط حملته عليه الغفلة
عن اشتراط الإمام العادل، ومن أعدل من الحسين في زمانه في إمامته وعدالته في قتال
الأهواء؟ ومنهم العلامة فضل الله بن روزبهان الخنجي الأصفهاني المتوفى 927 ه في
(وسيلة الخادم إلى المخدوم - در شرح صلوات چهارده معصوم عليهم السلام) (ص 149 ط
كتابخانه عمومى آية الله العظمى نجفي بقم) قال: اللهم وصل وسلم على الإمام الثالث
الشهيد. اى بار خدايا! درود وصلوات ده وسلام فرست بر امام سوم كه لقد او شهيد است
وشهيد كسى است كه در معركه كفار كشته شود. از اين [جا] شروع است در صلوات بر حضرت
امير المؤمنين حسين عليه السلام وآن حضرت امام سوم است وولادت آن حضرت در سال چهارم
از هجرت بوده واز بعد امير المؤمنين حسن عليه السلام، آن حضرت امام شد ولقب آن حضرت
شهيد است زيراكه شرف شهادت يافت. الهمام السعيد القوي السيد الرضي السديد. آن حضرت
سيد بزرگى است كه مردمان در حاجات ومقاصد، قصد او مى كنند واز او مرادات طلب من
نمايند، وآن حضرت سعيد است، يعنى صاحب سعادت دنيا وآخرت كه در دنيا مرتبه امامت
يافته ومنقبت شهادت وحميت در دين او را حاصل شد، ودر آخرت سيد جوانان اهل بهشت
خواهد بود، وآن حضرت قوى است در دين ومحكم وصلب است در راه حق وراستى. روايت كرده
اند كه چون حضرت امير المؤمنين حسن عليه السلام مى خواست كه با اهل شام صلح كند در
مجلس بيعت آن حضرت حاضر نشد، كس فرستاد وآن حضرت را طلب كرد، آن حضرت فرمود: من
هرگز با ظالمان صلح نمى كنم ودر
ص 737
بيعت ايشان در نمى آيم، بعد از آن فرمود كه: اگر برادر من استره بردارد وبينى مرا
از روى من قطع كند من سر پيش دار وقبول كنم. ومرا از آن خوشتر آيد كه مرا به بيعت
معاويه مكلف دارد. حضرت امام حسن عليه السلام كس فرستاد ومبالغه كرد تا حاضر شد
[آنگاه] فرمود كه نه پدرت وصيت فرمود كه از سخن وطاعت بيرون نروى؟ فرمود: بلى!
فرمود: من مى گويم صلح كن تا خون مسلمانان در ميان پايمال نگردد. پس به حكم برادر
وطاعت او راضى شد. وصل كرد واين از غايت شدت وقوت وصلابت آن حضرت بود در دين. وآن
حضرت رضى است وراست است وصاحب سداد در دين يعنى به قضا خدا راضى است در عين سداد.
الولي الحميد المجيد الوصي الحديد. آن حضرت ولى است يعنى موصوف به ولايت است كه از
صفت ائمه است، وستوده است در اخلاق حميده، وسخى وكريم است وبزرگ است در سخاوت وكرم،
چنانچه روايت كرده اند كه آن حضرت از كريمان مشهور بنى هاشم است وحكايات به سخاوت
آن حضرت بسيار است. وآن حضرت وصى است زيراكه هر يكى از ائمه، وصى آن امامند كه پيش
از ايشان بوده وحضرت امير المؤمنين على عليه السلام هر دو برادر را، امامت داده بود
به وصيت حضرت پيغمبر صلى الله عليه وسلم، وآن حضرت در غايت حدت وصلابت است در دين،
وحديد از اوصاف آن حضرت است. چنانچه در حديث وارد شده: خيار امتي أحدها، يعنى
بهترين كسان از امت من حديدان وتيزانند كه به حدت وتيزى قطع اعداى دين نمايند.
ريحانة رسول الله صاحب الوعد والوعيد. آن حضرت ريحانه حضرت پيغمبر صلى الله عليه
وآله وسلم بود. واين اشارات است بدان حديث كه حضرت پيغمبر صلى الله عليه وآله وسلم
فرموده كه حسن وحسين دو ريحان من اند از دنيا، وريحانه شخصى را به كسى گويند كه
موجب
ص 738
راحت وانس خاطر او باشد. وآن حضرت نسبت با رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كه
صاحب وعده ثواب ووعيد عقاب است اين مرتبه داشته وراحت وانس ومحبت آن حضرت در دنيا
به ايشان بوده. اسامة بن زيد روايت كند كه شبى حاجتى داشتم، نزد حضرت پيغمبر صلى
الله عليه وآله وسلم رفتم، آن حضرت بيرون آمد، ديدم كه آن حضرت چيزى برپشت مبارك
بسته، شمله برداشت، حسن وحسين عليهما السلام را بر پشت مبارك بسته بود. فرمود پسران
من اند وپسران دختر من اند. اى بار خدايا! من دوست مى دارم ايشان را هر دو. پس تو
دوست دار ايشان را ودوست داركسى راكه ايشان را دوست دارد. وانس بن مالك روايت كند
كه از حضرت پيغمبر صلى الله عليه وآله وسلم سؤال كردند كه كدام از اهل بيت دوست تر
مى دارى؟ فرمود حسن وحسين را. وبا حضرت فاطمه عليها السلام مى فرمود: هر دو پسر مرا
بخوان، پس ايشان را مى بوييد وبه سينه خود باز مى گرفت واين اشارت است بدانكه آن هر
دو سيد بزرگ وريحانه آن حضرت بودند. حبيب حبيب الله والمتصل به بفضله العتيد. آن
حضرت حبيب حبيب الله است ومتصل است بدو واسطه فضل وكرامت مهياكه آن حضرت را بوده.
واين اشارت است بدان حديث كه آن حضرت صلى الله عليه وآله وسلم فرموده: حسين مني
وأنا من حسين أحب الله من أحب حسينا. يعنى بعضى از من است ومن بعضى از حسينم. خداى
تعالى دوست دارد كسى را كه حسين را دوست دارد. اينها همه دلالت است بر آنكه حضرت
محبوب حبيب است. سيد شباب أهل الجنة في الجنة يوم المزيد. آن حضرت سيد جوانان اهل
بهشت است در روز مزيد كه روز جمعه است در بهشت، ودر آن روز حق تعالى بهشت را مزيد
عنايت افضال وكرم مشرف مى فرمايد. واين اشارتست به حديث كه مذكور شد.
ص 739
المشهر بسيف الحمية في الدين على كل جبار عنيد. آن حضرت بر كشيده است مر شمشير حميت
را در دين بر هر جبارى كه عناد با حق داشته باشد. واين اشارت است بدانكه حضرت به
خلافت يزيد عليه اللعنة والعذاب راضى نشد وشمشير حميت در دين بر كشيده در مقابله او
به ايستاد ودر دفع او سعى واجتهاد فرمود. وروايت كرده اند كه چون معاويه در شام
وفات يافت واز تمام مردم جهت يزيد لعين بيعت گرفته بود إلا بعضى از اولاد خلفا كه
بيعت نكرده بودند وايشان آن وقت در مدينه بودند، وحضرت امام حسين عليه السلام وعبد
الله بن زبير بيعت نكرده بودند ودر مدينه بودند، يزيد ملعون كتابت به امير مدينه
نوشت، في الحال كه معاوية وفات كرد، ودر آنجا مبالغت نوشت كه قبل از آنكه خبر فوت
معاويه فاش شود، حسين بن على وعبد الله بن زبير را حاضر گردان وايشان را استمالت ده
وبيعت ايشان بستان، اگر قبول كنند هر چه خواهند از ايشان قبول كن واگر به او امتناع
نمايند، ايشان را في الحال به قتل رسان، پيش از آنكه فتنه ظاهر شود. امير مدينه را
وليد عتبه نام بود. چون كتابت بدو رسيد، كس فرستاد وايشان را هر دو طلب نمود ووقت
نماز ظهر بود وايشان هر دو در مسجد پيش يكديگر نماز مى گذارند. شخصى آمد وگفت: امير
شما را مى طلبد! ايشان گفتند: چون از نماز فارغ شويم بياييم. پس حضرت امام حسين
عليه السلام با عبد الله زبير گفت: آيا به چه كار ما را مى طلبند؟ گفت: نمى دانم.
آن حضرت فرمود: همانا طاغيه در شام مرده وما را از جهت بيعت كردن با يزيد پليد من
طلبند. عبد الله بن زبير گفت: من نمى روم، آن حضرت گفت: من اطاعت من كنم ومى روم
فاما چنان مى روم، كه او را بر من دستى نباشد. آن حضرت نماز ظهر بگذارد وبه خانه
رفت وتمامى اهل بيت وپسران عم، اولاد جعفر وعقيل وغلامان را مسلح ساخته همراه
برداشت ومتوجه خانه وليد شد وبا ايشان گفت: شما چنان نشينيد كه آواز من شنويد، چون
سخن گويم. چون
ص 740
پيش وليد رفت، وليد خبر هلاك معاويه با آن حضرت بگفت واستمالت نامه يزيد بنمود وطلب
بيعت كرد. آن حضرت فرمود: بيعت من پوشيده نتواند بود، طريق آن است كه توبه مسجد آيى
وخطبه كنى ومردمان را از موت معاويه خبر دهى وطلب بيعت كنى تا در آن مسجد كه همه كس
حاضر باشند من بيعت كنم. اين سخن فرمود وبرخاست. مروان حاضر بود گفت: امير او را
بكش كه چون بيرون رفت، ديگر بيعت نخواهد كرد. آن حضرت التفات كرد وفرمود: اى پسر
زرقأ! نه تو مرا توانى كشت ونه او ونه يزيد. وليد گفت: اى مروان! تو مى گويى كه من
فرزند رسول الله را بكشم، جهت آنكه با فاسقى فاجر بيعت نمى كند. پس آن حضرت بيرون
آمد وعبد الله زبير برادر خود را فرستاد نزد وليد وگفت: تو مرا ترساندى از بس كه
متواتر رسولان مى فرستى ومرا طلب مى كنى، من فردا بيايم. وآن شب حضرت امام حسين
عليه السلام با تمامى اهل بيت وجماعت وموالى واقوام از مدينه بيرون آمدند وعبد الله
بن زبير نيز با توابع خود بيرون رفتند ومتوجه مكه شدند، چون آن حضرت از مدينه بيرون
آمد اين آيه را خواند: (فخرج منها خائفا يترقب قال رب نجني من القوم الظالمين). چون
آن حضرت با عبد الله بن زبير به مكه رسيدند، عبد الله بن عباس در مكه بود، نزد آن
حضرت آمد وگفت: مصلحت آن است كه در مكه ساكن باشى واهل حجاز با تو موافقت كنند واگر
يزيد لشكر فرستد اهل حجاز وقبا به من مدد كنند ودفع لشكر او بكنند. امام حسين عليه
السلام فرمود: من از حضرت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم شنيدم كه فرمود اين
حرم را غوچى است كه حرمت حرم به واسطه او برود ومن نمى خواهم كه آن غوچ من باشم،
وبه واسطه آنكه من اينجا ساكن شوم، يزيد لشكر فرستد وحرمت حرم باطل شود. عبد الله
بن عباس گفت پس از اعتماد بر مردم كوفه مكن، در اثناى اين احوال مردم كوفه از امراى
عرب وشيعه على عليه السلام، كتابتها بدان حضرت نوشتند وآن حضرت طلب نمودند وگفتند:
ص 741
شخصى را از اهل بيت خود به كوفه فرست تا بيعت از مردمان بگيرد. آن حضرت مسلم بن
عقيل را بفرستاد وخود عازم توجه آن جانب شد وشمشير حميت از غلاف غيرت بيرون كشيده
به خلافت واستيلاى يزيد پليد مريد عنيد رضا نداد وعزم توجه حرم فرمود. العازم بقوة
الغيرة على قمع كافر مريد. آن حضرت عزم كننده است به قوت غيرت بر كندن هر كافرى كه
تمرد كند از امامت وخلاف آن حضرت. وآن اشارتست به يزيد لعين كه بى استحقاق، متصدى
منصب خلافت شد وبه واسطه قصد قتل آن حضرت از دين بر گشت. نعوذ بالله من هذا. روايت
كرده اند كه آن حضرت بعد از آنكه مسلم بن عقيل را فرستاده بود، عزم توجه كوفه جزم
فرمود ومسلم چون كتابتهاى اهل كوفه با بيعت نموده كوفيان جهت آن حضرت بفرستاد
وكوفيان در كتابت مبالغه كرده بودن كه هر چند زودتر پيش از آنكه اهل شام بيايند،
توجه مى بايد كرد، آن حضرت به تعجيل بيرون فرمود وقبل از آنكه آن حضرت به كوفه رسد
يزيد پليد - عليه وعلى محبيه لعنة الله - عبيد الله زياد ملعون را به كوفه فرستاد
كه تدارك آن حال بكند. عبيد الله بن زياد چون نزديك كوفه رسيده از طرف حجاز در آمد
وبه شكل حضرت امام حسين بر آمده جامه هاى سفيد پوشيده ودراعه گذاشته بر شتر سوار،
مردمان كوفه تصور كردند كه حضرت حسين است به استقبال او بيرون آمدند، او پرده به
روى نجس خود گرفته بود وبه هر قبيله كه مى رسيد سلام مى كرد، وايشان مى گفتند وعليك
السلام يابن رسول الله، وهمراه او مى شدند، بدان گمان كه آن حضرت است، چون به در
قصر رسيدند، امير كوفه در قصر نگشود واز بالاى قصر گفت: اى پسر رسول خدا، امشب جاى
ديگر فرودآى تا فردا اين قصر را خالى كنيم. مردمان مبالغه مى كردند كه در بگشاى واو
در نمى گشود. عبيد الله بن زياد پرده از روى خود برداشت وگفت در بگشاى كه لعنت بر
تو
ص 742
باد. عبيد الله را مردمان شناختند واو در بگشود ومردم بترسيدند ومتفرق شدند. صباح
مردمان را جمع كرد ومبالغت نمود كه مسلم بن عقيل را بدو سپارند وحيله بسيار كردند
تا مسلم را به دست آورد او را شهيد گردانيد، واين خبرها در راه به حضرت امام حسين
عليه السلام رسيد وچون توجه فرموده بود باز نتوانست گشتن وغيرت دين نگذاشت كه از
مقاتله دشمن لعين رو گردان شود ودر راه با فرزدق شاعر ملاقات نمود واز احوال مردم
كوفه پرسيد، گفت اى پسر رسول خدا! دلهاى كوفيان با تو است وشمشيرهاى ايشان با بنى
اميه. آن حضرت به وظايف عبوديت إليه قائم شده، جان را در راه خداى تعالى نهاد.
القائم في مقامات العبودية بوظائف التقديس والتحميد. آن حضرت ايستاده است در
مقامهاى بندگى إلى به وظيفه هاى ذكر پاك حق تعالى وذكر بزرگى او جل وعلا، واين
اشارت است بدانكه آن حضرت با وجود آنكه مى دانست كه كوفيان با او وفا نخواهند كرد
وجان وعرض در عرصه تلف وخطاست، چون وظيفه عبوديت الهى آن بود كه به خلافت آن فاسق
پليد راضى نشوند ونگذارند كه ظالم فاسق بر بندگان خداى تعالى ظلم كند ووالى وحاكم
ايشان باشد، در مقامات عبوديت قائم شد. به وظايف تقديس وتمجيد الهى قيام نمود ودر
آن راه خطرناك از دشمن باك نداشت. المجتهد في أداء شكر المنعم بمواهب الثناء
والتحميد. وآن حضرت كوشش كننده بود در اداى شكر خداى تعالى نعمت دهنده موهبتهاى ثنا
وتحميد الهى، واين اشارت است بدانچه روايت كرده اند كه آن حضرت در آن راه، همه
اوقات به عبادت طاعات ووظايف ثنا وتحميد مشغول بود، وظيفه شكر نعمت به جا آورد.
الواصل بقطع منازل القرب إلى أزورة سنام التوحيد. آن حضرت واصل بود به واسطه بريدن
منزلهاى قرب الهى به غايت بلندى
ص 743
توحيد. واين اشارت است بدانكه آن حضرت چون در راه حق تعالى جان عزيز را جهت رضاى او
فدا فرمود، قطع منازل قرب فرموده به غايت توحيد رسيده است. زيراكه غايت توحيد الهى
آن است كه موحد، خود را فداى حق تعالى سازد واز جميع منازل ومقامات بگذرد وروايت
كرده اند كه آن حضرت در آن راه كه توجه كوفه فرمود بود، هر شب حكايات يحيى بن زكريا
پيغمبر مى نمود تا آن شب كه صباح آن شهيد خواهد شد، فرمود: سبحان الله! من هوان
الدنيا على الله أن رأس يحيى بن زكريا بعث إلى بغي من بغايا بني إسرائيل، يعنى
بدرستى كه از خوارى دنيا بر خداى تعالى آن است كه سر يحيى بن زكريا پيش قحبه [اى]
از قحبگان بنى اسرائيل فرستادند يعنى دنيا پيش خداى تعالى خوار است كه سر عزيز
همچنون يحيى كه اعز خلايق بود نزد خدا تعالى پيش فاحشه فرستادند. ودر اين سخن تسلى
اهل بيت مى فرمود كه اگر سر مبارك او را پيش يزيد فرستند ايشان از آن تسلى باشند كه
دنيا پيش خداى تعالى خواراست كه سر يحيى پيغمبر نزد فاحشه مى فرستند وسر بهترين
خلايق حسين بن علي پيش يزيد لعين پليد. واين دلالت بر آن مى كند كه آن حضرت قطع
منازل قرب فرموده دنيا را در نظر همت آن حضرت هيچ اعتبار نبود زيراكه واصل بود با
على مراتب توحيد. أبي عبد الله الحسين بن علي الشهيد السعيد السبط الزكي. كنيت آن
حضرت ابو عبد الله بود وآن حضرت را فرزندان بوده على اكبر وعلى اصغر، امام زين
العابدين است. ونسل آن حضرت همه از امام زين العابدين است ودختر آن حضرت فاطمه است
وسكينه. وشهيد از القاب آن حضرت است چنان [كه] مذكور شد. وديگر از القاب آن حضرت
سيد است زيراكه حضرت پيغمبر صلى الله عليه وآله وسلم او را سيد خوانده چنانچه سابقا
مذكور شد. واز القاب آن حضرت سبط است زيراكه پيغمبر صلى الله عليه وآله وسلم فرمود:
حسين سبطي است از اسباط، ومى تواند بود كه مراد آن باشد كه آن حضرت سبط پيغمبر است
ص 744
صلى الله عليه وآله وسلم زيراكه دختر زاده را سبط مى گويند ومى تواند بود كه: مراد
آن باشد كه آن حضرت سبطى است همچو اسباط بنى اسرائيل كه از اولاد ائمه بوده اند
همچنانچه از اسباط بنى پيغمبران مى بوده اند. ديگر از القاب آن حضرت زكى است يعنى
پاكيزه. زيراكه آن حضرت به حسب ونسب پاكيزه بوده واز جميع عيبها وعارها ومعايب
ومثالب مطهر است وطهارت فطرت آن حضرت به كمال است. المقتول بين الكرب والبلا،
والمدفون بالطف من الكربلا. آن حضرت كشته شده است ميانه شدت وبلا، ودفن كرده شده
است در طف از كربلا، واين اشارت است به قتل آن حضرت ودفن در كربلا. روايت كرده اند
كه چون حضرت حسين عليه السلام با اهل بيت وجماعت خود حوالى كوفه رسيد عبيد الله بن
زياد، [عمر بن] سعد را با بيست هزار سوار به جنگ آن حضرت فرستاد. او با لشكرها از
كوفه بيرون آمد ودر مقدمه لشكر خود حر بن قيس رياحى را با هزار سوار روانه گردانيد،
چون حر با آن لشكر بدان حضرت رسيد، آن حضرت فرمود: تو چه كسى وبه چه كار آمده اى؟
گفت: من حر بن قيسم ومرا فرستاده اند كه از تو جدا نشوم تا لشكر به تو رسد. آن حضرت
فرمود اهل كوفه با من بيعت كردند ومرا طلب نمودند ومن به سخن ايشان آمدم. اكنون
اگرمى خواهند من بازگردم. حر گفت اى فرزند رسول الله! كوفيان با عبيد الله موافق
شده اند با يزيد بيعت كرده ودر قصد تواند. تو از اين راه كه آمداه اى طريق ديگر پيش
گير وبازگرد ومن بگويم كه من بديشان نرسيدم. آن حضرت قبول فرمود وبازگشت وآن شب همه
شب سير فرمود چون با مداد كرد در موضع كربلا نزول فرموده بود. فرمود اين موضع را چه
نام است؟ گفتند كربلا. فرمود: هذا موضع كرب وبلا، يعنى اين جاى شدت وغم ولا است.
چون آن حضرت فرود آمد حر را ديد كه با لشكر در مقابل او فرو آمدند. با حر
ص 745
گفت نه بازگشتى. حر گفت لشكر طاعت من نكردند. روز ديگر لشكرها برسيدند وعمر بن سعد
با بيست هزار كس در مقابل آن حضرت فرود آمد وآب فرات بر آن حضرت ببستند، لعنة الله
على قاتل الحسين وكل من شمت بقتله. وآن حضرت را شهيد كردند واين فقير را طاعت نوشتن
تفاصيل آن حكايت بنود، زيراكه تمام جوارح فقير من لرزيد وچندان شدت مصيبت در فقير
اثر مى كند كه هوش وتوانايى وعقل ودانايى مرا محو مى گرداند ودر تكرار وبيان آن
فايده چندان نيست، به جز شاد كامى خوارج ودشمنان وبيان فتح ونصرت آن ملعونان. بلى،
خاصيت ذكر آن مصايب [كه] بر آن حضرت واهل بيت آن حضرت وحضرت پيغمبر صلى الله عليه
وآله وسلم وراد شده آن است كه هر مؤمن كه او را مصيبتى پيش آيد يا خوارى وشدتى او
را روى نمايد، ياد آن حكايات ومصايب كند، بروى آسان گردد زيراكه گاهى كه بر آن
بزرگان وپيشوايان دين چنان مصايب واقع شود، بر همه مؤمنان امر مصايب آسان گردد وكسى
را در مصيبت وخوارى وشدت عيب وعارى نباشد. وولادت آن حضرت در مدينه بوده، روز سه
شنبه وبه روايتى روز پنجشنبه سوم ماه شعبان وبعضى گويند پنجم ماه شعبان سنه اربع
هجرت، وبعضى گويند آخر ماه ربيع الاول سنه ثلاث از هجرت، وسن مبارك آن حضرت، پنجاه
وهفت سال وپنجاه بود وروز عاشوراكه روز شنبه بود. وبعضى گويند روز دوشنبه وبعضى
گويند روز جمعه سنه احدى وستين از هجرت شهيد شد. وفرزندان امير المؤمنين على وبعضى
از فرزندان عقيل وجعفر وبعضى از فرزندان آن حضرت شهيد شدند وحضرت امام زين العابدين
طفل بود وخسته در خيمه خوابيده بود. قصد او كردند وخواهرش خود را بر او انداخته،
مانع شدند. وام سلمه رضى الله عنها كه از امهات مؤمنين بود، فرمود كه آن روز كه
امير المؤمنين حسين را شهيد كردند در مدينه حضرت پيغمبر صلى الله عليه وآله وسلم
ص 746
را در واقعه ديدم وسر مبارك ومحاسن مباركش خاك آلود بود. گفتم يا رسول الله! چه مى
شود تو را؟ فرمود: حالى در مقتل حسين عليه السلام حاضر بودم. روايت كرده اند كه
روزى كه آن حضرت را شهيد كردند آفتاب گرفته شد وهيچ رنگ نداشت وشعاع او تيره بود.
زهرى گويد: نشانه قتل امير المؤمنين حسين عليه السلام آن بود كه روز قتل آن حضرت هر
سنگى كه از بيت المقدس برداشتند در شيب آن خون ايستاده بود. في الجمله واقعه در
إسلام از اين عظيم تر واقع نشده. لعنت خداى تعالى به عدد علم خداى بر هر كس باد كه
به قصد آن حضرت در آن جنگ حاضر شده ودر آن شريك بوده وبدان راضى بوده وبدان راضى
باشد، وبر آنها كه بر پدر بزرگوار وجد عالى مقدار وبرادر ومادر آن حضرت عليهم
الصلوات والسلام ظلم وجور كرده ورنجانيده اند تا روز قيامت وبدان امر كرده باشد.
روايت كرده اند كه هر كس از آن بيست هزار كس كه در آن جنگ حاضر شده بود به بدترين
وجهى در دنيا هلاك شدند ومختار بن ابى عبيده ثقفى كه يكى از محبان اهل بيت بود، بعد
از آن، زمانى در كوفه خروج كرد وابراهيم بن مالك اشتر را به جنگ عبيد الله زياد
فرستاد وابراهيم عبيد الله را بكشت وبه دوزخ فرستاد. ودر صحاح اخبار آورده اند كه
سر عبيد الله بن زياد را به كوفه آوردند با سرهاى كشتگان لشكر او ودر آستانه مسجد
كوفه بريختند. مارى پيدا شد به غايت مهيب ودر ميان آن سرها رفت وتفتيش من كرد تا سر
بلند عبيد الله را بيافت واز سوارخ بينى او در رفت واز گوش او بيرون آمد وغايب شد.
ديگر بعد از اندك زمانى بازگشت. مردم گفتند آمد آمد. همچنان در آمد وبه گوش او در
رفت واز بينى او بيرون آمد وچند نوبت چنين كرد. ومختار بن [ابى] عبيده در تفحص
وتفتيش مردمانى رفت كه در قتل حسين حاضر شده بودند وهر يك از ايشان را به بدترين
وجهى [بكشت] وهر كه از او بگريخت به بدترين وجهى در ورطه هلاك شد وبعضى از محدثان
روايت كرده اند
ص 747
كه بوبتى در كوفه مجمعى بود وجمعى كه حاضر بودند حكايت جماعتى من كردند كه در قتل
امام حسين عليه السلام حاضر بوده اند. يكى از ايشان گفت: هر كسى كه در قتل امام
حسين حاضر شده از طرف دشمنان از دنيا نرفت تا به بدتر عذابى هلاك شد. شخصى گفت من
در آنجا حاضر شده ام ومرا هيچ بلايى پيش نيامد. اتفاقا او در جايى نشسته بود كه بر
بالاى سر او چراغ بود، في الحال شعله از چراغ بر آن ملعون افتاد ودر جامه او گرفت،
هر چند آب آوردند وبر او ريختند آن شعله در افزونى بود واشتعال مى نمود، گويا آن
روغن بود. آن مرد برخاست وخود را در فرات انداخت، آن شعله زيادت شد تا او را
بسوزانيد وبه آتش جاويد رسانيد. روايت كرده اند كه سليمان بن صرد كه يكى از اكابر
امراى كوفه بود از آن جمله بود، كه كتابت به حضرت امام حسين عليه السلام نوشته بود
وبيعت كرده وآن حضرت را به كوفه دعوت كرده بود وچون آن حضرت به كوفه متوجه شده نصرت
نكرده بعد از آنكه آن حضرت شهيد شد وآن مصايب بر اهل بيت آن حضرت بگذشت از آن حال
پشيمان گشت وشبها در خانه خود مى گريست وجماعتى ديگر از كوفيان هم پشيمان شدند
وشبها مى آمدند وذكر مقتل آن حضرت وآنچه بر بدن مبارك وبر اهل بيت آن حضرت گذشته
بود مى نمودند وگريه هاى بسيار مى كردند تا از اين جمله بيست هزار مردم جمع شدند
وگفتند ما توبه مى كنيم از اين گناه. سليمان بن صرد گفت: توبه ما آن است كه بر
خيزيم واتفاق كنيم وبه جنگ اهل شام رويم وخون امام حسين از ايشان بخواهيم. بدين وجه
اتفاق كردند وبيعت نمودند وايشان را توابين لقب شد ويراق كردند واز كوفه بيرون
آمدند. اول ايشان متوجه زيارت حضرت امام حسين عليه السلام شدند وچون به صحران كربلا
رسيدند چند فرسخ سرها تمام برهنه كردند، نوحه وفرياد وزارى برداشتند وجماه ها پاره
كردند وجمله نوحه ها سرودند واحسيناه، واحسيناه در گرفتند وچون بر سر قبر مبارك آن
حضرت حاضر شدند گريه ها كردند ونوحه ها
ص 748
سرودند وخاك بر سر كردند وگفتند جمله: اى پسر رسول خداى! اى بهترين خلايق! اى وصى
على مرتضى! اى شهيد غريب! اى حزين كئيب! اى لب تشنه آب فرات! اى آغشته در خاك وخون!
وقت حيات، ما در نصرت تو تقصير كرديم ودر بيعت تو غدر نموديم وتو را به دشمنان كافر
بى رحم باز گذاشتيم وعلم در نصرت تو بر نيفراشتيم. اكنون از آن گناه بزرگ پشيمان
شده واميد داريم كه ما را پيش جد خود شفاعت فرمايى واز گناه وخطاى ما در گذرى. بدين
موجب سه شبانه روز متصل گريه وفرياد كردند تا جويها از سيل اشك ايشان روان شد. بعد
از آن ساز جنگ كردند ومتوجه شام شدند وملاعين اهل شام به جنگ ايشان بيرون آمدند
وايشان بسيارى را از آن كافران به دوزخ فرستادند واندكى از ايشان بازگشتند. وحكايات
وكرامات وغرايب كه بعد از آن ظاهر شده بسيار است. زيد بن ارقم كه يكى از اميران
صحابه بود وآن وقت در كوفه ساكن. روايت كرد كه روزى كه سر مبارك امام حسين عليه
السلام به كوفه در آوردند روز جمعه بود وسر مبارك آن حضرت بر سر نيزه كرده بودند
ودر كوچه هاى كوفه مى گردانيدند ومن در غرفه ساكن بودم. چون سر به مقابل غرفه رسيد،
شنيدم كه سوره الكهف مى خواند وبدين آيه رسيده بود: (أم حسبت أن أصحاب الكهف
والرقيم كانوا من آياتنا عجبا)، واين از آيات الهى عجيب نيست؟ وقبر مبارك آن حضرت
در طف واقع است از كربلا وآن صحرا را كربلا من گويند وآن محلى كه قبر مبارك آن حضرت
واقع است اسم آن طف است از صحراى كربلا. روايت كرده اند كه چون حضرت امير المؤمنين
عليه السلام از جنگ صفين باز مى گشت از طرف شام بر صحراى كربلا بگذشت، آنجا باز
ايستاد وبگريست وفرمود: اين محل جنبيدن شتران ايشان است، اين محل كشتن مردان ايشان
است. بعد از آن پرسيدند كه يا امير المؤمنين اين اشارت به كيست؟ فرمود جماعتى از آل
محمد در اينجا كشته شوند كه اهل زمين وآسمان برايشان بگريند وغرايب آيات و
ص 749
عجايب بينات مرقد آن حضرت بسيار است از آن جمله آنكه كوران مادر زاد وشلان مادر زاد
در آنجا روشن مى شوند وصحت مى يابند. اين از متواترات است ونور وبها ومجد وثناى آن
مرقد مطهر از آن ظاهرتر است كه بر چشم ارباب بصيرت پوشيده باشد. اللهم صل وسلم على
إمام الخافقين أبي عبد الله الحسين. ومنهم الفاضل المعاصر الشيخ محمد أبو زهرة في
(تاريخ المذاهب الإسلامية) (ص 35 ط دار الفكر العربي) قال: وقد كان العصر الأموي
محرضا على المغالاة في تقدير علي رضي الله عنه، لأن معاوية سن سنة سيئة في عهده وفي
عهد ابنه ومن خلفه من الأمويين حتى عهد عمر بن عبد العزيز، وتلك السنة هي لعن إمام
الهدى علي بن أبي طالب رضي الله عنه عقب تمام الخطبة، ولقد استنكر ذلك بقية الصحابة
ونهوا معاوية وولاته عن ذلك، حتى لقد كتبت أم سلمة زوج رسول الله صلى الله عليه
وسلم إليه كتابا تنهاه وتقول فيه إنكم تلعنون الله ورسوله على منابركم، ذلك أنكم
تلعنون علي بن أبي طالب ومن أحبه، وأشهد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أحبه.
وفوق ذلك فإنه في عهد يزيد قتل الحسين بن علي الذي هو وأخوه سيدا شباب أهل الجنة؟
كما ورد في الأثر قتلة فاجرة وذهب دمه عبيطا، من غير أن ترعى حرمة دين. وأخذت بنات
الحسين وبنات علي سبايا إلى يزيد بن معاوية، وهم بنات ابنة النبي صلى الله عليه
وسلم، والعترة النبوية الطاهرة.. ومنهم الفاضل المعاصر خالد محمد خالد في (أبناء
الرسول صلى الله عليه وآله في كربلاء) (ص 14 ط 5 دار ثابت القاهرة) قال: وكانت
حلقات درسه غاية في الجلال والمهابة.. وصفها معاوية نفسه فقال: إذا دخلت مسجد رسول
الله، فرأيت حلقة فيها قوم كأن على رؤوسهم الطير، فتلك حلقة
ص 750
أبي عبد الله الحسين..!! ومنهم العلامة الشيخ تقي الدين أبو العباس أحمد بن عبد
الحليم بن عبد السلام المشهور بابن تيمية المتوفى 728 ه في كتابه: (أحكام الصيام)
(ص 163 ط دار الكتب العلمية في بيروت سنة 1406) قال: فلما قتل الحسين بن علي رضي
الله عنهما يوم عاشوراء قتلته الطائفة الظالمة الباغية، وأكرم الله الحسين
بالشهادة، كما أكرم بها من أكرم من أهل بيته. أكرم بها حمزة وجعفر، وأباه عليا،
وغيرهم، وكانت شهادته مما رفع الله بها منزلته، وأعلى درجته، فإنه هو وأخوه الحسين
سيدا شباب أهل الجنة، والمنال العالية لا تنال إلا بالبلاء. كما قال النبي صلى الله
عليه وسلم لما سئل: أي الناس أشد بلا فقال: الأنبياء ثم الصالحون ثم الأمثل
فالأمثل. يبتلى الرجل على حسب دينه، فإن كان في دينه صلابة زيد في بلائه وإن كان في
دينه رقة خفف عنه، ولا يزال البلا بالمؤمن حتى يمشي على الأرض وليس عليه خطيئة.
رواه الترمذي وغيره. فكان الحسن والحسين قد سبق لهما من الله تعالى ما سبق، من
المنزلة العالية، ولم يكن قد حصل لهما من البلا ما حصل لسلفهما الطيب، فإنهما ولدا
في عز الإسلام، وتربيا في عز وكرامة، والمسلمون يعظمونهما ويكرمونهما، ومات النبي
صلى الله عليه وسلم ولم يستكملا سن التمييز، فكانت نعمة الله عليهما أن ابتلاهما
بما يلحقهما بأهل بيتهما، كما ابتلى من كان أفضل منهما، فإن علي بن أبي طالب أفضل
منهما، وقد قتل شهيدا وكان مقتل الحسين مما ثارت به الفتن بين الناس. وقال أيضا في
ص 168: وفي المسند عن فاطمة بنت الحسين، عن أبيها الحسين عن النبي صلى الله عليه
وسلم أنه قال: ما من رجل يصاب بمصيبة، فيذكر مصيبته وإن قدمت، فيحدث لها استرجاعا،
إلا أعطاه الله من الأجر مثل أجره يوم أصيب بها. وهذا من كرامة الله للمؤمنين، فإن
مصيبة الحسين وغيره إلا ذكرت بعد طول العهد،
ص 751
فينبغي للمؤمن أن يسترجع فيها كما أمر الله ورسوله ليعطي من الأجر مثل أجر المصاب
يوم أصيب بها. ومنهم العلامة؟ في كتابه: (القول القيم مما لابن تيمية وابن القيم)
(ص 24 ط بيروت) قال: فذكر الحديث مثل ما تقدم عن (أحكام الصيام) سندا ومتنا - ثم
قال: فهذا الحديث رواه الحسين. وعنه روته ابنته فاطمة التي شهدت مصرعه وقد علم الله
أن مصيبته تذكر على طول الزمان. وقال في (الاقتضاء) ص 144 وهو يتحدث عن يوم عاشورا:
ولما كرم الله فيه سبط نبيه أحد سيدي شباب أهل الجنة، وطائفة من أهل بيته بأيدي
الفجرة الذين أهانهم الله وكانت هذه المصيبة عند المسلمين يجب أن تتلقى به المصائب.
قصيدة الفرزدق الشاعر في شأنه عليه السلام

رواها جماعة: فمنهم العلامة الكمال محمد
بن طلحة الشافعي في (مطالب السؤل) (ص 74 ط طهران) فما وصل إلى (الشقوق) لاقى
الفرزدق الشاعر فسلم عليه ودنى منه فقبل يده فقال له الحسين عليه السلام من أين
أقبلت يا أبا فراس؟ فقال: من الكوفة فقال: كيف تركت أهل الكوفة قال: خلفت قلوب
الناس معك وسيوفهم مع بني أمية وقد قل الديانون والقضاء ينزل من السماء والله يفعل
في خلقه ما يشاء. وجرى بينهما كلام. ثم ودعه الفرزدق في نفر من أصحابه ومضى يريد
مكة فقال له ابن عم له من بني مجاشع: يا أبا فراس هذا الحسين بن علي، قال له
الفرزدق: نعم هذا الحسين بن علي وابن فاطمة الزهراء بنت محمد المصطفى هذا والله ابن
خيرة الله وأفضل من شيء على الأرض وقد كنت قلت فيه أبياتا غير متعرض لمعروفه بل
أردت وجه الله والدار الآخرة فلا عليك أن لا تسمعها فقال ابن عمه إن رأيت أن
تسمعنيها أبا فراس فقال:
ص 752
قلت فيه وفي أمه وأبيه وجده:
هذا الذي تعرف البطحاء وطأته * والبيت يعرفه والحل
والحرم
هذا ابن خير عباد الله كلهم * هذا التقي النقي الطاهر العلم
هذا حسين رسول
الله والده * أمست بنور هداه تهتدي الأمم
هذا ابن فاطمة الزهراء عترته * في جنة
الخلد مجريا به القلم
إذا رأته قريش قال قائلها * إلى مكارم هذا ينتهي الكرم
يكاد
يمسكه عرفان راحته * ركن الحطيم إذا ما جاء يستلم
بكفه خيزران ريحه عبق * بكف أروع
في عرنينه شمم
يغضى حيا ويغضى من مهابته * فلا يكلم إلا حين يبتسم
ينشق نور الدجى
من نور غرته * كالشمس تنجاب عن إشراقها الظلم
منشقة من رسول الله نبعته * طابت
أرومته والخيم والشيم
من معشر حبهم دين وبغضهم * كفر وقربهم ملجأ ومعتصم
يستدفع
الضر والبلوى بحبهم * ويستقيم به الاحسان والنعم
إن عد أهل التقى كانوا أئمتهم * أو
قيل من خير أهل الأرض قيل هم
لا مجار يستطيع بعد غايتهم * ولا يدانيهم قوم وإن
كرموا
بيوتهم في قريش يستضئلها في * النايبات وعند الحكم إن حكموا
فجده في قريش من
أرومتها * محمد وعلي بعده علم
بدا له شاهد والشعب من أحد * والخندقان ويوم الفتح قد
علموا
وخيبر وحنين يشهدان له * وفي قريضة يوم صيلم قتم
مناقب قد علت أقدارها ونمت *
آثارها لم ينلها العرب والعجم
أقول: وأنشد هذه الأبيات لهشام بن عبد الملك في ابنه
زين العابدين علي بن الحسين حيث قال هشام لم أعرفه فسمع ذلك الفرزدق فقال: لكني
أعرفه هذا علي ابن الحسين زين العابدين فأنشد.
ص 753
كلام عبد الله بن الزبير في شهادة الحسن عليه السلام

رواه العلامة الشريف أحمد بن
محمد الحسيني الخوافي في (التبر المذاب) (ص 91 المخطوط) قال: قال عامر الشعبي لما
بلغ عبد الله بن الزبير قتل الحسين بكى حتى بل دموعه لحيته ثم صعد المنبر وقال ألا
وإن أهل العراق قوم غدر فجر ألا وإن أهل الكوفة دعوا حسينا ليولوه عليهم يقيم
أمورهم ويسير فيهم بسيرة جده وينصرهم على عدوهم ويعيد معالم الإسلام ومنار الإيمان
فلما قدم عليهم ثاروا عليه فقتلوه وقالوا له أما أن تضع يدك في يد الفاجر الملعون
ابن زياد فيرى فيك رأيه أو ينفذ فيك حكمه فاختار الوفاة الكريمة على الحياة الذميمة
فرحم الله حسينا وأخزى قاتله ولعن من أمر بذلك ورضي به أفبعد ما جرى على أبي عبد
الله الحسين ما جرى يطمأن أحد إلى هؤلاء ويقبل عهود الفجر والغدر أما والله لقد كان
الحسين صواما بالنهار وقواما بالليل وبضعة من رسول الله صلى الله عليه وسلم والله
لهو أولى من يزيد الفاجر الذي استبدل بالقرآن الغنا وبالبكاء من خشية الله الحداء
وبالصيام شرب الخمر وبقيام الليل الزمور والمعازف وبمجالس الذكر الركض في طلب
الصيود واللعب بالقردة فسوف يلقون غيا ألا لعنة الله على الظالمين الذين بدلوا نعمة
الله كفرا وحلوا قومهم دار البوار جهنم يصلونها فبئس القرار. وقال الفاضل المعاصر
خالد محمد خالد في (أبناء الرسول صلى الله عليه وآله في كربلاء) (ص 7 ط 5 دار ثابت
القاهرة) قال: من الصعب أن نجد في تاريخ البشرية كله، يوما كذلك اليوم الفريد
والمجيد.. وأبطالا، كأولئك الأبطال الشاهقين والباهرين..!! إذ لم يكن الأمر في ذلك
اليوم، أمر شهداء برزوا لمناياهم في استبسال وغبطة.. ولا أمر جيش، خرج لجيش مثله،
فأبلى وأحسن البلا.. إنما الأمر الذي شغل الدنيا في يوم كربلاء، هو أنه اليوم الذي
تجلت
ص 754
فيه قداسة الحق. وشرف التضحية على نحو متميز وفريد..!! وصحيح أن تاريخ الإسلام مترع
بالمشاهد الزاخرة بقداسة الحق وشرف التضحية، أيام الرسول صلى الله عليه وسلم، وفيما
تلا عصره الرائد العظيم من عهود وعصور.. بيد أن يوم كربلاء، تبقى له سمته المجيدة،
وميزته الفريدة. فالقضية الجليلة التي دار من أجلها الصراع.. والقلة الصامدة
الماجدة، التي وهبت حياتها لتلك القضية.. والطريقة التي دار بها القتال بين أربعة
آلاف فارس من جيش ابن زياد، واثنين وسبعين لا غير.. هم أنصار الإمام الحسين..
والأحداث المروعة، التي سبقت ذلك اليوم.. والحصاد الأليم، والعظيم الذي خلفه، بعد
أن مالت شمسه للغروب.. كل ذلك يجعل من يوم كربلاء يوما فريدا في تاريخ الآلام
والبطولات.. في تاريخ التضحية والمجد.. في تاريخ المأساة والعظمة.. وفي تاريخ الحق
الذي شهد في ذلك اليوم ورغم هزيمة أبطاله سيادة وانتصارا قرت بهما عيناه..!! إن
أعظم ما صنع الحسين وأهله وصحبه في ذلك اليوم هو أنهم جعلوا الحق قيمة ذاته، ومثوبة
نفسه، فلم يعد النصر مزية له.. ولم تعد الهزيمة إزراء به..!!! لقد وقف اثنان وسبعون
بطلا، وراء قائدهم العظيم أبي عبد الله الحسين: ليس لهم في إحراز النصر على عدوهم
أدنى أمل.. وليس أمامهم سوى القتل بأسلحة خصم فاجر، متوحش، مسعور.. وأمامهم فرص
النجاة، إذا هم أرادوها.. لكنهم رفضوا النجاة، ما دامت ستكون غمطا لقداسة الحق،
وثلما لشرف التضحية..!! وهكذا راحوا يقاتلون حول قائدهم الممجد، معانقين المنايا،
واحدا بعد واحد.. وهم يصيحون، بل يغنون: الله، والجنة.. الله، والجنة..!! من أجل
ذلك، يرفض هذا الكتاب الوقوف عند اعتبار كربلاء مأساة وفاجعة، ومناسبة للبكاء
والعويل.. ويمد بصره نحو مضمونها الصحيح، وجوهرها النضير، فيراها مهرجانا للحق
وعيدا للتضحية، ليس لهما نظير..!! إنه يوم لم يعرف المسلمون بعد، حقه عليهم، ولا
واجبهم تلقاءه. وإن الأقدار لم تدع رؤوس أبناء الرسول تحمل على أسنة رماح قاتليهم،
إلا لتكون
ص 755
مشاعل على طريق الأبد.. للمسلمين خاصة، وللبشرية الراشدة كافة، يتعلمون في ضوئها
الباهر: أن الحق وحده هو المقدس.. وأن التضحية وحدها هي الشرف.. وأن الولاء المطلق
للحق، والتضحية العادلة في سبيله، هما وحدهما اللذان يجعلان للانسان وللحياة قيمة
ومعنى..!!! فهل يأذن حفيد الرسول، وأبو الأبطال، أن أقدم عنه وعن رفاقه الأبرار هذه
الصفحات..!! إني لأجاوز قدري، إذا زعمت أو توهمت أنني قادر على إيفاء تضحياتهم
وعظمتهم حقها.. لقد وجدت - لا غير - عبير تلك التضحيات وتلك العظمة، فرحت أنادي
الناس كي يستمتعوا معي بهذا العبير..!!! وليشهدوا - كما لم يشهدوا من قبل - شرف
التضحية، وعزمها القدير..!! ويا أبا عبد الله... سلام على البيت الذي أنجبك.. وعلى
الدين الذي رباك.. وسلام على رفاقك الأبطال الممجدين، والشهداء الظافرين. إلى أن
قال في ص 30: ثم بحياة الشهيد الممجد والعظيم أبي عبد الله الحسين بن علي ومعه
عشرات من إخوانه، وأهل بيته وصحبه، في يوم يجعل الولدان شيبا..!! وهكذا، لم تكن
كربلاء ملحمة ذات فصل واحد، بدأ وانتهى يوم العاشر من المحرم.. بل كانت ذات فصول
كثيرة. بدأت قبل كربلاء بسنوات طوال.. واستمرت بعد كربلاء دهرا طويلا..!!! أجل..
لقد بدأت ملحمة كربلاء ومأساتها، يوم تمت خدعة التحكيم، وحين وقع التمرد الرهيب
والفتنة في صفوف أتباع الإمام، ثم حين خلا الجو لراية الأمويين داخل الشام، وخارج
الشام..!! ولكأنما كان الإمام علي يرى ببصيرته الثاقبة كل ذلك المصير..!! فذات يوم
أثناء مسيرة مع جيشه إلى صفين بلغ به السير هذه الرقعة من الأرض، فتمهل في سيره ثم
وقف يتملى مشهد الفضاء الرهيب، وسألت عبراته من مآقيه، واقترب منه أصحابه صامتين
واجمين، لا يدرون ماذا أسال من مقلتي الأسد الدموع..!! ثم سألهم ويمناه ممتدة صوب
تلك الأرض التي تعلقت بها عيناه: ما اسم هذا المكان؟ قالوا: كربلاء. قال: هنا محط
رحالهم ومهراق دمائهم..!!! واستأنف سيره
ص 756
مع المقادير.. ترى من كان يعني.. ومن كان ينعي..؟؟ أكان يعني قرة عينه الحسين ومن
معه من إخوة له وأبناء..؟؟ أكان يعني أولئك الأبطال الذين ستشهد هذه الأرض ذاتها
استشهادهم الرهيب والمهيب بعد عشرين عاما لا غير من هذه النبوءة الصادقة..؟؟
ربما... وربما لم يكن إلهامه ولم تكن بصيرته يومئذ معلقين بواحد بذاته من أهل بيته
المباركين. فهو على أية حال يدرك أن المعركة التي بدأها من أجل الحق لن تنتهي..
ويدرك أنه لن يصبر أحد من بعده على لأوائها وضراوتها مثلما سيصبر أبناؤه الذين
ورثوا البطولة كابرا عن كابر..! وحين يحتدم في البصائر النقية ولاؤها لحق مقدس. أو
لمبدأ جليل، فإن هذا الاحتدام يتلقى في لحظة إشراق روحي مددا من الرؤية غير منظور،
يكشف الغيب ويجذب إلى دائرة الاستشراف أحداث الزمن البعيد..!! ولعل شيئا كهذا، حدث
ذلك اليوم، فرأى الإمام التقي النقي بلا أبنائه وحفدته، رأى بلاءهم العظيم في سبيل
القضية التي حمل لواءها، ورأى محط رحالهم، ومهراق دمائهم..! القضية إذن، كانت كما
قلنا، قضية النبوة لا الملك.. النبوة بكل تألقاتها الورعة وموازينها العادلة.. لا
الملك الذي يريد نفر من الأمويين أن يردوا به وثنية الجاهلية في أثواب تنكرية..!!
والذين يدرسون معارك الجمل، وصفين، وكربلا خارج هذه الدائرة، ولا يأمنون عثار
تفكيرهم، وزيغ أحكامهم. ولقد رأينا كثيرين ممن تحدثوا عن كربلاء يحملون الحسين
مسؤولية مصيره، ومصير الذين خرجوا معه..!! والحسين رضي الله عنه، يتحمل في شجاعة
وغبطة مسؤولية ذلك المصير، ولكن ليس بالمعنى الذي يقصده هؤلاء.. فهم يرون أنه خرج
تلبية لدعوة ثوار الكوفة إياه، باعتبار هذه الدعوة فرصة رآها سانحة لاسترداد
الخلافة من بيت معاوية إلى بيت الإمام.. وهم يلومونه، أو يكادون، لأنه لم يصغ لنصح
الناصحين من عشيرته الأقربين، كي يبقى مكانه في البلد الحرام مكة نافضا يديه من
مشاكل الموقف الكالح الذي نتج عن استخلاف يزيد.. فهل كان ذلك كذلك..؟؟ أبدا.. وإن
الأمر لمختلف جدا. فالقضية
ص 757
في ضمير الحسين لم تكن قضية فرصة سنحت.. ولا هي قضية حق شخصي في الخلافة يبتغي
استرداده.. ولا هي من القضايا التي يكون للانسان الرشيد حق التخلي عنها..! القضية
في ضمير التقي الشجاع، كانت قضية دين.. ويستوي عنده تخليه عن هذه القضية، وتخليه عن
هذا الدين..! صحيح أن الشكل الخارجي للقضية تمثل يومها في استخلاف يزيد.. لكن
جوهرها الصحيح كان واضحا أما وعي الحسين ورشده ونور بصيرته - تماما كما كان واضحا
من قبل أمام وعي أبيه الإمام، وأمام رشده وبصيرته..!! واستخلاف يزيد على هوانه، لا
ينفي عن القضية موضوعيتها العميقة، ولا يقلل من تبعة النهوض بها، بل هو يزيد من
إلحاح هذه التبعات.
ما قيل في رثاه عليه السلام

ذكره جماعة: فمنهم الشريف شهاب
الدين أحمد بن عبد الله الحسيني الإيجي الشيرازي الشافعي في (توضيح الدلائل) (ق
نسخة مكتبة الملي بفارس) فلما غلب الأعور السلمي يوم صفين على الماء ولم يقدر أصحاب
علي عليه السلام على جرعة منه فبعث الحسين عليه السلام في خمسمائة فارس فكشف الأعور
السلمي عنه فقال أمير المؤمنين: معاشر الناس هذا ولدي يقتل بطف كربلاء ظمآنا ونفر
فرسه يحمحم ويقول في حمحمته: الظليمة الظليمة يا أمة قتلت ابن بنت نبيها وهم يقرأون
القرآن الذي جاء به إليه ويذكرون اسمه على منابرهم. ثم إن عليا عليه السلام جعل
يقول:
وكل ذي نفس أو غير ذي نفس * يسعى إلى أجل يجري بمقدار
لقد أمر زمان عصرا وحلا
* ولا أدري اليوم حلوا بعد امرار
أرى الحسين جهارا قبل مصرعه * علما يقينا بأن يرثى
بأشعار
ولما جاء الفرس إلى الخيام ونعى الحسين عليه السلام صرخت زينب بزفيرها
ص 758
وأبدت شكواها لنفيرها وقالت:
مات الفخار ومات الجود والكرم * واغبرت الأرض والآفاق
وأغلق الله أبواب السماء فما * ترقى لهم دعوة يجلى بها الغمم
غاب الحسين فوالهفا
لمقتله * وصار يعلو ضياء الأمر الظلم
يا قوم هل من فدا يا قوم هل عوض * للموت بقلبه
أن لا يراف دم
يا أمة السوء لا سقيا لصنعكم * يا أمة عجبت من فعلها الأمم
فصرخن
النساء ويبكين بكاء شديدا، ثم قال:
مصيبتي فوق إن أرثي بأشعاري * وأن يحيط بها وصفي
وأفكاري
قد كنت آمل آمالا أسر بها * لولا القضاء الذي في حكمه جاري
جاء الجواد فلا
أهلا بمقدمه * إلا بوجه حسين مدرك الثار
يا نفس صبرا على الدنيا ومحنتها * هذا
الحسين إلى رب السماء ساري
فصرخ النساء وعلين النداء: وامحمداه واحمزتاه واعلياه
وافطمتاه واحسناه
واحسيناه واأخاه واسيداه ثم بكت سكينة وجعلت تقول:
لقد حطمتنا في
الزمان نوائبه * ومزقنا أنيابه ومخالبه
وأخنى على الدهر في دار غربة * وديت بما
أخشى علي عقاربه
فجعني بالأقربين وشتت يداه * لنا شملا عزيزا مطالبه
وأودى أبي
والمنتقى لنوائبي * فجلت رزاياه وطمت مصائبه
حسين أبي أمسى له الترب مشرقا * وأظلم
من دين الإله مذاهبه
لقد حل بي فيه الذي لو نشرت * أناخ على رضوى تداعت جوانبه
وكيف
يعزى فاقد شطر نفسه * فجانبه حي وقد مات جانبه
تمزقنا أيدي الزمان وجدنا * رسول
الذي عم الأنام مواهبه
ولم يبق لي ركن ألوذ بظله * إذا غالبني من الأمر ما لا
أغالبه
ومنها ما قالت أم كلثوم رضي الله عنها:
ص 759
أضحكني الدهر وأبكاني * والدهر ذو صرف وألوان
سايلهم عن ستة صرعوا * بالطف أضحوا
رهن الأكفان
لقد ذللنا بعد عز فما * أدفع ضيما حين يغشاني
ومما قالت حين رأيت
الحسين منصوبا رأسه المحلى بكل رين:
يا هلالا لما استتم ضياء * خانه دهره وأمسى
غروبا
يا قضيبا أغض ما كان أودته * رياح الردى وكان رطيبا
ما توهمت يا شقيق فؤادي *
كان هذا مقدرا مكتوبا
يا أخي الصغيرة كلمها * فقد كاد قلبها أن يذوبا
يا أخي لو ترى
عليا بذل الأسر * مضني لا يستطيع ركوبا
كلما أوجعوه ضربا ناداك * بذل وفاض دمعا
سكوبا
وإن الإمام زين العابدين عليه السلام لما حمل إلى ابن زياد على بعير بغير وطأ
وأفخاذه تشحب دما كان يقول:
يا أمة السوء لا سقيا لسعيكم * يا أمة لن تراعي جدنا
فينا
يسيرونا على الأقتاب عارية * كأننا لم نشيد فيكم دينا
تصفقون على أيديكم فرحا
* وأنتم في فجاج الأرض تسبونا
أليس جدي رسول الله ويحكم * أهدى البرية من طرق
المضلينا
يا وقعة الطف قد أورثتني كمدا * والله يهتك أسناد المسيئينا
وروى الإمام
الصالحاني بإسناد عن إمام الأئمة وقائد الأمة محمد بن إدريس الشافعي في مرثية
الحسين عليه السلام:
تاوب همي والفؤاد كئيب * وادق عيني والرقاد غريب
ومما نفى نومي
وشيب لمتي * تصاريف أيام لهن خطوب
فمن مبلغ عني الحسين رسالة * وإن كرهتها أنفس
وقلوب
قتيلا بلا جرم كان قميصه * صبيغ بماء الأرجوان خضيب
ص 760
تزلزلت الدنيا لآل محمد (ص)* وكاد لهم صم الجبال تذوب
فللسيف أغوال وللرمح رنة *
وللخيل من بعد الصهيل يجيب
وغارت نجوم واقشعرت ذوانب * وهتك أستار وشق جيوب
يصلى
على المهدي من آل هاشم * ويغزى بنوه إن ذا لعجيب
لئن كان ذنبا حب آل محمد (ص)* فذاك
ذنب لست منه أتوب
وكذلك أورد هذه المرثية عن الشافعي إمام أئمة البرية الإمام
الهمام فخر الدين الرازي في ذكر المناقب العلية وقال دعبل الخزاعي في وصف هذه
الأحوال جزاه الله تعالى إياه مناه عن عن هذا المقال: لا أضحك الله سن الدهر إن
ضحكت * وآل أحمد مظلومون قد قهروا
مشردون حيارى لا نصير لهم * كأنهم قد جنوا ما ليس
يغتفر
وعن أم سلمة رضي الله تعالى عنها قالت: سمعت الجن تنوح على الحسين بن علي رضي
الله عنهما وعن ابن أبي زياد النهمي عن بعضهم قالوا: كنا إذا خرجنا إلى الجبانة
بالليل مقتل الحسين عليه السلام سمعنا نوح الجن عليه وهم يقولون:
مسح الرسول جبينه
* فله بريق في الخدود
أبواه من عليا قريش * جده خير الجدود
عن محمد بن عباد بن صهيب
عن أبيه قال: قدم رجل المدينة يطلب الحديث والعلم فجلس في حلقة فمر بهم رجل فسلم
عليهم فقال له ذلك الرجل: نحب أن تخبرنا بما جئت له تريد نصرة الحسين بن علي عليهما
السلام؟ قال: نعم أرحيب أريد نصرة الحسين، فلما صرت بالربذة إذا برجل جالس فقال لي:
أبا عبد الله أين تريد؟ قلت: نصرة الحسين قال: وأنا أريد أيضا كذلك ولنا رسول هناك
يأتينا بالخبر الساعة فلم يلبث وهو يحدثني إذ أقبل رجل فقال له الذي كان معي ما
ورائك؟ فأنشأ يقول:
والله ما جئتكم حتى بصرت به * وسط العجاجة تحت السيوف منحورا
وحوله فتية تدمى نحورهم * مثل المصابيح يغشون الدجى نورا
ص 761
وقد جثثت قلوصي كي أصادفهم * من قبل أن ينكح الخرد الحورا
يا لهف نفسي لو أني
لحقتهم * إني تحليت إذ حلوا الأساويرا
فأجابه الذي كنت معه واستعبر وقال:
فلا زال
قبر أنت تسكنه * حتى القيامة يسقى الغيث ممطورا
في فتية وهبوا الله أنفسهم * قد
فارقوا المال والأهلين والدورا
ثم التفت ولم أرهما فعلمت أنهما من الجن فرجعت إلى
المدينة فإذا الخبر قد لحقنا إن الحسين عليه السلام قد قتل وإن رأسه حمله سنان بن
أنس النخعي إلى يزيد - رواه أبو الشيخ وعن جعفر بن محمد عن أبيه عليهما السلام قال:
نيح على الحسين بن علي عليهما السلام ثلاث سنين يعني الجن وفي اليوم الذي قتل فيه.
وعن واثلة بن الأسقع والمسور بن مخرمة والمشيخة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه
وآله وبارك وسلم: يجيئون مقتنعين فيستمعون النوح ويبكون. وقال أبو الأسود الدئلي
يرثي الحسين عليه السلام:
أقول وزادني غيظا وجزعا * أزال الله ملك بني زياد
وأبعدهم
كما غدروا وخانوا * كما بعدت ثمود وقوم عاد
ولا رجعت ركابهم إليهم * إذا قفت إلى
يوم التناد
وإني قد وجدت هذين البيتين قد نسبا إلى الجن سمعتها بعض عمات الحسين رضي
الله تعالى عنه: وإن قتيل الطف من آل هاشم * أذل رقاب المسلمين فذلت
حبيب رسول الله
لم يك فاحشا * مصيبته أدمت أنوفا وجلت
ومنها أيضا: لئن كانت الأحبار في الدين وقرت
* فسبط رسول الله أولى وأفضل
ولو كان ذاك القرم يقصده العدى * فمهلا لجسم كان
بالروح ينحل
ولو كان يرعى حق آل محمد (ص)* ففي مقتل السبطين لم كان يمهل
ص 762
أمثلك يؤذى يا سليل محمد (ص)* أمثلك ظلما في البرية يقتل
فتعسا لكم يا قاتلي سبط
أحمد * أغدركم يوم القيامة يقبل
اجتاز ابن الهبارية الشاعر بكربلاء فجل يبكي ويقول:
أحسين المبعوث جدك بالهدى * قسما يكون الحق عنه مسائلي
لو كنت شاهد كربلاء لبذلت في
* تنفيس كربك جهد بذل الباذل
وسقيت حد السيف من أعدائكم * عللا وحد الشمهري الذابل
لكنني أخرت عنك شقوتي * فبلا بلى بين العرى وسابل
هبني حرمت النصر من أعدائكم *
فاقتل من حزن ودمع سائل
ثم نام في مكانه فرأى رسول الله صلى الله عليه وآله في
المنام فقال له: يا فلان جزاك الله مني خيرا أبشر فإن الله تعالى قد كتبك ممن جاهد
بين يدي الحسين.
ترثي الرباب بنت امرئ القيس زوجها عليه السلام

رواه جماعة: فمنهم
الفاضل المعاصر عمر رضا كحالة في (المرأة في القديم والحديث) (ج 7 ص 242 ط مؤسسة
الرسالة بيروت قال: الرباب بنت امرئ القيس بن عدي زوج الحسين بن علي بن أبي طالب:
من شواعر العرب، كانت من خيار نساء عصرها وأفضلهن، قالت ترثي زوجها الحسين حين قتل:
إن الذي كان نورا يستضاء به * بكربلاء قتيل غير مدفون
سبط النبي جزاك الله صالحة *
عنا وجنبت خسران الموازين
قد كنت لي جبلا صعبا ألوذ به * وكنت تصحبنا بالرحم والدين
من لليتامى ومن للسائلين ومن * يغني ويأوي إلي كل مسكين
والله لا أبتغي صهرا بصهركم
* حتى أغيب بين الرمل والطين
ص 763
مستدرك مديحة سيدنا السجاد عليه السلام

قالها الآية الشيخ محمد حسين الكمباني
الأصفهاني قدس سره
سبحان من أبدع في الايجاد * بشره المودع في السجاد
أبان سر الحق
والحقيقة * بصورة بديعة أنيقة
تصورت في أعظم المجالي * حقيقة الجلال والجمال
جل عن
الثناء في جلاله * عز عن الأطراف في جماله
بدر سماء عالم الأسماء * وزين أهل الأرض
والسماء
غرة وجه عالم الامكان * قرة عين العلم والعرفان
نور الهدى وبهجة اللاهوت *
روح التقى ومهجة الناسوت
قطب محيط الغيب والشهادة * وقبلة الأقطار في العبادة
وكعبة
الأوتاد والأبدال * ومستجار الكل في الأهوال
نتيجة الجواهر الزواهر * وصفوة الكل من
القواهر
موصل الأصول في البداية * وغاية الغايات في النهاية
مبدء كل طائل ونائل *
ومنتهى الخيرات والفضائل
ونفسه اللطيفة الزكية * صحيفة المكارم السنية
بل هي أم
الصحف المكرمة * جامع الحكمة منها محكمة
بل الحروف العاليات طرا * كي عن اسمه العلي
قدرا
ص 764
هو الكتاب الناطق الربوبي * ومخزن الأسرار والغيوب
يفصح عن مقام سر الذات * يعرب عن
حقائق الصفات
وفي الثناء والدعا لسانه * لسان باريه تعالى شأنه
زبوره نور رواق
العظمة * يفوق كل الزبر المعظمة
زبوره في الحمد والتمجيد * زينة عرش ربه المجيد
فيه
من الاخلاص والتوحيد * ما لا ترى عليه من مزيد
وحاله أبلغ من مقاله * جل عن الوصف
لسان حاله
فإنه معلم الضراعة * والاعتراف منه بالاضاعة
له لدى العجز والاستكانة *
مكانة لا فوقها مكانة
وفي العبودية والعبادة * في غاية السمو والسيادة
مقامه الكريم
في أقصى الفنا * تراثه من جده حين دنا
وفوزه بمنتهى الشهود * من مبد الايجاد
والوجود
وكيف لا وهو سليل الخيرة * حفيد لا أعبد ربا لم أره
ونوره الباهر في
المحراب * يذهب بالأبصار والألباب
والثفنات الغر في مساجده * أطواره السبعة في
مشاهده
بنورها استنارت السبع العلى * والملأ الأعلى بنورها علا
وآية النور على
جبينه * وشقة البدر على عرينه
كان كفيه لدى الدعاء * ميزان عدل الله في القضاء
قيامه في ساعة الضراعة * يذكر الناس قيام الساعة
وقوفه بين يدي معبوده * يذكر
الموقف في رعوده
لسانه في موقع التلاوة * عين الحياة معدن الحلاوة
وكيف لا وإنما
لسانه * مهبط وحي الله جبل شانه
لا بل لسانه لدى التلاوة * لسان غيب الله في
الطلاوة
ص 765
تلاوة تفطر القلوبا * بالرعب بل تكاد أن تذوبا
تلاوة تهابها الأملاك * تكاد تندك
بها الأفلاك
وكيف وهي من سماء العظمة * ومصدر الصحائف المعظمة
تمثل الواجب آياته *
بل ذاته الأقدس في صفاته
تمثل العشائر المعظمة * تمثلا بكل معنى الكلمة
تمثل العروج
في الصلاة * إلى سماوات المكاشفات
تمثل الجحيم في حروره * والخلد في حريره وحوره
ومكرماته بلا إحصاء * جلت عن المديح والثناء
وصبره الجميل في المصائب * وحلمه من
أعجب العجائب
ونال من ذوي القلوب القاسية * ما لا تطيقه الجبال الراسية
شاهد بالطف
من الفظائع * ما لا أمض منه في الفجائع
كيف وفي مصارع الكرام * مصارع العقول
والأحلام
وكاد أن تقضي على حياته * وهو على ما هو من ثباته
شاهد رض هيكل التوحيد *
بعاديات الشرك والجحود
وهو يضعضع السموات العلى * فهل ترى أعظم من هذا البلا
شاهد
رأس المجد والمعالي * على العوالي في يد الأنذال
وإنه من أعظم الرزايا * على النبي
سيد البرايا
كيف وهذا الرأس رأس الدين * وهو مدار عالم التكوين
وقبلة العقول
والنفوس * ومطلع الأقمار والشموس
رأى اضطرام النار في الخباء * وهو خبأ العز
والإباء
رأى هجوم الكفر والضلالة * على بنات الوحي والرسالة
رأى فرارهن في البيداء
* وهو عليه أعظم الارزاء
شاهد في عقائل النبوة * ما ليس في شريعة المروة
ص 766
من نهبها وسلبها وضربها * ولا مجير قط غير ربها
لقد رأى رب الحفاظ والإبا * حرائر
المختار في سر السبا
شاهد سوق الخفرات الطاهرة * سوافر الوجوه لابن العاهرة
وقد رأى
من الدعي ابن الدعي * هتك المصونات بقول موجع
مستدرك فضائل ومناقب الإمام الرابع
زين العابدين علي بن الحسين عليهما السلام 
مستدرك ميلاد سيدنا الإمام السجاد علي بن
الحسين عليهما السلام

تقدم ما يدل عليه عن العامة في ج 12 ص 8 وج 19 ص 438 وج 28 ص
16، ونستدرك هيهنا عن الكتب التي لم نرو عنها فيما سبق. رواه جماعة: فمنهم الشريف
أبو الحسن علي الحسني الندوي في (المرتضى - سيرة سيدنا أبي الحسن علي بن أبي طالب)
(ص 224 ط دار القلم دمشق) قال: وكانت ولادة علي بن الحسين في بعض شهور سنة ثمان
وثلاثين، وأمه (1) سلافة