back page fehrest page next page

فقالوا : لا و رب هذا البيت ما هجاك . فولت و هي تقول : قد علمت قريش أني ابنة سيدها .

الزهري في قوله تعالى : فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ الآية : لما توفي أبو طالب و اشتد عليه البلاء عمد إلى ثقيف بالطائف رجاء أن يؤدوه سادتها عبد نائل و مسعود و حبيب بنو عمرو بن نمير الثقفي فلم يقبلوه و تبعه سفهاؤهم بالأحجار و دموا رجليه فخلص منهم و استظل في ظل حبلة منه و قال : اللهم إني أشكو إليك من ضعف قوتي و قلة حيلتي و ناصري و هواني على الناس يا ارحم الراحمين .

فأنفذ عتبة و شيبة ابنا ربيعة إليه بطبق عنب على يدي غلام يدعى عداسا و كان نصرانيا فلما مد يده و قال : بسم الله .

فقال : إن أهل هذا البلد لا يقولونها .

فقال النبي (عليه السلام) : من أين أنت ?

قال : من بلدة نينوى .

فقال (عليه السلام) : من مدينة الرجل الصالح يونس بن متى .

قال : و بما تعرفه ?

قال : أنا رسول الله و الله أخبرني خبر يونس .

فخر عداس ساجدا لرسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) و جعل يقبل قدمه و هما يسيلان الدماء .

فقال عتبة لأخيه : قد أفسد عليك غلامك .

فلما انصرف عنه سأل عن مقالته فقال : و الله إنه نبي صادق .

فقالوا : إن هذا رجل خداع لا يفتننك عن نصرانيتك .

و قالوا : لو كان محمد نبيا لشغلته النبوة عن النساء و لأمكنه جميع الآيات و لأمكنه منع الموت عن أقاربه .

و لما مات أبو طالب و خديجة فنزل وَ لَقَدْ أَرْسَلْنا رُسُلًا مِنْ قَبْلِكَ الآية .

و روي عن الحسن العسكري (عليه السلام) في خبر : أن أبا جهل كتب إلى النبي (عليه السلام) بالمدينة أن الحيوط التي في رأسك هي التي ضيقت عليك مكة و رمت بك إلى يثرب و أنها لا تزال بك تنفرك إلى آخره .

فكان جواب النبي (عليه السلام) : أن أبا جهل بالمكاره و العطب يتهددني و رب العالمين بالنصر و الظفر عليه يعدني و خبر الله أصدق و القبول من الله أحق لن يضر محمدا من خذله أو يغضب عليه بعد أن ينصره الله و يتفضل بجوده و كرمه .

يا أبا جهل إنك راسلتني بما ألقاه في جلدك الشيطان و أنا أجيبك بما ألقاه في خاطري الرحمن

[69]

إن الحرب بيننا و بينك كافية إلى تسع و عشرين و إن الله سيقتلك فيها بأضعف أصحابي و ستلقى أنت و عتبة و شيبة و الوليد و فلان و فلان و ذكر عددا من قريش في قليب مقتلين أقتل منكم سبعين و أوسر منكم سبعين أحملهم على الفداء أو القتل ثم نادى أ لا تحبون أن أريكم مصرع كل واحد من هؤلاء هلموا إلى بدر فإن هناك الملتقى و المحشر و هناك البلاء الأكبر .

فلم يجبه إلا علي و قال : نعم بسم الله .

فقال لليهود أخطو خطوة واحدة فإن الله يطوي الأرض لكم و يوصلكم إلى هناك فخطا القوم خطوة ثم الثانية فإذا هم عند بئر بدر فقال هذا مصرع عتبة و ذاك مصرع شيبة و ذاك مصرع الوليد إلى أن سمى تمام سبعين و سيؤسر فلان و فلان إلى أن ذكر سبعين منهم فلما انتهوا إلى آخرها قال هذا مصرع أبي جهل يجرحه فلان الأنصاري و يجهز عليه عبد الله بن مسعود أضعف أصحابي ثم قال : إن ذلك لحق كائن بعد ثمانية و عشرين يوما .

كم در جهل أبي جهل بمجهله *** و شاب شيبة قبل الموت من وجل

حسان بن ثابت :

متى بيد في الليل البهيم جبينه *** يلوح كمصباح الدجى المتوقد

فمن كان أو من ذا يكون كأحمد *** نظاما لحق أو نكالا لملحد

بحير بن زهير :

أتانا نبي بعد يأس و فترة *** من الله و الأوثان في الأرض تعبد

و شق له من اسمه لجلاله *** فذو العرش محمود و هذا محمد

و أشركه في ذكره جل ذكره *** تخلد في الجنات فيمن تخلد

أعز عليه للنبوة خاتم *** من الله مشهود يلوح و يشهد

[70]

غيره :

محمد خير من يمشي على قدم *** ممن برئ الله من إنس و من جان

‏هو الذي قدر الله القضاء له *** ألا يكون له في خلقه ثان

‏هو الذي امتحن الله القلوب به *** عما تجمجم من كفر و إيمان

آخر :

لبست رداء الفخر في صلب آدم *** فما تنتهي إلا إليك المفاخر

و لله بدر في السماء منور *** و أنت لنا بدر على الأرض زاهر

فصل في حفظ الله تعالى من المشركين و كيد الشياطين :

جابر بن عبد الله : إن النبي (عليه السلام) نزل تحت شجرة فعلق بها سيفه ثم نام فجاء أعرابي فأخذ السيف و قام على رأسه فاستيقظ النبي (عليه السلام) فقال يا محمد من يعصمك الآن مني قال الله تعالى فرجف و سقط السيف من يده و في خبر آخر أنه بقي جالسا زمانا و لم يعاقبه النبي (عليه السلام) .

الثمالي في تفسير قوله : يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ هَمَّ قَوْمٌ أن القاصد إلى النبي (عليه السلام) كان دعثور بن الحارث فدفع جبرئيل في صدره فوقع السيف من يده .

فأخذه رسول الله و قام على رأسه ,فقال : ما يمنعك مني ?

فقال : لا أحد , و أنا أعهد أن لا أقاتلك أبدا , و لا أعين عليك عدوا .

فأطلقه .

فسئل بعد انصرافه عن حاله .

قال : نظرت إلى رجل طويل أبيض دفع في صدري , فعرفت أنه ملك .

و يقال إنه أسلم و جعل يدعو قومه إلى الإسلام .

حذيفة و أبو هريرة : جاء أبو جهل إلى النبي (عليه السلام) و هو يصلي ليطأ على رقبته

[71]

فجعل ينكص على عقبيه .

فقيل له : ما لك ?

قال : إن بيني و بينه خندقا من نار مهولا , و رأيت ملائكة ذوي أجنحة .

فقال النبي : لو دنا مني لاختطفته الملائكة عضوا عضوا .

فنزل أَ رَأَيْتَ الَّذِي يَنْهى الآيات .

ابن عباس : إن قريشا اجتمعوا في الحجر فتعاقدوا باللات و العزى و مناة لو رأينا محمدا لقمنا مقام رجل واحد و لنقتلنه .

فدخلت فاطمة على النبي (عليه السلام) باكية و حكت مقالهم .

فقال : يا بنية ادني وضوءا , فتوضأ , و خرج إلى المسجد .

فلما رأوه , قالوا : ها هو ذا , و خفضت رءوسهم , و سقطت أذقانهم في صدورهم , فلم يصل إليه رجل منهم .

فأخذ النبي (عليه السلام) قبضة من التراب فحصبهم بها , و قال : شاهت الوجوه .

فما أصاب رجلا منهم إلا قتل يوم بدر .

محمد بن إسحاق : لما خرج النبي (عليه السلام) مهاجرا و سراقة بن جعشم مع خيله .

فلما رآه رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) , دعا .

فكان قوائم فرسه ساخت حتى تغيبت .

فتضرع إلى النبي (عليه السلام) حتى دعا .

و صار إلى وجه الأرض .

فقصد كذلك ثلاثا , و النبي (عليه السلام) يقول : يا أرض خذيه .

و إذا تضرع .

قال : دعيه .

فكف بعد الرابعة , و أضمر أن لا يعود إلى ما يسوؤه .

و في رواية : و اتبعه دخان حتى استغاثه فانطلق الفرس فعذله أبو جهل .

و قال سراقة :

أبا حكم و اللات لو كنت شاهدا *** لأمر جوادي إذ تسيخ قوائمه

‏عجبت و لم تشكك بأن محمدا نبي *** و برهان فمن ذا يكاتمه

‏عليك فكف الناس عنه فإنني *** أرى أمره يوما سيبدو معالمه

[72]

خطيب منيح .

و من أخذت سراقة حين أهوى *** إليه الأرض أخذة قاطنينا

فصاح به و ناداه أقلني *** فلست لمثلها في العائدينا

نصر بن المنتصر :

من قال للأرض خذي فأخذت *** عدوه لما رآه قد طغا

غيره :

و في سراقة آيات مبينة *** إذ ساخت الحجر في وحل بلا وحل

و كان (عليه السلام) مارا في بطحاء مكة فرماه أبو جهل بحصاة فوقعت الحصاة معلقة سبعة أيام و لياليها فقالوا من يرفعها قال يرفعه الذي رفع السماوات بغير عمد ترونها .

عكرمة : لما غزا يوم حنين قصد إليه شيبة بن عثمان بن أبي طلحة عن يمينه فوجد عباسا فأتى عن يساره فوجد أبا سفين بن الحارث فأتى من خلفه فوقعت بينهما شواظ من نار فرجع القهقري .

فرجع النبي (عليه السلام) إليه و قال : يا شيب يا شيب ادن مني اللهم اذهب عنه الشيطان قال فنظرت إليه و لهو أحب إلي من سمعي و بصرى .

فقال : يا شيب قاتل الكفار .

فلما انقضى القتال دخل عليه فقال : الذي أراد الله بك خير مما أردته لنفسك و حدثه بجميع ما زوى في نفسه , فأسلم .

ابن عباس في قوله : وَ يُرْسِلُ الصَّواعِقَ قال : قال عامر بن الطفيل لأربد بن قيس قد شغلته عنك مرارا فألا ضربته يعني النبي (عليه السلام) .

فقال أربد أردت ذلك مرتين فاعترض لي في أحدهما حائط من حديد . ثم رأيتك الثانية بيني و بينه . أ فأقتلك ?

[73]

و في رواية الكلبي : إنه لما اخترط من سيفه شبرا لم يقدر على سله فقال النبي (عليه السلام) اللهم اكفنيهما بما شئت .

و في رواية : أن السيف لصق به .

و في الروايات كلها : أنه لم يصل واحد منهما إلى منزله أما عامر فغدّ في ديار بني سلول فجعل يقول أ غدة كغدة البعير و موتا في بيت السلولية .

و أما أربد فارتفعت له سحابة فرمته بصاعقة فأحرقته . و كان أخا لبيد لأمه فقال يرثيه :

فجعني البرد و الصواعق بال *** فارس يوم الكريهة النجد

أخشى على أربد الحتوف و لا *** أرهب نوء السماك و الأسد

ابن عباس و أنس و عبد الله بن مغفل : إن ثمانين رجلا من أهل مكة هبطوا من جبل التنعيم عند صلاة الفجر عام الحديبية ليقتلوهم و في رواية كان النبي (عليه السلام) جالسا في ظل شجرة و بين يديه علي يكتب الصلح و هم ثلاثون شابا فدعا عليهم النبي (عليه السلام) فأخذ الله بأبصارهم حتى أخذناهم فخلى سبيلهم فنزل وَ هُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ .

ابن جبير و ابن عباس و محمد بن ثور في قوله : فَاصْدَعْ بِما تُؤْمَرُ الآيات .

كان المستهزءون به جماعة مثل الوليد بن المغيرة المخزومي و الأسود بن عبد يغوث الزهري و أبو زمعة الأسود بن المطلب و العاص بن وائل السهمي و الحرث بن قيس السهمي

[74]

و عقبة بن أبي معيط و قيهلة بن عامر الفهري و الأسود بن الحرث و أبو أجيحة سعيد بن العاص و النضر بن الحرث العبدري و الحكم بن العاص بن أمية و عتبة بن ربيعة و طعيمة بن عدي و الحرث بن عامر بن نوفل و أبو البختري العاص بن هاشم بن أسد و أبو جهل و أبو لهب و كلهم قد أفناهم الله بأشد نكال .

و كانوا قالوا له : يا محمد ننتظر بك إلى الظهر فإن رجعت عن قولك و إلا قتلناك .

فدخل (عليه السلام) منزله و أغلق عليه بابه .

فأتاه جبرئيل ساعته فقال له : يا محمد السلام يقرأ عليك السلام و هو يقول اصدع بما تؤمر و أنا معك و قد أمرني ربي بطاعتك فلما أتى البيت رمى الأسود بن المطلب في وجهه بورقة خضراء فقال : اللهم أعم بصره و أثكله ولده . فعمي و أثكله الله ولده .

و روي : أنه أشار إلى عينه فعمي . و كان يضرب رأسه على الجدار حتى هلك .

ثم مر به الأسود بن عبد يغوث فأومأ إلى بطنه فاستسقى ماء و مات حبنا .

و مر به الوليد فأومأ إلى جرح اندمل في بطن رجله من نبل فتعلقت به شوكة فنن فخدشت ساقه و لم يزل مريضا حتى مات و نزل فيه سَأُرْهِقُهُ صَعُوداً و إنه يكلف أن يصعد جبلا في النار من صخرة ملساء فإذا بلغ أعلاها لم يترك أن يتنفس فيجذب إلى أسفلها ثم يكلف مثل ذلك .

و مر به العاص فعابه فخرج من بيته فلفحته السموم فلما انصرف إلى داره لم يعرفوه فباعدوه فمات غما .

و روي : أنهم غضبوا عليه فقتلوه و روي : أنه وطأ على شبرقة فدخلت في أخمص رجله فقال لدغت فلم يزل يحكها حتى مات .

و مر به الحارث فأومأ إلى رأسه فتقيا قيحا و يقال إنه لدغته الحية و يقال خرج إلى كداء فتدهده عليه حجر فتقطع و استقبل ابنه

[75]

في سفر فضرب جبرئيل رأسه على شجرة و هو يقول يا بني أدركني فيقول لا أرى أحدا حتى مات .

و أما الأسود بن الحارث أكل حوتا فأصابه العطش فلم يزل يشرب الماء حتى انشقت بطنه .

فأما قيهلة بن عامر فخرج يريد الطائف ففقد و لم يوجد .

و أما عيطلة فاستسقى فمات . و يقال أتى بشوك فأصاب عينيه فسالت حدقته على وجهه .

و أما أبو لهب فإنه سأل أبا سفيان عن قصة بدر فقال إنا لقيناهم فمنحناهم أكتافنا فجعلوا يقتلوننا و يأسروننا كيف شاءوا و ايم الله مع ذلك ما مكث الناس لقينا رجالا بيضا على خيل بلق بين السماء و الأرض لا يقوم لها شي‏ء فقال أبو رافع لأم الفضل بنت العباس تلك الملائكة فجعل يضربني فضربت أم الفضل على رأسه بعمود الخيمة فلقت رأسه شجة منكرة فعاش سبع ليال و قد رماه الله بالعدسة و لقد تركه ابناه ثلاثا لا يدفنانه و كانت قريش تتقي العدسة فدفنوه بأعلى مكة على جدار و قذفوا عليه الحجارة حتى واروه .

و نزل قوله تعالى لَقَدْ حَقَّ الْقَوْلُ الآيات في أبي جهل و ذلك أنه كان حلف لئن رأى محمدا يصلي ليرضخن رأسه فأتاه و هو يصلي و معه حجر ليدمغه فلما رفعه أثبتت يده إلى عنقه و لزق الحجر بيده فلما عاد إلى أصحابه و أخبرهم بما رأى سقط الحجر من يده فقال رجل من بني مخزوم أنا أقتله بهذا الحجر فأتاه و هو يصلي ليرميه بالحجر فأغشى الله بصره فجعل يسمع صوته و لا يراه فرجع إلى أصحابه فلم يرهم حتى نادوه ما صنعت فقال ما رأيته و لقد سمعت صوته و حال بيني و بينه كهيئة الفحل يخطر بذنبه لو دنوت منه لأكلني .

ابن عباس في قوله : وَ جَعَلْنا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا إن قريشا اجتمعت فقالت لئن دخل محمد لنقومن إليه قيام رجل واحد فدخل النبي (عليه السلام) فجعل الله من بين أيديهم سدا و من خلفهم سدا فلم يبصروه فصلى (عليه السلام) ثم أتاهم فجعل ينثر

[76]

على رءوسهم التراب و هم لا يرونه فلما جلى عنهم رأوا التراب فقالوا هذا ما سحركم ابن أبي كبشة .

و لما نزلت الأحزاب على المدينة عبى أبو سفيان سبعة آلاف رام كوكبة واحدة ثم قال ارموهم رشقا واحدا فوقع في أصحاب النبي (عليه السلام) سهام كثيرة فشكوا ذلك إلى النبي (عليه السلام) فلوح إلى السهام بكمه و دعا بدعوات فهبت ريح عاصفة فردت السهام إلى القوم فكل من رمى سهما عاد السهم إليه فوقع فيه جرحه بقدرة الله و بركة رسوله .

و دخل النبي (عليه السلام) مع ميسرة إلى حصن من حصون اليهود ليشتروا خبزا و أدما فقال يهودي عندي مرادك و مضى إلى منزله و قال لزوجته اطلعي إلى عالي الدار فإذا دخل هذا الرجل فارمي هذه الصخرة عليه فبادرت المرأة الصخرة فهبط جبرئيل فضرب الصخرة بجناحه فخرقت الجدار و أتت تهتز كأنها صاعقة فاحتاطت بحلق الملعون و صارت في عنقه كدور الرحى فوقع كأنه المصروع .

فلما أفاق جلس و هو يبكي .

فقال له النبي (عليه السلام) : ويلك ما حملك على هذا الفعال ?

فقال يا محمد : لم يكن لي في المتاع حاجة بل أردت قتلك . و أنت معدن الكرم و سيد العرب و العجم اعف عني . فرحمه النبي (عليه السلام) فانزاحت الصخرة عن عنقه .

جابر و ابن عباس : قال رجل من قريش لأقتلن محمدا فوثب به فرسه فاندقت رقبته .

و استغاث الناس إلى معمر بن يزيد و كان أشجع الناس و مطاعا في بني كنانة فقال لقريش أنا أنه بحكم منه فعندي عشرون ألف مدجج فلا أرى هذا الحي من بني هاشم يقدرون على حربي فإن سألوني الدية أعطيتهم عشر ديات ففي مالي سعة و كان يتقلد بسيف طوله عشرة أشبار في عرض شبر فأهوى إلى النبي (عليه السلام) بسيفه و هو ساجد في الحجر فلما قرب منه عثر بدرعه فوقع ثم قام و قد أدمى وجهه بالحجارة

[77]

و هو يعدو أشد العدو حتى بلغ البطحاء فاجتمعوا إليه و غسلوا الدم عن وجهه و قالوا ما ذا أصابك ?

فقال : المغرور و الله من غررتموه .

قالوا : ما شأنك ?

قال : دعوني تعد إلى نفسي . ما رأيت كاليوم ?

قالوا : ما ذا أصابك ?

قال : لما دنوت منه وثب إلى من عند رأسه شجاعان أقرعان ينفخان بالنيران .

و روي : أن كلدة بن أسد رمى رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) بمزراق و هو بين دار عقيل و عقال فعاد المزراق إليه فوقع في صدره فعاد فزعا و انهزم و قيل له : ما لك ?

قال : ويحكم أ ما ترون الفحل خلفي .

قالوا : ما نرى شيئا .

قال : ويحكم فإني أراه فلم يزل يعدو حتى بلغ الطائف .

الواقدي : خرج النبي (عليه السلام) للحاجة في وسط النهار بعيدا فبلغ إلى أسفل ثنية الحجون فأتبعه النضر بن الحارث يرجو أن يغتاله فلما دنا منه عاد راجعا . فلقيه أبو جهل فقال : من أين جئت ?

قال :كنت طمعت أن أغتال محمدا فلما قربت منه فإذا أساود تضرب بأنيابها على رأسه فاتحة أفواهها .

فقال أبو جهل : هذا بعض سحرة .

و قصد إليه رجل بفهر و هو ساجد فلما رفع يده ليرمي به يبست يده على الحجر .

ابن عباس : كان النبي (عليه السلام) يقرأ في المسجد فيجهر بقراءته فتأذى به ناس من قريش فقاموا ليأخذوه و إذا أيديهم مجموعة إلى أعناقهم و إذا هم عمى لا يبصرون فجاءوا إلى النبي فقالوا ننشدك الله و الرحم فدعا النبي (عليه السلام) فذهب ذلك عنهم فنزلت يس إلى قوله فَهُمْ لا يُبْصِرُونَ .

أبو ذر : كان النبي (عليه السلام) في سجوده فرفع أبو لهب حجرا يلقيه عليه فثبت يده في الهواء فتضرع إلى النبي (عليه السلام) و عقد الإيمان لو عوفي لا يؤذيه فلما برأ قال : لأنت ساحر

[78]

حاذق فنزل تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ

و كان أبو جهل يطلب غرته فوجده يوما في سجوده فرفع صخرة عظيمة يدفعها عليه فأمسكت من يده و صار عبرة للناس فتضرع إلى النبي (عليه السلام) فدعا له بفرج فزالت .

و تكمن نضر بن الحرث بن كلدة لقتل النبي (عليه السلام) فلما سل سيفه رأى خائفا مستجيرا فقيل يا نضر هذا خير لك مما أردت يوم حنين مما حال الله بينك و بينه .

البييارى :

يا قومنا للمصطفى سالموا *** لا تنصبوا جهلا له حربكم

‏و اتلوا من القرآن ما قاله *** يا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ

غيره :

يقر له بالفضل من لا يؤده *** و يقضي له بالحكم من لا يثجم

فصل في استجابة دعواته (عليه السلام) :

سار النبي (عليه السلام) إلى بني شجاعة فجعل يعرض عليهم الإسلام فأبوا و خرجوا عليه في خمسة آلاف فارس فتبعوا النبي (عليه السلام) فلما لحقوا به عاجلهم بدعوات فهبت عليهم ريح فأهلكتهم عن آخرهم .

و لما سار إلى قتال المقعمع بن الهميسع البنهاني كان في طريق المسلمين جبل عظيم هائل تتعب فيه المطايا و تقف فيه الخيل فلما وصل المسلمون شكوا أمره إلى رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) و ما يلقون فيه من التعب و النصب فدعا النبي (عليه السلام) بدعوات فساخ الجبل في الأرض و تقطع قطعا .

و رمى رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ابن قمية بقذافة فأصاب كعبه حتى بدر السيف عن يده في يوم أحد و قال خذها مني و أنا ابن قمية فقال النبي (عليه السلام) أذلك الله و أقمأك فأتى ابن قمية تيس و هو نائم

[79]

فوضع قرنه في مراقه ثم دعسه فجعل ينادي وا ذلاه حتى أخرج قرنيه من ترقوته .

و كانت الكفار في حرب الأحزاب عشرة آلاف رجل و بنو قريظة قائمون بنصرتهم و السحابة في أظل سديد فرفع يديه و قال انزل الكتاب سريع الحساب اهزم الأحزاب فجاءتهم ريح عاصف تقلع خيامهم فانهزموا بإذن الله تعالى و أيدهم بجنود لم يروها .

و أخذ النبي يوم بدر كفا من التراب و يقال حصى و ترابا فرمى به في وجوه القوم فتفرق الحصى في وجوه المشركين فلم يصب من ذلك أحدا إلا قتل أو أسر و فيه نزل وَ ما رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَ لكِنَّ اللَّهَ رَمى .

القيرواني :

أعميت جيشا بكف من حصى فحثوا *** و عقلوا عن حراك النفل بالنفل

نصر بن المنتصر :

و من رمى كف حصاة في الوغى *** فهزم القوم العدى لما رمى

خطيب منيح .

و من نثر الحصى في يوم بدر *** فصاح بهم فولوا هاربينا

و من نصرته إمدادا عليهم *** ملائكة السماء مسومينا

ابن المهدي المامطيري في مجالسه : أن النبي (عليه السلام) كتب إلى كسرى : من محمد رسول الله إلى كسر بن هرمز أما بعد فأسلم تسلم و إلا فأذن بحرب من الله و رسوله و السلام على من اتبع الهدى .

فلما وصل إليه الكتاب مزقه و استخف به و قال : من هذا الذي يدعوني إلى دينه و يبدأ باسمه قبل اسمي و بعث إليه بتراب .

فقال (عليه السلام) : مزق الله ملكه كما مزق كتابي أما إنه ستمزقون ملكه و بعث إلي بتراب أما إنكم ستملكون أرضه . فكان كما قال الماوردي في أعلام النبوة : إن كسرى كتب في الوقت إلى عامله باليمن باذان

[80]

و يكنى أبا مهران أن احمل إلي هذا الذي يذكر أنه نبي و بدا باسمه قبل اسمي و دعاني إلى غير ديني .

فبعث إليه فيروز الديلمي في جماعة مع كتاب يذكر فيه ما كتب به كسرى فأتاه فيروز بمن معه فقال له إن كسرى أمرني أن أحملك إليه .

فاستنظره ليلة .

فلما كان من الغد حضر فيروز مستحشا فقال النبي (عليه السلام) : أخبرني ربي أنه قتل ربك البارحة سلط الله عليه ابنه شيرويه على سبع ساعات من الليل فأمسك حتى تأتيك الخبر .

فراع ذلك فيروز و هاله و عاد إلى باذان فأخبره .

فقال له باذان : كيف وجدت نفسك حين دخلت عليه ?

فقال : و الله ما هبت أحدا كهيبة هذا الرجل .

فوصل الخبر بقتله في تلك الليلة من تلك الساعة فأسلما جميعا .

و ظهر العنسي من افتراه من الكذب فأرسل (صلّى الله عليه وآله وسلّم) إلى فيروز اقتله قتله الله فقتله .

بيت :

و الفرس أخبرها عن قتل صاحبها *** پرويز إذ جاءه فيروز في شغل

جابر بن عبد الله : لما قتل العرنيون راعي النبي (عليه السلام) دعا عليهم فقال اللهم عم عليهم الطريق قال فعمي عليهم حتى أدركوهم و أخذوهم .

روت العامة عن الصادق (عليه السلام) و عن ابن عباس أنه لما نزل : وَ النَّجْمِ قال عتبة بن أبي لهب كفرت بالنجم إذا هوى و بالنجم إذا تدلى .

و في رواية : أنه أتاه و طلق ابنته و تفل في وجهه و قال كفرت بالنجم و رب النجم .

فقال النبي (عليه السلام) : اللهم سلط عليه كلبا من كلابك .

فخرج في سفر الشام مع قريش فلما نزلوا تحت دير حذرهم الديراني من الأسود فقال أبو لهب يا معشر قريش أعينوني الليلة فإني أخاف على ابني دعوة محمد فجعلوه في وسطهم فأتى أسد معه زئير و قال هذا عتبة بن أبي لهب خرج من مكة مستخفيا زعم أنه يقتل محمدا فافترسه و لم يأكله و في ذلك يقول حسان بن ثابت :

back page fehrest page next page