[81]
سائل بني الأشعر إذ جئتهم *** ما كان أنباء بني واسع
لا وسع الله له قبره *** بل ضيق الله على القاطع
رمى رسول الله من بينهم *** دون قريش رمية القاذع
فاستوجب الدعوة منهم بما *** بين للناظر و السامع
أن سلط الله به كلبه *** يمشي الهوينا مشية الخادع
حتى أتاه وسط أصحابه *** و قد علتهم سنة الهاجع
فالتقم الرأس بيافوخه *** و النحر منه فغرة الجائع
ثم علا بعد بأنيابه *** منعفرا وسط دم ناقع
من يرجع العام إلى أهله *** فما أكيل السبع بالراجع
قد كان هذا لكم عبرة *** للسيد المتبوع و التابع
حكى الحكم بن العاص مشية رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) مستهزئا :
فقال (عليه السلام) : كذلك فلتكن .
و لم يزل يرتعش حتى مات .
و خطب (عليه السلام) امرأة فقال أبوها إن بها برصا امتناعا من خطبته و لم يكن بها برص .
فقال (عليه السلام) : فلتكن كذلك , فبرصت . و هي أم شبيب البرصاء .
الشاعر الأغاني : إن النبي (عليه السلام) نظر إلى زهير بن أبي سلمى و له مائة سنة فقال اللهم أعذني من شيطانه فما لاك بيتا حتى مات .
و نهى النبي أن ينقر الرجل لحيته في الصلاة فرأى رجلا ينقر شعره فقال فتح الله شعرك فصلع مكانه .
سلمة بن الأكوع عن أبيه عن النبي (عليه السلام) : أنه رأى رجلا يأكل بشماله فقال كل بيمينك فقال لا استطعت فما نالت يمينه فاه بعد .
الواقدي : كتب النبي (عليه السلام) إلى بني حارثة بن عمرو يدعوهم إلى الإسلام فأخذوا كتاب النبي (عليه السلام) فغسلوه و رقعوا به أسفل دلوهم .
فقال النبي (عليه السلام) : ما لهم أذهب الله عقولهم .
فقال : فهم أهل وعدة و عجلة و كلام مختبط و سفه .
و خاف النبي (عليه السلام) من قريش فدخل بين الأراك فنفرت الإبل .
فجاء أبو ثروان إليه و قال :من أنت ?
قال :رجل أستأنس إلى إبلك .
قال :أراك صاحب قريش ?
قال :أنا محمد رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) .
قال : قم و الله لا تصلح إبل أنت فيها .
فقال النبي (عليه السلام) : اللهم أطل شقاه و بقاه .
قال عبد الملك إني رأيته شيخا كبيرا يتمنى الموت فلا يموت فكان يقول له القوم هذا بدعوة النبي (عليه السلام) .
[82]
ابن عباس و مجاهد في قوله تعالى : ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً جاء خباب بن الأرت فقال يا رسول الله ادع ربك أن يستنصر لنا على مضر .
فقال : إنكم لتعجلون ثم قال بعد كلام له : اللهم اشدد وطأتك على مضر و اجعل عليها سنين كسني يوسف .
و في خبر : اللهم سبعا كسني يوسف .
فقطع الله عنهم المطر حتى مات الشجر و ذهب الثمر و أجدبت الأرض و ماتت المواشي و اشتووا القد و أكلوا العلهز فعطفوه و عطف و رغب إلى الله فمطروا و مطر أهل المدينة مطرا خافوا الغرق و انهدام البنيان فشكوا إليه ذلك فقال اللهم حوالينا و لا علينا فطاف بها حولها مستديرا و هي في فجوته كالدارة .
و لما كلم النبي (عليه السلام) في سبي هوازن ردوا عليهم سبيهم إلا رجلين .
فقال النبي (عليه السلام) : خير و هما أما أحدهما قال إني أتركه و أما الآخر فقال لا أتركه فلما أدبر الرجل قال النبي (عليه السلام) اللهم أخس سهمه .
فكان يمر بالجارية البكر و الغلام فيدعه حتى مر بعجوز فقال : إني آخذ هذه فإنها أم حي فيفادونها مني بما قدروا عليه .
فقال عطية السعدي : عجوز يا رسول الله سبية بتراء ما لها أحد فلما رأى أنه لا يعرفها أحد تركها .
الحميري :
و اسأل بني الحسحاس تخبر أنه *** كاد الوصي برشق سهم مقصد
فدعا عليه المصطفى في قومه *** بدعاء محمود الدعاء مؤيد
فتعطلت يمني يديه عقوبة *** و أتى عشيرته بوجه أسود
يعني دعا النبي (عليه السلام) عليه و هو كان عزم على الرمي غملة لعلي بن أبي طالب .
[83]
العباس بن مرداس :
يا ختم النبأ أنك مرسل *** بالحق كل هدى السبيل هداكا
إن الإله بنى عليك محبة *** في خلقه و محمدا سماكا
و أما من دعا له (عليه السلام) فمثل :
ما روى مرة بن جعيل الأشجعي قال : غزوت مع النبي (عليه السلام) في بعض غزوات فقال لي : سر ياصاحب الفرس .
فقلت يا رسول الله : هي عجفاء ضعيفة .
قال : فضربها بشيء في يده و قال : اللهم بارك له فيها فو الله لقد رأيتني أمسك رأسها أن تقدم على الناس و لقد بعت من وطئها باثني عشر ألفا .
و في حديث جابر إن امرأة من المسلمين قالت أريد ما تريد المسلمة .
فقال النبي (عليه السلام) : علي بزوجها .
فجيء به فقال له : في ذلك .
ثم قال لها : أ تبغضينه قالت نعم و الذي أكرمك بالحق .
فقال : أدنيا رءوسكما فأدنيا فوضع جبهتها على وجهه ثم قال : اللهم ألف بينهما و حبب أحدهما إلى صاحبه .
ثم رآها النبي (عليه السلام) تحمل الأدم على رقبتها و عرفته فرمت الأدم ثم قبلت رجليه .
فقال (عليه السلام) : كيف أنت و زوجك ?
فقالت : و الذي أكرمك بالحق ما في الزمان أحد أحب إلي منه .
و كان عند خديجة امرأة عمياء . فقال (عليه السلام) : لتكونن عيناك صحيحتين .
فصحتا . فقالت خديجة : هذا دعاء مبارك .
فقال (عليه السلام) : و ما أرسلناك إلا رحمة .
و دعا (عليه السلام) لقيصر فقال ثبت الله ملكه . كما كان دعا على كسرى مزق الله ملكه فكان كما قال .
سلمان : إنه مرض أبو طالب فعاده الرسول (عليه السلام) فقال : سل ربك أن يعافيني .
فقال : اللهم اشف عمي .
فقام أبو طالب كأنه أنشط من عقال .
و استسقى (عليه السلام) عمرو بن أخط فأتاه بجمجمة فيها ماء و فيها شعرة فأخذها و قال : جملك الله .
فرئي بعد ثلاث و تسعين سنة أسود الرأس و الجسد .
جعفر بن نسطور الرومي : كنت مع النبي (عليه السلام) في غزوة تبوك فسقط من يده السوط
[84]
فنزلت عن جوادي فرفعته و دفعته إليه فنظر إلي و قال يا جعفر مد الله في عمرك مدا فعاش ثلاثمائة و عشرين سنة .
و قوله (عليه السلام) للنابغة و قد مدحه لا يفضض الله فاك فعاش مائة و ثلاثين سنة كلما سقطت له سن نبتت له أخرى أحسن منها ذكره المرتضى في الغرر .
و عن ميمونة أن عمرو بن الحمق سقى النبي (عليه السلام) لبنا فقال اللهم أمتعه بشبابه فمرت عليه ثمانون سنة لم ير شعره بيضاء .
و مر النبي (عليه السلام) بعبد الله بن جعفر و هو يصنع شيئا من طين من لعب الصبيان .
فقال : ما تصنع بهذا ?
قال : أبيعه قال ما تصنع بثمنه قال أشتري رطبا فآكله .
فقال له النبي (عليه السلام) : اللهم بارك له في صفقة يمينه .
فكان يقال ما اشترى شيئا قط إلا ربح فيه فصار أمره إلى أن يمثل به .فقالوا : عبد الله بن جعفر الجواد . كان أهل المدينة يتداينون بعضهم من بعض إلى أن يأتي عطاء عبد الله بن جعفر .
أبو هريرة : أتيت النبي (عليه السلام) بتميرات فقلت ادع لي بالبركة فيهن فدعا ثم قال اجعلهن في المزود .
قال : فلقد حملت منها كذي و كذي وسقا .
و قوله (عليه السلام) في ابن عباس : اللهم فقهه في الدين فخرج بحرا في العلم و حبرا للأمة .
و قال أمير المؤمنين (عليه السلام) : بعثني رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) إلى اليمن .
فقلت يا رسول الله : تبعثني و أنا حدث السن و لا علم لي بالقضاء ?
قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) : فانطلق فإن الله سيهدي قلبك و يثبت لسانك .
قال علي (عليه السلام) : فما شككت في قضاء بين اثنين .
في نزهة الأبصار : إن النبي (عليه السلام) قال لسعد : اللهم سدد رميته و أجب دعوته ,و ذلك أنه كان يرمي . فيقال إنه تخلف يوم القادسية عن الوقعة لفترة عرضت له فقال فيه شاعر :
أ لم تر أن الله أظهر دينه *** و سعد بباب القادسية معصم
رجعنا و قد آمت نساء كثيرة *** و نسوة سعد ليس فيهن أيم
فبلغ ذلك سعدا فقال : اللهم أخرس لسانه فشهد حربا فأصابته رمية فخرس من ذلك لسانه .
[85]
و رأى سعد رجلا بالمدينة راكبا على بعير يشتم عليا (عليه السلام) فقال : اللهم إن كان هذا الشيخ وليا من أوليائك فأرنا قدرتك فيه فنفر به بعيره فألقاه فاندقت رقبته .
و سمع النبي (عليه السلام) في مسيره إلى خيبر سوق عامر بن الأكوع بقوله :
لا هم لو لا أنت ما اهتدينا *** و لا تصدقنا و لا صلينا
فقال (عليه السلام) برحمة الله .
قال رجل : وجبت يا رسول الله لو لا أمتقنا به . و ذلك أن النبي (عليه السلام) ما استغفر قط لرجل يخصه إلا استشهد .
و كان الناس يحفرون الخندق و ينشدون سوى سلمان فقال النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) اللهم أطلق لسان سلمان و لو على بيتين من الشعر فأنشأ سلمان :
ما لي لسان فأقول شعرا *** أسأل ربي قوة و نصرا
على عدوي و عدو الطهرا *** محمد المختار حاز الفخرا
حتى أتاك في الجنان قصرا *** مع كل حوراء تحاكي البدرا
فضج المسلمون و جعل كل قبيلة يقول سلمان منا .
فقال النبي (عليه السلام) : سلمان منا أهل البيت .
أمير المؤمنين (عليه السلام) .
أ لم تر أن الله أبلى رسوله *** بلاء عزيز ذي اقتدار و ذي فضل
و قد أنزل الكفار دار مذلة *** فلاقوا هوانا من إسار و من قتل
فأمسى رسول الله قد عز نصره *** و كان أمين الله أرسل بالعدل
فجاء بفرقان من الله منزل *** مبينة آياته لذوي العقل
فآمن أقوام بذاك فأيقنوا *** فامسوا بحمد الله مجتمعي الشمل
و أنكر أقوام فزاغت قلوبهم *** فزادهم ذو العرش خبلا على خبل
و حكم فيهم يوم بدر رسوله *** و قوما كماة فعلهم أحسن الفعل
[86]
فصل في الهواتف في المنام أو من الأصنام :
لَهُمُ الْبُشْرى فِي الْحَياةِ الدُّنْيا في حديث مازن بن العصفور الطائي إنه لما نحر عتيرة سمع من صنمه .
بعث نبي من مضر *** فدع نحيتا من حجر
ثم نحر يوم آخر نحرة أخرى فسمع منه :
هذا نبي مرسل *** جاء بخير منزل
أبو عميس قال سمعت قريش في الليل هاتفا على أبي قبيس يقول شعرا :
إذا أسلم السعدان يصبح بمكة *** محمد لا يخشى خلاف المخالف
فلما أصبحوا قال أبو سفيان من السعدان سعد بكر و سعد تميم ثم سمع في الليلة الثانية :
أيا سعد سعد الأوس كن أنت ناصرا *** و يا سعد سعد الخزرجين غطارف
أجيبا إلى داع الهدى و تمنيا *** على الله في الفردوس خير زخارف
فلما أصبحوا قال أبو سفيان هو سعد بن معاذ و سعد بن عبادة قال تميم الداري أدركني الليل في بعض طرقات الشام فلما أخذت مضجعي قلت أنا الليلة في جوار هذا الوادي فإذا مناد يقول عذ بالله فإن الجن لا تجير أحدا على الله قد بعث نبي الأميين رسول الله و قد صلينا خلفه بالحجون و ذهب كيد الشياطين و رميت بالشهب فانطلق إلى محمد رسول رب العالمين سعيد بن جبير قال قال سواد بن قارب نمت على جبل من جبال السراة فأتاني آت و ضربني برجله و قال قم يا سواد بن قارب أتاك رسول من لوي بن غالب فلما استويت أدبر و هو يقول :
عجبت للجن و أرجاسها *** و رحلها العيس بأحلاسها
تهوي إلى مكة تبغي الهدى *** ما صالحوها مثل أنجاسها
[87]
فعدت فنمت فضربني برجله فقال مثل الأول فأدبر قائلا :
عجبت للجن و تطلابها *** و رحلها العيس بأقتابها
تهوي إلى مكة تبغي الهدى *** ما صادقوها مثل كذابها
فعدت فنمت فضربني برجله فقال مثل الأول فلما استويت أدبر و هو يقول :
عجبت للجن و أشرارها *** و رحلها العيس بأكوارها
تهوي إلى مكة تبغي الهدى *** ما مؤمنوها مثل كفارها
قال فركبت ناقتي و أتيت مكة عند النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) و أنشدته :
أتاني جن قبل هدء و رقده *** و لم يك فيما قد أتانا بكاذب
ثلاث ليال قوله كل ليلة *** أتاك رسول من لوي بن غالب
فأشهد أن الله لا رب غيره *** و أنك مأمون على كل غائب
و كان لبني عذرة صنم يقال له حمام فلما بعث النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) سمع من جوفه يقول يا بني هند بن خرام ظهر الحق و أودي حمام و دفع الشرك الإسلام ثم نادى بعد أيام لطارق يقول :
يا طارق يا طارق *** بعث النبي الصادق
جاء بوحي ناطق
صدع صادع بتهامة لناصريه السلامة و لخاذليه الندامة
هذا الوداع مني إلى يوم القيامة
ثم وقع الصنم لوجهه فتكسر .
قال زيد بن ربيعة : فأتيت النبي (عليه السلام) فأخبرته بذلك فقال كلام الجن المؤمنين فدعانا إلى الإسلام و سمع صوت الجن بمكة ليلة خرج النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) .
جزى الله رب الناس خير جزائه *** رسولا أتى في خيمتي أم معبد
فيا لقصي ما زوى الله عنكم *** به من فعال لا يجازى بسودد
فأجابه حسان في قوله :
لقد خاب قوم زال عنهم نبيهم *** و قد سر من يسري إليه و يقتدي
[88]
نبي يرى ما لا يرى الناس حوله *** و يتلو كتاب الله في كل مشهد
و إن قال في يوم مقالة غائب *** فتصديقها في ضحوة العيد أو غد
و هتف من جبال مكة يوم بدر :
أذل الحنيفيون بدرا بوقعة *** سينقض منها ملك كسرى و قيصرا
أصاب رجالا من لوي و جردت *** حرائر نصر بن الحرائر حسرا
ألا ويح من أمسى عدو محمد *** لقد ذاق خزيا في الحياة و خسرا
و أصبح في هامي العجاجة معفرا *** تناوله الطيرا لجياع و تنقرا
فعلموا الواقعة و ظهر الخبر من الغد .
و دخل العباس بن مرداس السلمي على وثن يقال له الضمير فكنس ما حوله و مسحه و قبله فإذا بصائح يصيح يا عباس بن مرداس .
شعر :
قل للقبائل من سليم كلها *** هلك الضمير و فاز أهل المسجد
هلك الضمير و كان يعبد مرة *** قبل الكتاب إلى النبي محمد
إن الذي جاء بالنبوة و الهدى *** بعد ابن مريم من قريش مهتد
فخرج في ثلاثمائة راكب من قومه إلى النبي (عليه السلام) فلما رآه النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) تبسم .
ثم قال يا عباس بن مرداس : كيف كان إسلامك ?
فقص عليه القصة .
فقال : صدقت و سر بذلك .
و في حديث سيار الغساني لما قال له عمر أ كاهن أنت فقال : قد هدى الله بالإسلام كل جاهل و دفع بالحق كل باطل و أقام بالقرآن كل مائل ,القصة . فأخذت ظبية بذي العسف فإذا بهاتف :
يا أيها الركب السراع الأربعة *** خلوا سبيل الظبية المروعة
فخليتها .
فلما جن الليل فإذا أنا بهاتف يقول :
خذها و لا تعجل و خذها عن ثقة *** فإن شر السير سير الحقحقة
هذا نبي فائز من حققه
و قال عمرو بن جبلة الكلبي : عترنا عتيرة لعمرة (اسم صنم) فسمعنا من جوفه مخاطب سادته :
[89]
يا عصام يا عصام جاء الإسلام و ذهبت الأصنام و حقنت الدماء و وصلت الأرحام. ففزعت من ذلك .
ثم عترنا أخرى فسمعنا يقول لرجل اسمه بكر , يا بكر بن جبل : جاء النبي المرسل يصدقه المطعمون في المحل أرباب يثرب ذات النخل و يكذبه أهل نجد و تهامة و أهل فلح و اليمامة فأتيا إلى النبي و أسلما .
و أنشد عمرو :
أجبت رسول الله إذ جاء بالهدى *** فأصبحت بعد الحمد لله أوحدا
وتكلم شيطان من جوف هبل بهذه الأبيات :
قاتل الله رهط كعب بن فهر *** ما أضل العقول و الأحلاما
جاءنا تائه يعيب علينا *** دين آبائنا الحماة الكراما
فسجدوا كلهم و تنقصوا النبي (عليه السلام) و قال هلموا غدا نسمع أيضا .
فحزن النبي (عليه السلام) من ذلك .
فأتاه جني مؤمن و قال يا رسول الله : أنا قتلت مسعر الشيطان المتكلم في الأوثان فاحضر المجمع لأجيبه فلما اجتمعوا و دخل النبي (عليه السلام) خرت الأصنام على وجوهها فنصبوها و قالوا : تكلم .
فقال :
أنا الذي سماني المطهرا *** أنا قتلت ذا الفخور مسعرا
إذا طغى لما طغى و استكبرا *** و أنكر الحق و رام المنكرا
بشتمه نبينا المطهرا *** قد أنزل الله عليه السورا
من بعد موسى فأتبعنا الأثر
فقالوا إن محمدا يخادع اللات كما خادعنا سادته .
تاريخ الطبري إنه روي الزهري في حديث جبير بن مطعم عن أبيه قال : كنا جلوسا قبل أن يبعث رسول الله بشهر نحرنا جزورا فإذا صائح يصيح في جوف الصنم : اسمعوا العجب ذهب استراق الوحي و يرمى بالشهب لنبي بمكة اسمه محمد مهاجرته إلى يثرب سادته .
الطبري في حديث ابن إسحاق و الزهري عن عبد الله بن كعب مولى عثمان أنه قال عمر : لقد كنا في الجاهلية نعبد الأصنام و نعنق الأوثان حتى أكرمنا الله بالإسلام .
فقال الأعرابي : لقد كنت كاهنا في الجاهلية .
قال : فأخبرنا ما عجب ما جاءك به صاحبك .
قال جاءني قبل الإسلام جاء فقال : أ لم تر إلى الجن بألسنها و إياسها من دينها و لحافها بالقلاص و أحلاسها .
[90]
فقال عمر : إني و الله لعند وثن من أوثان الجاهلية في معشر من قريش قد ذبح له رجل من العرب عجلا فنحن ننظر قسمه ليقسم لنا منه إذ سمعت من جوف العجل صوتا ما سمعت صوتا قط أنفذ منه و ذلك قبل الإسلام بشهر أو سنة يقول :
يا لذريح أمر نجيح رجل فصيح يقول لا إله إلا الله .
و منه حديث الخثعمي و حديث سعد بن عمر و الهذلي .
فصل في نطق الجمادات :
وَ إِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَ لكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ .
أمير المؤمنين : كنت أخرج مع رسول الله إلى أسفل مكة و أشجارها و لا يمر بحجر و لا شجر إلا قالت السلام عليك يا رسول الله و أنا أسمع .
علقمة و ابن مسعود : كنا نجلس مع النبي (عليه السلام) و نسمع الطعام يسبح و رسول الله يأكل و أتاه مكرز العامري و سأله آية فدعا تسع حصاة فسبحن في يده و في حديث فوضعهن على الأرض فلم يسبحن و سكتن ثم عاد و أخذهن فسبحن .
ابن عباس قال : قدم ملوك حضرموت على النبي (عليه السلام) فقالوا كيف نعلم أنك رسول الله فأخذ كفا من حصى فقال هذا يشهد أني رسول الله فسبح الحصى في يده و شهد أنه رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) .
النبي (عليه السلام) قال : إني لأعرف حجرا بمكة ما مررت عليه إلا سلم عليّ .
أبو هريرة و جابر الأنصاري و ابن عباس و أبي بن كعب و زين العابدين (عليه السلام) : أن النبي (عليه السلام) كان يخطب بالمدينة إلى بعض الأجذاع فلما كثر الناس و اتخذوا له منبرا و تحول إليه حن كما تحن الناقة فلما جن إليه و التزمه كان يئن أنين الصبي الذي يسكت .
و في رواية : فاحتضنه رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) فقال : لو لم أحتضنه لحن إلى يوم القيامة .
و في رواية : فدعاه النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) فأقبل يخد الأرض و التزمه . و قال : عد إلى مكانك فمر كأحد الخيل .
و في مسند أحمد قال أبي بن كعب قال النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) : اسكن اسكن إن تشأ غرستك في الجنة فيأكل منك الصالحون
[91]
و إن تشأ أعيدك كما كنت رطبا فاختار الآخرة على الدنيا .
و في سنن ابن ماجة : لما هدم المسجد أخذ أبي بن كعب الجذع الحنانة و كان عنده في بيته حتى بلي فأكلته الأرضة و عاد رفاتا .
خطيب منيح :
و من أضحى عليه الجذع لما ***تولى منه مكتئبا حزينا
و حن إليه من كلف و شوق *** فأظهر معلنا منه الحنينا
غيره .
و الجذع حن لئن فارقته أسفا *** حنين ثكلى شجتها لوعة الثكل
ما صبر من صار من عين على أثر *** و حال من حال عن حال إلى عطل
اليهود تسمّ النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) :
أمير المؤمنين (عليه السلام) : إن اليهود اجتمعت عند امرأة يقال لها عبدة على أن تسمه في هذه الشاة فشوتها ثم اجتمعت الرؤساء في بيتها .
فأتت رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) فقالت : يا محمد قد علمت ما توجب لي من حق الجوار و قد أحضرني رؤساء اليهود فزيني بأصحابك .
فقام رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) و معه علي و أبو دجانة و أبو أيوب و سهل بن حنيف و في خبر و سلمان و المقداد و عمار و صهيب و أبو ذر و بلال و البراء بن معرور .
فلما دخلوا و أخرجت الشاة سدوا آنافهم بالصوف و قاموا على أرجلهم و توكئوا على عصيهم .
فقال النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) : اقعدوا .
فقالوا : إنا إذا زارنا نبي لا نقعد و كرهنا أن يصل إليه أنفاسنا .
فلما وضعت الشاة بين يديه تكلم كتفها فقالت : مه يا محمد لا تأكل مني فإني مسمومة .
فدعا رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) عبدة فقال لها : ما حملك على ما صنعت ?
قالت : قلت إن كان نبيا لا يضره , و إن كان كذابا أرحت قومي منه .
فهبط جبرئيل فقال السلام يقرؤك السلام و يقول قل : بسم الله الذي يسميه كل مؤمن و عز به كل مؤمن و بنوره الذي أضاءت به السماوات و الأرض و بقدرته التي خضع لها كل جبار عنيد و انتكس كل شيطان مريد من شر السم و السحر و اللمم بسم العلي الملك الفرد الذي لا إله إلا هو و ننزل من القرآن ما هو شفاء
[92]
و رحمة للمؤمنين و لا يزيد الظالمين إلا خسارا . فقال النبي (عليه السلام) ذلك . و أمر أصحابه فتكلموا به . ثم قال كلوا . ثم أمرهم أن يحتجموا .
و في خبر : أن البراء بن معرور أخذ منه لقمة أول القوم فوضعها في فيه فقال له أمير المؤمنين لا تتقدم رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) في كلام له جاءت به هذه و كانت يهودية و لسنا نعرف حالها فإن أكلته بأمر رسول الله فهو الضامن لسلامتك منه و إذا أكلته بغير إذنه وكلك إلى نفسك فنطق الذراع و سقط البراء و مات .