و روى أبو هريرة في أصحاب الصفة و قد وضعت بين أيديهم صحفة : فوضع النبي يده فيها فأكلوا و بقيت ملأى فيها أثر الأصابع .
و مثله حديث ثابت بن أسلم البناني عن أنس في عرس زينب بنت جحش .
و روي أن أم شريك : أهدت إلى النبي (عليه السلام) عكة فيها سمن فأمر النبي الخادم ففرغها و ردها خالية .
فجاءت أم شريك فوجدت العكة ملأى فلم تزل تأخذ منها السمن زمانا طويلا . و أبقى لها شرفا .
و أعطى (عليه السلام) لعجوز قصعة فيها عسل فكانت تأكل و لا تفنى فيوما من الأيام حولت ما كان فيها إلى إناء آخر ففني سريعا فجاءت إلي النبي و أخبرته بذلك فقال (عليه السلام) إن الأول كان من فعل الله و صنعه و الثاني كان من فعلك .
[104]
و قال جابر : إن رجلا أتى النبي يستطعمه فأطعمه وسق شعير فما زال الرجل يأكل منه و امرأته و وصيفهما حتى كاله فأتى النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) فأخبره فقال لو لم تكيلوه لأكلتم منه و لقام بكم .
و قال أبو هريرة : أتيت إلى النبي (عليه السلام) بتميرات فقلت ادع الله لي بالبركة يا رسول الله قال فوضعهن في يده ثم دعا بالبركة قال فجعلتها في جراب فلم نزل نأكل منه و نطعم و كان لا يفارقني فلما قتل عثمان كان على حقوي فسقط و ذهب و كنت عنه في شغل .
جابر بن عبد الله و البراء بن عازب و سلمة بن الأكوع و المسور بن مخزمة : فلما نزل النبي (عليه السلام) بالحديبية في ألف و خمسمائة و ذلك في حر شديد قالوا يا رسول الله ما بها من ماء و الوادي يابس و قريش في بلدح في ماء كثير فدعا بدلو من ماء فتوضأ من الدلو و مضمض فاه ثم مج فيه و أمر أن يصب في البئر فجاشت فسقينا و استقينا و في رواية فنزع سهما من كنانته فألقاه في البئر ففارت بالماء حتى جعلوا يغترفون بأيديهم منها و هم جلوس على شفتها .
أبو عوانة و أبو هريرة أنه (صلّى الله عليه وآله وسلّم) : أعطى ناجية بن عمرو نشابة و أمر أن يقعرها في البئر فامتلأ البئر ماء فأتته امرأة فأنشأت :
يا أيها الماتح دلوي دونكا *** إني رأيت الناس يحمدونكا
يثنون خيرا و يمجدونكا *** أرجوك للخير كما يرجونكا
فأجابها ناجية :
قد علمت جارية يمانية *** إني أنا الماتح و اسمي ناجية
و طعنة ذات رشاش واهية *** طعنتها تحت صدور العانية
و في رواية : أنه دفعها إلى البراء بن عازب و قال أغرز هذا السهم في بعض قليب
[105]
الحديبية فجاءت قريش و معهم سهيل بن عمرو فأشرفوا على القليب و العيون تنبع تحت السهم فقالت ما رأينا كاليوم قط و هذا من سحر محمد قليل فلما أمر الناس بالرحيل قال خذوا حاجتكم من الماء ثم قال للبراء اذهب فرد السهم فلما فرغوا و ارتحلوا أخذ البراء السهم فجف الماء كأنه لم يكن هناك ماء .
أمير المؤمنين (عليه السلام) : أن رسول الله أمرني في بعض غزواته و قد نفد الماء يا علي قم و ائت بتنور قال فأتيته فوضع يده اليمنى و يدي معها في التنور فقال انبع فنبع .
و في رواية سالم بن أبي الجعد و أنس : فجعل الماء يخرج من بين أصابعه كأنه العيون فشربنا و وسعنا و ذلك في يوم الشجرة و كانوا في ألف و خمسمائة رجل .
و شكا أصحابه إليه في غزوة تبوك من العطش فدفع سهما إلى رجل فقال انزل فأغرزه في الركي ففعل ففار الماء فطمى إلى أعلى الركي فارتوى منه ثلاثون ألف رجل في دوابهم و وضع (عليه السلام) يده تحت وشل بوادي المشفق فجعل ينصب في يديه فانخرق الماء حتى سمع له حس كحس الصواعق فشرب الناس و استقوا حاجتهم منه فقال رسول الله لئن بقيتم أو بقي منكم أحد ليسمعن بهذا الوادي و هو أخصب ما بين يديه و ما خلفه .
قيل و هو إلى اليوم كما قاله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) و في رواية أبي قتادة كان يتفجر الماء من بين أصابعه لما وضع يده فيها حتى شرب الماء الجيش العظيم و سقوا و تزودوا في غزوة بني المصطلق و في رواية علقمة بن عبد الله أنه وضع يده في الإناء فجعل الماء يفور من بين أصابعه فقال حي على الوضوء و البركة من الله فتوضأ القوم كلهم .
و في حديث أبي ليلى شكونا إلى النبي (عليه السلام) من العطش فأمر بحفره فحفرت فوضع عليها نطعا و وضع يده على النطع و قال هل من ماء فقال لصاحب الإداوة صب الماء على كفي و اذكر اسم الله ففعل فلقد رأيت الماء ينبع من بين أصابع رسول الله حتى روى القوم و سقوا ركابهم .
و شكا إليه الجيش في بعض غزواته (صلّى الله عليه وآله وسلّم) فقدان الماء فوضع (عليه السلام) يده في القدح فضاق
[106]
القدح عن يده فقال للناس اشربوا فشرب الجيش و أسقوا و توضئوا و ملئوا المزاود و منه حديث معاد .
بيت :
و أنبع الماء عذبا من أنامله *** من غير ما صخرة كانت على وشل
أنشد :
أنت الذي أنبع في راحته *** من حجر ماء معينا فجرى
أنشد أيضا .
و من فاضت أنامله بماء *** سقاه لواردين و صادرينا
و قرب جفنة صنعت لعشر *** على قدر فأطعمها مئينا
و عادت بعد أكل القوم ملأى *** يفور عليهم لحما سمينا
فصل في معجزات أقواله (عليه السلام) :
مثل ما أخبر به عن الله تعالى في القرآن وَ لَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ و قوله وَ إِذا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنا الآية و قوله فَإِذا جاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ و قوله حَتَّى إِذا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَ مَأْجُوجُ و قوله إِذَا السَّماءُ انْفَطَرَتْ و أمثالها .
أبو رجاء العطاردي قال : أول ما أنكرنا عند مبعث النبي (عليه السلام) انقضاض الكواكب قال الزجاج في قوله فاسترق السمع فَأَتْبَعَهُ شِهابٌ ثاقِبٌ الشهاب من معجزات نبينا لأنه لم ير قبل زمانه و الدليل عليه أن الشعراء كانوا يمثلون في السرعة بالبرق و السيل و لم يوجد في أشعارها بيت واحد فيه ذكر الكواكب المنقضة فلما حدثت بعد مولده (عليه السلام) استعملت قال ذو الرمة :
كأنه كوكب في أثر عفرية *** مسود من سواد الليل مقتضب
[107]
الضحاك في قوله : فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّماءُ بِدُخانٍ الآيات كان الرجل لما به من الجوع يرى بينه و بين السماء كالدخان و أكلوا الميتة و العظام ثم جاءوا إلى النبي (عليه السلام) و قالوا يا محمد جئت بصلة الرحم و قومك قد هلكوا فاسأل الله تعالى لهم الخصب و السعة فكشف الله عنهم ثم عادوا إلى الكفر .
الزبيري و الشعبي : أن قيصر حارب كسرى فكان هوى المسلمين مع قيصر لأنه صاحب كتاب و ملة و أشد تعظيما لأمر النبي (عليه السلام) و كان وضع كتابه على عينه و أمر كسرى بتمزيقه حين أتاهما كتابه يدعوهما إلى الحق فلما كثر الكلام بين المسلمين و المشركين قرأ الرسول (عليه السلام) الم غُلِبَتِ الرُّومُ ثم حدد الوقت في قوله بِضْعِ سِنِينَ ثم أكده في قوله وَعْدَ اللَّهِ فغلبوا يوم الحديبية و بنوا الرومية .
و روي عنه (عليه السلام) : لفارس نطحة أو نطحتان ثم قال لا فارس بعدها أبدا و الروم ذات القرون كلما ذهب قرن خلف قرن هبهب إلى آخر الأبد .
قتادة و جابر بن عبد الله في قوله : وَ إِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ لَمَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ نزل في النجاشي لما مات نعاه جبرئيل إلى النبي (عليه السلام) فجمع الناس في البقيع و كشف له من المدينة إلى أرض الحبشة فأبصر سرير النجاشي و صلى عليه فقالت المنافقون في ذلك فجاءت الأخبار من كل جانب أنه مات في ذلك اليوم في تلك الساعة و ما علم هرقل بموته إلا من تجار رأوا بالمدينة .
الكلبي في قوله : فَشُدُّوا الْوَثاقَ ثم نزلت في العباس لما أسر في يوم بدر فقال له النبي (عليه السلام) أفد نفسك و ابني أخيك يعني عقيلا و نوفلا و حليفك يعني عتبة بن أبي جحدر فإنك ذو مال فقال إن القوم استكرهوني و لا مال عندي قال فأين المال الذي وضعته بمكة عند أم الفضل حين خرجت و لم يكن معكما أحد و قلت إن أصبت في سفري فللفضل كذا و كذا و لعبد الله كذا و لقثم كذا قال و الذي بعثك بالحق نبيا
[108]
ما علم بهذا أحد غيرها و إني لأعلم أنك لرسول الله ففدى نفسه بمائة أوقية و كل واحد بمائة أوقية فنزل يا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِمَنْ فِي أَيْدِيكُمْ مِنَ الْأَسْرى الآية فكان العباس يقول صدق الله و صدق رسوله فإنه كان معي عشرون أوقية فأخذت فأعطاني الله مكانها عشرين عبدا كل منهم يضرب بمال كثير أدناهم يضرب بعشرين ألف درهم .
و قال أبو جعفر (عليه السلام) : بينا رسول الله في المسجد إذ قال قم يا فلان قم يا فلان حتى أخرج خمسة نفر فقال اخرجوا من مسجدنا لا تصلون فيه و أنتم لا تزكون و حكمه لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرامَ .
و فيه حديث عمرو : مثل النعاس الذي غشي أصحابه في الحرب قوله إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعاسَ و مثل حكمه على اليهود أنهم لن يتمنوا الموت فعجزوا عنه و هم مكلفون مختارون و يقرأ هذه الآية في سورة يقرأ بها في جوامع الإسلام يوم الجمعة جهرا تعظيما للآية التي فيها و حكمه على أهل نجران أنهم لو باهلوا لأضرم الوادي عليهم نارا فامتنعوا و علموا صحة قوله و نحو قوله فَسَوْفَ يَكُونُ لِزاماً و قوله يَوْمَ نَبْطِشُ الْبَطْشَةَ الْكُبْرى .
و روي : أنهم كانوا على تبوك فقال لأصحابه الليلة تهب ريح عظيمة شديدة فلا يقومن أحدكم الليلة فهاجت الريح فقام رجل من القوم فحملته الريح فألقته بجبل طي .
و أخبر و هو بتبوك : بموت رجل بالمدينة عظيم النفاق فلما قدموا المدينة وجدوه و قد مات في ذلك اليوم و أخبر بمقتل الأسود العنسي الكذاب ليلة قتله و هو بصنعا و أخبر بمن قتله .
و قال يوما لأصحابه : اليوم تنصر العرب على العجم فجاء الخبر بوقعة ذي قار بنصر العرب على العجم .
و كان يوما جالسا بين أصحابه فقال : وقعت الواقعة أخذ الراية زيد بن حارثة فقتل و مضى شهيدا و قد أخذها بعده جعفر بن أبي طالب و تقدم فقتل و مضى شهيدا ثم وقف (عليه السلام) وقفة لأن عبد الله كان توقف عند أخذ الراية ثم أخذها ثم قال أخذ الراية عبد الله
[109]
بن رواحة و تقدم فقتل و مات شهيدا ثم قال أخذ الراية خالد بن الوليد فكشف العدو عن المسلمين ثم قام من وقته و دخل إلى بيت جعفر و نعاه إلى أهله و استخرج ولده .
و نظر (عليه السلام) إلى ذراعي سراقة بن مالك دقيقين أشعرين فقال : كيف بك يا سراقة إذا ألبست بعدي سواري كسرى فلما فتحت فارس دعاه عمر و ألبسه سواري كسرى .
و قوله (عليه السلام) لسلمان : أن سيوضع على رأسك تاج كسرى فوضع التاج على رأسه عند الفتح .
و قوله (عليه السلام) لأبي ذر : كيف تصنع إذا أخرجت منها الخبر .
و ذكر (عليه السلام) يوما زيد بن صوحان فقال : زيد و ما زيد يسبقه عضو منه إلى الجنة فقطعت يده في يوم نهاوند في سبيل الله .
و قال (عليه السلام) إنكم ستفتحون مصر فإذا فتحتموها فاستوصوا بالقبط خيرا فإن لهم رحما و ذمة يعني أن أم إبراهيم منهم .
و قوله : إنكم تفتحون رومية فإذا فتحتم كنيستها الشرقية فاجعلوها مسجدا و عدوا سبع بلاطات ثم ارفعوا البلاطة الثامنة فإنكم تجدون تحتها عصى موسى و كسوة إيليا و أخبر (عليه السلام) بأن طوائف من أمته يغزون في البحر و كان كذلك .
و خرج الزبير إلى ياسر بخيبر مبارزا فقالت أمه صفية : أ ياسر يقتل ابني يا رسول الله قال لا بل ابنك يقتله إن شاء الله فكان كما قال .
و في شرف المصطفى عن الخركوشي أنه قال (عليه السلام) لطلحة : إنك ستقاتل عليا و أنت ظالم .
و قوله (عليه السلام) المشهور للزبير : إنك تقاتل عليا و أنت ظالم .
و قوله لعائشة : ستنبح عليك كلاب الحوأب .
و قوله لفاطمة (عليها السلام) : بأنها أول أهله لحاقا به فكان كذلك و قوله لعلي (عليه السلام) لأعطين الراية غدا رجلا فكان كما قال .
و قوله (عليه السلام) له إنك ستقاتل الناكثين و القاسطين و المارقين .
و قوله (عليه السلام) في يوم أحد و قد أفاق من غشيته : إنهم لن ينالوا منا مثلها أبدا و إخباره (عليه السلام) بقتل علي و الحسنين و عمار .
[110]
سليمان بن صرد : قال النبي (عليه السلام) حين أجلي عنه الأحزاب إن لا نغزوهم و لا يغزوننا .
و قال (عليه السلام) لرجل من أصحابه مجتمعين : أحدكم ضرسه في النار مثل أحد فماتوا كلهم على استقامة و ارتد منهم واحد فقتل مرتدا .
و قال لآخرين : آخركم موتا في النار يعني أبا محذورة و أبا هريرة و سمرة فمات أبو هريرة ثم أبو محذورة و وقع سمرة في نار فاحترق فيها .
و أخبر (عليه السلام) بقتل أبي بن خلف الجمحي فخدش يوم أحد خدشا لطيفا فكانت منيته .
الخركوشي في شرف النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) أنه قال للأنصار : إنكم سترون بعدي أثرة .
فلما تولى معاوية عليهم منع عطاياهم فقدم عليهم فلم يتلقوه فقال لهم ما الذي منعكم أن تلقوني قالوا لم يكن لنا ظهور تركبها فقال لهم أين نواضحكم فقال أبو قتادة عقرناها يوم بدر في طلب أبيك ثم رووا له الحديث فقال لهم ما قال لكم رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) قالوا قال لنا اصبروا حتى تلقوني قال فاصبروا إذا فقال في ذلك عبد الرحمن بن حسان :
ألا أبلغ معاوية بن صخر *** أمير المؤمنين بنا كلامي
فإنا صابرون و منظروكم *** إلى يوم التغابن و الخصام
السدي قال النبي (عليه السلام) لأصحابه : يدخل عليكم الآن رجل من ربيعة يتكلم بكلام الشيطان فدخل الحطيم بن هند وحده فقال : إلى ما تدعو يا محمد .
فأخبره .
فقال : أنظرني فلي من أشاوره ثم خرج .
فقال النبي : دخل بوجه كافر و خرج بعقب غادر فذهب و أخذ سرح المدينة .
أبو هريرة : قال (عليه السلام) ليرعفن جبار من جبابرة بني أمية على منبري هذا .
فرئي عمرو بن سعيد بن العاص سال رعافه .
و روي عنه (عليه السلام) : الأئمة من قريش .
فلم يوجد إمام ضلال أو حق إلا منهم .
أنس : أنه قال لا تسألوني عن شيء إلا بينته فقام رجل من بني سهم يقال له عبد الله بن حذاقه و كان يطعن في نسبه فقال يا نبي الله من أبي قال أبوك حذاقة
[111]
بن قيس فنزلت يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَسْئَلُوا عَنْ أَشْياءَ .
قوله سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى بِعَبْدِهِ لَيْلًا و وصفه بيت المقدس و تعديده أبوابه و أساطينه و حديث العير التي مر بها و الجمل الأحمر الذي يقدمها و الغرارتين عليه .
و استأسر بنو لحيان خبيب بن عدي الأنصاري و باعوه من أهل مكة فأنشد خبيب :
لقد جمع الأحزاب حولي و ألبوا *** قبائلهم و استجمعوا كل مجمع
و قد حشدوا أولادهم و نساءهم *** و قربت من جذع طويل ممنع
فذا العرش صبرني على ما يراد بي *** فقد يئس منهم بعد يومي و مطمعي
و تالله ما أخشي إذا كنت ذا تقى *** على أي جمع كان لله مصرعي
فلما صلب قال السلام عليك يا رسول الله و كان النبي (عليه السلام) في ذلك الوقت بين أصحابه بالمدينة فقال و عليك السلام ثم بكى و قال هذا خبيب يسلم على حين قتلته قريش .
و كتب (عليه السلام) عهدا لحي سلمان بكازرون : هذا كتاب من محمد بن عبد الله رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) سأله الفارسي سلمان وصيته بأخيه مهاد بن فروخ بن مهيار و أقاربه و أهل بيته و عقبه من بعده ما تناسلوا من أسلم منهم و أقام على دينه سلام الله أحمد الله إليكم إن الله تعالى أمرني أن أقول لا إله إلا الله وحده لا شريك له أقولها و آمر الناس بها و الأمر كله لله خلقهم و أماتهم و هو ينشرهم و إليه المصير ثم ذكر فيه من احترام سلمان إلى أن قال و قد رفعت عنهم جز الناصية و الجزية و الخمس و العشر و سائر المؤن و الكلف فإن سألوكم فأعطوهم و إن استغاثوا بكم فأغيثوهم و إن استجاروا بكم فأجيروهم و إن أساءوا فاغفروا لهم و إن أسئ إليهم فامنعوا عنهم و ليعطوا من بيت مال المسلمين في كل سنة مائتي حلة و من الأواقي مائة فقد استحق سلمان ذلك من رسول الله ثم دعا لمن عمل به و دعا على من آذاهم و كتب علي بن أبي طالب .
و الكتاب إلى اليوم في أيديهم و يعمل القوم برسم النبي (عليه السلام) فلو لا ثقته بأن دينه يطبق الأرض لكان كتبته هذا السجل مستحيلا .
[112]
و كتب (عليه السلام) نحوه لأهل تميم الداري : من محمد رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) للدارين إذا أعطاه الله الأرض وهب لهم بيت عين و حيرين و بيت إبراهيم .
و كتب (عليه السلام) للعباس : الحيرة من الكوفة و الميدان من الشام و الحظ من هجر و مسيرة ثلاثة أيام من أرض اليمن فلما افتتح ذلك أتى به إلى عمر فقال هذا مال كثير القصة .
و من العجائب الموجودة تدبيره (عليه السلام) أمر دينه بأشياء قبل حاجته إليها مثل وضعه المواقيت للحج و وضع عمرة و المسلخ و بطن العقيق ميقاتا لأهل العراق و لا عراق يومئذ و الجحفة لأهل الشام و ليس به من يحج يومئذ و من أصغى إلى ما نقل عنه علم أن الأولين و الآخرين يعجزون عن أمثالها و أن ذلك لا يتصور إلا أن يكون من الوحي و التنزيل .
و قوله (عليه السلام) : زويت لي الأرض فأريت مشارقها و مغاربها و سيبلغ ملك أمتي ما زوي لي منها .
فصدق لي خبره فقد ملكهم من أول المشرق إلى آخر المغرب من بحر الأندلس و بلاد البربر و لم يتسعوا في الجنوب و لا في الشمال كما أخبر (عليه السلام) سواء بسواء .
و قوله (عليه السلام) لعدي بن حاتم : لا يمنعك من هذا الدين الذي ترى من جهد أهله و ضعف أصحابه و كأنهم بيضاء المدائن و قد فتحت عليهم و كأنهم بالظعينة تخرج من الحيرة حتى تأتي مكة بغير خفار و لا تخاف إلا الله فأبصر عدي ذلك كله .
و قوله (عليه السلام) لخالد بن الوليد و قد بعثه إلى كيدر بن عبد الملك ملك كندة و كان نصرانيا : ستجده يصيد البقر .
فخرج حتى كان من حصنه بمنظر العين في ليلة مقمرة صائفة و هو على سطح له و معه امرأة فبانت البقرة تخد بقرونها باب القصر فقالت هل رأيت مثل ذلك قط قال لا و الله قالت فمن تبرك هذا قال لا أحد فنزل و ركب على
[113]
فرسه و معه نفر من أهل بيته فيهم أخ له يقال له حسان و بعث به إلى رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) و أنشد في ذلك رجل من بني طي .
تبارك سائق البقرات إني رأيت الله يهدي كل هادفمن يك حائدا عن ذي تبوك فإنا قد أمرنا بالجهاد
و قوله (عليه السلام) لكنانة زوج صفية و الربيع : أين آنيتكما التي كنتما تعيرانها أهل مكة .
قالا : هزمنا فلم تزل تضعنا أرض و تقلنا أرض أخرى و أنفقناها .
فقال لهما : إنكما إن كتمتما شيئا فاطلعت عليه استحللت دماءكما و ذراريكما .
قالا : نعم .
فدعا رجلا من الأنصار و قال : اذهب إلى قراح كذا و كذا ثم ائت النخيل فانظر نخلة عن يمينك و عن يسارك و انظر نخلة مرفوعة فائتني بما فيها فانطلق و جاء بالآنية و الأموال فضرب عنقهما .
و قال جارود بن عمرو العبدي و سلمة بن العباد الأزدي : إن كنت نبيا فحدثنا عما جئنا نسألك عنه .
فقال (عليه السلام) : أما أنت يا جارود فإنك جئت تسألني عن دماء الجاهلية و عن حلف الإسلام و عن المنيحة .
قال : أصبت .
فقال (عليه السلام) : فإن دماء الجاهلية موضوع , و حلفها لا يزيده الإسلام إلا شدة , و لا حلف في الإسلام . و من أفضل الصدقة أن تمنح أخاك ظهر الدابة و لبن الشاة .
و أما أنت يا سلمة بن عباد : فجئتني تسألني عن عبادة الأوثان , و يوم السباسب , و عقل الهجين .
أما عبادة الأوثان فإن الله جل و عز يقول : إِنَّكُمْ وَ ما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ الآية .
و أما يوم السباسب : فقد أبدلك الله عز و جل ليلة القدر و يوم العيد لمحة تطلع الشمس لا شعاع لها .
و أما عقل الهجين : فإن أهل الإسلام تتكافأ دماؤهم و يجير أقصاهم على أدناهم و أكرمهم عند الله أتقاهم .
قالا : نشهد بالله أن ذلك كان في أنفسنا .
[114]
و في حديث أبي جعفر (عليه السلام) : أن النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) صلى و تفرق الناس , فبقي أنصاري و ثقفي , فقال لهما : قد علمت أن لكما حاجة تريدان أن تسألاني عنها . فإن شئتما أخبرتكما بحاجتكما قبل أن تسألاني , و إن شئتما فاسألا .
فقالا : نحب أن تخبرنا بها قبل أن نسألك فإن ذلك أجلى للعماء و أثبت للإيمان .
فقال (عليه السلام) : يا أخا الأنصار إنك من قوم يؤثرون على أنفسهم , و أنت قروي , و هذا بدوي , أ فتؤثره بالمسألة ?
قال : نعم .
قال : أما أنت يا أخا ثقيف فإنك جئت تسألني عن وضوئك و صلاتك , و ما لك على ذلك من الأجر ?
فأخبره بذلك .
و أما أنت يا أخا الأنصار : فجئت تسألني عن حجك و عمرتك , و ما لك فيهما ?
فأخبره (عليه السلام) بفضلهما .
أنس : أنه قال لرجل اسمه أبو بدر قل لا إله إلا الله فسأله حجة قال في قلبك من أربعة أشهر كذا و كذا فصدقه و أسلم .
أتى سائل إلى النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) و سأله شيئا فأمره بالجلوس.
فأتاه رجل بكيس و وضع قبله , و قال : يا رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) هذه أربعمائة درهم أعطه المستحق .