back page fehrest page next page

ثم قال المقداد و سعد بن معاذ كلاما , فدعا لهما و سر و .

[188]

و نزل سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ و أصابهم المطر فبعثوا عمير بن وهب الجمحي حتى طاف على عسكر النبي (عليه السلام) فقال نواضح يثرب فنزل وَ إِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَها .

فبعث النبي (عليه السلام) إليهم , و قال : يا معشر قريش إني أكره أن أبدأ بكم فخلوني و العرب و ارجعوا .

فقال عتبة : ما رد هذا قوم فأفلحوا .

فقال أبو جهل : جبنت , و انتفخ سحرك .

فلبس عتبة درعه و تقدم هو و أخوه شيبة و ابنه الوليد , و قال : يا محمد أخرج إلينا أكفاءنا من قريش .

فتطاولت الأنصار لمبارزتهم فدفعهم , و أمر عليا (عليه السلام) , و حمزة , و عبيدة بن الحارث بن عبد المطلب , و هو ابن سبعين سنة بالبراز , و قال : قاتلوا على حقكم الذي بعث الله به نبيكم إذ جاءوا بباطلهم ليطفئوا نور الله .

فلما رأوهم , قالوا : أكفاء كرام .

فقتل علي الوليد , و حمزة عتبة , و أصابت فخذ عبيدة ضربة فحمله علي و حمزة إلى رسول الله .

فقال : يا رسول الله , أ لست شهيدا ?

قال : بلى , أنت أول شهيد من أهل بيتي , فمات بالصفراء .

الكلبي و أبو جعفر و أبو عبد الله (عليه السلام) : كان إبليس في صف المشركين أخذ بيد الحارث بن هشام فنكس على عقبيه , فقال له الحارث : يا سراق أين ? اتخذ لنا على هذه الحالة .

فقال له : إني أرى ما لا ترون .

فقال : و الله ما نرى إلا جعاسيس يثرب .

فدفع في صدر الحارث و انطلق .

و انهزم الناس , فلما قدموا مكة , قالوا : هزم الناس سراقة .

فبلغ ذلك سراقة ,فقال : و الله ما شعرت بمسيركم حتى بلغني هزيمتكم .

فقالوا : إنك أتيتنا يوم كذي .

فحلف لهم .

فلما أسلموا , علموا أن ذلك كان الشيطان .

السدي و الكلبي : أنهم تثبطوا خوفا من بني بكر فتبدأ لهم إبليس في صورة سراقة بن جعشم المدلجي , و قال إِنِّي جارٌ لَكُمْ .

فلما رأى الملائكة نكص على عقبيه , و قال إِنِّي بَرِي‏ءٌ الآية .

و قال النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) في العريش : اللهم إنك إن تهلك هذه العصابة اليوم لا تعبد بعد اليوم .

فنزل إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فخرج يقول سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ الآية .

فأمده الله بخمسة آلاف من الملائكة مسومين و كثرهم في أعين المشركين و قلل المشركين

[189]

في أعينهم فزلت و هم بالعدوة القصوى من الوادي خلف العقنقل و النبي (عليه السلام) بالعدوة الدنيا عند القلب .

و قال علي و ابن عباس في قوله : مُسَوِّمِينَ كان عليهم عمائم بيض أرسلوها بين أكنافهم .

و قال عروة : كانوا على خيل بلق عليهم عمائم صفر .

الحسن و قتادة : كانوا أعلموا بالصوف في نواصي الخيل و أذنابها .

ابن عباس : و سمع غفاري في سحابة حمحمة الخيل و قائل يقول أقدم حيزوم , .

البخاري : قال النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) يوم بدر هذا جبرئيل أخذ برأس فرسه عليه أداة الحرب .

الحسن : قال رجل يا رسول الله إني رأيت بظهر أبي جهل مثل الشراك .

فقال : ذاك ضرب الملائكة .

ابن عباس : لم يقاتل الملائكة إلا يوم بدر و إنما أتوا بالمدد في غيرها .

الثعلبي و سماك بن حرب عن عكرمة عن ابن عباس في قوله : وَ ما رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ .

إن النبي (عليه السلام) قال لعلي (عليه السلام) : ناولني كفا من حصباء .

فناوله . فرمى في وجوه القوم , فما بقي أحد إلا امتلأت عينه من الحصباء .

و في رواية غيره : و أفواههم و مناخرهم .

قال أنس : رمى بثلاث حصيات في الميمنة و الميسرة و القلب .

قال ابن عباس : وَ لِيُبْلِيَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ بَلاءً حَسَناً يعني و هزم الكفار ليغنم النبي و الوصي (عليه السلام) فقتل علي خلقا , و قتل حمزة عتبة بن ربيعة و الأسود بن عبد الأسود المخزومي و عبيدة بن سعيد بن عامر , و قتل عمار أمية بن خلف و ضرب معاذ بن عمرو الجموح الأنصاري أبا جهل فصرعه و قطع ابنه عكرمة يمين معاذ فعاش إلى زمن عثمان .

و كان الأسرى سبعين , و يقال أربع و أربعون , منهم العباس و عقيل و نوفل و عتبة بن أبي جحد ففداهم العباس و أسلموا .

و أما عقبة بن أبي معط و النصر بن الحارث قتلهما النبي (عليه السلام) بالصفراء صبرا .

و لم يؤسر أحد من المسلمين .

و الشهداء كانوا أربعة عشر .

و أخذ الفداء من كل مشرك أربعين وقية , و من العباس مائة . و قالوا كان أكثر من أربعة آلاف درهم .

و نزل عتابا في الفداء و الأسرى ما كانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ

[190]

لَهُ أَسْرى و قد كان كتب في اللوح المحفوظ لو لا كتاب من الله سبق .

و كان القتال بالسابع عشر من شهر رمضان .

و كان لوائه مع مصعب بن عمير .

و رايته مع علي (عليه السلام) , و يقال رايته مع علي .

و راية الأنصار مع سعد بن عبادة .

كعب بن مالك :

وعدنا أبو سفيان بدرا و لم نجد *** لميعاده صدقا و ما كان وافيا

فأقسم لو وافيتنا فلقيتنا لابت *** ذميما و افتقدت المواليا

تركنا به أوصال عتبة و ابنه *** و ثم أبا جهل تركناه ثاويا

و لما رجع المدينة غزا بعد سبع ليال بني سليم حتى بلغ ماء لهم يقال له الكدر و أقام عليه ثلاث ليال .

و في ذي الحجة غزوة السويق و هو بدر الصغرى ماء لكنانة و كان موضع سوق لهم في الجاهلية يجتمعون إليها في كل عام ثمانية أيام و قيل غزوة السويق لأن أبا سفيان كان نذر أن لا يمس رأسه من جنابة حتى يغزو محمدا (صلّى الله عليه وآله وسلّم) فخرج في مائة راكب و أتى بني النضير ليلا فلم يفتح له حي بن أخطب ثم أتى إلى سلام بن مسلم و ساره ثم أتى إلى العريض فقتل أنصاريين فتبعهم النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) إلى قرقرة الكدر فخشي أبو سفيان منه فألقى ما معه من الزاد و السويق فسميت غزوة السويق و وافق السوق و كانت لهم تجارات .

سنة ثلاث في صفر غزوة غطفان و إنما روي ذي مرة و ذلك لما بلغه أن دعثور بن الحارث خرج في أربعمائة رجل و خمسين رجلا ليصيب من أطراف المدينة نزل النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ذا أمرة و عسكر به و أصابهم مطر كثير و بل ثياب النبي (عليه السلام) فنزعها فنشرها لتجف فقصده دعثور بسيفه ,القصة .

ثم كانت سرية زيد بن حارثة و تدعى غزوة القردة ماء من مياه نجد لما بعثه إلى عير قريش فيها أبو سفيان و قد سلكوا طريق العراق و استأجروا فرات بن حيان فأصابها زيد فهربت قريش و فيها قتل كعب بن الأشرف .

و في يوم السبت النصف من شوال على رأس شهرين من الحجرة غزوة بني قينقاع و هي سوق في نواحي المدينة ابن عباس نزل قوله قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا سَتُغْلَبُونَ .

الواقدي نزل قوله : فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ الآيتان فلما أتاهم النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) قال لليهود احذروا من الله مثل ما نزل بقريش من قوارع الله فأسلموا فإنكم قد عرفتم يعني صفتي

[191]

في كتابكم فجاروه في ذلك فكانت يقع بينهم المشاجرة فنزل قَدْ كانَ لَكُمْ الآية إلى قوله لِأُولِي الْأَبْصارِ فحاصرهم النبي ستة أيام حتى نزلوا على حكمه تركهم بشفاعة عبد الله بن أبي سلول و نزل في عبد الله و ناس من بني الخزرج يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ إلى قوله نادِمِينَ .

و في شوال غزوة أحد و هو يوم المهراس قال ابن عباس و مجاهد و قتادة و الربيع و السدي و ابن إسحاق نزل قوله : وَ إِذْ غَدَوْتَ مِنْ أَهْلِكَ و هو المروي عن أبي جعفر (عليه السلام) زيد بن وهب إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا مِنْكُمْ فقالوا لم انهزمنا و قد وعدنا بالنصر فنزل وَ لَقَدْ صَدَقَكُمُ اللَّهُ وَعْدَهُ .

ابن مسعود و الصادق (عليه السلام) : لما قصد أبو سفيان في ثلاثة آلاف من قريش إلى النبي (عليه السلام) و يقال في ألفين منهم مائتا فارس و الباقون ركب و لهم سبعمائة درع و هند ترتجز :

نحن بنات طارق *** نمشي على النمارق

‏و المسك في المفارق *** و الدر في المخانق

و كان استأجر أبو سفيان يوم أحد ألفين من الأحابيش يقاتل بهم النبي (عليه السلام) قوله إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ .

فرأى النبي (عليه السلام) أن يقاتل الرجال على أفواه السكاك و الضعفاء من فوق البيوت فأبوا إلا الخروج .

فلما صار على الطريق قالوا : نرجع .

فقال : ما كان لنبي إذا قصد قوما أن يرجع عنهم .

و كانوا ألف رجل و يقال سبعمائة , فانعزل عنهم عبد الله بن أبي بثلث الناس فهمت بنو حارثة و بنو سلمة بالرجوع و هو قوله إِذْ هَمَّتْ طائِفَتانِ مِنْكُمْ .

قال الجابي : هما به و لم يفعلاه , فنزلوا دور بني حارثة فأصبح و تجاوز يسيرا و جعل على راية المهاجرين عليا (عليه السلام) و على راية الأنصار

[192]

سعد بن عبادة و قعد في راية الأنصار و هو لابس درعين و أقام على الشعب عبد الله بن جبير في خمسين من رماة الأنصار , و قال : لا تبرحوا مكانكم هذا و إن قتلنا عن آخرنا فإنما نؤتي من موضعكم .

و قام بإزائهم خالد بن وليد و صاحب لواء قريش كبش الكتيبة طلحة بن أبي طلحة فضربه علي (عليه السلام) على مقدم رأسه .

و روى الطبري عنه (عليه السلام) :

أ فاطم هاك السيف غير ذميم *** فلست برعديد و لا بلئيم

‏لعمري لقد جاهدت في نصر أحمد *** و طاعة رب بالعباد رحيم

‏و سيفي بكفي كالشهاب أهزه *** و أجذ به من عاتق و صميم

‏فما زلت حتى فض ربي جمعهم *** و حتى تشفت نفس كل حليم

فانكب المسلمون على الغنائم فترك أصحاب الشعب رئيسهم في اثني عشر رجلا للغنائم و حمل عليه خالد فقتله و جاء من ظهر النبي (عليه السلام) و قال دونكم هذا الطليق الذي يطلبونه فشأنكم به فحملوا عليه حملة رجل واحد حتى قتل منهم خلقا و انهزم الباقون في الشعب .

و أقبل خالد بخيل المشركين كما قال إِذْ تُصْعِدُونَ وَ لا تَلْوُونَ عَلى أَحَدٍ و رسول الله يدعوهم في أخراهم يا أيها الناس إني رسول الله قد وعدني بالنصر فأين الفرار .

و كان النبي (عليه السلام) يرمي و يقول : اللهم اهد قومي فإنهم لا يعلمون فرماه ابن قمئة بقذافة فأصاب كفه .

و رماه عبد الله بن شهاب بقلاعة فأصاب مرفقه .

و ضربه عتبة بن أبي وقاص أخو سعد على وجهه فشج رأسه .

فنزل من فرسه , و نهبه ابن قمئة و قد ضربه على جنبه .

و صاح إبليس من جبل أحد ألا إن محمدا قد قتل .

فصاحت فاطمة و وضعت يدها على رأسها و خرجت تصرخ . و سائر هاشمية و قرشية القصة .

فلما حمله علي (عليه السلام) إلى أحد , نادى العباس و كان جهوري الصوت فقال : يا أصحاب سورة البقرة أين تفرون إلى النار تهربون .

و قال وحشي قال لي جبير بن مطعم : إن عليا قتل عمي يوم بدر فإن قتلت محمدا أو حمزة أو عليا فأنت حر .

و في مغازي الواقدي : إن هندا رأت وحشيا الحبشي يعدو قبلها , فقالت له : إنما ينفذ حكمك علي إذا ثأرت بأبي و أخي و عمي

[193]

من علي أو حمزة أو محمد .

فقال : لا أطمع لمحمد لشوكته و لا في علي لبسالته و بصارته , و لعلي أصيب من حمزة غرة فأزرقه .

فقالت : إن تقتله فقد أدركت ثأري , و قد كان علم رمي الحراب بالحبشة .

و كان حمزة يحمل حملاته كالليوث ثم يرجع إلى موقفه فكمن وحشي تحت شجرة .

قال الصادق (عليه السلام) : فزرقه وحشي فوق الثدي فسقط و شدوا عليه فقتلوه فأخذ وحشي الكبد فشد بها إلى هند فأخذتها فطرحتها في فيها فصارت مثل الداغصة فلفظتها .

و يقال : صارت حجرا .

و رأى الحليس بن علقمة : أبا سفيان و هو يشد الرمح في شدق حمزة .

فقال : انظروا إلى من يزعم أنه سيد قريش ما يصنع بعمه الذي صار لحما و أبو سفيان يقول ذق يا عقق .

و أتت هند و جذعت أنفه و أذنه , و جعلت في مخنقتها بالذريرة مدة .

فوجدوا سبعين شهيدا . فلما رأى النبي (عليه السلام) حمزة خنقته العبرة و قال لأمثلن بسبعين من قريش فنزل وَ إِنْ عاقَبْتُمْ فَعاقِبُوا فقال (عليه السلام) بل أصبر و فيه ضربت يد طلحة فشلت .

و أنشأ أمير المؤمنين (عليه السلام) :

الحمد لله ربي الخالق الصمد *** فليس يشركه في حكمه أحد

هو الذي عرف الكفار منزلهم *** و المؤمنون سيجزيهم بما وعدوا

و ينصر الله من والاه إن له *** نصرا و يمثل بالكفار إذ عندوا

قومي وقوا الرسول الله و احتسبوا *** شم العرانين منهم حمزة الأسد

و أنشأ :

رأيت المشركين بغوا علينا *** و لجوا في الغواية و الضلال

‏و قالوا نحن أكثر إذ نفرنا *** غداة الروع بالأسل الطوال

‏فإن يبغوا و يفتخروا علينا *** بحمزة و هو في الغرف العوالي

‏فقد أردى بعتبة يوم بدر *** و قد أبلى و جاهد غير آل

[194]

و قد غادرت كبشهم جهارا *** بحمد الله طلحة في المجال

‏فخر لوجهه و رفعت عنه *** رقيق الحد حودث بالصقال

ثم كانت غزوة حمراء الأسد قوله الَّذِينَ اسْتَجابُوا لِلَّهِ وَ الرَّسُولِ الآية .

ذكر الفلكي المفسر عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس و عن أبي رافع : أنها نزلت في علي (عليه السلام) و ذلك أنه نادى يوم الثاني من أحد في المسلمين فأجابوه .

و تقدم علي براية المهاجرين في سبعين رجلا حتى انتهى إلى حمراء الأسد ليرهب العدو .

و هي سوق على ثلاثة أميال من المدينة ثم رجع إلى المدينة يوم الجمعة .

و خرج أبو سفيان حتى انتهى إلى الروحاء فرأى معبد الخزاعي فقال ما وراك فأنشده :

كادت تهد من الأصوات راحلتي *** إذ سالت الأرض بالجرد الأبابيل

‏تردى بأسد كرام لا تنابله *** عند اللقاء و لا خرق معازيل

فقال أبو سفيان لركب من عبد القيس بلغوا محمدا إني قتلت صناديدكم و أردت الرجعة لأستأصلكم .

فقال النبي (عليه السلام) حسبنا الله و نعم الوكيل .

قال أبو رافع : قال ذلك علي فنزل الَّذِينَ قالَ لَهُمُ النَّاسُ الآية .

و رجع النبي إلى المدينة يوم الجمعة .

ثم كانت غزوة الرجيع : ماء لهذيل .

و ذلك أنه قدم على النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) من عضل و الديش و قالوا ابعث معنا نفرا يعلموننا القرآن و يفقهوننا في الدين .

فبعث مرثد بن أبي مرثد الغنوي حليف حمزة في ستة نفر و هم خالد بن بكر و عاصم بن ثابت الأفلح و جنيب بن عدي و زيد بن دثنة و عبد الله بن طارق .

فلما بلغوا بطن الرجيع قاتلوا القوم .

فقالوا : لكم عهد الله و ميثاقه إلا نقتلنكم فلم يزل مرثد و خالد و عاصم يقاتلون حتى قتلوا و كان عاصم يقول :

[195]

أبو سليمان وضيع المقتصد *** و مجنا من جلد ثور أجلد

و أما زيد و جنيب و عبد الله أعطوا بأيديهم .

فخرجوا إلى مكة فانتزع عبد الله يده و استأخر عنهم فرموه بالحجارة حتى قتلوه .

و أما زيد ابتاعه صفوان بن أمية ليقتله بأبيه .

و أما جنيب فأبتاعه حجم بن إهاب التميمي لعقبة بن الحارث ليقتله بأبيه .

فلما أحس قتله قال ذروني أصلي ركعتين فتركوه فصلى سجدتين فجرت سنة لمن قتل صبرا أن يصلي ركعتين ثم قال :

و ذلك في ذات الإله و لو يشأ *** يبارك في أوصال شلو ممزق

و بعث محمد بن مسلمة في نفر فقتلهم المشركون إلا محمدا ظنوا أنه قتل .

سنة أربع كانت غزوة بئر معونة و نزل في شهدائهم الَّذِينَ قالُوا لِإِخْوانِهِمْ وَ قَعَدُوا .

محمد بن إسحاق : قدم أبو براء عامر بن مالك بن جعفر ملاعب الأسنة و كان سيد بني عامر بن صعصعة على رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) المدينة و أهدى له هدية .

فقال له : يا أبا براء لا أقبل هدية مشرك .

فقال : فلو بعثت رجالا إلى أهل نجد لأجابوك .

قال : أخشى عليهم .

قال : أنا لهم جار فأبعثهم فليدعو الناس إلى أمرك .

فبعث المنذر بن عمرو أخا بني ساعدة في سبعين رجلا من خيار المسلمين منهم الحارث بن الصمة و حزام بن ملحان و عروة بن أسماء السلمي و نافع بن بديل بن ورقاء الخزاعي و عامر بن فهيرة و المنذر بن عمرو الساعدي .

فخرج حزام بن ملحان بكتاب رسول الله إلى عامر بن الطفيل فلم ينظر عامر إليه .

فقال حزام يا أهل بئر معونة إني رسول رسول الله إليكم و إني أشهد أن لا إله إلا الله و أن محمدا رسول الله فآمنوا بالله و رسوله .

فطعنه رجل ثم استصرخ عامر بن الطفيل بني عامر على المسلمين فلم يجيبوه و قالوا لن نخفر أبا براء و عقد لهم عقودا و جوارا .

فاستصرخ عليهم قبائل بني سليم عصية و رعلا و ذكوان فأجابوه .

فخرج حتى غشوا القوم فقاتلوهم حتى قتلوا عن آخرهم إلا كعب بن زيد فإنهم تركوه و به رمق فارتث من بين القتلى فعاش

[196]

حتى قتل يوم الخندق .

و كان رجلان في سرح القوم فرأيا الطير تحوم حول العسكر فأقبلا لينظرا إليه فإذا القوم في دمائهم و الخيل واقفة فقاتلهم الأنصاري حتى قتل و أخذوا عمرو بن أمية أسيرا فلما أخبرهم أنه من مضر أطلقه عامر بن الطفيل و جز ناصيته و أعتقه .

فقدم عمرو على النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) و أخبره الخبر .

فقال هذا عمل أبي براء .

فقال حسان :

بني أم البنين أ لم يرعكم *** و أنتم من ذوائب أهل نجد

تهكم عامر بأبي براء *** ليخفره و ما خطأ كعمد

و قال كعب بن مالك :

لقد طارت شعاعا كل وجه *** خفارة ما أجار أبو براء

فلما بلغ قولهما إليه حمل على عامر بن الطفيل فطعنه فخر عن فرسه .

فقال : هذا عمل أبي براء فإن مت فدمي لعمي و إن عشت فسأرى فيه رأيي .

قال : و أنزل الله في شهداء بئر معونة قرآنا بلغوا عنا قومنا أنا قد لقينا ربنا فرضي عنا و رضينا عنه ثم نسخت و رفعت و نزل وَ لا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الآية .

غزوة بني النضير مجاهد في قوله وَ إِذا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قالُوا آمَنَّا الآية .

نزلت في بني قريظة و بني النضير لما دخل النبي (عليه السلام) المدينة صالحه بنو النضير على أن لا يكونوا له و لا عليه فلما غزا قالوا و الله إنه للنبي الذي وجدنا نعته في التوراة فلما هزم المسلمون في أحد ارتابوا و نقضوا العهد .

و اجتمع كعب بن الأشرف في أربعين و أبو سفيان في أربعين و تعاهدا بين الأستار و الكعبة .

فنزل جبرئيل بسورة الحشر , فبعث النبي (عليه السلام) محمد بن مسلمة بقتله فقتله بالليل .

ثم قصد (عليه السلام) إليهم و عمد على حصارهم فضرب قبته في بني حطمة من البطحاء فلما أقبل الليل أصاب القبة سهم فحولت القبة إلى السفح , و حوتها الصحابة فلما أمسوا فقدوا عليا (عليه السلام) .

فقالوا في ذلك .

[197]

فقال (صلّى الله عليه وآله وسلّم) : أراه في بعض ما يصلح شأنكم .

فلم يلبث أن جاء برأس الرامي و هو غرور اليهودي .

و أخذ من النبي (عليه السلام) عشرة فيهم أبو دجانة و سهل بن حنيف فما لبث أن جاء بتسعة رءوس فطرح في آبارهم .

و في تلك الليلة قتل كعب بن الأشرف ثم حاصره نيفا و عشرين يوما و أمر بقطع نخلات قوله ما قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوها و هي البؤيرة في قول حسان :

و هان على سراة بني لوي *** حريق بالبويرة مستطير

ثم أمسك عن قطعها بمقالهم .

و اصطلحوا أن يخرجوا قوله هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا فخرجوا إلى أذرعات و أريحا و خيبر و حيرة و جعل لكل ثلاثة منهم بعيرا و اصطفى أموالهم .

و كانت أول صافية قسمها بين المهاجرين الأولين و هم ثلاثة أبو دجانة و سهل بن حنيف و حارث بن الصمة .

و أمر عليا (عليه السلام) فحاز ما للنبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) فجعله صدقة و كان في يده حال حياته و في يد علي بعده و هو الذي في أيدي ولد فاطمة (عليه السلام) إلى اليوم .

غزوة بني لحيان في جمادى الأولى و كان بينهما الرمي بالحجارة و صلى فيها صلاة الخوف بعسفان و يقال في ذات الرقاع مع غطفان .

سميت بذلك لأنه جبل يقع فيه حمرة و سواد و بياض .

و يقال لأن ستة نفر من أصحاب الصفة كانوا حفاة و كانوا يلفون الخرق على أقدامهم من شدة الطريق و تسقط منهم الرقاع و الخرق .

و كان ذلك بعد النضير بشهرين .

قال البخاري : بعد خيبر و لم يكن حرب .

سنة خمس في شوال غزوة الخندق و هي الأحزاب قوله إِذْ جاؤُكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ أي من قبل المشرق وَ مِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ أي من المغرب إلى قوله غُرُوراً فخرج إليه أبو سفيان بقريش و الحارث بن عوف في بني مرة و وبرة بن طريف و مسعود بن جبلة في أشجع و طليحة بن خويلد الأسدي في بني أسد و عيينة بن حصن الفزاري في غطفان و بني فزارة و قيس بن غيلان و أبو الأعور السلمي في بني سليم و من اليهود حي بن أخطب و كنانة بن الربيع و سلام بن أبي الحقيق و هوذة بن قيس الوالبي في رجالهم فكانوا ثمانية عشر ألف رجل .

و المسلمون في ثلاثة آلاف .

فلما سمع النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) باجتماعهم استشار أصحابه فاجتمعوا على المقام بالمدينة و حربهم على اتقائها

[198]

و أشار سلمان بالخندق فأقاموا بضعا و عشرين ليلة لم يكن بينهم حرب إلا مرامات .

فلما رأى النبي (عليه السلام) ضعف قومه استشار سعد بن معاذ و سعد بن عبادة في المصالحة على ثلث ثمار المدينة لعيينة بن حصن و الحارث بن عوف فأبيا .

back page fehrest page next page