فقال (صلّى الله عليه وآله وسلّم) إن الله تعالى لن يخذل نبيه و لن يسلمه حتى ينجز له ما وعده .
فقام (عليه السلام) يدعوهم إلى الجهاد و يعدهم النصر .
و كان الكفار على الخمر و الغناء و المدد و الشوكة و المسلمون كان على رءوسهم الطير لمكان عمرو .
و النبي (عليه السلام) جاث على ركبتيه باسط يديه باك عيناه ينادي بأشجى صوت يا صريخ المكروبين يا مجيب دعوة المضطرين اكشف همي و كربي فقد ترى حالي .
عبد الله بن أوفى : و دعا عليهم و قال اللهم منزل الكتاب سريع الحساب اهزم الأحزاب .
فانتدب للبراز عمرو بن عبد ود و عكرمة بن أبي جهل المخزومي و ضرار بن أبي الخطاب و مرداس الفهري قال الواقدي و نوفل بن عبد الله بن المغيرة حتى وقفوا على الخندق و قالوا و الله هذه مكيدة ما كانت العرب تكيدها فقال عمرو :
يا لك من مكيدة ما أنكرك *** لا بد للملهوب من أن يعبرك
ثم زعق على فرسه في مضيق فقفر به إلى السبخة بين الخندق و سلع .
قال البطري : فخرج علي (عليه السلام) في نفر من المسلمين حتى أخذ الثغرة و سلمها إليهم .
ثم بارز عمرا و قتله .
فبعث المشركون إلى النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) يشترون جيفة عمرو بعشرة آلاف .
فقال النبي (عليه السلام) هو لكم لا نأكل ثمن الموتى .
ابن إسحاق : قتل فيه ستة من المسلمين و ثلاثة من المشركين فنزل اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جاءَتْكُمْ جُنُودٌ السورة فأرسل النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) حذيفة ليأتيه بخبرهم .
قال حذيفة : فخرجت فإذا أنا بنيران القوم قد طفيت و خمدت و أقبل جند الله الأعظم ريح شديد فيها الحصى فما ترك لهم نارا إلا أخمدها و لا خباء إلا طرحها و لا رمحا إلا ألقاها حتى جعلوا يتترسون من الحصى و كنت أسمع وقع الحصى في الترسة فصاحوا النجا النجا و ذهبوا .
[199]
أبو الحسين المدائني : لما نعي إلى خنساء قالت : من الذي اجترى عليه ?
قالوا :علي .
قالت : قتل الأبطال و بارز الأقران و كانت منيته على يد كريم قومه ما سمعت أفخر من هذا يا بني عامر ثم أنشأت :
لو كان قاتل عمرو غير قاتله *** لكنت أبكي عليه آخر الأبد
لكن قاتله من لا يعاب به *** من كان بدعا قديما بيضة البلد
و روي عن أختيه كبشة و عمرة و عن ابنته أم كلثوم .
أسدان في ضيق المكر تصاولا *** و كلاهما كفو كريم باسل
فتخالسا مهج النفوس كلاهما *** وسط المدار مخاتل و مقاتل
و كلاهما حفظا القراع حفيظة *** لم يثنه من ذاك شغل شاغل
فاذهب علي فما ظفرت بمثله *** قول سديد ليس فيه تحامل
فالثأر عندي يا علي و ليتني *** أدركته و العقل مني كامل
ذلت قريش بعد مقتل فارس *** فالذل مهلكها و خزي شامل
ثم قال و الله لا ثأرت قريش بأخي ما حنت النيب .
بنو قريظة :
وَ أَنْزَلَ الَّذِينَ ظاهَرُوهُمْ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ إلى قوله قَدِيراً .
كانت في ذي القعدة و كانوا نقضوا العهد مع النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) .
الزهري و عروة : لما دخل النبي (عليه السلام) المدينة و جعلت فاطمة (عليه السلام) تغسل رأسه إذ قال له جبرئيل رحمك ربك وضعت السلاح و لم يضعه أهل السماء ما زلت أتبعهم حتى بلغت الروحاء .
فقال النبي (عليه السلام) لا تصلوا العصر إلا في بني قريظة .
و سأل (صلّى الله عليه وآله وسلّم) هل مر بكم الفارس آنفا ?
قالوا :نعم .
فقالوا : مر بنا دحية الكلبي على بغلة شهباء تحته قطيفة ديباج .
فقال (صلّى الله عليه وآله وسلّم) : ليس ذلك بدحية و لكنه جبرئيل أرسل إلى بني قريظة ليزلزلهم و يقذف في قلوبهم الرعب .
ثم قدم عليا (عليه السلام) و قال سر على بركة الله فإن الله قد
[200]
وعدكم أرضهم و ديارهم و معه المهاجرون و بنو النجار و بنو الأشهل و جعل يسرب إليه الرجال .
فلما رأوا عليا .
قالوا : أقبل عليكم قاتل عمرو .
فقال علي (عليه السلام) : الحمد لله الذي أظهر الإسلام و قمع الشرك .
فحاصرهم النبي (عليه السلام) خمسا و عشرين ليلة .
فقال كعب بن أسد : يا معشر اليهود نبايع هذا الرجل و قد تبين أنه نبي مرسل .
قالوا : لا .
قال : فنقتل أبناءنا و نساءنا و نخرج إليه مصلتين .
قالوا : لا .
قال : فنثب عليه و هو يأمن علينا لأنها ليلة السبت .
قالوا : لا .
فاتفقوا على أن ينزلوا على حكم سعد بن معاذ , و كان سعد أصاب أكحله نبلة في الأحزاب.
فقال : اللهم إن كنت أبقيت من حرب قريش شيئا فأبقني لحربهم و إن كنت دفعتها فاجعلها لي شهادة و لا تمتني حتى تقر عيني من بني قريظة .
قال الصادق (عليه السلام) : فحكم فيهم يعني سعدا بقتل الرجال و سبي الذراري و النساء و قسمة الأموال و أن يجعل عقارهم للمهاجرين دون الأنصار .
فقال النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) : لقد حكمت فيهم بحكم الله فوق سبعة أرقعة .
و فيه يقول الحميري :
قال الجوار من الكثير بمنزل *** يجري لديه كنيسة المتنسب
فقضى بما رضي الإله لهم به *** بالقتل و الحرب المسل المحرب
قتل الكهول و كل مرء منهم *** و سقي عقائل بدنا كالربرب
و قضى عقارهم لكل مهاجر دون *** الأولى نصروا و لم يتهيب
فقتل منهم أربعمائة و خمسين رجلا و قسم الأموال و استرق الذراري و حبسوا الأسرى في الدار من دور بني النجار فخرج النبي (عليه السلام) إلى موضع هو السوق اليوم فخندق فيها خنادقا و أمر بهم فأخرجوا أرسالا و كانوا سبعمائة رجل فقتل علي (عليه السلام) عشرا و قتل الزبير عشرا و قل رجل من الصحابة إلا قتل رجلا أو رجلين .
[201]
الواقدي : و كانت بنانة أرسلت إلى خلال بن سويد بن ثعلبة حجرا فأمر النبي (عليه السلام) بقتلها و لم يقتل فيه من المسلمين غير الخلال و اصطفى النبي (عليه السلام) عمرة ثم بعث (عليه السلام) عبد الله بن عتيك إلى خيبر فقتل أبا رافع بن أبي الحقيق .
بنو المصطلق من خزاعة : و هو المريسيع غزاهم علي (عليه السلام) في شعبان و رأسهم الحارث بن أبي ضرار و أصيب يومئذ بأس من بني عبد المطلب فقتل علي (عليه السلام) مالكا و ابنه فأصاب النبي (عليه السلام) سبيا كثيرا .
و كان سبي علي جويرية بنت الحارث بن أبي ضرار فاصطفاها النبي (عليه السلام) .
فجاء أبوها إلى النبي (عليه السلام) بفداء ابنته .
فسأله النبي (عليه السلام) عن جملين خبأهما في شعب كذا .
فقال الرجل أشهد أن لا إله إلا الله و أنك لرسول الله و الله ما عرفهما أحد سواي .
ثم قال : يا رسول الله إن ابنتي لا تسبى إنها امرأة كريمة .
قال : فاذهب فخيرها .
قال : أحسنت و أجملت .
و جاء إليها أبوها فقال لها : يا بنية لا تفضحي قومك .
فقالت قد اخترت الله و رسوله .
فدعا عليها أبوها .
فأعتقها رسول الله , و جعلها في جملة أزواجه .
فلما سمع القوم ذلك أرسلوا ما كان في أيديهم من بني المصطلق فما علم امرأة أعظم بركة على قومها منها .
و في هذا الغزاة نزلت إِنَّ الَّذِينَ جاؤُ بِالْإِفْكِ و فيها قال عبد الله بن أبي لَئِنْ رَجَعْنا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ .
سنة ست في ربيع الأول بعث عكاشة بن محصن في أربعين رجلا إلى الغمرة فهربوا و أصاب مائتي بعير و فيها بعث أبا عبيدة بن الجراح إلى القصة في أربعين رجلا فأغار عليهم و فيها سرية زيد بن حارث إلى الجموح من أرض بني سليم فأصابوا و وصلوا إلى بني ثعلبة في خمسة عشر رجلا فهربوا و أصاب منهم عشرين بعيرا .
و غزوة زيد إلى العيص : في جمادى الأولى .
و غزوة بني قرد : و ذلك أن ناسا من الأعراب قدموا و ساقوا الإبل فخرج إليهم رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) و قدم أبا قتادة الأنصاري مع جماعة فاسترد منهم قال حسان :
أظن عيينة إذ زارها *** بأن سوف يهدم منها قصورا
فعفت المدينة إذ زرتها ***و آنست للأسد فيها زئيرا
و بعث محمد بن مسلمة إلى قوم من هوازن فكمن القوم لهم
[202]
و أقلت محمد و قتل أصحابه .
ذات السلاسل : و هو حصن و ذلك أن أعرابيا جاء إلى النبي (عليه السلام) فقال إن لي نصيحة قال و ما نصيحتك قال اجتمع بنو سليم بوادي الرمل عند الحرة على أن يبيتوك بها القصة .
و فيها غزوة علي بن أبي طالب (عليه السلام) إلى بني عبد الله بن سعد من أهل فدك : و ذلك أنه بلغ رسول الله (عليه السلام) أن لهم جمعا يريدون أن يمدوا يهود خيبر .
و فيها سرية عبد الرحمن بن عوف إلى دومة الجندل :في شعبان و سرية العرنيين الذين قتلوا راعي النبي (عليه السلام) و استاقوا الإبل و كانوا عشرين فارسا .
و فيها أخذت أموال أبي العاص بن الربيع و قد خرج تاجرا إلى الشام و معه بضائع قريش فلقته سرية لرسول الله و استاقوا عيره و أقلت و فيها غزوة الغاية .
ثم اعتمر عمرة الحديبية في ألف و نيف رجل و سبعين بدنة فهمت قريش في صده و بعثوا إليه مكرز بن حفص و خالد بن الوليد و صدوا الهدي فبعث النبي (عليه السلام) عثمان إليهم يرى أنه معتمر فلما أبطأ أخذ (عليه السلام) البيعة تحت شجرة السمرة على أن لا يفروا قال الزهري : فلما صار بذي الحليفة قلد النبي (عليه السلام) الهدي و أشعره و أحرم بالعمرة .
فلما بلغ غدير الأشطاط عند عسفان أتاه عينه الخزاعي , فقال : إن كعب بن لوي و عامر بن لوي جمعوا لك الجموع و هم مقاتلوك و صادوك عن البيت .
فقال (عليه السلام) : روحوا فراحوا حتى إذا كان ببعض الطريق , قال (عليه السلام) : إن خالد بن وليد بالغميم طليعة فخذوا ذات اليمين .
و سار حتى إذا كان بالثنية بركت ناقته .
فقال ما خلأت القصوى و لكن حبسها حابس الفيل , ثم قال : و الله لا يسألونني خطة يعظمون فيها حرمات الله إلا أعطيتهم إياها .
قال فعدل حتى نزل بأقصى الحديبية على ثمد , القصة .
فأتاهم بديل بن ورقاء الخزاعي في نفر من خزاعة و كان عيبة نصح رسول الله و قال كما قال العين .
فقال النبي (عليه السلام) إنا لم نجئ لقتال أحد و لكنا جئنا معتمرين .
[203]
في كلام له بين الصلح و الحرب فقال بديل سأبلغهم ما تقول .
فأتى قريشا و قال إن هذا الرجل يقول كذا و كذا .
فقال عروة بن مسعود الثقفي : إنه قد عرض عليكم خطة رشد فاقبلوها .
فقالوا : ائته .
فأتى النبي (عليه السلام) و سمع منه مثل مقالته لبديل و رأى تعظيم الصحابة له (صلّى الله عليه وآله وسلّم) .
فلما رجع قال : أي قوم و الله لقد وفدت على قيصر و كسرى و النجاشي و الله ما رأيت ملكا قط يعظمه أصحابه ما يعظم أصحاب محمد محمدا .
يقبلون على وضوئه و يتبادرون لأمره و يخفضون أصواتهم عنده و ما يحدون إليه النظر تعظيما له و إنه قد عرض عليكم خطة رشد فاقبلوه .
فقال رجل من بني كنانة : آته .
فلما أشرف عليهم قال النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) : هذا فلان و هو من قوم يعظمون البدن فابعثوها فبعثت له و استقبله القوم يلبون فلما رأى ذلك قال سبحان الله ما ينبغي لهؤلاء أن يصدوا عن البيت الحرام .
ثم جاء مكرز بن حفص فجعل يكلم النبي (عليه السلام) إذ جاء سهيل بن عمرو فقال (صلّى الله عليه وآله وسلّم) قد سهل عليكم أمركم فجلس و ضرع إلى النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) في الصلح و نزل عليه الوحي بالإجابة إلى ذلك و أن يكتب علي (عليه السلام) .
فقال النبي (عليه السلام) اكتب : بسم الله الرحمن الرحيم ,القصة . ثم كتب باسمك اللهم و اصطلحا على وضع الحرب عن الناس سبع سنين يأمن فيهن الناس و يكف بعضهم عن بعض و يأمن المجتازين من الفريقين و أن العهد بيننا عيبة مكفوفة و أنه لا إسلال و لا إغلال و أنه من أحب أن يدخل في عقد محمد و عهده دخل و من أحب أن يدخل في عقد قريش و عهدهم دخل فيه و على أن لا يستكره أحد على دينه و على أن يعبد الله بمكة علانية و على أن محمدا ينحر الهدي مكانه و على أن يخليها له في قابل ثلاثة أيام فيدخلها بسلاح الراكب و يخرج قريشا كلها من مكة إلا رجل واحد من قريش يخلفونه مع محمد و أصحابه و من لحق محمدا و أصحابه من قريش فإن محمدا يرده عليهم و من رجع من أصحابه إلى قريش فلا يردون إليه فقال المسلمون في ذلك فقال النبي (عليه السلام) من جاءهم منا فأبعده الله و من جاءنا منهم رددناه إليهم فلو علم الله الإسلام من قلبه جعل له مخرجا إذ جاء أبو جندل بن سهيل بن عمرو و يرسف في قيوده .
فقال سهيل هذا يا محمد أول ما
[204]
أفاوضك عليه أن ترده .
فقال (عليه السلام) إنا لم نقض بالكتاب بعد .
قال : و الله لا أصالحك على شيء أبدا .
فقال النبي (عليه السلام) : فأجره لي .
قال : ما أنا بمجيره لك .
قال مكرز : بلى أجرناه .
فقال النبي : إنه ليس عليه بأس إنما يرجع إلى أبيه و أمه فإني أريد أن أتم لقريش شرطها .
فقال عمر : و الله ما شككت منذ أسلمت , القصة . فنزل إِنَّا فَتَحْنا لَكَ فنحر رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) بدنة و أمر بحلق شعره .
قال الصادق (عليه السلام) : فما انقضت تلك المدة حتى كاد الإسلام يستولي على أهل مكة .
و لما رجع (صلّى الله عليه وآله وسلّم) إلى المدينة انفلت أبو بصير بن أسيد بن حارثة الثقفي من المشركين فبعث الأخنس بن شريق في أثره رجلين فقتل أحدهما فأتى النبي (عليه السلام) مسلما مهاجرا .
فقال (صلّى الله عليه وآله وسلّم) : مسعر حرب لو كان معه أحد .
ثم قال شأنك بسلب صاحبك و اذهب حيث شئت .
فخرج أبو بصير و تبعه خمسة نفر أيضا حتى كانوا بين العيص و ذي المروءة من أرض جهينة على طريق عيرات قريش مما يلي سيف البحر , و انفلت أبو جندل في سبعين راكبا أسلموا فلحق بأبي بصير و اجتمع إليهم ناس من غفار و أسلم و جهينة حتى بلغوا ثلاثمائة لا يمر بهم عير لقريش إلا أخذوها و قتلوا أصحابها .
و أخذوا عيرا فيها أبو العاص صهر النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) فخلوا سبيله و لم يقتلوا أحدا منهم .
فأرسلت قريش أبا سفيان بن حرب إلى النبي (عليه السلام) يتضرعون إليه أن يبعث إليهم فتقدموا عليه و قالوا من خرج منا إليك فأمسكه غير حرج .
سنة سبع قال الواقدي : فتح خيبر في المحرم لما دنا النبي (عليه السلام) منها رفع يديه و قال اللهم رب السماوات السبع و ما أظللن و رب الأرضين السبع و ما أقللن و رب الشياطين و ما أضللن أسألك خير هذه القرية و خير ما فيها و أعوذ بك من شرها و شر ما فيها .
و لما رأت أهل خيبر عمل علي (عليه السلام) قال أبي الحقيق للنبي (عليه السلام) : انزل فأكلمك .
قال :نعم .
فنزل . و صالح النبي (عليه السلام) على حقن دماء من في حصونهم و يخرجون منها بثوب واحد .
فدك : فلما سمع أهل فدك قصتهم بعثوا محيصة بن مسعود إلى النبي (عليه السلام) يسألونه أن يسترهم بأثواب .
فلما نزلوا , سألوا النبي (عليه السلام) : أن يعاملهم الأموال على النصف .
فصالحهم على ذلك . و كذلك فعل بأهل خيبر .
[205]
و فيها غزوة بني خزيمة و قد كانوا ادعوا الإسلام فرد ما أخذ منهم و ضمن دية قتلاهم و فيها غزوة قتل نجد .
ثم بعث عبد الله بن رواحة في ثلاثين راكبا إلى البشير بن رزام اليهودي لما جمع غطفان بن عبد الله الكلبي إلى أرض من بني مرة .
و بعث عيينة بن حصين البدري إلى بني العنبر .
و في ذي القعدة اعتمر عمرة القضية في جمع الحديبية .
و دخل مكة و طاف بالبيت على بعيره و بيده محجن و عبد الله بن رواحة أخذ بخطامه و يقول :
خلوا بني الكفار عن سبيله *** خلوا فكل الخير في رسوله
قد أنزل الرحمن في تنزيله *** نضربكم ضربا على تأويله
ضربا يزيل الهام عن مقيله *** يا رب إني مؤمن بقيله
فأقام بها ثلاثة أيام .
سنة ثمان في جمادى الأولى : وقعة موته و هم ثلاثة آلاف .
في كتاب أبان قال الصادق (عليه السلام) : إنه استعمل عليهم جعفرا فإن قتل فزيد فإن قتل فابن رواحة .
ثم خرجوا حتى نزلوا معان فبلغهم أن هرقل قد نزل بمأرب في مائة ألف من الروم و مائة ألف من المستغربة فانحازوا إلى أرض يقال لها المشارف و نسبت السيوف المشرفية إليها لأنها طبعت لسليمان بن داود (عليه السلام) بها فاختلفوا في القتال أو في إخبار النبي (عليه السلام) بكثرتهم .
فقال ابن رواحة : ما نقاتل الناس بكثرة و إنما نقاتلهم بهذا الدين فلقوا جموعهم بقرى البلقاء ثم انحازوا إلى موتة .
و في البخاري : نعى النبي (عليه السلام) جعفرا و زيدا و ابن رواحة قبل أن يجيء خبرهم و عيناه تذرفان .
زيد بن أرقم : حارب جعفر على أشقره حتى عقر , و هو أول من عقر فرسه في الإسلام فحارب راجلا حتى قتل .
فضيل بن يسار عن الباقر (عليه السلام) قال : أصيب يومئذ جعفر و به خمسون جراحة
[206]
خمس و عشرون منها في وجهه .
محمد بن جرير : لما سقطت الراية أخذها رجل بالقرية لا بالإمرة فأخذها منه خالد بن الوليد .
و جاء عبد الرحمن بن سمرة إلى النبي (عليه السلام) بالخبر .
محمد بن إسحاق : لما أقبل أهل موتة تلقاهم النبي (عليه السلام) فجعلت الصحابة يحثون عليهم التراب و يقولون يا فرار فررتم عن سبيل الله .
فقال (عليه السلام) ليسوا بفرار و لكنهم الكرار .
غزوة الفتح لليلتين مضتا من شهر رمضان و قيل لثلاث عشرة خلت منه ذلك أنه خرج في نحو من عشرة آلاف رجل و أربعمائة فارس و كان نزل لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرامَ ثم نزل إِذا جاءَ نَصْرُ اللَّهِ و نزل إِنَّا فَتَحْنا لَكَ و استصرخه خزاعة فأجمع على المسير إليها و قال اللهم خذ العيون عن قريش حتى نأتيها في بلادها و كان المؤتمن على هذا السر علي (عليه السلام) ثم نماه إلى جماعة من بعد قال أبان : .
لما انتهى الخبر إلى أبي سفيان و هو بالشام مشاجرة كنانة و خزاعة أقبل حتى دخل على النبي (عليه السلام) , فقال يا محمد : احقن قومك و احرس قريشا و زدنا في المدة.
قال :غدرتم يا أبا سفيان .
فلقي الشيخين فلم يؤجرا . فدخل على أم حبيبة فذهب ليجلس على الفراش فطوته .
فقال يا بنية أ رغبت بهذا الفراش عني .
قالت نعم هذا فراش رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ما كنت لتجلس عليه و أنت رجس مشرك .
ثم استجار فاطمة و السبطين فلم يجب .
فقال لعلي (عليه السلام) أنت أمس القوم بي رحما و قد التبست علي فانصح لي .
قال : أنت شيخ قريش فقم فاستجر بين الناس ثم الحق بأهلك .
قال : فترى ذلك نافعي .
قال : لا أدري .
فقال : أيها الناس إني استجرت بكم .
ثم ركب بعيره و انطلق فقدم على قريش .
فقالوا : ما وراك ?
فقص عليهم .
فقالوا : فهل أجاز محمد مقالة علي ?
قال : لا .
قالوا : لعب بك الرجل .
ثم سار (عليه السلام) حتى نزل مر الظهران فخرج في تلك الليلة أبو سفيان و حكيم بن حزام و بديل بن ورقاء هل يسمعون خبرا و قد كان العباس يتلقى النبي (عليه السلام) و معه أبو سفيان
[207]
بن الحارث و عبد الله بن أمية و قد تلقاه بثنية العقاب و النبي (عليه السلام) في فتية .
فدخل العباس عليه و قال بأبي أنت و أمي هذا ابن عمك قد جاء تائبا و ابن عمتك .
قال : لا حاجة لي فيهما , إن ابن عمي انتهك عرضي . و أما ابن عمتي فهو الذي يقول بمكة : لن نؤمن لك حتى تفجر لنا من الأرض ينبوعا .
و قالت أم سلمة فيهما فنادى أبو سفيان كن لنا كما قال العبد الصالح لا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ فدعا لهما و قبل منهما .
و قال العباس هو و الله هلاك قريش إن دخلها عنوة فركب بغلة النبي (عليه السلام) البيضاء ليطلب الخطابة أو صاحب لين يأمره أن يأتي قريشا فيركبون إليه و يستأمنون إليه إذ سمع أبا سفيان يقول لبديل و حكيم ما هذه النيران ?
قالا : هذه خزاعة .
قال : خزاعة أقل من هذه , فلعل هذه تميم أو ربيعة .
فعرف العباس صوت أبي سفيان و ناداه و عرفه الحال .
قال : فما الحيلة ?
قال : تركب في عجز هذه البغلة فاستأمن لك رسول الله .
ففعل .
فكان يجتاز على نار بعد نار فانتهى إلى عمر فسبقهما إلى النبي (عليه السلام) و قال هذا أبو سفيان و قد أجرته .
قال : أدخله .
فدخل , فقام بين يديه .
فقال : ويحك يا أبا سفيان أ ما آن لك أن تشهد أن لا إله إلا الله و أني رسول الله .
و يتلجلج لسانه و علي يقصده بسيفه و النبي (عليه السلام) محدق بعلي .
فقال العباس : يضرب و الله عنقك الساعة أو تشهد الشهادتين .
فأسلم اضطرارا .
فقال له النبي (عليه السلام) : عند من تكون الليلة ?
قال :عند أبي الفضل . فسلمه إليه .
فلما أصبح , سمع بلالا يؤذن .
قال : ما هذا المنادي ?
و رأى النبي (عليه السلام) و هو يتوضأ و أيدي المسلمين تحت شعره يستشفون بالقطرات .
فقال : تالله إن رأيت كاليوم كسرى و قيصر .
فلما صلى النبي (عليه السلام) قال يا رسول الله إني أحب أن تأذن لي أن أذهب إلى قومي فأنذرهم و أدعوهم إلى الحق .
فأذن له .
فقال العباس : إن أبا سفيان رجل يحب الفخر فلو خصصته بمعروف .
فقال (عليه السلام) : من دخل دار أبي سفيان فهو آمن . ثم قال : و من أغلق بابه فهو آمن .
فلما ذهب أبو سفيان , قال النبي (عليه السلام) للعباس : أدركه و احبسه في مضايق الوادي حتى تمر به جنود الله .
فرأى خالد بن الوليد في المقدمة و الزبير في جهينة و أشجع و أبا عبيدة في أسلم و مزينة و النبي (عليه السلام) في الأنصار و سعد بن عبادة في يده راية النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) فقال أبا حنظلة :
[208]
اليوم يوم الملحمة *** اليوم تستحل الحرمة
يا معشر الأوس و الخزرج ثاركم يوم الجبل .
فأتى العباس النبي (عليه السلام) و أخبره بمقالة سعد .
فقال (عليه السلام) ليس بما قال سعد شيء .
ثم قال لعلي أدرك سعدا فخذ الراية منه و أدخلها إدخالا رفيقا .
فقال سعد لولاك لما أخذ مني .
و قال أبو سفيان : يا أبا الفضل إن ابن أخيك قد كنف ملكا عظيما .
فقال العباس : ويحك هذه نبوة .
و أقبل أبو سفيان من أسفل الوادي يركض فاستقبله قريش , و قالوا : ما وراك و ما هذا الغبار .
قال : محمد في خلق . ثم صاح يا آل غالب البيوت البيوت من دخل داري فهو آمن .