فعرفت هند فأخذت تطردهم .
قالت : اقتلوا الشيخ الخبيث من وافد قوم و طلية قوم .
قال : ويلك إني رأيت ذات القرون و رأيت فارس أبناء الكرام و رأيت ملوك كندة و فتيان حمير يسلمون آخر النهار ويلك اسكتي فقد و الله جاء الحق و ذهبت البلية .
و كان قد عهد النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) أن لا يقتلوا منها إلا من قاتلهم سوى عشرة : الحويرث بن نفيل بن كعب ، و مقيس بن ضبابة ، و قرينة المغنية ، قتلهم أمير المؤمنين (عليه السلام) .
و عبد الله بن خطل ، قتله عمار . أو بريدة أو سعيد بن حبيب المخزومي .
و صفوان بن أمية هرب إلى جده فاستأمنه عبد الله بن وهب و أنفذ إليه عمامة النبي (عليه السلام) و أسلم ،
و عكرمة بن أبي جهل هرب إلى اليمن و أسلم ،
و عبد الله بن أبي سرح عرف أمير المؤمنين (عليه السلام) أنه في دار عثمان فأتى عثمان إلى النبي (عليه السلام) شافعا فيشفع فلما انصرف قال النبي (عليه السلام) في قتله .
فقال سعد بن عبادة : لو رمزت .
فقال النبي (عليه السلام) : لا رمز من النبي (عليه السلام) ،
و سارة مولاة بني عبد المطلب وجدت قتيلا ،
و هند دخلت دار أبي سفيان فتكلم أبو سفيان في بيعة النساء و عاونته أم الفضل و قرأت يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذا جاءَكَ الْمُؤْمِناتُ فقبل منهن البيعة ،
و قرينا انفلتت و استومن لها فرمحها فرس في الأبطح في أمارة عمر .
قال أبو هريرة : رأى النبي (عليه السلام) أوباش قريش فأمر بحصدهم فقتلنا منهم عددا
[209]
و انهزم الباقون و استشهد من المسلمين ثلاثة نفر دخلوا من أسفل مكة و أخطئوا الطريق فقتلوا .
بشير بن النبال مرفوعا : قال النبي (عليه السلام) عند من المفتاح قالوا عند أم شيبة .
فدعا شيبة فقال اذهب إلى أمك فقل لها ترسل بالمفتاح .
قالت له : قتلت مقاتلينا و تريد أن تأخذ منا مكرمتنا .
فقال : لترسلن به أو لأقتلنك .
فوضعته في يد الغلام فأخذه .
و دعا عمر و قال هذا تأويل رؤياي .
ثم قام ففتحه و ستره . فمن يومئذ يستر .
ثم دعا الغلام فبسط ردائه و جعل فيه المفتاح , و قال : رده إلى أمك .
و أخذ بعضادتي الباب ثم قال : لا إله إلا الله وحده وحده أنجز وعده و نصر عبده و أعز جنده و غلب الأحزاب وحده
و كانت صناديد قريش يظنون أن السيف لا يرفع عنهم فأنبهم .
ثم قال : ألا أن كل دم و مال و مأثرة كانت في الجاهلية فإنها موضوعة تحت قدمي إلا سدانة الكعبة و سقاية الحاج فإنهما مردودتان إلى أهليهما .
إلا أن مكة محرمة بتحريم الله لم تحل لأحد كان قبلي و لم تحل لي إلا ساعة من نهار , فهي محرمة إلى أن تقوم الساعة لا يختلى خلاها و لا يقطع شجرها و لا ينفر صيدها و لا تحل لقطتها إلا لمنشد .
ثم قال : ألا بئس جيران النبي (عليه السلام) كنتم لقد كذبتم و طردتم و أخرجتم و فللتم ثم ما رضيتم حتى جئتموني في بلادي تقاتلوني فاذهبوا فأنتم الطلقاء .
فدخلوا في الإسلام .
فأذن بلال على الكعبة . فكره عكرمة . و قال عتاب بن الأسيد الحمد لله الذي أكرم أبا عتاب من هذا اليوم .
و قال سهيل بن عمرو كلاما .
و قال الحرث بن هشام أ ما وجد محمد غير هذا الغراب الأسود مؤذنا .
فقال أبو سفيان : إني لا أقول شيئا و الله لو نطقت لظننت أن هذه الجدر تخبر به محمدا .
و بعث (صلّى الله عليه وآله وسلّم) إليهم فأخبرهم بما قالوا . فاستغفر عتاب و أسلم , و ولاه النبي مكة .
و كان فيها ثلاثمائة و ستون صنما بعضها مشدودا ببعض بالرصاص فأنفذ أبو سفيان من ليلته مناة إلى الحبشة و منها إلى الهند فهيئوا لها دارا من مغناطيس فتعلقت في الهواء إلى أيام محمود سبكتكين فلما غزاها أخذها و كسرها و نقلها إلى أصفهان و جعلت تحت مارة الطريق .
فلما دخل النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) قال
[210]
يا علي أعطني كفا من الحصى , الخبر .
ثم بعث النبي (عليه السلام) عمرو بن أمية إلى بني الديل و بعبد الله بن سهيل إلى بني محارب و بخالد بن الوليد إلى بني جذيمة بن عامر و كانوا بالغميصاء فشن عليهم بعد العهد فأسر منهم فتبرأ النبي (عليه السلام) من فعله .
حنين في شوال لما أمر النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) عتاب بن أسيد على مكة فات الحج من فساد هوازن في وادي حنين فخرج (عليه السلام) في ألفين من مكة و عشرة آلاف كانوا معه و كان النبي (عليه السلام) استعار من صفوان بن أمية مائة درع و هو رئيس جشم فعانهم أبو بكر لعجبه بهم فقال لن نغلب اليوم عن قلة فنزلت وَ يَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ الآية .
و أقبل مالك بن عوف النظري فيمن معه من قبائل قيس و ثقيف و سمع عبد الله بن أبي حدرد عين رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ابن عوف يقول يا معشر هوازن إنكم أحد العرب و أعدهم و إن هذا الرجل لم يلق قوما يصدقونه القتال فإذا لقيتموه فاكسروا جفون سيوفكم و احملوا عليه حملة رجل واحد .
قال الصادق (عليه السلام) : كان مع هوازن دريد بن الصمة خرجوا به شيخا كبيرا يتيمنون به .
فلما نزلوا بأوطاس قال نعم مجال الخيل لا حزن ضرس و لا سهل دهس ما لي أسمع روغاء البعير و نهاق الحمير و بكاء الصغير و ثغاة الشاة و خوار البقر .
فقال لابن عوف في ذلك .
فقال : أردت أن أجعل خلف كل رجل أهله و ماله فيقاتل عنهم .
قال : ويحك لم تصنع شيئا قدمت بيضة هوازن في نحور الخيل و هل يرد وجه المنهزم شيء أنها إن كانت لك لم ينفعك إلا رجل بسيفه و رمحه و إن كانت عليك فضحت في أهلك و مالك .
ثم قال حرب عوان يا ليتني فيها جذع أخب فيها و أضع .
قال إنك كبرت و ذهب علمك .
[211]
قال جابر : كان القوم قد كمنوا في شعاب الوادي و مضائقه فما راعنا إلا كتائب الرجال فانهزم من وراءهم بنو سليم و كانوا على المقدمة و انهزم من وراءهم و بقي علي و معه الراية .
فقال مالك بن عوف : أروني محمدا .
فأروه فحمل عليه , فلقيه أيمن بن عبيدة و هو ابن أم أيمن فالتقيا فقتله مالك .
قال الشاعر :
و ثوى أيمن الأمين من القوم *** شهيدا فاعتاض قرة عين
فقال النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) للعباس و كان جهوريا ناد في القوم و ذكرهم العهد يعني قوله وَ لَقَدْ كانُوا عاهَدُوا اللَّهَ مِنْ قَبْلُ فنادى يا أهل بيعة الشجرة إلى أين تفرون اذكروا العهد و القوم على وجوههم و ذلك في أول ليلة من شوال .
قال فنظر النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) إلى الناس ببعض وجهه في الظلماء فأضاء كأنه القمر ليلة البدر و كان علي بين الشعبين حتى لم يبق فيها مقتول و عاونه بعض الأنصار فقام النبي (عليه السلام) في ركاب سرجه حتى أشرف عليهم , و قال : الآن حمي الوطيس .
أنا النبي لا كذب *** أنا ابن عبد المطلب
و ما زال المسلمون يقتلون المشركين و يأسرون منهم حتى ارتفع النهار فأمر النبي (عليه السلام) بالكف .
الصادق (عليه السلام) : سبى رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) يوم حنين أربعة آلاف رأس و اثني عشر ألف ناقة سوى ما لا يعلم من الغنائم .
قال الزهري : ستة آلاف من الذراري و النساء و من البهائم ما لا يحصى و لا يدرى .
حرب أوطاس و خثعم و ثقيف : فأخذت الثقيف إلى الطائف و الأعراب إلى أوطاس فبعث النبي (عليه السلام) أبا عامر الأشعري إلى أوطاس فقاتل حتى قتل فأخذ الراية أبو موسى الأشعري و هو ابن عمه ففتح عليه .
و بعث أبا سفيان إلى ثقيف فضربوه على وجهه فانهزم و تعلل ثم سار النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) بنفسه إلى الطائف فحاصرهم أياما .
ثم أنفذ عليا (عليه السلام) في خيل فبرز شهاب بن عبيس فقام إليه علي (عليه السلام) فوثب أبو العاص بن الربيع زوج بنت النبي (عليه السلام) فقال أنا كفؤه أيها الأمير فقال لا و لكن إن قتلت فأنت على الناس فبرز إليه علي (عليه السلام) فقتله و مضى حتى كسر الأصنام .
فلما
[212]
انصرف إلى النبي (عليه السلام) ناجاه , القصة .
قال محمد بن إسحاق : كان حاصرهم ثلاثين ليلة فنزل منهم أبو بكرة و المبيعث و فدان في جماعة و أسلموا .
فلما قدم وفد الطائف قالوا رد علينا رقيقنا الذين أتوك .
فقال (عليه السلام) أولئك عتقاء الله .
سنة تسع في رجب نزل انْفِرُوا خِفافاً وَ ثِقالًا الآية .
فخطب (عليه السلام) و رغب في المواساة لجيش العسرة فأنفق العباس و عثمان و عبد الرحمن و طلحة و الزبير و غيرهم فنزل وَ اسْتَفْزِزْ ليعلم سائر الصحابة بشدة القيظ و قلة الماء و اتساق الأمر بلا قتال فقصد نحو الروم إلى مدينة تبوك و قيل هو من البوك لأنهم كانوا يبوكون الأرض للماء حتى أن بعضهم كان يقتل فرسه و يمص أحشاءه .
و استخلف عليا (عليه السلام) في أهله و قال يا علي إن المدينة لا تصلح إلا بي أو بك و ذلك لشفقته عليها من أعدائها و نصه عليه بالقيام بعده .
فعظم ذلك إلا على الأنصار فضرب النبي (عليه السلام) عسكره فوق ثنية الوداع فأبطأ أكثرهم فنزل إِلَّا تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ فسار حتى نزل الجرف فرجع عبد الله بن أبي بغير إذن فقال هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَ بِالْمُؤْمِنِينَ وَ أَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ الآية .
و يقال إنه حلف للتعذر فنزل سَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَوِ اسْتَطَعْنا لَخَرَجْنا مَعَكُمْ .
و استأذنه بعض بني غفار في التأخر فنزل وَ جاءَ الْمُعَذِّرُونَ إلى قوله كاذبين .
و استأذنه جد بن قيس و معتب بن قشير و أصحابهما من المنافقين و كانوا ثمانين رجلا و كان جد بن قيس أظهر شبقة بالنساء فنزل وَ مِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ ائْذَنْ .
و قال منافق لصحبه لا تنفروا في الحر فنزل قُلْ نارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرًّا .
و قال آخر إنه اغتر بحرب العرب و ليس الروم كذلك فنزل وَ لَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّما كُنَّا نَخُوضُ .
و أتاه البكاءون و هم معقل بن يسار و صخر بن خنسا و عبد الله بن كعب و علية بن زيد و سالم بن عمير و ثعلبة بن عتمة و عبد الله بن معقل و سألوا دوابا أو بغالا أو خفافا فلم يجد فانصرفوا و هم يبكون فنزل وَ لا عَلَى الَّذِينَ إِذا ما أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ .
و قال الزهري : نزل في تخلف عبد الله بن كعب بن مالك و هلال بن أمية و مرار
[213]
بن ربيعة وَ عَلَى الثَّلاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا .
و كان النبي (عليه السلام) نهى عن مكالمتهم حتى إذا ضاقت عليهم الأرض بما رحبت ثم وليتم مدبرين .
فلما انتهى إلى الجرف لحقه علي (عليه السلام) و أخذ بغرز رحله و قال يا رسول الله زعمت قريش أنما خلفتني استثقالا و مقتا .
فقال (عليه السلام) طال ما آذت الأمم أنبياءها أ ما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى . الخبر .
فقال : قد رضيت , قد رضيت .
و قال : ارجع يا أخي إلى مكانك و إنه لا بد للمدينة مني أو منك و أنفذ معه الضعفاء و المرضى لقوله لَيْسَ عَلَى الضُّعَفاءِ .
و أخر أبو ذر انتظار ناقته فمشى راجلا بزاده و سلاحه فأخبر النبي (عليه السلام) في بعض المنازل أن رجلا يتبعنا .
فقال : هو أبو ذر , رحم الله أبا ذر , يعيش وحده , الخبر .
فوصل إلى تبوك في شعبان يوم الثلاثاء , و ظهر النفاق في هذه السنة .
قال الخركوشي : كانوا ينيفون على ثلاثين ألفا .
قال الواقدي : منهم عشرة آلاف فارس فأقام ثلاثة عشر يوما فأتاه الرئيس و هو نجية بن رؤبة فأعطاه الجزية و قبل للمستقبل فكتب النبي كتابا و هو عندهم و كتب أيضا لأهل جرباء و أذرح .
و بعث سعد بن عبادة إلى أناس من بني سليم و جموع من بلي فلما قاربهم هربوا .
و بعث خالدا في ثلاثمائة رجل ثم عبد الرحمن بن عوف مع سبعمائة رجل إلى الأكيدر صاحب دومة الجندل و جاء به إلى النبي (عليه السلام) في ثمانمائة رأس و ألفي بعير و أربعمائة درع و أربعمائة رمح و خمسمائة سيف فصالحه النبي (عليه السلام) .
و بعث أبا عبيدة و زنباع بن روح الجذامي إلى جمع من جذام فأصاب منهم و كان آخر غزواته (عليه السلام) .
فصل في اللطائف :
إن كان لآدم سجود الملائكة مرة فلمحمد (صلّى الله عليه وآله وسلّم) و الملائكة و الناس أجمعين كل ساعة إلى يوم القيامة .
و إن كان آدم قبلة الملائكة فقد جعله الله إمام
[214]
الأنبياء ليلة المعراج فصار إمام آدم .
و إن خلق آدم من طين فإنه خلق من نور .
قوله :كنت نبيا و آدم بين الماء و الطين .
و إن كان آدم أول الخلق فقد صار محمد قبله .
قوله : إن الله خلقني من نور و خلق ذلك النور قبل آدم بألف سنة .
و إن كان آدم أبو البشر فمحمد سيد النذر .
قوله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) : آدم و من دونه تحت لوائي يوم القيامة .
و إن كان آدم أول الأنبياء فنبوة محمد أقدم منه .
قوله :كنت نبيا و آدم منخول في طينته .
و إن عجزت الملائكة عن آدم فأعطي القرآن الذي عجز عنه الأولون و الآخرون .
و إن قيل لآدم فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِماتٍ فَتابَ عَلَيْهِ فقال له لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ .
و إن دخل آدم في الجنة فقد عرج به إلى قاب قوسين أو أدنى .
إدريس (عليه السلام) : قوله وَ رَفَعْناهُ مَكاناً عَلِيًّا أي السماء و للنبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) وَ رَفَعْنا لَكَ ذِكْرَكَ .
و ناجى إدريس ربه و نادى الله محمدا فَأَوْحى إِلى عَبْدِهِ ما أَوْحى .
و أطعم إدريس بعد وفاته و قد أطعمه الله في حال حياته .
قوله إني لست كأحدكم إني أبيت عند ربي و يطعمني و يسقيني .
نوح (عليه السلام) : جرت له السفينة على الماء و هي تجري للكافر و المؤمن و لمحمد جرى الحجر على الماء , و ذلك أنه كان على شفير غدير و وراء الغدير تل عظيم .
فقال عكرمة بن أبي جهل يا محمد إن كنت نبيا فادع من صخور ذلك التل حتى يخوض الماء فيعبر .
فدعا بالصخرة فجعلت تأتي على وجه الماء حتى مثلت بين يديه فأمرها بالرجوع فرجعت كما جاءت .
و أجيبت دعوته على قومه لا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ فهطلت له السماء بالعقوبة و أجيبت لمحمد بالرحمة حيث قال : حوالينا و لا علينا .
فنوح رسول العقوبة و محمد رسول الرحمة وَ ما أَرْسَلْناكَ إِلَّا رَحْمَةً .
دعا نوح لنفسه و لنفر يسير رَبِّ اغْفِرْ لِي وَ لِوالِدَيَّ و محمد دعا لأمته من ولد منهم و من لم يولد وَ اعْفُ عَنَّا .
و قال له وَ جَعَلْنا ذُرِّيَّتَهُ هُمُ الْباقِينَ و قال لمحمد ذُرِّيَّةً بَعْضُها مِنْ بَعْضٍ .
كانت سفينته سبب النجاة في الدنيا و ذرية محمد سبب النجاة في العقبى .
قوله مثل أهل بيتي كمثل سفينة نوح . الخبر.
و قال نوح إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي فقيل له إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ و محمد لما أعلنت من قومه المعاندة شهر عليهم سيف النقمة و لم ينظر إليهم بعين المقة قال حسان :
[215]
و إن كان نوح نجا سالما *** على الفلك بالقوم لما نجا
فإن النبي نجا سالما *** إلى الغار في الليل لما دجى
هود (عليه السلام) : انتصر من أعدائه بالريح قوله وَ فِي عادٍ إِذْ أَرْسَلْنا عَلَيْهِمُ و محمد نصره الله يوم الأحزاب و الخندق بالريح و الملائكة قوله بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْها فزاد الله محمدا على هود بثلاثة آلاف ملك .
و فضله على هود بأن ريح عاد ريح سخط و ريح محمد ريح رحمة قوله يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جاءَتْكُمْ الآية .
و صبر هود و أعذر قومه إذ كذب و النبي (عليه السلام) صبر في ذات الله و أعذر قومه إذ كذب في ذات الله و شرد و حصب بالحصاة و علاه أبو جهل بسلا شاة فأوحى الله إلى جاجائيل ملك الجبال أن شق الجبال و انته إلى أمر محمد فأتاه فقال له قد أمرت لك بالطاعة فإن أمرت أطبقت عليهم الجبال فأهلكتهم بها .
قال إنما بعثت رحمة اهد قومي فإنهم لا يعلمون .
صالح (عليه السلام) : خرجت لصالح ناقة عشراء من بين صخرة صماء و أخرج لنبينا (عليه السلام) رجل من وسط الجبل يدعو له و يقول : اللهم ارفع له ذكرا , اللهم أوجب له أجرا , اللهم احطط عنه وزرا .
و عقر ناقته و عقر أولاد محمد .
قال أبو القاسم البارع :
لناقة صالح نادت أناس *** و قد حسروا على قتل الحسين
و كان صالح ينذر قومه فقيل له يا صالح ائتنا بعذاب الله و محمد نبي الرحمة قوله وَ ما أَرْسَلْناكَ إِلَّا رَحْمَةً .
و الناقة لم تناطقه و لم تشهد له بالنبوة و قد تكلمت مع النبي (عليه السلام) نوق كثيرة .
قال الحميري :
بعث الإله إلى ثمود صالحا *** منه بنور سلامة لا يشكل
[216]
قالوا له أخرج لنا من صخرة *** عشراء نحلبها إذا ما ننزل
فتصدعت عن ناقة فتنوا بها *** و قضاء ربك ليس عنه مرحل
في حفل درتها لقاح خلفها *** سقب و يقدمها هناك و ينزل
لما رأوها حافلا حفوا بها *** و دعوا بأوعية و قالوا احملوا
حتى عتوا فتمردوا و سطوا بها *** بطرا فأسرع في شواها المنصل
خضبوا فراسنها بقان معجل *** فرغا هنالك بكرها فاستأصلوا
قبل الصباح بصيحة أخذتهم *** بعد الرقاد سرى إليهم منهل
لوط (عليه السلام) : قال حسان بن ثابت :
و إن كان لوط دعا ربه *** على القوم فاستأصلوا بالبلا
فإن النبي ببدر دعا *** على المشركين بسيف الفنا
فناداه جبرئيل من فوقه *** بلبيك لبيك سل ما تشا
إبراهيم (عليه السلام) : نظر من الملك إلى الملكوت وَ كَذلِكَ نُرِي إِبْراهِيمَ و الحبيب نظر من الملك إلى الملك أَ لَمْ تَرَ إِلى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ .
الخليل طالب قالَ إِنِّي ذاهِبٌ إِلى رَبِّي و الحبيب مطلوب أَسْرى بِعَبْدِهِ لَيْلًا .
قال الخليل وَ الَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي و قيل للحبيب لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ .
و قال الخليل وَ لا تُخْزِنِي و للحبيب يَوْمَ لا يُخْزِي اللَّهُ .
و قال الخليل وسط النار حسبي الله و قيل للحبيب يا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللَّهُ .
قال الخليل وَ اجْعَلْ لِي لِسانَ صِدْقٍ و قيل للحبيب
[217]
وَ رَفَعْنا لَكَ ذِكْرَكَ .
قال الخليل وَ أَرِنا مَناسِكَنا و قيل للحبيب لِنُرِيَهُ .
قال الخليل وَ اجْعَلْنِي مِنْ وَرَثَةِ جَنَّةِ النَّعِيمِ و للحبيب وَ لَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ .
الخليل وَ الَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي و للحبيب أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ .
لأجلك الخليل بخل على أعدائه بالرزق وَ ارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَراتِ و الحبيب سخا بها على الأعداء حتى عوتب وَ لا تَبْسُطْها كُلَّ الْبَسْطِ .
الخليل أقسم بالله وَ تَاللَّهِ لَأَكِيدَنَّ أَصْنامَكُمْ و أقسم الله بالحبيب لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ .
و اتخذ مقام الخليل قبلة وَ اتَّخِذُوا مِنْ مَقامِ إِبْراهِيمَ و جعل أحوال الحبيب و أفعاله و أقواله قبلة لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ .
الخليل كسر أصنام قومه غضبا لله و الحبيب كسر عن الكعبة ثلاثمائة و ستين صنما و أذل من عبدها بالسيف .
اصطفى الخليل بعد الابتلاء وَ لَقَدِ اصْطَفَيْناهُ و اصطفى الحبيب قبل الابتلاء اللَّهُ يَصْطَفِي .
الخليل بذل ماله لأجل الجليل و خلق الجليل العالم لأجل الحبيب .
مقام الخليل مقام الخدمة وَ اتَّخِذُوا مِنْ مَقامِ إِبْراهِيمَ و مقام الحبيب مقام الشفاعة عَسى أَنْ يَبْعَثَكَ و الشفيع أفضل من الخادم .
الخليل طلب ابتداء الوصلة قالَ هذا رَبِّي و الحبيب طلب بقاء الوصلة وَ أُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ و البقاء أفضل من الابتداء .
صير الله حر النار على الخليل بردا و سلاما و صير السم في جوفه سلاما حين سمته الخيبرية ثم سخر له نار جهنم التي كانت نار الدنيا كلها جزءا منها .
كان الخليل مناديا بالحج و القربان وَ أَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ و الحبيب مناديا بالإسلام و الإيمان يُنادِي لِلْإِيمانِ أَنْ آمِنُوا بِرَبِّكُمْ .
قال للخليل أَ وَ لَمْ تُؤْمِنْ و قال للحبيب آمَنَ الرَّسُولُ .
قال الخليل فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي و قال للحبيب لولاك لما خلقت الأفلاك .
و قيل للخليل وَ فَدَيْناهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ و الحبيب فدي أبوه عبد الله بمائة ناقة .
و بارك في أولاد الخليل حتى عفوا فأمر داود في أيامه بإحصائهم فعجزوا عن ذلك فأوحى الله تعالى إليه لما أطاعني بذبح ولده كثرت ذريته و الحبيب لما ابتلي أيضا بذبح ابنه الحسين كثرت أولاده .