back page fehrest page next page

وصل الخليل إلى الجليل بالواسطة وَ كَذلِكَ نُرِي إِبْراهِيمَ و وصل الحبيب بلا واسطة ثُمَّ دَنا فَتَدَلَّى .

أراد الخليل رضاء الملك في رفع الكعبة وَ إِذْ يَرْفَعُ إِبْراهِيمُ الْقَواعِدَ مِنَ الْبَيْتِ و أراد الله القبلة في رضاء الحبيب فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضاها .

كان الابتلاء للخليل أولا

[218]

و الاجتباء آخر وَ إِذِ ابْتَلى إِبْراهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِماتٍ و الحبيب ابتداؤه بشارة لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ .

سأل الخليل وَ اجْنُبْنِي وَ بَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنامَ و قال للحبيب إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ .

الخليل من يخالك و الحبيب من تخاله فلا جرم وَ لَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضى .

الخليل المريد و الحبيب المراد .

الخليل عطشان و الحبيب ريان .

قال صاحب العين : مخرج الحاء أقصى من مخرج الخاء بدرجة فإن الخاء من الحلق و الحاء من الفؤاد فإذا ذكرت الخليل لم تملأ فاك لأنه من الحلق و إذا ذكرت الحبيب ملأت فاك و قلبك لأنه من الفؤاد .

قالوا : أظهر الله الخليل و لم يظهر للحبيب .

الجواب : أنه أظهر المحبة لمتبعيه فكيف المتبوع قوله إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ .

يعقوب (عليه السلام) : كان له اثنا عشر ابنا و محمد (صلّى الله عليه وآله وسلّم) كان له اثنا عشرا وصيا و جعل الأسباط من سلالة صلبه و مريم بنت عمران من بناته .

و الهداية في ذريته قوله وَ وَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَ يَعْقُوبَ وَ جَعَلْنا فِي ذُرِّيَّتِهِمَا النُّبُوَّةَ وَ الْكِتابَ و محمد ارفع ذكرا من ذلك جعلت فاطمة سيدة نساء العالمين من بناته و الحسن و الحسين من ذريته و آتاه الكتاب المحفوظ لا يبدل و لا يغير .

و صبر يعقوب على فراق ولده حتى كاد يحرض و صبر محمد على وفاة إبراهيم و على ما علم من فحوى ما يجري على ذريته .

يوسف (عليه السلام) : إن كان له جمال فلمحمد ملاحة و كمال .

قوله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) كان يوسف أحسن و لكنني أملح .

و إن كان يوسف في الليل نورانيا فمحمد في الدنيا و العقبى نوراني ففي الدنيا يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ و في العقبى انْظُرُونا نَقْتَبِسْ .

يوسف دعا لمالك بن زعر ليكثر ماله و ولده .

قال النبي (عليه السلام) ستدرك ولدا لي يسمى الباقر فإذا لقيته فاقرأه مني السلام .

و قال لأنس : اللهم أطل عمره و أكثر ماله و ولده .

فبقي إلى أيام عمر بن عبد العزيز و له عشرون من الذكور و ثمانون من الإناث و كانت شجراته كل حول ذوات ثمرتين .

صبر يوسف في الجب و الحبس و الفرقة و المعصية و محمد قاسى من كثرة الغربة و الفرقة

[219]

و حبس في الشعب ثلاث سنين و في الغار ثلاث ليال .

و كان ليوسف رؤياه و لمحمد (صلّى الله عليه وآله وسلّم) لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرامَ .

موسى (عليه السلام) : أعطاه الله اثنتا عشرة عينا قوله فَانْفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتا عَشْرَةَ عَيْناً و محمد أمر البراء بن عازب يغرس سهمه يوم المبضاة بالحديبية في قليب جافة فتفجرت اثنتا عشرة عينا حتى كفت ثمانية آلاف رجل .

و كان لموسى انفجار الماء من الحجر و لمحمد انفجار الماء من بين أصابعه و هذا أعجب .

و أنزل الله لموسى عمودا من السماء يضي‏ء لهم ليلتهم و يرتفع نهارهم و رسول الله أعطى بعض أصحابه عصى تضي‏ء أمامه و بين يديه و أعطى قتادة بن النعمان عرجونا فكان العرجون يضي‏ء أمامه عشرا .

قوله وَ لَقَدْ آتَيْنا مُوسى تِسْعَ آياتٍ بَيِّناتٍ قال ابن عباس و الضحاك : اليد و العصا و الحجر و البحر و الطوفان و الجراد و القمل و الضفادع و الدم .

يروى : أن النبي (عليه السلام) استتر للوضوء في بعض أسفاره إلى الشام فأحاط به اليهود بالسيوف فأثار الله من تحت رجله جراد فاحترشتهم و جعلت تأكلهم حتى أتت على جملتهم و كانوا مائتي نفر .

و قال (عليه السلام) إن بين الركن و الصفا قبور سبعين نبيا ما ماتوا إلا بضر الجوع و القمل .

و تبعه قوم يوما خاليا فنظر أحدهم إلى ثياب نفسه و فيها قمل ثم جعل بدنه يحكه فأنف من أصحابه و انسل و أبصر آخر و آخر مثل ذلك حتى وجد كلهم من نفسه ثم زاد ذلك عليهم حتى استولى ذلك عليهم فماتوا كلهم من خمسة أيام إلى شهرين .

و هم جماعة بقتله فخرجوا نحو المدينة من مكة فسلط الله على مزاودهم و رواياهم و سطائحهم الجرذان فخرقتها و نقبتها و سال مياهها فلما عطشوا شعروا فرجعوا القهقرى إلى الحياض التي كانوا تزودوا منها تلك المياه و إذا الجرذان قد سبقتهم

[220]

إليها فنقبت أصولها فسال في الحرة مياهها فتماوتوا و لم ينفلت منهم إلا واحد لا يزال يقول يا رب محمد و آل محمد قد تبت من أذاه ففرج عني بجاه محمد و آل محمد فوردت عليه قافلة فسقوه و حملوه و أمتعه القوم فآمن بالنبي (عليه السلام) فجعل رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) له تلك الجمال و الأموال .

و احتجم النبي (عليه السلام) مرة فدفع الدم الخارج منه إلى أبي سعيد الخدري و قال غيبه .

فذهب فشربه .

فقال : ما ذا صنعت به ?

قال : شربته .

قال :أ و لم أقل لك غيبه ?

فقال : قد غيبته في وعاء حريز .

فقال : إياك و أن تعود لمثل هذا , ثم اعلم أن الله قد حرم لحمك على النار و دمك لما اختلط بلحمي و دمي .

و استهزأ به أربعون نفرا من المنافقين .

فقال (عليه السلام) : أما أن الله يعذبهم بالدم فلحقهم الرعاف الدائم من أضراسهم فكان طعامهم و شرابهم يختلط بدمائهم فبقوا كذلك أربعين صباحا ثم هلكوا .

قوله اسْلُكْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضاءَ و أعطي أفضل منه و هو نور كان عن يمينه حيت ما جلس و كان يراه الناس كلهم و قد بقي ذلك النور إلى قيام الساعة و كان يحب أن يأتيه الحسنان فيناديهما هلما إلى فيقبلان نحوه من البعد قد بلغهما صوته فيقول بسبابته هكذا يخرجهما من الباب فتضي‏ء لهما أحسن من ضوء القمر و الشمس فيأتيان ثم تعود الإصبع كما كانت و تفعل في انصرافهما مثل ذلك .

قوله وَ أَنْ أَلْقِ عَصاكَ و له ما روي أن الزبير بن العوام : انكسر سيفه في بعض الغزوات فأخذ النبي (عليه السلام) خشبة فمسحها من جانبيه فصارت سيفا أجود ما يكون و أضربها فكان يقاتل به .

و أن الله تعالى قلب جذوع سقوف يهود نازعوه أفاعي و هي أكثر من مائة جذع و قصدت نحوهم و التقمت متاع بيتهم فمات منهم أربعة و خبل جماعة و أسلم آخرون و قالوا اللهم بجاه محمد الذي اصطفيته و علي الذي ارتضيته و أوليائهما الذين من سلم لهم أمرهم اجتبيته فأنشر الله الأربعة قوله اضْرِبْ بِعَصاكَ الْبَحْرَ .

قال أمير المؤمنين (عليه السلام) : خرجنا معه يعني النبي (عليه السلام) إلى خيبر فإذا نحن بواد يشخب فقدرناه فإذا هو أربعة عشرة قامة .

فقالوا : يا رسول الله العدو من ورائنا و الوادي أمامنا كما قال أصحاب موسى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ .

فنزل رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ثم قال اللهم إنك

[221]

جعلت لكل مرسل دلالة فأرني قدرتك و ركب فعبرت الخيل لا تندى حوافرها و الإبل لا تندى أخفافها فرجعنا فكان فتحها .

و في رواية أنس : أنه مطرت السماء ثلاثة أيام و لياليها بوادي الخزان .

فقالوا : يا رسول الله هول عظيم .

فقال : أيها الناس اتبعوني و كنت آخر الناس و لقد رأيت الماء ما بل أخفاف الإبل .

قوله وَ لَقَدْ أَخَذْنا آلَ فِرْعَوْنَ بِالسِّنِينَ .

و روي أن النبي (عليه السلام) : قال اللهم العن رعلا و ذكوان , اللهم اشدد وطأتك على مضر , اللهم اجعل سنينهم كسني يوسف .

ففي الخبر أن الرجل كان منهم يلحق صاحبه فلا يمكنه الدنو فإذا دنا منه لا يبصره من شدة دخان الجوع , و كان يجلب إليهم من كل ناحية فإذا اشتروه و قبضوه لم يصلوا به إلى بيوتهم حتى يتسوس و ينتن فأكلوا الكلاب الميتة و الجيف و الجلود و نبشوا القبور و أحرقوا عظام الموتى فأكلوها و أكلت المرأة طفلها و كان الدخان متراكما بين السماء و الأرض و ذلك قوله فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّماءُ بِدُخانٍ مُبِينٍ يَغْشَى النَّاسَ هذا عَذابٌ أَلِيمٌ فقال أبو سفيان و رؤساء قريش : يا محمد أ تأمرنا بصلة الرحم فأدرك قومك فقد هلكوا فدعا لهم و ذلك قوله رَبَّنَا اكْشِفْ عَنَّا الْعَذابَ إِنَّا مُؤْمِنُونَ فقال الله تعالى إِنَّا كاشِفُوا الْعَذابِ قَلِيلًا إِنَّكُمْ عائِدُونَ فعاد إليهم الخصب و الدعة و هو قوله فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هذَا الْبَيْتِ الآية .

انتقم الله لموسى من فرعون و انتقم لمحمد من الفراعنة سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَ يُوَلُّونَ الدُّبُرَ .

كان لموسى عصا و لمحمد ذو الفقار .

خلف موسى هارون في قومه و خلف محمد عليا في قومه : أنت مني بمنزلة هارون من موسى .

و كان لموسى اثنا عشر نقيبا و لمحمد اثنا عشر إماما .

كان لموسى انفلاق البحر في الأرض فَانْفَلَقَ فَكانَ كُلُّ فِرْقٍ و لمحمد انشقاق القمر في السماء و ذلك أعجب اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَ انْشَقَّ الْقَمَرُ .

العصا بلغت البحر فانفلق فاضرب بعصاك البحر و أشار بالإصبع إلى القمر فانشق .

و قال موسى رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي و قال الله له أَ لَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ .

و قال لموسى و هارون فَقُولا لَهُ قَوْلًا لَيِّناً و قال لمحمد وَ اغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَ لا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ .

[222]

و أعطى الله موسى المن و السلوى و أحل الغنائم لمحمد و لأمته و لم يحل لأحد قبله .

و قال في حق موسى وَ ظَلَّلْنا عَلَيْهِمُ الْغَمامَ يعني في التيه و النبي (عليه السلام) كان يسير الغمام فوقه .

و كلم الله موسى تكليما على طور سيناء و ناجى الله محمدا عند سدرة المنتهى .

و كان واسطة بين الحق و بين موسى و لم يكن بين محمد و ربه أحد فَأَوْحى إِلى عَبْدِهِ و ليس من مشى برجليه كمن أسري بسره و ليس من ناداه كمن ناجاه و من نودي من بعد كمن نوجي من قرب .

و لم يكلم موسى إلا بعد أربعين ليلة و محمد كان نائما في بيت أم هانئ فعرج به .

و معراج موسى بعد الموعود و معراج محمد بلا وعد .

و اختار موسى قومه سبعين رجلا و اختير محمد و هو فريد .

و لم يحتمل موسى ما رآه وَ خَرَّ مُوسى صَعِقاً و احتمل محمد ذلك لَقَدْ رَأى مِنْ آياتِ رَبِّهِ .

معراج موسى نهارا و معراج محمد ليلا .

معراج موسى على الأرض و معراج محمد فوق السماوات السبع .

أخبر بما جرى بينه و بين موسى و كتم ما جرى بينه و بين محمد فَأَوْحى إِلى عَبْدِهِ ما أَوْحى .

قوله وَ لَمَّا جاءَ مُوسى لِمِيقاتِنا كأنه جاء من عند فرعون لَقَدْ جاءَكُمْ رَسُولٌ كأنه جاء من عند الله .

و قال لموسى وَ أَوْحَيْنا إِلى مُوسى وَ أَخِيهِ أَنْ تَبَوَّءا لِقَوْمِكُما بِمِصْرَ بُيُوتاً و أخرج النبي (عليه السلام) من مسجده ما خلا العترة و في هذا تبيان قوله :أنت مني بمنزلة هارون من موسى .

حسان :

لئن كلم الله موسى على *** شريف من الطور يوم الندا

فإن النبي أبا قاسم حبي *** بالرسالة فوق السما

و قد صار بالقرب من ربه *** على قاب قوسين لما دنا

و إن فجر الماء موسى لهم *** عيونا من الصخر ضرب العصا

فمن كف أحمد قد فجرت *** عيون من الماء يوم الظمإ

و إن كان هارون من بعده *** حبي بالوزارة يوم الملأ

فإن الوزارة قد نالها *** علي بلا شك يوم الفدا

[223]

كعب بن مالك الأنصاري :

فإن يك موسى كلم الله جهرة *** على جبل الطور المنيف المعظم

‏فقد كلم الله النبي محمدا *** على الموضع الأعلى الرفيع المسوم

داود (عليه السلام) : كان له سلسلة الحكومة ليميز الحق من الباطل و لمحمد القرآن ما فَرَّطْنا فِي الْكِتابِ مِنْ شَيْ‏ءٍ و ليست السلسلة كالكتاب و السلسلة قد فنيت و القرآن بقي إلى آخر الدهر .

و كان له النغمة و لمحمد الحلاوة وَ إِذا سَمِعُوا ما أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ .

و كان له ثلاثون ألف حرس و كان حارس محمد (صلّى الله عليه وآله وسلّم) هو الله تعالى وَ اللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ .

و سبحت له الوحوش و الطيور و الجبال فالله تعالى و ملائكته يشهدون بمحمد و كفى بالله شهيدا مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ .

و قال له وَ أَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ و ألان قلب محمد بالرحمة و الشفاعة فَبِما رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ .

و ألان لهم الصم الصخور الصلاب و جعلها غارا و كان يحلب الشاة المجهودة و يمسح ضرعها فيحلب منها كيف شاء .

و سخر له الجبال فكان يسبحن و أخذ النبي (عليه السلام) أحجارا فأمسكها فسبحن في كفه .

و له الطَّيْرَ مَحْشُورَةً كُلٌّ لَهُ أَوَّابٌ و لمحمد البراق .

و قال له وَ شَدَدْنا مُلْكَهُ و شدد ملك محمد حتى نسخ بشريعته سائر الشرائع .

و قال لداود وَ لا تَتَّبِعِ الْهَوى و قال لمحمد ما ضَلَّ صاحِبُكُمْ .

حسان :

و إن كان داود قد أوبت *** جبال لديه و طير الهواء

ففي كف أحمد قد سبحت *** بتقديس ربي صغار الحصى

سليمان (عليه السلام) : سخرت له الريح غدوها شهر و رواحها شهر يقال إنه غدا من العراق و قال بمرو و أمسى ببلخ و أكرم محمدا بالبراق خطوته مد البصر .

و قال عُلِّمْنا مَنْطِقَ الطَّيْرِ.

[224]

و روي : أن الحمرة فجعت بأحد ولدها فجاءت إلى النبي (عليه السلام) و جعلت تدف على رأس رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) فقال : أيكم فجع هذه ?

فقال رجل من القوم : أنا أخذت بيضها .

فقال النبي : ارددها .

و منه كلام البعير و العجل و الظبي و الشاة و الذئب و الضب .

و سخرت له الجن و الشياطين و قال للنبي قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ و قوله وَ إِذْ صَرَفْنا إِلَيْكَ نَفَراً مِنَ الْجِنِّ و هم التسعة من أشراف الجن بنصيبين و اليمن من بني عمرو بن عامر منهم شصاة و مصاة و الهملكان و المرزبان و المازمان و نضاة و هاضب و عمرو و بايعوه على العبادات و اعتذروا بأنهم قالوا على الله شططا .

و سليمان كان يصفدهم لعصيانهم و نبينا أتوه طائعين راغبين .

و سأل سليمان ملكا دنيا رب هَبْ لِي مُلْكاً و عرض مفاتيح خزائن الدنيا على محمد فردها فشتان بين من يسأل و بين من يعطى فلا يقبل فأعطاه الله الكوثر و الشفاعة و المقام المحمود وَ لَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضى .

و قال لسليمان فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسابٍ و قال لنبينا ما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَ ما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا .

حسان بن ثابت :

و إن كانت الجن قد ساسها *** سليمان و الريح تجري رخاء

فشهر غدو به رابيا *** و شهر رواح به إن يشأ

فإن النبي سرى ليلة *** من المسجدين إلى المرتقى

كعب بن مالك :

و إن تك نمل البر بالوهم كلمت *** سليمان ذا الملك الذي ليس بالعمى

‏فهذا نبي الله أحمد سبحت *** صغار الحصى في كفه بالترنم

يحيى (عليه السلام) : قال الله تعالى له وَ آتَيْناهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا و كان في عصر لا جاهلية فيه و محمد إوتي الحكم و الفهم صبيا بين عبدة الأوثان و حزب الشيطان .

و كان يحيى أعبد أهل زمانه و أزهدهم و محمد أزهد الخلائق و أعبدهم حتى قيل طه ما أَنْزَلْنا .

[225]

حسان بن ثابت :

و إن كان يحيى بكت عينه *** صغيرا و طهره في الصبا

فإن النبي بكى قائما حزينا *** على الرجل خوف الرجا

فناداه طه أبا قاسم و لا *** تشق بالوحي لما أتى

عيسى (عليه السلام) : وَ أُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَ الْأَبْرَصَ و نبينا أتاه معاذ بن عفر فقال يا رسول الله إني قد تزوجت و قالوا للزوجة إن بجنبي بياضا فكرهت أن تزف إلي فقال اكشف لي عن جنبك فكشف له عن جنبه فمسحه بعود فذهب ما به من البرص .

و لقد أتاه من جهينة أجذم يتقطع من الجذام فشكا إليه فأخذ قدحا من ماء فتفل فيه ثم قال امسح به جسدك ففعل فبرأ و أبرأ صاحب السلعة .

و أتته امرأة فقالت يا رسول الله إن ابني قد أشرف على حياض الموت كلما أتيته بطعام وقع عليه التثاؤب فقام و قمنا معه فلما أتيناه قال له جانب يا عدو الله ولي الله فأنا رسول الله فجانبه الشيطان فقام صحيحا .

و أتاه رجل و به أدرة عظيمة فقال هذه الأدرة تمنعني من التطهير و الوضوء فدعا بماء فبرك فيه و دعا و تفل فيه ثم أمره أن يفيض عليه ففعل الرجل و أغفي إغفاء و انتبه فإذا هي قد تقلصت .

و جاءت امرأة و معها عكة سمن و أقط و معها ابنة لها فقالت يا رسول الله ولدت هذه كمهاء فأخذ رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) عودا فمسح به عينيها فأبصرتا .

و منه حديث قتادة بن ربعي و محمد بن مسلمة و عبد الله بن أنيس .

قوله : وَ أُحْيِ الْمَوْتى بِإِذْنِ اللَّهِ قال الكلبي : كان عيسى يحيي الأموات بيا حي يا قيوم و قيل إنه أحيا أربعة أنفس و هم عاذر و ابن العجوز و ابنة العاشر و سام بن نوح .

[226]

قال الرضا (عليه السلام) : لقد اجتمعت قريش إلى رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) فسألوه أن يحيي لهم موتاهم فوجه معهم علي بن أبي طالب (عليه السلام) فقال اذهب إلى الجبانة فناد باسم هؤلاء الرهط الذين يسألون عنهم بأعلى صوتك يا فلان و يا فلان و يا فلان يقول لكم رسول الله قوموا بإذن الله فقاموا ينفضون التراب عن رءوسهم فأقبلت قريش تسألهم عن أمورهم ثم أخبروهم أن محمدا (صلّى الله عليه وآله وسلّم) قد بعث نبيا فقالوا وددنا أنا أدركناه فنؤمن به .

و أحيا (عليه السلام) النفر الذين قتلوا يوم بدر فخاطبهم و كلمهم و عيرهم بكفرهم.

قوله وَ أُنَبِّئُكُمْ بِما تَأْكُلُونَ وَ ما تَدَّخِرُونَ و محمد كان ينبئ بأشياء كثيرة منها قصة خاطب بن أبي بلتعة و إنفاذ كتابه إلى مكة و منها قصة عباس و سبب إسلامه .

ابن جريح في قوله : وَ يُعَلِّمُهُ الْكِتابَ وَ الْحِكْمَةَ إن الله تعالى أعطى عيسى تسعة أشياء من الحظ و لسائر الناس جزءا و .

روي عن النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) : أوتيت القرآن و مثليه .

أنشد :

و إن كان من مات يحيى لكم *** يناديه عيسى برب العلى

‏فإن الذراع لقد سمها *** يهود لأحمد يوم القرى

‏فنادته أني لمسمومة *** فلا تقربني وقيت الأذى

فصل في النكت و الإشارات :

اختير من أسمائه اثنا عشر اسما اسمان عبارة المزمل و المدثر و اسمان إشارة المذكر و المنذر و اسمان بشارة البشير و النذير و اسمان كرامة النبي و الرسول و اسمان كناية طه و يس و اسمان علامة محمد و أحمد .

و اختير أيضا أربع :

الأول : الشمس لأن من أيام عيسى إلى أيامه كان العالم ظلمانيا من الكفر فبلغ شريعته شرقا و غربا أشرق من الشمس .

و الثاني : النجم و هو هداية على البلاد و النبي هداية إلى الرشاد .

و الثالث : السراج فالبيت الظلماني يضي‏ء بنوره فكذلك محبته تنور القلب و توقد من سراج ألف سراج و لا تنتقص و كذلك استنار العالم من نوره و لم تنقص منه و الضال في الظلمة يهدي به و يأمن من أهل الدار .

و الرابع : طه قيل الطاء طوله و الهاء هدايته .

[227]

الحسن و قتادة قالا : طاء ابتداء اسمه طاهر هاء اسمه هادي فوضع في ابتداء السورة حرفان من أسمائه حتى إذا قلت طه جرى على لسانك اسمان من أسمائه و قالوا الطاء تسعة و الهاء خمسة فجعلها أربعة عشر كالبدر إذا طلع تشرق الدنيا و يسمى أيام البيض و النبي أشرق به قلوب المؤمنين و وجوههم يوم تبيض وجوه و قالت الأنصار :

طلع البدر علينا *** من ثنيات الوداع

‏وجب الشكر علينا *** ما دعا لله داع

و سماه النبي في ثلاثة عشر موضعا يا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللَّهُ * يا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ * يا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِمَنْ فِي أَيْدِيكُمْ * يا أَيُّهَا النَّبِيُّ جاهِدِ الْكُفَّارَ * يا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ * يا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْواجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ * يا أيها النبي إنا جعلناك * يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْناكَ * يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنا لَكَ * يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذا جاءَكَ الْمُؤْمِناتُ * يا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ * يا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْواجِكَ وَ بَناتِكَ * يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذا طَلَّقْتُمُ .

back page fehrest page next page