back page fehrest page next page

و قد مدح الله لاثني عشر من الأنبياء باثني عشر نوعا من الطاعة :

مدح إسحاق و يعقوب بالطاعة : وَ وَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَ يَعْقُوبَ .

و لعيسى بالزهادة : قيل له لو اتخذت منزلا أو اشتريت دابة .

فقال ما قال .

و لسليمان بالسخاء : و كان يطعم كل يوم سبعمائة جريب من الحواري و هو يأكل الحسكل .

و لإبراهيم بالرحمة : إِنَّ إِبْراهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوَّاهٌ مُنِيبٌ و فيه قصة المجوس الذين أسلموا من ضيافته .

و لنوح بالصلابة : رَبِّ لا تَذَرْنِي فَرْداً .

و أيضا من موسى و هارون : رَبَّنا إِنَّكَ آتَيْتَ فِرْعَوْنَ .

فبالغ نبينا (عليه السلام) في هذه الخصال حتى نهاه عن ذلك الاستغفار اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ .

المجاهدة : وَ لا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ .

العبادة : طه ما أَنْزَلْنا .

الزهد : لِمَ تُحَرِّمُ ما أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ و فيه حديث مارية .

و عرض عليه مفاتيح الدنيا فأبى .

السخاء : وَ لا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً الرحمة : وَ اغْلُظْ عَلَيْهِمْ و قال فَلَعَلَّكَ باخِعٌ نَفْسَكَ .

الصلابة : لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ * يا أَيُّهَا النَّبِيُّ جاهِدِ الْكُفَّارَ و فيه قصة ابن مكتوم .

الإنذار : نَبِّئْ عِبادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ .

عيب آلهتهم وَ لا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ .

[228]

و أنه تعالى أقسم لأجله بخمسة عشر قسما :

بهدايته : وَ النَّجْمِ إِذا هَوى .

برسالته : يس وَ الْقُرْآنِ الْحَكِيمِ .

بولي عهده : وَ الْعادِياتِ ضَبْحاً .

بمعراجه : لَتَرْكَبُنَّ طَبَقاً عَنْ طَبَقٍ .

بشريعته : وَ الْعَصْرِ إِنَّ الْإِنْسانَ لَفِي خُسْرٍ .

بكتابه : ق وَ الْقُرْآنِ الْمَجِيدِ .

بخلقه : لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ .

بخلقه : ن وَ الْقَلَمِ .

بزيادة نوافله : طه ما أَنْزَلْنا .

بطهارته : فَلا أُقْسِمُ بِما تُبْصِرُونَ .

ببلده : لا أُقْسِمُ بِهذَا الْبَلَدِ .

بمحبته : وَ الضُّحى وَ اللَّيْلِ .

بتهديد مؤذيه : كَلَّا لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ .

بعقوبة أعدائه : كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ .

بعمره : لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ .

و من شدة فرط المحبة أن يحلف بعمر حبيبه .

و كل ما سأل الأنبياء من الله تعالى أعطاه الله بلا سؤال :

آدم: وَ إِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنا و له لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ .

نوح : لا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ و له إِنَّا كَفَيْناكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ .

إبراهيم : وَ لا تُخْزِنِي يَوْمَ يُبْعَثُونَ و له يَوْمَ لا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ .

شعيب : رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنا و له إِنَّا فَتَحْنا لَكَ .

لوط : رَبِّ انْصُرْنِي عَلَى الْقَوْمِ و له وَ يَنْصُرَكَ اللَّهُ .

موسى : قالَ رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي و له أَ لَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ .

موسى : اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي و له إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللَّهُ .

و كان له اثنتان و عشرون خاصية :

كان أحسن الخلائق : الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ .

و أجملهم : لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ .

و أطهرهم : طه ما أَنْزَلْنا .

و أفضلهم : و كان فضل الله عليك كبيرا .

و أعزهم : لَقَدْ جاءَكُمْ رَسُولٌ .

و أشرفهم : إِنَّا أَرْسَلْناكَ .

و أظهر المعجزة : قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَ الْجِنُّ .

و أهيب الناس : سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا .

و أكملهم سعادة : عَسى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ .

و أكرمهم كرامة : سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى .

و أقربهم منزلة : ثُمَّ دَنا فَتَدَلَّى .

و أقواهم نصرة : وَ يَنْصُرَكَ اللَّهُ نَصْراً .

و أصحهم رؤيا : لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيا .

و أكملهم رسالة : اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ .

و أحسنهم دعوة : فَبَشِّرْ عِبادِ الَّذِينَ .

و اعصمهم عصمة : وَ اللَّهُ يَعْصِمُكَ .

و أبعدهم صيتا : وَ رَفَعْنا لَكَ ذِكْرَكَ .

و أحسنهم خلقا : وَ إِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ .

و أبقاهم ولاية : لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ .

و أعلاهم خاصية : لَعَمْرُكَ .

و أجلهم خليفة إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ وَ الَّذِينَ آمَنُوا .

و أطهرهم أولادا : إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ .

[229]

و إن الله تعالى وضع ثلاثة أشياء على هوى الرسول (صلّى الله عليه وآله وسلّم) :

الصلاة : وَ مِنْ آناءِ اللَّيْلِ فَسَبِّحْ وَ أَطْرافَ النَّهارِ .

و الشفاعة : وَ لَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ .

و القبلة : فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً كقول الناس من حب فلان لفلان أنه إن أمره بتحويل القبلة لحولها .

و أعطى التوراة لموسى و الإنجيل لعيسى و الزبور لداود .

و قال النبي (عليه السلام) أوتيت السبع الطوال مكان التوراة .

و المئين مكان الإنجيل .

و المثاني مكان الزبور .

و فضلني ربي بالفضل .

و أنه شاركه مع نفسه في عشرة مواضع :

وَ لِلَّهِ الْعِزَّةُ وَ لِرَسُولِهِ * أَطِيعُوا اللَّهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ * وَ مَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ * إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ * اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَ لِلرَّسُولِ * وَ يَنْصُرُونَ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ * إِذا نَصَحُوا لِلَّهِ وَ رَسُولِهِ * فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَ رَسُولِهِ * فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَ رَسُولِهِ * وَ مَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ .

و من جلالة قدره أن الله نسخ بشريعته سائر الشرائع و لم ينسخ شريعته و نهى الخلق أن يدعوه باسمه لا تَجْعَلُوا دُعاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضاً و إنما كان ينبغي أن يدعو له يا أيها الرسول يا أيها النبي .

و لم يأذن بالجهر عليه يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَرْفَعُوا أَصْواتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ و أن الله تعالى أرسل سائر الأنبياء إلى طائفة دون أخرى قوله وَ ما أَرْسَلْنا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسانِ قَوْمِهِ .

كما قال إِنَّا أَرْسَلْنا نُوحاً إِلى قَوْمِهِ * وَ إِلى عادٍ أَخاهُمْ هُوداً * وَ إِلى ثَمُودَ أَخاهُمْ صالِحاً * قرية واحدة لم تكمل أربعين بيتا وَ إِلى مَدْيَنَ أَخاهُمْ شُعَيْباً و لم تكمل أربعين بيتا .

ثم أرسلنا موسى و أخاه هارون إلى مصر وحدها .

و أرسل إبراهيم بكوثى و هي قرية من السواد .

و كان بعده لإسحاق و يعقوب في أرض كنعان .

و يوسف في أرض مصر .

و يوشع إلى بني إسرائيل في البرية .

و إلياس في الجبال .

و أرسل نبينا (عليه السلام) إلى الناس كافة :

قوله نَذِيراً لِلْبَشَرِ .

و إلى الجن أيضا : قوله وَ إِذْ صَرَفْنا إِلَيْكَ نَفَراً مِنَ الْجِنِّ .

و إلى الشياطين أيضا .

قال (عليه السلام) إن الله أعانني على شيطان حتى أسلم على يدي .

قوله وَ ما أَرْسَلْناكَ إِلَّا كَافَّةً .

و قال (عليه السلام) بعثت إلى الأحمر و الأسود و الأبيض .

و قال (عليه السلام) بعثت إلى الثقلين .

و أنه علق خمسة أشياء باتباعه :

المحبة : فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَ يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ .

و الفلاح : فاتبعوه لعلكم تفلحون .

و الهداية : فَمَنِ اتَّبَعَ هُدايَ فَلا يَضِلُّ وَ لا يَشْقى .

[230]

و الرحمة : فَسَأَكْتُبُها لِلَّذِينَ الآية .

المقام : أربعة , مقام الشوق لشعيب حيث بكى من خوف الله .

و مقام السلام لإبراهيم إِذْ جاءَ رَبَّهُ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ .

و مقام المناجاة لموسى وَ قَرَّبْناهُ نَجِيًّا .

و مقام المحبة للنبي فَكانَ قابَ قَوْسَيْنِ .

و سمى الله تعالى نوحا شكورا إِنَّهُ كانَ عَبْداً شَكُوراً .

و إبراهيم حليما إِنَّ إِبْراهِيمَ لَحَلِيمٌ .

و موسى كليما وَ كَلَّمَ اللَّهُ مُوسى تَكْلِيماً .

و جمع له كما جمع لنفسه , فقال : إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ و له بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ , قيل هما واحد و قيل الرءوف شدة الرحمة رؤف بالمطيعين رحيم بالمذنبين رؤف بأقربائه رحيم بأصحابه رؤف بعترته رحيم بأمته رؤف بمن رآه رحيم بمن لم يره .

و أنه مدح كل عضو من أعضائه :

نفسه : لا تُكَلَّفُ إِلَّا نَفْسَكَ .

رأسه : يا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ .

شعره : وَ اللَّيْلِ إِذا سَجى .

عينه : لا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ .

بصره : ما زاغَ الْبَصَرُ .

أذنه : وَ يَقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ .

لسانه : فَإِنَّما يَسَّرْناهُ بِلِسانِكَ .

كلامه : وَ ما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى .

وجهه : قَدْ نَرى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ .

خده : وَ لا تُصَعِّرْ خَدَّكَ .

فؤاده : ما كَذَبَ الْفُؤادُ .

قلبه : عَلى قَلْبِكَ .

صدره : أَ لَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ .

ظهره : أَنْقَضَ ظَهْرَكَ .

يده : وَ لا تَجْعَلْ يَدَكَ .

قيامه : حِينَ تَقُومُ .

صوته : فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ .

رجله : طه ما أَنْزَلْنا يعني طأ الأرض بقدميك .

روحه : لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ .

خلقه : وَ إِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ .

ثوبه : وَ ثِيابَكَ فَطَهِّرْ .

علمه : وَ عَلَّمَكَ ما لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ .

صلاته : فَتَهَجَّدْ بِهِ نافِلَةً لَكَ .

صومه : إِنَّ لَكَ فِي النَّهارِ .

كتابه : وَ إِنَّهُ لَكِتابٌ عَزِيزٌ .

دينه : دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضى لَهُمْ .

أمته : كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ .

قبلته : فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً .

بلده : لا أُقْسِمُ بِهذَا الْبَلَدِ .

قضاياه : إِذا قَضَى اللَّهُ وَ رَسُولُهُ أَمْراً .

جنده : وَ الْعادِياتِ ضَبْحاً .

عزته : وَ لِلَّهِ الْعِزَّةُ وَ لِرَسُولِهِ .

عصمته : وَ اللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ .

شفاعته : فلَعَلَّكَ تَرْضى .

صلابته : بَراءَةٌ مِنَ اللَّهِ وَ رَسُولِهِ .

وصيه : إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ .

أهل بيته : لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ .

و إنما سماه نورا : قَدْ جاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ .

و سماه ظلا : أَ لَمْ تَرَ إِلى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ .

فبنوره يضي‏ء البلاد و بظله يعيش العباد و قال لسائر الأنبياء فَبِهُداهُمُ اقْتَدِهْ و قال له وَ إِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا .

قوله وَ لِلَّهِ الْعِزَّةُ :

الملوك لهم عيش بلا دين و الملائكة لهم دين بلا عيش فأعطاه

[231]

الله عيش الملوك و دين الملائكة .

قوله : طسم يقال طاء شجرة طوبى و سين سدرة المنتهى و ميم محمد المصطفى .

و سئل أن الله تعالى سماه سراجا منيرا و الشمع أنور .

الجواب :أن الشمع للأغنياء و السراج للفقراء فلم يحرمهم من نوره و الشمس للظاهر لا للباطن و تضي‏ء بالنهار دون الليل و تخفى يوم الغيم و السراج تعم جميع ذلك .

قوله أَ لَمْ يَجِدْكَ يَتِيماً فَآوى .

من كنت له أمينا فلا يكون يتيما أَ لَيْسَ اللَّهُ بِكافٍ عَبْدَهُ و إن مات أبواك فأنا الحي الذي لا أموت أربيك كما يربيان قُلْ مَنْ يَكْلَؤُكُمْ بِاللَّيْلِ و أرزقك كما يرزقان نحن نرزقك و العاقبة .

و هكذا للحفظ وَ اللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ .

و للمدح وَ سِراجاً مُنِيراً .

و للنصرة هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ .

و للتزويج يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنا لَكَ .

و للمحبة ما وَدَّعَكَ رَبُّكَ .

و للقربة ثُمَّ دَنا فَتَدَلَّى .

و للعفو لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ .

و للآخرة وَ لَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الْأُولى فأي الأبوين يقيم بجميع ذلك و مع هذا جعلت الدارين تحت ختمك لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ في الدنيا و عَسى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ في العقبى قوله وَ خاتَمَ النَّبِيِّينَ .

جابر و أبو هريرة : إن النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) قال و إنما مثلي و مثل الأنبياء كرجل بنى دارا فأكملها و أحسنها إلا موضع لبنه فجعل الناس يدخلونها و يعجبون بها و يقولون هلا وضعت هذه اللبنة فأنا اللبنة و أنا خاتم النبيين .

قوله وَ ما أَرْسَلْناكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعالَمِينَ لأن كل نبي جاء بعقوبة كنوح و هود و شعيب و صالح و أنه جاء بالرحمة فبحرمته سلم الكافر من العقوبة و المنافق من السيف في الدنيا فلا غرو أن ينجو المؤمن من النار في العقبى وَ ما كانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَ أَنْتَ فِيهِمْ .

قوله النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ .

و قال (عليه السلام) نحن أمة أمية لا نكتب و لا نحسب .

و قيل أمي منسوبة إلى أمته يعني جماعة عامة و العامة لا تعلم الكتابة .

و يقال سمي بذلك لأنه من العرب و تدعى العرب الأميون قوله هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ و قيل لأنه يقول يوم القيامة أمتي أمتي و قيل لأنه الأصل و هو بمنزلة الأم يرجع الأولاد إليها و منه أم القرى و قيل لأنه لأمته بمنزلة الوالدة الشفيقة بولدها فإذا نودي في القيامة يوم يفر المرء من أخيه تمسك بأمته و قيل

[232]

منسوبة إلى أم و هي لا تعلم الكتابة لأن الكتابة من أمارات الرجال و قالوا نسب إلى أمه يعني الخلقة قال الأعشى :

و إن معاوية الأكرمين *** حسان الوجوه طوال الأمم

قال المرتضى في قوله وَ ما كُنْتَ تَتْلُوا مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتابٍ الآية ظاهر الآية يقتضي نفي الكتابة و القراءة بما قبل النبوة دون ما بعدها و لأن التعليل في الآية يقتضي اختصاص النفي بما قبل النبوة لأنهم إنما يرتابون في نبوته لو كان يحسنها قبل النبوة فأما بعدها فلا تعلق له بالريبة فيجوز أن يكون تعلمها من جبرئيل بعد النبوة و يجوز أن لا يتعلم فلا يعلم قال الشعبي و جماعة من أهل العلم ما مات رسول الله حتى كتب و قرأ .

و في حديث محمد بن علي الرضا (عليه السلام) في قوله : هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ فكيف كان يعلمهم ما لا يحسن و الله لقد كان رسول الله يقرأ و يكتب باثنين و سبعين و قال ثلاثة و سبعين لسانا .

و قد شهر في الصحاح و التواريخ قوله (عليه السلام) : ايتوني بدواة و كتف أكتب لكم كتابا لن تضلوا بعده أبدا .

قوله مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ قد سماه بهذا الاسم في أربعة مواضع :

وَ ما مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ * ما كانَ مُحَمَّدٌ أَبا أَحَدٍ * وَ آمَنُوا بِما نُزِّلَ عَلى مُحَمَّدٍ * مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ .

النبي (عليه السلام) : إذا سميتم ولدكم محمدا فلا تسبوه و لا تضربوه بورك في بيت فيه محمد و مجلس فيه محمد و رفقة فيها محمد و ما اجتمع قوم قط في مشورة و فيهم رجل اسمه محمد فلم يدخلوه في مشورتهم إلا لم يبارك فيهم .

قال أهل الإشارات : الميم ميثاق الله على الأنبياء لأجله .

قوله وَ إِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثاقَ النَّبِيِّينَ و الحاء حبه في قلوب المرسلين و قلبه في أصلاب الطاهرين الَّذِي يَراكَ حِينَ تَقُومُ و الميم الثاني مرتبته في كتب الأنبياء النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِنْدَهُمْ فِي التَّوْراةِ وَ الْإِنْجِيلِ و الدال دولته إلى الأبد .

قوله أنا دعوة إبراهيم و بشارة عيسى و رؤيا أمي .

و قيل الميم الأول فإنه المعرفة أعطاه الله المعرفة بعلم الأولين و الآخرين و أما الحاء فإن الله تعالى أحيا المسلمين على يديه من الكفر بالإسلام حيث قال وَ كُنْتُمْ أَمْواتاً فَأَحْياكُمْ و الميم الثاني أعطاه الله مملكة لم يعط

[233]

أحدا مثل ذلك و أما الدال فهو الدليل لجميع الخلائق إلى الفردوس .

و قيل أمح الشرائع و مد شريعتك , و محا الشرك و مد الإسلام .

و قيل : ميم , ملكه الممدود , و حاء حوضه المورود , و ميم مقامه المحمود , دال دينه المشهود .

و قيل لم يكن لموسى من اسمه إلا حرفا فسلم من الغرق .

و لا لنوح إلا حرفا فسلم من الطوفان .

و لا لسليمان إلا حرفا فوجد الملك .

و لا لداود إلا حرفا فوجد الملك .

فمن عرف له كذا كذا اسما لا ينجو من النار و لا يصل إلى الجنة ?!!!

الأمة بأسرها وجدوا حرفا من اسمه .

و الإمامية وجدوا حرفين , فأخذوا الشريعة بطرفيها .

و أن الله خلق صورة بني آدم على صورة اسمه فالميم بمنزلة الرأس و الحاء بمنزلة اليدين و الميم بمنزلة البطن و الدل بمنزلة الرجلين فلما خلق الخلق علم صورة اسمه اليوم فيرجى أن يحشرهم في زمرته غدا و يرحمهم بشفاعته وَ لَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضى .

قال سيبويه : أحمد على وزن أفعل يدل على فضله على سائر الأنبياء لأنه ألف التفضيل و محمد على وزن مفعل و الأنبياء محمودون فهو أكثر حمدا من المحمود و التشديد للمبالغة يدل على أنه كان أفضلهم .

أنس : قال رجل في السوق يا أبا القاسم فالتفت إليه رسول الله .

فقال الرجل : إنما أدعو ذلك الرجل .

back page fehrest page next page