back page fehrest page next page

فكلاهما كرها الموت .

فأوحى الله إليهما أ لا كنتما مثل وليي علي بن أبي طالب آخيت بينه و بين محمد نبيي فآثره بالحياة على نفسه ثم ظل أو رقد على فراشه يقيه بمهجته .

اهبطا إلى الأرض جميعا فاحفظاه من عدوه .

فهبط جبرئيل فجلس عند رأسه و ميكائيل عند رجليه و جعل جبرئيل يقول بخ بخ من مثلك يا ابن أبي طالب و الله يباهي به الملائكة فأنزل الله وَ مِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللَّهِ .

الشاعر :

يجود بالنفس إذ ضن الجواد بها *** و الجود بالنفس أقصى غاية الجود

ابن حماد :

باهى به الرحمن أملاك العلى *** لما انثنى من فرش أحمد يهجع

‏يا جبرئيل و ميكائيل فإنني *** آخيت بينكما و فضلي أوسع

‏أ فإن بدا في واحد أمري فمن *** يفدى أخاه من المنون و يقنع

‏فتوثقا كل يضن بنفسه *** قال الإله أنا الأعز الأرفع

‏إن الوصي فدى أخاه بنفسه *** و لفعله زلفى لدي و موضع

‏فلتهبطا و لتمنعا من رامه *** أم من له بمكيده يتسرع

خطيب خوارزم :

علي في مهاد الموت عار *** و أحمد مكنس غار اغتراب

‏يقول الروح بخ بخ يا علي *** فقد عرضت روحك لانتهاب

فصل في المسابقة بالجهاد :

اجتمعت الأمة و وافق الكتاب و السنة أن لله خيرة من خلقه و أن خيرته من خلقه المتقون قوله إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقاكُمْ و أن خيرته من المتقين المجاهدون

[66]

قوله فَضَّلَ اللَّهُ الْمُجاهِدِينَ بِأَمْوالِهِمْ وَ أَنْفُسِهِمْ عَلَى الْقاعِدِينَ دَرَجَةً و أن خيرته من من المجاهدين السابقون إلى الجهاد قوله لا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَ قاتَلَ الآية . و أن خيرته من المجاهدين أكثرهم عملا في الجهاد .

و اجتمعت الأمة على أن السابقين إلى الجهاد هم البدريون , و أن خيرة البدريين علي , فلم يزل القرآن يصدق بعضه بعضا بإجماعهم حتى دلوا بأن عليا خيرة هذه الأمة بعد نبيها .

العلوي البصري :

و لو يستوي بالنهوض الجلوس *** لما بين الله فضل الجهاد

قوله تعالى يا أَيُّهَا النَّبِيُّ جاهِدِ الْكُفَّارَ وَ الْمُنافِقِينَ فجاهد النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) الكفار في حياته و أمر عليا (عليه السلام) بجهاد المنافقين .

قوله :تقاتل الناكثين و القاسطين و المارقين , و حديث خاصف النعل , و حديث كلاب الحوأب , و حديث تقتلك الفئة الباغية , و حديث ذي الثدية , و غير ذلك و هذا من صفات الخلفاء و لا يعارض ذلك بقتال أهل الردة ; لأن النبي كان أمر عليا بقتال هؤلاء بإجماع أهل الأثر و حكم المسمين أهل الردة لا يخفى على منصف .

المعروفون بالجهاد علي و حمزة و جعفر و عبيدة بن الحارث و الزبير و طلحة و أبو دجانة و سعد بن أبي وقاص و البراء بن عازب و سعد بن معاذ و محمد بن مسلمة و قد اجتمعت الأمة على أن هؤلاء لا يقاس بعلي في شوكته و كثرة جهاده .

فأما أبو بكر و عمر فقد تصفحنا كتب المغازي فما وجدنا لهما فيه أثرا البتة .

و قد اجتمعت الأمة : على أن عليا كان المجاهد في سبيل الله و الكاشف الكروب عن وجه رسول الله المقدم في سائر الغزوات إذا لم يحضر النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) و إذا حضر فهو تاليه و صاحب الراية و اللواء معا و ما كان قط تحت لواء جماعه أحد و لا فر من زحف و أنهما فرا في غير موضع و كانا تحت لواء جماعه .

و استدل أصحابنا بقوله : لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَ الْمَغْرِبِ وَ لكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَ الْيَوْمِ الْآخِرِ وَ جاهَدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أن المعني بها أمير المؤمنين (عليه السلام) لأنه كان جامعا لهذه الخصال بالاتفاق و لا قطع على كون غيره جامعا لها و لهذا قال الزجاج و الفراء كأنها مخصوصة بالأنبياء و المرسلين .

[67]

الزاهي :

أ يجعل سيد الثقلين شبها *** لما لا يرتضيه له غلاما

إلى من قط لم يهزم شجاعا *** و لم يحمل بقبضته حساما

ابن عباس في قوله : وَ لَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ قال أسلمت الملائكة في السماوات و المؤمنون في الأرض و أولهم علي إسلاما و مع المشركين قتالا و قاتل من بعده المقاتلين و من أسلم كرها .

تفسير عطاء الخراساني قال ابن عباس في قوله : وَ وَضَعْنا عَنْكَ وِزْرَكَ الَّذِي أَنْقَضَ ظَهْرَكَ أي قوي ظهرك بعلي بن أبي طالب .

أبو معاوية الضرير عن الأعمش عن مجاهد في قوله : هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ أي قويك بأمير المؤمنين و جعفر و حمزة و عقيل و قد روينا نحو ذلك عن الكلبي عن أبي صالح عن أبي هريرة .

كتاب أبي بكر الشيرازي قال ابن عباس : وَ قُلْ رَبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَ أَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ يعني مكة وَ اجْعَلْ لِي مِنْ لَدُنْكَ سُلْطاناً نَصِيراً قال لقد استجاب الله لنبيه دعائه و أعطاه علي بن أبي طالب سلطانا ينصره على أعدائه .

العكبري في فضائل الصحابة عن ابن عباس قال : رأيت رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) يوم فتح مكة متعلقا بأستار الكعبة و هو يقول : اللهم ابعث إلي من بني عمي من يعضدني .

فهبط عليه جبرئيل كالمغضب , فقال : يا محمد أ و ليس قد أيدك الله بسيف من سيوف الله مجرد على أعداء الله , يعني بذلك علي بن أبي طالب (عليه السلام) .

أبو المضا صبيح مولى الرضا عن الرضا عن آبائه (عليهم السلام) في قوله : لَنَنْصُرُ رُسُلَنا وَ الَّذِينَ آمَنُوا قال منهم علي بن أبي طالب (عليه السلام) .

الناشي :

أ يا ناصر المصطفى أحمد *** تعلمت نصرته من أبيكا

و ناصبت نصابه عنوة *** فلعنه ربي على ناصبيكا

و لو آمنوا بنبي الهدى *** و بالله ذي الطول ما ناصبوكا

و لغيره :

كان نصر له سيف الرشاد انتضى *** سل على كل من عن أمره أعرضا

[68]

قوله إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيانٌ مَرْصُوصٌ و كان (عليه السلام) إذا صف في القتال كأنه بنيان مرصوص و ما قتل المشركين قتله أحد .

سفيان الثوري : كان علي بن أبي طالب (عليه السلام) كالجبل بين المسلمين و المشركين أعز الله به المسلمين و أذل به المشركين .

العوني :

فلك النجاة و باب للجنان غدا *** و ملتجى و صراط غير ذي جنف

‏جنب عزيز يلوذ اللائذون به *** حبل متين قوي محكم الطرف

و يقال إنه نزل فيه وَ جاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهادِهِ هُوَ اجْتَباكُمْ .

أبو جعفر و أبو عبد الله (عليهما السلام) نزل قوله : وَ لا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَ لا ذِلَّةٌ في أمير المؤمنين (عليه السلام) .

و في حديث جبير : أنت أول من آمن بي و أول من جاهد معي و أول من ينشق عنه القبر .

و كان النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) إذا خرج من بيته تبعه أحداث المشركين يرمونه بالحجارة حتى أدموا كعبه و عرقوبيه و كان علي (عليه السلام) يحمل عليهم فينهزمون فنزل كَأَنَّهُمْ حُمُرٌ مُسْتَنْفِرَةٌ فَرَّتْ مِنْ قَسْوَرَةٍ .

و لا خلاف أن أول مبارز في الإسلام علي و حمزة و أبو عبيدة بن الحارث في يوم بدر .

قال الشعبي : ثم حمل علي على الكتيبة مصمما وحده .

و اجتمعت الأمة أنه ما رأى أحد ادعيت له الإمامة عمل في الجهاد ما عمل علي .

قال الله تعالى وَ لا يَطَؤُنَ مَوْطِئاً يَغِيظُ الْكُفَّارَ وَ لا يَنالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَيْلًا إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صالِحٌ و لقد فسر قوله وَ لَقَدْ كُنْتُمْ تَمَنَّوْنَ الْمَوْتَ يعني عليا لأن الكفار كانوا يسمونه الموت الأحمر سموه يوم بدر لعظم بلائه و نكايته .

العوني :

من اسمه الموت في القرآن فهل *** يسبقه في الحروب من هربا

و من رأى وحده مبارزه إلا *** رأى الموت منه و العطبا

قال المفسرون لما أسر العباس يوم بدر أقبل المسلمون فعيروه بكفره بالله و قطيعة الرحم , و أغلظ عليّ (عليه السلام) له القول .

فقال العباس : ما لكم تذكرون مساوينا و لا

[69]

تذكرون محاسننا .

فقال علي (عليه السلام) : أ لكم محاسن ?

قال : نعم , إنا لنعمر المسجد الحرام و نحجب الكعبة و نستقي الحاج و نفك العاني , فأنزل الله تعالى ردا على العباس و وفاقا لعلي بن أبي طالب (عليه السلام) ما كانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَنْ يَعْمُرُوا مَساجِدَ اللَّهِ الآية . ثم قال إِنَّما يَعْمُرُ مَساجِدَ اللَّهِ الآية . ثم قال أَ جَعَلْتُمْ سِقايَةَ الْحاجِّ وَ عِمارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَ الْيَوْمِ الْآخِرِ وَ جاهَدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ .

و روى إسماعيل بن خالد عن عامر و ابن جريح عن عطاء عن ابن عباس و مقاتل عن الضحاك عن ابن عباس و السدي عن أبي صالح و ابن أبي خالد و زكريا عن الشعبي أنه : نزلت هذه الآية في علي بن أبي طالب .

الثعلبي و القشيري و الجبائي و الفلكي في تفاسيرهم و الواحدي في أسباب نزول القرآن عن الحسن البصري و عامر الشعبي و محمد بن كعب القرطي و روينا عن عثمان بن أبي شيبة و وكيع بن الجراح و شريك القاضي و محمد بن سيرين و مقاتل بن سليمان و السديري و أبي مالك و مرة الهمداني و ابن عباس أنه : افتخر العباس بن عبد المطلب فقال أنا عم محمد , و أنا صاحب سقاية الحجيج , فأنا أفضل من علي بن أبي طالب .

و قال شيبة بن عثمان أو طلحة الداري أو عثمان , و أنا : أعمر بيت الله الحرام , و صاحب حجابته , فأنا أفضل .

و سمعهما علي (عليه السلام) و هما يذكران ذلك .

فقال (عليه السلام) : أنا أفضل منكما , لقد صليت قبلكما ست سنين , و في رواية : سبع سنين , و أنا أجاهد في سبيل الله .

و في رواية الحسكاني عن أبي بريدة : أن عليا قال : استحييت لكل فقد أوتيت على صغري ما لم تؤتيا .

فقالا : و ما أوتيت يا علي ?

قال : ضربت خراطيمكما بالسيف حتى آمنتما بالله و برسوله .

فشكا العباس ذلك إلى النبي .

فقال : ما حملك على ما استقبلت به عمك ?

فقال : صدمته بالحق , فمن شاء فليغضب و من شاء فليرض , فنزلت هذه الآية .

الناشي :

إذ فاخر العباس عم المصطفى *** لعلي المختار صهر محمد

بعمارة البيت المعظم شأنه *** و سقاية الحجاج وسط المسجد

فأتى بها جبرئيل عن رب السما *** يقري السلام على النبي المهتدي

[70]

أ جعلتم سقى الحجيج و ما يرى *** من ظاهر الأستار فوق الجلمد

كالمؤمنين الضاربي هام العدى *** وسط العجاج بساعد لم يرعد

البشنوي :

يا قاري القرآن مع تأويله *** مع كل محكمة أتت في حال

‏أ عمارة البيت المحرم مثله *** و سقاية الحاج في الأمثال

‏أم مثلي التيمي أم عدويهم *** هل كان في حال من الأحوال

‏لا و الذي فرض علي وداده *** ما عندي العلماء كالجهال

خطيب منيح :

و قال جعلتم السقيا كمن *** لا يزال مجاهدا لا يستوونا

القاضي بن قادوس المصري :

يا سيد العالم طرا *** بدوهم و الحضر

إن عظموا سقى الحجيج *** فأنت ساقي الكوثر

أنت الإمام المرتضى *** شفيعنا في المحشر

في بعض التفاسير أنه نزل قوله تعالى : لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَ الْيَوْمِ الْآخِرِ الآية في علي (عليه السلام) لأنه قتل عشيرته مثل عمرو بن عبد ود و الوليد بن عتبة في خلق .

قال أبقراط النصراني :

أ مارد عمرا يوم سلع بباتر *** كان على جنبيه لطخ العنادم

‏و عاد بن معدي نحو أحمد خاضعا *** كشارب أثل في خطام الغمائم

‏و عاديت في الله القبائل كلها *** و لم تخش في الرحمن لومة لائم

‏و كنت أحق الناس بعد محمد *** و ليس جهول القوم فضلا كعالم

فصل في المسابقة بالسخاء و النفقة في سبيل الله :

المشهور من الصحابة بالنفقة في سبيل الله علي و أبو بكر و عمر و عثمان

[71]

و عبد الرحمن و طلحة و لعلي في ذلك فضائل لأن الجود جودان نفسي و مالي قال جاهِدُوا بِأَمْوالِكُمْ وَ أَنْفُسِكُمْ .

و قال النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) أجود الناس من جاد بنفسه في سبيل الله الخبر .

فصار قوله لا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَ قاتَلَ أُولئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَ قاتَلُوا أليق بعلي (عليه السلام) لأنه جمع بينهما و لم يجمع لغيره و قولهم إن أبا بكر أنفق على النبي أربعين ألفا فإن صح هذا الخبر فليس فيه أنه كان دينارا أو درهما و أربعون ألف درهم هو أربعة آلاف دينار و مال خديجة أكثر من ماله و نفع ذلك للمسلمين عامة و قد شرحت ذلك في كتابي المشهور فأما قوله فَأَمَّا مَنْ أَعْطى وَ اتَّقى عموم و يعارض بقوله وَ وَجَدَكَ عائِلًا فَأَغْنى بمال خديجة و روي أنه نزلت في علي (عليه السلام) و فيه يقول العبدي :

أبوكم هو الصديق آمن و اتقى *** و أعطى و ما أكدى و صدق بالحسنى

الضحاك عن ابن عباس : نزلت في علي ثُمَّ لا يُتْبِعُونَ ما أَنْفَقُوا مَنًّا وَ لا أَذىً ...الآية .

ابن عباس و السدي و مجاهد و الكلبي و أبو صالح و الواحدي و الطوسي و الثعلبي و الطبرسي و الماوردي و القشيري و الثمالي و النقاش و الفتال و عبيد الله بن الحسين و علي بن حرب الطائي في تفاسيرهم أنه : كان عند علي بن أبي طالب أربعة دراهم من الفضة : فتصدق بواحد ليلا , و بواحد نهارا , و بواحد سرا , و بواحد علانية , فنزل الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ بِاللَّيْلِ الآية .

فسمي كل درهم مالا و بشره بالقبول رواه النطنزي في الخصائص .

تفسير النقاش و أسباب النزول قال الكلبي : فقال له النبي ما حملك على هذا ?

قال : حملني أن أستوجب على الله الذي وعدني .

فقال له رسول الله : ألا إن ذلك لك , فأنزل الله هذه الآية .

الحميري :

و أنفق ماله ليلا و صبحا *** و إسرارا و جهر الجاهرينا

و صدق ماله لما أتاه *** الفقير بخاتم المتختمينا

الضحاك عن ابن عباس قال لما أنزل الله : لِلْفُقَراءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الآية . بعث عبد الرحمن بن عوف بدنانير كثيرة إلى أصحاب الصفة حتى أغناهم

[72]

و بعث علي بن أبي طالب في جوف الليل بوسق من تمر فكان أحب الصدقتين إلى الله صدقة علي و أنزلت الآية .

و سئل النبي (عليه السلام) أي الصدقة أفضل في سبيل الله فقال جهد من مقل .

تاريخ البلاذري و فضائل أحمد أنه كانت غلة علي أربعين ألف دينار فجعلها صدقة .

و أنه باع سيفه و قال لو كان عندي عشاء ما بعته .

شريك و الليث و الكلبي و أبو صالح و الضحاك و الزجاج و مقاتل بن حبان و مجاهد و قتادة و ابن عباس : كانت الأغنياء يكثرون مناجاة الرسول (صلّى الله عليه وآله وسلّم) فلما نزل قوله يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا ناجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ صَدَقَةً انتهوا فاستقرض (عليه السلام) دينارا و تصدق به فناجى النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) عشر نجوات ثم نسخته الآية التي بعدها .

أمير المؤمنين (عليه السلام) : كان لي دينار فبعته بعشرة دراهم فكنت كلما أردت أن أناجي رسول الله قدمت درهما فنسختها الآية الأخرى .

الواحدي في أسباب نزول القرآن و الوسيط أيضا و الثعلبي في الكشف و البيان ما رواه علي بن علقمة و مجاهد : أن عليا (عليه السلام) قال إن في كتاب الله لآية ما عمل بها أحد قبلي و لا عمل بها أحد بعدي ثم تلا هذه الآية .

جامع الترمذي و تفسير الثعلبي و اعتقاد الأشنهي عن الأشجعي و الثوري و سالم بن أبي حفصة و علي بن علقمة الأنماري عن علي (عليه السلام) : فيّ هذه الآية , فبي خفف الله ذلك عن هذه الأمة . و في مسند الموصلي : فبه خفف الله عن هذه الأمة .

و زاد أبو القاسم الكوفي في الرواية : أن الله امتحن الصحابة بهذه الآية فتقاعسوا كلهم عن مناجاة الرسول فكان الرسول احتجب في منزله عن مناجاة أحد إلا من تصدق بصدقة فكان معي دينار و ساق (عليه السلام) كلامه إلى أن قال فكنت أنا سبب التوبة من الله على المسلمين حين عملت بالآية فنسخت و لو لم أعمل بها حين كان عملي بها سببا للتوبة عليهم لنزل العذاب عند امتناع الكل عن العمل بها .

و قال القاضي الطرثيثي : إنهم عصوا في ذلك إلا علي فنسخه عنهم يدل عليه قوله فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا وَ تابَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ و لقد استحقوا العذاب لقوله أَ أَشْفَقْتُمْ و قال مجاهد

[73]

و ما كان إلا ساعة و قال مقاتل بن حبان كان ذلك عشر ليال و كانت الصدقة مفوضة إليهم غير مقدرة .

سفيان بإسناده عن علي (عليه السلام) عن النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) : فيما استطعت تصدق .

و روى الثعلبي عن أبي هريرة و ابن عمر أنه قال عمر بن الخطاب : كان لعلي ثلاث لو كان لي واحدة منهن كانت أحب إلي من حمر النعم تزويجه فاطمة و إعطاؤه الراية يوم خيبر و آية النجوى .

الوراق القمي :

علي الذي ناجاه بالوحي أحمد *** فعلمه أبواب سلم مسلم

الأصفهاني :

و بألف حرف أيكم ناجى أخي *** فيهن دونكم أخي ناجاني

‏و لكل حرف ألف باب شرحه *** عندي بفضل حكومة و بيان

و أنفق على ثلاث ضيفان من الطعام قوت ثلاث ليال , فنزلت فيه ثلاثين آية , و نص على عصمته , و ستره , و مراده , و قبول صدقته , و كفاك من جوده قوله : عَيْناً يَشْرَبُ بِها عِبادُ اللَّهِ الآية . و إطعام الأسير خاصة و هو عدو في الدين .

العوني :

من أطعم المسكين و اليتيم و *** الأسير لله ثلاثا و طوى

و حدث أبو هريرة أنه : كان في المدينة مجاعة و مر بي يوم و ليلة لم أذق شيئا , و سألت أبا بكر آية كنت أعرف بتأويلها منه و مضيت معه إلى بابه و ردعني , و انصرفت جائعا يومي , و أصبحت , و سألت عمر آية كنت أعرف منه بها .

فصنع كما صنع أبو بكر .

فجئت في اليوم الثالث إلى علي و سألته ما يعلمه فقط , فلما أردت أن انصرف دعاني إلى بيته , فأطعمني رغيفين و سمنا , فلما شبعت , انصرفت إلى رسول الله , فلما بصر بي ضحك في وجهي , و قال : أنت تحدثني أم أحدثك ? ثم قص علي ما جرى , و قال لي : جبرئيل عرفني .

و رأى أمير المؤمنين حزينا .

فقيل له : مم حزنك ?

قال : لسبع أتت لم يضف إلينا ضيف .

تفسير أبي يوسف يعقوب بن سفيان و علي بن حرب الطائي و مجاهد بأسانيدهم

[74]

عن ابن عباس و أبي هريرة و روى جماعة عن عاصم بن كليب عن أبيه و اللفظ له عن أبي هريرة أنه : جاء رجل إلى رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) فشكا إليه الجوع .

فبعث رسول الله إلى أزواجه , فقلن : ما عندنا إلا الماء .

فقال (صلّى الله عليه وآله وسلّم) : من لهذا الرجل الليلة ?

فقال أمير المؤمنين (عليه السلام) : أنا يا رسول الله .

و أتى فاطمة , و سألها : ما عندك يا بنت رسول الله ?

فقالت : ما عندنا إلا قوت الصبية , لكنا نؤثر به ضيفنا .

فقال علي : يا بنت محمد , نومي الصبية و أطفئي المصباح .

و جعلا يمضغان بألسنتهما .

و لما فرغ من الأكل , أتت فاطمة بسراج فوجدت الجفنة مملوءة من فضل الله .

فلما أصبح صلى مع النبي , فلما سلم النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) من صلاته نظر إلى أمير المؤمنين و بكى بكاء شديدا , و قال : يا أمير المؤمنين لقد عجب الرب من فعلكم البارحة ... اقرأ وَ يُؤْثِرُونَ عَلى أَنْفُسِهِمْ وَ لَوْ كانَ بِهِمْ خَصاصَةٌ أي مجاعة وَ مَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ يعني عليا و فاطمة و الحسن و الحسين فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ .

الحميري :

قائل للنبي إني غريب *** جائع قد أتيتكم مستجيرا

فبكى المصطفى و قال غريب *** لا يكن للغريب عندي ذكورا

من يضيف الغريب قال علي *** أنا للضيف فانطلق مأجورا

ابنة العم هل من الزاد شي‏ء *** فأجابت أراه شيئا يسيرا

كف بر , قال اصنعيه , فإن الله *** قد يجعل القليل كثيرا

ثم أطفئي المصباح كي لا يراني *** فأخلى طعامه موفورا

جاهد يلمظ الأصابع و الضيف *** يراه إلى الطعام مشيرا

عجبت منكم ملائكة الله *** و أرضيتم اللطيف الخبيرا

و لهم قال يؤثرون على *** أنفسهم , نال ذاك فضلا كبيرا

و له :

و آثر ضيفه لما أتاه *** فظل و أهله يتلمظونا

فسماه الإله بما أتاه *** من الآثار باسم المفلحينا

كتاب أبي بكر الشيرازي بإسناده عن مقاتل عن مجاهد عن ابن عباس في قوله : رِجالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجارَةٌ وَ لا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ إلى قوله بِغَيْرِ حِسابٍ .

back page fehrest page next page