back page fehrest page next page

الأصبغ و أبو مسعدة و الباقر (عليه السلام) : أنه أتى البزازين , فقال لرجل : بعني ثوبين .

فقال الرجل : يا أمير المؤمنين عندي حاجتك , فلما عرفه مضى عنه .

فوقف على غلام , فأخذ ثوبين : أحدهما بثلاثة دراهم , و الآخر بدرهمين .

فقال : يا قنبر خذ الذي بثلاثة .

فقال : أنت أولى به , تصعد المنبر و تخطب الناس .

قال : أنت شاب و لك شره الشباب , و أنا أستحيي من ربي أن أتفضل عليك ; سمعت رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) يقول ألبسوهم مما تلبسون و أطعموهم مما تأكلون .

فلما لبس القميص مد كم القميص فأمر بقطعه , و اتخاذه قلانس للفقراء .

فقال الغلام : هلم أكفه .

قال : دعه كما هو , فإن الأمر أسرع من ذلك .

فجاء أبو الغلام , فقال : إن ابني لم يعرفك و هذان درهمان , ربحهما .

فقال ما كنت لأفعل قد ماكست و ماكسني و اتفقنا على رضى رواه أحمد في الفضائل .

أبو أيوب المورياي :

ينشر ديباجا على صحبه *** و هم إذا ما نشروا كربسوا

علي بن أبي عمران قال : خرج ابن للحسن بن علي (عليه السلام) و علي في الرحبة و عليه قميص خز و طوق من ذهب .

فقال : ابني هذا ?

قالوا : نعم .

قال : فدعاه , فشقه عليه , و أخذ الطوق منه فجعله قطعا قطعا .

عمرو بن نعجة السكوني قال : أتي علي (عليه السلام) بدابة دهقان ليركبها فلما وضع رجله في الركاب قال بسم الله فلما وضع يده على القربوس زلت يده من الصفة

[98]

فقال : أ ديباج هي ?

قال : نعم .

فلم يركب .

الإحياء عن الغزالي : أنه كان له سويق في إناء مختوم يشرب منه .

فقيل له : أ تفعل هذا بالعراق مع كثرة طعامه .

فقال : أما إني لا أختمه بخلا به , و لكني أكره أن يجعل فيه ما ليس منه , و أكره أن يدخل بطني غير طيب .

معاوية بن عمار عن الصادق (عليه السلام) قال : كان علي (عليه السلام) لا يأكل مما هنأ حتى يؤتى به من ثم يعني الحجاز .

الأصبغ بن نباتة : قال علي (عليه السلام) : دخلت بلادكم بأشمالي هذه , و رحلتي و راحلتي ها هي , فإن أنا خرجت من بلادكم بغير ما دخلت فإنني من الخائنين .

و في رواية : يا أهل البصرة ما تنقمون مني أن هذا لمن غزل أهلي و أشار إلى قميصه .

و رآه سويد بن غفلة : و هو يأكل رغيفا يكسر بركبتيه و يلقيه في لبن حاذر يجد ريحه من حموضته .

فقلت : ويحك يا فضة , أ ما تتقون الله تعالى في هذا الشيخ , فتنخلون له طعاما لما أري فيه من النخال .

فقال أمير المؤمنين بأبي و أمي من لم ينخل له طعام و لم يشبع من خبز البر حتى قبضه الله .

و قال لعقبة بن علقمة : يا أبا الجنوب أدركت رسول الله يأكل أيبس من هذا و يلبس أخشن من هذا فإن أنا لم آخذ به خفت أن لا ألحق به .

و ترصد غداة عمرو بن حريث فأتت فضة بجراب مختوم فأخرج منه خبزا متغيرا خشنا .

فقال عمرو : يا فضة لو نخلت هذا الدقيق و طيبته .

قالت : كنت أفعل فنهاني , و كنت أضع في جرابه طعاما طيبا فختم جرابه .

ثم إن أمير المؤمنين فته في قصعة و صب عليه الماء ثم ذر عليه الملح و حسر عن ذراعه , فلما فرغ , قال : يا عمرو : لقد حانت هذه , و مد يده إلى محاسنه , و خسرت هذه إن أدخلها النار من أجل الطعام , و هذا يجزيني .

و رآه عدي بن حاتم : و بين يديه شنة فيها قراح ماء و كسرات من خبز شعير و ملح .

فقال : إني لا أرى لك يا أمير المؤمنين لتظل نهارك طاويا مجاهدا و بالليل ساهرا مكايدا , ثم يكون هذا فطورك ?

فقال (عليه السلام) : علل النفس بالقنوع و إلا طلبت منك فوق ما يكفيها .

[99]

و قال سويد بن غفلة : دخلت عليه يوم عيد فإذا عنده فاثور عليه خبز السمراء و صحفة فيها خطيفة و ملبنة .

فقلت : يا أمير المؤمنين , يوم عيد و خطيفة .

فقال : إنما هذا عيد من غفر له .

ابن بطة في الإبانة عن جندب : أن عليا قدم إليه لحم غث فقيل له نجعل لك فيه سمنا .

فقال (عليه السلام) : إنا لا نأكل أدمين جميعا .

و اجتمع عنده في يوم عيد أطعمه فقال أجعلها باجا و خلط بعضها ببعض فصارت كلمته مثلا .

العرني : وضع خوان من فالوذج بين يديه فوجا بإصبعه حتى بلغ أسفله ثم سلها و لم يأخذ منه شيئا و تلمظ بإصبعه , و قال : طيب , طيب , و ما هو بحرام , و لكن أكره أن أعود نفسي بما لم أعودها .

و في خبر عن الصادق (عليه السلام) : أنه مد يده إليه ثم قبضها .

فقيل له : في ذلك .

فقال : ذكرت رسول الله أنه لم يأكله قط , فكرهت أن آكله .

و في خبر آخر عن الصادق : أنه قالوا له : تحرمه ?

قال : لا . و لكن أخشى أن تتوق إليه نفسي , ثم تلا أَذْهَبْتُمْ طَيِّباتِكُمْ فِي حَياتِكُمُ الدُّنْيا .

الباقر (عليه السلام) في خبر : كان (عليه السلام) ليطعم خبز البر و اللحم , و ينصرف إلى منزله ; و يأكل خبز الشعير و الزيت و الخل .

فضائل أحمد قال علي (عليه السلام) : ما أصبح بالكوفة أحد إلا ناعما , إن أدناهم منزلة , ليأكل البر و يجلس في الظل و يشرب من ماء الفرات .

الحميري :

و كان طعامه خبزا و زيتا *** و يؤثر باللحوم الطارقينا

الشريف المرتضى :

و إذا الأمور تشابهت و تبهمت *** فجلاؤها و شفاؤها أحكامه

[100]

و إذا التفت إلى التقى صادفته *** من كل بر وافرا أقسامه

‏فالليل فيه قيامه متهجدا *** يتلو الكتاب و في النهار صيامه

‏يعفي الثلاث تعففا و تكرما *** حتى يصادف زاده و مقامه

‏فمضى بريئا لم تشنه ذنوبه *** يوما و لا ظفرت به آثامه

حيص بيص :

صدوق عن الزاد الشهي فؤاده *** رغيب إلى زاد التقى و الفضائل

‏جرى إلى قول الصواب لسانه *** إذا ما الفتاوي أفحمت بالمسائل

‏أعيدت له الشمس الأصيل جلاله *** و قد حال ثوب الصبح في أرض بابل

أبو صادق عن علي (عليه السلام) : أنه تزوج ليلى فجعلت له حجلة فهتكها و قال حسب آل علي ما هم فيه .

الحسن بن صالح بن حي قال : بلغني أن عليا تزوج امرأة فنجدت له بيتا فأبى أن يدخله كلاب بن علي العامري قال زفت عمتي إلى علي (عليه السلام) على حمار بإكاف تحتها قطيفة و خلفها قفة معلقة .

ابن عباس و مجاهد و قتادة في قوله : يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحَرِّمُوا طَيِّباتِ الآية , نزلت في علي و أبي ذر و سلمان و المقداد و عثمان بن مظعون و سالم إنهم اتفقوا على أن يصوموا النهار و يقوموا الليل و لا يناموا على الفراش و لا يأكلوا اللحم و لا يقربوا النساء و الطيب و يلبسوا المسوح و يرفضوا الدنيا و يسيحوا في الأرض و هم بعضهم أن يجب مذاكيره فخطب النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) و قال ما بال أقوام حرموا النساء و الطيب و النوم و شهوات الدنيا أما إني لست آمركم أن تكونوا قسيسين و رهبانا فإنه ليس في ديني ترك اللحم و النساء و لا اتخاذ الصوامع و إن سياحة أمتي و رهبانيتهم الجهاد إلى آخر الخبر .

أبو عبد الله (عليه السلام) : نزلت في علي و بلال و عثمان بن مظعون فأما علي فإنه حلف

[101]

أن لا ينام بالليل أبدا إلا ما شاء الله و أما بلال فإنه حلف أن لا يفطر بالنهار أبدا و أما عثمان بن مظعون فإنه حلف أن لا ينكح أبدا .

مهيار :

كلأه و لا أغنته عفة نفسه *** عن جاعل يرضى سواه حاضر

و لقاؤه شهواته ببصيرة *** معصومة عنها بذيل طاهر

و فيما كتب (عليه السلام) إلى سهل بن حنيف أ ما علمت أن إمامكم قد اكتفى من دنياه بطمريه و يسد فاقة جوعه بقرصيه و لا يأكل الفلذة في حوليه ألا في سنة أضحية يستشرق الإفطار على أدميه و لقد آثر اليتيمة على سبطيه و لم تقدروا على ذلك فأعينوني بورع و اجتهاد و الله ما كنزت من دنياكم تبرا و لا ادخرت من غنائمها وفرا و لا أعددت لبالي ثوبي طمرا و لا ادخرت من أقطارها شبرا و ما أقتات منها كقوت أتان دبره و لهي في عيني أهون من عصفة و لقد رقعت مدرعتي هذه حتى استحييت من راقعها فقال قائل ألقها فذو الأتن لا ترضى لبراذعها فقلت اعزب عني فعند الصباح يحمد القوم السرى .

ابن رزيك :

هو الزاهد الموفي على كل زاهد *** فما قطع الأيام بالشهوات

‏بإيثاره بالقوت يطوي على الطوى *** إذا أمة المسكين في الأزمات

‏تقرب للرحمن إذ كان راكعا *** بخاتمه في جملة القربات

تاريخ الطبري و البلاذري : أن العباس قال لعلي (عليه السلام) ما قدمتك إلى شي‏ء إلا تأخرت عنه أشرت عليك عند وفاة رسول الله تسأله في من هذا الأمر فأبيت و أشرت عليك بعد وفاته أن تعاجل الأمر فأبيت و أشرت عليك حين سماك عمر في الشورى لا تدخل معهم فأبيت فما الحيلة .

دخل ابن عباس علي أمير المؤمنين (عليه السلام) و قال : إن الحاج قد اجتمعوا ليسمعوا منك و هو يخصف نعلا قال أما و الله لهما أحب إلى من أمركم هذا إلا أن أقيم حدا أو أدفع باطلا .

و كتب (عليه السلام) إلى ابن عباس أما بعد فلا يكن حظك في ولايتك ما لا تستفيده و لا غيظا تشتفيه و لكن إماتة باطل و إحياء حق .

[102]

و قال (عليه السلام) يا دنيا يا دنيا أ بي تعرضت أم إلى تشوقت لا حان حينك هيهات غري غيري لا حاجة لي فيك قد طلقتك ثلاثا لا رجعة لي فيك .

و له (عليه السلام) :

طلق الدنيا ثلاثا *** و اتخذ زوجا سواها

إنها زوجة سوء *** لا تبالي من أتاها

الصاحب :

من كمولانا علي زاهدا *** طلق الدنيا ثلاثا و وفى

ابن رزيك :

ذاك الذي طلق الدنيا لعمري عن زهد *** و قد سفرت عن وجهها الحسن

‏و أوضح المشكلات الخافيات و قد دقت *** عن الفكر و اعتاضت على الفطن

جمل أنساب الأشراف : أن أمير المؤمنين (عليه السلام) مر على قذر بمزبلة و قال هذا ما بخل به الباخلون .

و يروي : أن أمير المؤمنين (عليه السلام) كان في بعض حيطان فدك و في يده مسحاة فهجمت عليه امرأة من أجمل النساء فقالت يا ابن أبي طالب إن تزوجتني أغنيك عن هذه المسحاة و أدلك على خزائن الأرض و يكون لك الملك ما بقيت قال لها فمن أنت حتى أخطبك من أهلك قالت أنا الدنيا فقال (عليه السلام) ارجعي فاطلبي زوجا غيري فلست من شأني و أقبل على مسحاته و أنشأ :

لقد خاب من غرته دنيا دنية *** و ما هي إن غرت قرونا بباطل

‏أتتنا على زي العروس بثينة *** و زينتها في مثل تلك الشمائل

‏فقلت لها غري سواي فإنني *** عزوف عن الدنيا و لست بجاهل

‏و ما أنا و الدنيا و أن محمدا *** رهين بقفر بين تلك الجنادل

‏وهبها أتتني بالكنوز و درها *** و أموال قارون و ملك القبائل

‏أ ليس جميعا للفناء مصيرنا *** و يطلب من خزانها بالطوائل

‏فغري سواي إنني غير راغب *** لما فيك من عز و ملك و نائل

‏و قد قنعت نفسي بما قد رزقته *** فشأنك يا دنيا و أهل الغوائل

[103]

فإني أخاف الله يوم لقائه *** و أخشى عذابا دائما غير زائل

الباقر (عليه السلام) أنه : ما ورد عليه أمران كلاهما رضي الله إلا أخذ بأشدهما على بدنه .

و قال معاوية لضرار بن ضمرة : صف لي عليا قال كان و الله صواما بالنهار قواما بالليل يحب من اللباس أخشنه و من الطعام أجشبه و كان يجلس فينا و يبتدئ إذا سكتنا و يجيب إذا سألنا يقسم بالسوية و يعدل في الرعية لا يخاف الضعيف من جوره و لا يطمع القوي في ميله و الله لقد رأيته ليلة من الليالي و قد أسبل الظلام سدوله و غارت نجومه و هو يتململ في المحراب تململ السليم و يبكي بكاء الحزين و لقد رأيته مسيلا للدموع على خده قابضا على لحيته يخاطب دنياه فيقول يا دنيا أ بي تشوقت و لي تعرضت لا حان حينك فقد أبنتك ثلاثا لا رجعة لي فيك فعيشك قصير و خطرك يسير آه من قلة الزاد و بعد السفر و وحشة الطريق .

ابن بطة في الإبانة و أبو بكر بن عياش في الأمالي عن أبي داود عن السبعي عن عمران بن حصين قال : كنت عند النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) و علي إلى جنبه إذ قرأ النبي هذه الآية أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذا دَعاهُ وَ يَكْشِفُ السُّوءَ وَ يَجْعَلُكُمْ خُلَفاءَ الْأَرْضِ .

قال : فارتعد علي .

فضرب النبي على كتفيه , و قال : ما لك يا علي ?

قال : قرأت يا رسول الله هذه الآية فخشيت أن أبتلي بها فأصابني ما رأيت .

فقال رسول الله لا يحبك إلا مؤمن و لا يبغضك إلا منافق إلى يوم القيامة .

الحميري :

و إنك قد ذكرت لدى مليك *** يذل لعزه المتجبرونا

فخر لوجهه صعقا و أبدى *** لرب الناس رهبة راهبينا

و قال لقد ذكرت لدى إلهي *** فأبدى ذلة المتواضعينا

حسان بن ثابت :

جزى الله خيرا و الجزاء بكفه *** أبا حسن عنا و من كأبي حسن

‏سبقت قريشا بالذي أنت أهله *** فصدرك مشروح و قلبك ممتحن

[104]

في المسابقة بالتواضع .

الأصبغ عن علي (عليه السلام) في قوله : وَ عِبادُ الرَّحْمنِ قال فينا نزلت هذه الآية .

أبو الجارود سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن قوله إِنَّ الَّذِينَ هُمْ مِنْ خَشْيَةِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ إلى قوله راجِعُونَ .

الصادق (عليه السلام) : كان أمير المؤمنين (عليه السلام) يحطب و يستسقي و يكنس و كانت فاطمة تطحن و تعجن و تخبز .

الإبانة عن ابن بطة و الفضائل عن أحمد : أنه اشترى (عليه السلام) تمرا بالكوفة فحمله في طرف ردائه فتبادر الناس إلى حمله و قالوا يا أمير المؤمنين نحن نحمله فقال (عليه السلام) رب العيال أحق بحمله .

قوت القلوب عن أبي طالب المكي : كان علي (عليه السلام) يحمل التمر و الملح بيده و يقول :

لا ينقص الكامل من كماله *** ما جر من نفع إلى عياله

زيد بن علي أنه كان يمشي في خمسة حافيا و يعلق نعليه بيده اليسرى يوم الفطر و النحر و يوم الجمعة و عند العيادة و تشييع الجنازة و يقول إنها مواضع الله و أحب أن أكون فيها حافيا .

زاذان : أنه كان (عليه السلام) يمشي في الأسواق وحده و هو ذاك يرشد الضال و يعين الضعيف و يمر بالبياع و البقال فيفتح عليه القرآن و يقرأ تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُها ....

الصادق (عليه السلام) : خرج أمير المؤمنين على أصحابه و هو راكب فمشوا معه فالتفت إليهم فقال أ لكم حاجة قالوا لا و لكنا نحب أن نمشي معك فقال لهم انصرفوا و ارجعوا النعال خلف أعقاب الرجال مفسدة القلوب .

النوكي : و ترجل دهاقين الأنبار له , و أسندوا بين يديه .

فقال : ما هذا الذي صنعتموه ?

قالوا : خلق منا نعظم به أمراءنا .

فقال : و الله ما ينتفع بهذا أمراؤكم , و إنكم لتشقون به على أنفسكم , و تشقون به في آخرتكم , و ما أخسر المشقة وراءها العقاب , و ما أربح الراحة معها الأمان من النار .

أبو عبد الله (عليه السلام) : افتخر رجلان عند أمير المؤمنين (عليه السلام) , فقال : أ تفتخران

[105]

بأجساد بالية و أرواح في النار إن لم يكن له عقل فإن لك خلفا و إن لم يكن له تقوى فإن لك كرما و إلا فالحمار خير منكما و لست بخير من أحد .

الحسن العسكري (عليه السلام) في خبر طويل : إن رجلا و ابنه وردا عليه .

فقام إليهما و أجلسهما في صدر مجلسه , و جلس بين أيديهما .

ثم أمر بطعام فأحضر , فأكلا منه .

ثم أخذ الإبريق ليصب على يد الرجل , فتمرغ الرجل في التراب , فقال : يا أمير المؤمنين : كيف الله يراني و أنت تصب على يدي .

قال : اقعد و اغسل , فإن الله يراني أخاك الذي لا يتميز منك و لا يتفضل عنك و يزيد بذلك في خدمه في الجنة مثل عشرة أضعاف عدد أهل الدنيا , و على حسب ذلك في مماليكه فيها , فقعد الرجل و غسل يده .

فلما فرغ ناول الإبريق محمد بن الحنفية , و قال : يا بني لو كان هذا الابن حضرني دون أبيه لصببت على يده , و لكن الله يأبى أن يسوى بين ابن و أبيه إذا جمعهما قد صب الأب على الأب , فليصب الابن على الابن .

حلية الأولياء و نزهة الأبصار : أنه مضى علي (عليه السلام) في حكومته إلى شريح مع يهودي .

فقال لليهودي , الدرع درعي , و لم أبع , و لم أهب .

فقال اليهودي : الدرع لي , و في يدي .

فسأله شريح البينة .

فقال : هذا قنبر و الحسين يشهدان لي بذلك .

فقال شريح : شهادة الابن لا تجوز لأبيه , و شهادة العبد لا تجوز لسيده , و إنهما يجران إليك .

فقال أمير المؤمنين : ويلك يا شريح أخطأت من وجوه : أما واحدة , فأنا إمامك تدين الله بطاعتي و تعلم أني لا أقول باطلا , فرددت قولي و أبطلت دعواي .

ثم سألتني البينة , فشهد عبدي و أحد سيدي شباب أهل الجنة ; فرددت شهادتهما .

ثم ادعيت عليهما , أنهما يجران إلى أنفسهما ; أما إني لا أرى عقوبتك إلا أن تقضي بين اليهود ثلاثة أيام , أخرجوه .

فأخرجه إلى قبا فقضى بين اليهود ثلاثا , ثم انصرف .

فلما سمع اليهودي ذلك , قال : هذا أمير المؤمنين جاء إلى الحاكم و الحاكم حكم عليه , فأسلم .

ثم قال : الدرع درعك , سقط يوم صفين من جمل أورق فأخذته .

و في الأحكام الشرعية عن الخزاز القمي : أن عليا كان في مسجد الكوفة فمر به عبد الله بن قفل التيمي و معه درع طلحة أخذت غلولا يوم البصرة .

فقال (عليه السلام) : هذه

[106]

درع طلحة أخذت غلولا يوم البصرة .

فقال ابن قفل : يا أمير المؤمنين اجعل بيني و بينك قاضيا , فحكم شريحا .

فقال علي (عليه السلام) : هذه درع طلحة أخذت غلولا يوم البصرة .

فالتمس شريحا البينة .

فشهد الحسن بن علي بذلك .

فسأل آخر .

فشهد قنبر بذلك .

فقال : هذا مملوك و لا أقضي بشهادة المملوك .

فغضب علي , ثم قال : خذوا الدرع فقد قضى بجور ثلاث مرات .

فسأله عن ذلك .

فقال (عليه السلام) : إني لما قلت لك إنها درع طلحة أخذت غلولا يوم البصرة , فقلت هات على ما قلت بينة .

فقلت : رجل لم يسمع الحديث , و قد قال رسول الله : حيث ما وجد غلولا أخذ بغير بينة .

ثم أتيتك بالحسن فشهد , فقلت هذا شاهد , و لا أقضي بشاهد حتى يكون معه آخر ; و قد قضى رسول الله بشاهد و يمين , فهذان اثنان .

ثم أتيتك بقنبر , فقلت هذا مملوك , و لا بأس بشهادة المملوك إذا كان عدلا , فهذه الثالثة .

ثم قال يا شريح إن إمام المسلمين يؤتمن في أمورهم على ما هو أعظم من هذا .

الباقر (عليه السلام) في خبر : أنه رجع علي (عليه السلام) إلى داره في وقت القيظ , فإذا امرأة قائمة تقول إن زوجي ظلمني و أخافني و تعدى علي و حلف ليضربني .

فقال (عليه السلام) : يا أمة الله اصبري حتى يبرد النهار , ثم أذهب معك إن شاء الله .

فقالت : يشتد غضبه و حرده علي .

فطأطأ رأسه ثم رفعه , و هو يقول لا و الله , أو يؤخذ للمظلوم حقه غير متعتع , أين منزلك ?

فمضى إلى بابه , فقال : السلام عليكم .

فخرج شاب .

فقال علي : يا عبد الله اتق الله فإنك قد أخفتها و أخرجتها .

فقال الفتى : و ما أنت و ذاك , و الله لأحرقنها لكلامك .

فقال أمير المؤمنين : آمرك بالمعروف و أنهاك عن المنكر , تستقبلني بالمنكر و تنكر المعروف .

قال : فأقبل الناس من الطرق و يقولون سلام عليكم يا أمير المؤمنين , فسقط الرجل في يديه ; فقال : يا أمير المؤمنين أقلني عثرتي , فو الله لأكونن لها أرضا تطؤني فأغمد علي سيفه , و قال : يا أمة الله ادخلي منزلك و لا تلجئي زوجك إلى مثل هذا و شبهه .

و روى الفنجكرودي في سلوة الشيعة له (عليه السلام) :

و دع التجبر و التكبر يا أخي *** إن التكبر للعبيد وبيل

‏و اجعل فؤادك للتواضع منزلا *** إن التواضع بالشريف جميل

[107]

فصل في المسابقة بالعدل و الأمانة :

عبد الرزاق عن معمر عن قتادة عن عطاء عن ابن مسعود في قوله إِنَّا جَعَلْنا ما عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَها لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا قال زينة الأرض الرجال و زينة الرجال علي بن أبي طالب .

حمزة بن عطاء عن أبي جعفر (عليه السلام) في قوله : هَلْ يَسْتَوِي هُوَ وَ مَنْ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ قال هو علي بن أبي طالب يأمر بالعدل و هو على صراط مستقيم و روى نحوا منه أبو المضا عن الرضا .

فضائل أحمد بن حنبل : قال علي (عليه السلام) أحاج الناس يوم القيامة بتسع بإقام الصلاة و إيتاء الزكاة و الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر و العدل في الرعية و القسم بالسوية و الجهاد في سبيل الله و إقامة الحدود و أشباهه .

الفائق : إنه بعث العباس بن عبد المطلب و ربيعة بن الحارث ابنيهما الفضل بن عباس و عبد المطلب بن ربيعة يسألانه أن يستعملهما على الصدقات .

فقال علي : و الله لا يستعمل منكم أحدا على الصدقة .

فقال له ربيعة : هذه أمرك نلت صهر رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) فلم نحسدك عليه .

فألقى علي رداءه ثم اضطجع عليه , فقال أنا أبو الحسن القرم ; و الله لا أريم حتى يرجع إليكما ابناكما يحور ما بعتما به .

قال (صلّى الله عليه وآله وسلّم) : إن هذه الصدقة أوساخ الناس و إنها لا تحل لمحمد و لا لآل محمد . قال الزمخشري : الحور الخيبة .

نزل بالحسن بن علي ضيف و استقرض من قنبر رطلا من العسل الذي جاء من اليمن , فلما قعد علي ليقسمها , قال يا قنبر : قد حدث في هذا الزق حدث .

قال : صدق فوك , و أخبره الخبر .

فهم بضرب الحسن , و قال ما حملك على أن أخذت منه قبل القسمة ?

back page fehrest page next page