و له :
براءة حين رد بها زريقا *** و كان بأن يبلغها ضنينا
و قال له رسول الله إني *** يؤدي الوحي إلا الأقربونا
ابن حماد :
بعث النبي براءة مع غيره *** فأتاه جبريل يحت و يوضع
قال ارتجعها و أعطها أولى *** الورى بأدائها و هو البطين الأنزع
فانظر إلى ذي النص من رب العلى *** و الله يخفض من يشاء و يرفع
ابن أبي الحديد :
و لا كان يوم الغار يهفو جنانه *** حذار و لا يوم العريش تسترا
و لا كان معزولا غداة براءة *** و لا عن صلاة أم فيها مؤخرا
و لا كان في بعث ابن زيد مؤمرا *** عليه فأضحى لابن زيد مؤمرا
و له :
ففي براءة أعطيت الأداء لها *** لما أتيت عليا بالبلاغ وفى
ألفت شمل الهدى بالسيف مجتهدا *** لولاك لم تك في حال بمؤتلف
الصاحب :
سورة التوبة من وليها *** بينوا الحق و من ذا صرفا
[129]
و له :
اذكرا أمر براءة و اصدقاني من تلاها *** و اذكرا من زوج الزهراء كيما يتناهى
ابن علوية الأصفهاني :
أم أيهم فخر الأنام بخصلة *** طالت طوال فروع كل عنان
من بعد إذ بعث النبي إلى *** منى ببراءة من كان بالخوان
فيها فأتبعه رسولا رده *** يعدو به القصوى كالسرحان
كانت لوحي منزل وافى به *** الروح الأمين فقص عن تبيان
إذ قال لا عني يؤدي حجتي *** إلا أنا أو لي نسيب دان
شاعر :
و أعلم أصحاب النبي محمد *** و أقضاهم من بعد علم و خبرة
براءة أداها إلى أهل مكة *** بأمر الذي أعلى السماء بقدرة
و أما قول الجاحظ أنه كانت عادة العرب في عقد الحلف و حل العقد أنه كان لا يتولى ذلك إلا السيد منهم أو رجل من رهطه فإنه أراد أن يذمه فمدحه .
و أجمع أهل السير و قد ذكره التاريخي : أن النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) بعث خالدا إلى اليمن يدعوهم إلى الإسلام فيهم البراء بن عازب فأقام ستة أشهر فلم يجبه أحد .
فساء ذلك على النبي (عليه السلام) و أمره أن يعزل خالدا .
فلما بلغ أمير المؤمنين (عليه السلام) القوم , صلى بهم الفجر , ثم قرأ على القوم كتاب رسول الله , فأسلم همدان كلها في يوم واحد , و تبايع أهل اليمن على الإسلام .
فلما بلغ ذلك رسول الله , خر لله ساجدا ; و قال السلام على همدان .
و من أبيات لأمير المؤمنين (عليه السلام) في يوم صفين :
و لو أن يوما كنت بواب جنة *** لقلت لهمدان ادخلوا بسلام
و استنابه لما أنفذه إلى اليمن قاضيا على ما أطبق عليه الولي و العدو على قوله (عليه السلام) و ضرب على صدره و قال اللهم سدده و لقنه فصل الخطاب .
قال : فما شككت في قضاء بين اثنين بعد ذلك اليوم رواه أحمد بن حنبل و أبو يعلى في مسنديهما
[130]
و ابن بطة في الإبانة من أربعة طرق .
و استنابه حين أنفذه إلى المدينة لمهم شرعي .
ذكره أحمد في المسند و الفضائل و أبو يعلى في المسند و ابن بطة في الإبانة و الزمخشري في الفائق و اللفظ لأحمد قال علي (عليه السلام) : كنا مع رسول الله في جنازة , فقال : من يأت المدينة فلا يدع قبرا إلا سواه و لا صورة إلا لطخها و لا صنما إلا كسره .
فقام رجل , فقال : أنا ; ثم هاب أهل المدينة , فجلس .
فانطلقت , ثم جئت , فقلت : يا رسول الله لم أدع بالمدينة قبرا إلا سويته و لا صورة إلا لطختها و لا وثنا إلا كسرته .
قال : فقال (عليه السلام) ; من عاد فصنع شيئا من ذلك فقد كفر بما أنزل الله على محمد ... الخبر .
و استنابه في ذبح باقي إبله فيما زاد على ثلاثة و ستين .
روى إسماعيل البخاري و أبو داود السجستاني و البلاذري و أبو يعلى الموصلي و أحمد بن حنبل و أبو القاسم الأصفهاني في الترغيب و اللفظ له عن جابر و ابن عباس قال : أهدي رسول الله مائة بدنة فقدم علي (عليه السلام) من المدينة فأشركه في بدنه بالثلث فنحر رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ستا و ستين بدنة و أمر عليا فنحر أربعا و ثلاثين .
و أمره النبي من كل جزور ببضعة فطبخت فأكلا من اللحم و حسيا من المرق .
و في رواية مجاهد عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن علي (عليه السلام) قال : أمرني رسول الله أن أقوم على البدن .
قال : فإذا نحرتها فتصدق بجلودها و بجلالها و بشحومها و في رواية : أن لا أعطي الجازر منها .
قال : نحن نعطيه من عندنا .
كافي الكليني قال أبو عبد الله (عليه السلام) : نحر رسول الله بيده ثلاثا و ستين و نحر علي (عليه السلام) ما غبر .
تهذيب الأحكام : إن النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) لما فرغ من السعي قال هذا جبرئيل يأمرني بأن آمر من لم يسق هديا أن يحل و لو استقبلت من أمري ما استدبرت لصنعت مثل ما أمرتكم و لكني سقت الهدي و كان (عليه السلام) ساق الهدي و ستا و ستين , أو أربعا و ستين .
و جاء علي من اليمن بأربع و ثلاثين , أو ست و ثلاثين .
و قال لعلي : بما أهللت ?
قال ,يا رسول الله :
[131]
إهلالا كإهلال النبي .
فقال النبي : كن على إحرامك مثلي , و أنت شريكي في هديي .
فلما رمى الجمرة نحر رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) منها ستا و ستين , و نحر علي أربعا و ثلاثين .
الحميري :
شريك رسول الله في البدن التي *** حداها هدايا عام حج فودعا
فلم يعد أن وافى الهدي محله *** دعا بالهدايا مشعرات فصرعا
بكعبة ستا بعد ستين بكرة *** هدايا له قد ساقها مائة معا
و فاز على الخير منه بأنيق *** ثلاثين بل زادت على ذاك أربعا
فنحرها ثم اجتذى من جميعها *** جذا ثم ألقى ما اجتذى منه أجمعا
بقدر فأغلاها فلما أتت أتى *** بها قد تهوى لحمها و تميعا
فقال له كل و أحسن منها و مثل *** ما تراني بإذن الله أصنع فاصنعا
و لم يطعما خلقا من الناس بضعة *** و لا حسوة من ذاك حتى تضلعا
و استنابه في التضحي الحاكم بن البيع في معرفة علوم الحديث حدثنا أبو نصر سهل الفقيه عن صالح بن محمد بن الحبيب عن علي بن حكيم عن شريك عن أبي الحسناء عن الحكم بن عتيبة عن زرين بن حنيس قال : كان علي يضحي بكبشين بكبش عن النبي و بكبش عن نفسه .
و قال كان أمرني رسول الله أن أضحي عنه فأنا أضحي عنه أبدا و رواه أحمد في الفضائل .
و استنابه في إصلاح ما أفسده خالد .
و روى البخاري : أن النبي بعث خالدا في سرية فأغار على حي أبي زاهر الأسدي و في رواية الطبري : أنه أمر بكتفهم ثم عرضهم على السيف , فقتل منهم من قتل .
فأتوا بالكتاب الذي أمر رسول الله أمانا له و لقومه إلى النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) .
قالوا جميعا : إن النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) , قال : اللهم إني أبرأ إليك مما صنع خالد و في رواية الخدري : اللهم إني أبرأ من خالد ... ثلاثا .
ثم قال (عليه السلام) : أما متاعكم فقد ذهب فاقتسمه المسلمون , و لكني أرد عليكم مثل متاعكم .
ثم إنه قدم على رسول الله
[132]
ثلاث رزم من متاع اليمن .
فقال : يا علي فاقض ذمة الله , و ذمة رسوله ; و دفع إليه الرزم الثلاث فأمر علي بنسخة ما أصيب لهم .
فكتبوا , فقال : خذوا هذه الرزمة فقوموها بما أصيب لكم .
فقالوا : سبحان الله , هذا أكبر مما أصيب لنا .
فقال : خذوا هذه الثانية فاكسوا عيالكم و خدمكم ليفرحوا بقدر ما حزنوا .
و خذوا الثالثة بما علمتم و ما لم تعلموا لترضوا عن رسول الله .
فلما قدم علي على رسول الله , أخبره بالذي كان منه .
فضحك رسول الله حتى بدت نواجذه , و قال : أدى الله عن ذمتك كما أديت عن ذمتي .
و نحو ذلك روي أيضا في بني جذيمة .
الحميري :
من ذا الذي أوصى إليه محمد *** يقضي العدات فأنفذ الأقضاء
و قد ولاه في رد الودائع لما هاجر إلى المدينة استخلف (صلّى الله عليه وآله وسلّم) عليا (عليه السلام) في أهله و ماله فأمره أن يؤدي عنه كل دين و كل وديعة و أوصى إليه بقضاء ديونه .
الطبري بإسناده له عن عباد عن علي (عليه السلام) أنه قال : قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) من يؤدي عني ديني و يقضي عداتي و يكون معي في الجنة قلت أنا يا رسول الله .
فردوس الديلمي قال سليمان قال (صلّى الله عليه وآله وسلّم) : علي بن أبي طالب ينجز عداتي و يقضي ديني .
أحمد في الفضائل عن ابن آدم السلولي و حبشي بن جنادة السلولي قال النبي (عليه السلام) : علي مني و أنا منه و لا يقضي عني ديني إلا أنا أو علي .
و قوله (عليه السلام) : يقضي ديني و ينجز وعدي .
و قوله : أنت قاضي ديني في روايات كثيرة .
قتادة بلغنا أن عليا (عليه السلام) نادى ثلاثة أعوام بالموسم من كان له على رسول الله دين فليأتنا نقضي عنه .
و روت العامة عن حبشي بن جنادة أنه : أتى رجل أبا بكر , فقال : رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) وعدني أن يحثو إلي ثلاث حثيات من تمر .
قال : يا علي فأحثها له .
فعدها أبو بكر , فوجد في كل حثية ستين تمرة .
فقال : صدق رسول الله , سمعته يقول ; يا أبا بكر : كفي و كف علي في العدد سواء .
و دين النبي إنما كان عداته و هي ثمانون ألف درهم فأداها .
[133]
الحميري :
و أديت عنه كل عهد و ذمة *** و قد كان فيها واثقا بوفائكا
فقلت له أقضي ديونك كلها *** و أقضي بإنجاز جميع عداتكا
ثمانين ألفا أو تزيد قضيتها *** فأبرأته منها بحسن قضائكا
و له أيضا :
أدى ثمانين ألفا عنه كاملة *** لا بل يزيد فلم يغرم و قد غنما
يدعو إليها و لا يدعو ببينة *** لا بل يصدق فيها زعم من زعما
حتى يخلصه منها بذمته أن *** الوصي الذي لا يحقر الذمما
و له أيضا :
قضيت ديونه عنه فكانت *** ديون محمد ليست بغرم
ثمانين ألفا باع فيها تلاده *** موقرة أرباتها لم تهضم
فما زال يقضي دينه و عداته *** و يدعو إليها قائما كل موسم
يقول لأهل الدين أهلا و مرحبا *** مقالة لا من و لا متجهم
و ينشدها حتى يخلص ذمة *** ببذل عطايا ذي ندى متقسم
و مما قضى عنه الدين دين الله الذي هو أعظم و ذلك ما كان افترضه الله عليه فقبض (صلّى الله عليه وآله وسلّم) قبل أن يقضيه و أوصى عليا بقضائه عنه و ذلك قول الله تعالى يا أَيُّهَا النَّبِيُّ جاهِدِ الْكُفَّارَ وَ الْمُنافِقِينَ فجاهد الكفار في حياته .
و أمر عليا بجهاد المنافقين بعد وفاته , فجاهد الناكثين و القاسطين و المارقين .
و قضى بذلك دين رسول الله الذي كان لربه عليه .
و إنه (صلّى الله عليه وآله وسلّم) : جعل طلاق نسائه إليه .
أبو الدرعلي المرادي و صالح مولى التومة عن عائشة : إن النبي جعل طلاق نسائه إلى علي .
[134]
الأصبغ بن نباتة قال : بعث علي (عليه السلام) يوم الجمل إلى عائشة ارجعي و إلا تكلمت بكلام تبرءين من الله و رسوله .
و قال أمير المؤمنين للحسن اذهب إلى فلانة , فقل لها : قال لك أمير المؤمنين و الذي فلق الحبة و النوى و برأ النسمة لئن لم ترحلي الساعة لأبعثن إليك بما تعلمين .
فلما أخبرها الحسن بما قال أمير المؤمنين , قامت , ثم قالت : رحلوني .
فقالت لها امرأة من المهالبة : أتاك ابن عباس شيخ بني هاشم حاورتيه و خرج من عندك مغضبا , و أتاك غلام فأقلعت .
قالت : إن هذا الغلام ابن رسول الله , فمن أراد أن ينظر إلى مقلتي رسول الله فلينظر إلى هذا الغلام , و قد بعث إلي بما علمت .
قالت : فأسألك بحق رسول الله عليك , إلا أخبرتنا بالذي بعث إليك .
قالت : إن رسول الله جعل طلاق نسائه بيد علي , فمن طلقها في الدنيا بانت منه في الآخرة .
و في رواية : كان النبي يقسم نفلا في أصحابه فسألناه أن يعطينا منه شيئا و ألححنا عليه في ذلك .
فلامنا علي , فقال حسبكن ما أضجرتن رسول الله , فتجهمناه , فغضب النبي مما استقبلنا به عليا .
ثم قال : يا علي إني قد جعلت طلاقهن إليك , فمن طلقتها منهن فهي بائنة , و لم يوقت النبي في ذلك وقتا في حياة و لا موت , فهي تلك الكلمة فأخاف أن أبين من رسول الله .
خطيب خوارزم :
علي في النساء له وصي *** أمين لم يمانع بالحجاب
و استنابه في مبيته على فراشه ليلة الغار و استنابه في نقل الحرم إلى المدينة بعد ثلاثة أيام و استنابه في قتل الصناديد من قريش و ولاه عليهم عند هزيمتهم .
و استنابه في خاصة أمره و حفظ سره مثل حديث مارية لما قرفوها و استنابه على المدينة لما خرج إلى تبوك و ولاه حين بعثه إلى فدك و ولاه الخروج إلى بني زهرة و ولاه يوم أحد في أخذ الراية و كان صاحب راياته دونهم و ولاه على نفسه عند وفاته و على غسله و تكفينه و الصلاة عليه و دفنه .
و قد روي عنه (عليه السلام) : إنا أهل بيت النبوة و الرسالة و الإمامة و إنه لا يجوز أن يقبلنا عند ولادتنا القوابل .
و إن الإمام لا يتولى ولادته و تغميضه و غسله و دفنه إلا إمام
[135]
مثله فتولى ولادته رسول الله و تولى وفاة رسول الله علي و تولى أمير المؤمنين ولادة الحسن و الحسين و توليا وفاته و وصى إليه أمر الأمة على ما يأتي بيانه إن شاء الله و قد استنابه يوم الفتح في أمر عظيم فإنه وقف حتى صعد على كتفيه و تعلق بسطح البيت و صعد و كان يقلع الأصنام بحيث تهتز حيطان البيت و يرمي بها فتنكسر .
و رواه أحمد بن حنبل و أبو يعلى الموصلي في مسنديهما و أبو بكر الخطيب في تاريخه و محمد بن الصباح الزعفراني في الفضائل و الخطيب الخوارزمي في أربعينه و أبو عبد الله النطنزي في الخصائص و أبو المضا صبيح مولى الرضا (عليه السلام) قال سمعته يحدث عن أبيه عن جده في قوله تعالى : وَ رَفَعْناهُ مَكاناً عَلِيًّا قال نزلت في صعود علي على ظهر النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) لقلع الصنم .
أبو بكر الشيرازي في نزول القرآن في شأن أمير المؤمنين (عليه السلام) عن قتادة عن ابن المسيب عن أبي هريرة قال قال لي جابر بن عبد الله : دخلنا مع النبي مكة و في البيت و حوله ثلاثمائة و ستون صنما فأمر بها رسول الله فألقيت كلها لوجوهها و كان على البيت صنم طويل يقال له هبل .
فنظر النبي إلى علي , و قال له : يا علي تركب علي أو أركب عليك لألقي هبل عن ظهر الكعبة .
قلت : يا رسول الله ; بل تركبني .
فلما جلس على ظهري لم أستطع حمله لثقل الرسالة .
قلت يا رسول الله : بل أركبك .
فضحك , و نزل , و طأطأ لي ظهره و استويت عليه ; فو الذي فلق الحبة و برأ النسمة لو أردت أن أمسك السماء لأمسكتها بيدي , فألقيت هبل عن ظهر الكعبة فأنزل الله تعالى وَ قُلْ جاءَ الْحَقُّ وَ زَهَقَ الْباطِلُ إِنَّ الْباطِلَ كانَ زَهُوقاً .
و روى أحمد بن حنبل و أبو بكر الخطيب في كتابيهما بالإسناد عن نعيم بن حكيم المدائني قال حدثني أبو مريم عن علي بن أبي طالب قال : انطلق بي رسول الله إلى الأصنام .
فقال : اجلس .
فجلست إلى جنب الكعبة , ثم صعد رسول الله على منكبي .
ثم قال لي : انهض بي إلى الصنم .
فنهضت به , فلما رأى ضعفي عنه .
قال : اجلس .
فجلست . و أنزلته عني .
و جلس لي رسول الله , ثم قال لي : اصعد يا علي .
فصعدت على منكبه , ثم نهض بي رسول الله , فلما نهض بي خيل لي أني لو شئت نلت السماء , و صعدت على الكعبة و تنحى رسول الله , فألقيت صنمهم الأكبر صنم قريش و كان من نحاس موتدا بأوتاد من حديد إلى الأرض ... الخبر .
[136]
و في رواية الخطيب : فإنه تخيل إلى أني لو شئت لنلت أفق السماء .
و حدثني أبو الحسن علي بن أحمد العاصمي عن إسماعيل بن أحمد الواعظ عن أبي بكر البيهقي بإسناده عن أبي مريم عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال : قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) احملني لنطرح الأصنام عن الكعبة , فلم أطق حمله .
فحملني , فلو شئت أتناول السماء فعلت .
و في خبر : و الله لو شئت أن أنال السماء بيدي لنلتها .
و روى القاضي أبو عمرو عثمان بن أحمد عن شيوخ بإسناده عن ابن عباس قال : قال النبي (عليه السلام) لعلي قم بنا إلى صنم في أعلى الكعبة لنكسره .
فقاما جميعا , فلما أتياه ; قال له النبي (عليه السلام) : قم على عاتقي حتى أرفعك عليه .
فأعطاه علي ثوبه فوضعه رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) على عاتقه , ثم رفعه حتى وضعه على البيت .
فأخذ علي (عليه السلام) الصنم و هو من نحاس فرمى به من فوق الكعبة .
فنادى رسول الله : انزل .
فوثب من أعلى الكعبة كأنما كان له جناحان .
و يقال : إن عمر , كان تمنى ذلك .
فقال (عليه السلام) : إن الذي عبده لا يقلعه .
و لما صعد أبو بكر المنبر نزل مرقاة .
فلما صعد عمر نزل مرقاة فلما صعد عثمان نزل مرقاة .
فلما صعد علي صعد إلى موضع يجلس عليه رسول الله .
فسمع من الناس ضوضاء .
فقال : ما هذه الذي أسمعها ?
قالوا : لصعودك إلى موضع رسول الله الذي لم يصعده الذي تقدمك .
فقال : سمعت رسول الله يقول : من قام مقامي و لم يعمل بعملي أكبه الله في النار و أنا و الله العامل بعمله الممتثل قوله الحاكم بحكمه فلذلك قمت هنا .
ثم ذكر في خطبته : معاشر الناس قمت مقام أخي و ابن عمي لأنه أعلمني بسري و ما يكون مني .
فكأنه قال : أنا الذي وضعت قدمي على خاتم النبوة فما هذه الأعواد أنا من محمد و محمد مني .
و قال (عليه السلام) في خطبة الافتخار : أنا كسرت الأصنام أنا رفعت الأعلام أنا بنيت الإسلام .
قال ابن نباتة : حتى شد به أطناب الإسلام و هد به أحزاب الأصنام فأصبح الإيمان فاشيا بأقياله و البهتان متلاشيا بصياله و لمقام إبراهيم شرف على كل حجر لكونه مقام لقدم إبراهيم فيجب أن يكون قدم علي أكرم من رءوس أعدائه لأن مقامه كتف النبوة .
و الغالية و المشبهة تقول أكثر من هذا كما أنشد شاعرهم
[137]
و قد روي عن أبي نواس :
قيل لي قل في علي المرتضى *** كلمات تطفئ نارا موقده
قلت لا يبلغ قولي رجلا *** حار ذو الجهل إلى أن عبده
و علي واضعا رجلا له *** بمكان وضع الله يده
و أنشد آخر :
قالوا مدحت علي الطهر قلت لهم *** كل امتداح جميع الأرض معناه
ما ذا أقول لمن حطت له قدم *** في موضع وضع الرحمن يمناه
الشريف المرتضى :
و لنا من البيت المحرم كلما *** طافت به في موسم أقدامه
و بجدنا و بصنوه دحيت عن *** البيت الحرام و زعزعت أصنامه
و هما علينا أطلعا شمس الهدى *** حتى استنار حلاله و حرامه
مهيار :
فمن آية الباب يوم اليهود *** و من صاحب الجن يوم الخسيف
و من جمع الدين في يوم بدر *** واحد بتفريق تلك الصفوف
و هدم في الله أصنامهم *** بمرأى عيون عليه عكوف
أبو الحسن الفقهي :
و المرتقي كتف النبي بمكة *** في مجمع للمسلمين كثيف
ابن الحجاج :
حاوز الروم و النصارى *** يحانون بمقتل الصلبان
مثل ما كان قد جرى من *** علي من إمام الهدى على الأوثان
العوني :
علي على ظهر النبي توطيا *** فهل ظهره شيخاكما يطئان
و له :
كسرت أصناف أهل الشرك ويلهم *** لما علوت من الهادي على الكتف
[138]
و له :
أمير المؤمنين أبو تراب *** بنى الإسلام بالبيض الرقاق
غياث محمد في كل كرب إذا *** ما الحرب قامت فوق ساق
و جاهد في سبيل الله ما أن *** يحاني في الجهاد و لا يتاقى
علي كاسر الأصنام لما *** رقى كتف النبي إلى بساق
و له :
و من ارتقى كتف النبي محمد *** و كذلك ابنا فاطم الزهراء
ما شأن عرسهم و كيف تباهلوا *** دون الورى كماهر الإملاء
و له :
فهذا و يوم الفتح نادى محمد *** ألا قم إلى الأصنام حيدر فاقلع
و طأطأ له حتى اعتلى فوق ظهره *** فأجلل بهذا من مقام و أرفع
فقال علي لو أشاء نلت عندها سما *** الله أو رمت النجوم أتت معي
دعبل :
علي رقى كتف النبي محمد *** فهل كسر الأصنام خلق سوى علي
الزاهي :
مكسر الأصنام في اليوم الذي *** أريح عن وجه الهدى عماسه
رقى على الكاهل من خير الورى *** و الدين مقرون به إنباسه
و نكس اللات و ألقى هبلا *** مهشما يقلبه انتكاسه
و قام مولاي على البيت و ***قد طهر إذ فارقه أنجاسه
ابن رزيك :
أ ما علي علت رجلاه كاهل خير *** الخلق حتى أزال العز عن هبل
[139]
القمي :
علي تعالى منكب النور أحمد *** فأهوى إليه بالصليب المهشم
خطيب خوارزم :
علي كاسر الأصنام لما علا *** كتف النبي بلا احتجاب
المفجع :
رام حمل النبي كي يقلع الأصنام *** من سخطها المشول الجثيا
فحباه ثقل النبوة حتى *** كاد يناد تحته مثنيا
فارتقى منكب النبي علي *** صنوه ما أجل ذاك رقيا
فأماط الأوثان عن طابه ال *** كعبة ينقى الأرجاس عنها نقيا
و لو أن الوصي حاول مس *** النجم بالكف لم يجده قصيا
المرزوقي و يقال للحصكفي :
يا رب بالقدم التي أوطأتها *** من قاب قوسين المحل الأعظما
و بحرمة القدم التي جعلت لها *** كتف المؤيد بالرسالة سلما
اجعلهما ربي إليك وسيلتي *** في يوم حشر أن أزور جهنما
السروجي :
رقى على ظهر النبي حيدر *** من دون جمع بين بدو و حضر
حتى علا البيت و ألقى هبلا *** من كعبة الله سريعا و انحدر