back page fehrest page next page

الناشئ :

إمام علا من خاتم الرسل كاهلا *** و قد كان عبلا يحمل الظهر كاهله

‏و لكن رسول الله علاه عامدا *** على كتفه كي لا تناهي فضائله

‏و ذلك يوم الفتح و البيت قبله *** و من حوله الأصنام و الكفر شامله

‏فشرفه خير الأنام بحمله *** فبورك محمولا و بورك حامله

‏فلما دحى الأصنام أومى بكفه *** فكادت تنال الأفق منه أنامله

[140]

أ يعجز عنه من دحى باب خيبر *** و يحمله أفراسه و رواحله

و له :

أقام دين الإله إذ كسرت *** يداه من فتح مكة هبلا

علا علي كأهل النبي و لو *** رام احتمالا لأحمد حملا

و لو أراد النجوم لامسها *** هناه ذو العرش ما به كفلا

و له :

و كسر أصناما لدى فتح مكة *** فأورث حقدا كل من عبد الوثن

‏فأبدت له عليا قريش تراتها *** فأصبح بعد المصطفى الطهر في محن

‏يعادونه إذ أخفت الكفر سيفه *** و أضحى به الدين الحنيفي قد علن

خطيب منيح :

و من نهض النبي به فأضحى *** بأصنام البنية مستهينا

دحى باللات و العزى جميعا *** على هبل فغادر مستهينا

و لم يسجد له من قبل طوعا *** كما كانوا بمكة ساجدينا

أجيب دعاء إبراهيم فيه *** فكان لها من المتجنبينا

غيره :

و من علا ظهر النبي و ارتقى *** و كسر الأصنام بالنصر

و حديث الارتقاء مثل حديث المعراج سواء و قد روي كل واحد منهما من وجهين في زمانين مختلفين فيدل هذا على أن كل واحد منهما كان مرتين .

مسند أبو يعلى أبو مريم قال علي : انطلقت مع رسول الله ليلا حتى أتينا الكعبة .

فقال لي : اجلس .

فجلست .

فصعد رسول الله على منكبي , ثم نهضت به .

فلما رأى ضعفي عنه .

قال : اجلس .

فجلست . فنزل رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) .

و جلس لي , و قال اصعد على منكبي .

ثم صعدت عليه .

ثم نهض بي , حتى أنه ليخيل إلي لو شئت نلت أفق السماء ; و صعدت على البيت .

فأتيت صنم قريش و هو بمثال رجل من صفر أو نحاس ... الحديث .

[141]

و روى إسماعيل بن محمد الكوفي في خبر طويل عن ابن عباس أنه : كان صنم لخزاعة من فوق الكعبة .

فقال له النبي (عليه السلام) يا أبا الحسن انطلق بنا نلقي هذا الصنم عن البيت .

فانطلقا ليلا , فقال له يا أبا الحسن ارق على ظهري .

و كان طول الكعبة أربعين ذراعا فحمله رسول الله .

فقال انتهيت يا علي ?

قال : و الذي بعثك بالحق لو هممت أن أمس السماء بيدي لمسستها .

و احتمل الصنم و جلد به الأرض فتقطع قطعا .

ثم تعلق بالميزاب و تخلى بنفسه إلى الأرض .

فلما سقط , ضحك .

فقال النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) : ما يضحكك يا علي ? أضحك الله سنك .

قال : ضحكت يا رسول الله تعجبا من أني رميت بنفسي من فوق البيت إلى الأرض فما ألمت و لا أصابني وجع .

فقال : كيف تألم يا أبا الحسن أ و يصيبك وجع إنما رفعك محمد و أنزلك جبرئيل (عليه السلام) .

و في أربعين الخوارزمي في خبر طويل : فانطلقت أنا و النبي و خشينا أن يرانا أحد من قريش أو غيرهم ; فقذفته فتكسر .

و نزوت من فوق الكعبة .

ابن الأسود الكاتب :

أ من سرى معه سواء عند ما *** مضيا بعون الله يبتدران

‏نحو البنية بيته العالي الذي *** ما زال يعرف شامخ البنيان

‏حتى إذا أتيا إليه بسدفة *** و هما لما قصدا له وجلان

‏و يفرق الكفار عن أركانه *** و خلا المقام و هوم الحيان

‏أهوى ليحمله فرآه وصيه فوني وني سوى لألف هدان

‏إن النبوة لم يكن ليقيلها *** إلا نبي أيد النهضان

‏فحنى النبي له مطاه و قال *** قم فاركب و لا تك عنه بالخشيان

‏فعلاه و هو له مطيع سامع *** بأبي المطيع مع المطاع الحاني

‏و لو أنه منه يروم بنانه *** نجما لنال مطالع الديران

‏فتناول الصنم الكبير فرجه *** من فوقه و رماه بالكدان

[142]

حتى تحطم منكباه و رأسه *** و وهي القوائم و التقى الطرفان‏

و نحا بصم جلامد أوثانهم *** فأبارها بالكسر و الإيهان

‏و غدا عليه الكافرون بحسرة *** و هم بلا صنم و لا أوثان

الحميري :

و ليلة خرجا فيها على وجل *** و هما يجوبان دون الكعبة الظلما

حتى إذا انتهيا قال النبي له *** إنا نحاول أن نستنزل الصنما

من فوقها فأعل ظهري ثم قام به *** خير البرية ما استحيا و ما احتشما

حتى إذا ما استوت رجلا أبي حسن *** أهوي به لقرار الأرض فانحطما

ناداه أحمد أن بث يا علي لقد *** أحسنت بارك ربي فيك فاقتحما

و له :

و ليلة قاما يمشيان بظلمة *** يجوبان جلبابا من الليل غيهبا

إلى صنم كانت خزاعة كلها *** توقره كي يكسراه و يهربا

فقال أعل ظهري يا علي و حطه *** فقام به خير الأنام مركبا

يغادره فضا جذاذا و قال بث *** جزاك به ربي جزاء مؤربا

فهذه دلالات ظاهرة على أنه أقرب الناس إليه و أخصهم لديه و أنه ولي عهده و وصيه على أمته من بعده و أنه (صلّى الله عليه وآله وسلّم) لم يستنب المشايخ في شي‏ء إلا ما روي في أبي بكر أنه استنابه في الحج .

و في قول عائشة : مروا أبا بكر ليصلي بالناس .

و كلا الموضعين فيه خلاف .

و لعلي بن أبي طالب (عليه السلام) , مزايا :

فإنه لم يول عليه أحد , و ما أخرجه إلى موضع و لا تركه في قوم إلا ولاه عليهم , و كان الشيخان تحت ولاية أسامة , و عمرو بن العاص , و غيرهما .

[143]

منصور النميري :

من كان ولي أحمد واليا *** على علي فيولوا عليه

‏قل لأبي القاسم إن الذي *** وليت لم يترك و ما في يديه

فصل في المسابقة بالحزم و ترك المداهنة :

تفسير الثعلبي و القشيري و الواحدي و القزويني و معاني الزجاج و مسند الموصلي و أسباب نزول القرآن عن الواحدي إنه : لما دخل النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) مكة يوم الفتح غلق عثمان بن طلحة العبدي باب البيت و صعد السطح فطلب النبي (عليه السلام) المفتاح منه .

فقال : لو علمت أنه رسول الله , لم أمنعه .

فصعد علي بن أبي طالب السطح , و لوى يده , و أخذ المفتاح منه , و فتح الباب .

فدخل النبي البيت , فصلى فيه ركعتين .

فلما خرج سأله العباس أن يعطيه المفتاح .

فنزل إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَماناتِ إِلى أَهْلِها فأمر النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) أن يرد المفتاح إلى عثمان , و يعتذر إليه .

فقال له عثمان : يا علي أكرهت و آذيت ; ثم جئت برفق .

قال : لقد أنزل الله عز و جل في شأنك , و قرأ عليه الآية .

فأسلم عثمان , فأقره النبي في يده .

و في رواية صاحب النزول : أنه جاء جبرئيل فقال ما دام هذا البيت فإن المفتاح و السدانة في يد أولاد عثمان , و هو إلى اليوم في أيديهم .

و في الصحيحين و التاريخين و المسندين و أكثر التفاسير : أن سارة مولاة أبي عمرو بن ضيفي بن هشام أتت النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) من مكة مسترفدة .

فأمر (صلّى الله عليه وآله وسلّم) بني عبد المطلب بأسدانها .

فأعطاها حاطب بن أبي بلتعة عشرة دنانير على أن تحمل كتابا بخبر وفود النبي إلى مكة , و كان (صلّى الله عليه وآله وسلّم) أسر ذلك ليدخل عليهم بغتة .

فأخذت الكتاب و أخفته في شعرها , و ذهبت .

فأتى جبرئيل و قص القصة على رسول الله .

فأنفذ عليا و الزبير و مقداد و عمارا و عمر و طلحة و أبا مرثد خلفها .

فأدركوها , بروضة خاخ , يطالبوها بالكتاب , فأنكرت , و ما وجدوا معها كتابا .

فهموا بالرجوع .

فقال علي (عليه السلام) : و الله ما كذبنا و لا كذبنا , و سل سيفه , و قال : أخرجي الكتاب و إلا و الله لأضربن عنقك .

[144]

فأخرجته , من عقيصتها .

فأخذ أمير المؤمنين الكتاب , و جاء إلى النبي .

فدعا بحاطب بن أبي بلتعة , و قال له : ما حملك على ما فعلت ?

قال : كنت رجلا عزيزا في أهل مكة , أي غريبا ساكنا بجوارهم , فأحببت أن أتخذ عندهم بكتابي إليهم مودة , ليدفعوا عن أهلي بذلك .

فنزل قوله تعالى يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَ عَدُوَّكُمْ أَوْلِياءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ .

قال السدي و مجاهد في تفسيرهما عن ابن عباس : لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَ عَدُوَّكُمْ أَوْلِياءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ بالكتاب و النصيحة لهم وَ قَدْ كَفَرُوا بِما جاءَكُمْ أيها المسلمون مِنَ الْحَقِّ يعني الرسول و الكتاب يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ يعني محمدا وَ إِيَّاكُمْ يعني و هم أخرجوا أمير المؤمنين أَنْ تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ رَبِّكُمْ و كان النبي و علي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) و حاطب ممن أخرج من مكة فخلاه رسول الله لإيمانه إِنْ كُنْتُمْ خَرَجْتُمْ جِهاداً فِي سَبِيلِي وَ ابْتِغاءَ مَرْضاتِي أيها المؤمنون تُسِرُّونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ تخفون إليهم بالكتاب بخبر النبي و تتخذون عندهم النصيحة وَ أَنَا أَعْلَمُ بِما أَخْفَيْتُمْ من إخفاء الكتاب الذي كان معها وَ ما أَعْلَنْتُمْ و ما قاله أمير المؤمنين (عليه السلام) للزبير و الله لا صدقت المرأة أن ليس معها كتاب بل الله أصدق و رسوله فأخذه منها ثم قال وَ مَنْ يَفْعَلْهُ مِنْكُمْ عند أهل مكة بالكتاب فَقَدْ ضَلَّ سَواءَ السَّبِيلِ .

و قد اشتهر عنه (عليه السلام) قوله : أنا فقأت عين الفتنة و لم يكن ليفقأها غيري .

و قال الطبري و مجاهد في تاريخهما : جمع عمر بن الخطاب الناس يسألهم من أي يوم نكتب فقال علي من يوم هاجر رسول الله و نزل أهل الشرك .

فكأنه أشار أن لا تبتدعوا بدعة و تؤرخوا كما كانوا يكتبون في زمان رسول الله لأنه قدم النبي المدينة في شهر ربيع الأول أمر بالتاريخ .

فكانوا يؤرخون بالشهر و الشهرين من مقدمه إلى أن تمت له سنة , ذكره التاريخي عن ابن شهاب : و لقد كان يجري سياسته مجرى المعجزات لصعوبته و تعدده ; و ذلك أن أصحابه كانوا فرقتين : أحدهما على أن عثمان قتل مظلوما و تتولاه و تتبرأ من أعدائه , و الأخرى و هم جمهور الحرب و أهل الغنى و البأس يعتقدون

[145]

أن عثمان قتل لأحداث أوجبت عليه القتل , و منهم من يصرح بتكفيره .

و كل من هاتين الفرقتين يزعم أن عليا موافق له على رأيه .

و كان يعلم أنه متى وافق إحدى الطائفتين باينته الأخرى و أسلمته و تولت عنه و خذلته .

يستعمل في كلامه ما يوافق كل واحدة من الطائفتين , فيقول : و الله قتل عثمان قتل و لم .

تاريخ الطبري قال أبو بكر الهذلي : اجتمع أهل همدان و الري و نهاوند و قومس و أصفهان و تظاهروا على أبي بكر .

فقال طلحة : فضلا .

ثم قال عثمان : تلقيهم في أهل الشام و اليمن و أهل الكوفة و البصرة .

فقال أمير المؤمنين (عليه السلام) : إن أشخصت أهل الشام من شامهم : سارت الروم إلى ذراريهم .

و إن أشخصت أهل اليمن من يمنهم : سارت الحبشة إلى ذراريهم .

و إن أشخصت من هذين الحرمين : انقضت العرب عليك من أطرافها و أكنافها حتى يكون ما تدع وراء ظهرك من عيالات العرب أهم إليك مما بين يديك .

و أما ذكرك كثرة العجم و رهبتك من جموعهم ; فإنا لم نكن نقاتل على عهد رسول الله بالكثرة و إنما كنا نقاتل بالنصرة .

و أما اجتماعهم على المسير إلى المسلمين , فإن الله تعالى بمسيرهم أكره منك لذلك و هو أولى بتغيير ما يكره .

و إن العجم إذا نظروا إليك , قالوا : هذا رجل العرب ; فإن قطعتموه , قطعتم العرب .

فكان أشد لكلبهم , فكنت ألبت على نفسك , و أمدهم من لم يكن يمدهم .

و لكني أرى أن تقر هؤلاء في أمصارهم و تكتب إلى أهل البصرة فليتفرقوا على ثلاث فرق , فلتقم منهم فرقة على ذراريهم حرسا لهم , و لتقم فرقة في أهل عهدهم لئلا ينقضوا , و لتسر فرقة منهم إلى إخوانهم مددا لهم .

أبو بريدة الأسلمي :

كفى بعلي قائدا لذوي النهى *** و حرزا من المكروه و الحدثان

‏نربع إليه إن ألمت ملمة *** علينا و نرضى قوله ببيان

‏يبين إخفاء النفوس التي لها *** من الهلك و الوسواس هاجسان

و روي عن الصادق (عليه السلام) :

محال وجود النار في بيت ظلمة *** و أن يهتدى في ظل حيران حائر

[146]

فلا تطمعوا في العدل من غير أهله *** و لا في هدى من غير أهل البصائر

تفسير مجاهد و أبو يوسف يعقوب بن أبي سفيان قال ابن عباس في قوله تعالى : وَ إِذا رَأَوْا تِجارَةً أَوْ لَهْواً انْفَضُّوا إِلَيْها وَ تَرَكُوكَ قائِماً .

إن دحية الكلبي جاء يوم الجمعة من الشام بالمسيرة فنزل عند أحجار الزيت ثم ضرب بالطبول ليؤذن الناس بقدومه .

فانفض الناس إليه , إلا علي و الحسن و الحسين و فاطمة (عليه السلام) و سلمان و أبو ذر و المقداد و صهيب ; و تركوا النبي قائما يخطب على المنبر .

فقال النبي (عليه السلام) : لقد نظر الله يوم الجمعة إلى مسجدي , فلو لا الفئة الذين جلسوا في مسجدي ; لانضرمت المدينة على أهلها نارا و حصبوا بالحجارة كقوم لوط .

و نزل فيهم رِجالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجارَةٌ الآية .

تاريخ الطبري : إن أمير المؤمنين نزل بقبا على أم كلثوم بنت هدم وقت الهجرة ليلتين أو ثلاثا فرآها تخرج كل ليلة نصف الليل إلى طارق و تأخذ منه شيئا .

فسألها عن ذلك ?

فقالت : هذا سهل بن حنيف قد عرف أني امرأة لا أحد لي فإذا أمسى غدا على أوثان قومه فكسرها ثم جاءني بها , و قال : احتطبي بهذا .

فكان أمير المؤمنين يحترمه بعد ذلك .

الحسن الحسيني في كتاب النسب إنه : رأى أمير المؤمنين علي (عليه السلام) يوم بدر عقيلا في فدفد , فصد عنه .

فصاح به : يا ابن أم علي , أما و الله لقد رأيت مكاني و لكن عمدا تصد عني .

فأتى علي إلى النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) , و قال : يا رسول الله ; هل لك في أبي يزيد مشدودة يداه إلى عنقه بنسعة .

فقال : انطلق بنا إليه .

قوت القلوب : قيل لعلي بن أبي طالب (عليه السلام) إنك خالفت فلانا في كذا .

فقال : خيرنا اتبعنا لهذا الدين .

و ضافه رجل , ثم خاصم إليه رجلا .

فقال : تحول عنا , فإن رسول الله نهانا أن نضيف رجلا إلا و أن يكون خصمه معه .

و نوشه الحارث الأعور فقال : قد أجبتك على أن تضمن لي ثلاث خصال :

لا تدخل علينا شيئا من خارج .

و لا تدخر عنا شيئا في البيت .

و لا تجحف بالعيال .

[147]

أبو عبد الله : قال أمير المؤمنين لعمر بن الخطاب ثلاث إن حفظتهن و علمتهن كفتك ما سواهن , و إن تركتهن ; لم ينفعك شي‏ء سواهن .

قال : و ما هن يا أبا الحسن ?

قال : إقامة الحدود على القريب و البعيد .

و الحكم بكتاب الله في الرضا و السخط .

و القسم بين الناس بالعدل , بين الأحمر و الأسود .

فقال له عمر : لعمري لقد أوجزت و أبلغت .

زرارة قال سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول : أقيم عبيد الله بن عمر و قد شرب الخمر .

فأمر به عمر أن يضرب .

فلم يتقدم إليه أحد يضربه , حتى قام علي (عليه السلام) بنسعة مثنية , فضربه بها أربعين .

زرارة قال سمعت أبا جعفر يقول : إن الوليد بن عقبة حين شهد عليه شرب الخمر .

قال عثمان لعلي : اقض بيني و بين هؤلاء الذين يزعمون أنه شرب الخمر .

فأمر علي أن يضرب بسوط له شعبتان أربعين جلدة .

و أخذ (عليه السلام) رجلا من بني أسد في حد فاجتمع قومه ليكلموا فيه و طلبوا إلى الحسن أن يصحبهم .

فقال ائتوه , فهو أعلى بكم عينا .

فدخلوا عليه , و سألوه .

فقال : لا تسألوني شيئا أملك إلا أعطيتكم .

فخرجوا يرون أنهم قد أنجحوا .

فسألهم الحسن .

فقالوا أتينا خير مأتي , و حكوا له قوله .

فقال : ما كنتم فاعلين إذا جلد صاحبكم , فاصنعوه .

فأخرجه علي فحده , ثم قال هذا و الله لست أملكه .

تهذيب الأحكام إنه : أتي أمير المؤمنين بالنجاشي الشاعر و قد شرب الخمر في شهر رمضان فضربه ثمانين جلدة , ثم حبسه ليلة .

ثم دعا به من الغد , فضربه عشرين سوطا .

فقال له : يا أمير المؤمنين , ضربتني ثمانين جلدة في شرب الخمر ; و هذه العشرين , ما هي ?

قال : هذا لتجريك على شرب الخمر في شهر رمضان .

و بلغ معاوية أن النجاشي هجاه فدس قوما شهدوا عليه عند أمير المؤمنين (عليه السلام) أنه شرب الخمر .

فأخذه علي فحده .

فغضب جماعة على علي في ذلك , منهم : طارق بن عبد الله النهدي .

فقال : يا أمير المؤمنين ; ما كنا نرى أن أهل المعصية و الطاعة و أهل الفرقة و الجماعة عند ولاة العقل و معادن الفضل سيان في الجزاء ; حتى ما كان من صنيعك بأخي الحارث , يعني النجاشي , فأوغرت صدورنا و شتت أمورنا و حملتنا على الجادة التي كنا نرى أن سبيل من ركبها النار .

فقال علي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) : إنها لكبيرة إلا على الخاشعين يا أخا بني نهد , هل هو إلا رجل من المسلمين انتهك حرمة من حرم الله

[148]

فأقمنا عليه حدها زكاة له و تطهيرا ; يا أخا بني نهد إنه من أتى حدا فأقيم كان كفارته , يا أخا بني نهد إن الله عز و جل يقول في كتابه العظيم وَ لا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوى .

فخرج طارق و النجاشي معه إلى معاوية , و يقال إنه رجع .

مطر الوراق و ابن شهاب الزهري في خبر إنه : لما شهد أبو زينب الأسدي و أبو مزرع و سعيد بن مالك الأشعري و عبد الله بن خنيس الأزدي و علقمة بن زيد البكري على الوليد بن عقبة أنه شرب الخمر أمر عثمان بإقامة الحد عليه جهرا و نهى سرا .

فرأى أمير المؤمنين (عليه السلام) أنه يدرأ عنه الحد قام و الحسن معه ليضربه .

فقال : نشدتك الله و القرابة .

قال (عليه السلام) : اسكت أبا وهب فإنما هلكت بنو إسرائيل بتعطيلهم الحدود , فضربه .

و قال لتدعوني قريش بعد هذا جلادها .

الرشيد الوطواط :

المصطفى قال في رهط و في عدد *** لكن واحدة إلا كفى أبو الحسن

‏هذا هو المجد من تبغونه عوجا *** إن العلي خشن ينقاد للخشن

و روي : أنه خير لرجل فسق بغلام أما ضربه بالسيف أو هدم حائط عليه أو الحرق بالنار فاختار النار لشدة عقوبتها .

و سأل النظرة لركعتين , فلما صلى , رفع رأسه إلى السماء و قال : يا رب إني أتيت بفاحشة , و أتيت إلى وليك تائبا , و اخترت الإحراق لأتخلص من نار يوم القيامة .

فبكى علي , و بكى من حوله .

فقال علي : اذهب فقد غفر الله لك .

فقال رجل : يا أمير المؤمنين , تعطل حدا من حدود الله ?

فقال : ويلك , إن الإمام إذا كان من قبل الله , ثم تاب العبد من ذنب بينه و بين الله فله أن يغفر له .

أتت امرأة إلى علي تستعدي على زوجها أنه أحبل جاريتي .

فقال : إنها وهبتها لي

فقال علي للرجل : تأتيني بالبينة و إلا رجمتك .

فلما رأت المرأة أنه الرجم ليس دونه شي‏ء , أقرت أنها وهبتها له .

فجلدها علي (عليه السلام) و أجاز له ذلك .

و لما حث أمير المؤمنين على حرب صفين ; قام أربد بن ربيعة الفزاري , فقال : يا علي أ تريد أن تقتل أهل الشام كما قتلنا أهل البصرة قتلة الغوغاء .

فقال أبو علاقة التميمي :

أعوذ بربي أن يكون منيتي *** كما مات في سوق البزارين أربد

نغاوره قراؤنا تبعا لهم *** إذا رفعت أيد بها وقعت يد

[149]

فجعل أمير المؤمنين (عليه السلام) ديته على بيت المال .

الصاحب :

من كمولانا علي مفتيا *** خضع الكل له و اعترفا

و له :

تولى أمور الناس لم يستغلهم *** إلا ربما يرتاب من يتقلد

و لم يك محتاجا إلى علم غيره *** إذا احتاج قوم في القضايا تبلدوا

فهذه مزايا له فيما شاركهم فيه فتجمع فيه ما تفرق في سائر الصحابة فتبين رجحانه على جميعهم و التقدم على الأفضل خطأ .

الصاحب :

تجمع فيه ما تفرق في الورى *** من الخلق و الأخلاق و الفضل و العلى

الرشيد الوطواط :

لقد تجمع في الهادي أبي الحسن *** ما قد تفرق في الأصحاب من حسن

لغيره :

و لم يكن في جميع الناس من حسن *** ما كان في الضيغم العادي أبي الحسن

علي بن هارون المنجم :

و هل خصلة من سؤدد لم يكن بها *** أبو حسن من بينهم ناهضا قدما

فما فاتهم منها به سلموا له *** و ما شاركوه كان أوفرهم قسما

كتاب أبو موسى الحامض النحوي إنه عرض عباسي للسيد الحميري أن أشعر الناس من قال :

محمد خيرة من يمشي على قدم *** و صاحباه و عثمان بن عفان

قال السيد : يا حدث على أهلك بالعداوة .

فقال : السنة .

فقال السيد : هذه حجة , أنا أشعر من هذا , حيث أقول :

سائل قريشا إن كنت ذا عمه *** من كان أثبتهم في الدين أوتادا

من كان أولها سلما و أكثرها *** علما و أطيبها أهلا و أولادا

من كان أعدلهم حكما و أقسطهم *** فتيا و أصدقهم وعدا و إيعادا

[150]

من صدق الله إذ كانت مكذبة *** تدعو مع الله أوثانا و أندادا

إن يصدقوك فلن تعدو أبا حسن *** إن أنت لم تلق للأبرار حسادا

ابن حماد :

هو النبأ الأعلى الذي يسأل الورى *** غدا عنه إذ يبلو به الله من يبلو

فذاك هو الذكر الحكيم و إنه هو المثل *** الأعلى الذي ما له مثل

‏هو العروة الوثقى هو الجنب إنما *** يفرط فيه الخاسر العمة العقل

‏هو القبلة الوسطى يرى الوفد حولها *** لها حرم الله المهيمن و الحل

‏و آيته الكبرى و حجته التي أقيمت *** على من كان منا له عقل

‏هو الباب أعني باب حطة لم يكن لخلق *** إلى الرحمن من غيره وصل

back page fehrest page next page