فأقول : قد قبلت من ربي , فله الحمد على ما أنعم به علي , أدفعه إلى أخي علي فيدفعه إلى علي ... الخبر .
و في رواية محمد بن زكريا الغلابي و الحديث مختصر : إن رضوان ينادي أن الله أمرني أن أدفع مفاتيح الجنان إلى محمد , و إن محمدا أمرني أن أدفعها إلى علي بن أبي طالب , هاك , فاشهدوا لي عليه .
ثم يقوم خازن جهنم , و ينادي : ألا إن الله عز و جل أمرني أن أدفع مفاتيح جهنم إلى محمد , و إن محمدا أمرني أن أدفعها إلى علي , هاك , فاشهدوا لي عليه .
فتأخذ مفاتيح الجنة و النار , و تأخذ حجزتي , و أهل بيتك يأخذون حجزتك , و شيعتك يأخذون حجزة أهل بيتك .
قال : فصفقت بكلتا يدي , و قلت : إلى الجنة يا رسول الله ?
فقال : إي , و رب الكعبة .
محمد الفتال في روضة الواعظين قال النبي (عليه السلام) : حلقة باب الجنة ذهب فإذا دقت الحلقة على الصحيفة طنت و قالت يا علي .
خصائص النطنزي قيس بن أبي حازم عن ابن مسعود قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) : علي بن أبي طالب حلقة معلقة بباب الجنة من تعلق بها دخل الجنة .
فصل في أنه الساقي و الشفيع :
ابن جبير و ابن عباس سئل النبي عن الكوثر فقال : يا علي الكوثر نهر يجري تحت عرش الله ماؤه أشد بياضا من الثلج و أحلى من العسل و ألين من الزبد حصباؤه الدر و الزبرجد و المرجان حشيشه الزعفران ترابه المسك الأذفر قواعده تحت عرش الله ; ثم ضرب يده على جنب علي , و قال : إن هذا النهر لي و لك و لمحبيك من بعدي .
الحافظ أبو نعيم بإسناده إلى عطية عن أنس قال : دخلت على رسول الله فقال قد أعطيت الكوثر .
فقلت : يا رسول الله ; و ما الكوثر ?
قال : نهر في الجنة عرضه و طوله ما بين المشرق و المغرب , لا يشرب أحد منه فيظمأ , و لا يتوضأ أحد منه فيشعث , لا يشربه
[162]
إنسان أخفر ذمتي , و لا قتل أهل بيتي .
النبي : يذود علي عنه يوم القيامة من ليس من شيعته و من شرب منه لم يظمأ أبدا .
طارق قال أمير المؤمنين (عليه السلام) : و الذي فلق الحبة و برأ النسمة لأقمعن بيدي هاتين من الحوض أعدائنا إذا وردته أحباؤنا .
و روى أحمد في الفضائل نحوا منه عن أبي حرب بن أبي الأسود الدؤلي .
و في أخبار أبي رافع من خمسة طرق قال النبي : يا علي ترد علي الحوض و شيعتك رواء مرويين و يرد عليك عدوك ظماء مقمحين .
و جاء في تفسير قوله تعالى وَ سَقاهُمْ رَبُّهُمْ يعني سيدهم علي بن أبي طالب .
و الدليل على أن الرب بمعنى السيد قوله تعالى اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ .
الفائق إن النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) قال لعلي : أنت الذائد عن حوضي يوم القيامة تذود عنه الرجال كما يذاد الأصيد البعير الصادي , أي الذي به الصيد و الصيد داء يلوي عنقه .
الحميري :
أؤمل في حبه شربة من *** الحوض تجمع أمنا و ريا
إذا ما وردنا غدا حوضه *** فأدنى السعيد و ذاد الشقيا
متى يدن مولاه منه يقل *** رد الحوض و اشرب هنيئا مريا
و إن يدن منه عدو له *** يذده علي مكانا قصيا
و له :
ألا أيها اللاحي عليا دع الخنى *** فما أنت من تأنيبه بمصوب
أ تلحى أمير الله بعد أمينه *** و صاحب حوض شربه خير مشرب
[163]
و حافاته در و مسك ترابه *** و قد حاز ماء من لجين و مذهب
متى ما يرد مولاه يشرب و إن يرد *** عدو له يرجع بخزي و يضرب
و له أيضا :
فإنك تلقاه لدى الحوض قائما *** مع المصطفى بالجسر جسر جهنم
يجيران من والاهما في حياته *** إلى الروح و الظل الظليل المكرم
و له :
يذب عنه ابن أبي طالب *** ذبك جربي إبل تشرع
إذا دنوا منه لكي يشربوا *** قيل لهم تبا لكم فارجعوا
وراكم فالتمسوا منهلا *** يرويكم أو مطعما يشبع
هذا لمن والى بني أحمد *** و لم يكن غيرهم يتبع
و له أيضا :
و الحوض حوض محمد و وصيه *** يسقي محبيه و يمنعه العدى
و له :
و صاحب الحوض يسقي من ألم به *** من الخلائق لا أحبى و لا رتقا
قسيم نار به ترضى يقول لها *** ذا لي و ذا لك قسم لم يكن علقا
ابن حماد :
و الحوض حوضك ليس ثم مدافع *** في الحشر تسقي من تشاء و تمنع
عجبا لأعمى عن هداه و نوره *** كالشمس واضحة تضيء و تلمع
و له :
و هم سقاة الحوض من والاهم *** يسقي بكأس لذة للشارب
و له :
و إن الحوض حوضك و البرايا *** إليك لدى القيامة مهطعينا
[164]
و تحت لوائك المحمود تضحى *** جميع الخلق دونك خاشعينا
العوني :
تسقي الظماء على حوض النبي غدا *** للمؤمنين بمملو من الحلب
الزاهي :
بدر الدجى و زوجه شمس الضحى *** في فضلها و ابناه للعرش القرط
و من له الكوثر حوض في غد *** و النار ملك و الفراديس خطط
و له :
يا ساقي الشيعة من كأسه *** عند ورود الكوثر الجاري
في يوم تبلو النفس ما قدمت *** لسيد في الحكم جبار
و النار في الموقف قد سعرت *** لأخذ نصاب و فجار
حسان بن ثابت :
له الحوض لا شك يجبى به *** فمن شاء أسقى برغم العدى
و من ناصب القوم لم يسقه *** و يدعو إلى الورد للأولياء
علي بن الجعد عن قتادة عن أبي الجوزاء عن ابن عباس في قوله تعالى : فَما تَنْفَعُهُمْ شَفاعَةُ الشَّافِعِينَ قال يعني ما تنفع كفار مكة شفاعة الشافعين .
ثم قال أول من يشفع يوم القيامة في أمته رسول الله , و أول من يشفع في أهل بيته و ولده أمير المؤمنين , و أول من يشفع في الروم المسلمين صهيب , و أول من يشفع في مؤمني الحبشة بلال .
حمران بن أعين قال الصادق (عليه السلام) : و الله لنشفعن لشيعتنا , و الله لنشفعن لشيعتنا , و الله لنشفعن لشيعتنا , حتى يقول الناس فَما لَنا مِنْ شافِعِينَ وَ لا صَدِيقٍ حَمِيمٍ .
فردوس الديلمي أبو هريرة قال النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) : الشفعاء خمسة القرآن و الرحم و الأمانة و نبيكم و أهل بيت نبيكم .
[165]
تفسير وكيع قال ابن عباس في قوله : وَ لَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضى .
يعني و لسوف يشفعك يا محمد يوم القيامة في جميع أهل بيتك فتدخلهم كلهم الجنة ترضى بذلك عن ربك .
الباقر (عليه السلام) في قوله : وَ تَرى كُلَّ أُمَّةٍ جاثِيَةً الآية , قال ذلك النبي و علي يقوم على كوم قد علا الخلائق فيشفع ثم يقول يا علي اشفع فيشفع الرجل في القبيلة و يشفع الرجل لأهل البيت و يشفع الرجل للرجلين على قدر عمله فذلك المقام المحمود .
أبو عبد الله (عليه السلام) : وَ بَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِنْدَ رَبِّهِمْ قال شفاعة النبي وَ الَّذِي جاءَ بِالصِّدْقِ شفاعة علي أُولئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ شفاعة الأئمة .
النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) : إني لأشفع يوم القيامة فأشفع و يشفع علي فيشفع و يشفع أهل بيتي فيشفعون الخبر .
نقش الصاحب على خاتمه :
شفيع إسماعيل في الآخرة *** محمد و العترة الطاهرة
نقش آخر :
شفيعي إلى الله قوم بهم *** يميز الخبيث من الطيب
بحبهم صرت مستوجبا *** لما ليس غيري بمستوجب
الزاهي :
أبا حسن جعلتك لي ملاذا *** ألوذ به و يشملني الذماما
فكن لي شافعا في يوم حشري *** و تجعل دار قدسك لي مقاما
لأني لم أكن من نعثلي و لا *** أهوي عتيق و لا دلاما
أبو نواس :
يا رب إن عظمت ذنوبي كثرة *** فلقد علمت بأن عفوك أعظم
أدعوك رب كما أمرت تضرعا *** فإذا رددت يدي فمن ذا يرحم
إن كان لا يرجوك إلا محسن *** فمن الذي يرجو و يدعو المجرم
ما لي إليك وسيلة إلا الرجا *** و جميل ظني ثم إني مسلم
مستمسكا بمحمد و بآله *** إن الموفق من بهم يستعصم
[166]
ثم الشفاعة من نبيك أحمد *** ثم الحماية من علي أعلم
ثم الحسين و بعده أولاده *** ساداتنا حتى الإمام المكتم
سادات حر ملجأ مستعصم *** بهم ألوذ فذاك حصن محكم
و أنشد :
من كان في الحشر له شافع *** فليس لي في الحشر من شافع
سوى النبي المصطفى أحمد *** ثم المزكى الخاشع الراكع
غيره :
من كان في الحشر له شافع *** فشافعي المظلوم من هاشم
أخو النبي العربي الذي *** صدق في المسجد بالخاتم
أنشد :
رضيت لي شافعا من العالم *** من جاد عند الركوع بالخاتم
أنشد :
و لما علمت بما قد جنيت *** و أشفقت من سخط العالم
نقشت شفيعي على خاتمي *** إماما تصدق بالخاتم
أنشد :
يا ذا المعارج إن قصرت في عملي *** و غرني في زماني كثيرة الأمل
فشافعي أحمد و أبناء ابنته *** إليك ثم أمير المؤمنين علي
أنشد :
برحمة الله أرجو الصفح عن زللي *** بعفوه لا بما قدمت من عملي
و من يكن لي شفيعا في المعاد سوى *** محمد و أمير المؤمنين علي
أنشد :
إلهي قد سترت علي ذنبي *** فأكرمني بعفوك في القيامة
فما لي شافع إلا نبيي *** و ديني و اعتقادي بالإمامة
و أنشد :
إذا أنا لم أهو النبي و آله *** فمن غيرهم لي في القيامة يشفع
[167]
فلا دين إلا حب آل محمد *** و لا شيء منهم في القيامة أنفع
أنشد :
إن كان قد عظمت ذنوبي كثرة *** لا بأس لي إني مجد طامع
و الله جل جلاله لي راحم *** و رسوله صلى عليه شافع
أنشد :
أهل الكتاب محبتي إياهم *** و العدل و التوحيد دين جامع
و إذا تكاملت الديانة لامرئ *** لا شك في جنات عدن رافع
أنشد :
أنا بالنبي محمد و بآله *** لتفضل الملك المهيمن راج
يوم القيامة و القلوب خوافق *** و الخلق قد وقفوا على منهاج
و له :
أعطاكم الله ما لم يعطه أحدا *** حتى دعيتم لعظم الفضل أربابا
أشباحكم كن في بدو الظلال له *** دون البرية خداما و حجابا
و أنتم الكلمات اللاي لقنها *** جبرئيل آدم عند الذنب إذ نابا
و أنتم قبلة الدين التي جعلت *** للقاصدين إلى الرحمن محرابا
و له :
فجدكم أحمد المصطفى *** و والدكم حيدر الأنزع
و لاحت لآدم أسماؤكم *** على العرش زاهرة تلمع
زرعت هواكم بأرض النجاة *** لأحصد في البعث ما أزرع
و له أيضا :
و لاحت الأسماء على العرش له *** ثم بها لما عصى الله دعا
فتاب ذو العرش عليه بهم *** من بعد ما عيره بما عصى
الناشئ :
هم الكلمات و الأسماء لاحت *** لآدم حين عز له المتاب
[168]
بعض شعراء الموصل :
و بهم آدم توسل لما ضل *** عن رشده عن التضليل
إذ تلقى من ربه كلمات *** آدم فاستخصه بالقبول
و أنارت بروح شيث و نوح *** ثم أفضت إلى النبي الخليل
و جرت في محل كل زكي و *** رضي من نسل إسماعيل
ثم صارت محمدا و عليا و *** هما في الفخار أصل الأصول
أرسل الله أحمد من لدنه *** رحمة بالكتاب و التنزيل
و علي أخصه الله بالعلم *** و فصل الخطاب و التأويل
فصل في القرابة :
محمد بن المفضل عن موسى بن جعفر (عليه السلام) في قوله تعالى : الَّذِينَ يَصِلُونَ ما أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ هي رحم آل محمد (عليه السلام) .
المرزباني بإسناده عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس في قوله تعالى : وَ اتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسائَلُونَ بِهِ وَ الْأَرْحامَ نزلت في رسوله و أهل بيته (عليه السلام) و ذوي أرحامه و ذلك أن كل سبب و نسب منقطع يوم القيامة إلا ما كان من سببه و نسبه .
زيد بن علي (عليه السلام) في قوله : وَ أُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ قال ذلك علي بن أبي طالب كان مهاجرا ذا رحم .
تفسير جابر بن يزيد عن الإمام (عليه السلام) : أثبت الله بهذه الآية ولاية علي بن أبي طالب لأن عليا كان أولى برسول الله من غيره لأنه كان أخوه في الدنيا و الآخرة لأنه حاز ميراثه و سلاحه و متاعه و بغلته الشهباء و جميع ما ترك و ورث كتابه من بعده قال الله تعالى ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنا مِنْ عِبادِنا و هو القرآن كله نزل على رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) .
و كان يعلم الناس من بعد النبي و لم يعلمه أحد , و كان يسئل و لا يسأل أحدا عن شيء من دين الله , و إن الله اصطفى كنانة من ولد إسماعيل , و اصطفى قريشا من كنانة , و اصطفى هاشما من قريش .
و لم يكن للمشايخ في الذي هو صفوة الصفوة نصيب .
ثم إنه هاشمي من هاشميين و لم يكن في زمانه غيره و غير أخويه و غير ابنيه ; أبوه أبو طالب بن عبد المطلب بن هاشم ; أمه فاطمة بنت أسد بن هاشم .
و في حديث : أنه اختلف
[169]
أمه برسول الله إلى معد بن عدنان من ثلاث و عشرين قرابة تتصل برسول الله من جهة الأمهات , و لا أحد يشارك في ذلك .
و النبي ابن عمه من وجهين : من عبد الله , و من أبي طالب , و من اتصال أمه برسول الله تلك الجهات في الأمهات .
و صار علي ابنه من وجهين : أولهما أنه رباه , حتى قالت فاطمة بنت أسد كنت مريضة فكان محمد يمص عليا لسانه في فيه فيرضع بإذن الله .
و الثاني أن ختن الرجل ابنه , و لهذا يهنئ الرجل إذا ولدت له بنت فيقال هناك الختن .
بيت :
صهر النبي و صنوه و ربيبه *** و أخوه عند تعذر الإخوان
ثم ابناه , ابنا رسول الله حكما و شرعا .
لقوله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) أنا أبوهما أعقل عنهما .
و لهذا كان علي يقول في محمد بن الحنفية ابني , و يقول فيهما ابنا رسول الله .
و في خبر : فقيل له الحسن و الحسين أبناء من رسول الله في هذه النسبة .
و في رواية : إن رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ادعى فيكما و إذا قال أبناء رسول الله و أنا لا أنازع في شيء ادعى النبي أستحيي أن أدعي فيه خصة ربي فصيره لبني بنت النبي أبا ; فهو (عليه السلام) سيد النبيين , و صهره سيد الوصيين , و زوجته سيدة نساء العالمين , و ابناه سيدا شباب أهل الجنة , و عمه حمزة سيد الشهداء , و أخوه جعفر إنسي ملكي سيد الطيور في الجنة يطير مع الملائكة , و أبوه سيد العرب حامي رسول الله و رئيس مكة , جده و جد أبيه هاشم سيد العرب , و صهرته أم المؤمنين و أول من أسلمت و صلت و أنفقت , و منها نسل النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) , و أمه فاطمة بنت أسد أول هاشمية من هاشميين .
نهج البلاغة : و قال قائل إنك يا ابن أبي طالب على هذا الأمر لحريص .
فقلت : بل أنتم و الله أحرص , و أبعد , و أنا أخص و أقرب , و إنما طلبت حقا لي , و أنتم تحولون بيني و بينه , و تضربون وجهي دونه , فلما قرعته بالحجة في الملاء الحاضرين , بهت لا يدري ما يجيبني .
العزة عن الجاحظ : أربعة رأوا رسول الله في نسق عبد المطلب و أبو طالب و علي و الحسن .
[170]
و روى الثقات عن النبي أنه قال : يا علي لك أشياء ليست لي منها إن لك زوجة مثل فاطمة و ليس لي مثلها و لك ولدين من صلبك و ليس لي مثلهما من صلبي و لك مثل خديجة أم أهلك و ليس لي مثلها حماة و لك صهر مثلي و ليس لي صهر مثلي و لك أخ في النسب مثل جعفر و ليس لي مثله في النسب و لك أم مثل فاطمة بنت أسد الهاشمية المهاجرة و ليس لي مثلها .
سلمان و أبو ذر و المقداد : إن رجلا فاخر علي بن أبي طالب .
فقال النبي : فاخر العرب , فأنت أكرمهم ابن عم , و أكرمهم نفسا , و أكرمهم زوجة , و أكرمهم ولدا , و أكرمهم أخا , و أكرمهم عما , و أعظمهم حلما , و أكثرهم علما , و أقدمهم سلما , و في خبر : و أشجعهم قلبا , و أسخاهم كفا , و في خبر آخر : أنت أفضل أمتي فضلا .
أبو الحسن المدائني : إنه كتب معاوية إليه يا أبا الحسن إن لي فضائل كثيرة , كان أبي سيدا في الجاهلية و صرت ملكا في الإسلام , و أنا صهر رسول الله , و خال المؤمنين , و كاتب الوحي .
فلما قرأ أمير المؤمنين الكتاب ; قال أ بالفضائل يفخر علينا ابن آكلة الأكباد ? يا غلام اكتب إليه , و أملى عليه :
محمد النبي أخي و صهري *** و حمزة سيد الشهداء عمي
و جعفر الذي يضحى و يمسي *** يطير مع الملائكة ابن أمي
و بنت محمد سكني و عرسي *** مشوب لحمها بدمي و لحمي
و سبطا أحمد ولداي منها *** فمن منكم له سهم كسهمي
سبقتكم إلى الإسلام طرا *** غلاما ما بلغت أوان حلمي
أنا البطل الذي لن تنكروه *** ليوم كريهة و ليوم سلم
و أوجب لي ولايته عليكم *** رسول الله يوم غدير خم
و أوصى بي لأمته لحكمي *** فهل فيكم له قدم كقدمي
فويل ثم ويل ثم ويل *** لجاحد طاعتي من غير جرمي
فلما قرأ معاوية الكتاب .
قال : مزقه يا غلام , لا يقرأه أهل الشام فيميلون معه نحو ابن أبي طالب .
و تذاكروا الفخر عند عمر فأنشأ (عليه السلام) :
الله أكرمنا بنصر نبيه *** و بنا أقام دعائم الإسلام
[171]
و بنا أعز نبيه و كتابه *** و أعزنا بالنصر و الإقدام
و بكل معترك تطير سيوفنا *** منه الجماجم عن فراخ الهام
و يزورنا جبريل في أبياتنا *** بفرائض الإسلام و الأحكام
فتكون أول مستحل حله و *** محرم لله كل حرام
نحن الخيار من البرية كلها *** و نظامها و زمام كل زمام
خطيب خوارزم :
هل فيهم من له زوج كفاطمة قل لا *** و إن مات غيظا كل ذي إحن
هل فيهم من له من ولده ولد *** مثل الحسين شهيد الطف و الحسن
هل فيهم من له عم يوازره *** كمثل حمزة في أعمام ذي الزمن
هل فيهم من له صنو يكانفه *** كجعفر ذي المعالي الباسق الفطن
و ليس في العقل و الشرع تبعيد القريب و تقريب البعيد إلا للكفر و للفسق .
غيره :
أخذتم عن القربى خلافة أحمد *** و صيرتموها بعده في الأجانب
و أين على التحقيق تيم بن مرة *** لو اخترتم الإنصاف من آل طالب
غيره :
و قدمتم تيما برأيكم *** و لهاشم الإبرام و النقض
أ كاهلة الأصحاب عندكم *** فإذا النوافل مثلها الفرض
فصل في آثار حمله و كيفية ولادته :
خطب أبو طالب في نكاح فاطمة بنت أسد : الحمد لله رب العالمين , رب العرش العظيم و المقام الكريم و المشعر و الحطيم , الذي اصطفانا أعلاما و سدنة و عرفاء و خلصاء و حجته بهاليل , أطهار من الخنى و الريب و الأذى و العيب , و أقام لنا المشاعر , و فضلنا على العشائر , نخب آل إبراهيم و صفوته , و زرع إسماعيل . ...في كلام له .
ثم قال : و قد تزوجت بنت أسد , و سقت المهر و نفذت الأمر , فاسألوه و اشهدوا .
[172]
فقال أسد : زوجناك , و رضينا بك .
ثم أطعم الناس .
فقال أمية بن الصلت :
أغمرنا عرس أبي طالب *** و كان عرسا لبن الحالب
أقراؤه البدو بأقطاره *** من راجل خف و من راكب
فنازلوه سبعة أحصيت *** أيامها للرجل الحاسب
شيخ السنة القاضي أبو عمرو عثمان بن أحمد في خبر طويل : إن فاطمة بنت أسد رأت النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) يأكل تمرا له رائحة تزداد على كل الأطايب من المسك و العنبر من نخلة لا شماريخ لها .
فقالت : ناولني أنل منها .
قال (عليه السلام) : لا تصلح إلا أن تشهدي معي أن لا إله إلا الله و أني محمد رسول الله .
فشهدت الشهادتين , فناولها , فأكلت فازدادت رغبتها و طلبت أخرى لأبي طالب فعاهدها أن لا تعطيه إلا بعد الشهادتين .
فلما جن عليها الليل أشتم أبو طالب نسما ما أشتم مثله قط فأظهرت ما معها , فالتمسه منها .
فأبت عليه إلا أن يشهد الشهادتين .
فلم يملك نفسه أن شهد الشهادتين , غير أنه سألها أن تكتم عليه لئلا تعيره قريش .
فعاهدته على ذلك فأعطته ما معها , و آوى إلى زوجته فعلقت بعلي في تلك الليلة .
و لما حملت بعلي ازداد حسنها , فكان يتكلم في بطنها . فكانت في الكعبة فتكلم علي مع جعفر فغشي عليه , فألقيت الأصنام خرت على وجوهها , فمسحت على بطنها , و قالت : يا قرة العين ; سجدتك الأصنام داخلا فكيف شأنك خارجا ?
و ذكرت لأبي طالب ذلك .
فقال : هو الذي قال لي أسد في طريق الطائف .
الشاعر :
و قد روى عن أمه فاطمة *** ذات التقى و الفضل من بين النساء
بأنها كانت ترى أصنامهم *** نصبا على الكعبة أو بين الصفا
فربما رامت سجودا كالذي *** كانت مرارا من قريش قد ترى
و هي به حاملة فيغتدى *** منتصبا يمنعها مما تشأ
عن بريد بن قعنب و جابر الأنصاري إنه : كان راهب يقال له المثرم بن دعيب قد عبد الله مائة و تسعين سنة و لم يسأله حاجة , فسأل ربه أن يريه وليا له .
فبعث الله بأبي طالب إليه , فسأله عن مكانه و قبيلته فلما أجابه , وثب إليه و قبل رأسه و قال الحمد لله
[173]
الذي لم يمتني حتى أراني وليه .
ثم قال أبشر يا هذا , إن الله ألهمني أن ولدا يخرج من صلبك هو ولي الله اسمه علي فإن أدركته فاقرأه مني السلام .