back page fehrest page next page

أ تقولون مات محمد ; فخطب لعمري جليل استوسع وهيه و استهتر و أظلمت لديكم و الله الأرض و تكدرت الصفوة و أحليت القرحة و تقرحت السلعة و الثابت خيرة الله و خشعت الجبال و أكدت الآمال و ضيع الحريم و أديلت المحرمة

[207]

هي و الله النازلة الكبرى و المصيبة العظمى لا مثلها نازلة و لا بائقة عاجلة أعلن بها كتاب الله في أفنيتكم ممساكم و مصحبكم هتافا و صراخا و تلاوة و إلحابا ; و لقبله ما حل أنبياء الله و رسله حكم فصل و قضاء حتم وَ ما مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ إلى قوله الشَّاكِرِينَ .

أ بني قيلة :? أهضم تراث أبي و أنتم بمرأى مني و مسمع ? تمسكم الدعوة و يشملكم الخبر ; و فيكم العدة و العدد و بكم الدار و الجنن , تقرع صيحتي آذانكم فلا تجيبون و تسمعون صرختي فلا تغيثون , و أنتم نخبة الله التي انتخب و خيرته التي انتحل لنا أهل البيت , فنابذتم العرب و ناجزتم البهم و كافحتم الأمم لا نبرح و تبرحون نأمركم فتأتمرون ; حتى دارت لنا بكم رحى الإسلام و در حلب البلاد و هدأت دعوة الهرج و سكنت فورة الشر و طفئت جمرة الكفر و قر نقار الحق و استوسق نظام الدين , فإن حرتم بعد القصد و نكصتم بعد الإقدام أَ لا تُقاتِلُونَ قَوْماً نَكَثُوا أَيْمانَهُمْ إلى قوله مُؤْمِنِينَ .

ألا و الله لقد أخلدتم إلى الخفض و كلفتم بالدعة , فمحجتم بالذي وعيتم ف إِنْ تَكْفُرُوا أَنْتُمْ وَ مَنْ فِي الْأَرْضِ الآية , ألا و قد قلت الذي قلت عن عرفة مني بالخذلة التي خامرتم , و لكنها فيضة للنفس و هيضة للعظم و كظة الصدر و نفثة الغيظ و خور القبا و معذرة الحجة ; فدونكموها فاحتقبوها دبرة الظهر نقبة الخف

[208]

باقية العار موسومة الشنار موصولة بنار الله الموقدة التي تطلع على الأفئدة . و الحاكم الواحد الأحد .

و من كلام لها (عليها السلام) : تشربون حسوا في ارتقاء , و تمشون لأهله و ولده في الخمر و الضراء , نصبر منكم على مثل حز المدى و حفر السنان في الحشا .

و لما انصرفت من عند أبي بكر , أقبلت على أمير المؤمنين (عليه السلام) , فقالت له :

يا ابن أبي طالب : اشتملت شملة الجنين , و قعدت حجرة الظنين , نقضت قادمة الأجدل فخانتك ريش الأعزل , هذا ابن أبي قحافة قد ابتزني نخيلة أبي و بليغة ابني , و الله لقد أجهد في ظلامتي و ألد في خصامي ; حتى منعتني القيلة نصرها و المهاجرة وصلها و غضت الجماعة دوني طرفها فلا مانع و لا دافع , خرجت و الله كاظمة و عدت راغمة و لا خيار لي , ليتني مت قبل ذلتي , و توفيت دون منيتي ; عذيري و الله فيك حاميا و منك داعيا , ويلاه في كل شارق , ويلاه مات العمد و وهن العضد , شكواي إلى ربي و عدواي إلى أبي , اللهم أنت أشد قوة .

فأجابها أمير المؤمنين : لا ويل لك بل الويل لشانئك , نهنهي عن وجدك يا بنت الصفوة و بقية النبوة , فو الله , و ما ونيت في ديني , و لا أخطأت مقدوري , فإن كنت تريدين البلغة فرزقك مضمون و كفيلك مأمون , و ما أعد لك خير مما قطع عنك , فاحتسبي .

فقالت : حسبي الله و نعم الوكيل .

و لها (عليها السلام) ترثي أباها :

قد كان بعدك أنباء و هنبثة *** لو كنت حاضرها لم تكثر الخطب

[209]

إنا فقدناك فقد الأرض وابلها *** فاختل قومك فاشهدهم فقد نكبوا

أبدت رجال لنا فحوى صدورهم *** لما فقدت و كل الإرث قد غصبوا

و كل قوم لهم قربى و منزلة *** عند الإله و للأدنين مقترب

‏تجهمتنا رجال و استخف بنا *** جهرا و قد أدركونا بالذي طلبوا

سيعلم المتولي ظلم خاصتنا *** يوم القيامة عنا كيف ينقلب

فصل في مصائب أهل البيت (عليه السلام) :

عثمان بن أبان قال سألت الصادق (عليه السلام) عن قوله تعالى : الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجالِ وَ النِّساءِ وَ الْوِلْدانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنا أَخْرِجْنا مِنْ هذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُها الآية , قال نحن ذلك .

عبدوس الهمداني و ابن فورك الأصفهاني و ابن شيرويه الديلمي عن أبي سعيد الخدري قال : ذكر رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) لعلي ما يلقى بعده .

قال : فبكى علي ; و قال أسألك بحق قرابتي و صحبتي إلا دعوت الله أن يقبضني إليه .

قال : يا علي تسألني أن أدعو الله لأجل مؤجل ... الخبر .

و ذهب كثير من أصحابنا إلى أن الأئمة خرجوا من الدنيا على الشهادة و استدلوا : بقول الصادق (عليه السلام) : و الله ما منا إلا مقتول شهيد .

أمير المؤمنين (عليه السلام) قال : بينا أنا و فاطمة و الحسن و الحسين عند رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) إذ التفت إلي فبكى .

فقلت , ما يبكيك يا رسول الله ?

قال : أبكي من ضربتك على القرن , و لطم فاطمة خدها , و طعن الحسن في فخذه و السم الذي يسقاه , و قتل الحسين .

رأى أمير المؤمنين في المنام قائلا يقول :

إذا ذكر القلب رهط النبي *** و سبي النساء و هتك الستر

و ذبح الصبي و قتل الوصي *** و قتل الشبير و سم الشبر

ترقرق في العين ماء الفؤاد *** و تجري على الخد منه الدرر

فيا قلب صبرا على حزنهم *** فعند البلايا تكون العبر

و كان عبيد الله بن عبد الله بن طاهر كثيرا ما يقول :

تعز فكم لك من أسوة *** تسكن عنك غليل الحزن

[210]

بموت النبي و خذل الوصي *** و ذبح الحسين و سم الحسن

‏و جر الوصي و غصب التراث *** و أخذ الحقوق و كشف الإحن

‏و هدم المنار و بيت الإله *** و حرق الكتاب و ترك السنن

و له :

إذا ما المرء لم يعط مناه *** و أضناه التفكر و النحول

‏ففي آل الرسول له عزاء *** و ما لاقته فاطمة البتول

و أجمع الفقهاء أن النبي (عليه السلام) كان يقسم الخمس من الغنائم في بني هاشم .

و أورد الشافعي عن أبي حنيفة بإسناده عن عبد الله بن أبي ليلى أن : في عهد عمر أتي بمال كثير من فارس و شوش و الأهواز .

فقال : يا بني هاشم لو أقرضتموني حقكم من هذه الغنائم لأعوض عليكم مرة أخرى .

فقال علي : يجوز .

فقال العباس : أخاف فوت حقنا .

فكان كما قال , مات عمر و ما رد عليهم , و فات حقهم .

و سئل الباقر (عليه السلام) عن الخمس فقال : الخمس لنا فمنعنا فصبرنا .

و كان عمر بن عبد العزيز رده إلى محمد الباقر (عليه السلام) , و رده أيضا المأمون فمن حرمت عليه الصدقة و فرضت له الكرامة و المحبة , يتكففون صبرا , و يهلكون فقرا ; يرهن أحدهم سيفه , و يبيع آخر ثوبه , و ينظر إلى فيئه بعين مريضة , و يتشدد على دهره بنفس ضعيفة , ليس له ذنب إلا أن جده النبي , و أباه الوصي .

الرضي :

رمونا كما ترمي الظماء عن الروي *** و ذا دوننا عن إرث جد و والد

بنا لهم الماضون أساس هذه *** فعلوا على بنيان تلك القواعد

دعبل :

أرى فيئهم في غيرهم متقسما *** و أيديهم من فيئهم صفرات

أبو فراس :

الحق مهتضم و الدين مخترم *** و في‏ء آل رسول الله مقتسم

[211]

الصاحب :

أيا أمة أعمى الضلال عيونها *** و أخطأها نهج من الرشد لاحب

‏أ أسلافكم أودوا بآل محمد *** حروبا سيدري كيف منها العواقب

‏و أنتم على آثارهم و اختيارهم *** تميتونهم جوعا فهذي المصائب

‏دعوا حقهم ما يبتغون جداكم *** و خلوا لهم من فيئهم لا يساغبوا

ألا ساء ذا عارا على الدين ظاهرا*** يسير إليه الأجنبي المحارب

‏إذا كانت الدنيا لآل محمد *** و أولاده غرثى يليها المحازب

و من كثرة الظلم : دفن الإمام (عليه السلام) فاطمة (عليه السلام) ليلا .

و أوصى بدفن نفسه سرا .

و لقد هدم سعيد بن العاص دار علي و الحسن و عقيل (عليهم السلام) من قبل يزيد .

و هدم عبد الملك بن مروان بيت علي (عليه السلام) الذي كان في مسجد المدينة .

و أمر المتوكل بتحرير قبر الحسين (عليه السلام) و أصحابه و كرب موضعها و إجراء الماء عليها و قتل زوارها , و سلط قوما من اليهود حتى تولوا ذلك إلى أن قتل المتوكل , فأحسن المنتصر سيرته و أعاد التربة في أيامه .

و المعتز حرق المشهد بمقابر قريش على ساكنه السلام .

و كان الصادق يتمثل :

لآل المصطفى في كل عام *** تجدد بالأذى زفر جديد

الحميري :

توفي النبي عليه السلام *** فلما تغيب في الملحد

أزالوا الوصية عن أقربيه *** إلى الأبعد الأبعد الأبعد

و كادوا مواليه من بعده *** فيا عين جودي و لا تجمدي

‏و أولاد بنت رسول الإله *** يضامون فيها و لم تكمد

فهم بين قتلي و مستضعف *** و منعفر في الثرى مفصد

الزاهي :

أين بنو المصطفى الذين على *** الخلق جميعا هواهم فرضا

[212]

أين المصابيح للظلام و من علي *** في الذر حبهم فرضا

أين النجار التي محضت لها *** و حق مثلي لودها محضا

أين بنو الصوم و الصلاة و من *** إبرامهم في الإله ما انتقضا

أين الجبال التي يضيق بها *** عند اتساع العلوم كل فضا

تشتتوا في الورى فأصبحت *** الأجفان قرحي بدمعها فضضا

و ذبحوا في الثرى على ظمإ *** فانحط عز العزاء و انخفضا

الرضي :

ضربوا بسيف محمد أولاده *** ضرب الغرائب عدن بعد ديارها

و له :

طبعنا لهم سيفا فكنا لحده *** ضرائب عن أيمانهم و السواعد

ألا ليس فعل الأولين و إن علا *** على قبح فعل الآخرين تزايد

محمد بن شارستان :

بمحمد سلوا سيوف محمد *** ضربوا بها هامات آل محمد

فكان آل محمد أعداؤه *** و كأنما الأعداء آل محمد

الصوري :

يا بني الزهراء ما ذا أكلت *** فيكم الأيام من عيب و ذم

‏و عجيبا إن حقا بكم *** قام في الناس و فيكم لم يقم

‏ثم صارت سنة جارية *** كل من أمكنه الظلم ظلم

دعبل :

وثب الزمان بكم *** فشتت منكم ما ألفا

و لو أن أيديكم تمد *** إلى الإناء لما انكفأ

و له :

لا أضحك الله سن الدهر إن ضحكت *** و آل أحمد مظلومون قد قهروا

[213]

مشردون نفوا عن عقر دارهم *** كأنهم قد جنوا ما ليس يغتفر

كثير :

طبت بيتا و طاب أهلك أهلا *** أهل بيت النبي و الإسلام

‏يأمن الطير و الوحوش و لا *** يأمن آل النبي عند المقام

العنبري :

و إذا رأى في العالمين مصيبة *** ضربت بآل محمد أمثالها

الحميري :

أ ليس عجيبا أن آل محمد *** قتيل و باق هائم و أسير

تنام الحمام الورق عند هجوعها *** و نومهم عند الرقاد زفير

العلوي البصري :

أهل النبي الذي لو لا هدايتهم *** لم يهد خلق إلى فرض و لا سنن

‏مشتتين حيارى لا نصير لهم *** مشردين عن الأهلين و الوطن

‏في كل يوم أرى في وسط دارهم *** بالسلة البيض و الهندية اللدن

‏هذا بأن رسول الله جدهم *** أوصى بحفظهم في السر و العلن

‏جاءوا بقتل علي وسط قبلته *** ظلما و ثنوا بسم لابنه الحسن

‏و أشهروا ويلهم رأس الحسين على *** رمح يطاف به في سائر المدن

الجوهري الجرجاني :

آل الرسول عباديد السيوف فمن *** هاو على وجهه خوفا و مسجون

‏و نافر ببلاد الهند مطرح *** و لائذ بيمان أو ببيغون

محمد الموسوي :

ما ذا تقولين في يوم الحساب غدا *** لجده خير هاد حين يلقاك

[214]

بقتل أبنائه من بعده سفها *** و سبي عترته الأبرار وصاك

‏ستعلمون غدا يا أمة تبعت *** فعل المضلين جهلا سوء مثواك

غيره :

و من قبل موت المصطفى كان صحبة *** إذا قال قولا صدقوه و حققوا

فلما قضا خانوه في أهل بيته *** و شمل بنيه بالأسنة فرقوا

الزاهي :

يا آل أحمد ما ذا كان جرمكم *** فكل أرواحكم بالسيف تنتزع

‏تلقى جموعكم شتى مفرقة بين *** العباد و شمل الناس مجتمع

‏و تستباحون أقمارا منكسة تهوى *** و ارؤسها بالمر تنتزع

‏ما للحوادث لا تجري بظالمكم *** ما للمصائب عنكم ليس ترتدع‏

منكم طريد و مقتول على ظمإ *** و منكم دنف بالسم منصرع

‏و هارب في أقاصي الغرب مغترب *** و دارع بدم اللبات مندرع

‏و مقصد من جدار ظل منكدرا *** و آخر تحت ردم فوقه بقع

‏و من محرق جسم لا يزار له *** قبر و لا مشهد يأتيه مرتدع

و له :

بنو المصطفى يفنون بالسيف عنوة *** و يسلمني طيف الهجوع فاهجع‏

ظلمتم و ذبحتم و قسم فيئكم *** و جار عليكم من لكم كان يخضع‏

فما بقعة في الأرض شرقا و مغربا *** و إلا لكم فيه قتيل و مصرع

منصور الفقيه :

تذكر فديتك عند الخطوب *** منال قريش إلى المصطفى

‏و ما نال في موتة جعفرا *** و في أحد حمزة المرتضى

‏و نال البتول بموت الرسول *** و نال عليا إمام الهدى

[215]

و نال حسينا و من قبله *** أخاه و مسلما المجتبى

‏و ما نال موسى و الباقرين *** و نال علي بن موسى الرضا

و من مات فيهم خفي المكان *** بعيد المحل حذير العدى

‏ليسهل كل عسير عليك *** و يحلو بقلبك مر القضاء

لأنكم من بني آدم *** و حال بني آدم ما ترى

ابن الرومي :

بني أحمد لا يبرح المرء منكم *** يتل على حر الجبين فيبعج

‏كذاك بني العباس يصبر مثلكم *** و يصبر للسيف الكمي المدجج

‏أ كل أوان للنبي محمد *** قتيل زكي بالدماء مضرج

ابن حماد :

كفاك بخير الخلق آل محمد *** أصابهم سهم أصاب فأوجعا

وقفت على أبياتهم فرأيتها *** بياتا خرابا قفرة الجو بلقعا

و له :

بأي أرض شئت أو بلدة *** لم تر فيها لهم مأتما

حين تولى منهم هارب *** لم ير إلا طالبا هاضما

و له :

سنوا القتال عليهم *** و الغصب و التشريد و العدوانا

حتى استحل حريمهم و دماؤهم *** فكأنما كانت لهم قربانا

و تغلغلوا في قتلهم حتى بنوا *** جهرا على أحيائهم بنيانا

و له أيضا :

يا دهر ما أنصفت آل محمد *** في سالف من أمرهم و قريب

‏في كل يوم لا تزال تخصهم *** بمصائب و نوائب و خطوب

‏لم تخلهم من محنة و فجيعة *** ما بين مهتضم و فقد حبيب

[216]

ما بين مقتول و مأسور جرى *** عمدا إلى من سم في مشروب

‏و مجدل ظام و منكوس على *** أعواد جذع بالكناس صليب

‏و لقد وقفت بكربلاء فهيجت *** تلك المواقف لوعتي و كروبي

و له أيضا :

على من أبكي من بني بنت أحمد *** على من سقى كأس المنية في السم

‏أم المفرد العطشان في طف كربلاء *** تسقي المنايا بالمهندة الحذم

‏و أصحابه صرعى على الترب ما لهم *** من الخلق زوار سوى الطلس و العصم

و له أيضا :

يا آل بيت محمد حزني لكم *** قد قل عنه تصبري و تجلدي

‏ما للنوائب انشبت أنيابها *** فيكم فبين مهضم و مشرد

من كل ناحية عليكم نائح *** ينعاكم في مأتم متجدد

من ذا أنوح له و من أبكي *** ترى تبعاتكم يا آل بيت محمد

أ على قتيل الملجمي و قد ثوى *** متخضبا بدمائه في المسجد

أم للذي في السم أسقي عامدا *** أم للغريب النازح المتفرد

أم للعطاش مجدلين على الثرى *** من بين كهل سيد و مسود

أم للرءوس السائرات على القنا *** مثل البدور إذ أسرت في الأسعد

أم للسبايا من بنات محمد *** تسبى مهتكه كسبي الأعبد

أ لذاك أبكي أم لمصلوب على *** أعواده وسط الكناس مجرد

أبكي لمنبوش و مصلوب و محروق *** مذرى في الرياح مبدد

فصل في الاختصاص :

لقد عمي من قال إن قوله تعالى وَ أَنْفُسَنا وَ أَنْفُسَكُمْ أراد به نفسه لأن من المحال

[217]

أن يدعو الإنسان نفسه , فالمراد به من يجري مجرى أنفسنا , و لو لم يرد عليا و قد حمله مع نفسه لكان للكفار أن يقولوا : حملت من لم تشترط , و خالفت شرطك . و إنما يكون للكلام معنى أن يريد به مجرى أنفسنا .

و أما شبهة الواحدي في الوسيط إن أحمد بن حنبل قال أراد بالأنفس ابن العم و العرب تخبر من بني العم بأنه نفس ابن عمه و قال الله تعالى وَ لا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ أراد إخوانكم من المؤمنين ضعيفة .

لأنه لا يحمل على المجاز إلا لضرورة . و إن سلمنا ذلك , فإنه كان للنبي بنو الأعمام فما اختار منهم إلا عليا لخصوصية فيه دون غيره . و قد كان أصحاب العباء نفس واحدة و قد بين بكلمات أخر .

قال ابن سيرين : قال النبي لعلي بن أبي طالب : أنت مني و أنا منك .

فضائل السمعاني تاريخ الخطيب و فردوس الديلمي عن البراء و ابن عباس و اللفظ لابن عباس : علي مني مثل رأسي من بدني .

و قوله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) : أنت مني كروحي من جسدي .

و قال (صلّى الله عليه وآله وسلّم) :أنت مني كالضوء من الضوء .

ابن حماد :

من الذي قال النبي له *** أنت مني مثل روحي في البدن

ديك الجن :

عضو النبي المصطفى و روحه *** و شمه و ذوقه و ريحه

و قوله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) : أنت زري من قميصي .

ابن حماد :

و سماه رب العرش في الذكر نفسه *** فحسبك هذا القول إن كنت ذا خبر

و قال لهم هذا وصيي و وارثي *** و من شد رب العالمين به أزري

‏علي كزري من قميصي إشارة *** بأن ليس يستغني القميص عن الزر

و سئل النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) عن بعض أصحابه فذكر فيه .

فقال له قائل : فعلي ?

فقال : إنما سألتني عن الناس و لم تسألني عن نفسي .

و فيه حديث بريدة و حديث براءة و حديث جبرئيل : و أنا منكما .

الجماني :

و أنزله منه النبي كنفسه *** رواية أبرار تأدت إلى بر

[218]

فمن نفسه فيكم كنفس محمد *** ألا بأبي نفس المطهر و الطهر

العوني :

و ألحقه يوم البهال بنفسه *** بأمر أتى من رافع السموات

‏فمن نفسه منكم كنفس محمد *** بنى الإفك و البهتان و الفجرات

ابن حماد :

و قال ما قد رويتم ثم ألحقه *** بنفسه عند تأليف يؤلفه

‏و نفس سيدنا أولى النفوس بنا *** حقا على باطل النصاب يقذفه

و له :

الله سماه نفس أحمد في *** القرآن يوم البهال إذ ندبا

فكيف شبهه بطائفة شبهها *** ذو المعارج الخشبا

السوسي :

من نفسه من نفسه و جنسه من جنسه *** و عرسه من عرسه فهل له معادل

البخاري : قال النبي (عليه السلام) لعلي : أنت مني و أنا منك .

فردوس الديلمي عن عمران بن الحصين قال النبي (عليه السلام) : علي مني و هو ولي كل مؤمن بعدي و قد روي نحوه عن ابن ميمون عن ابن عباس .

عبد الله بن شداد : إن النبي قال لوفد : لتقيمن الصلاة و تؤتن الزكاة أو لأبعثن عليكم رجلا كنفسي .

أبان رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ولايته و أنه ولي الأمة من بعده .

كتاب الحدائق بالإسناد عن أنس قال : كان النبي (عليه السلام) إذا أراد أن يشهر عليا في موطن أو مشهد علا على راحلته و أمر الناس أن ينخفضوا دونه .

و في شرف المصطفى إنه : كان للنبي (عليه السلام) عمامة يعتم بها يقال لها السحاب و كان يلبسها , فكساها بعد علي بن أبي طالب فكان ربما اطلع علي فيها , فيقول : أتاكم علي في السحاب .

[219]

الباقر (عليه السلام) : خرج رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ذات يوم و هو راكب و خرج علي و هو يمشي فقال النبي (عليه السلام) إما أن تركب و إما تنصرف ثم ذكر مناقبه .

أبو رافع : إن رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) كان إذا جلس ثم أراد أن يقوم لا يأخذ بيده غير علي و إن أصحاب النبي كانوا يعرفون ذلك له فلا يأخذ بيد رسول الله غيره .

الجماني في حديثه : كان النبي إذا جلس اتكأ على علي .

سر الأدب عن أبي منصور الثعالبي : إنه عوذ عليا حين ركب و صفن ثيابه في سرجه .

و روى : أنه سافر (صلّى الله عليه وآله وسلّم) و معه علي (عليه السلام) و عائشة فكان النبي ينام بينهما في لحاف .

حلية الأولياء و مسند أبي يعلى و عبد الرحمن بن أبي ليلى عن علي (عليه السلام) قال : أتانا رسول الله حتى وضع رجله بيني و بين فاطمة .

أنساب الأشراف قال رجل لابن عمر حدثني عن علي بن أبي طالب قال : تريد أن تعلم ما كانت منزلته من رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) فانظر إلى بيته من بيوت رسول الله .

البخاري و أبو بكر بن مردويه قال ابن عمر : هو ذاك بيته أوسط بيوت النبي .

خصائص النطنزي قال ابن عمر سأل رجل عمر بن الخطاب عن علي فقال : هذا منزل رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) و هذا منزل علي بن أبي طالب و هذا المنزل فيه صاحبه .

و كان النبي (عليه السلام) إذا عطس , قال علي : رفع الله ذكرك يا رسول الله .

فقال النبي : أعلى الله كعبك يا علي .

و كان النبي إذا غضب لم يجز أحد أن يكلمه غير علي و أتاه يوما فوجده نائما فما أيقظه .

خطيب منيح :

و زار البرة الزهراء يوما *** رسول الله خير الزائرينا

فجاءت توقظ الهادي عليا *** و كان موسدا في النائمينا

فقال لها دعيه و لا تريدي *** له الإيقاظ فيمن توقظينا

لا شك بأن النبي (عليه السلام) كان أكبر سنا و أكثر جاها من علي , فلما كان يحترمه هذا الاحترام أما إنه كان من الله تعالى , أو من قبل نفسه . و على الحالين جميعا أظهر للناس درجته

back page fehrest page next page