فقال : يا علي أقر الله عينك , ذاك جبرئيل .
العيون و المحاسن بإسناده عن أبي عبد الله العنزي قال : أنا جالس مع علي بن أبي طالب يوم الجمل إذ جاءه الناس يهتفون به يا أمير المؤمنين لقد نالنا النبل و النشاب فتنكر .
ثم جاء آخرون فذكروا مثل ذلك , و قالوا : قد جرحنا .
فقال (عليه السلام) : من يعذرني من قوم يأمرون بالقتال و لم تنزل بعد الملائكة .
فقال : أنا لجلوس إذ هبت ريح طيبة من خلفنا و الله لوجدت بردها بين كتفي من تحت الدرع و الثياب .
فضرب أمير المؤمنين درعه , ثم قام إلى القوم ; فما رأيت فتحا كان أسرع منه .
و روي عن عامر بن سعد أنه : لما جاء أبو اليسر الأنصاري بالعباس فقال و الله ما
[241]
أسرني إلا ابن أخي علي بن أبي طالب .
فقال النبي (عليه السلام) : صدق عمى ذلك ملك كريم .
فقال : قد عرفته بجلحته و حسن وجهه .
فقال النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) : إن الملائكة الذين أيدني الله بهم على صورة علي بن أبي طالب ليكون , ذلك أهيب في صدور الأعداء .
و قال أبو اليسر الأنصاري : رأيت العباس أنفا و عقيلا معهما رجل على فرس أبلق عليه ثياب بيض يقود العباس و عقيلا فدفعهما إلى علي , و قال : يا علي هذان عمك و أخوك فدونكهما , فأنت أولى بهما .
فحكى ذلك لرسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) .
فقال : ذلك جبرئيل دفعهما إليك .
فضائل العشرة : إن جنيا كان في مسجد رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) فدخل علي (عليه السلام) فغاب الجني , فلما خرج علي عاد الجني إلى مكانه .
فقال له النبي : لم غبت عند حضور علي ?
فقال ,يا رسول الله : إن عليا جرحني .
قال : و كيف ? و لم تظهر إلا في زمن سليمان ?
ثم قال : إن الله خلق ملكا على صورة علي يقاتل مع الأنبياء .
الفصول و العيون و المحاسن عن المفيد قال الصادق (عليه السلام) في حديث بدر : لقد كان يسئل الجريح من المشركين , فيقال من جرحك ?
فيقول : علي بن أبي طالب , فإذا قالها مات .
الحميري :
و قد رويتم له الأملاك ناصرة *** تكر أن كر منها ما تحففه
و كان ذا في أمارات الإمام *** و ما يزال يجمعها فيه مشرفه
العوني :
من كان جبريل في الهيجاء يسعده *** و كان يعضده ميكال إذ حملوا
غيره :
قاتل الروح مرارا *** تحت رايات علي
فضائل الصحابة عن أحمد و خصائص العلوية عن النطنزي قال الحارث : لما كانت ليلة بدر , قال النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) : من يستقي لنا من الماء ?
فأحجم الناس .
فقام علي , فاحتضن فرسه , ثم أتى بئرا بعيدة القعر مظلمة فانحدر فيها .
فأوحى الله إلى جبرئيل و ميكائيل و إسرافيل (عليهم السلام) تأهبوا لنصرة محمد (صلّى الله عليه وآله وسلّم) و حزبه .
فهبطوا من السماء
[242]
لهم لغط يذعر من يسمعه , فلما حاذوا البئر سلموا عليه من عند آخرهم , إكراما و تبجيلا .
محمد بن ثابت بإسناده عن ابن مسعود و الفلكي المفسر بإسناده عن محمد بن الحنفية قال : بعث رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) عليا في غزوة بدر أن يأتيه بالماء حين سكت أصحابه عن إيراده .
فلما أتى القليب و ملأ القربة الماء فأخرجها , جاءت ريح فهرقته .
ثم عاد إلى القليب و ملأ القربة فأخرجها فجاءت ريح فأهرقته .
و هكذا في الثالثة .
فلما كانت الرابعة ملأها فأتى بها النبي فأخبر بخبره .
فقال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) : أما الريح الأولى فجبرئيل في ألف من الملائكة سلموا عليك .
و الريح الثانية ميكائيل في ألف من الملائكة سلموا عليك .
و الريح الثالثة إسرافيل في ألف من الملائكة سلموا عليك .
و في رواية : و ما أتوك إلا ليحفظوك .
و قد رواه عبد الرحمن بن صالح بإسناده عن الليث و كان يقول : كان لعلي (عليه السلام) في ليلة واحدة , ثلاثة آلاف منقبة , و ثلاث مناقب ... ثم يروي هذا الخبر .
الحميري :
و سلم جبريل و ميكال ليلة *** عليه و حياة إسرافيل معربا
أحاطوا به في روعة جاء يستقي *** و كان على ألف بها قد تحزبا
ثلاثة آلاف ملائك سلموا *** عليه فأدناهم و حيا و رحبا
و له :
ذاك الذي سلم في ليلة *** عليه ميكال و جبريل
ميكال في ألف و جبريل في *** ألف و يعلوهم سرافيل
العوني :
بأبي من خفق المسح به *** طائرا في الجو في الليل الدجى
بأبي من هبط الجب و لم *** يخش من أهواله مع من خشي
فأتى جبريل مع ميكال مع *** عزرائيل على ما قد روي
بين أملاك صفوف هبطوا *** كيف يقضون حقوق المستقي
و له أيضا :
و عليه سلم جبرئيل و جنده *** و أخوه ميكائيل و الجندان
[243]
إذ أقبلت ريح فصدت وجهه *** و هراق نطفة شنه ريحان
الجماني :
و من سلم جبريل *** عليه ليلة الجد
جابر : كنت أماشي أمير المؤمنين (عليه السلام) على الفرات إذ خرجت موجة عظيمة حتى انستر عني , ثم انحسرت عنه , و لا رطوبة عليه, فوجمت لذلك و تعجبت , و سألته عن ذلك .
قال : و رأيت ذلك ?
قلت : نعم .
قال : إنما هو الموكل بالماء فخرج فسلم علي و اعتنقني .
الوراق :
علي الذي أهدي إلى الماء صحبه *** بحيث يلوح الدين للمتبسم
عبد الله بن عباس و حميد الطويل عن أنس قالا : صلى رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) فلما ركع أبطأ في ركوعه حتى ظننا أنه نزل عليه وحي .
فلما سلم و استند إلى المحراب , نادى : أين علي بن أبي طالب ?
و كان في آخر الصف يصلي , فأتاه , فقال : يا علي لحقت الجماعة ?
فقال : يا نبي الله عجل بلال الإقامة , فناديت الحسن بوضوء فلم أر أحدا ; فإذا أنا بهاتف يهتف يا أبا الحسن أقبل عن يمينك .
فالتفت , فإذا أنا بقدس من ذهب مغطى بمنديل أخضر معلقا , فرأيت ماء أشد بياضا من الثلج و أحلى من العسل و ألين من الزبد و أطيب ريحا من المسك ; فتوضأت و شربت و قطرت على رأسي قطرة وجدت بردها على فؤادي و مسحت وجهي بالمنديل بعد ما كان الماء يصب على يدي و ما أرى شخصا .
ثم جئت يا نبي الله و لحقت الجماعة .
فقال النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) : القدس من أقداس الجنة , و الماء من الكوثر , و القطرة من تحت العرش , و المنديل من الوسيلة , و الذي جاء به جبرئيل , و الذي ناولك المنديل ميكائيل , و ما زال جبرئيل واضعا يده على ركبتي ; يقول : يا محمد قف قليلا حتى يجيء علي فيدرك معك الجماعة .
خطيب منيح :
و من وافاه جبريل بماء *** من الفردوس فعل المكرمينا
و صب عليه إسرافيل منه *** و كان به من المتطهرينا
الناشئ :
و السطل و المنديل حين أتى به *** جبريل حسبك خدمة الأملاك
[244]
القمي :
علي شكا فوت الصلاة فجاءه *** وضوء بمنديل كما قيل معلم
ابن حماد :
أيها الناصب جهلا *** أنت عن رشدك غفل
من إليه جاء جبريل *** بمنديل و سطل
عميت عيناك قل لي *** أ على قلبك قفل
و له أيضا :
أعطيت في الفضل ما لم يعطه أحد *** كذا روى خلف منا عن السلف
كالجام و السطل و المنديل يحمله *** جبريل ما أحد فيه بمختلف
غيره :
إمامي الذي حمال ماء طهوره *** هو الروح جبريل الأمين إلى الرسل
هو الآية الكبرى هو الحجة التي *** بها احتج باريها على الخلق بالظل
غيره :
فكم له من آية معجزة *** لا يستطيع مبطل إبطالها
من قدس يهبط أو نجم هوى *** أو دعوة قاربها أو نالها
كالطائر المحنوذ أو من *** قدرة قد قيض الله له أشكالها
كالمسخ و الثعبان أو كالنار *** في الأحزاب يوما صالها و جالها
و روي : مشاهدته لجبرئيل على صورة دحية الكلبي حين سماه بتلك الأسامي .
و حين وضع رأس رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) في حجره , و قال : أنت أحق به مني .
و حين كان يملي الوحي و نعس النبي .
و حين اشترى الناقة من الأعرابي بمائة درهم و باعها من آخر بمائة و ستين .
و حين غسل النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) .
و غير ذلك . و روى نحوا منه أحمد في الفضائل .
الحميري :
و يسمع حس جبريل إذا *** ما أتى بالوحي خير الواطنينا
[245]
و قد خدمه جبريل (عليه السلام) في عدة مواضع .
روى علي بن الجعد عن شعبة عن قتادة عن ابن جبير عن ابن عباس في قوله تعالى : تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَ الرُّوحُ فِيها بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ سَلامٌ .
قال لقد صام رسول لله سبع رمضانات و صام علي بن أبي طالب معه فكان كل ليلة القدر ينزل فيها جبريل على علي (عليه السلام) فيسلم عليه من ربه .
و روي عن الباقر (عليه السلام) في خبر يذكر فيه وفاة النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) أنه : أتاهم آت لا يرونه و يسمعون كلامه فقال السلام عليكم و رحمة الله و بركاته في الله عزاء من كل مصيبة و نجاة من كل هلكة و درك لما فات كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ الآية , إن الله عز و جل اصطفاكم و فضلكم و طهركم و جعلكم أهل بيت نبيه و أودعكم حكمه و أورثكم كتابه و جعلكم تابوت علمه و عصا عزه و ضرب لكم مثلا من دونه و عصمكم من الذنوب و آمنكم من الفتنة فتعزوا بعزاء الله فإن الله عز و جل لا ينزع عنكم نعمته و لا يزيل عنكم بركته ; في كلام طويل .
فقيل للباقر (عليه السلام) : ممن كانت التعزية ?
فقال : من الله تعالى على لسان جبرئيل (عليه السلام) .
و قد روى نحوا من ذلك سفيان بن عيينة عن الصادق (عليه السلام) .
و قد احتج أمير المؤمنين (عليه السلام) يوم الشورى فقال : هل فيكم من غسل رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) غيري و جبرئيل يناجي و أجد حس يده معي .
حدث أبو عوانة عن الحسن بن علي بن عفان عن محمد بن الصلت عن مندل بن علي عن إسماعيل بن زياد عن إبراهيم بن شمر عن أبي الضحاك الأنصاري قال : كان على مقدمة النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) يوم حنين علي (عليه السلام) , فقال النبي : وددت أن عليا قال , من دخل الرجل فهو آمن .
قال : فقال علي (عليه السلام) ; من دخل الرجل فهو آمن .
قال : فضحك جبرئيل .
فقال النبي : قال أبو عوانة ; و ذكر حديثا لم أحفظه .
ثم قال : قال علي و قد بلغ من أمري ما يجيبني جبرئيل .
فقال رسول الله : نعم , و هو جبرئيل يجيبك الله تبارك و تعالى .
خلقة الملائكة على صورته , و مجيئهم إلى زيارته و نصرته , و إذنهم في مكالمته , و كونهم في خدمته , يدل على أنه أكرم خليقته بعد النبي , الملائكة جنوده , و الحاديان عبيده , كفو الملك , و كافي الخلق , إنسي ملك .
[246]
فصل في مقاماته مع الأنبياء و الأوصياء (عليه السلام) :
عباية بن ربعي الأسدي قال : دخلت على أمير المؤمنين (عليه السلام) و عنده رجل رث الهيئة و أمير المؤمنين يكلمه .
فلما قام الرجل .
قلت : يا أمير المؤمنين من هذا الذي شغلك عنا ?
قال : هذا وصي موسى (عليه السلام) .
عبد الرحمن بن كثير الهاشمي عن الصادق (عليه السلام) في خبر : إن أمير المؤمنين (عليه السلام) توضأ و أذن في صفين فانفلق الجبل عن هامة بيضاء بلحية بيضاء و وجه أبيض , فقال السلام عليك يا أمير المؤمنين و رحمة الله و بركاته , مرحبا بوصي خاتم النبيين و قائد الغر المحجلين و الأعز المأمون و الفاضل الفائز بثواب الصديقين سيد الوصيين .
فقال له : و عليك السلام يا أخي شمعون بن جمون وصي عيسى ابن مريم روح القدس , كيف حالك ?
قال : بخير , يرحمك الله أنا منتظر روح الله ينزل و لا أعلم أحدا أعظم في الله بلاء و لا أحسن غدا ثوابا و لا أرفع مكانا منك , اصبر يا أخي يا علي ما أنت فيه حتى تلقى الحبيب غدا ; فقد رأيت أصحابك , يعني الأوصياء , بالأمس لقوا ما لقوا من بني إسرائيل نشروهم بالمناشير و حملوهم على الخشب ... إلى آخر كلامه .
الأصبغ بن نباتة قال : كان أمير المؤمنين (عليه السلام) يصلي , إذ أقبل رجل عليه بردان أخضران و له عقيصتان سوداوان , أبيض اللحية فلما سلم أمير المؤمنين من صلاته , أكب على رأسه فقبله , ثم أخذ بيده فذهبا .
قال : فخرجنا نحوهما مسرعين , فسألنا عنه ?
فقال : هذا أخي الخضر , أكب علي , و قال لي : إنك في مدرة , يعني الكوفة لا يريدها جبار بسوء إلا قصمه الله , و أحذر الناس .
فخرجت معه لأشيعه لأنه أراد الظهر .
و روى خرور و سعيد بن طريف عن الأصبغ : أنه جاء ثانية فإذا ميثم يصلي إلى تلك الأسطوانة .
فقال : يا صاحب السارية ; اقرأ صاحب الدار السلام . يعني عليا , و أعلمه أني بدأت به فوجدته نائما .
جعفر بن محمد عن أبيه عن جده عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال : لما قبض رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) , جاء آت يسمعون حسه و لا يرون شخصه فقال السلام عليكم
[247]
أهل البيت و رحمة الله و بركاته , في الله عزاء من كل مصيبة , و خلف من كل هالك , و درك من كل ما فات , فبالله فثقوا , و إياه فارجوا , فإن المحروم من حرم الثواب , و السلام .
فقال علي (عليه السلام) : تدرون من هذا ?
هذا الخضر (عليه السلام) .
و روى محمد بن يحيى قال : بينا علي يطوف بالكعبة إذا رجل متعلق بالأستار و هو يقول : يا من لا يشغله سمع عن سمع , يا من لا يغلطه السائلون , يا من لا يتبرم بإلحاح الملحين , أذقني برد عفوك , و حلاوة مغفرتك .
فقال علي (عليه السلام) : يا عبد الله , دعاؤك هذا ?
قال : و قد سمعته ?
قال : نعم .
قال : فادع به في دبر كل صلاة , فو الذي نفس الخضر بيده ; لو كان عليك من الذنوب عدد نجوم السماء و قطرها , و حصباء الأرض و ترابها , لغفر لك أسرع من طرفة عين .
عبد الله بن الحسن بن الحسن عن أبيه عن جده عن أمير المؤمنين (عليه السلام) : كان في مسجد الكوفة يوما , فلما جنه الليل , أقبل رجل من باب الفيل عليه ثياب بيض , فجاء الحرس و شرطة الخميس .
فقال لهم أمير المؤمنين : ما تريدون ?
فقالوا : رأينا هذا الرجل أقبل إلينا فخشينا أن يغتالك .
فقال : كلا , انصرفوا رحمكم الله , أ تحفظوني من أهل الأرض , فمن يحفظني من أهل السماء ?
و مكث الرجل عنده مليا يسأله , فقال يا أمير المؤمنين لقد ألبست الخلافة بهاء و زينة و كمالا و لم تلبسك , و لقد افتقرت إليك أمة محمد و ما افتقرت إليها , و لقد تقدمك قوم و جلسوا مجلسك فعذابهم على الله , و إنك لزاهد في الدنيا و عظيم في السماوات و الأرض , و إن لك في الآخرة لمواقف كثيرة تقر بها عيون شيعتك , و إنك لسيد الأوصياء و أخوك سيد الأنبياء , ثم ذكر الأئمة الاثني عشر فانصرف .
و أقبل أمير المؤمنين على الحسن و الحسين (عليهما السلام) , فقال : تعرفانه ?
قالا : و من هو يا أمير المؤمنين ?
قال : هذا أخي الخضر (عليه السلام) .
و في الخبر : أن خضرا و عليا (عليه السلام) قد اجتمعا .
فقال له علي : قل كلمة حكمة .
فقال : ما أحسن تواضع الأغنياء للفقراء قربة إلى الله .
فقال أمير المؤمنين (عليه السلام) : و أحسن من ذلك ; تيه الفقراء على الأغنياء ثقة بالله .
فقال الخضر : ليكتب هذا بالذهب .
أمالي المفيد النيسابوري و تاريخ بغداد قال الفتح بن شجزف : رأى أمير المؤمنين الخضر (عليه السلام) في المنام فسأله نصيحة قال فأراني كفه فإذا فيها مكتوب بالخضرة :
[248]
قد كنت ميتا فصرت حيا *** و عن قليل تعود ميتا
فابن لدار البقاء بيتا *** و دع الدار الفناء بيتا
عبد الله بن سليمان عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال : لما أخرج علي (عليه السلام) ملببا وقف عند قبر النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) , فقال : يا ابن العم إن القوم استضعفوني و كادوا يقتلونني .
قال : فخرجت يد من قبر رسول الله يعرفون أنها يده , و صوت يعرفون أنه صوته , نحو الأول , يقول : يا هذا أ كفرت بالذي خلقك من تراب ثم من نطفة ثم من علقة ثم سواك رجلا .
عبد الله بن سليمان و زياد بن المنذر و العباس بن الحريش الراوي كلهم عن أبي جعفر (عليه السلام) و أبان بن تغلب و معاوية بن عمار و أبو سعيد المكاري كلهم عن أبي عبد الله (عليه السلام) : أن أمير المؤمنين لقي الأول , فاحتج عليه .
ثم قال : أ ترضى برسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) بيني و بينك ?
فقال : و كيف لي بذلك ?
فأخذ بيده , فأتى به مسجد قبا ; فإذا رسول الله فيه , فقضى له على الأول ... القصة .
زيارة الأنبياء و الأوصياء بعد غيبتهم أو وفاتهم تدل على جلالة قدر المزور و أنه لا نظير له في زمانه .
فصل في أحواله (عليه السلام) مع إبليس و جنوده :
علل الشرائع عن ابن بابويه سلمان في خبر أنه : مر إبليس بنفر يسبون عليا (عليه السلام) .
فقال : تبا لكم , عبدت الله في الجان اثني عشر ألف سنة , فلما أهلك الجان شكوت إلى الله الوحدة , فعرج بي إلى السماء الدنيا ; فعبدت الله فيها اثني عشر ألف سنة أخرى , في جملة الملائكة , فبينا نحن كذلك إذ مر بنا نور شعشعاني , فخروا سجدا .
فإذا بالنداء من قبل الله تعالى : ما هذا نور ملك مقرب و لا نبي مرسل هذا نور طينة علي بن أبي طالب .
جابر عن أبي جعفر (عليه السلام) قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) : يا علي ائت الوادي .
فدخل الوادي و دار فيه , فلم ير أحد . حتى إذا صار على بابه لقيه شيخ .
فقال : ما تصنع هنا ?
قال : أرسلني رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) .
قال : تعرفني ?
قال : ينبغي أن يكون أنت الملعون .
فقال : ما ترى , أصارعك ?
فصارعه , فصرعه علي (عليه السلام) .
فقال : قم عني حتى أبشرك .
فقام عنه , فقال : بم تبشرني يا ملعون ?
قال : إذا كان يوم القيامة صار الحسن عن يمين العرش و الحسين عن يسار العرش يعطون شيعتهم الجواز من النار .
فقام إليه , فقال أصارعك مرة أخرى ?
قال : نعم , فصرعه مرة أخرى أمير المؤمنين .
فقال : قم عني حتى أبشرك .
فقام عنه , قال : لما خلق الله تعالى آدم أخرج ذريته من ظهره مثل
[249]
الذر فأخذ ميثاقهم أَ لَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى فأشهدهم على أنفسهم فأخذ ميثاق محمد و ميثاقك فعرف وجهك الوجوه و روحك الأرواح فلا يقول لك أحد أحبك إلا عرفته و لا يقول لك أبغضك إلا عرفته .
قال : قم صارعني ثالثة .
قال : نعم , فصارعه فاعتنقه , ثم صارعه فصرعه أمير المؤمنين .
قال : يا علي لا تنقضني , قم عني حتى أبشرك .
قال : بلى , و أبرأ منك و ألعنك .
قال : و الله يا ابن أبي طالب ما أحد يبغضك إلا شركت أباه في رحم أمه و ولده وماله , أ ما قرأت كتاب الله وَ شارِكْهُمْ فِي الْأَمْوالِ وَ الْأَوْلادِ الآية .
تاريخ الخطيب و كتاب النطنزي بإسنادهما عن ابن جريح عن مجاهد عن ابن عباس و بإسناد الخطيب عن الأعمش عن أبي وائل عن أبي عبد الله عن علي بن أبي طالب (عليه السلام) و في إبانة الخركوشي بإسناده عن الضحاك عن ابن عباس و قد رواه القاضي أبو الحسن الأشناني عن إسحاق الأحمر و روى من أصحابنا جماعة منهم أبو جعفر بن بابويه في الامتحان و لفظ الحديث للخركوشي قال ابن عباس : كنت أنا و رسول الله و علي بن أبي طالب (عليه السلام) بفناء الكعبة إذ أقبل شخص عظيم مما يلي الركن اليماني كفيل , فتفل رسول الله , و قال لعنت .
فقال علي : ما هذا يا رسول الله ?
قال : أ و ما تعرفه , ذاك إبليس اللعين .
فوثب علي و أخذ بناصيته و خرطومه و جذبه فأزاله عن موضعه , و قال لأقتلنه يا رسول الله .
فقال رسول الله : أ ما علمت يا علي إنه قد أجل له إلى يوم الوقت المعلوم , فتركه .
فوقف إبليس , و قال : يا علي دعني أبشرك , فما لي عليك و لا على شيعتك سلطان , و الله ما يبغضك أحد إلا شاركت أباه فيه , كما هو في القرآن وَ شارِكْهُمْ فِي الْأَمْوالِ وَ الْأَوْلادِ .
فقال النبي (عليه السلام) : دعه يا علي , فتركه .
الوراق القمي :
علي أخو الكرات صارع فاعتلى *** أبا مرة الغاوي بكف مصدم
كتاب إبراهيم روى أبو سارة الشامي بإسناده و كتاب ابن فياض روى إسماعيل بن أبان بإسناده كلاهما عن أم سلمة في حديث إنه : خرج علي و معه بلال يقفوان أثر رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) حتى انتهيا إلى الجبل , فانقطع الأثر عنهما .
فبينا هما كذلك , إذ وقع لهما رجل متكئ على عصا له كسا على عاتقه كأنه راع من هذه الرعاة .
فقال علي (عليه السلام) : يا بلال اجلس حتى آتيك بالخبر , و توجه قبل الرجل حتى إذا كان قريبا منه , قال : يا عبد الله : رأيت رسول الله ?
فقال الرجل : و هل لله من رسول ?
فغضب
[250]
علي و تناول حجرا و رماه , فأصاب بين عينيه ; فصاح صيحة فإذا الأرض كلها سواد بين خيل و رجل حتى أطافوا به .
ثم أقبل علي (عليه السلام) فبينما هو كذلك , إذ أقبل طائران من قبل الجبل , فأخذ أحدهما يمنة و الآخرة يسرة ; فما زالا يضربانهم بأجنحتهما حتى ذهب ذلك السواد و رجع الطائران حتى أخذا في الجبل .
فقال للبلال : انطلق حتى نتبع هذين الطائرين .
فصعد علي الجبل و بلال , فإذا هما برسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) و قد أقبل من خلف الجبل .
فتبسم في وجه علي , فقال : يا علي ما لي أراك مذعورا ?
فقص عليه الخبر .
فقال : أ و تدري ما الطائران ?
قال : لا .
قال : ذاك جبرئيل و ميكائيل (عليهما السلام) , كانا عندي يحدثاني , فلما سمعا الصوت عرفا أنه إبليس , فأتياك يا علي ليعيناك .
الباخزري :
و كيف يرى إبليس معشار ما أرى *** و قد فتحت عينان لي و هو أعور