و في حديث أبي بكر هبة الله العلافي بإسناده إلى ابن عباس في خبر طويل إنه : اجتمع النبي و علي و جعفر عند فاطمة (عليه السلام) و هي في صلاتها .
فلما سلمت أبصرت عن يمينها رطب على طبق و على يسارها سبعة أرغفة و سبعة طيور مشويات و جام من لبن و طاس من عسل و كأس من شراب الجنة و كوز من ماء معين , فسجدت و حمدت و صلت على أبيها و قدمت الرطب .
فلما فرغوا من أكله , قدمت المائدة ; فإذا بسائل من وراء الباب : أهل بيت الكرم هل لكم في إطعام المسكين ?
فمدت فاطمة يدها إلى رغيف و وضعت , عليه طيرا و حملت بالجام و أرادت أن تدفع إلى السائل , فتبسم نبي الله في وجهها , و قال إنها محرمة على هذا السائل ; ثم نبأها بأنه إبليس , و أنه لو واسيناه لصار من أهل الجنة .
فلما فرغوا من الطعام , خرج علي من الدار و واجه إبليس و بكته و وبخه , و قال له : الحكم بيني و بينك السيف . أ لا تعلم بفناء من نزلت يا لعين ? شوشت ضيافة نور الله في أرضه ... في كلام له .
فقال النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) : وكل أمره إلى ديان يوم الدين .
فقال إبليس : يا رسول الله اشتقت إلى رؤية علي فجئت آخذ منه الحظ الأوفر و ايم الله إني من أودائه و إني لأواليه .
أبو صالح المؤذن في الأربعين بإسناده عن زينب بنت جحش : في حديث
[251]
دخول النبي (عليه السلام) على فاطمة و قوله لها هاتي ذاك الطريان و كان من موائد الجنة فإذا بسائل قال السلام عليكم أهل البيت أطعمونا مما رزقكم الله .
فرد النبي : يطعمك الله يا عبد الله .
فجاء مرة أخرى فرده .... إلى آخر الخبر .
كتاب أبي إسحاق العدل الطبري عن عمر بن علي عن أبيه أمير المؤمنين (عليه السلام) قال : دعانا رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) أنا و فاطمة و الحسن و الحسين ثم نادى بالصحفة فيها طعام كهيئة السكنجبين و كهيئة الزبيب الطائفي الكبار فأكلنا منه ; فوقف سائل على الباب .
فقال له رسول الله : اخسأ , ثم قال ارفع ما فضل , فرفعه .
فقالت فاطمة (عليها السلام) : يا رسول الله لقد رأيتك اليوم صنعت شيئا ما كنت تفعله , سأل سائل , فقلت اخسأ ' و رفعت فضل الطعام و لم أرك رفعت طعاما قط .
فقال (صلّى الله عليه وآله وسلّم) : إن الطعام كان من طعام الجنة و إن السائل كان شيطانا .
تهذيب الأحكام إنه : لما هم علي (عليه السلام) بغسل النبي سمعنا صوتا في البيت إن نبيكم طاهر مطهر فادفنوه و لا تغسلوه .
فقال علي (عليه السلام) اخسأ عدو الله , فإنه أمرني بغسله و كفنه و دفنه و ذلك سنة ; ثم قال , نادى مناد آخر غير تلك النغمة : يا علي بن أبي طالب استر عورة نبيك و لا تنزع القميص .
كافي الكليني جابر عن أبي جعفر (عليه السلام) قال : بينا أمير المؤمنين (عليه السلام) على المنبر إذ أقبل ثعبان من ناحية باب من أبواب المسجد فهم الناس أن يقتلوه فأرسل أمير المؤمنين أن كفوا فكفوا و أقبل الثعبان ينساب حتى انتهى إلى المنبر فتطاول فسلم على أمير المؤمنين فأشار أمير المؤمنين (عليه السلام) في خطبته .
ثم أقبل عليه , فقال له : من أنت ?
فقال : أنا عمير بن عثمان ابن خليفتك على الجن , و إن أبي مات و أوصاني أن آتيك و أستطلع رأيك فقد أتيتك فما تأمرني به و ما ترى ?
فقال له أمير المؤمنين (عليه السلام) : أوصيك بتقوى الله و أن تنصرف فتقوم مقام أبيك فأنت خليفتي عليهم .
و في حديث طويل عن علي بن محمد الصوفي : إنه لقي إبليس فسأله فقال له من أنت ?
فقال : أنا من ولد آدم .
فقال : لا إله إلا الله , أنت من قوم يزعمون أنهم يحبون الله و يعصونه , و يبغضون إبليس و يطيعونه .
فقال : من أنت ?
فقال : أنا صاحب الميسم , و الاسم الكبير ,
[252]
و الطبل العظيم .
و أنا قاتل هابيل , و أنا الراكب مع نوح في الفلك , أنا عاقر ناقة صالح , أنا صاحب نار إبراهيم , أنا مدبر قتل يحيى , أنا ممكن قوم فرعون من النيل , أنا مخيل السحر و قائده إلى موسى , أنا صانع العجل لبني إسرائيل , أنا صاحب منشار زكريا , أنا السائر مع أبرهة إلى الكعبة بالفيل , أنا المجمع لقتال محمد يوم أحد و حنين , أنا ملقي الحسد يوم السقيفة في قلوب المنافقين , أنا صاحب الهودج يوم البصرة و البعير , أنا صاحب المواقف في عسكر صفين , أنا الشامت يوم كربلاء بالمؤمنين , أنا إمام المنافقين , أنا مهلك الأولين , أنا مضل الآخرين , أنا شيخ الناكثين , أنا ركن القاسطين , أنا ظل المارقين , أنا أبو مرة مخلوق من نار لا من طين , أنا الذي غضب عليه رب العالمين .
فقال الصوفي : بحق الله عليك إلا دللتني على عمل أتقرب به إلى الله و أستعين به على نوائب دهري .
فقال : اقنع من دنياك بالعفاف و الكفاف , و استعن على الآخرة بحب علي بن أبي طالب و بغض أعدائه , فإني عبدت الله في سبع سماواته و عصيته في سبع أرضيه فلا وجدت ملكا مقربا و لا نبيا مرسلا إلا و هو يتقرب بحبه .
قال : ثم غاب عن بصري .
فأتيت أبا جعفر (عليه السلام) فأخبرته بخبره .
فقال : آمن الملعون بلسانه و كفر بقلبه .
مناقب أبي إسحاق الطبري و إبانة الفلكي قال أبو حمزة الثمالي : كان رجل من بني تميم يقال له خيثمة فلما حكموا الحكمين خرج هاربا نحو الجزيرة .
فمر بواد مخيف يقال له ميافارقين , فهتف به من الوادي :
يا أيها الساري بأميا فارق *** مخالفا للحق دين الصادق
تابعت دينا ليس دين الخالق *** بل دين كل أحمق منافق
فقال خيثمة :
لما رأيت القوم في الخصوم *** فارقت دين أحمق لئيم
حتى يعود الدين في الصميم
فقال :
اسمع لقولي ثم دعه ترشد *** إن عليا كالحسام الأصيد
منهاجه دين النبي المهتدي *** فارجع إلى دين وصي أحمد
فخالف المراق فيه و اشهد
[253]
فرجع إلى علي (عليه السلام) , و لم يزل معه حتى قتل .
و في بعض كتب الأخبار عن بعض صالحات الجن ممن كانت تدخل على أهل البيت (عليهم السلام) إنها قالت : رأيت إبليس على صخرة جزيرة ماثلا و هو يقول :
شفيعي إلى الله أهل العباء *** و إن لم يكونوا شفيعي فمن
شفيعي النبي شفيعي الوصي *** شفيعي الحسين شفيعي الحسن
شفيعي التي أحصنت فرجها *** فصلى عليهم إله المنن
و هذه من عجائبه (عليه السلام) لأن الخلائق يخافون من إبليس و جنوده و يتعوذون منه و هم يخافون من علي بن أبي طالب و يحبونه و يتوسلون به لعلو شأنه و سمو مكانه .
فصل في ذكره (عليه السلام) في الكتب :
أبو القاسم الكوفي في الرد على أهل التبديل : إن حساد علي (عليه السلام) شكوا في مقال النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) في فضائل علي (عليه السلام) فنزل فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ يعني في علي فَسْئَلِ الَّذِينَ يَقْرَؤُنَ الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكَ يعني أهل الكتاب عما في كتبهم من ذكر وصي محمد فإنكم تجدون ذلك في كتبهم مذكورا ثم قال لَقَدْ جاءَكَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلا تَكُونَنَّ مِنَ المُمْتَرِينَ * وَ لا تَكُونَنَّ مِنَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِ اللَّهِ فَتَكُونَ مِنَ الْخاسِرِينَ يعني بالآيات هاهنا الأوصياء المتقدمين و المتأخرين .
الكافي محمد بن الفضل عن أبي الحسن (عليه السلام) قال : ولاية علي (عليه السلام) مكتوبة في صحف جميع الأنبياء و لن يبعث الله رسولا إلا بنبوة محمد (صلّى الله عليه وآله وسلّم) و وصية علي (عليه السلام) .
صاحب شرح الأخبار قال أبو جعفر (عليه السلام) في قوله تعالى : وَ وَصَّى بِها إِبْراهِيمُ بَنِيهِ وَ يَعْقُوبُ يا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفى لَكُمُ الدِّينَ فَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ بولاية علي .
و في بعض الأصول قال سلمان : و الذي نفسي بيده لو أخبرتكم بفضل علي في التوراة لقالت طائفة منكم إنه لمجنون و لقالت طائفة أخرى اللهم اغفر لقاتل سلمان .
روضة الواعظين عن النيسابوري إن : فاطمة بنت أسد حضرت ولادة رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) فلما كانت وقت الصبح قالت لأبي طالب رأيت الليلة عجبا يعني حضور الملائكة و غيرها .
فقال : انتظري سبتا تأتين بمثله .
فولدت أمير المؤمنين بعد ثلاثين سنة .
[254]
كتاب مولد أمير المؤمنين (عليه السلام) عن ابن بابويه إنه : رقد أبو طالب في الحجر فرأى في منامه كان بابا انفتح عليه من السماء فنزل منه نور فشمله , فانتبه لذلك .
فأتى راهب الجحفة فقص عليه .
فأنشأ الراهب يقول :
أبشر أبا طالب عن قليل *** بالولد الحلاحل النبيل
يأل قريش فاسمعوا تأويلي *** هذان نوران على سبيل
كمثل موسى و أخيه السؤل
فرجع أبو طالب إلى الكعبة و طاف حولها , و أنشد :
أطوف للإله حول البيت *** أدعوك بالرغبة محيي الميت
بأن تريني السبط قبل الموت *** أغر نورا يا عظيم الصوت
منصلتا بقتل أهل الجبت *** و كل من دان بيوم السبت
ثم عاد إلى الحجر فرقد فيه فرأى في منامه : كأنه ألبس إكليلا من ياقوت و سربالا من عبقر , و كان قائلا يقول : يا أبا طالب قرت عيناك و ظفرت يداك و حسنت رؤياك فأتي لك بالولد و مالك البلد و عظيم التلد على رغم الحسد فانتبه فرحا , فطاف حول الكعبة , قائلا :
أدعوك رب البيت و الطواف *** و الولد المحبو بالعفاف
تعينني بالمنن اللطاف *** دعاء عبد بالذنوب واف
و سيد السادات و الأشراف
ثم عاد إلى الحجر فرقد , فرأى في منامه عبد مناف يقول : ما يثبتك عن ابنة , أسد في كلام له .
فلما انتبه تزوج بها , و طاف بالكعبة قائلا :
قد صدقت رؤياك بالتعبير *** و لست بالمرتاب في الأمور
أدعوك رب البيت و النذور *** دعاء عبد مخلص فقير
[255]
فأعطني يا خالقي سروري *** بالولد الحلاحل المذكور
يكون للمبعوث كالوزير *** يا لهما يا لهما من نور
قد طلعا من هاشم البدور *** في فلك عال على البحور
فيطحن الأرض على الكرور *** طحن الرحى للحب بالتدوير
إن قريشا بات بالتكبير *** منهوكة بالغي و الثبور
و ما لها من موئل مجير *** من سيفه المنتقم المبير
و صفوة الناموس في السفير *** حسامه الخاطف للكفول
إبراهيم النخعي عن علقمة بن عباس في خبر إنه : أتي براهب قرقيسا إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) , فلما رآه , قال : مرحبا ببحيراء الأصغر , أين كتاب شمعون الصفا ?
قال : و ما يدريك يا أمير المؤمنين ?
قال : إن عندنا علم جميع الأشياء , و علم جميع تفسير المعاني .
فأخرج الكتاب , و أمير المؤمنين واقف , فقال (عليه السلام) : أمسك الكتاب معك .
ثم قرأ : بسم الله الرحمن الرحيم قضى فيما قضى و سطر فيما كتب أنه باعث في الأميين رسولا منهم يعلمهم الكتاب و الحكمة و يدلهم على سبيل الله لا فظ و لا غليظ .
و ذكر من صفاته و اختلاف أمته بعده ; إلى أن قال : ثم يظهر رجل من أمته بشاطئ الفرات يأمر بالمعروف و ينهى عن المنكر و يقضي بالحق .
و ذكر من سيرته ; ثم قال : و من أدرك ذلك العبد الصالح فلينصره , فإن نصرته عبادة و القتل معه شهادة .
فقال أمير المؤمنين : الحمد لله الذي لم يجعلني عنده منسيا , الحمد لله الذي ذكر عبده في كتب الأبرار .
فقتل الرجل في صفين .
أمالي أبي الفضل الشيباني و أعلام النبوة عن الماوردي و الفتوح عن الأعثم , في خبر طويل ... : إن أمير المؤمنين (عليه السلام) , لما نزل بليخ من جانب الفرات نزل إليه شمعون بن يوحنا و قرأ عليه كتابا من إملاء المسيح (عليه السلام) و ذكر بعثة النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) و صفته .
ثم قال : فإذا توفاه الله اختلفت أمته , ثم اجتمعت لذلك ما شاء الله , ثم اختلف على عهد ثالثهم , فقتل قتلا , ثم يصير أمرهم إلى وصي نبيهم , فيبغوا عليه , و تسل السيوف من أغمادها , و ذكر من سيرته و زهده .
ثم قال : فإن طاعته لله طاعة .
ثم قال : و لقد عرفتك و نزلت إليك .
فسجد
[256]
أمير المؤمنين و سمع منه يقول : شكرا للمنعم شكرا عشرا ; ثم قال : الحمد لله الذي لم يخملني ذكري و لم يجعلني عنده منسيا .
فأصيب الراهب ليلة الهرير .
الكليني في الكافي عن الصادق (عليه السلام) في خبر طويل يذكر فيه أنه : أتي إليه بجماعة أفطروا في يوم من شهر رمضان .
فقال لهم (عليه السلام) : أ يهود أنتم ?
قالوا : لا .
قال : أ فنصارى ?
قالوا : لا , بل مسلمون .
قال : فيكم علة ?
قالوا : لا .
قال : تشهدون أن لا إله إلا الله , و أن محمدا رسول الله ?
قالوا : نشهد أن لا إله إلا الله , و لا نعرف محمدا .
قال : إن أقررتم و إلا قتلتكم بالدخان .
فلما أبوا , قتلهم بالدخان .
فحاجر في جماعة من اليهود , و قالوا : ما هذه البدعة التي أحدثت في دين محمد ?
قال (عليه السلام) : أنشدتك الله بالتسع آيات التي أنزلت على موسى بطور سيناء , و بحق الكنائس الخمس , و القدس , و بحق المشهت الديان , هل تعلم أن يوشع بن نون أتي بقوم بعد وفاة موسى شهدوا أن لا إله إلا الله و لم يقروا بأن موسى رسول الله فقتلهم بمثل هذه القتلة ?
قال اليهودي : نعم . أشهد أنك ناموس موسى , ثم أخرج من قبائه كتابا فدفعه إلى أمير المؤمنين ففضه و نظر فيه و بكى .
فقال اليهودي : ما يبكيك يا ابن أبي طالب ?
فقال (عليه السلام) : هذا اسمي مثبت .
فقال له اليهودي : أرني اسمك في هذا الكتاب ?
قال : فأراه اسمه في الصحيفة , و قال : اسمي إليا .
فأسلم اليهودي في قومه .
قال أمير المؤمنين : الحمد لله الذي أثبتني عنده في صحيفة الأبرار .
و المبشرون به : باب يطول في ذكره , نحو : سلمى و قس بن ساعدة و تبع الملك و عبد المطلب و أبو طالب و أبو الحارث بن أسعد الحميري .
و هو القائل قبل البعثة بسبعمائة سنة :
شهدت على أحمد أنه *** رسول من الله بارئ النسم
فلو مد عمري إلى عمره *** لكنت وزيرا له و ابن عم
و كنت عذابا على المشركين *** أسقيهم كأس حتف و غم
و له [غيره] :
حاله حالة هارون *** لموسى فافهماها
[257]
ذكره في كتب الله *** درأها من درأها
أمتا موسى و عيسى *** قد تلتها فاسألاها
العبدي :
أسماؤه في المثاني *** كثيرة للذكور
في صحف موسى و عيسى *** مكنونة في الزبور
ما زال في اللوح سطر *** يلوح بين السطور
تزور أملاك ربي *** منه بخير مزور
هذا علي حبيبي *** أخو البشير النذير
ذكر الخبر في الكتب السالفة لا يكون إلا للأولياء الأصفياء و لا يعنى به الأمور الدنيوية فإذا قد صح لعلي الأمور الدينية كلها و ذلك لا تصح إلا لنبي أو إمام و إذا لم يكن نبيا لا بد أن يكون إماما .
فصل في إخباره بالغيب :
زاذان عن سلمان الفارسي في خبر طويل : إن جاثليقا جاء في نفر من النصارى إلى أبي بكر و سأله مسائل عجز عنها أبو بكر .
فقال عمر : كف أيها النصراني عن هذا العنت و إلا أبحنا دمك .
قال الجاثليق : أ هذا عدل على من جاء مسترشدا طالبا , دلوني على من أسأله عما أحتاج إليه ?
فجاء علي , و استسأله ; فقال النصراني : أسألك عما سألت عنه هذا الشيخ .
خبرني أ مؤمن أنت عند الله أم عند نفسك ?
فقال (عليه السلام) : أنا مؤمن عند الله كما أنا مؤمن في عقيدتي .
قال : خبرني عن منزلتك في الجنة ما هي ?
قال : منزلتي مع النبي الأمي في الفردوس الأعلى لا ارتاب بذلك و لا أشك في الوعد به من ربي .
قال : فبما ذا عرفت الوعد لك بالمنزلة التي ذكرتها ?
قال : بالكتاب المنزل و صدق النبي المرسل .
قال : فبما عرفت صدق نبيك ?
قال : بالآيات الباهرات و المعجزات البينات .
قال : فخبرني عن الله تعالى , أين هو ?
قال : إن الله تعالى يجل عن الأين و يتعالى عن المكان , كان فيما لم يزل و لا مكان و هو اليوم كذلك و لم يتغير من حال إلى حال .
قال : فخبرني عنه تعالى أ مدرك بالحواس فيسلك المسترشد في طلبه الحواس أم كيف طريق المعرفة به إن لم يكن
[258]
الأمر كذلك ?
قال : تعالى الملك الجبار أن يوصف بمقدار أو تدركه أو يقاس بالناس ; و الطريق إلى معرفته , صنائعه الباهرة للعقول , الدالة لذوي الاعتبار بما هو منها مشهود و معقول .
قال : فخبرني عما قال نبيكم في المسيح ? و أنه مخلوق .
فقال : أثبت له الخلق بالتدبير الذي لزمه و التصوير و التغيير من حال إلى حال و الزيادة التي لا ينفك منها و النقصان ; و لم أنف عنه النبوة و لا أخرجته من العصمة و الكمال و التأييد .
قال : فبما بنت أيها العالم عن الرعية الناقصة عنك ?
قال : بما أخبرتك به عن علمي بما كان و ما يكون .
قال : فهلم شيئا من ذلك أتحقق به دعواك .
قال : خرجت أيها النصراني من مستقرك مستنكرا لمن قصدت بسؤالك له , مضمرا خلاف ما أظهرت من الطلب و الاسترشاد , فأريت في منامك مقامي , و حدثت فيه بكلامي , و حذرت فيه من خلافي , و أمرت فيه باتباعي .
قال : صدقت و الله ; و أنا أشهد أن لا إله إلا الله و أن محمدا رسول الله و أنك وصي رسول الله و أحق الناس بمقامه , و أسلم الذين كانوا معه .
فقال عمر : الحمد لله الذي هداك أيها الرجل , غير أنه يجب أن تعلم أن علم النبوة في أهل بيت صاحبها , و الأمر من بعد لمن خاطبته أولا برضى الأمة .
قال : قد عرفت ما قلت , و أنا على يقين من أمري .
و في حديث ثابت بن الأفلح قال : ضلت لي فرس نصف الليل فأتيت باب أمير المؤمنين (عليه السلام) .
فلما وصلت الباب , خرج إلى قنبر , فقال لي : يا ابن الأفلح , الحق فرسك فخذه من عوف بن طلحة السعدي .
إبراهيم بن عمر رفعه إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) إنه قال : لو وجدت رجلا ثقة لبعثت معه هذا المال إلى المدائن إلى شيعته .
فقال رجل في نفسه , أنا آخذه و آخذ طريق الكرخة ; فجاء إليه , فقال : يا أمير المؤمنين أنا أذهب بهذا المال إلى المدائن .
قال : فرفع رأسه , فقال : إياك عني تأخذ طريق الكرخة ?
غريب الحديث و الفائق : إن عليا قال أكثروا الطواف بهذا البيت فكأني برجل من الحبشة أصلع أصمع جالس عليه و هو يهدم .
صاحب الحلية عن الحارث بن سويد قال : سمعت عليا (عليه السلام) يقول حجوا قبل أن لا تحجوا فكأني أنظر إلى حبشي أصمع أقرع بيده معول يهدمها حجرا حجرا .
[259]
عبد الرزاق عن أبيه عن مينا مولى عبد الرحمن بن عوف قال : سمع علي ضوضاء في عسكره .
فقال ما هذا ?
فقيل قتل معاوية .
فقال : كلا و رب الكعبة , لا يقتل حتى تجتمع عليه الأمة .
قالوا له يا أمير المؤمنين : فلم تقاتله ?
قال : التمس العذر بيني و بين الله .
النضر بن شميل عن عوف عن مروان الأصفر قال : قدم راكب من الشام و علي بالكوفة فنعي معاوية فأدخل على علي .
فقال له علي : أنت شهدت موته ?
قال : نعم , و حثوته عليه .
قال : إنه كاذب .
قيل : و ما يدريك يا أمير المؤمنين إنه كاذب ?
قال : إنه لا يموت حتى يعمل كذا و كذا أعمالا عملها في سلطانه .
فقيل له : فلم تقاتله و أنت تعلم هذا ?
قال : للحجة .
المحاضرات عن الراغب إنه قال (عليه السلام) : لا يموت ابن هند حتى يعلق الصليب في عنقه . و قد رواه الأحنف بن قيس و ابن شهاب الزهري و الأعثم الكوفي و أبو حيان التوحيدي و أبو الثلاج في جماعة فكان كما قال (عليه السلام) .
عمار بن عباس إنه : لما صعد علي (عليه السلام) المنبر قال لنا قوموا فتخللوا الصفوف و نادوا هل من كاره ?
فتصارخ الناس من كل جانب : اللهم قد رضينا و أسلمنا و أطعنا رسولك و ابن عمه .
فقال : يا عمار , قم إلى بيت المال فأعط الناس ثلاثة دنانير لكل إنسان و ارفع لي ثلاثة دنانير .
فمضى عمار و أبو الهيثم مع جماعة من المسلمين إلى بيت المال .
و مضى أمير المؤمنين (عليه السلام) إلى مسجد قبا يصلي فيه فوجدوا فيه ثلاثمائة ألف دينار فوجدوا الناس مائة ألف .
فقال عمار : جاء و الله الحق من ربكم و الله ما علم بالمال و لا بالناس و إن هذه لآية وجبت عليكم بها طاعة هذا الرجل .
فأبى طلحة و الزبير و عقيل أن يقبلوها ... القصة .
و نقلت المرجئة و الناصبة عن أبي الجهم العدوي و كان معاديا لعلي (عليه السلام) قال : خرجت بكتاب عثمان و المصريون قد نزلوا بذي خشر إلى معاوية و قد طويته طيا لطيفا و جعلته في قراب سيفي و قد تنكبت عن الطريق و توخيت سواد الليل حتى كنت بجانب الجرف إذا رجل على حمار مستقبلي و معه رجلان يمشيان أمامه فإذا هو
[260]
علي بن أبي طالب قد أتى من ناحية البدو فأثبتني و لم أثبته حتى سمعت كلامه .
فقال : أين تريد يا صخر ?
قلت : البدو فادع الصحابة .
قال : فما هذا الذي في قراب سيفك ?
قلت : لا تدع مزاحك أبدا , ثم جزته .
الأصبغ بن نباتة قال : أتى رجل إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) و قال إني أحبك في السر كما أحبك في العلانية .
قال : فنكت أمير المؤمنين بعود كان في يده في الأرض ساعة ثم رفع رأسه , فقال : كذبت و الله .
ثم أتاه رجل آخر , فقال : إني أحبك .
فنكت بعود في الأرض طويلا , ثم رفع رأسه , فقال : صدقت , إن طينتنا طينة مرحومة , أخذ الله ميثاقها يوم أخذ الميثاق فلا يشذ منها شاذ و لا يدخل فيها داخل إلى يوم القيامة .
و قال أبو جعفر (عليه السلام) : إنا لنعرف الرجل إذا رأيناه بحقيقة الإيمان و حقيقة النفاق .
علي بن النعمان و محمد بن يسار عن أبي عبد الله (عليه السلام) في خبر طويل إنه : أنفذت عائشة رجلا شديد العداوة لعلي بكتاب إليه .
فقال أبو عبد الله : فمضى .
فاستقبله راكبا .
قال : فناوله الكتاب .
ففض خاتمه ثم قرأه , قال : تبلغ إلى منزلنا فتصيب من طعامنا و شرابنا و نكتب جواب كتابك .
قال : هذا و الله لا يكون .
فثنى رجله فنزل . و أحدق به أصحابه .
ثم قال له : أسألك ?