قال : نعم .
قال : و تجيبني ?
قال : نعم .
قال : ناشدتك الله , أ قالت التمسوا لي رجلا شديد العداوة لهذا الرجل , فأتيت بك , فقالت لك : ما بلغت من عداوتك لهذا الرجل ?
فقلت : كثيرا ما أتمنى على ربي أنه و أصحابه في وسطي و أني ضربته ضربة بالسيف يشق السيف الدم ?
فقال : اللهم نعم .
قال : فأنشدك الله أ قالت لك فاذهب بكتابي هذا فادفعه إليه ظاعنا كان أو مقيما , أما إنك إن رأيته ظاعنا رأيته راكبا بغلة رسول الله منتكبا قوسا معلقا كنانته بقربوس سرجه أصحابه خلفه كأنهم طير صواف ?
قال : اللهم نعم .
قال : فأنشدك الله , هل قالت لك إن عرض عليك طعامه و شرابه فلا تنالن منه شيئا فإن فيه السحر ?
قال : اللهم نعم .
قال : فمبلغ عني ?
قال : اللهم نعم , فإني قد أتيتك و ما في الأرض خلق أبغض إلي منك ; و أنا الساعة ما في الأرض خلق أحب إلي منك , فمرني بما شئت .
فقال : ادفع كتابي هذا و قل لها : ما أطعت الله و رسوله حيث أمرك الله بلزوم بيتك ... الخبر .
قال : فبلغ الرجل رسالته .
ثم رجع إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) .
الأصبغ قال : صلينا مع أمير المؤمنين (عليه السلام) الغداة فإذا رجل عليه ثياب السفر قد
[261]
أقبل ; فقال من أين ?
قال : من الشام .
قال : ما أقدمك ?
قال : لي حاجة .
قال : أخبرني , و إلا أخبرتك بقضيتك !
قال : أخبرني بها يا أمير المؤمنين .
قال : نادى معاوية يوم كذا و كذا من شهر كذا و كذا من سنة كذا و كذا : من يقتل عليا فله عشرة آلاف دينار .
فوثب فلان , و قال أنا .
قال : أنت ?
فلما انصرف إلى منزله ندم , و قال : أسير إلى ابن عم رسول الله و أبي ولديه فأقتله .
ثم نادى مناديه يوم الثاني : من يقتل عليا فله عشرون ألف دينار .
فوثب آخر , فقال : أنا .
فقال : أنت ?
ثم إنه ندم .
و استقال معاوية , فأقاله .
ثم نادى مناديه اليوم الثالث : من يقتل عليا فله ثلاثون ألف دينار .
فوثبت أنت , و أنت رجل من حمير .
قال : صدقت .
قال : فما رأيك ; تمضي إلى ما أمرت به أو ما ذا ?
قال : لا , و لكن أنصرف .
قال : يا قنبر أصلح له راحلته , و هيئ له زاده و أعطه نفقته .
إسحاق بن حسان بإسناده عن الأصبغ قال : أمرنا أمير المؤمنين (عليه السلام) بالمسير من الكوفة إلى المدائن .
فسرنا يوم الأحد , و تخلف عنا ; عمرو بن حريث , و الأشعث بن قيس , و جرير بن عبد الله البجلي , مع خمسة نفر .
فخرجوا إلى مكان بالحيرة يقال له الخورنق و السدير , و قالوا : إذا كان يوم الجمعة لحقنا عليا قبل أن يجمع الناس فصلينا معه .
فبيناهم جلوس و هم يتغدون إذ خرج عليهم ضب فاصطادوه .
فأخذه عمرو بن حريث فبسط كفه , فقال : بايعوا ; هذا أمير المؤمنين .
فبايعه الثمانية , ثم أفلتوه و ارتحلوا , و قالوا : إن علي بن أبي طالب يزعم أنه يعلم الغيب فقد خلعناه و بايعنا مكانه ضبا .
فقدموا المدائن يوم الجمعة , فدخلوا المسجد و أمير المؤمنين (عليه السلام) يخطب على المنبر .
فقال (عليه السلام) : إن رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) أسر إلي حديثا كثيرا في كل حديث باب يفتح كل باب ألف باب إن الله تعالى يقول في كتابه العزيز يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ و أنا أقسم بالله : ليبعثن يوم القيامة ثمانية نفر من هذه الأمة إمامهم ضب , و لو شئت أن أسميهم لفعلت ; فتغيرت ألوانهم و ارتعدت فرائصهم و كان عمرو بن حريث ينتفض كما تنتفض السعفة جبنا و فرقا .
عبد الله بن أبي رافع قال : حضرت أمير المؤمنين (عليه السلام) و قد وجه أبا موسى الأشعري , و قال له : احكم بكتاب الله و لا تجاوزه .
فلما أدبر , قال : كأني به و قد خدع .
قلت : يا أمير المؤمنين فلم توجهه و أنت تعلم أنه مخدوع ?
فقال : يا بني لو عمل الله في خلقه بعلمه , ما احتج عليهم بالرسل .
[262]
مسند العشرة عن أحمد بن حنبل إنه : قال أبو الوصي غياثا كنا عامدين إلى الكوفة مع علي بن أبي طالب , فلما بلغنا مسيرة ليلتين أو ثلاث من حروراء شذ منا أناس كثير .
فذكرنا ذلك لأمير المؤمنين , فقال : لا يحولنكم أمرهم فإنهم سيرجعون .
فكان كما قال .
قال (عليه السلام) لطلحة و الزبير و قد استأذناه في الخروج إلى العمرة : و الله ما تريدان العمرة و إنما تريدان البصرة و في رواية إنما تريدان الفتنة .
و قال (عليه السلام) : لقد دخلا بوجه فاجر , و خرجا بوجه غادر ; و لا ألقاهما إلا في كتيبة و أخاف بهما أن يقتلا .
و في رواية أبي الهيثم بن التيهان و عبد الله بن رافع : و لقد أنبئت بأمركما , و أريت مصارعكما , فانطلقا , و هو يقول و هما يسمعان : فمن نكث فإنما ينكث على نفسه .
و قالت صفية بنت الحرث الثقفية زوجة عبد الله بن خلف الخزاعي لعلي (عليه السلام) يوم الجمل بعد الوقعة : يا قاتل الأحبة يا مفرق الجماعة .
فقال (عليه السلام) : إني لا ألومك أن تبغضيني يا صفية و قد قتلت جدك يوم بدر و عمك يوم أحد و زوجك الآن و لو كنت قاتل الأحبة لقتلت من في هذه البيوت , ففتش فكان فيها مروان و عبد الله بن الزبير .
الأعمش بروايته عن رجل من همدان قال : كنا مع علي (عليه السلام) بصفين فهزم أهل الشام ميمنة العراق فهتف بهم الأشتر ليتراجعوا فجعل أمير المؤمنين (عليه السلام) يقول لأهل الشام يا أبا مسلم خذهم ثلاث مرات .
فقال الأشتر : أ و ليس أبو مسلم معهم ?
قال : لست أريد الخولاني , و إنما أريد رجلا يخرج في آخر الزمان من المشرق يهلك الله به أهل الشام , و يسلب عن بني أمية ملكهم .
الحميري :
نادى علي فوافا فوق منبره *** فأسمع الناس إني سيد الشيب
و إن في و خير القول أصدقه *** لسنة من نبي الله أيوب
[263]
و الله لي جامع شملي كما جمعت *** كفاه بعد شتات شمل يعقوب
و الله لي واهب من فضل رحمته *** ما ليس إلا لذي وحي بموهوب
و الله منبعث من عترتي رجلا *** يفني أمية وعدا غير مكذوب
هذا حديث عجيب عن أبي حسن *** يروى و قد كان يأتي بالأعاجيب
و روي عن الحسن بن علي (عليه السلام) في خبر : إن الأشعث بن قيس الكندي بنى في داره مئذنة , فكان يرقى إليها إذا سمع الأذان في أوقات الصلوات في مسجد جامع الكوفة , فيصيح من على مئذنته : يا رجل إنك لكاذب ساحر , و كان أبي يسميه عنق النار .
و في رواية : عرف النار .
فيسأل عن ذلك , فقال : إن الأشعث إذا حضرته الوفاة دخل عليه عنق من النار ممدودة من السماء فتحرقه , فلا يدفن إلا و هو فحمة سوداء .
فلما توفي ; نظر سائر من حضر إلى النار و قد دخلت عليه كالعنق الممدود حتى أحرقته و هو يصيح و يدعو بالويل و الثبور .
ابن بطة في الإبانة و أبو داود في السنن عن أبي مجلد في خبر إنه قال (عليه السلام) في الخوارج مخاطبا لأصحابه : و الله لا يقتل منكم عشرة و في رواية و لا ينفلت منهم عشرة و لا يهلك منا عشرة .
فقتل من أصحابه تسعة , و انفلت منهم تسعة : اثنان إلى سجستان , و اثنان إلى عمان , و اثنان إلى بلاد الجزيرة , و اثنان إلى اليمن , و واحد إلى موزن , و الخوارج من هذه المواضع منهم .
و قال الأعثم : المقتولون من أصحاب أمير المؤمنين رويبة بن وبر العجلي و سعد بن خالد السبيعي و عبد الله بن حماد الأرحبي و الفياض بن خليل الأزدي و كيسوم بن سلمة الجهني و عبيد بن عبيد الخولاني و جميع بن جشم الكندي و ضب بن عاصم الأسدي .
قال أبو الجوائز الكاتب حدثنا علي بن عثمان قال حدثنا المظفر بن الحسن الواسطي السلال قال حدثنا الحسن بن ذكردان و كان ابن ثلاثمائة و خمس و عشرين سنة , قال : رأيت عليا (عليه السلام) في النوم و أنا في بلدي فخرجت إليه إلى المدينة فأسلمت على يده و سماني الحسن و سمعت منه أحاديث كثيرة و شهدت معه مشاهده كلها .
فقلت له يوما من الأيام : يا أمير المؤمنين ادع الله لي .
فقال : يا فارسي إنك ستعمر و تحمل إلى مدينة يبنيها رجل من بني عمي العباس تسمى في ذلك الزمان بغداد و لا تصل إليها تموت بموضع
[264]
يقال له المدائن .
فكان كما قال (عليه السلام) ليلة دخل المدائن مات .
مسعدة بن اليسع عن الصادق (عليه السلام) ... في خبر : إن أمير المؤمنين (عليه السلام) مر بأرض بغداد , فقال ما تدعى هذه الأرض ?
قالوا : بغداد .
قال : نعم , يبنى هاهنا مدينة و ذكر وصفها .
و يقال : إنه وقع من يده سوط , فسأل عن أرضها .
فقالوا : بغداد . فأخبر أنه يبنى , ثم مسجد يقال له مسجد السوط .
و في تاريخ بغداد إنه قال المفيد أبو بكر الجرجاني إنه قال ولد أبو الدنيا في أيام أبي بكر و إنه قال : إني خرجت مع أبي للقاء أمير المؤمنين (عليه السلام) فلما صرنا قريبا من الكوفة عطشنا عطشا شديدا .
فقلت لوالدي : اجلس حتى أدور لك الصحراء , فلعلي أقدر على ماء .
فقصدت إليه , فإذا أنا ببئر شبه الركية أو الوادي , فاغتسلت منه , و شربت منه , حتى رويت .
ثم جئت إلى أبي , فقلت : قم فقد فرج الله عنا , و هذه عين ماء قريب منا .
و مضينا فلم نر شيئا , فلم يزل يضطرب حتى مات , و دفنته .
و جئت إلى أمير المؤمنين , و هو خارج إلى صفين و قد أخرج له البغلة ; فجئت و مسكت له بالركاب .
و التفت إلي , فانكببت أقبل الركاب , فشجت في وجهي شجة .
قال أبو بكر المفيد و رأيت الشجة في وجهه واضحة .
ثم سألني عن خبري .
فأخبرته بقضيتي .
فقال : عين لم يشرب منها أحد إلا و عمر عمرا طويلا , فأبشر فإنك ستعمر و سماني بالمعمر و هو الذي يدعى بالأشج .
و ذكر الخطيب : أنه قدم بغداد في سنة ثلاثمائة و كان معه شيوخ من بلده , فسألوا عنه .
فقالوا : هو مشهور عندنا بطول العمر .
و قد بلغني أنه مات في سنة سبع و عشرين و ثلاثة و نحو ذلك ذكر شيخنا في الأمالي وفاته .
الحارث الأعور و عمرو بن الحريث و أبو أيوب عن أمير المؤمنين إنه : لما رجع من وقعة الخوارج نزل يمني السواد .
فقال له راهب : لا ينزل هاهنا إلا وصى نبي يقاتل في سبيل الله .
فقال علي (عليه السلام) : فأنا سيد الأوصياء وصي سيد الأنبياء .
قال : فإذا أنت أصلع قريش وصي محمد خذ على الإسلام , فإني وجدت في الإنجيل نعتك , و أنت تنزل مسجد براثا بيت مريم و أرض عيسى .
قال أمير المؤمنين : فاجلس يا حباب .
قال : و هذه دلالة أخرى .
ثم قال : فانزل يا حباب من هذه الصومعة , و ابن هذا الدير مسجدا ; فبنى حباب الدير مسجدا .
و لحق أمير المؤمنين
[265]
إلى الكوفة , فلم يزل بها مقيما حتى قتل أمير المؤمنين .
فعاد حباب إلى مسجده ببراثا .
و في رواية : أن الراهب قال : قرأت أنه يصلي في هذا الموضع إيليا وصى البارقليطا محمد نبي الأميين الخاتم لمن سبقه من أنبياء الله و رسله ... في كلام كثير . فمن أدركه فليتبع النور الذي جاء به , ألا و إنه يغرس في آخر الأيام بهذه البقعة شجرة لا يفسد ثمرها .
و في رواية زاذان : قال أمير المؤمنين (عليه السلام) : و من أين شربك ?
قال : من دجلة .
قال : و لم لم تحفر عينا تشرب منها ?
قال : قد حفرتها , و خرجت مالحة .
قال : فاحتفر الآن بئرا أخرى .
فاحتفر , فخرج ماؤها عذبا .
فقال : يا حباب ليكن شربك من هاهنا , و لا يزال هذا المسجد معمورا فإذا خربوه و قطعوا نخله حلت بهم , أو قال بالناس , داهية .
و في رواية محمد بن القيس : فأتى أمير المؤمنين (عليه السلام) موضعا من تلك الملبة فركلها برجله فانبجست عين خرارة .
فقال : هذه عين مريم .
ثم قال : فاحتفروا هاهنا سبعة عشر ذراعا .
فاحتفروا , فإذا صخرة بيضاء .
فقال : هاهنا وضعت مريم عيسى من عاتقها و و صلت هاهنا و فنصب أمير المؤمنين (عليه السلام) الصخرة و صلى إليها و و أقام هناك أربعة أيام .
و في رواية الباقر (عليه السلام) , قال : هذه عين مريم التي انبعت لها , و اكشفوا هاهنا سبعة ذراعا فكشف فإذا صخرة بيضاء ... الخبر .
و في رواية : هذا الموضع المقدس صلى فيه الأنبياء .
و قال أبو جعفر (عليه السلام) : و لقد وجدنا أنه صلى فيه قبل عيسى .
و رواية أخرى : صلى فيه الخليل .
و روي : أن أمير المؤمنين صاح , فقال : يا بئر بالعبراني أقرب إلي .
فلما عبر إلى المسجد , و كان فيه عوسج و شوك عظيم , فانتضى سيفه و كسح ذلك كله ; و قال : إن هاهنا قبر نبي من أنبياء الله .
و أمر الشمس أن ارجعي , فرجعت . و كان معه ثلاثة عشر رجلا من أصحابه فأقام القبلة بخط الإستواء , و صلى إليها .
العوني :
و قلت براثا كان بيتا لمريم *** و ذاك ضعيف في الأسانيد أعوج
و لكنه بيت لعيسى ابن مريم *** و للأنبياء الزهر مثوى و مدرج
و للأوصياء الظاهرين مقامهم *** على غابر الأيام و الحق أبلج
[266]
بسبعين موصى بعد سبعين مرسل *** جباههم فيها سجودا تشجج
و آخرهم فيها صلاة إمامنا *** علي بذا جاء الحديث المنهج
و في رواية أن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال : يا وشا , ادن مني .
قال : فدنوت منه .
فقال : امض إلى محلتكم , ستجد على باب المسجد رجلا و امرأة يتنازعان فأتني بهما .
قال : فمضيت فوجدتهما يختصمان .
فقلت : إن أمير المؤمنين يدعوكما .
فسرنا , حتى دخلنا عليه .
فقال : يا فتى ما شأنك و هذه الامرأة ?
قال : يا أمير المؤمنين إني تزوجتها و أمهرت و أملكت و زففت , فلما قربت منها رأت الدم و قد حرت في أمري .
فقال (عليه السلام) : هي عليك حرام , و لست لها بأهل .
فماج الناس في ذلك , فقال لها : هل تعرفيني ?
فقالت : سماع أسمع بذكرك و لم أرك .
فقال : ما أنت فلانة بنت فلان من آل فلان ?
فقالت : بلى و الله .
فقال : أ لم تتزوجين بفلان بن فلان متعة سرا من أهلك ? أ لم تحملي منه حملا ثم وضعتيه غلاما ذكرا سويا ?
ثم خشيت قومك و أهلك فأخذتيه و خرجت ليلا حتى إذا صرت في موضع خال وضعتيه على الأرض ; ثم وقفت مقابلته فحننت عليه , فعدت أخذتيه .
ثم عدت طرحتيه حتى بكى , خشيت الفضيحة , فجاءت الكلاب فأنبحت عليك فخفت فهرولت فانفرد من الكلاب كلب فجاء إلى ولدك فشمه ثم نهشه لأجل رائحة الزهوكة فرميت الكلب إشفاقا فشججتيه , فصاح فخشيت أن يدركك الصباح فيشعر بك فوليت منصرفة و في قلبك من البلابل , فرفعت يديك نحو السماء , و قلت : اللهم احفظه يا حافظ الودائع .
قالت : بلى و الله كان هذا جميعه , و قد تحيرت في مقالتك .
فقال : هائم الرجل .
فجاء , فقال : اكشف عن جبينك ?
فكشف .
فقال للمرأة : هاء الشجة في قرن ولدك , و هذا الولد ولدك , و الله تعالى منعه من وطئك بما أراه منك من الآية التي صدته ; و الله قد حفظ عليك كما سألتيه فاشكري لله على ما أولاك و حباك .
الحارث الأعور و أبو أيوب الأنصاري و جابر بن يزيد و محمد بن مسلم عن أبي جعفر (عليه السلام) و عيسى بن سليمان عن أبي عبد الله (عليه السلام) و دخل بعض الخبر في بعض : إن عليا كان يدور في أسواق الكوفة فلعنته امرأة ثلاث مرات .
فقال : يا سلقلقية , كم قتلت من
[267]
أهلك ?
قالت : سبعة عشر أو ثمانية عشر .
فلما انصرفت , قالت لأمها ذلك .
فقالت : السلقلقية من ولدت بعد حيض , و لا يكون لها نسل .
فقالت : يا أماه أنت هكذا ?
قالت : بلى ... الخبر .
و في رواية عن الباقر (عليه السلام) : أنها قالت : و قد حكم عليها ما قضيت بالسوية و لا تعدل في الرعية و لا قضيتك عند الله بالمرضية .
فنظر إليها , ثم قال : يا خزية يا بذية يا سلفع أو يا سلسع .
فولت تولول , و هي تقول : وا ويلي لقد هتكت يا ابن أبي طالب سترا كان مستورا .
و في خصائص النطنزي : قال علي (عليه السلام) , الله أكبر .
قال رسول الله : لا يبغضك من قريش إلا سفحي و لا من الأنصار إلا يهودي و لا من العرب إلا دعي و لا من سائر الناس إلا شقي و لا من النساء إلا سلقلقية .
فقالت المرأة : و ما السلقلقية ?
قال : التي تحيض من دبرها .
فقالت المرأة : صدق الله و رسوله , أخبرتني بشيء هو في يا علي , لا أعود إلى بغضك أبدا .
فقال : اللهم إن كانت صادقة فحول طمثها حيث طمثت النساء .
فحول الله طمثها .
و قال الحارث الأعور فتبعها عمرو بن حريث و سألها عن مقاله فيها ?
فصدقته .
فقال عمرو : أ تراه ساحرا أو كاهنا أو مجذوما ?
قالت : بئس ما قلت يا عبد الله , لكنه من أهل بيت النبوة .
فأقبل ابن حريث إلى أمير المؤمنين , فأخبره بمقالها .
فقال (عليه السلام) : لقد كانت المرأة أحسن قولا منك .
ابن حماد :
و لقد قضى فيما رووه قضية *** فيها عجائب مثلها لا يسمع
جاءته امرأة تخاصم بعلها *** فقضى عليها بالذي هو أورع
قالت قضيت بغير حق قال لا *** يا سلفع يا مهيع يا قرذع
فهناك ولت لا تلبث فانثنى *** في أثرها رجس لئيم يتبع
[268]
قال انظري أ ترين سحرا عنده *** قالت له مهلا فخدك أضرع
بل ذاك علم رسالة و نبوة *** و مضت ,و عاد و قلبه متلذع
قال الإمام له أسأت و أحسنت *** فينا و كل حاصد ما يزرع
و قال له (عليه السلام) حذيفة بن اليمان في زمن عثمان : إني و الله ما فهمت قولك و لا عرفت تأويله حتى بلغت ليلتي , أ تذكر ما قلت لي بالحرة و إني مقبل : كيف أنت يا حذيفة إذا ظلمت العيون العين و النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) بين أظهرنا .
و لم أعرف تأويل كلامك إلا البارحة , رأيت عتيقا ثم عمر تقدما عليك و أول اسمها عين .
فقال : يا حذيفة , نسيت عبد الرحمن حيث مال بها إلى عثمان .
و في رواية : و سيضم إليهم عمرو بن العاص مع معاوية بن آكلة الأكباد فهؤلاء العيون المجتمعة على ظلمي .
و روى زيد و صعصعة ابنا صوحان و البراء بن سبرة و الأصبغ بن نباتة و جابر ابن شرحبيل و محمود بن الكواء : إنه ذكر بدير الديلم من أرض فارس لأسقف و قد أتت عليه عشرون و مائة سنة إن رجلا قد فسر الناقوس يعنون عليا .
فقال : سيروا بي إليه فإني أجده أنزعا بطينا .
فلما وافى أمير المؤمنين (عليه السلام) .
قال : قد عرفت صفته في الإنجيل , و أنا أشهد أنه وصي ابن عمه .
فقال له أمير المؤمنين (عليه السلام) : جئت لتؤمن أزيدك رغبة في إيمانك ?
قال : نعم .
قال (عليه السلام) : انزع مدرعتك , فأر أصحابك الشامة التي بين كتفيك .
فقال : أشهد أن لا إله إلا الله و أن محمدا عبده و رسوله , و شهق شهقة فمات .
فقال أمير المؤمنين (عليه السلام) عاش في الإسلام قليلا و نعم في جوار الله كثيرا .
ابن عباس إنه قال (عليه السلام) يوم الجمل : لنظهرن على هذه الفرقة و لنقتلن هذين الرجلين .
و في رواية : لنفتحن البصرة و ليأتينكم اليوم من الكوفة ثمانية آلاف رجل و بضع و ثلاثون رجلا فكان كما قال .
و في رواية : ستة آلاف و خمسة و ستون .
و من حديث ابن عباس : في سبب مجيء أويس القرني في صفين .
أصحاب السير عن جندب بن عبد الله الأزدي : لما نزل أمير المؤمنين (عليه السلام) النهروان فانتهينا إلى عسكر القوم فإذا لهم دوي كدوي النحل من قراءة القرآن و فيهم أصحاب البرانس .
فلما أن رأيتهم دخلني من ذلك فتنحيت و قمت أصلي , و أنا أقول : اللهم إن كان قتال هؤلاء القوم لك طاعة فأذن فيه و إن كان ذلك معصية فأرني ذلك .
فأنا في
[269]
ذلك إذ أقبل علي , فلما حاذاني , قال : نعوذ بالله يا جندب من الشك .
ثم نزل يصلي , إذ جاءه فارس , فقال : يا أمير المؤمنين قد عبر القوم و قطعوا النهر .
فقال (عليه السلام) : كلا ما عبروا .
فجاء آخر , فقال : قد عبر القوم .
فقال : كلا ما فعلوا .
قال : و الله ما جئت حتى رأيت الرايات في ذلك الجانب و الأثقال .
فقال (عليه السلام) : و الله ما فعلوا , و إنه لمصرعهم و مهراق دمائهم .
و في رواية : لا يبلغون إلى قصر بورى بنت كسرى فدفعنا إلى الصفوف فوجدنا الرايات و الأثقال كما هي .
قال : فأخذ بقفاي و دفعني , ثم قال : يا أخا الأزد ما تبين لك الأمر ?
فقلت : أجل يا أمير المؤمنين .
سفيان بن عيينة عن طاوس اليماني : إنه قال (عليه السلام) لحجر البدري , يا حجر : كيف بك إذا أوقفت على منبر صنعاء و أمرت بسبي و البراءة مني ?
قال : فقلت أعوذ بالله من ذلك .
قال : و الله إنه كائن , فإذا كان ذلك , فسبني , و لا تتبرأ مني , فإنه من تبرأ مني في الدنيا برأت منه في الآخرة .
قال طاوس فأخذه الحجاج على أن يسب عليا .
فصعد المنبر , و قال : أيها الناس إن أميركم هذا أمرني أن ألعن عليا , ألا فالعنوه لعنه الله .
أمثال أبي عبد الله (عليه السلام) : إنه أثنى عليه رجل متهم .
فقال : أنا دون ما تقول و فوق ما تظن في نفسك .
الناشئ :
له في كل وجه سمة *** تنبئ عن العقد
فتسقي الرجس بالغي *** و تخطي البر بالرشد
فصل في إخباره بالمنايا و البلايا و الأعمال :
الأصبغ بن نباتة قال : كان أمير المؤمنين (عليه السلام) إذا وقف الرجل بين يديه قال يا فلان استعد و أعد لنفسك ما تريد فإنك تمرض في يوم كذا و كذا في شهر كذا و كذا في ساعة كذا و كذا فيكون كما قال .
و كان (عليه السلام) قد علم رشيد الهجري من ذلك , فكانوا يلقبونه رشيد البلايا و أخبر (عليه السلام) عن قتل الحسين (عليه السلام) .