back page fehrest page next page

فضل بن الزبير عن أبي الحكم عن مشيخته : إن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال سلوني قبل أن تفقدوني .

قال رجل أخبرني كم في رأسي و لحيتي من طاقة شعر .

قال (عليه السلام) إن على كل طاقة

[270]

في رأسك ملك يلعنك و على كل طاقة من لحيتك شيطان يستفزك , و إن في بيتك لسخلا يقتل ابن رسول الله , و آية ذلك مصداق ما أخبرتك به , و لو لا أن الذي سألت يعسر برهانه لأخبرتك به .

و كان ابنه عمر يومئذ صبيا حابيا و كان قتل الحسين (عليه السلام) على يده .

و مستفيض في أهل العلم عن الأعمش و ابن محبوب عن الثمالي و السبيعي كلهم عن سويد بن غفلة و قد ذكره أبو الفرج الأصفهاني في أخبار الحسن إنه : قيل لأمير المؤمنين عن خالد بن عرفطة قد مات .

فقال (عليه السلام) : إنه لم يمت , و لا يموت , حتى يقود جيش ضلالة صاحب لوائه حبيب بن جمار .

فقام رجل من تحت المنبر , فقال يا أمير المؤمنين : و الله إني لك شيعة و إني لك المحب و أنا حبيب بن جمار .

قال : إياك أن تحملها , و لتحملنها , فتدخل بها من هذا الباب , و أومى بيده إلى باب الفيل .

فلما كان من أمر الحسين ما كان و توجه عمر بن سعد بن أبي وقاص إلى قتاله كان خالد بن عرفطة على مقدمته و حبيب بن جمار صاحب رايته فسار بها حتى دخل المسجد من باب الفيل .

أبو حفص عمر بن محمد الزيات في خبر : أن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال للمسيب بن نجية : يأتيكم راكب الدغيلة يشد حقوها بوضينها لم يقض من حج و لا عمرة فيقتلوه . يريد الحسين (عليه السلام) .

و قال (عليه السلام) يخاطب أهل الكوفة : كيف أنتم إذا نزل بكم ذرية رسولكم فعمدتم إليه فقتلتموه ?

قالوا : معاذ الله , لئن أتانا الله في ذلك لنبلون عذرا .

فقال (عليه السلام) :

هم أوردوه في الغرور و غرروا *** أرادوا نجاة لا نجاة و لا عذر

إسماعيل بن صبيح عن يحيى بن مساور العابد عن إسماعيل بن زياد قال : إن عليا قال للبراء بن عازب يا براء يقتل ابني الحسين و أنت حي لا تنصره .

فلما قتل الحسين (عليه السلام) كان البراء يقول صدق و الله أمير المؤمنين (عليه السلام) و جعل يتلهف .

[271]

مسند الموصلي روى عبد الله بن يحيى عن أبيه : إن أمير المؤمنين (عليه السلام) لما حاذى نينوى و هو منطلق إلى صفين نادى اصبر أبا عبد الله بشط الفرات .

فقلت : و ما ذا ?

فذكر مصرع الحسين (عليه السلام) بالطف .

جويرية بن مسهر العبدي : لما رحل علي إلى صفين وقف بطفوف كربلاء , و نظر يمينا و شمالا , و استعبر .

ثم قال : و الله ينزلون هاهنا , فلم يعرفوا تأويله إلا وقت قتل الحسين (عليه السلام) .

الشافي في الأنساب قال بعض أصحابه : فطلبت ما أعلم به الموضع فما وجدت غير عظم جمل قال فرميته في الموضع فلما قتل الحسين (عليه السلام) وجدت العظم في مصارع أصحابه .

و أخبر (عليه السلام) بقتل نفسه , روى الشاذكوني عن حماد عن يحيى عن ابن عتيق عن ابن سيرين قال : إن كان أحد يعرف أجله فعلي بن أبي طالب .

الصادق (عليه السلام) : إن عليا (عليه السلام) أمر أن يكتب له من يدخل الكوفة فكتب له أناس و رفعت أسماؤهم في صحيفة فقرأها .

فلما مر على اسم ابن ملجم , وضع إصبعه على اسمه , ثم قال : قاتلك الله , قاتلك الله .

و لما قيل له : إذا علمت أنه يقتلك , فلم لا تقتله ?

فيقول : إن الله تعالى لا يعذب العبد حتى تقع منه المعصية , و تارة يقول فمن يقتلني .

الأصبغ بن نباتة إنه خطب (عليه السلام) في الشهر الذي قتل فيه , فقال : أتاكم شهر رمضان و هو سيد الشهور و أول السنة و فيه تدور رحى الشيطان ألا و إنكم حاجوا العام صفا واحدا , و آية ذلك أن لست فيكم .

الصفواني في الإحن و المحن قال الأصبغ سمعت عليا (عليه السلام) قبل أن يقتل بجمعة يقول : ألا من كان هاهنا من بني عبد المطلب فليدن مني , لا تقتلوا غير قاتلي ألا لا ألفينكم غدا تحيطون الناس بأسيافكم تقولون قتل أمير المؤمنين (عليه السلام) .

عثمان بن المغيرة : إنه لما دخل شهر رمضان كان (عليه السلام) يتعشى ليلة عند الحسن و ليلة عند الحسين و ليلة عند عبد الله بن عباس و الأصح عند عبد الله بن جعفر و كان لا يزيد على ثلاث لقم .

فقيل له في ذلك , فقال : يأتيني أمر ربي و أنا خميص , إنما هي ليلة أو ليلتان , فأصيب في تلك الليلة .

و كذلك أخبر (عليه السلام) بقتل جماعة منهم : حجر بن عدي و رشيد الهجري

[272]

و كميل بن زياد و ميثم التمار و محمد بن أكثم و خالد بن مسعود و حبيب بن المظاهر و جويرية و عمرو بن الحمق و قنبر و مذرع و غيرهم و وصف قاتليهم و كيفية قتلهم على ما يجي‏ء بيانه إن شاء الله .

عبد العزيز و صهيب عن أبي العالية قال حدثني مذرع بن عبد الله قال سمعت أمير المؤمنين (عليه السلام) يقول : أما و الله ليقبلن جيش حتى إذا كان بالبيداء خسف بهم .

فقلت : هذا غيب .

قال : و الله ليكونن ما خبرني به أمير المؤمنين , و ليؤخذن رجل فليقتلن و ليصلبن بين شرفتين من شرف هذا المسجد .

فقلت : هذا ثان .

قال : حدثني الثقة المأمون علي بن أبي طالب .

قال أبو العالية : فما أتت علينا جمعة حتى أخذ مذرع و صلب بين الشرفتين .

المعرفة و التاريخ عن النسوي قال رزين الغافقي : سمعت علي بن أبي طالب (عليه السلام) يقول يا أهل العراق سيقتل منكم سبعة نفر بعذراء مثلهم كمثل أصحاب الأخدود فقتل حجر و أصحابه .

و ذكر (عليه السلام) من بعده الفتن , خطب بالكوفة لما رأى عجزهم , قال : مع أي إمام بعدي تقاتلون و أي دار بعد داركم تمنعون أما إنكم ستلقون بعدي ذلا شاملا و سيفا قاطعا و إثرة قبيحة يتخذها الظالمون عليكم سنة .

و قال (عليه السلام) لأهل الكوفة : أما إنه سيظهر عليكم رجل رحيب البلعوم مندحق البطن يأكل ما يجد و يطلب ما لا يجد فاقتلوه و لن تقتلوه ألا و إنه سيأمركم بسبي و البراءة مني فأما السب فسبوني و أما البراءة عني فلا تتبرءوا مني فإني ولدت على الفطرة و سبقت إلى الإسلام و الهجرة يعني معاوية .

و قال (عليه السلام) لأهل البصرة : إن كنت قد أديت لكم الأمانة و نصحت لكم بالغيب و اتهمتموني فكذبتموني ; فسلط الله عليكم فتى ثقيف .

قالوا : و ما فتى ثقيف ?

قال (عليه السلام) : رجل لا يدع لله حرمة إلا انتهكها ; يعني الحجاج .

و أخبر (عليه السلام) بخروج الترك و الزنج .

رواه الرضي في نهج البلاغة , فقال (عليه السلام) في الترك:

[273]

كأني أراهم قوما كان وجوههم المجان المطرقة , يلبسون الإستبرق و الديباج , و يعتقبون الخيل العتاق , و يكون هناك استجرار قتل حتى يمشي المجروح على المقتول , و يكون المفلت أقل من المأسور .

ثم قال : في الزنج ; يا أحنف , كأني به و قد سار بالجيش الذي لا يكون له غبار و لا لجب و لا قعقعة لجم و لا حمحمة خيل يثيرون الأرض بأقدامهم كأنها أقدام النعام .

و ذكر محمود في الفائق قوله (عليه السلام) : إن من ورائكم أمورا متماحلة ردحا و بلاء مبلحا .

و ذكر في خطبة اللؤلؤية : ألا و إني ظاعن عن قريب و منطلق للمغيب , فارهبوا الفتن الأموية , و المملكة الكسروية .

و منها : ... فكم من ملاحم و بلاء متراكم , تفتل مملكة بني العباس بالروع و اليأس , و تبنى لهم مدينة يقال لها الزوراء بين دجلة و دجيل . ثم وصفها .

ثم قال : فتوالت فيها ملوك شيصبان , أربعة و عشرون ملكا على عدد سني الكديد , فأولهم السفاح و المقلاص و الجموح و المجروح و في رواية المخدوع و المظفر و المؤنث و النظار و الكبش و المطور و المستظلم و المستصعب .

و في رواية :

[274]

المستضعف و العلام و المختطف و الغلام و المترف و الكديد و الأكدر .

و في رواية : و الأكتب و الأكلب و المشرف و الوشم و الصلم و العنون و الركاز و العينوق ثم الفتنة الحمراء و العلادة الغبراء في عقبها قائم الحق .

و قوله (عليه السلام) في الخطبة الغراء : ويل لأهل الأرض إذا دعي على منابرهم باسم الملتجي و المستكفي .

و لم يعرف الملتجي في ألقابهم , و لكن لما بينا صفتهم وجدناه الملقب بالمتقي الذي التجأ إلى بني حمدان .

ثم يذكر الرجل من ربيعة الذي قال في أول اسمه سين و ميم و يعقب برجل في اسمه دال و قاف ثم يذكر صفته و صفة ملكه .

و قوله (عليه السلام) : و إن منهم الغلام الأصفر الساقين اسمه أحمد .

و قوله (عليه السلام) : و ينادي منادي الجرحى على القتلى , و دفن الرجال , و غلبة الهند على السند , و غلبة القفص على السعير , و غلبة القبط على أطراف مصر , و غلبة أندلس على أطراف إفريقية , و غلبة الحبشة على اليمن , و غلبة الترك على خراسان , و غلبة الروم على الشام , و غلبة أهل أرمينية .

و صرخ الصارخ بالعراق : هتك الحجاب , و افتضت العذراء , و ظهر علم اللعين الدجال , ثم ذكر خروج القائم (عليه السلام) .

و ذكر في خطبة الأقاليم : فوصف ما يجري في كل إقليم .

ثم وصف ما يجري بعد كل عشر سنين من موت النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) إلى تمام ثلاثة و عشر سنين من فتح قسطنطنية و الصقالبة و الأندلس و الحبشة و النوبة و الترك و الكرك و مل و حيسل و تاويل و تاريس و الصين و أقاصي مدن الدنيا .

و قوله (عليه السلام) في خطبة القصية : من قوله العجب كل العجب بين جمادى و رجب .

و قوله (عليه السلام) : و أي عجب أعجب من أموات يضربون هامات الأحياء .

و قوله (عليه السلام) في خطبة الملاحم المعروفة بالزهراء : و إن من السنين سنون جواذع , تجذع فيها أنف غطارفة و هراقلة , يقتل فيها رجال و تسبى فيها نساء و يسلب فيها قوم أموالهم و أديانهم و تخرب و تحرق دورهم و قصورهم , و تملك عليهم عبيدهم و أراذلهم و أبناء إمائهم يذهب فيها مسلك ملوك الظلمة و القضاة الخونة .

ثم قال بعد كلام تلك سنون عشر كوامل .

[275]

ثم قوله (عليه السلام) إن ملك ولد بني العباس من خراسان يقبل و من خراسان يذهب .

و قوله (عليه السلام) في المعتصم : يدعى له في المنابر بالميم و العين و الصاد فذلك رجل صاحب فتوح و نصر و ظفر و هو الذي تخفق راياته بأرض الروم , و سيفتح الحصينة من مدنها و يعلو العقاب الخشن من عقابها بعقب هارون و جعفر , و يتخذ المؤتفكة بيتا و دارا , و يبطل العرب و يتخذ العجم عجم الترك أولياء وزراء .

و قوله (عليه السلام) و يبطل حدود ما أنزل الله في كتابه على نبيه محمد (صلّى الله عليه وآله وسلّم) و يقال رأى فلان , و زعم فلان , يعني أبا حنيفة و الشافعي و غيرهما .

و يتخذ الآراء و القياس و ينبذ الآثار و القرآن وراء الظهور فعند ذلك تشرب الخمور و تسمى بغير اسمها , و يضرب عليها بالعرطبة و الكوبة و القينات و المعازف , و يتخذ آنية الذهب و الفضة .

و قوله (عليه السلام) يشيدون القصور و الدور و يلبس الديباج و الحرير و يسفر الغلمان فيشنفونهم و يقرطقونهم و يمنطقونهم .

و قوله (عليه السلام) فيأخذ الروم ما أخذ منها و تزداد يعني الساحل و نحوها , و تأخذ الترك ما أخذ منها يعني كاشغر و ما وراء النهر , و يأخذ القفص ما أخذ منها يعني تفليس و نحوها , و يأخذ القلقل ما أخذ منها .

ثم يورد فيها من العجائب , و يسمى مدينة مدينة , و يلغز ببعض , و يصرح ببعض , حتى يقول : الويل لأهل البصرة إذا كان كذا و كذا , الويل لأهل الجبال إذا كان كذا و كذا و , الويل لأهل الدينور , و الويل لأهل أصفهان من جالوت عبد الله الحجام , و الويل لأهل العراق , و الويل لأهل الشام , و الويل لأهل المصر , الويل لأهل فلانة .

ثم يقول من فراعنة الجبال فلان , فإذا ألغز قال في اسمه حرف كذا حتى ذكر العساكر التي تقتل بين حلوان و الدينور , و العساكر التي تقتل بين أبهر و زنجان .

و يذكر الثائر من الديلم و طبرستان .

و روى ابن الأحنف عن ملوك بني أمية فسماهم خمسة عشر .

[276]

و من خطبة له (عليه السلام) : ويل هذه الأمة من رجالهم الشجرة الملعونة التي ذكرها ربكم تعالى أولهم خضراء و آخرهم هزماء .

ثم يلي بعدهم أمر أمة محمد رجال أولهم أرأفهم , و ثانيهم أفتكهم , و خامسهم كبشهم , و سابعهم أعلمهم , و عاشرهم أكفرهم , يقتله أخصهم به , و خامس عشرهم كثير العناء قليل الغناء , سادس عشرهم أقضاهم للذمم و أوصلهم للرحم , كأني أرى ثامن عشرهم تفحص رجلاه في دمه بعد أن يأخذ جنده بكظمه من ولده ثلاث رجال , سيرتهم سيرة الضلال , و الثاني و العشرين منهم الشيخ الهرم تطول أعوامه و توافق الرعية أيامه , و السادس و العشرون منهم يشرد الملك منه شرود المنفتق , و يعضده الهزرة المتفيهق , لكأني أراه على جسر الزوراء قتيلا ذلك بما قدمت يداك و إن الله ليس بظلام للعبيد .

و منها : سيخرب العراق بين رجلين يكثر بينهما الجريح و القتيل يعني طرليك و الديلم , لكأني أشاهد به دماء ذوات الفروج بدماء أصحاب السروج , ويل لأهل الزوراء من بني قنطورة .

و منها : لكأني أرى منية الشيخ على ظاهر أهل الحصة قد

[277]

وقعت به وقعتان , يخسر فيها الفريقان , يعني وقعة الموصل حتى سمى باب الأذان , و ويل للطين من ملابسة الإشراك , و ويل للعرب من مخالطة الأتراك , ويل لأمة محمد إذا لم تحمل أهلها البلدان , و عبر بنو قنطورة نهر جيحان , و شربوا ماء دجلة , و هموا بقصد البصرة و الأبله , و ايم الله لتغرقن بلدتكم حتى كأني أنظر إلى جامعها كجؤجؤ سفينة أو نعامة جاثمة .

و أخبر (عليه السلام) عن خراب البلدان .

روى قتادة عن سعد بن المسيب أنه سئل أمير المؤمنين عن قوله تعالى :
وَ إِنْ مِنْ قَرْيَةٍ إِلَّا نَحْنُ مُهْلِكُوها قَبْلَ يَوْمِ الْقِيامَةِ أَوْ مُعَذِّبُوها .

فقال , في خبر طويل , انتخبنا منه : تخرب سمرقند و جاح و خوارزم و أصفهان و الكوفة من الترك .

و همدان و الري من الديلم , و الطبرية و المدينة و فارس بالقحط و الجوع .

و مكة من الحبشة و البصرة و بلخ من الغرق .

و السند من الهند .

و الهند من تبت , و تبت من الصين , و بذشجان و صاغاني و كرمان و بعض الشام بسنابك الخيل و القتل .

و اليمن من الجراد و السلطان , و سجستان و بعض الشام بالزنج .

و شامان بالطاعون .

و مرو بالرمل, و هراة بالحيات , و نيسابور من قبل انقطاع النيل , و آذربيجان بسنابك الخيل و الصواعق , و بخارا بالغرق و الجوع و الحلم , و بغداد يصير عاليها سافلها .

الناشئ :

إمام يفضل العالم *** بالعلم و بالزهد

هو البحر الذي تياره *** أحلى من الشهد

و فيه المسك و العنبر *** و الكافور و الند

ألا يا آل يس و أهل *** الكهف و الرعد

أ عرفتم بما يحدث في *** الزنج و في الهند

و علم الأبحر السبعة *** ذات الجزر و المد

[278]

و جابرقا و جابرصا *** و كم في الصين من يد

و ما يحدث بالأقطار *** من فتح و من سد

و من فتح و من زحف *** و من رجف و من هد

و من فتق و من رتق *** و من دهش و من بلد

و ما يفسد من دين *** و ما يسلم من عقد

و قيل للباقر (عليه السلام) : قد رضي أبوك إمامتهما لما استحل من سبيهما ?

فأشار (عليه السلام) إلى جابر الأنصاري .

فقال جابر : رأيت الحنفية عدلت إلى تربة رسول الله , فرنت و زفرت , ثم نادت : السلام عليك يا رسول الله و على أهل بيتك من بعدك هذه أمتك , سبتنا سبي الكفار , و ما كان لنا ذنب إلا الميل إلى أهل بيتك .

ثم قالت : أيها الناس لم سبيتمونا و قد أقررنا الشهادتين ?

فقال الزبير : لحق الله في أيديكم منعتموناه .

قالت : هب الرجال منعوكم فما بال النسوان ?

فطرح طلحة عليها ثوبا , و خالد ثوبا .

فقالت : يا أيها الناس لست بعريانة فتكسوني و لا سائلة فتتصدقون علي .

فقال الزبير : إنهما يريدانك .

فقالت : لا يكونان لي ببعل إلا من خبرني بالكلام الذي قلته ساعة خرجت من بطن أمي .

فجاء أمير المؤمنين , و ناداها : يا خولة ; اسمعي الكلام و عي الخطاب : لما كانت أمك حاملة بك , و ضربها الطلق , و اشتد بها الأمر , نادت : اللهم سلمني من هذا المولود سالما , فسبقت الدعوة لك بالنجاة .

فلما وضعتك ناديت من تحتها : لا إله إلا الله محمد رسول الله , يا أماه لم تدعين علي و عما قليل سيملكني سيد يكون لي منه ولد .

فكتبت ذلك الكلام في لوح نحاس , فدفنته في الموضع الذي سقطت فيه .

فلما كانت في الليلة التي تغيبت أمك فيها , أوصت إليك بذلك .

فلما كان وقت سبيك لم تكن لك همة إلا أخذ ذلك اللوح , فأخذتيه و شددتيه على عضدك .

هاتي اللوح . فأنا صاحب اللوح , و أنا أمير المؤمنين , و أنا أبو ذلك الغلام الميمون , و اسمه محمد .

فدفعت اللوح إلى أمير المؤمنين .

فقرأه عثمان لأبي بكر , فو الله ما زاد على ما في اللوح حرفا واحدا , و لا نقص.

فقالوا بأجمعهم : صدق الله و رسوله , إذ قال أنا مدينة العلم و علي بابها .

فقال أبو بكر : خذها يا أبا الحسن , بارك الله لك فيها .

فأنفذها علي (عليه السلام) إلى أسماء بنت عميس , فقال : خذي هذه المرأة فأكرمي مثواها و احفظيها .

فلم تزل عندها إلى أن قدم أخوها , فتزوجها منه , و أمهرها أمير المؤمنين , و تزوجها نكاحا .

[279]

و هذه كلها إخبار بالغيب أفضى إليه النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) بالسر مما أطلعه الله عز و علا عليه كما قال الله تعالى : عالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلى غَيْبِهِ أَحَداً إِلَّا مَنِ ارْتَضى مِنْ رَسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَ مِنْ خَلْفِهِ رَصَداً لِيَعْلَمَ أَنْ قَدْ أَبْلَغُوا رِسالاتِ رَبِّهِمْ وَ أَحاطَ بِما لَدَيْهِمْ وَ أَحْصى كُلَّ شَيْ‏ءٍ عَدَداً و لم يشح النبي على وصيه بذلك كما قال تعالى وَ ما هُوَ عَلَى الْغَيْبِ بِضَنِينٍ و لا ضن علي (عليه السلام) على الأئمة من ولده (عليه السلام) و أيضا لا يجوز أن يخبر بمثل هذا إلا من أقامه رسول الله مقامه من بعده .

فصل في إجابة دعواته :

عبد الله بن مسعود قال : لا تتعرضوا لدعوة علي فإنها لا ترد .

الأعثم في الفتوح : إن عليا (عليه السلام) رفع يده إلى السماء و هو يقول اللهم إن طلحة بن عبد الله أعطاني صفقة يمينه طائعا ثم نكث بيعتي اللهم فعاجله و لا تمهله اللهم و إن الزبير بن العوام قطع قرابتي و نكث عهدي و ظاهر عدوي و هو يعلم أنه ظالم لي فاكفنيه كيف شئت و أنى شئت .

تاريخ الطبري قال أمير المؤمنين (عليه السلام) : و من العجب انقيادهما لأبي بكر و عمر و خلافهما علي و الله إنهما يعلمان أني لست بدون رجل ممن قد مضى اللهم فاحلل ما عقدا و لا تبرم ما أحكما في أنفسهما و أرهما المساءة فيما قد عملا .

فضائل العشرة و أربعين الخطيب روى زاذان أنه كذبه رجل في حديثه فقال (عليه السلام) : أدعو عليك إن كنت كذبتني أن يعمي الله بصرك .

قال : نعم .

فدعا عليه , فلم ينصرف حتى ذهب بصره .

جميع بن عمير قال : اتهم علي رجلا يقال له العيزار برفع أخباره إلى معاوية .

فأنكر ذلك و جحد .

فقال (عليه السلام) : أ تحلف بالله يا هذا إنك ما فعلت ?

قال : نعم . و بدر فحلف .

فقال له أمير المؤمنين (عليه السلام) : إن كنت كاذبا فأعمى الله بصرك , فما دارت الجمعة حتى أخرج أعمى يقاد .

تاريخ البلاذري و حلية الأولياء و كتب أصحابنا عن جابر الأنصاري : إنه استشهد أمير المؤمنين (عليه السلام) أنس بن مالك و البراء بن عازب و الأشعث و خالد بن يزيد قول النبي :

[280]

من كنت مولاه فعلي مولاه فكتموا .

فقال لأنس : لا أماتك الله حتى يبتليك ببرص لا تغطيه العمامة .

و قال للأشعث : لا أماتك الله حتى يذهب بكريمتيك .

و قال لخالد : لا أماتك الله إلا ميتة جاهلية .

و قال للبراء : لا أماتك الله إلا حيث هاجرت .

قال جابر , و الله لقد رأيت أنسا و قد ابتلي ببرص يغطيه بالعمامة فما تستره .

و رأيت الأشعث و قد ذهبت كريمتاه و هو يقول الحمد لله الذي جعل دعاء أمير المؤمنين (عليه السلام) علي بالعمى في الدنيا و لم يدع علي في الآخرة فأعذب .

و أما خالد فإنه لما مات دفنوه في منزله فسمعت بذلك كندة فجاءت بالخيل و الإبل فعقرتها على باب منزله , فمات ميتة جاهلية .

و أما البراء فإنه ولي من جهة معاوية باليمن فمات بها , و منها كان هاجر و هي السراة .

الوليد بن الحارث و غيره إنه قال : إن عليا لما بلغه قتل بشر بن أرطاة من شيعته باليمن حين ولي عليهم من جهة معاوية .

قال : اللهم إن بشرا باع دينه بالدنيا فاسلبه عقله .

فاختلط بشر فكان يدعو بالسيف فاتخذ له سيفا من خشب فكان يضرب به حتى يغشى عليه .

فإذا أفاق يقول السيف فلم يزل ذلك دأبه حتى مات .

و دعا (عليه السلام) على رجل في غزاة بني زبيد : و كان في وجهه خال فتفشى في وجهه حتى اسود بها وجهه كله .

و قوله لرجل إن كنت كاذبا فسلط الله عليك غلام ثقيف .

قالوا : و ما غلام ثقيف ?

قال : غلام لا يدع لله حرمة إلا انتهكها , و أدرك الرجل الحجاج فقتله .

و حكم (عليه السلام) بحكم .

فقال المحكوم عليه : ظلمت و الله يا علي .

فقال : إن كنت كاذبا فغير الله صورتك , فصار رأسه رأس خنزير .

و ذكر الصاحب في رسالته الغراء عن أبي العيناء أنه : لقي جد أبي العيناء الأكبر أمير المؤمنين فأساء مخاطبته فدعا عليه و على أولاده بالعمى فكل من عمي من أولاده فهو صحيح النسب .

و يقال إنه دعا (عليه السلام) : على وابصة بن معبد الجهني و كان من أهل الصفة بالرقة , لما قال له : فتنت أهل العراق و جئت تفتن أهل الشام : بالعمى و الخرس و الصمم و داء السوء .

back page fehrest page next page