سأل الحكومة بين حزبي قومه *** عنه و دان لحكمه الحزبان
عمرو بن حمزة العلوي في فضائل الكوفة إنه : كان أمير المؤمنين (عليه السلام) ذات يوم في محراب جامع الكوفة إذ قام بين يديه رجل للوضوء فمضى نحو رحبة الكوفة يتوضأ فإذا بأفعي قد لقيه في طريقه ليلتقمه .
فهرب من بين يديه إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) فحدثه بما لحقه في طريقه .
فنهض أمير المؤمنين (عليه السلام) حتى وقف على باب الثقب الذي فيه الأفعى فأخذ سيفه و تركه في باب الثقب , و قال إن كنت معجزة مثل عصا موسى
[305]
فأخرج الأفعى .
فما كان إلا ساعة حتى خرج يساره .
ثم رفع رأسه إلى الأعرابي , و قال : إنك ظننت أني رابع رابعة لما قمت بين يدي .
فقال : هو صحيح .
ثم لطم على رأسه و أسلم .
الوراق :
علي مناجي الأفعوان و جيشه *** حواليه من جاءت إليه و جثم
في الامتحان عمار بن ياسر و جابر الأنصاري : كنت مع أمير المؤمنين في البرية فرأيته قد عدل عن الطريق فتبعته فرأيته ينظر إلى السماء ثم يتبسم ضاحكا فقال أحسنت أيها الطير إذ صفرت بفضله .
فقلت له مولاي : أين الطير ?
فقال : في الهواء , تحب أن تراه و تسمع كلامه ?
فقلت : نعم يا مولاي .
فنظر إلى السماء و دعا بدعاء خفي فإذا الطير يهوي إلى الأرض فسقط على يد أمير المؤمنين فمسح يده على ظهره , فقال أنطق بإذن الله و أنا علي بن أبي طالب فأنطق الله الطير بلسان عربي مبين , فقال : السلام عليك يا أمير المؤمنين و رحمة الله و بركاته .
فرد عليه , و قال له : من أين مطعمك و مشربك في هذه الفلاة القفراء التي لا نبات فيها و لا ماء ?
فقال : يا مولاي إذا جعت ذكرت ولايتكم أهل البيت فأشبع و إذا عطشت فأتبرأ من أعدائكم فأروي .
فقال : بورك فيك بورك فيك , و طارت .
مثل قوله تعالى يا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنا مَنْطِقَ الطَّيْرِ .
الصاحب :
أ في الطير لما قد دعا فأجابه *** و قد رده عني غبي موارب
أ في يوم خم إذ أشار بذكره *** و قد سمع الإيصاء جاء و ذاهب
محمد بن وهبان الأزدي الديبلي في معجزات النبوة عن البراء بن عازب في خبر عن أمير المؤمنين : إنه عبر في السماء خيط من الإوز طائرا على رأس أمير المؤمنين فصرصرن و صرخن .
فقال أمير المؤمنين : قد سلمن علي و عليكم .
فتغامز أهل النفاق بينهم .
فقال أمير المؤمنين ,يا قنبر : ناد بأعلى صوتك أيها الإوز أجيبوا أمير المؤمنين و أخا رسول رب العالمين .
فنادى قنبر بذلك , فإذا الطير ترفرف على رأس أمير المؤمنين .
فقال , قل لها : انزلن .
فلما قال لها : رأيت الإوز و قد ضربت بصدورها إلى الأرض حتى صارت في صحن المسجد على أرض واحدة .
فجعل أمير المؤمنين يخطبها بلغة لا نعرفها و هن
[306]
يلززن بأعناقهن إليه و يصرصرن .
ثم قال لهن : انطقن بإذن الله العزيز الجبار .
قال : فإذا هن ينطقن بلسان عربي مبين : السلام عليك يا أمير المؤمنين و خليفة رب العالمين ... الخبر .
و هذا كقوله تعالى يا جِبالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَ الطَّيْرَ .
علل الشرائع عن علي بن حاتم القزويني بإسناده عن الأعمش عن إبراهيم بن علي بن أبي طالب : إن أمير المؤمنين (عليه السلام) خرج ذات يوم فوقف على الفرات , و قال : يا هناش .
فأطلع الجري رأسه .
فقال له علي (عليه السلام) : من أنت ?
قال : أنا من أمة بني إسرائيل , عرضت علي ولايتكم فلم أقبلها فمسخت جريا .
المعجزات و الروضة و دلائل ابن عقدة أبو إسحاق السبيعي و الحارث الأعور : رأينا شيخا باكيا و هو يقول أشرفت على المائة و ما رأيت العدل إلا ساعة فسئل عن ذلك .
فقال : أنا حجر الحميري , و كنت يهوديا أبتاع الطعام , قدمت يوما نحو الكوفة فلما سرت بالقبة بالمسجد فقدت حمري فدخلت الكوفة إلى الأشتر فوجهني إلى أمير المؤمنين .
فلما رآني قال , يا أخا اليهود : إن عندنا علم البلايا و المنايا ما كان و ما يكون أخبرك أم تخبرني بما ذا جئت .
فقلت : بل تخبرني .
فقال : اختلست الجن مالك في القبة ; فما تشاء ?
قلت : إن تفضلت علي , آمنت بك .
فانطلق معي حتى إذا أتى القبة و صلى ركعتين و دعا بدعاء و قرأ يُرْسَلُ عَلَيْكُما شُواظٌ مِنْ نارٍ وَ نُحاسٌ فَلا تَنْتَصِرانِ الآية , ثم قال : يا عبد الله ما هذا العبث و الله ما على هذا بايعتموني و عاهدتموني يا معشر الجن .
فرأيت مالي يخرج من القبة , فقلت : أشهد أن لا إله إلا الله و أشهد أن محمدا رسول الله و أشهد أن عليا ولى الله .
ثم إني لما قدمت الآن وجدته مقتولا .
قال ابن عقدة : إن اليهودي من سورات المدينة .
الوراق القمي :
علي دعا جنا بكوفان ليلة *** و قد سرقوا مال اليهودي عهرم
على نقض عهد أو برد متاعه *** فردوا عليه ما له لم يقسم
و حكى محمد بن الحنفية انقضاض غراب على خفه : و قد نزعه ليتوضأ وضوء الصلاة فانساب فيه أسود فحمله الغراب حتى صار به في الجو ثم ألقاه فوقع منه الأسود و وقاه
[307]
الله من ذلك .
و في الأغاني أنه قال المدائني : إن السيد الحميري وقف بالكناس و قال من جاء بفضيلة لعلى بن أبي طالب لم أقل فيها شعرا فله فرسي هذا و ما علي فجعلوا يحدثونه و ينشدهم فيه حتى روى رجل عن أبي الرعل المرادي أنه قدم أمير المؤمنين فتطهر للصلاة فنزع خفه فانسابت فيه أفعي فلما دعا ليلبسه انقضى غراب فحلق به ثم ألقاه فخرجت الأفعى منه قال فأعطاه السيد ما وعده و أنشأ يقول :
ألا يا قوم للعجب العجاب *** لخف أبي الحسين و للحباب
عدو من عداه الجن عبد *** بعيد في المرادة من صواب
كريه اللون أسود ذو بصيص *** حديد الناب أزرق ذو لعاب
أتى خفا له فانساب فيه *** لينهش رجله منها بناب
فقض من السماء له عقاب *** من العقبان أو شبه العقاب
فطار به فحلق ثم أهوى *** به للأرض من دون السحاب
فصك بخفه فانساب منه *** و ولى هاربا حذر الحصاب
فدوفع عن أبي حسن علي *** نقيع سمامه بعد انسياب
و له أيضا :
كمن في خف الوصي حية *** سبسبها الراقي فيه بالحيل
فأرسل الله إليه ملكا *** في صورة الطير الغداف المنحجل
فحلق الخف و أحداق الورى *** تراه في حجر الغداف معتقل
حتى هوى من جوفه نضاضة *** تنضح سما باللعاب المنسدل
الرضي :
أما في باب خيبر معجزات *** تصدق أو مناجاة الحباب
[308]
أرادت كيده و الله يأبى *** فجاء النصر من قبل الغراب
فطار به فحلق ثم أهوى *** يصك الأرض من دون السحاب
الناشئ :
و من في خفه طرح الأعادي *** حبابا كي تلسعه الحباب
فحين أراد لبس الخف وافى *** تمانعه من الخف الغراب
و طار به و أقلبه و فيه *** حباب في الصعيد له انسياب
ابن علوية :
كقصة الأفعى التي في خفه *** كمنت و منها تصرف النابان
رقشاء تنفث بالسموم ضئيلة *** صماء عادية لها قرنان
يدعى الحباب و لو تفهم أمره *** من عابني بهوى الوصي شقاني
ما ذا دعاه إلى الولوج لخيبة *** و ضلالة في ذلك الشيخان
لما تيمم لبسه ألوى به *** في الجو منقض من الغربان
حتى إذا ارتفعا به و تقلبا *** أهواه مثل مكابد حردان
فهوى هوي الريح بين فروجه *** متقطعا قلقا على الصوان
كتاب هواتف الجن محمد بن إسحاق عن يحيى بن عبد الله بن الحارث عن أبيه قال حدثني سلمان الفارسي , في خبر : كنا مع رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) في يوم مطير و نحن ملتفتون نحوه فهتف هاتف السلام عليك يا رسول الله .
فرد عليه السلام , و قال : من أنت ?
قال : عرفطة بن شمراخ , أحد بني نجاح .
قال : أظهر لنا رحمك الله في صورتك .
قال سلمان : فظهر لنا شيخ أزب أشعر قد لبس وجهه شعر غليظ متكاثف قد واراه , و عيناه مشقوقتان طولا , و فمه في صدره فيه أنياب بادية طوال , و أظفاره كمخالب
[309]
السباع .
فقال الشيخ : يا نبي الله ابعث معي من يدعو قومي إلى الإسلام , أنا أرده إليك سالما .
فقال النبي : أيكم يقوم معه فيبلغ الجن عني و له الجنة .
فلم يقم أحد .
فقال : ثانية , و ثالثة .
فقال علي (عليه السلام) : أنا يا رسول الله .
فالتفت النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) إلى الشيخ فقال و افنى إلى الحرة في هذه الليلة أبعث معك رجلا يفصل حكمي و ينطق بلساني و يبلغ الجن عني .
قال : فغاب الشيخ .
ثم أتى في الليل , و هو على بعير كالشاة , و معه بعير آخر كارتفاع الفرس , فحمل النبي عليا عليه , و حملني خلفه , و عصب عيني , و قال : لا تفتح عينيك حتى تسمع عليا يؤذن , و لا يروعك ما ترى فإنك آمن , فسار البعير , فدفع سائرا يدف كدفيف النعام , و علي يتلو القرآن , فسرنا ليلتنا حتى إذا طلع الفجر , أذن علي و أناخ البعير , و قال انزل يا سلمان .
فحللت عيني و نزلت , فإذا أرض قوراء , فأقام الصلاة و صلى بنا , و لم أزل أسمع الحس حتى إذا سلم علي , التفت ; فإذا خلق عظيم و أقام علي يسبح ربه حتى طلعت الشمس .
ثم قام خطيبا , فخطبهم , فاعترضته مردة منهم .
فأقبل علي (عليه السلام) , فقال : أ بالحق تكذبون و عن القرآن تصدفون و بآيات الله تجحدون .
ثم رفع طرفه إلى السماء , فقال : اللهم بالكلمة العظمى و الأسماء الحسنى و العزائم الكبرى و الحي القيوم و محيي الموتى و مميت الأحياء و رب الأرض و السماء يا حرسة الجن و رصدة الشياطين و خدام الله الشرهاليين و ذوي الأرحام الطاهرة اهبطوا بالجمرة التي لا تطفأ و الشهاب الثاقب و الشواظ المحرق و النحاس القاتل بكهيعص و الطواسين و الحواميم و يس و ن وَ الْقَلَمِ وَ ما يَسْطُرُونَ * وَ الذَّارِياتِ * وَ النَّجْمِ إِذا هَوى * وَ الطُّورِ وَ كِتابٍ مَسْطُورٍ فِي رَقٍّ مَنْشُورٍ وَ الْبَيْتِ الْمَعْمُورِ و الأقسام العظام و مواقع النجوم لما أسرعتم الانحدار إلى المردة المتولعين المتكبرين الجاحدين آثار رب العالمين .
قال سلمان : فأحسست بالأرض من تحتي ترتعد , و سمعت في الهواء دويا شديدا , ثم نزلت نار من السماء صعق كل من رآها من الجن و خرت على وجوهها مغشيا عليها , و سقطت أنا على وجهي .
فلما أفقت , إذا دخان يفور من الأرض فصاح بهم علي ارفعوا رءوسكم , فقد أهلك الله الظالمين .
ثم عاد إلى خطبته , فقال : يا معشر الجن و الشياطين و القيلان و بني شمراخ و آل نجاح و سكان الآجام و الرمال و القفار و جميع شياطين البلدان اعلموا أن الأرض قد ملئت عدلا كما كانت
[310]
مملوءة جورا , هذا هو الحق فما ذا بعد الحق إلا الضلال فأنى تصرفون .
فقالوا : آمنا بالله و رسوله و برسول رسوله .
فلما دخلنا المدينة , قال النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) لعلي (عليه السلام) : ما ذا صنعت ?
قال : أجابوا و أذعنوا , و قص عليه خبرهم .
فقال : لا يزالون كذلك هائبين إلى يوم القيامة .
ابن حماد :
و ليلة الجن مضى *** و بينهم أمضى القضاء
حتى إذا الفجر أضا *** أقبل محمود السرى
الزاهي :
من هبط الجب و لم يخش الردى *** و الماء منحل السقاء فجاسه
من أحرق الجن برجم شبهه *** أشوظه يقدمها نحاسه
حتى انثنت لأمره مذعنة *** و منهم بالعوذ احتراسه
الوراق القمي :
علي دعي بالجن في أرض يثرب *** على دين ذي الآلاء حي هلمم
علي فري يوم القليب بسيفه *** جماجم كفار لهاميم ظلم
و حدثني أبو منصور بإسناده و الأصفهاني بإسناده إلى رجل قال : كنت أنا و علي بن أبي طالب بصفين فرأيت بعيرا من إبل الشام جاء و عليه راكبة و ثقله فألقى ما عليه و جعل يتخلل الصفوف حتى انتهى إلى علي (عليه السلام) فوضع مشفره ما بين رأس علي و منكبه و جعل يحركها بجرانه .
فقال علي : و الله إنها لعلامة بيني و بين رسول الله .
قال : فجد الناس في ذلك اليوم و اشتد قتالهم .
و حدثني أبو العزيز كادش العكبري بإسناد أورده : أن رجلا من ناحية آذربيجان كان له إبلا قد استصعبت عليه .
فجاء إلى أمير المؤمنين فأخبره بذلك و شكا إليه .
فقال (عليه السلام) : إذا انصرفت فصر إلى الموضع الذي هي فيه , و قل : اللهم إني أتوجه إليك بنبيك نبي الرحمة
[311]
و أهل بيته الذين اخترتهم على علم على العالمين اللهم فذلل لي صعوبتها و حزانها و اكفني شرها فإنك الكافي المعافي و الغالب القاهر .
فانصرف الرجل , فلما كان من قابل عاد و معه جملة من أثمانها قد حمله إلى أمير المؤمنين .
فقال (عليه السلام) له إنها لما صرت إليها جاءتك لائذة خاضعة ذليلة فأخذت بنواصيها واحدا فواحدا .
قال : صدقت يا أمير المؤمنين كأنك كنت حاضرا معي فتفضل علي بقبول ما جئتك به .
فقال امض راشدا بارك الله لك فيه , فبورك للرجل في ماله حتى ضاق عليه رحاب بلده .
و في حديث عمار : لما أرسل النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) عليا (عليه السلام) إلى مدينة عمان في قتال الجلندى بن كركرة و جرى بينهما حربا عظيما و ضربا وجيعا , دعا الجلندى بغلام يقال له الكندي , و قال له :
إن أنت خرجت إلى صاحب العمامة السوداء و البغلة الشهباء فتأخذه أسيرا و تطرحه مجدلا عفيرا أزوجك ابنتي التي لم أنعم لأولاد الملوك بزواجها .
فركب الكندي الفيل الأبيض و كان مع الجلندى ثلاثون فيلا و حمل بالأفيلة و العسكر على أمير المؤمنين .
فلما نظر الإمام (عليه السلام) إليه نزل عن بغلته ثم كشف عن رأسه فأشرقت الفلاة طولا و عرضا .
ثم ركب و دنا من الأفيلة و جعل يكلمها بكلام لا يفهمه الآدميون و إذا بتسعة و عشرين فيلا قد دارت رءوسها و حملت على عسكر المشركين و جعلت تضرب فيهم يمينا و شمالا حتى أوصلتهم إلى باب عمان .
ثم رجعت و هي تتكلم بكلام يسمعه الناس : يا علي كلنا نعرف محمدا و نؤمن برب محمد إلا هذا الفيل الأبيض , فإنه لا يعرف محمدا و لا آل محمد .
فزعق الإمام زعقته المعروفة عند الغضب المشهورة فارتعد الفيل , و وقف .
فضربه الإمام بذي الفقار ضربة رمى رأسه عن بدنه فوقع الفيل إلى الأرض كالجبل العظيم , و أخذ الكندي من ظهره , فأخبر جبرئيل النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) فارتقى على السور فنادى أبا الحسن : هبه لي فهو أسيرك .
فأطلق علي سبيل الكندي .
فقال : يا أبا الحسن ما حملك على إطلاقي ?
قال : ويلك , مد نظرك .
فمد عينيه , فكشف الله عن بصره , فنظر النبي على سور المدينة و صحابته .
فقال : من هذا يا أبا الحسن : فقال سيدنا رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) .
فقال : كم بيننا و بينه ?
قال : مسيرة أربعين يوما .
فقال : يا أبا الحسن إن ربكم رب عظيم و نبيكم نبي كريم , مد يدك : فأنا أشهد أن لا إله إلا الله و أن محمدا رسول الله .
و قتل علي الجلندى و غرق في البحر منهم خلقا كثيرا , و قتل منهم كذلك , و أسلم الباقون .
و سلم الحصن إلى الكندي و زوجه بابنة
[312]
الجلندى , و أقعد عندهم قوما من المسلمين يعلمونهم الفرائض .
و في حديث صالح بن سماعة الطائني أنه : قال أعرابي أتاه من تيم مع القارصي بعد ما سأله مسائل إني قدمت بابن لي ألتمس له جملا من العلم فلقنه خبرا .
قال (عليه السلام) : ادن يا غلام .
قال الغلام : فأمد يده على ذؤابتيه , فلا أنسى برد جهضتها على أم دماغيه , قال لي : أ تعلم ?
قلت : بأبي و ما أعلم ?
قال : من ربك ?
قلت : الله ربي .
قال : من نبيك ?
قلت : محمد .
قال : فأين قبلتك ?
قلت : ها هي ذه تجاهيه , و أومأت إلى الكعبة .
قال لي : أجب الصلاة إذا غربت في اليوباء , و اذكر ربك ناشيا , و إن ركبت الجلعباء .
ثم تركني , فنهضت مع أبيه حتى قدمنا الحي , و ما شيء أحب إلي من الصلاة .
ثم سألت عن القارصي , قال : ذاك علي بن أبي طالب .
و أخذ (عليه السلام) البيعة على الجن بوادي العقيق بأن لا يظهروا في رحالتنا و جواد المسلمين و قضى منه و من رسول الله .
و ضلت مائة ناقة حمراء تنظر في سواد و ترعى في سواد .
فشكت الجن مآكلهم .
فقال : أ و ليس قد أبحت لكم النثيل و العظام ?
قالوا : يا أمير المؤمنين على أن لا يستجمر بها .
فقال : لكم ذلك .
فقالوا : يا أمير المؤمنين فإن الشمس تضر بأطفالنا .
فأمر أمير المؤمنين الشمس أن ترجع .
فرجعت .
و أخذ عليها العهد أن لا تضر بأولاد المؤمنين من الجن و الإنس .
و منه الحديث الملك الذي تضمن كلمة ابن حماد , و هي :
و لقد غدا يوما إلى الهادي *** إذا بالباب معترضا شجاع أقرع
فسعى إلى مولاي يلحس ثوبه *** كالمستجير به يلوذ و يضرع
حتى إذا بصر النبي بكمه *** و يذوده بالرفق عنه و يدفع
ناداه رفقا يا علي فإن ذا *** ملك له من ذي المعارج موضع
أخطأ فأهبط من علو مكانه *** فأتى بجاهك شافعا يستشفع
[313]
فادع الإله له ليغفر ذنبه *** و اشفع فإنك شافع و مشفع
فدعا علي و النبي و أخلصا *** فعلا الشجاع يصيح و هو مجعجع
لله من عبدين ليس لربنا *** عبدان أوجه منهما أو أطوع
و له أيضا :
و من ناجاه ثعبان عظيم *** بباب الطهر ألقته السحاب
رآه الناس فانحلفوا برعب *** و أغلقت المسالك و الرحاب
فلما أن دنا منه علي *** تدانى الناس و انحشد الحباب
فكلمه علي مستطيلا *** فأقبل لا يخاف و لا يهاب
و رنا رنه و انساب فيه *** يقول و قد تستره الثياب
أنا ملك مسخت و أنت مولى *** دعاؤك إن مننت به عجاب
أتيتك تائبا فاشفع إلى *** من إليه من جنايتي المتاب
فأقبل داعيا و أتى أخوه *** يؤمن في الدعاء له انسكاب
فلما أن أجيب أظل يعلو *** كما يعلو لدى الجو العقاب
نبته بريش طاوس عليه *** جواهر زانها التبر المذاب
يقول لقد نجوت بأهل بيت *** بهم يصلي لظى و بهم يثاب
الصنوبري :
و شافع الملك الراجي شفاعته *** إذ جاءه ملك في خلق ثعبان
ابن مكي :
أ لم تبصروا الثعبان مستشفعا *** به إلى الله و المعصوم يلحسه لحسا
فعاد كطاوس يطير كأنه تعشرم *** في الأملاك فاستوجب الحبسا
تفسير أبي محمد الحسن العسكري (عليه السلام) : لما ناظرت اليهود عليا (عليه السلام) في النبوة نادى جمال اليهود أيتها الجمال اشهدي لمحمد و وصيه .
فنطقت جمالهم , و ثيابهم كلها : صدقت
[314]
يا علي إن محمدا رسول الله و إنك يا علي حقا وصيه .
فآمن بعضهم , و خزي آخرون . فنزل الم ذلِكَ الْكِتابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ الكتاب أمير المؤمنين , و المتقين شيعته .
أبو بكر الشيرازي في نزول القرآن في شأن علي (عليه السلام) بالإسناد عن مقاتل عن محمد بن الحنفية عن أمير المؤمنين في قوله تعالى : إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمانَةَ .
عرض الله أمانتي على السماوات السبع بالثواب و العقاب فقلن ربنا لا تحملنا بالثواب و العقاب , لكنا نحملها بلا ثواب و لا عقاب .
و إن الله عرض أمانتي و ولايتي على الطيور , فأول من آمن بها البزاة البيض و القنابر , و أول من جحدها البوم و العنقاء , فلعنهما الله تعالى من بين الطيور فأما البوم فلا تقدر أن تظهر بالنهار لبغض الطير لها و أما العنقاء فغابت في البحار لا ترى .
و إن الله عرض أمانتي على الأرضين فكل بقعة آمنت بولايتي جعلها طيبة زكية و جعل نباتها و ثمرها حلوا عذبا و جعل ماؤها زلالا و كل بقعة جحدت إمامتي و أنكرت ولايتي جعلها سبخا و جعل نباتها مرا علقما و جعل ثمرها العوسج و الحنظل و جعل ماءها ملحا أجاجا , ثم قال وَ حَمَلَهَا الْإِنْسانُ : يعني أمتك يا محمد ولاية أمير المؤمنين و إمامته بما فيها من الثواب و العقاب إِنَّهُ كانَ ظَلُوماً لنفسه جَهُولًا لأمر ربه من لم يؤدها بحقها فهو ظلوم غشوم .
و قال أمير المؤمنين (عليه السلام) : لا يحبني إلا مؤمن و لا يبغضني إلا منافق ولد حرام .
و الطيور المختارة عندنا خمس الزاغي و الورشان و القنبرة و الهدهد و البوم , و السبب في سكونها الخراب , إنه : : لما قتل الحسين (عليه السلام) درأت عليه , و قالت لا سكنت بين قوم يقتلون ابن رسول الله و دخلت الخراب .
و قال :
يا بومة القبة الخضراء قد أنست *** روحي بقربك إذ يستبشع البوم
و يا مثيرة أشجاني بنغمتها *** حاشاك ما فيك تشوية و لا شوم
[315]
زهدت في زخرف الدنيا فأسكنك *** الزهد الخراب فمن يذممك مذموم
ففي حنينك في وقت الظلام و قد *** نام الأنام دليل الشوق موسوم
تاريخ البلاذري قال أبو سحيلة : مررت أنا و سلمان بالربذة على أبي ذر فقال إنه سيكون فتنة فإن أدركتموها فعليكم بكتاب الله و علي بن أبي طالب فإني سمعت رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) يقول علي أول من آمن ربي , و أول من يصافحني يوم القيامة , و هو يعسوب المؤمنين , و قال النبي يا علي أنت يعسوب المؤمنين , و المال يعسوب الظالمين .
أغاني أبو الفرج في حديث إن المعلى بن طريف قال ما عندكم في قوله تعالى : وَ أَوْحى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ .
فقال بشار : النحل المعهود .
قال : هيهات يا أبا معاذ , النحل بنو هاشم يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِها شَرابٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوانُهُ فِيهِ شِفاءٌ لِلنَّاسِ يعني العلم .
الرضا (عليه السلام) في هذه الآية : قال النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) علي أميرها فسمي أمير النحل .
و يقال : إن النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) وجه عسكرا إلى قلعة بني ثعل فخار بهم أهل القلعة حتى نفد أسلحتهم فأرسلوا إليهم كوار النحل فعجز عسكر النبي عنها فجاء علي فذلت النحل له فلذلك سمي أمير النحل .
و روي : أنه وجد في غار نحل فلم يطيقوا به فقصده علي و شار منه عسلا كثيرا فسماه رسول الله أمير النحل و اليعسوب .
و يقال هو يعسوب الآخرة و هذا في الشرف في أقصى ذروته و اليعسوب ذكر النحل و سيدها و يتبعه سائر النحل .