فأخذنا مجالسنا .
ثم قال : يا ريح احملينا .
فإذا نحن في الهواء , فسرنا ما شاء الله .
ثم قال يا ريح ضعينا .
ثم ركض برجله الأرض , فنبعت عين ماء فتوضأ , و توضأنا .
ثم قال : ستدركون الصلاة مع النبي أو بعضها .
ثم قال : يا ريح احملينا .
ثم قال : ضعينا .
فوضعتنا فإذا نحن في مسجد رسول الله , و قد صلى من الغداة ركعة .
فقال أنس : فاستشهدني علي , و هو على منبر الكوفة , فداهنت .
فقال : إن كنت كتمتها مداهنة بعد وصية رسول الله إياك , فرماك الله ببياض في جسمك و لظى في جوفك و عمى في عينيك .
فما برحت حتى برصت و عميت .
فكان أنس لا يطيق الصيام في شهر رمضان و لا غيره .
و البساط أهدوه أهل هربوق , و الكهف في بلاد الروم ; في موضع يقال له أركدى , و كان في ملك باهتدت , و هو اليوم اسم الضيعة .
و في خبر : أن الكساء أتى به خطي بن الأشرف أخو كعب فلما رأى معجزات علي (عليه السلام) أسلم و سماه النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) محمدا .
خطيب منيح :
و من حملته ريح الله حتى *** أتى أهل الرقيم الراقدينا
و من نادى بأهل الكهف حتى *** أقروا بالولاية مفرحينا
العوني :
علي كليم القوم في الكهف فاعلما *** و قد صم من شيخاكما الصديان
و له :
علي طارق الكهف *** بإعلان و إجهار
و له :
و من حملته الريح فوق بساطه *** فأسمع أهل الكهف حين تكلما
الحميري :
له البساط إذ سرى *** و فتية الكهف دعا
[339]
فما أجابوا في النداء *** سوى الوصي المرتضى
و له :
سل فتية الكهف الذين أتاهم *** فأيقظ في رد السلام منامها
البرقي :
حتى إذا يئسوا جواب سلامهم *** قام الوصي إليهم إبداء
قال السلام عليكم من فتية *** عبدوا الإله و تابعوا السناء
قالوا عليك من الإله تحية *** تهدى إليك و رحمة و ضياء
إنا منعنا أن نكلم هاتفا *** إلا نبيا كان أو موصاء
الجبري :
و الريح إذ مرت فقيل لها احملي *** طوعا وصي الله فوق قراك
فجرت رخاء بالبساط مطيعة *** أمر الإله حثيثه الإيشاك
حتى إذا بلغ الرقيم بصحبة *** ليزيل عنهم مرية الشكاك
قال السلام عليكم فتبادروا *** بالرد بعد الصمت و الإمساك
عن غيره فبدت ضغائن صدر ذي *** حنق لستر نفاقه هتاك
ابن الأطيس :
و طارق الباب على كهفهم *** في الخبر المشهور عن جابر
ابن العضد :
من كلم الفتية في الكهف و لم *** يكلموا حقا سواه إذ دعا
أبو الفتح :
و في الكهف منقبة حسنها *** على الرغم من معطس الأدلم
غداة يسلم في صحبهم *** سلام الصحاة على النوم
فنادوه أجمع عليك السلام *** فذاك عظيم لمستعظم
كتاب العلوي البصري : أن جماعة من اليمن أتوا النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) فقالوا نحن من
[340]
الملل المتقدمة من آل نوح , و كان لنبينا وصي اسمه سام , و أخبر في كتابه : أن لكل نبي معجزا , و له وصي يقوم مقامه , فمن وصيك ?
فأشار بيده نحو علي .
فقالوا : يا محمد إن سألناه أن يرينا سام بن نوح فيفعل ?
فقال (صلّى الله عليه وآله وسلّم) : نعم بإذن الله .
و قال : يا علي , قم معهم إلى داخل المسجد و اضرب برجلك الأرض عند المحراب .
فذهب علي و بأيديهم صحف إلى أن دخل محراب رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) داخل المسجد , فصلى ركعتين , ثم قام , و ضرب برجله الأرض .
فانشقت الأرض و ظهر لحد و تابوت , فقام من التابوت شيخ يتلألأ وجهه مثل القمر ليلة البدر , و ينفض التراب من رأسه و له لحية إلى سرته و صلى على علي (عليه السلام) , و قال : أشهد أن لا إله إلا الله و أن محمدا رسول الله سيد المرسلين ; و أنك علي وصي محمد سيد الوصيين , و أنا سام بن نوح .
فنشروا أولئك صحفهم , فوجدوه كما وصفوه في الصحف .
ثم قالوا : نريد أن يقرأ من صحفة سورة .
فأخذ في قراءته حتى تمم السورة .
ثم سلم على علي و نام كما كان , فانضمت الأرض .
و قالوا بأسرهم إن الدين عند الله الإسلام , و آمنوا , و أنزل الله أ َمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءَ فَاللَّهُ هُوَ الْوَلِيُّ وَ هُوَ يُحْيِ الْمَوْتى إلى قوله يُنِيبُ .
سلمان شلقان قال سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول : إن أمير المؤمنين (عليه السلام) كانت له خئولة في بني مخزوم و إن شابا منهم أتاه , فقال : يا خال إن أخي و تربي مات و قد حزنت عليه حزنا شديدا .
فقال له : أ تشتهي أن تراه ?
قال : نعم .
قال : فأرني قبره .
فخرج , و تقنع برداء رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) المستجاب , فلما انتهى إلى القبر , تكلم بشفتاه , ثم ركضه برجله , فخرج من قبره ; و هو يقول : وميكا بلسان الفرس .
فقال له علي : أ لم تمت و أنت رجل من العرب ?
فقال : نعم , و لكنا متنا على سنة فلان و فلان , فانقلبت ألسنتنا .
و روى رواية أخرى : تضمنت أبيات الجبري :
و الميت حين دعا به في صرصر *** فأجابه و أبيت حين دعاكا
العوني :
إمامي الذي أحيا بصرصر ميتا *** و قالع باب الحصن في وقته قهرا
[341]
و له :
من ذا الذي أحيا له رب العلى *** بصرصر ميتا دفينا في الثرى
و له :
و لإحيائه بصرصر الميت *** غلا فيه كالمسيح فريق
المرزكي :
ردت له شمس الضحى بعد ما *** هوت هوى الكوكب الغابر
و لآخر :
ثمة أحيا ميتا باليا *** فقام منشورا من الحافر
الحميري :
فقال له فرمان عيسى ابن مريم *** بزعمك يحيي كل ميت و مقبر
فما ذا الذي أعطيت قال محمد *** لمثل الذي أعطيه إن شئت فانظر
إلى مثل ما أعطي فقالوا لكفرهم *** أ لا أرنا ما قلت غير معذر
فقال رسول الله قم لوصيه *** فقام و قدما كان غير مقصر
و رداه بالمنجاب و الله خصه *** و قال اتبعوه بالدعاء المبرر
فلما أتى ظهر البقيع دعا به *** فرجت قبور بالورى لم تغير
فقالوا له يا وارث العلم اعفنا *** و من علينا بالرضا منك و اغفر
إبراء المرضى و إحياء الموتى على أيدي الأنبياء و الأوصياء (عليهم السلام) من فعل الله تعالى قال عيسى وَ أُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَ الْأَبْرَصَ وَ أُحْيِ الْمَوْتى بِإِذْنِ اللَّهِ و قوله تعالى وَ إِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ بِإِذْنِي.. . * وَ إِذْ تُخْرِجُ الْمَوْتى بِإِذْنِي و قال إبراهيم رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتى قالَ أَ وَ لَمْ تُؤْمِنْ قالَ بَلى وَ لكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي قالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِنَ الطَّيْرِ الآيات , و قال في عزير و أرميا أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلى قَرْيَةٍ إلى قوله قَدِيرٌ و كذلك في قصة بني إسرائيل وَ هُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ فأحياهم .
فصل فيمن غير الله حالهم و هلكهم ببغضه (عليه السلام) أو سبه :
الأعمش عن رواته عن حكيم بن جبير و عن عقبة الهجري عن عمته و عن أبي يحيى :
[342]
قال : شهدت عليا (عليه السلام) على منبر الكوفة يقول أنا عبد الله و أخو رسوله ورثت نبي الرحمة و نكحت سيدة نساء أهل الجنة و أنا سيد الوصيين و آخر أوصياء النبيين لا يدعي ذلك غيري إلا أصابه الله بسوء .
فقال رجل من عبس : لا يحسن أن يقول أنا عبد الله و أخو رسوله .
فلم يبرح مكانه حتى تخبطه الشيطان فجر برجله إلى باب المسجد .
العياشي بإسناده إلى الصادق (عليه السلام) , في خبر : قال النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) يا علي إني سألت الله أن يوالي بيني و بينك , ففعل .
و سألته أن يؤاخي بيني و بينك , ففعل .
و سألته أن يجعلك وصيي , ففعل .
فقال رجل : لصاع من تمر في شن بال خير مما سأل محمد ربه , هلا سأل ملكا يعضده على عدوه , أو كنزا يستغني به على فاقته .
فأنزل الله تعالى فَلَعَلَّكَ باخِعٌ نَفْسَكَ ... الآية .
و في رواية : أصاب لقائله , علة .
أبو بصير عن الصادق (عليه السلام) لما قال النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) : يا علي لو لا إنني أخاف أن يقولوا فيك ما قالت النصارى في المسيح لقلت اليوم فيك مقالة لا تمر بملإ من المسلمين إلا أخذوا التراب من تحت قدمك .
قال الحارث بن عمر الفهري لقوم من أصحابه : ما وجد محمد لابن عمه مثلا إلا عيسى ابن مريم يوشك أن يجعله نبيا من بعده و الله إن آلهتنا التي كنا نعبد خيرا منه . فأنزل الله تعالى وَ لَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلًا إلى قوله وَ إِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ فَلا تَمْتَرُنَّ بِها وَ اتَّبِعُونِ هذا صِراطٌ مُسْتَقِيمٌ .
و في رواية : أنه نزل أيضا إِنْ هُوَ إِلَّا عَبْدٌ أَنْعَمْنا عَلَيْهِ الآية .
فقال النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) : يا حارث اتق الله و ارجع عما قلت من العداوة لعلي بن أبي طالب .
فقال : إذا كنت رسول الله و علي وصيك من بعدك , و فاطمة بنتك سيدة نساء العالمين , و الحسن و الحسين ابناك سيدا شباب أهل الجنة , و حمزة عمك سيد الشهداء , و جعفر الطيار ابن عمك يطير مع الملائكة في الجنة , و السقاية للعباس عمك , فما تركت لسائر قريش , و هم ولد أبيك ?
فقال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) : ويلك يا حارث , ما فعلت ذلك ببني عبد المطلب ; لكن الله فعله بهم .
فقال : إن كان هذا هو الحق من عندك , فأمطر علينا حجارة من السماء .
فأنزل الله تعالى وَ ما كانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَ أَنْتَ فِيهِمْ .
و دعا رسول الله الحارث , فقال : إما أن تتوب أو ترحل عنا .
قال : فإن قلبي لا يطاوعني إلى التوبة , و لكني أرحل عنك .
فركب راحلته , فلما أصحر , أنزل الله عليه طيرا من السماء في منقاره حصاة
[343]
مثل العدسة ; فأنزلها على هامته و خرجت من دبره إلى الأرض ففحص برجله .
و أنزل الله تعالى على رسوله سَأَلَ سائِلٌ بِعَذابٍ واقِعٍ لِلْكافِرينَ بولاية علي بن أبي طالب قال هكذا نزل به جبرئيل (عليه السلام) .
العبدي ;
شبهه عيسى فصد قومه كفرا *** و قالوا ضل فيه و اعتدى
فجاءه الوحي بتكذيبهم *** و قال ما كان حديثا يفتري
علمه الله الذي كان و ما *** يكون في العالم جهر و خفي
الحميري :
هو مولاك فاستطار و نادى *** ربه باستكانة و انتصاب
رب إن كان ذا هو الحق من *** عندك تجزي به عظيم الثواب
رب أمطر من السماء بأحجار *** علينا أو ائتنا بعذاب
ثم ولى و قال دونكموه *** إن ربي مصيبه بشهاب
فاطلبوه إذا تغيب عنكم *** فسعوا يطلبونه في الثياب
فإذا شلوه طريح عليه لعنة *** الله بين تلك الروابي
زياد بن كليب : كنت جالسا في نفر فمر بنا محمد بن صفوان مع عبيد الله بن زياد فدخلا المسجد ثم رجعا إلينا و قد ذهبت عينا محمد بن صفوان .
فقلنا : ما شأنه ?
فقال : إنه قام في المحراب , و قال إنه من لم يسب عليا بنية فإنه يسبه بنيته ; فطمس الله بصره .
و قد رواه عمرو بن ثابت عن أبي معشر البلاذري و السمعاني و المامطيري و النطنزي و الفلكي أنه : مر بسعد بن مالك رجل يشتم عليا .
فقال : ويحك , ما تقول ?
قال : أقول ما تسمع .
فقال : اللهم إن كان كاذبا فأهلكه .
فخبطه جمل بختي , فقتله .
ابن المسيب : صعد مروان المنبر و ذكر عليا (عليه السلام) فشتمه .
قال سعيد : فهومت عيناي , فرأيت كفا في منامي خرجت من قبر رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) عاقدة على ثلاث و ستين , و سمعت
[344]
قائلا يقول : يا أموي , يا شقي , أ كفرت بالذي خلقك من تراب ثم من نطفة ثم سواك رجلا .
قال : فما مر بمروان إلا ثلاث حتى مات .
مناقب إسحاق العدل : أنه كان في خلافة هشام خطيب يلعن أمير المؤمنين (عليه السلام) على المنبر .
فخرجت كف من قبر رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) يرى الكف و لا يرى الذراع عاقدة على ثلاث و ستين و إذا كلام من قبر النبي : ويلك من أموي أ كفرت بالذي خلقك من تراب ثم من نطفة ثم سواك رجلا و ألقت ما فيها و إذا دخان أزرق .
قال : فما نزل عن منبره إلا و هو أعمى يقاد .
قال : و ما مضت له إلا ثلاثة أيام حتى مات .
و روى علماء واسط : أنه لما رفعوا اللعائن جعل خطيب واسط يلعن فإذا هو بثور عبر الشط و شق السور و دخل المدينة و أتى الجامع و صعد المنبر و نطح الخطيب فقتله بها و غاب عن أعين الناس فشدوا الباب الذي دخل منه و أثره ظاهر و سموه باب الثور .
و قال هاشمي : رأيت رجلا بالشام قد اسود نصف وجهه و هو يغبطه , فسألته عن سبب ذلك ?
فقال : نعم قد جعلت علي أن لا يسألني أحد عن ذلك إلا أخبرته , كنت شديد الوقيعة في علي بن أبي طالب كثير الذكر له بالمكروه , فبينا أنا ذات ليلة نائم إذ أتاني آت في منامي , فقال : أنت صاحب الوقيعة في علي , فضرب شق وجهي فأصبحت و شق وجهي أسود كما ترى .
شمر بن عطية قال : كان أبي ينال من علي , فأتي في المنام , فقيل له : أنت الساب عليا ?
فخنق حتى أحدث في فراشه ثلاث ليال .
و كان بالمدينة رجل ناصبي ثم تشيع بعد ذلك , فسئل عن السبب في ذلك ?
فقال : رأيت في منامي عليا , يقول لي : لو حضرت صفين مع من كنت تقاتل .
فأطرقت أفكر .
فقال (عليه السلام) : يا خسيس هذه مسألة تحتاج إلى هذا الفكر العظيم , أعطوا قفاه فصفعت حتى انتبهت ; و قد ورم قفاي , فرجعت عما كنت عليه .
أبو جعفر المنصور : كان قاص إذا فرغ من قصصه ذكر عليا فشتمه فبينما هو كذلك إذ ترك ذلك .
فسئل عن سببه ?
فقال : و الله لا أذكر له شتيمة أبدا , بينا أنا نائم و الناس قد
[345]
جمعوا فيأتون النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) فيقول لرجل اسقهم حتى وردت على النبي , فقال له : اسقه .
فطردني , فشكوت ذلك إلى رسول الله .
فقال : اسقه , فسقاني قطرانا .
و أصبحت و أنا أتجشؤه و أبوله .
الأعمش أنه حدثه المنصور : وقع عمامة رجل فإذا رأسه رأس خنزير .
فسأله عن قصته ?
فقال : كنت مؤذنا ثلاثين سنة و كنت ألعن عليا بين الأذان و الإقامة مائة مرة كل يوم خمسمائة مرة , و لعنته ليلة الجمعة ألف لعنة .
فبينما أنا نائم و قد لحقني العطش , فإذا أنا برسول الله و علي و الحسن و الحسين .
فقلت للحسنين اسقياني , فلم يكلماني .
فدنوت من علي , فقلت : يا أبا الحسن اسقني .
فلم يسقني , و لم يكلمني .
فدنوت من النبي , فقلت : اسقني .
فرفع رأسه فبصرني , و قال : أنت اللاعن عليا في كل يوم خمسمائة مرة , و قد لعنته البارحة ألف مرة .
فلم أحر إليه جوابا .
فتفل في وجهي , و قال : اخسأ يا خنزير , فو الله ما أصبحت إلا وجهه و رأسه كخنزير .
الحسين بن علي بن أبي طالب (عليه السلام) : كان إبراهيم بن هاشم المخزومي واليا على المدينة و كان يجمعنا كل يوم جمعة قريبا من المنبر و يشتم عليا (عليه السلام) .
فلصقت بالمنبر فأغفيت و رأيت القبر قد انفرج و خرج منه رجل عليه ثياب بيض , فقال لي : يا أبا عبد الله , أ لا يحزنك ما يقول هذا ?
قلت : بلى و الله .
قال : افتح عينيك انظر ما يصنع الله به .
و إذا هو قد ذكر عليا فرمي به من فوق المنبر , فمات .
عثمان بن عفان السجستاني أن محمد بن عباد قال : كان في جواري صالح فرأى النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) في منامه على شفير الحوض و الحسن و الحسين يسقيان الأمة .
فاستسقيت أنا , فأبيا علي .
فأتيت النبي أسأله , فقال : لا تسقوه , فإن في جوارك رجلا يلعن عليا فلم تمنعه .
فدفع إلي سكينا , و قال : اذهب فاذبحه .
قال : فخرجت و ذبحته و دفعت السكين إليه .
فقال : يا حسين اسقه , فسقاني , و أخذت الكأس بيدي , و لا أدري أ شربت أم لا , فانتبهت .
و إذا أنا بولولة و يقولون فلان ذبح على فراشه , و أخذ الشرط الجيران .
فقمت إلى الأمير : فقلت أصلحك الله , هذا أنا فعلته ; و القوم براء , و قصصت عليه الرؤيا .
فقال : اذهب , جزاك الله خيرا .
عبد الله بن السائب و كثير بن الصلت قالا : جمع زياد ابن أبيه أشراف الكوفة في مسجد الرحبة ليحملهم على سب أمير المؤمنين (عليه السلام) و البراءة منه .
فأغفيت فإذا أنا بشخص
[346]
طويل العنق أهدل أهدب قد سد ما بين السماء و الأرض .
فقلت له : من أنت ?
قال : أنا النقاد ذو الرقبة , طاعون , بعثت إلى زياد , فانتبهت فزعا .
فسمعنا الواعية عليه , و أنشأت أقول :
قد جشم الناس أمرا ضاق ذرعهم *** بحملهم حين أداهم إلى الرحبة
يدعو على ناصر الإسلام داءً *** له على المشركين الطول و الغلبة
ما كان منتهيا عما أراد به *** حتى تناوله النقاد ذو الرقبة
فأسقط الشق منه ضربة عجبا *** كما تناول ظلما صاحب الرحبة
و كان مجنون يتشيع و الصبيان يرمونه بالحجارة فصعد يوم جمعة المنبر فقال :
نواصب قد لاموا علي سفاهة *** بحب علي أم من لام زانية
فإن تركوا لومي تركت هجاهم *** و إن شتموا عرضي شتمت معاوية
فصل فيما ظهر بعد وفاته (عليه السلام) :
أحاديث علي بن الجعد عن شعبة عن قتادة و مجاهد عن ابن عباس , قال : قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) إن السماء و الأرض لتبكي على المؤمن إذا مات أربعين صباحا و إنها لتبكى على العالم إذا مات أربعين شهرا و إن السماء و الأرض ليبكيان على الرسول أربعين سنة و إن السماء و الأرض ليبكيان عليك يا علي إذا قتلت أربعين سنة .
قال ابن عباس : لقد قتل أمير المؤمنين على الأرض بالكوفة فأمطرت السماء ثلاثة أيام دما .
أبو حمزة عن الصادق (عليه السلام) و قد روى أيضا عن سعيد بن المسيب أنه : لما قبض أمير المؤمنين لم يرفع من وجه الأرض حجر إلا وجد تحته دم عبيط .
أربعين الخطيب و تاريخ النسوي أنه : سأل عبد الملك بن مروان الزهري ما كانت علامة يوم قتل علي ?
قال : ما رفع حصاة من بيت المقدس إلا كان تحتها دم عبيط , و لما ضرب (عليه السلام) في المسجد سمع صوت : لله الحكم , لا لك يا علي , و لا لأصحابك , فلما توفي : سمع في داره أَ فَمَنْ يُلْقى فِي النَّارِ خَيْرٌ أَمْ مَنْ يَأْتِي آمِناً يَوْمَ الْقِيامَةِ الآية , ثم هتف هاتف آخر : مات رسول الله و مات أبوكم .
[347]
الصفواني في الإحن و المحن و الكليني في الكافي أنه : لما توفي أمير المؤمنين (عليه السلام) جاء شيخ يبكي و هو يقول اليوم انقطعت علاقة النبوة حتى وقف بباب البيت الذي فيه أمير المؤمنين فأخذ بعضادتي الباب , فقال : رحمك الله , فلقد كنت أول الناس إسلاما , و أخلصهم إيمانا , و أشدهم يقينا , و أخوفهم من الله , و أطوعهم لنبي الله , و آمنهم على أصحابه , أفضلهم مناقبا , و أكثرهم سوابقا , و أشبههم به خلقا و خلقا و سيماء و فضلا , و كنت أخفضهم صوتا , و أعلاهم طودا , و أقلهم كلاما , و أصوبهم منطقا , و أشجعهم قلبا , و أحسنهم عملا , و أقواهم يقينا ; حفظت ما ضيعوا , و رعيت ما أهملوا , و شمرت إذ اجتمعوا , و علوت إذ هلعوا , و وقفت إذ شرعوا , و أدركت أوتار ما ظلموا ; كنت على الكافرين عذابا واصبا , و للمؤمنين كهفا و حصنا , كنت كالجبل الراسخ لا تحركك العواصف , و لا تزيلك القواصف , كنت للطفل كالأب الشفيق , و للأرامل كالبعل العطوف , قسمت بالسوية , و عدلت في الرعية , و أطفأت النيران , و كسرت الأصنام , و أذللت الأوثان , و عبدت الرحمن ... في كلام له كثير .
فالتفتوا , فلم يروا أحدا .
فسئل الحسن (عليه السلام) : من كان الرجل ?
قال : الخضر (عليه السلام) .
و في أخبار الطالبيين : أن الروم أسروا قوما من المسلمين فأتي بهم إلى الملك فعرض عليهم الكفر فأبوا فأمر بإلقائهم في الزيت المغلي , و أطلق منهم رجلا يخبر بحالهم .
فبينما هو يسير إذ سمع وقع حوافر الخيل .
فوقف فنظر إلى أصحابه الذين ألقوا في الزيت , فقال لهم في ذلك .
فقالوا : قد كان ذلك , فنادى مناد من السماء في شهد البر و البحر إن علي بن أبي طالب قد استشهد في هذه الليلة , فصلوا عليه .
فصلينا عليه , و نحن راجعون إلى مصارعنا .
أبو ذرعة الرازي بإسناده عن منصور بن عمار : أنه سئل عن أعجب ما رآه , قال :
ترى هذه الصخرة في وسط البحر , يخرج من هذا البحر كل يوم طائر مثل النعامة , فيقع عليها , فإذا استوى واقفا تقيا رأسا , ثم تقيا يدا , و كذا عضوا عضوا , ثم تلتئم الأعضاء بعضها إلى بعض حتى يستوي إنسانا قاعدا , ثم يهم للقيام , فإذا هم للقيام نقرة نقرة فأخذ رأسه , ثم أخذه عضوا عضوا كما قاءه .
قال : فلما طال علي ذلك , ناديته يوما : ويك من أنت ?
ثم التفت إلي , و قال هاتف : هو عبد الرحمن بن ملجم , قاتل علي بن أبي طالب , وكل الله به هذا الطير فهو يعذبه إلى يوم القيامة , و زعم أنهم يسمعون العواء من قبره .
[348]
و أخذ المسترشد من مال الحائر و كربلاء و قال إن القبر لا يحتاج إلى الخزانة و أنفق على العسكر فلما خرج قتل هو و ابنه الراشد .
و سأل أبو مسكان الصادق (عليه السلام) عن القائم المائل في طريق الغري .
فقال : نعم إنهم لما جاءوا بسرير أمير المؤمنين (عليه السلام) انحنى أسفا و حزنا على أمير المؤمنين (عليه السلام) .
و في المنارة إذ حنت عليك *** فمالت , آية حار منها كل متعجب
قال الغزالي : ذهب الناس إلى أن عليا دفن على النجف , و أنهم حملوه على الناقة فسارت حتى انتهت إلى موضع قبره , فبركت .