فعلم بذلك أمير المؤمنين .
فقال : ردوها و قولوا له , أ ما علمت أن هذه مجنونة آل فلان ? و إن النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) قال رفع القلم عن المجنون حتى يفيق إنها مغلوبة على عقلها و نفسها .
فقال عمر : فرج الله عنك لقد كدت أهلك في جلدها و أشار البخاري إلى ذلك في صحيحه .
و روى جماعة منهم إسماعيل بن صالح عن الحسن : أنه استدعى امرأة كان يتحدث عندها الرجال فلما جاءها رسله ارتاعت و خرجت معهم فأملصت فوقع إلى الأرض ولدها
[367]
يستهل ثم مات .
فبلغ عمر ذلك فسأل الصحابة عن ذلك فقالوا بأجمعهم نراك مؤديا و لم ترد إلا خيرا , و لا شيء عليك في ذلك .
فقال : أقسمت عليك يا أبا الحسن لتقولن ما عندك ?
فقال (عليه السلام) : إن كان القوم قاربوك فقد غشوك و إن كانوا ارتئوا فقد قصروا , الدية على عاقلتك لأن القتل الخطأ للصبي يتعلق بك .
فقال : أنت و الله نصحتني و الله لا تبرح حتى تجري الدية على بني عدي .
ففعل ذلك أمير المؤمنين (عليه السلام) .
و قد أشار الغزالي إلى ذلك في الأحياء : عند قوله و وجوب الغرم على الإمام إذا كما نقل من إجهاض المرأة جنينها خوفا من عمر .
و رووا : أن امرأتين تنازعتا على عهده في طفل ادعته كل واحدة منهما ولدا لها بغير بينة فغم عليه , و فزع فيه إلى أمير المؤمنين .
فاستدعى المرأتين , و وعظهما و خوفهما , فأقامتا على التنازع .
فقال (عليه السلام) : ائتوني بمنشار .
فقالتا : ما تصنع به ?
قال : أقده بنصفين لكل واحدة منكما نصفه .
فسكتت إحداهما , و قالت الأخرى : الله الله يا أبا الحسن إن كان لا بد من ذلك فقد سمحت له بها .
فقال : الله أكبر , هذا ابنك دونها , و لو كان ابنها لرقت عليه و أشفقت .
فاعترفت الأخرى بأن الولد لها دونها و هذا حكم سليمان في صغره .
قيس بن الربيع عن جابر الجعفي عن تميم بن حزام الأسدي : أنه دفع إلى عمر منازعة جاريتين تنازعتا في ابن و بنت .
فقال : أين أبو الحسن مفرج الكرب .
فدعي له به , فقص عليه القصة .
فدعا بقارورتين , فوزنهما .
ثم أمر كل واحدة فحلبت في قارورة , و وزن القارورتين , فرجحت إحداهما على الأخرى .
فقال : الابن للتي لبنها أرجح .
و البنت للتي لبنها أخف .
فقال عمر : من أين قلت ذلك يا أبا الحسن ?
فقال : لأن الله جعل للذكر مثل حظ الأنثيين .
و قد جعلت الأطباء ذلك أساسا في الاستدلال على الذكر و الأنثى .
و صبت امرأة بياض البيض على فراش ضرتها و قالت : قد بات عندها رجل و فتش ثيابها فأصاب ذلك البياض و قص على عمر فهم أن يعاقبها .
فقال أمير المؤمنين : ائتوني بماء حار قد أغلي غليانا شديدا .
فلما أتي به . أمرهم فصبوا على الموضع فانشوى ذلك البياض .
فرمى به إليها , و قال : إنه من كيدكن إن كيدكن عظيم أمسك عليك زوجك فإنها حيلة تلك التي قذفتها , فضربها الحد .
[368]
تهذيب الأحكام زرارة عن أبي جعفر (عليه السلام) قال : جمع عمر بن الخطاب أصحاب النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) فقال ما تقولون في الرجل يأتي أهله فيخالطها فلا ينزل .
فقالت الأنصار : الماء من الماء .
و قال المهاجرون : إذا التقى الختانان فقد وجب عليه الغسل .
فقال عمر : ما تقول يا أبا الحسن ?
فقال (عليه السلام) : أ توجبون عليه الرجم و الحد و لا توجبون عليه صاعا من ماء ; إذا التقى الختانان وجب عليه الغسل .
أبو المحاسن الرؤياني في الأحكام : أنه ولد في زمانه مولدان ملتصقان أحدهما حي و الآخر ميت .
فقال عمر : يفصل بينهما بحديد .
فأمر أمير المؤمنين : أن يدفن الميت , و يرضع الحي .
ففعل ذلك , فتميز الحي من الميت بعد أيام .
و هم عمر أن يأخذ حلي الكعبة فقال (عليه السلام) : إن القرآن أنزل على النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) و الأموال أربعة :
أموال المسلمين فقسموها بين الورثة في الفرائض و الفيء فقسمه على مستحقه و الخمس فوضعه الله حيث وضعه و الصدقات فجعلها الله حيث جعلها و كان حلي الكعبة يومئذ فتركه على حاله و لم يتركه نسيانا و لم يخف عليه مكانه فأقره حيث أقره الله و رسوله .
فقال عمر : لولاك لافتضحنا و ترك الحلي بمكانه .
الواحدي في البسيط و ابن مهدي في نزهة الأبصار بالإسناد عن أبي جبير قال : لما انهزم إسفيذهميار قال عمر ما هم بيهود و لا نصارى و لا لهم كتاب و كانوا مجوسا فقال علي بن أبي طالب (عليه السلام) بلى كان لهم كتاب و لكنه رفع و ذلك أن ملكا لهم سكر فوقع على ابنته أو قال على أخته فلما أفاق قال كيف الخروج منها قيل تجمع أهل مملكتك فتخبرهم أنك ترى ذلك حلالا و تأمرهم أن يحلوه فجمعهم و أخبرهم أن يتابعوه فأبوا أن يتابعوه فخد لهم خدودا في الأرض و أوقد فيها النار و عرضهم عليها فمن أبى قبول ذلك قذفه في النار و من أجاب خلى سبيله .
و روى جابر بن يزيد و عمر بن أوس و ابن مسعود و اللفظ له : أن عمر قال لا أدري ما أصنع بالمجوس ? أين عبد الله بن عباس ?
قالوا : ها هو ذا .
فجاء , فقال : ما سمعت عليا يقول في المجوس فإن كنت لم تسمعه فاسأله عن ذلك .
فمضى ابن عباس إلى علي فسأله عن ذلك .
فقال أَ فَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لا يَهِدِّي إِلَّا أَنْ يُهْدى فَما لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ ثم أفتاه .
[369]
و أتي إليه بامرأة تزوج بها شيخ فلما أن واقعها مات على بطنها فجاءت بولد فأذاعوا بنوه أنها فجرت فأمر برجمها .
فرآها أمير المؤمنين (عليه السلام) , فقال : هل تعلمون أي يوم تزوجها و في أي يوم واقعها و كيف كان جماعه لها ?
قالوا : لا .
قال : ردوا المرأة .
فلما أن كان من الغد بعث إليها .
فجاءت و معها ولدها .
ثم دعا أمير المؤمنين بصبيان أتراب , فقال لهم : العبوا حتى إذا ألهاهم اللعب صاح بهم أمير المؤمنين .
فقام الصبيان و قام الغلام فاتكأ على راحتيه فدعا به أمير المؤمنين و ورثه من أبيه و جلد إخوته المفترين حدا حدا .
و قال عرفت ضعف الشيخ باتكاء الغلام على راحتيه حين أراد القيام .
أربعين الخطيب : أن امرأة شهد عليها الشهود أنهم وجدوها في بعض مياه العرب مع رجل يطؤها ليس ببعل لها .
فأمر عمر برجمها .
فقالت : اللهم أنت تعلم أني بريئة .
فغضب عمر , و قال : و تجرحي الشهود أيضا .
فأمر أمير المؤمنين (عليه السلام) أن يسألوها .
فقالت كان لأهلي إبل فخرجت في إبل أهلي و حملت معي ماء و لم يكن في إبلي لبن , و خرج معي خليط و كان في إبله لبن فنفد مائي فاستسقيته فأبى أن يسقيني حتى أمكنه من نفسي .
فأبيت , فلما كادت نفسي تخرج أمكنته من نفسي .
فقال أمير المؤمنين (عليه السلام) , الله أكبر فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجانِفٍ لِإِثْمٍ فلا إثم عليه .
ابن الأصفهاني في كلمته :
لا يهتدون لما اهتدى الهادي *** له مما به الحكمان يشتبهان
في رجم جارية زنت مضطرة *** خوف الممات بعلة العطشان
إذ قال ردوها فردت بعد ما *** كادت تحل عساكر الموتان
و برجم أخرى والدا عن ستة *** فأتى بقصتها من القرآن
إذا قبلت جرى إليها أختها *** حذرا على حد الفؤاد حصان
الخطيب في الأربعين قال ابن عباس : كنا في جنازة فقال علي (عليه السلام) لزوج أم الغلام أمسك عن امرأتك .
فقال له عمر : و لم يمسك عن امرأته , أ خرج مما جئت به ?
قال : نعم , تريد أن تستبرئ رحمها فلا يلقى فيها شيء فيستوجب به الميراث من أخيه و لا ميراث له .
فقال عمر : أعوذ بالله من معضلة لا علي لها .
[370]
و في تهذيب الأحكام : أنه استودع رجلان امرأة وديعة و قالا لها لا تدفعيها إلى واحد منا حتى نجتمع عندك .
ثم انطلقا فغابا .
فجاء أحدهما إليها فقال أعطيني وديعتي فإن صاحبي قد مات .
فأبت حتى كثر اختلافه , فأعطته .
ثم جاء صاحبه فقال هاتي وديعتي .
فقالت المرأة : أخذها صاحبك و ذكر أنك قد مت .
فارتفعا إلى عمر .
فقال لها عمر : ما أراك إلا قد ضمنت .
فقالت المرأة : اجعل عليا بيني و بينه .
فقال علي : هذه الوديعة عندي و قد أمرتماها أن لا تدفعها إلى واحد منكما حتى تجتمعان عندها .
فائتني بصاحبك فلم يضمنها .
و قال إنما أرادا أن يذهبا بمال المرأة .
و في أربعين الخطيب قال ابن سيرين : إن عمر سأل الناس , و قال : كم يتزوج المملوك ?
و قال لعلي : إياك أعني يا صاحب المعافري . رداء كان عليه .
قال (عليه السلام) : ثنتين .
و في غريب الحديث عن أبي عبيد أيضا قال أبو صبرة : جاء رجلان إلى عمر , فقالا له : ما ترى في طلاق الأمة ?
فقام إلى حلقة فيها رجل أصلع , فسأله .
فقال : اثنتان , فالتفت إليهما , فقال : اثنتان .
فقال له أحدهما : جئناك و أنت أمير المؤمنين فسألناك عن طلاق الأمة فجئت إلى رجل فسألته فو الله ما كلمك .
فقال له عمر : ويلك أ تدري من هذا ? هذا علي بن أبي طالب ; سمعت رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) يقول لو أن السماوات و الأرض وضعت في كفة و وضع إيمان علي في كفة لرجح إيمان علي . و رواه مصقلة بن عبد الله .
العبدي :
إنا روينا في الحديث خبرا *** يعرفه سائر من كان روى
إن ابن خطاب أتاه رجل *** فقال كم عدة تطليق الإما
فقال يا حيدر كم تطليقة *** للأمة اذكره فأومى المرتضى
بإصبعيه فثنى الوجه إلى *** سائله قال اثنتان و انثنى
قال له تعرف هذا قال لا *** قال له هذا علي ذو العلى
فصل في ذكر قضاياه (عليه السلام) في عهد عثمان :
العامة و الخاصة : أن امرأة نكحها شيخ كبير فحملت .
فزعم الشيخ أنه لم يصل إليها و أنكر حملها .
فسأل عثمان المرأة هل افتضك الشيخ و كانت بكرا ?
فقالت : لا .
فأمر بالحد .
[371]
فقال أمير المؤمنين (عليه السلام) : إن للمرأة سمين , سم الحيض و سم البول فلعل الشيخ كان ينال منها فسال ماؤه في سم المحيض فحملت منه .
فقال الرجل قد كنت أنزل الماء في قبلها من غير وصول إليها بالافتضاض .
فقال أمير المؤمنين : الحمل له و الولد له . و أرى عقوبته على الإنكار له .
كشاف الثعلبي و أربعين الخطيب و موطأ مالك بأسانيدهم عن بعجة بن بدر الجهني : أنه أتي بامرأة قد ولدت لستة أشهر , فهم برجمها .
فقال أمير المؤمنين (عليه السلام) : إن خاصمتك بكتاب الله خصمتك , إن الله تعالى يقول وَ حَمْلُهُ وَ فِصالُهُ ثَلاثُونَ شَهْراً ثم قال وَ الْوالِداتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كامِلَيْنِ لِمَنْ أَرادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضاعَةَ فحولين مدة الرضاع و ستة أشهر مدة الحمل .
فقال عثمان : ردوها .
ثم قال : ما عند عثمان بعد أن بعث إليها ترد ?
الخاصة و العامة : أن رجلا كان لديه سرية فأولدها ثم اعتزلها و انكحها عبدا له ثم توفي فعتقت بملك ابنها لها فورث زوجها ولدها ثم توفي الابن فورثت من ولدها زوجها فارتفعا إليه يختصمان تقول هذا عبدي و يقول هو هي امرأتي و لست متنزحا عنها .
فقال : هذه مشكلة , و أمير المؤمنين (عليه السلام) حاضر .
فقال (عليه السلام) : سلوها هل جامعها بعد ميراثها له .
فقالت : لا .
فقال : لو أعلم أنه فعل ذلك لعذبته , اذهبي , فإنه عبدك , ليس له عليك سبيل ; إن شئت تعتقيه أو تسترقيه أو تبيعيه فذلك لك .
و رووا : أن مكاتبة زنت على عهده و قد عتق منها ثلاثة أرباع .
فسأل عثمان أمير المؤمنين (عليه السلام) , فقال : تجلد بحساب الحرية و تجلد منها بحساب الرق .
فقال زيد بن ثابت : تجلد بحساب الرق .
قال أمير المؤمنين : كيف تجلد بحساب الرق و قد عتق ثلاثة أرباعها و هلا جلدتها الحرية فيها أكثر ?
فقال : لو كان ذلك كذلك لوجب توريثها بحساب الحرية .
فقال أمير المؤمنين (عليه السلام) : أجل ذلك واجب . فأفحم زيد .
سفيان بن عيينة بإسناده عن محمد بن يحيى قال : كان لرجل امرأتان امرأة من الأنصار , و امرأة من بني هاشم , فطلق الأنصارية .
ثم مات بعد مدة , فذكرت الأنصارية التي طلقها
[372]
أنها في عدتها , و قامت عند عثمان البينة بميراثها منه .
فلم يدر ما يحكم به , و ردهما إلى علي (عليه السلام) .
فقال تحلف أنها لم تحض بعد أن طلقها ثلاث حيض , و ترثه .
فقال عثمان للهاشمية : هذا قضاء ابن عمك .
قالت : قد رضيته فلتحلف و ترث .
فتخرجت الأنصارية من اليمين و تركت الميراث .
و كانت يتيمة عند رجل فتخوفت المرأة أن يتزوجها فدعت بنسوة حتى أمسكنها و أخذت عذرتها بإصبعها .
فلما قدم زوجها رمت المرأة اليتيمة بالفاحشة و أقامت البينة من جاراتها فرفع ذلك إلى عثمان أو إلى عمر .
فجاء بهم إلى علي (عليه السلام) : فسألها البينة .
فقالت جيراني هؤلاء .
فأخرج أمير المؤمنين السيف من غمده فطرحه بين يديه .
ثم دعا امرأة الرجل فأدارها بكل وجه فأبت أن تزول عن قولها , فردها .
و دعا بإحدى الشهود , و جثا على ركبتيه , ثم قال تعرفيني أنا علي بن أبي طالب , و هذا سيفي , و قد قالت امرأة الرجل ما قالت , و أعطيتها الأمان , و إن لم تصدقيني لأمكنن السيف منك .
فقالت : الأمان على الصدق .
قال : فاصدقي .
فقالت : لا , و الله إنها رأت جمالا و هيئة فخافت فساد زوجها فسقتها المسكر , و دعتنا فأمسكناها , فافتضتها بإصبعها .
فقال (عليه السلام) : الله أكبر , أنا أول من فرق الشهود بعد دانيال النبي .
فألزمها حد القاذف , و ألزمهن جميعا العقر , و جعل عقرها أربعمائة درهم .
و أمر المرأة أن تنتفي من الرجل و يطلقها زوجها , و زوجه الجارية و ساق عنه (عليه السلام) .
فقال عمر : يا أبا الحسن , فحدثنا بحديث دانيال .
فحكى (عليه السلام) أن ملكا من ملوك بني إسرائيل كان له قاضيان و كان لهما صديق و كان رجلا صالحا و كان له امرأة جميلة فوجه الملك الرجل إلى موضع .
فقال الرجل للقاضيين : أوصيكما بامرأتي خيرا .
فقالا : نعم .
فخرج الرجل و كان القاضيان يأتيان باب الصديق , فعشقا امرأته فراوداها عن نفسها فأبت .
فقالا : لنشهدن عليك عند الملك بالزناء , ثم لنرجمنك .
فقالت : افعلا ما أحببتما .
فأتيا الملك : فشهدا عنده بأنها بغت .
فدخل على الملك من ذلك أمر عظيم , و قال للوزير ما لك في هذا من حيلة ?
فقال : ما عندي في هذا شيء .
ثم خرج فإذا هو بغلمان يلعبون , و فيهم دانيال .
فقال دانيال : يا معشر الصبيان تعالوا حتى أكون أنا
[373]
الملك , و تكون أنت يا فلان العابدة و يكون فلان و فلان القاضيين الشاهدين عليها .
ثم جمع ترابا و جعل سيفا من قصب ثم قال للصبيان خذوا هذا فنحوه إلى مكان كذا و كذا , و خذوا بيد هذا إلى موضع كذا , ثم دعا بأحدهما , فقال له : قل حقا فإن لم تقل حقا قتلتك بما تشهد .
قال : أشهد أنها بغت .
قال : متى ?
قال : يوم كذا و كذا .
قال : مع من ?
قال : مع فلان بن فلان ?
قال : و أين ?
قال : موضع كذا و كذا .
قال : ردوه إلى مكانه . و هاتوا الآخر .
فلما جاء , قال له : بما تشهد ?
فقال : أشهد أنها بغت ?
قال : متى ?
قال : يوم كذا و كذا
قال : مع من ?
قال : مع فلان بن فلان .
قال : فأين ?
قال : في موضع كذا و كذا .
فخالف صاحبه .
فقال دانيال , الله أكبر , شهدا بزور , يا فلان ناد في الناس إنما شهدا على فلانة بالزور , فاحضروا قتلهما .
فذهب الوزير إلى الملك مبادرا فأخبره الخبر .
فحكم الملك في القاضيين , فاختلفا , فقتلهما .
مسند أحمد و أبي يعلى روى عبد الله بن الحارث بن نوفل الهاشمي : أنه اصطاد أهل الماء حجلا فطبخوه و قدموا إلى عثمان و أصحابه فأمسكوا .
فقال عثمان : صيد لم نصده و لم نأمر بصيده اصطادوه قوم حل فأطعموناه فما به بأس .
فقال رجل : إن عليا يكره هذا .
فبعث إلى علي (عليه السلام) , فجاء و هو غضبان ملطخ بدنه بالخبط .
فقال له : إنك لكثير الخلاف علينا .
فقال (عليه السلام) : اذكروا الله من شهد النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) أتي بعجز حمار وحشي و هو محرم , فقال : إنا محرمون فأطعموه أهل الحل .
فشهد اثنا عشر رجلا من الصحابة .
ثم قال اذكروا الله , رجلا شهد النبي أتي بخمس بيضات من بيض النعام فقال إنا محرمون فأطعموه أهل الحل .
فشهد اثنا عشر رجلا من الصحابة .
فقام عثمان و دخل فسطاطه و ترك الطعام على أهل الماء .
أبو الحسن المرادي :
يا سائلي عن علي و الأولى عملوا *** به من السوء ما قالوا و ما فعلوا
لم يعرفوه فعادوه لجهلهم و الناس *** كلهم أعداء ما جهلوا
[374]
فصل في قضاياه فيما بعد بيعة العامة :
من لا يحضره الفقيه : أنه عبر أمير المؤمنين (عليه السلام) بعد قتال البصرة على امرأة و جنينها مطروحين على الطريق فسأل ذلك .
فقالوا : كانت حاملا ففزعت حين رأت القتال و الهزيمة .
قال : فسألهم أيهما مات قبل صاحبه ?
قالوا : ابنها .
فدعا بزوجها أبي الغلام الميت , فورثه من ابنه ثلثي الدية , و ورث أمه ثلث الدية .
ثم ورث الزوج من امرأته الميتة نصف ثلث الدية التي ورثته من ابنها الميت .
و ورث قرابة الميت الباقي .
قال : ثم ورث الزوج أيضا من دية المرأة الميتة نصف الدية , و هو ألفان و خمسمائة درهم .
و ذلك أنها لم يكن لها ولد غير الذي رمت به حين فزعت .
قال : و أدى ذلك من بيت مال البصرة .
الأحكام الشرعية عن الخزاز القمي قال سلمة بن كهيل قال : أتي أمير المؤمنين برجل قد قتل رجلا خطأ .
فقال له (عليه السلام) : من عشيرتك و قرابتك ?
قال : قرابتي بالموصل .
قال : فسأل عنه أمير المؤمنين .
فلم يجد له قرابة .
فكتب إلى عامله بالموصل أما بعد فإن فلان بن فلان و حليته كذا و كذا , قتل رجلا من المسلمين خطأ , فذكر أنه من أهل الموصل و أن له بها قرابة و أهل بيت و قد بعثت به إليك مع رسولي فلان بن فلان و حليته كذا و كذا فإذا ورد عليك إن شاء الله و قرأت كتابي فافحص عن أمره و سل عن قرابته من المسلمين فإن كان من أهل الموصل ممن ولد بها و أصبت له بها قرابة من المسلمين فاجمعهم ثم انظر إن كان منهم رجل يرثه له سهم في الكتاب لا يحجبه عن ميراثه أحد من قرابته .
و كانوا قرابته سواء في النسب , و كان له قرابة من قبل أبيه و على قرابته من قبل أمه من الرجال المذكورين من المسلمين .
ثم اجعل على قرابته من قبل أبيه ثلثي الدية , و على قرابته من قبل أمه ثلث الدية .
و إن لم يكن له قرابة من قبل أبيه ففض الدية على قرابته من قبل أمه من الرجال المذكورين المسلمين ; ثم خذهم بها , و استأدهم الدية في ثلاث سنين .
فإن لم يكن له قرابة من قبل أمه و لا قرابة من قبل أبيه ففض الدية على أهل الموصل ممن ولد بها و نشأ فلا تدخل فيهم غيرهم من أهل البلد ثم استأد ذلك منهم في ثلاث سنين في كل سنة نجم حتى تستوفيه إن شاء الله .
و إن لم يكن
[375]
لفلان بن فلان قرابة من أهل الموصل و لا يكون من أهلها فرده إلي مع رسولي فلان بن فلان إن شاء الله و أنا وليه و المؤدي عنه , و إلا أبطل دم امرئ مسلم .
و قضى (عليه السلام) في عين فرس فقئت بربع ثمنها يوم فقئت عينها .
عدي بن حاتم عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال : يوم التقى هو و معاوية بصفين فرفع بها صوته يسمع أصحابه و الله لأقتلن معاوية و أصحابه , ثم يقول في آخر قوله إن شاء الله يخفض بها صوته , و كنت قريبا منه .
فقلت يا أمير المؤمنين إنك حلفت على ما فعلت ثم استثنيت , فما أردت بذلك ?
فقال : إن الحرب خدعة و أنا عند المؤمن غير كذوب فأردت أن أحرض أصحابي عليهم لكي لا يفشلوا و لكن يطمعوا فيهم فأفقههم ينتفعوا بها بعد اليوم إن شاء الله .
الصادق عن أمير المؤمنين (عليه السلام) : في رجل أمر عبده أن يقتل رجلا .
فقال : و هل العبد عند الرجل إلا كسوطه أو كسيفه يقتل السيد و يودع العبد السجن .
قال ولي ثلاثة قتلا فدعوا إلى علي (عليه السلام) أما واحد منهم أمسك رجلا و أقبل الآخر فقتله و الثالث وقف في الرؤية يراهم .
فقضى في الذي كان في الرؤية أن تسمل عيناه .
و في الذي أمسك أن يسجن حتى يموت كما أمسك .
و في الذي قتله أن يقتل .
نقلة الأخبار و ذكر صاحب فضائل العشرة : أنه ولد على عهد أمير المؤمنين (عليه السلام) مولد له رأسان و صدران على حقو واحد , فسئل (عليه السلام) كيف يورث ?
قال : يترك حتى ينام , ثم يصاح به فإن انتبها جميعا , كان له ميراث واحد و إن انتبه أحدهما و بقي الآخر , كان له ميراث اثنين .
و فيما أخبرنا به أبو علي الحداد بإسناده إلى سلمة بن عبد الرحمن , في خبر , قال : أتي عمر بن الخطاب برجل له رأسان و فمان و أنفان و قبلان و دبران و أربعة عين في بدن واحد و معه أخت .
فجمع عمر الصحابة و سألهم عن ذلك فعجزوا .
فأتوا عليا : و هو في حائط له , فقال : قضيته أن ينوم فإن غمض الأعين أو غط من الفمين جميعا فبدن واحد , و إن فتح بعض الأعين أو غط أحد الفمين , فبدنان هذه قضية .
و أما القضية الأخرى , فيطعم و يسقى حتى يمتلئ فإن بال من المبالين جميعا و تغوط من الغائطين جميعا فبدن واحد و إن بال أو
[376]
تغوط من أحدهما فبدنان . و قد ذكره الطبري في كتابه .
عمار الذهبي عن أبي الصهباء قال : قام ابن الكواء إلى علي (عليه السلام) و هو على المنبر , و قال : إني وطئت دجاجة ميتة فخرجت منها بيضة , فأكلها ?
قال : لا .
قال : فإن استحضنتها , فخرج منها فرخ , آكله ?
قال : نعم .
قال : فكيف ?
قال : لأنه حي خرج من ميت و تلك ميتة خرجت من ميته .
الحسن بن علي العبدي عن سعد بن طريف عن شريح : أن امرأة أتت إليه .
فقالت : إن لي ما للرجال و ما للنساء .
فقال : إن أمير المؤمنين يقضي على المبال .