قالت : فإني أبول بهما و ينقطعان معا .
فاستعجب شريح , قالت : و أعجب من هذا جامعني زوجي فولدت منه , و جامعت جاريتي فولدت مني .
فضرب شريح إحدى يديه على الأخرى متعجبا .
ثم جاء إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) , فقالت : هو كما ذكر .
فقال لها : فمن زوجك ?
قالت : فلان .
فبعث إليه , فدعاه , و سأله عما قالت ?
قال : هو كذلك .
فقال له (عليه السلام) : لأنت أجرى من صائد الأسد حين تقدم عليها بهذه الحال .
ثم قال يا قنبر ادخل مع أربع نسوة فعد أضلاعها .
فقال زوجها : لا آمن عليها رجل , و لا أئتمن عليها امرأة .
فأمر دينار الخصي أن يشد عليه ثيابا و أخلاه في بيت , ثم ولجه و أمره بعد أضلاعه .
فكانت من الجانب الأيمن ثمانية و من الجانب الأيسر سبعة .
فلبسها ثياب الرجال و ألحقها بهم .
فقال الزوج : يا أمير المؤمنين , ابنة عمي قد ولدت مني , تلحقها بالرجال ?
فقال : إني حكمت فيها بحكم الله ; إن الله تعالى خلق حواء من ضلع آدم الأيسر الأقصى فأضلاع الرجال تنقص و أضلاع النساء تمام .
و روى بعض أهل النقل : أن أمير المؤمنين أمر عدلين أن يحضرا بيتا خاليا و أحضر الشخص معهما , و أمر بنصب مرآتين , إحداهما مقابلة لفرج الشخص , و الأخرى مقابلة للمرأة الأخرى , و أمر الشخص أن يكشف عن عورته في مقابلة المرآة , حيث لا يراه العدلان , و أمر العدلين بالنظر في المرآة المقابلة لها فلما تحقق العدلان صحة ما ادعاه الشخص من الفرجين, اعتبر حاله بعد أضلاعه .
إسماعيل بن موسى بإسناده : أن رجلا خطب إلى رجل ابنة له عربية فأنكحها إياه ثم بعث إليه بابنة له أمها أعجمية فعلم بذلك بعد أن دخل بها فأتى معاوية و قص عليه
[377]
القصة .
فقال معضلة لها أبو الحسن , فاستأذنه , و أتى الكوفة و قص على أمير المؤمنين .
فقال : على أبي الجارية أن يجهز الابنة التي أنكحها إياه بمثل صداق التي ساق إليه فيها , و يكون صداق التي ساق منها لأختها بما أصاب من فرجها , و أمره أن لا يمس التي تزف إليه حتى تقضي عدتها , و يجلد أبوها نكالا لما فعل .
التهذيب في خبر عن أمير المؤمنين (عليه السلام) : أنه لما نهي عن أكل الطحال .
قال قصاب يا أمير المؤمنين ما الكبد و الطحال إلا سواء .
فقال له : كذبت يا لكع ائتني بتور من ماء أنبئك بخلاف ما بينهما .
فأتى بكبد و طحال و تور من ماء .
فقال : شق الكبد من وسطه و الطحال من وسطه .
ثم رماهما في الماء جميعا , فابيضت الكبد , و لم ينقص منه شيء , و لم يبيض الطحال و خرج ما فيه كله , و صار دما كله و بقي جلدا و عروقا .
فقال له : هذا خلاف ما بينهما , هذا لحم و هذا دم .
ابن بطة و شريك بإسنادهما عن ابن أبجر العجلي قال : كنت عند معاوية فاختصم إليه رجلان في ثوب .
فقال أحدهما : ثوبي , و أقام البينة .
و قال الآخر : ثوبي , اشتريته من السوق من رجل لا أعرفه .
فقال معاوية : لو كان لها علي بن أبي طالب .
فقال ابن أبجر فقلت له قد شهدت عليا قضى في مثل هذا و ذلك أنه قضى بالثوب للذي أقام البينة , و قال للآخر اطلب البائع .
فقضى معاوية بذلك بين الرجلين .
و بهذا الإسناد : أن عليا (عليه السلام) دفع إليه مملوك قتل حرا .
قال يدفع إلى أولياء المقتول .
فدفع إليهم فعفوا عنه .
فقال له الناس : قتلت رجلا و صرت حرا .
فقال (عليه السلام) : لا , هو رد على مواليه .
جابر بن عبد الله بن يحيى قال : جاء رجل إلى علي فقال يا أمير المؤمنين إني كنت أعزل عن امرأتي و إنها جاءت بولد فقال (عليه السلام) و أناشدك الله , هل وطئتها , ثم عاودتها قبل أن تبول ?
قال : نعم .
قال : فالولد لك .
و سئل أمير المؤمنين عن علة ما يصلى فيه من الثياب .
فقال (عليه السلام) : إن الإنسان إذا كان في الصلاة فإن جسده و ثيابه و كل شيء حوله يسبح .
و قال (عليه السلام) : فرض الله تعالى الإيمان تطهيرا من الشرك , و الصلاة تنزيها عن الكبر ,
[378]
و الزكاة تسبيبا للرزق , و الصيام ابتلاء لإخلاص الحق , و الحج تقوية للدين و الجهاد عن الإسلام , و الأمر بالمعروف مصلحة للعوام , و النهي عن المنكر ردعا للسفهاء , و صلة الأرحام منماة للعدد , و القصاص حقنا للدماء , و إقامة الحدود إعظاما للمحارم , و ترك شرب الخمر تحصينا للعقل , و مجانبة السرقة إيجابا للعفة , و ترك الزناء تحقيقا للنسب , و ترك اللواط تكثيرا للنسل , و الشهادات استظهارا عن المجاهدات , و ترك الكذب تشريفا للصدق , و السلام أمانا من المخاوف , و الأمانة نظاما للأمة , و الطاعة تعظيما للسلطان .
و سئل (عليه السلام) عن الوقوف بالحل , لم لا يكون بالحرم ?
فقال لأن الكعبة بيته و الحرم داره فلما قصدوا وافدين أوقفهم بالباب يتضرعون إليه .
قيل له : فالمشعر الحرام لم صار في الحرم ?
قال : لأنه لما أذن لهم بالدخول أوقفهم بالحجاب الثاني فلما طال تضرعهم أذن لهم بتقريب قربانهم فلما قضوا تفثهم و تطهروا بها من الذنوب التي كانت حجابا بينهم و بينه أذن لهم بالزيارة له على الطهارة .
قيل له : فلم حرم الصيام أيام التشريق ?
قال : لأن القوم زوار الله و هم في ضيافته و لا يجمل لمضيف أن يصوم أضيافه .
فقيل له : و التعلق بأستار الكعبة لأي معنى هو ?
قال : مثله مثل رجل له عند آخر جناية و ذنب فهو يتعلق به يتضرع عليه و يخضع له رجاء أن يتجافى له عن ذنبه .
محمد بن قيس عن أبي جعفر (عليه السلام) قال : قضى أمير المؤمنين (عليه السلام) في أربعة نفر أطلعوا في زبية الأسد فخر أحدهم فاستمسك بالثاني فاستمسك بالثالث فاستمسك بالرابع فقضى في الأول فريسة الأسد و غرم أهله ثلث الدية للثاني و غرم الثاني لأهل الثالث ثلثي الدية و غرم الثالث لأهل الرابع الدية كاملة .
ابن مهدي في نزهة الأبصار و الزمخشري في المستقصى عن ابن سيرين و شريح القاضي : أن أمير المؤمنين رأى شابا يبكي , فسأل (عليه السلام) عنه .
فقال : إن أبي سافر مع هؤلاء , فلم يرجع حين رجعوا , و كان ذا مال عظيم فرفعتهم إلى شريح , فحكم علي .
فقال (عليه السلام) متمثلا :
أوردها سعد و سعد مشتمل *** يا سعد ما تروي على هذا الإبل
[379]
ثم قال إن أهون السقي التشريع أي كان ينبغي لشريح أن يستقصي في الاستكشاف عن خبر الرجل و لا يقتصر على طلب البينة .
و روى أبو جعفر في من لا يحضره الفقيه و الكليني في الكافي و الطوسي في التهذيب و ابن فياض في شرح الأخبار أنه قال : إني أحكم بحكم داود (عليه السلام) , و نظر في وجوههم .
ثم قال : ما تظنون ?
تظنون أني لا أعلم بما صنعتم بأبي هذا الفتى , إني إذا لقليل العلم .
ثم فرق بينهم , و دعا واحدا واحدا يقول أخبرني و لا ترفع صوتك , و سأله عن ذهابهم و نزولهم و عامهم و شهرهم و يومهم و مرض الرجل و موته و غسله و تكفينه و الصلاة عليه و دفنه و موضع قبره و أمر عبد الله بن أبي رافع بكتابة قوله .
فلما كتب , كبر و كبر الناس معه , فظن الآخر أنه أخبرهم بذلك .
ثم أمر برد الرجل إلى مكانه , و دعا بآخر عما سئل الأول , فخالفه في الكلام كله ,
فكبر أيضا ,
ثم دعا بثالث , ثم برابع , فكان يتلجلج فوعظه و خوفه فاعترف : أنهم قتلوا الرجل و أخذوا ماله و أنهم دفنوه في موضع كذا بالقرب من الكوفة .
فكان يستدعي بعد ذلك واحدا واحدا و يقول اصدقني عن حالك و إلا نكلت بك فقد وضح لي الحق في قضيتكم .
فيعترف الرجل مثل صاحبه .
فأمر برد المال , و إنهاك العقوبة و عفا الشاب عن دمائهم .
فسألوه عن حكم داود ?
فقال : إن داود (عليه السلام) مر بغلمان يلعبون و ينادون واحدا منهم أي مات الدين .
فقال داود : و من سماك بهذا الاسم ?
قال : أمي .
قال : انطلق لنا إلى أمك .
فقال : يا أمة الله ما اسم ابنك هذا ? و ما كان سبب ذلك ?
قالت : إن أباه خرج في سفر له و معه قوم و أنا حامل بهذا الغلام فانصرف قومي و لم ينصرف زوجي , فسألتهم عنه ?
فقالوا : مات .
و سألتهم عن ماله ?
فقالوا : ما ترك مالا .
فقلت لهم : وصاكم بوصية ?
قالوا : نعم , زعم أنك حبلى و أن ولدت جارية أو غلاما فسميه مات الدين , فسميته كما وصى .
فقال لها : فهل تعرفين القوم ?
قالت : نعم .
قال : انطلقي معي إلى هؤلاء , فاستخرجهم من منازلهم , فلما حضروا حكم فيهم بهذه الحكومة ; فثبت عليهم الدم و استخرج منهم المال , ثم قال يا أمة الله : سمي
[380]
ابنك هذا بـ : عاش الدين .
ابن المسيب : أنه كتب معاوية إلى أبي موسى الأشعري يسأله أن يسأل عليا عن رجل يجد مع امرأته رجلا يفجر بها فقتله ما الذي يجب عليه .
قال : إن كان الزاني محصنا فلا شيء على قاتله , لأنه قتل من يجب عليه القتل .
و في رواية صاحب الموطأ : فقال (عليه السلام) أنا أبو الحسن فإن لم يقم أربعة شهداء فليعط برمته .
السكوني : أن ستة نفر لعبوا في الفرات فغرق واحد منهم فشهد اثنان منهم على ثلاثة منهم أنهم غرقوه و شهد الثلاثة على الاثنين أنهما غرقاه فألزم الاثنين ثلاثة أخماس الدية و ألزم الثلاثة خمسي الدية بحساب الشهادة .
محمد بن قيس عن الباقر (عليه السلام) : قضى أمير المؤمنين (عليه السلام) في أربعة نفر شربوا فسكروا .
فأخذ بعضهم على بعض السلاح فاقتتلوا .
فقتل اثنان , و جرح اثنان .
فأمر بالمجروحين فضرب كل واحد منهما ثمانين جلدة .
و قضى دية المقتولين على المجروحين , و أمر أن يقاس جراح المجروحين فترفع من الدية .
و إن مات من المجروحين أحد فليس على أولياء المقتول شيء .
و في رواية : أنه قال دية المقتولين على قبائل الأربعة بعد مقاصة الحيين منها بدية جراحهما لأنه لعل كل واحد منهما قتل صاحبه .
و نفذ رجل غلاما مع ابنه إلى الكوفة فتخاصما فضربه الابن فنكل عنه الغلام و سبه حتى ادعى أنه مملوكه فتحاكما إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) .
فقال لقنبر : اثقب في الحائط ثقبين ثم قال لأحدهما أدخل رأسك في هذا الثقب ثم قال يا قنبر علي بالسيف سيف رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) عجل أضرب رقبة العبد منهما ?
قال : فأخرج الغلام رأسه مبادرا و مكث الآخر في الثقب .
فأدب الغلام على ما صنع , ثم رده إلى مولاه , و قال : لئن عدت لأقطعن يدك .
الصادق (عليه السلام) : تزوج رجل من الأنصار امرأة على عهد أمير المؤمنين (عليه السلام) , فلما كان ليلة البناء بها , عمدت المرأة إلى رجل صديق لها فأدخلته الحجلة .
فلما دخل الزوج يباضع أهله , ثار الصديق و اقتتلا في البيت .
فقتل الزوج الصديق , و قامت المرأة , فضربت الزوج ضربة فقتلته بالصديق .
فقال (عليه السلام) : تضمن المرأة دية الصديق , و تقتل بالزوج .
[381]
الأصبغ : وصى رجل و دفع إلى الوصي عشرة آلاف درهم , و قال : إذا أدرك ابني فأعطه ما أحببت منها .
فلما أدرك , استعدى عليه أمير المؤمنين .
قال له : كم تحب أن تعطيه .
قال : ألف درهم .
قال : أعطه تسعة آلاف درهم , فهي التي أحببت , و خذ الألف .
و قضى (عليه السلام) في ثلاثة نفر اشتركوا في بعير فأخذه أحد الثلاثة فعقله و شد يديه جميعا و مضى في حاجة .
فجاء الرجلان فخليا يدا واحدة , و تركا واحدة , و تشاغلا عنه .
فقام البعير و يمشي على ثلاثة قوائم , فتردى في بئر , فانكسر البعير .
فأدركوا ذكوته فنحروه .
ثم باعوا لحمه .
فأتاهم الرجل , فقال : لم حللتموه حتى أجيء , و أحفظه , أو يحفظه أحدكما .
فقضى على شريكيه : الثلث . من أجل أنه كان قد أوثق حقه و عقل البعير , فخلياه .
فنظروا في ثمن لحم البعير , فإذا هو ثلث الثمن , بقدر ما كان للرجل الثلث .
فأخذه كله بحقه و خرج الرجلان صفرا , فذهب حظه بحظهما .
و روى : أن امرأة تشبهت لرجل بجاريته و اضطجعت على فراشه ليلا فوطئها .
فأمر أمير المؤمنين بإقامة الحد على الرجل سرا و على المرأة جهرا .
أبو عبيد في غريب الحديث : أن امرأة جاءته فذكرت أن زوجها يأتي جاريتها .
فقال (عليه السلام) : إن كنت صادقة رجمناه و إن كنت كاذبة جلدناك .
فقالت : ردوني إلى أهلي , غيري نغرة , معناه أن جوفها يغلي من الغيظ و الغيرة .
و روى : أن ابن مسعود فيمن غشي جارية امرأته لا حد عليه .
فقال (عليه السلام) : أبا عبد الرحمن إنما كان هذا قبل أن تنزل الحدود .
شهد اثنان على رجل بالسرقة أنه سرق درعا فجعل الرجل يناشده لما نظر في البينة و جعل يقول لو كان رسول الله ما قطع يدي أبدا .
قال : و لم ?
قال : يخبره ربه أني بريء .
فدعا (عليه السلام) للشاهدين و قال لهما اتقيا الله و لا تقطعا يد الرجل ظلما و ناشدهما ثم قال ليقطع أحدهما يده و يمسك أحدهما يده فلما تقدما إلى المسطبة ليقطعوه اضطربوا الناس حتى اختلطوا فلما اختلطوا أرسلا الرجل في غمار الناس و فرا حين اختلط الناس فأخبروا أمير المؤمنين فقال من يدلني على الشاهدين أنكلهما .
[382]
و حكم (عليه السلام) في وصية بجزء من مال أنه السبع من قوله تعالى لِكُلِّ بابٍ مِنْهُمْ جُزْءٌ مَقْسُومٌ و في وصية بسهم أنه الثمن من قوله إِنَّمَا الصَّدَقاتُ و في قول واحد أعتق عني كل عبد قديم في ملكي أن يعتق ما في ملكه ستة أشهر من قوله تعالى وَ الْقَمَرَ قَدَّرْناهُ مَنازِلَ و في نذر حين أن يصوم ستة أشهر من قوله تُؤْتِي أُكُلَها كُلَّ حِينٍ .
و في نهج البلاغة : أن أمير المؤمنين (عليه السلام) رفع إليه رجلان سرقا في مال الله تعالى أحدهما من مال الله و الآخر من عرض الناس .
فقال (عليه السلام) : أما هذا فهو من مال الله و لا حد عليه مال الله أكل بعضه بعضا .
و أما الآخر فعليه الحد الشديد فقطع يده .
يحيى بن سعد عن عمر بن سعد الرقي , قال : قال الصادق (عليه السلام) مات عقبة بن عامر الجهني و ترك خيرا كثيرا من أموال و مواشي و عبيد و كان له عبدان يقال لأحدهما سالم و الآخر ميمون فورثه ابن عم له و أعتقوا العبدين و جاءت امرأة إلى علي (عليه السلام) فذكرت أنها امرأة عقبة و أنكرها بنو العم , فشهد لها سالم و ميمون و عدلا , و ذكرت المرأة أنها حامل .
فقال (عليه السلام) : يوقف نصيب المرأة فإن جاءت بولد فلا شيء لها و لا لولدها من الميراث لأنه إنما شهد لهما على قولهما عبدان لهما ; و إن لم تأت بولد , فلها الربع لأنه قد شهد لها بالزوجية حران قد أعتقهما من يستحق الميراث .
و قضى في رجل ضرب على صدره فادعى أنه نقص نفسه فقال (عليه السلام) إن النفس يكون في المنخر الأيمن و في الأيسر ساعة فإذا طلع الفجر يكون في المنخر الأيمن إلى أن تطلع الشمس و هو ساعة فأقعد المدعي من حين يطلع الفجر إلى طلوع الشمس و عد أنفاسه و أقعد رجلا في سنه يوم الثاني من وقت طلوع الفجر إلى طلوع الشمس و عد أنفاسه ثم أعطي المصاب بقدر ما نقص من نفسه عن نفس الصحيح .
و حكم (عليه السلام) فيمن ادعى أنه ذهب بصره أن يربط عينه الصحيحة ببيضة و يدنو منه رجل فيبصره بعينه المصابة ثم يتنحى عنه إلى الموضع الذي ينتهي بصره إليه .
و كتب ملك الروم إلى معاوية يسأله عن خصال فكان فيما سأله أخبرني عن لا شيء فتحير فقال عمرو بن العاص وجه فرسا فارها إلى معسكر علي ليباع فإذا قيل
[383]
للذي هو معه بكم يقول بلا شيء فعسى أن تخرج المسألة فجاء الرجل إلى عسكر علي إذ مر به علي و معه قنبر .
فقال يا قنبر ساومه .
فقال بكم الفرس ?
قال : بلا شيء .
قال : يا قنبر خذ منه .
قال : أعطني لا شيء : فأخرجه إلى الصحراء و أراه السراب .
فقال ذلك لا شيء .
قال : اذهب فخبره .
قال : و كيف ?
قلت : قال , أ ما سمعت يقول الله تعالى يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ ماءً حَتَّى إِذا جاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئاً .
الأصبغ كتب ملك الروم إلى معاوية : إن أجبتني عن هذه المسائل حملت إليك الخراج , و إلا حملت أنت .
فلم يدر معاوية , فأرسلها إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) .
فأجاب عنها .
فقال : أول ما اهتز على وجه الأرض النخلة , و أول شيء صح عليها واد باليمن , و هو أول واد فار فيه الماء , و القوس أمان لأهل الأرض كلها عند الغرق ما دام يرى هي السماء , و المجرة أبواب فتحها الله على قوم ثم أغلقها فلم يفتحها .
قال : فكتب بها معاوية إلى ملك الروم .
فقال : و الله ما خرج هذا إلا من كنز نبوة محمد , فحمل إليه الخراج .
الرضا عن آبائه (عليه السلام) : سئل أمير المؤمنين عن المد و الجزر ما هما فقال (عليه السلام) ملك موكل بالبحار يقال له رومان فإذا وضع قدمه في البحر فاض و إذا أخرجها غاض .
و سأله (عليه السلام) ابن الكواء كم بين السماء و الأرض ?
فقال (عليه السلام) دعوة مستجابة .
قال : و ما طعم الماء ?
قال : طعم الحياة .
و كم بين المشرق و المغرب ?
فقال (عليه السلام) : مسيرة يوم للشمس .
و ما إخوان ولدا في يوم و ماتا في يوم و عمر أحدهما خمسون و مائة سنة و عمر الآخر خمسون سنة .
فقال (عليه السلام) : ولد عزير و عزرة أخوه , لأن عزيرا أماته الله مائة عام ثم بعثه .
و عن بقعة ما طلعت عليها الشمس إلا لحظة واحدة ?
فقال : ذلك البحر الذي فلقه الله لبني إسرائيل .
و عن إنسان يأكل و يشرب و لا يتغوط ?
قال (عليه السلام) : ذلك الجنين .
و عن شيء شرب و هو حي و أكل و هو ميت ?
فقال: ذلك عصا موسى شربت و هو في شجرتها غضة , و أكلت لما التقفت حبال السحرة و عصيهم .
و عن بقعة علت على الماء في أيام طوفان ?
فقال (عليه السلام) : ذلك موضع الكعبة , لأنها كانت ربوة .
و عن مكذوب عليه ليس من الجن و لا من الإنس ?
فقال : ذلك الذئب إذ كذب عليه إخوة يوسف .
و عن من أوحي ليس من الجن و لا من الإنس ?
فقال وَ أَوْحى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ .
و عن
[384]
أطهر بقعة على وجه الأرض لا تجوز الصلاة عليها ?
فقال : ذلك ظهر الكعبة .
و عن رسول ليس من الجن و الإنس و الملائكة و الشياطين ?
فقال : الهدهد اذْهَبْ بِكِتابِي هذا .
و عن مبعوث ليس من الجن و الإنس و الملائكة و الشياطين ?
فقال (عليه السلام) ذلك الغراب فَبَعَثَ اللَّهُ غُراباً .
و عن نفس في نفس ليس بينهما قرابة و لا رحم ?
فقال (عليه السلام) : ذلك يونس النبي في بطن الحوت .
و متى القيامة ?
قال عند حضور المنية , و بلوغ الأجل .
و ما عصا موسى ?
فقال (عليه السلام) : كان يقال لها الأربية , و كان من عوسج طولها سبعة أذرع بذراع موسى , و كانت من الجنة أنزلها جبرئيل (عليه السلام) على شعيب (عليه السلام) .
ابن عباس : أن أخوين يهوديين سألا أمير المؤمنين (عليه السلام) عن واحد لا ثاني له , و عن ثان لا ثالث له إلى مائة متصلة نجدها في التوراة و الإنجيل و هي في القرآن يتلونه .
فتبسم أمير المؤمنين (عليه السلام) , و قال : أما الواحد فالله ربنا الواحد القهار لا شريك له .
و أما الاثنان فآدم و حواء لأنهما أول اثنين .
و أما الثلاثة فجبرائيل و ميكائيل و إسرافيل لأنهم رأس الملائكة على الوحي .
و أما الأربعة فالتوراة و الإنجيل و الزبور و الفرقان .
و أما الخمسة فالصلاة أنزلها الله على نبينا و على أمته و لم ينزلها على نبي كان قبله و لا على أمة كانت قبلنا , و أنتم تجدونه في التوراة .
و أما الستة فخلق الله السماوات و الأرض في ستة أيام .
و أما السبعة فسبع سماوات طباقا .
و أما الثمانية وَ يَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمانِيَةٌ .
و أما التسعة فآيات موسى التسع .
و أما العشرة فتلك عشرة كاملة .
و أما الأحد عشر فقول يوسف لأبيه إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَباً .
و أما الاثنا عشر فالسنة اثنا عشر شهرا .
و أما ثلاثة عشر قول يوسف لأبيه وَ الشَّمْسَ وَ الْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي ساجِدِينَ , فالأحد عشر إخوته و الشمس أبوه و القمر أمه .
و أما الأربعة عشر فأربعة عشر قنديلا من النور معلقة بين السماء السابعة و الحجب تسرج بنور الله إلى يوم القيامة .
و أما الخمسة عشر فأنزلت الكتب جملة منسوجة من اللوح المحفوظ إلى سماء الدنيا لخمسة عشر ليلة مضت من شهر رمضان .
و أما الستة عشر فستة عشر صفا من الملائكة حافين من حول العرش .
و أما السبعة عشر فسبعة عشر اسما من أسماء الله مكتوبة بين الجنة و النار لو لا ذلك لذفرت ذفرة أحرقت من في السماوات و الأرض .
و أما الثمانية عشر فثمانية عشر حجابا من نور معلقة بين العرش و الكرسي لو لا ذلك لذابت الصم الشوامخ
[385]
و احترقت السماوات و الأرض و ما بينهما من نور العرش .
و أما التسعة عشر فتسعة عشر ملكا خزنة جهنم .
و أما العشرون فأنزل الزبور على داود على نبينا و آله و عليه السلام في عشرين يوما من شهر رمضان .
و أما الأحد و العشرون فألان الله لداود فيها الحديد .
و أما في اثنين و عشرين فاستوت سفينة نوح .
و أما الثلاثة و عشرون ففيه ميلاد عيسى و نزول المائدة على بني إسرائيل .
و أما في أربعة و عشرين فرد الله على يعقوب بصره .
و أما خمسة و عشرون فكلم الله موسى تكليما بواد المقدس كلمة خمسة و عشرين يوما .
و أما ستة و عشرين فمقام إبراهيم (عليه السلام) في النار .
أقام فيها حيث صارت بردا و سلاما .
و أما سبعة و عشرون فرفع الله إدريس مكانا عليا و هو ابن سبع و عشرين سنة .
و أما ثمان و عشرون فمكث يونس (عليه السلام) في بطن الحوت .
و أما الثلاثون ف واعَدْنا مُوسى ثَلاثِينَ لَيْلَةً .
و أما الأربعون تمام ميعاده وَ أَتْمَمْناها بِعَشْرٍ .
و أما الخمسون خمسون ألف سنة .
و أما الستون كفارة الإفطار فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعامُ سِتِّينَ مِسْكِيناً .
و أما السبعون سَبْعِينَ رَجُلًا لِمِيقاتِنا .
و أما الثمانون فَاجْلِدُوهُمْ ثَمانِينَ جَلْدَةً .