قال العدوي : و لا و الله ما أمره بهذا , و ما هو إلا شيء يتقوله .
فأنزل الله تعالى : وَ لَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنا بَعْضَ الْأَقاوِيلِ إلى قوله عَلَى الْكافِرِينَ يعني محمدا وَ إِنَّهُ لَحَقُّ الْيَقِينِ يعني به عليا .
حسان الجمال عن أبي عبد الله (عليه السلام) في خبر : فلما رأوه رافعا يده , يعني رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) .
قال بعضهم : انظروا إلى عينيه تدوران كأنهما عينا مجنون .
فنزل جبرئيل بهذه الآية وَ إِنْ يَكادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصارِهِمْ إلى آخر السورة .
الحميري :
فقال ألا من كنت مولاة منكم *** فمولاه من بعدي علي فأذعنوا
فقال شقي منهم لقرينه و كم *** من شقي يستزل و يفتن
يمد بضبعيه عليا و إنه *** لما بالذي لم يؤته لمزين
كأن لم يكن في قلبه ثقة به *** فيا عجبا أنى و من أن يوقن
عمر بن يزيد سأل أبا عبد الله (عليه السلام) عن قوله تعالى : قُلْ إِنَّما أَعِظُكُمْ بِواحِدَةٍ .
قال : بالولاية .
قال : قلت , و كيف ذلك ?
قال : إنه لما نصبه للناس , قال : من كنت مولاه فعلي مولاه ارتاب الناس .
فقالوا : إن محمدا ليدعونا في كل وقت إلى أمر جديد و قد بدأ بأهل بيته يملكهم رقابنا .
ثم قرأ قُلْ إِنَّما أَعِظُكُمْ بِواحِدَةٍ فقد أديت لكم ما
[38]
افترض عليكم ربكم أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنى وَ فُرادى أما مثنى فيعني طاعة الإمام من ذريتهما من بعده لا و الله يا ثاني ما عنى غيرك .
المرتضى قال في التنزيه : إن النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) لما نص على أمير المؤمنين (عليه السلام) بالإمامة في ابتداء الأمر ; جاءه قوم من قريش , قالوا له : يا رسول إن الناس قريبوا عهد بالإسلام و لا يرضوا أن تكون النبوة فيك و الإمامة في ابن عمك فلو عدلت بها إلى حين لكان أولى .
فقال لهم النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) : ما فعلت ذلك برأيي فأتخير فيه , و لكن الله أمرني به و فرضه علي .
فقالوا له : فإذا لم تفعل ذلك مخافة الخلاف على ربك فأشرك معه في الخلافة رجلا من قريش يسكن إليه الناس ليتم لك الأمر و لا تخالف الناس عليك .
فنزل لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْخاسِرِينَ .
عبد العظيم الحسني عن الصادق (عليه السلام) في خبر : قال رجل من بني عدي : اجتمعت إلى قريش فأتينا النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) , فقالوا يا رسول الله : إنا تركنا عبادة الأوثان و اتبعناك فأشركنا في ولاية علي فنكون شركاء .
فهبط جبرئيل (عليه السلام) على النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) فقال يا محمد لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ ... الآية .
قال الرجل فضاق صدري , فخرجت هاربا لما أصابني من الجهد .
فإذا أنا بفارس قد تلقاني على فرس أشقر عليه عمامة صفراء يفوح منه رائحة المسك , فقال : يا رجل لقد عقد محمد عقدة لا يحلها إلا كافر أو منافق .
قال : فأتيت النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) فأخبرته .
فقال : هل عرفت الفارس , ذاك جبرئيل ; عرض عليكم عقد ولاية إن حللتم العقد أو شككتم كنت خصمكم يوم القيامة .
الحميري :
و قام محمد بغدير خم *** فنادى معلنا صوتا بديا
ألا من كنت مولاه فهذا *** له مولى و كان به حفيا
إلهي عاد من عادى عليا *** و كن لوليه مولى وليا
فقال مخالف منهم عتل *** لأولاهم به قولا خفيا
لعمر أبيك لو يسطيع هذا *** لصير بعده هذا نبيا
فنحن بسوء رأيهما نعادي *** بني تيم و لا نهوى عديا
الباقر (عليه السلام) قال : قام ابن هند و تمطى و خرج مغضبا واضعا يمينه على عبد الله
[39]
بن قيس الأشعري و يساره على المغيرة بن شعبة , و هو يقول : و الله لا نصدق محمدا على مقالته , و لا نقر عليا بولايته .
فنزل فَلا صَدَّقَ وَ لا صَلَّى ... الآيات , فهم به رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) أن يرده فيقتله .
فقال له جبرئيل لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ فسكت عنه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) , و قال في قوله تعالى قالَ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقاءَنَا ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هذا أَوْ بَدِّلْهُ ذلك قول أعداء الله لرسوله من خلفه و هم يرون أنه لا يسمع قولهم لو أنه جعلنا أئمة دون علي أو بدلنا آية مكان آية ; قال الله عز و جل ردا عليهم قُلْ ما يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ الآية .
و قال أبو الحسن الماضي : إن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) دعا الناس إلى ولاية علي (عليه السلام) ليس إلا , فاتهموه و خرجوا من عنده .
فأنزل الله قُلْ إِنِّي لا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَ لا رَشَداً * قُلْ إِنِّي لَنْ يُجِيرَنِي مِنَ اللَّهِ إن عصيته أَحَدٌ وَ لَنْ أَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَداً إِلَّا بَلاغاً مِنَ اللَّهِ وَ رِسالاتِهِ في علي وَ مَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ في ولاية علي فَإِنَّ لَهُ نارَ جَهَنَّمَ خالِدِينَ فِيها أَبَداً .
و عنه (صلى الله عليه وآله وسلّم) في قوله تعالى : وَ اصْبِرْ عَلى ما يَقُولُونَ فيك وَ اهْجُرْهُمْ هَجْراً جَمِيلًا وَ ذَرْنِي وَ الْمُكَذِّبِينَ بوصيك أُولِي النَّعْمَةِ وَ مَهِّلْهُمْ قَلِيلًا .
و عن بعضهم (عليهم السلام) في قوله تعالى : وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ يا محمد بما أوحي إليك من ولاية علي أَ لَمْ نُهْلِكِ الْأَوَّلِينَ الذين كذبوا الرسل في طاعة الأوصياء كَذلِكَ نَفْعَلُ بِالْمُجْرِمِينَ من أجرم إلى آل محمد و ركب من وصيه ما ركب .
أبو عبد الله (عليه السلام) : وَ يَسْتَنْبِئُونَكَ أَ حَقٌّ هُوَ ما تقول في علي قُلْ إِي وَ رَبِّي إِنَّهُ لَحَقٌّ وَ ما أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ .
العوني :
أ ليس قام رسول الله يخطبهم *** يوم الغدير و جمع الناس محتفل
و قال من كنت مولاه فذاك له *** من بعد مولى فواخاه و ما فعلوا
لو سلموها إلى الهادي أبي حسن *** كفى البرية لن تستوحش السبل
هذا يطالبه بالضعف محتقبا *** و تلك يجدونها في محفل جمل
الحميري :
من كنت مولاه فهذا له *** مولى فلا تأبوا بتكفار
[40]
ابن حماد :
ألا إن هذا ولي لكم *** أطيعوا فويل لمن لم يطع
أبو عبيد و الثعلبي و النقاش و سفيان بن عيينة و الرازي و القزويني و النيسابوري و الطبرسي و الطوسي في تفاسيرهم : أنه لما بلغ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) بغدير خم ما بلغ و شاع ذلك في البلاد أتى الحارث بن النعمان الفهري و في رواية : أبي عبيد جابر بن النضر بن الحارث بن كلدة العيدري فقال : يا محمد أمرتنا عن الله بشهادة أن لا إله إلا الله و أن محمدا رسول الله , و بالصلاة , و الصوم , و الحج , و الزكاة , فقبلنا منك . ثم لم ترض بذلك حتى رفعت بضبع ابن عمك ففضلته علينا , و قلت : من كنت مولاه فعلي مولاه . فهذا شيء منك أم من الله ?
فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) : و الذي لا إله إلا هو إن هذا من الله .
فولى الحارث يريد راحلته , و هو يقول : اللهم إن كان ما يقول محمد حقا ; فأمطر علينا حجارة من السماء , أو ائتنا بعذاب أليم .
فما وصل إليها , حتى رماه الله بحجر , فسقط على هامته و خرج من دبره و قتله ; و أنزل الله تعالى سَأَلَ سائِلٌ بِعَذابٍ واقِعٍ ... الآية و في شرح الأخبار أنه نزل أَ فَبِعَذابِنا يَسْتَعْجِلُونَ و رواه أبو نعيم الفضل بن دكين .
العوني :
يقول رسول الله هذا لأمتي *** هو اليوم مولى رب ما قلت فاسمع
فقام جحود ذو شقاق منافق *** ينادي رسول الله من قلب موجع
أ عن ربنا هذا أم أنت اخترعته *** فقال معاذ الله لست بمبدع
فقال عدو الله لاهم إن يكن *** كما قال حقا بي عذابا فأوقع
فعوجل من أفق السماء بكفره *** بجندلة فانكب ثاو بمصرع
و في الخبر : أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) كان يخبر عن وفاته بمدة و يقول قد حان مني خفوق من بين أظهركم و كانت المنافقون يقولون لئن مات محمد ليخرب دينه .
فلما كان موقف الغدير , قالوا : بطل كيدنا . فنزلت الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا ... الآية .
المرتضى :
أما الرسول فقد أبان ولاءه *** لو كان ينفع حائرا أن ينذرا
[41]
أمضي مقالا لم يقله مؤمنا *** أو شاد ذكرا لم يشده معذرا
و ثنى إليه رقابهم و أقامه *** علما على باب النجاة مشهرا
و لقد شفى يوم الغدير معاشرا *** ثلجت نفوسهم و أودى معشرا
فلقت به أحقادهم فموجع نفسا *** و مانع أنه أن يجهرا
الحميري :
قد قام يوم الدوح خير الورى *** بوجهه للناس مستقبل
لكن تواصوا بعلي الهدى *** أن لا يوالوه و أن يخذلوا
أبو تمام الطائي :
و يوم الغدير استوضح الحق أهله *** بفيها و ما فيها حجاب و لا ستر
أقام رسول الله يدعوهم بها *** ليقربهم عرفا و ينهاهم نكر
يمد بضبعيه و يعلم أنه ولي *** و مولاكم فهل لكم خبر
يروح و يغدو بالبيان لمعشر *** يروح بهم بكر و يغدو بهم عمرو
أ حجة رب العالمين و وارث *** النبي أ لا عهد وفي و لا أصر
فكان له جهرا بإثبات حقه *** و كان لهم في بزه حقه ستر
البشنوي :
فقال كبيرهم ما الرأي فيما *** ترون يرد ذا الأمر الجلي
سمعتم قوله قولا بليغا *** و أوصى بالخلافة في علي
فقالوا حيلة نصبت علينا *** و رأي ليس بالعقد الوفي
ندبر غير هذا في أمور *** ننال بها من العيش السني
سنجعلها إذا ما مات شورى *** لتيمي هنالك أو عدي
و روي : أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) لما فرغ من غدير خم و تفرق الناس اجتمع نفر من قريش يتأسفون على ما جرى , فمر بهم ضب .
فقال بعضهم : ليت محمدا أمر علينا هذا الضب دون علي .
[42]
فسمع ذلك أبو ذر , فحكى ذلك لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) .
فبعث إليهم و أحضرهم و عرض عليهم مقالهم فأنكروا و حلفوا , فأنزل الله تعالى يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ ما قالُوا ... الآية .
فقال النبي : ما أظلت الخضراء ... الخبر .
و في رواية أبي بصير عن الصادق (عليه السلام) في خبر : أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) قال أما جبرئيل نزل علي و أخبرني أنه يؤتى يوم القيامة بقوم إمامهم ضب فانظروا أن لا تكونوا أولئك فإن الله تعالى يقول يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ .
ابن طوطي :
و يوم غدير قد أقروا بفضله *** و في كل وقت منهم الغدر أضمروا
أرى دوح خم و النبي محمد *** ينادي بأعلى الصوت منهم و يجهر
أ لست إذن أولى بكم من نفوسكم *** فقالوا بلى و القوم في الجمع حضر
فقال لهم من كنت مولاه منكم *** فمولاه بعدي حيدر المتخير
فوال مواليه و عاد عدوه أيا *** رب و انصره لمن ظل ينصر
فلما مضى الهادي لحال سبيله *** أبانوا له الغدر القبيح و أظهروا
و له :
من نص عليه يوم الغدير *** كان الإمام بلا تخيير
قوله : من كنت مولاه .
لفظة مولى : تفيد الأولى بالتدبير و التصرف و فرض الطاعة ; لأنه (صلى الله عليه وآله وسلّم) عقب قوله أ لست أولى بكم من أنفسكم , و لو كان غير ذلك لكان معميا في كلامه .
و إذا ثبت ذلك , فلا يكون إلا الإمام .
ثم إن ظاهره يقتضي إيجاب موالاته و نصرته , و تحريم خذلانه و عداوته بالإطلاق , من حيث جعل موالاة الله و نصرته لناصره (عليه السلام) و مواليه , و خذلانه و عداوته لخاذله و معاديه , و ذلك دليل عصمته ; لأن جواز القبيح عليه صحة وقوعه فإذا وقع أوجب خلاف ما حكم به النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) و أوجبه , و هذا لا يجوز عليه .
أمالي أبي عبد الله النيسابوري و أمالي أبي جعفر الطوسي في خبر عن أحمد بن محمد بن أبي نصر عن الرضا (عليه السلام) أنه قال (عليه السلام) حدثني أبي عن أبيه : أن يوم الغدير في السماء أشهر منه في الأرض إن لله تعالى في الفردوس قصرا لبنة من فضة و لبنة من ذهب فيه مائة ألف قبة حمراء و مائة ألف خيمة من ياقوتة خضراء
[43]
ترابه المسك و العنبر فيه أربعة أنهار نهر من خمر و نهر من ماء و نهر من لبن و نهر من عسل حواليه أشجار جميع الفواكه عليه الطيور و أبدانها من لؤلؤ و أجنحتها من ياقوت تصوت بألوان الأصوات إذا كان يوم الغدير و ردوا إلى ذلك القصر أهل السماوات يسبحون الله و يقدسونه و يهللونه فتطاير تلك الطيور فتقع في ذلك الماء و تتمرغ على ذلك المسك و العنبر فإذا اجتمع الملائكة طارت فينفض ذلك عليهم و إنهم في ذلك اليوم ليتهادون نثار فاطمة (عليها السلام) فإذا كان آخر اليوم نودوا انصرفوا إلى مراتبكم فقد أمنتم من الخطر و الذلل إلى قابل في هذا اليوم تكرمة لمحمد و علي ... الخبر .
مصباح المتهجد في خطبة الغدير أن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال : إن هذا يوم عظيم الشأن , فيه وقع الفرج , و رفع الدرج و صحت الحجج , و هو يوم الإيضاح و الإفصاح عن المقام الصراح , و يوم كمال الدين , و يوم العهد المعهود , و يوم الشاهد و المشهود , و يوم تبيان العقود عن النفاق و الجحود , و يوم البيان عن حقائق الإيمان , و يوم دحو الشيطان , و يوم البرهان , هذا يوم الفصل الذي كنتم توعدون , هذا يوم الملأ الأعلى الذي أنتم عنه معرضون , هذا يوم الإرشاد , و يوم المحنة للعباد , و يوم الدليل على الذواد , هذا يوم إبداء إخفاء الصدور و مضمرات الأمور , هذا يوم النصوص على أهل الخصوص , هذا يوم شيث , هذا يوم إدريس , هذا يوم يوشع , هذا يوم شمعون .
البشنوي :
يوم الغدير لذي الولاية عيد *** و لذي النواصب فضله مجحود
يوم يوسم في السماء بأنه *** العهد و فيه ذلك المعهود
و الأرض بالميراث أضحت وسمة *** لو طاع موطود و كف حسود
لشاعر :
يوم الغدير سوى العيدين لي عيد *** يوم يسر به السادات و الصيد
[44]
نال الإمامة فيه المرتضى و له *** فيه من الله تشريف و تمجيد
الفنجكردي :
لا تنكرن غدير خم إنه *** كالشمس في إشراقها بل أظهر
فيه إمامة حيدر و كماله *** و جلاله حتى القيامة تذكر
شاعر :
و ناصبي شديد النصب قابلني *** يوم الغدير بوجه غير ذي جذل
فقال قل لي ما ذا اليوم قلت له *** اليوم عيد أمير المؤمنين علي
فصل في خاصف النعل :
صحيح الترمذي : أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) قال يوم الحديبية لسهيل بن عمرو , و قد سأله رد جماعة ; فروى أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) قال : يا معشر قريش لتنتهوا أو ليبعثن الله عليكم من يضرب رقابكم على الدين امتحن الله قلبه بالإيمان .
قالوا : من هو يا رسول الله ?
قال : هو خاصف النعل .
و كان أعطى عليا (عليه السلام) نعله يخصفها .
الخطيب في التأريخ و السمعاني في الفضائل : أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) قال لا تنتهوا يا معشر قريش حتى يبعث الله رجلا امتحن قلبه بالإيمان ... الحديث سواء .
و روى ابن بطة في الإبانة حديث خاصف النعل بسبعة طرق منها ما رواه أبو سعيد الخدري : قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) منكم من يقاتل على تأويل القرآن كما قاتلت على تنزيله .
فقال أبو بكر : أنا هو يا رسول الله ?
قال : لا .
قال عمر : أنا هو يا رسول الله ?
قال : لا . و لكنه خاصف النعل .
فابتدرنا ننظر , فإذا هو : علي يخصف نعل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) .
و كاتبني الخطيب في الأربعين بإسناده عن الخدري ما روينا بأسانيد عن جابر بن زيد عن الباقر (عليه السلام) : أن النبي انقطع شسع نعله فرفعها إلى علي ليصلحها .
فقال (صلى الله عليه وآله وسلّم) : إن منكم من يقاتل على تأويل القرآن كما قاتلت على تنزيله .
قال أبو سعيد : فخرجت , فبشرته بما قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) , فلم يكترث به فرحا كأنه قد سمعه .
[45]
ذكره أحمد في الفضائل و البخاري و مسلم و لفظه لمسلم .
عن الخدري قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) : فرقتان فيخرج من بينهما فرقة ثالثة يلي قتلهم أولاهم بالحق .
فانظر إلى تسمية علي بأنه أولى بالحق .
ابن علوية :
و له إذا ذكر الفخار فضيلة *** بلغت مدى الغايات باستيقان
إذ قال أحمد إن خاصف نعله *** لمقاتل بتأول القرآن
قوما كما قاتلت عن تنزيله *** فإذا الوصي بكفه نعلان
هل بعد ذاك على الرشاد دلالة *** من قائم بخلافة و معان
العوني :
و قال إني على التنزيل قلت لكم *** محاربا ذاك قولا لا أحرفه
و ذاك بعدي على التأويل حربكم *** من في يديه قبال النعل يخصفه
فمن له علم تأويل الكتاب بها *** أولى مكلفه رعيا مكلفه
و له :
علي خاصف النعل *** يقول غير مهذار
الحميري :
و في خاصف النعل البيان و عبرة *** لمعتبر إذ قال و النعل يرقع
لأصحابه في مجمع إن منكم *** و أنفسكم شوقا إليه تطلع
إماما على تأويله غير جائر *** يقاتل بعدي لا يضل و يهلع
فقال أبو بكر أنا هو قال لا *** فقال أبو حفص أنا هو فاسفع
فقال لهم لا لا و لكنه أخي *** و خاصف نعلي فاعرفوه المرقع
و له :
و من خاصف نعل النبي محمد *** أرضى الإله بفعله الغفارا
و له :
هل مثل فعلك عند النعل تخصفها *** لو لم يكن جاحدوا التفضيل لاهينا
[46]
الصاحب :
و في خصفه للنعل لما أحله *** بحيث تراءته النجوم الثواقب
أبو هاشم :
أ لم تسمعوا قول النبي محمد *** غداة علي قاعد يخصف النعلا
فقال عليه بالإمامة سلموا *** فقد أمر الرحمن أن تفعلوا كلا
فيها أيها الحبل المتين الذي به *** تمسكت لا أبغي سوى حبله حبلا
العبدي :
لما أتاه القوم في حجراته *** و الطهر يخصف نعله و يرقع
قالوا له إن كان أمر من لنا *** خلف إليه في الحوادث نرجع
قال النبي خليفتي هو خاصف *** النعل الزكي العالم المتورع
الوراق :
علي الذي قد كان للنعل خاصفا *** و في الحرب مقداما إلى كل معلم
البشنوي :
خير البرية خاصف النعل الذي *** شهد النبي بحقه في المشهد
و بعلمه و قضائه و بسيفه *** شهد الرسول مع الملائك فاشهد
ابن الحجاج :
أنا مولاي علي ذو العلاء *** ليس مولاي عتيقا و دلاما
أتوالى خاصف النعل الذي *** لم يكن يأكل أموال اليتاما
فصل في أنه (عليه السلام) الوصي و الولي :
لا يجوز أن يمضي رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) بلا وصي لقوله تعالى كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْراً ... الآيات .
و لقوله (عليه السلام) من مات بغير وصية مات ميتة جاهلية .
و قال الله تعالى يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ ما لا تَفْعَلُونَ الآية و لأن الأنبياء كلهم مضوا بالوصية و قال الله تعالى فَبِهُداهُمُ اقْتَدِهْ .
الطبري بإسناده عن أبي الطفيل : أنه قال لأصحاب الشورى أناشدكم الله هل
[47]
تعلمون أن لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) وصيا غيري ?
قالوا : اللهم لا .
سفيان الثوري عن منصور عن مجاهد عن سلمان الفارسي قال : سمعت رسول الله يقول إن وصيي و خليفتي و خير من أترك بعدي ينجز موعدي و يقضي ديني علي بن أبي طالب (عليه السلام) .
الطبري بإسناد له عن سلمان قال : قلت لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) يا رسول الله إنه لم يكن نبي إلا و له وصي فمن وصيك ?
قال : وصيي و خليفتي في أهلي و خير من أترك بعدي مؤدي ديني و منجز عداتي علي بن أبي طالب (عليه السلام) .
مطير بن خالد عن أنس و قيس بن ماناه و عبادة بن عبد الله عن سلمان كليهما عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) : يا سلمان سألتني من وصي من أمتي ? فهل تدري لمن كان أوصى إليه موسى ?
قلت : الله و رسوله أعلم .
قال : أوصى إلى يوشع , لأنه كان أعلم أمته ; و وصيي و أعلم أمتي بعدي علي بن أبي طالب . و روى قريبا منه أحمد في فضائل الصحابة .
أبو رافع قال : لما كان اليوم الذي توفي فيه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) غشي عليه .
فأخذت بقدميه أقبلهما و أبكي , فأفاق , و أنا أقول : من لي و لولدي بعدك يا رسول الله ?