حماد بن سلمة عن ثابت عن أنس : أَ فَمَنْ كانَ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ قال هو رسول الله وَ يَتْلُوهُ شاهِدٌ مِنْهُ قال علي بن أبي طالب كان و الله لسان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) .
[86]
كتاب فصيح الخطيب أنه سأله ابن الكواء فقال : و ما أنزل فيك ?
قال : قوله أَ فَمَنْ كانَ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ وَ يَتْلُوهُ شاهِدٌ مِنْهُ و قد روى زاذان نحوا من ذلك .
الثعلبي عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس : أَ فَمَنْ كانَ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ وَ يَتْلُوهُ شاهِدٌ مِنْهُ الشاهد علي و قد رواه القاضي أبو عمرو عثمان بن أحمد و أبو نصر القشيري في كتابيهما و الفلكي المفسر رواه عن مجاهد و عن عبد الله بن شداد .
الثعلبي في تفسيره عن حبيب بن يسار عن زاذان و عن جابر بن عبد الله كليهما عن علي (عليه السلام) قال : أَ فَمَنْ كانَ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ وَ يَتْلُوهُ شاهِدٌ مِنْهُ فرسول الله على بينة من ربه و يتلوه و أنا شاهد منه .
و في الحساب أَ فَمَنْ كانَ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ وزنه رسول الله سيد الأنبياء أحمد الأمين جملة حروف كل واحد منهما سبعمائة و ستة عشر و تمام الآية وَ يَتْلُوهُ شاهِدٌ مِنْهُ وزنه علي بن أبي طالب شاهد بر زكي وفي و عدد حروف كل واحد منهما ثمانمائة و اثنان و ستون .
ابن حماد :
ذا علي التبيان يتلوه منه *** شاهد ناب عنه كل مناب
ذا نذير و ذاك هاد فهل *** يجحد ذا غير جاهل مرتاب
و قرأ ابن مسعود أ فمن أوتي علما من ربه و يتلو شاهد منه علي كان شاهد النبي على أمته بعده ; فشاهد النبي يكون أعدل الخلائق ; فكيف يتقدم عليه دونه ?
الحميري :
من عنده علم الكتاب و حكمه *** من شاهد يتلوه منه نذارا
علم البلايا و المنايا عنده *** فصل الخطاب نمى إليه و صارا
البشنوي :
التالي التنزيل غضا هكذا *** قال النبي الطهر ذو الإرسال
قوله تعالى فَكَيْفَ إِذا جِئْنا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَ جِئْنا بِكَ عَلى هؤُلاءِ شَهِيداً فالأنبياء شهداء على أممهم و نبينا شهيد على الأنبياء و علي شهيد للنبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) ثم صار في نفسه شهيدا قوله تعالى قُلْ كَفى بِاللَّهِ شَهِيداً بَيْنِي وَ بَيْنَكُمْ ... الآية و قد بينا صحته في ما تقدم
[87]
سليم بن قيس الهلالي عن علي (عليه السلام) : أن الله تعالى إيانا عنى بقوله شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ فرسول الله شاهد علينا و نحن شهداء الله على خلقه و حجته في أرضه و نحن الذين قال الله تعالى وَ كَذلِكَ جَعَلْناكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ وَ يَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً .
و يقال إنه المعنى بقوله وَ جِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَ الشُّهَداءِ .
مالك بن أنس عن سمي عن أبي صالح في قوله : وَ مَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَ الرَّسُولَ فَأُولئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَ الصِّدِّيقِينَ وَ الشُّهَداءِ قال الشُّهَداءِ يعني عليا و جعفرا و حمزة و الحسن و الحسين هؤلاء سادات الشهداء وَ الصَّالِحِينَ يعني سلمان و أبا ذر و المقداد و عمارا و بلالا و خبابا وَ حَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً يعني في الجنة ذلِكَ الْفَضْلُ مِنَ اللَّهِ وَ كَفى بِاللَّهِ عَلِيماً إن منزل علي و فاطمة و الحسن و الحسين و منزل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) واحد .
أبو عبيد في غريب الحديث أن النبي قال لأمير المؤمنين : إن لك بيتا في الجنة و إنك لذو قرنيها .
سويد بن غفلة و أبو الطفيل : قال أمير المؤمنين إن ذا القرنين كان ملكا عادلا فأحبه الله و ناصح لله فنصحه الله أمر قومه بتقوى الله فضربوه على قرنه بالسيف ; فغاب عنهم ما شاء الله .
ثم رجع إليهم , فدعاهم إلى الله , فضربوه على قرنه الآخر بالسيف , فذلك قرناه , و فيكم مثله ; يعني نفسه لأنه ضرب على رأسه ضربتين : إحداهما يوم الخندق , و الثاني ضربه ابن ملجم .
الرضا في مجازات الآثار النبوية ; عنى رأس الأمة : إن ذا القرنين إنما يكونان فيه .
و هذا يدل على أنه كان رأس أمته و رئيس أسرته , و يقال إني كذي القرنين أي الإسكندر الرومي .
و يدل أيضا على سيادته لأنه كان أخذ بآزمة الملوك و إن أراد اسم النبي من الأنبياء فهو أفضل أهل زمانه كما كان ذو القرنين في زمانه .
و قال ثعلب : كان وصفه ببلوغ غايات المثابين في الجنة كأنه أخذ طرفي الجنة .
و قال ثعلب أيضا : أي ذو جبليها يعني الحسن و الحسين ; و قال أي طرفي الأمة أي أنت إمام في الابتداء و المهدي ولدك إمام في الانتهاء ; و يجوز من قولهم عصرت الفرس قرنا أو قرنين أي استخرجت عرقه بالجري مرة أو مرتين و كأنه (عليه السلام) ذو اقتباس العلم الظاهر و استخراج العلم الباطن .
[88]
الحميري :
و هو فينا كذي القرنين فيهم *** برجعته له لون نظير
و نادى أعرابي النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) فخرج إليه في رداء ممشق .
فقال الأعرابي : فخرجت إلي فكأنك فتى .
قال : نعم يا أعرابي , أنا الفتى و ابن الفتى و أخو الفتى .
فقال : أنت الفتى , و كيف غير ذلك ?
فقال (صلى الله عليه وآله وسلّم) : أ ما سمعت الله يقول قالُوا سَمِعْنا فَتًى يَذْكُرُهُمْ يُقالُ لَهُ إِبْراهِيمُ فأنا ابن إبراهيم .
و أما أخو الفتى فإن مناديا ينادي من السماء يوم أحد لا سيف إلا ذو الفقار و لا فتى إلا علي , فعلي أخي و أنا أخوه .
الباخرزي :
لا فتى في الأنام إلا علي *** فارو هذا الحديث إن شئت عنا
غيره :
أنا مولى الفتى أنزل فيه هل أتى *** إلى متى أكتمه أكتمه إلى متى
خطيب خوارزم :
فتوى رسول الله أن لا فتى *** إلا علي بن أبي طالب
و ذو الفقار العضب لم يحكه *** سيف و إن السيف بالضارب
قد اصطفى الغالب زوج البتول *** بعد أبيها من بني غالب
أحمد بن حميد الهاشمي قال وجد في كتاب الجامع جعفر الصادق (عليه السلام) في قوله تعالى : وَ بِئْرٍ مُعَطَّلَةٍ وَ قَصْرٍ مَشِيدٍ أنه قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) القصر المشيد و البئر المعطلة : علي .
علي بن جعفر عن أخيه موسى بن جعفر (عليه السلام) قال : البئر المعطلة : الإمام الصامت , و القصر المشيد : الإمام الناطق .
و قالوا إنما مثل به عليا : لأنه مرتفع مثل القصر المشيد , و البئر المعطلة التي لا يستقى منها الماء .
السوسي :
هو البئر و القصر المشيد و حطة *** فمن نالها يسعد و من لم ينل خسر
[89]
العوني :
هو القصر و البئر المعطلة التي *** متى فتحت تروي الأنام من الشرب
فمن دخل القصر المشيد بناؤه فلا *** ظمأ يلقى هناك و لا تعب
الناشي :
هو البئر و القصر المشيد بناؤه *** و عين إله الخلق و الجنب و الأذن
إذا ما اشترى المرء الجنان بحبه *** غدا رابحا في البعث ما قارن الغبن
ابن حماد :
صاحب البئر التي قد عطلت *** و هو ذو القصر المشيد المشرف
ليس من جوهره جوهرة *** مثل من جوهره من خزف
شاعر :
بئر معطلة و قصر مشرف *** مثل لآل محمد مستطرف
فالقصر فضلهم الذي لا يرتقى *** و البئر علمهم الذي لا ينزف
فصل في أنه :
الصديق و الفاروق و الصدق و الصادق ; و المعنى بقوله سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمنُ وُدًّا :
علي بن الجعد عن شعبة عن قتادة عن الحسن عن ابن عباس في قوله تعالى : وَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَ رُسُلِهِ أُولئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ قال صديق هذه الأمة علي بن أبي طالب هو الصديق الأكبر و الفاروق الأعظم ثم قال وَ الشُّهَداءُ عِنْدَ رَبِّهِمْ قال ابن عباس : و هم علي و حمزة و جعفر , فهم صديقون و هم شهداء الرسل على أممهم قد بلغوا الرسالة , ثم قال لَهُمْ أَجْرُهُمْ عند ربهم على التصديق بالنبوة وَ نُورُهُمْ على الصراط .
مالك بن أنس عن سمي عن أبي صالح عن ابن عباس في قوله : وَ مَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَ الرَّسُولَ فَأُولئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ يعني محمدا وَ الصِّدِّيقِينَ يعني عليا و كان أول من صدقه وَ الشُّهَداءِ يعني عليا و جعفرا و حمزة و الحسن و الحسين (عليه السلام) النبيون كلهم صديقون و ليس كل صديق نبيا و الصديقون كلهم صالحون و ليس كل صالح صديقا و لا كل صديق شهيد و قد كان
[90]
أمير المؤمنين صديقا شهيدا صالحا فاستحق ما في الآيتين من وصف سوى النبوة .
و كان أبو ذر يحدث شيئا فكذبوه فقال النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) ما أظلت الخضراء الخبر فدخل وقتئذ علي (عليه السلام) فقال (صلى الله عليه وآله وسلّم) ألا إن هذا الرجل المقبل فإنه الصديق الأكبر و الفاروق الأعظم .
ابن بطة في الإبانة و أحمد في الفضائل عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن أبيه و شيرويه في الفردوس عن داود بن بلال قال النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) : الصديقون ثلاثة علي بن أبي طالب و حبيب النجار و مؤمن آل فرعون يعني حزقيل و في رواية : و علي بن أبي طالب و هو أفضلهم .
و ذكر أمير المؤمنين مرارا : أنا الصديق الأكبر و الفاروق الأعظم .
ابن عباس عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) : أن عليا صديق هذه الأمة و فاروقها و محدثها و إنه هارونها و يوشعها و آصفها و شمعونها إنه باب حطتها و سفينة نجاتها إنه طالوتها و ذو قرنيها .
كعب الأحبار أنه سأل عبد الله بن سلام قبل أن يسلم : يا محمد ما اسم علي فيكم ?
قال : عندنا الصديق الأكبر .
فقال عبد الله : أشهد أن لا إله إلا الله و أشهد أن محمدا رسول الله إنا لنجد في التوراة : محمد نبي الرحمة , و علي مقيم الحجة .
السيد :
شهيدي الله يا صديق *** هذي الأمة الأكبر
بأني لك صافي الود *** في فضلك لا أستر
و له :
صديقنا الأكبر فاروقنا *** فاروق بين الحق و الباطل
و له :
ففاروق بين الهدى و الضلال *** و صديق أمتنا الأكبر
القمي :
علي هو الصديق علامة الورى *** و فاروقها بين الحطيم و زمزم
[91]
غيره :
إذا كذبت أسماء قوم عليهم *** فاسمك صديق له شاهد عدل
أنشد :
أول من صدق به *** و هو مجلي كربه
أبو سخيلة سألت أبا ذر فقلت : إني قد رأيت اختلاطا فما ذا تأمرني ?
قال : عليك بهذه الخصلتين ; كتاب الله و الشيخ علي بن أبي طالب (عليه السلام) , فإني سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) , يقول : هذا أول من آمن بي , و أول من يصافحني يوم القيامة , و هو الصديق الأكبر , و هو الفاروق الذي يفرق بين الحق و الباطل .
الحسن عن أبي ليلى الغفاري قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) : ستكون من بعدي فتنة فإذا كان كذلك فالزموا علي بن أبي طالب فإنه الفاروق بين الحق و الباطل استخرجه شيرويه في الفردوس .
و سمي فاروقا لأنه يفرق بين الجنة و النار , و قيل لأن ذكره يعرف بين محبه و مبغضه .
ابن حماد :
و هو المفرق بين أهل الكفر و *** الإيمان فادع الصادق الفاروقا
الحميري :
و يا فاروق بين الحق *** و الباطل في المصدر
شاعر :
فقال من الفاروق إن كنت عالما *** فقلت الذي قد كان للدين مظهر
علي أبو السبطين علامة الورى *** و ما زال للاحكام يبدي و ينشر
أنشد :
أجل عباد الله بعد ابن عمه *** و أفضل إنسان علا فوق منبر
أنشد :
حب علي بن أبي طالب *** للناس مقياس و معيار
يخرج ما في القلب غشا كما *** يخرج غش الذهب النار
أنشد :
إذا ما التبر حك على المحك *** تبين غشه من غير شك
و فينا الغش و الذهب المصفى *** علي بيننا شبه المحك
[92]
علماء أهل البيت عن الباقر و الصادق و الكاظم و الرضا و زيد بن علي (عليهم السلام) في قوله تعالى : وَ الَّذِي جاءَ بِالصِّدْقِ وَ صَدَّقَ بِهِ أُولئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ قالوا هو علي (عليه السلام) .
و روت العامة عن إبراهيم الحكم عن أبيه عن السدي عن ابن عباس و روى عبيدة بن حميد عن منصور عن مجاهد و روى النطنزي في الخصائص عن ليث عن مجاهد و روى الضحاك أنه قال ابن عباس : فرسول الله جاء بالصدق و علي صدق به أمير المؤمنين فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَذَبَ عَلَى اللَّهِ وَ كَذَّبَ بِالصِّدْقِ إِذْ جاءَهُ قال , الصدق : ولاية أهل البيت .
الرضا (عليه السلام) قال النبي : وَ كَذَّبَ بِالصِّدْقِ الصدق : علي بن أبي طالب .
الصادق و الرضا (عليهما السلام) قالا : إنه محمد و علي .
الكلبي و أبو صالح عن ابن عباس : يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَ كُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ أي كونوا مع علي بن أبي طالب ذكره الثعلبي في تفسيره عن جابر عن أبي جعفر (عليه السلام) و عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس و ذكره إبراهيم الثقفي عن ابن عباس و السدي و جعفر بن محمد عن أبيه (عليه السلام) .
تفسير أبي يوسف يعقوب بن سفيان حدثنا مالك بن أنس عن نافع عن ابن عمر قال : يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ أمر الله الصحابة أن يخافوا الله ثم قال وَ كُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ يعني مع محمد و أهل بيته .
شرف النبي عن الخركوشي و الكشف عن الثعلبي قالا روى الأصمعي عن أبي عمرو بن العلاء عن جابر الجعفي عن أبي جعفر محمد بن علي (عليه السلام) في هذه الآية قال : محمد و علي .
و قال أمير المؤمنين (عليه السلام) : فنحن الصادقون عترته و أنا أخوه في الدنيا و الآخرة .
و في التفسير : المراد بالصادقين هم الذين ذكرهم الله تعالى في قوله رِجالٌ صَدَقُوا ما عاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ .
عمرو بن ثابت عن أبي إسحاق عن علي (عليه السلام) قال : فينا نزلت رِجالٌ صَدَقُوا ما عاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فأنا و الله المنتظر و ما بدلت تبديلا .
أبو الورد عن أبي جعفر (عليه السلام) : مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجالٌ صَدَقُوا قال علي و حمزة و جعفر فَمِنْهُمْ مَنْ قَضى نَحْبَهُ قال عهده و هو حمزة و جعفر وَ مِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ قال
: علي بن أبي طالب .
[93]
و قال المتكلمون : و من الدلالة على إمامة علي (عليه السلام) قوله يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَ كُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ فوجدنا عليا بهذه الصفة لقوله وَ الصَّابِرِينَ فِي الْبَأْساءِ وَ الضَّرَّاءِ وَ حِينَ الْبَأْسِ يعني الحرب أُولئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَ أُولئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ .
فوقع الإجماع بأن عليا أولى بالإمامة من غيره لأنه لم يفر من زحف قط كما فر غيره في غير مواضع .
أبو روق عن الضحاك و شعبة عن الحكم عن عكرمة و الأعمش عن سعيد بن جبير و العزيزي السجستاني في غريب القرآن عن أبي عمرو كلهم عن ابن عباس أنه سئل عن قوله : سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمنُ وُدًّا فقال نزل في علي لأنه ما من مسلم إلا و لعلي في قلبه محبة .
أبو نعيم الأصفهاني و أبو المفضل الشيباني و ابن بطة العكبري و بالإسناد عن محمد بن الحنفية و عن الباقر (عليه السلام) في خبر : قالا لا يلقى مؤمن إلا و في قلبه ود لعلي بن أبي طالب و لأهل بيته (عليه السلام) .
زيد بن علي أن عليا أخبر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) : أنه قال رجل إني أحبك في الله تعالى .
فقال : لعلك يا علي , اصطنعت إليه معروفا ?
قال : لا , و الله ما اصطنعت له معروفا .
فقال : الحمد لله الذي جعل قلوب المؤمنين تتوق إليك بالمودة , فنزلت هذه الآيات .
و روى الثعلبي و زيد بن علي و الأصبغ بن نباتة عن أمير المؤمنين و حمزة الثمالي عن الباقر (عليه السلام) و عبد الكريم الخراز و حمزة الزيات عن البراء بن عازب كلهم عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) أنه قال لعلي (عليه السلام) : قل اللهم اجعل لي عندك عهدا , و اجعل لي في قلوب المؤمنين ودا .
فقالهما علي .
و أمن رسول الله , فنزلت هذه الآية رواه الثعلبي في تفسيره عن البراء بن عازب و رواه النطنزي في الخصائص عن البراء و ابن عباس و محمد بن علي (عليه السلام) .
و في رواية قال (عليه السلام) : إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمنُ وُدًّا فَإِنَّما يَسَّرْناهُ بِلِسانِكَ لِتُبَشِّرَ بِهِ الْمُتَّقِينَ قال : هو علي وَ تُنْذِرَ بِهِ قَوْماً لُدًّا قال : بنو أمية قوم ظلمة .
[94]
فصل في أنه :
الإيمان و الإسلام و الدين و السنة و السلم و القول :
أبو حمزة عن أبي جعفر (عليه السلام) في قوله تعالى : يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا آباءَكُمْ وَ إِخْوانَكُمْ أَوْلِياءَ إِنِ اسْتَحَبُّوا الْكُفْرَ عَلَى الْإِيمانِ قال : فإن الإيمان ولاية علي بن أبي طالب .
أبو عبد الله : حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمانَ علي بن أبي طالب وَ كَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَ الْفُسُوقَ وَ الْعِصْيانَ الأول و الثاني و الثالث .
الباقر (عليه السلام) و زيد بن علي : وَ مَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمانِ قال : بولاية علي (عليه السلام) .
الباقر و الصادق (عليهما السلام) في قوله تعالى : إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنادَوْنَ لَمَقْتُ اللَّهِ أَكْبَرُ مِنْ مَقْتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ إِذْ تُدْعَوْنَ إِلَى الْإِيمانِ فَتَكْفُرُونَ .
الثعلبي في تفسيره و قد روى أبو صالح عن ابن عباس : أن عبد الله بن أبي و أصحابه تملقوا مع علي في الكلام .
فقال علي : يا عبد الله اتق الله و لا تنافق فإن المنافق شر خلق الله .
فقال : مهلا يا أبا الحسن , و الله إن إيماننا كإيمانكم , ثم تفرقوا .
فقال عبد الله : كيف رأيتم ما فعلت , فاثنوا عليه فنزل وَ إِذا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قالُوا آمَنَّا ... الآية .
تفسير الهذيل و مقاتل عن محمد بن الحنفية في خبر طويل و الحديث مختصر : إِنَّما نَحْنُ مُسْتَهْزِؤُنَ بعلي بن أبي طالب و أصحابه فقال الله تعالى : اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ يعني يجازيهم في الآخرة جزاء استهزائهم بأمير المؤمنين .
قال ابن عباس و ذلك أنه : إذا كان يوم القيامة أمر الله الخلق بالجواز على الصراط فيجوز المؤمنون إلى الجنة و يسقط المنافقون في جهنم فيقول الله يا مالك استهزئ بالمنافقين في جهنم .
فيفتح مالك بابا في جهنم إلى الجنة و يناديهم معشر المنافقين هاهنا فاصعدوا من جهنم إلى الجنة .
فيسبح المنافقون في نار جهنم سبعين خريفا حتى إذا بلغوا إلى ذلك الباب و هموا بالخروج , أغلقه دونهم ; و فتح لهم بابا إلى الجنة في موضع آخر , فيناديهم من هذا الباب فاخرجوا إلى الجنة .
فيسبحون مثل الأول , فإذا وصلوا إليه أغلق دونهم , و يفتح في موضع آخر ; و هكذا أبد الآبدين .
[95]
الباقر (عليه السلام) في قوله : إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلامُ قال : التسليم لعلي بن أبي طالب بالولاية .