ذاك الإمام الذي ما شانه نجل *** و لا ثنى قلبه عن قرنه فشل
من وجهه قمر في لحظة قدر *** في سخطه أجل من عفوه أمل
إذا مشى الخيزلى و السيف في يده *** حسبت بدر الدجى في كفه زحل
ما زال في الأرض أبطال فمذ نشأ *** الوصي يبطلهم يوم الوغى بطلوا
بنى ببدر فقال المبصرون له *** جلالة ملك ذا الشخص أو رجل
سل سلة البيض من سل النفوس لها *** و من تخطت به الخطية الأسل
تراه يقطع آجال الكماة إذا *** ما واصل السيف ضرب منه متصل
حسامه يتثنى عند هزته *** لأنه من طلا أعداءه ثمل
للسيف في يده ضحك و ليس فم *** و للرءوس بكا منه و لا مقل
و الموت لو مات لم ينسب إليه و لم *** يجد له غير سيف المرتضى بدل
سائل به في الوغى و الموت يقذفه *** و الرعب مقتبل و الضرب مختبل
و البيض إن واصلت بيض الرءوس غدت *** لها الرءوس عن الأجساد تنتقل
[115]
و المشرفية عند الضرب مشرفة *** و السمهرية عند الطعن تشتعل
و الخيل راكعة في النقع ساجدة *** لها من الدم ثوب مسبل خضل
و النقع ليل و هاتيك الأسنة قد *** يلمعن فيه نجوم ثم أو شعل
هناك تلقى به سيفا بمضربه *** جهل على معشر للحق قد جهلوا
و الليث يختل إذ لاقى فريسته *** و ذا يبارز جرزا ليس يختبل
و الليث يفرس وحش البيد من قرم *** و من فريسة هذا الفارس البطل
فإن أشار بيسراه إلى جبل *** صلدا تدكدك منه ذلك الجبل
الناشي :
و قد أطلق بعد الأسر *** عمرو الليث من معدي
و قد جدل في خيبر *** آلافا بلا عد
و لا ولى كمن ولى *** و لا مال عن القصد
العوني :
إمامي الذي أردى الفوارس منهم *** و قالع أسد من سروجهم قهرا
و شيبة أرداه و مرحب بعده *** و أردى بحد المشرفي الفتى عمرا
ابن حماد :
و شد أزر النبي الطهر قبل به *** و حبذا بأبي السبطين من وزر
فاسأل به يوم بدر و القليب و ما *** سواء كان إلى الهيجاء بمبتدر
و اسأل بخيبر إذ ولى برايته *** أفنى اليهود بضرب السلة البتر
[116]
و قل رايات قوم وحده و هم *** من خيفة القتل قد ولوا على الدبر
و يوم سلع فسل عمرا غداة ثوى *** منه بخد على الرمضاء منعفر
و قاد عمرو بن معدي في عمامته *** مطوقا منه طوق الذل و الصغر
و يوم بدر سلوا الرايات خافقة *** ما ذا لقوا من هريت الشدق ذي مرر
و يوم صفين إذ ملت صفوفهم *** و اجعل القوم خوف الموت كالحمر
و النهروان فسل عنه الشراة لقد *** أضحوا ضحاياه فوق الترب كالجزر
العوني :
و سل ببدر و أحد و النضير فإن *** أنصفت فرقة بين الليث و الضبع
و يوم خيبر قد أخبرت إذ نكست *** بالذل رأيته و الجبن و الضرع
و له :
من ببدر سواه بادر لا يسأم *** قط الطلى و قطف الرءوس
من جنى في الحنين أصلاب من *** لاقاه كالليث ممعنا في الفريس
من بسلع سمى لعمرو و عمر *** يتحامى حماة أسد الخليس
فعلاه بضربة قد منها *** قده مسرعا مع القربوس
و من قصائد الصاحب :
هو البدر في الهيجاء بدر و غيره *** فرائصه من ذكره السيف ترعد
و كم خبر في خيبر قد رويتم *** و لكنكم مثل النعام تشردوا
و في أحد قد ولى رجال و سيفه *** يسود وجه الكفر و هو مسود
و يوم حنين حن للغل بعضكم *** و صارمه عضب الغرار مهند
[117]
و من أخرى :
من كمولانا علي و *** الوغى يحمي لظاها
اذكروا أفعال بدر *** لست أعني ما سواها
اذكروا ظلمة أحد *** إنه شمس ضحاها
و من أخرى :
و في يوم بدر غنية و كفاية *** و قد ذللت من مضربيك المصاعب
و في أحد لما أتيت و بعضهم *** و إن سألوا صرحت أسوان هارب
و في يوم عمرو أي لعمري مناقب *** مبينة ما مثلهن مناقب
و في مرحب لو يعلمون قناعة *** و في كل يوم للوصي مراحب
و في خيبر أخباره الغر بينت *** حقيقتها و الليث بالسيف لاعب
شاعر :
إذا الحرب قامت على ساقها *** و شبت و خلى الصديق الصديقا
و ضاع الزمام و طاب الحمام *** و لم يبلع الليث في الحلق ريقا
رأيت عليا إمام الهدى *** يميت فريقا و يحيي فريقا
و تلك له عادة لم تزل *** به منذ كان وليدا خليقا
فأول حرب جرت للرسول *** فأضرم في جانبيها حريقا
يقهقه في كفه ذو الفقار *** و تسمع للهام منه شهيقا
تضعضع أركانه ضربة *** كأن براحته منجنيقا
و كم من قتيل و كم من أسير *** فدوه فأطلق يدعى الطليقا
أنشد :
قد عمرا و مرحبا و سبيعا *** ذو الخمار الغضنفر البهلولا
و أتى بالهمام عمرو بن معدي *** في يديه من بعد عز ذليلا
[118]
أنشد :
ليث الحروب إذا الكروب تحللت *** يسقي بكأس الموت من لاقاه
كم من عزيز قد أذل بسيفه *** و أزال عنه عزه و علاه
سل عنه يوم بني النضير و خيبر *** و بأحد كم من فارس أرداه
و بسلع عمرو العامري أباده *** لما أتى جهلا يروم لقاه
و أتى بعمرو في العمامة خاضعا *** كالعبد يخشع في يدي مولاه
و أباد شيبة و الوليد و عتبة *** و لذي الخمار بذي الفقار علاه
فصل فيما نقل عنه في يوم بدر :
في الصحيحين أنه نزل قوله تعالى : هذانِ خَصْمانِ اخْتَصَمُوا في ستة نفر من المؤمنين و الكفار , تبارزوا يوم بدر , و هم : حمزة و عبيدة و علي و الوليد و عتبة و شيبة .
و قال البخاري : و كان أبو ذر يقسم بالله إنها نزلت فيهم و به .
قال عطاء و ابن خثيم و قيس بن عبادة و سفيان الثوري و الأعمش و سعيد بن جبير و ابن عباس ثم قال ابن عباس : فَالَّذِينَ كَفَرُوا يعني عتبة و شيبة و الوليد قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيابٌ مِنْ نارٍ ... الآيات .
و أنزل في أمير المؤمنين (عليه السلام) و حمزة و عبيدة إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ جَنَّاتٍ ... إلى قوله صِراطِ الْحَمِيدِ .
أسباب النزول روى قيس بن سعيد بن عبادة عن علي بن أبي طالب (عليه السلام) قال : فينا نزلت هذه الآية و في مبارزينا يوم بدر إلى قوله عَذابَ الْحَرِيقِ .
و روى جماعة عن ابن عباس نزل قوله : أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئاتِ يوم بدر في هؤلاء الستة .
شعبة و قتادة و ابن عباس في قوله تعالى : وَ أَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَ أَبْكى أضحك أمير المؤمنين و حمزة و عبيدة يوم بدر المسلمين و أبكى كفار مكة حتى قتلوا و دخلوا النار .
الباقر (عليه السلام) في قوله تعالى : وَ بَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ نزلت في حمزة و علي و عبيدة .
تفسير أبي يوسف النسوي و قبيصة بن عقبة عن الثوري عن منصور عن مجاهد عن ابن عباس في قوله تعالى : أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ ... الآية
[119]
نزلت في علي و حمزة و عبيدة كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ عتبة و شيبة و الوليد .
الكلبي : نزلت في بدر يا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللَّهُ وَ مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أورده النطنزي في الخصائص عن الحداد عن أبي نعيم .
و الصادق و الباقر (عليهما السلام) نزلت في علي : وَ لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَ أَنْتُمْ أَذِلَّةٌ .
المورخ و صاحب الأغاني و محمد بن إسحاق : كان صاحب راية رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) يوم بدر علي بن أبي طالب (عليه السلام) .
لما التقى الجمعان , تقدم عتبة و شيبة و الوليد , قالوا : يا محمد أخرج إلينا أكفاءنا من قريش .
فتطاولت الأنصار لمبارزتهم , فدفعهم النبي و أمر عليا و حمزة و عبيدة بالمبارزة .
فحمل عبيدة على عتبة فضربه على رأسه ضربة فلقت هامته , و ضرب عتبة عبيدة على ساقه فأطنها فسقطا جميعا .
و حمل شيبة على حمزة فتضاربا بالسيف حتى انثلما .
و حمل علي على الوليد فضربه على حبل عاتقه و خرج السيف من إبطه .
و في إبانة الفلكي : أن الوليد كان إذا رفع ذراته ستر وجهه من عظمها و غلظها , ثم اعتنق حمزة و شيبة .
فقال المسلمون يا علي ما ترى هذا الكلب يهر عمك ?
فحمل علي عليه , ثم قال : يا عم طأطئ رأسك , و كان حمزة أطول من شيبة .
فأدخل حمزة رأسه في صدره , فضربه علي فطرح نصفه .
ثم جاء إلى عتبة و به رمق فأجهز عليه .
و كان حسان قال في قتل عمرو بن عبد ود :
و لقد رأيت غداة بدر عصبة *** ضربوك ضربا غير ضرب المحضر
أصبحت لا تدري ليوم كريهة *** يا عمرو أو لجسيم أمر منكر
فأجابه بعض بني عامر :
كذبتم و بيت الله لا تقتلوننا *** و لكن بسيف الهاشميين فافخروا
بسيف ابن عبد الله أحمد في الوغى *** بكف علي نلتم ذاك فاقصروا
و لم تقتلوا عمرو بن ود و لا ابنه *** و لكنه كفو الهزبر الغضنفر
علي الذي في الفخر طال ثناؤه فلا *** تكثروا الدعوى عليه فتفجروا
ببدر خرجتم للبراز فردكم *** شيوخ قريش حسرة و تأخروا
فلما أتاهم حمزة و عبيدة *** و جاء علي بالمهند يخطر
فقالوا نعم أكفاء صدق فأقبلوا *** إليهم سراعا إذ بغوا و تجبروا
[120]
فجال علي جولة هاشمية *** فدمرهم لما عتوا و تكبروا
و في مجمع البيان : أنه قتل سبعة و عشرين مبارزا و في الإرشاد قتل خمسة و ثلاثين .
و قال زيد بن وهب : قال أمير المؤمنين (عليه السلام) و ذكر حديث بدر و قتلنا من المشركين سبعين و أسرنا سبعين .
محمد بن إسحاق : أكثر قتلي المشركين يوم بدر كان لعلي (عليه السلام) .
الزمخشري في الفائق قال سعد بن أبي وقاص : رأيت عليا يحمحم فرسه و هو يقول :
بازل عامين حديث سني *** سنحنح الليل كأني جني
لمثل هذا ولدتني أمي
المرزباني في كتاب أشعار الملوك و الخلفاء : أن عليا أشجع العرب حمل يوم بدر و زعزع الكتيبة و هو يقول :
لن يأكلوا التمر بظهر مكة *** من بعدها حتى تكون الركة
عبد الله بن رواحة :
ليهن علي يوم بدر حضوره *** و مشهده بالخير ضربا مرعبلا
كأين له من مشهد غير حامل *** يظل له رأس الكمي مجدلا
و غادر كبش القوم في القاع ثاويا *** تخال عليه الزعفران المعللا
صريعا يبوء القشعمان برأسه *** و تدنو إليه الضبع طولا لتأكلا
و قالت هند في عتبة و شيبة :
أيا عين جودي بدمع سرب *** على خير خندف لم ينقلب
تداعى له رهطه غدوة *** بنو هاشم و بنو المطلب
[121]
يذيقونه حد أسيافهم *** يعزونه بعد ما قد شجب
و وجدت في كتاب المقنع قول هند :
أبي و عمي و شقيق بكري *** أخي الذي كان كضوء البدر
بهم كسرت يا علي ظهري
و كان أسيد بن إياس يحرض المشركين مشركي قريش على علي و يقول :
في كل مجمع غاية أجزأكم *** جزع أبر على المذاكي القرح
لله دركم ألما تنكروا *** قد ينكر الحر الكريم و يستحي
هذا ابن فاطمة الذي أفناكم *** ذبحا و قتله قصعة لم تذبح
أعطوه خرجا و اتقوا بضريبة *** فعل الذليل و بيعة لم تربح
أين الكهول و أين كل دعامة *** في المعضلات و أين زين الأبطح
أفناهم قصعا و ضربا يفتري *** بالسيف يعمل حده لم يصفح
الحميري :
من كان أول من أباد بسيفه *** كفار بدر و استباح دماء
من ذاك نوه جبرئيل باسمه *** في يوم بدر يسمعون نداء
لا سيف إلا ذو الفقار و لا *** فتى إلا علي رفعة و علاء
و أنشد :
و في يوم بدر حين بارز شيبة *** بعضب حسام و الأسنة تلمع
فبادره بالسيف حتى أذاقه *** حمام المنايا و المنيات تركع
و صيره نهبا لذيب و قشعم *** عليه من الغربان سود و أبقع
أنشد :
و له ببدر وقعة مشهورة *** كانت على أهل الشقاء دمارا
[122]
فأذاق شيبة و الوليد منية *** إذ صبحاه جحفلا جرارا
و أذاق عتبة مثلها أهوى لها *** عضبا صقيلا مرهفا بتارا
الصاحب :
عجبت ملائكة السماء لحربه *** في يوم بدر و الجهاد جهاد
فحكاه عنه جبرئيل لأحمد *** إسناد مجد ليس فيه سياد
صرع الوليد لموقف شاب *** الوليد لهوله و تهارب الأعضاد
و أذاق عتبة بالحسام عقوبة *** حسمت بها الأدواء و هي تلاد
أحلاف حرب أرضعوا خلافها *** فكأنهم لحروبهم أولاد
ما كان في قتلاه إلا باسل *** فكأنما صمصامه نقاد
المحبرة :
و له ببدر إن ذكرت بلاءه *** يوما يشيب ذوائب الولدان
كم من كمي حل عقدة بأسه *** فيه و كان ممنع الأركان
فرأى به هصرا يهاب جنانه *** كالضيغم المتبسل الغضبان
يسقي مماصعه بكأس منية *** شيبت بطعم الصاب و الخطبان
إذ من ذوي الرايات جدل عصبة *** كانوا كأسد الغاب من خفان
فصل فيما ظهر منه (عليه السلام) يوم أحد :
ابن عباس في قوله تعالى : ثُمَّ أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ بَعْدِ الْغَمِّ أَمَنَةً نُعاساً يَغْشى طائِفَةً مِنْكُمْ وَ طائِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ نزلت في علي (عليه السلام) غشيه النعاس يوم أحد و الخوف مسهر و الأمن منيم .
[123]
كتاب الشيرازي روى سفيان الثوري عن واصل عن الحسن عن ابن عباس في قوله تعالى : وَ اسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ قال صاح إبليس يوم أحد في عسكر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) إن محمدا قد قتل ; وَ أَجْلِبْ عَلَيْهِمْ بِخَيْلِكَ وَ رَجِلِكَ قال و الله لقد أجلب إبليس على أمير المؤمنين كل خيل كانت في غير طاعة الله ; و الله إن كل راجل قاتل أمير المؤمنين كان من رجالة إبليس .
تاريخ الطبري و أغاني الأصفهاني أنه : كان صاحب لواء قريش كبش الكتيبة طلحة بن أبي طلحة العبدري نادى معاشر أصحاب محمد إنكم تزعمون أن الله يعجلنا بسيوفكم إلى النار و يعجلكم بسيوفنا إلى الجنة فهل منكم من أحد يبارزني قال قتادة فخرج إليه علي و هو يقول :
أنا ابن ذي الحوضين عبد المطلب *** و هاشم المطعم في العام السغب
أفي بميعادي و أحمي عن حسب
قال : فضربه علي فقطع رجله فبدت سوأته و هو قول ابن عباس و الكلبي و في روايات كثيرة أنه ضربه في مقدم رأسه فبدت عيناه .
قال : أنشدك الله و الرحم يا ابن عم .
فانصرف عنه و مات في الحال .
ثم بارزهم حتى قتل منهم ثمانية .
ثم أخذ باللواء صواب , عبد حبشي لهم فضرب على يده , فأخذه باليسرى , فضرب عليها فأخذ اللواء و جمع المقطوعتين على صدره , فضرب على أم رأسه فسقط اللواء .
قال حسان بن ثابت :
فخرتم باللواء و شر فخر *** لواء حين رد إلى صواب
فسقط اللواء فأخذته عمرة بنت الحارث بن علقمة بن عبد الدار , فصرعت , و انهزموا .
و قال حسان بن ثابت :
و لو لا لواء الحارثية أصبحوا *** يباعون في الأسواق بالثمن الوكس
فانكب المسلمون على الغنائم و رجع المشركون فهزموهم .
زيد بن وهب قلت لابن مسعود : انهزم الناس إلا علي و أبو دجانة .
و سهل بن حنيف قال : انهزموا إلا علي وحده .
و تاب إليهم أربعة عشر : عاصم بن ثابت و أبو دجانة و مصعب بن عمير و عبد الله بن جحش و شماس بن عثمان بن شريد و المقداد و طلحة
[124]
و سعد و الباقون من الأنصار .
أنشد :
و قد تركوا المختار في الحرب مفردا *** و فر جميع الصحب عنه و أجمعوا
و كان علي عائصا في جموعهم *** لهاماتهم بالسيف يفرى و يقطع
عكرمة : قال لحقني من الجزع ما لم أملك نفسي و كنت أمامه أضرب بسيفي فرجعت أطلبه فلم أره يعني عليا , فقلت ما كان رسول الله ليفر و ما رأيته في القتلى و أظنه رفع من بيننا .
فكسرت جفن سيفي و قلت في نفسي : لأقاتلن به حتى أقتل , و حملت على القوم فأفرجوا ; فإذا أنا برسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) قد وقع على الأرض مغشيا عليه فوقفت على رأسه فنظر إلي , و قال : ما صنع الناس يا علي ?
قلت : كفروا يا رسول الله , و ولوا الدبر من العدو , و أسلموك .
تاريخ الطبري و أغاني الأصفهاني و مغازي ابن إسحاق و أخبار أبي رافع أنه : أبصر رسول الله إلى كتيبة , فقال احمل عليهم .
فحمل عليهم و فرق جمعهم و قتل عمرو بن عبد الله الجمحي .
ثم أبصر كتيبة أخرى , فقال رد عني .
فحمل عليهم ففرق جماعتهم و قتل شيبة بن مالك العامري , و في رواية : أبي رافع .
ثم رأى كتيبة أخرى , فقال احمل عليهم .
فحمل عليهم فهزمهم , و قتل هاشم بن أمية المخزومي .
فقال جبرئيل : يا رسول الله إن هذه لهي المواساة .
فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) : إنه مني و أنا منه .
فقال جبرئيل : و أنا منكما .
فسمعوا صوتا : لا سيف إلا ذو الفقار و لا فتى إلا علي .
و زاد ابن إسحاق في روايته : فإذا ندبتم هالكا فابكوا الوفاء و أخي الوفاء .
و كان المسلمون لما أصابهم من البلاء أثلاثا ثلث جريح و ثلث قتيل و ثلث منهزم .
تفسير القشيري و تاريخ الطبري أنه : انتهى أنس بن النضر إلى عمر و طلحة في رجال , و قال : ما يجلسكم ?
قالوا : قتل محمد رسول الله .
قال : فما تصنعون بالحياة بعده , قوموا فموتوا على ما مات عليه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) , ثم استقبل القوم فقاتل حتى قتل .
و روي : أن أبا سفيان رأى النبي مطروحا على الأرض فتفأل بذلك ظفرا و حث الناس على النبي .
فاستقبلهم علي و هزمهم , ثم حمل النبي إلى أحد و نادى معاشر المسلمين ارجعوا
[125]
ارجعوا إلى رسول الله فكانوا يثوبون و يثنون على علي و يدعون له .
و كان قد انكسر سيف علي (عليه السلام) , فقال النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) خذ هذا السيف .
فأخذ ذا الفقار و هزم القوم .
و روي عن أبي رافع بطرق كثيرة : أنه لما انصرف المشركون يوم أحد بلغوا الروحاء , قالوا لا الكواعب أردفتم و لا محمدا قتلتم , ارجعوا .
فبلغ ذلك رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) فبعث في آثارهم عليا في نفر من الخزرج فجعل لا يرتحل المشركون من منزل إلا نزله علي , فأنزل الله تعالى الَّذِينَ اسْتَجابُوا لِلَّهِ وَ الرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ ما أَصابَهُمُ الْقَرْحُ و في خبر أبي رافع أن النبي تفل على جراحه و دعا له و بعثه خلف المشركين فنزلت فيه الآية .
الحجاج بن غلاظ السهمي :
لله أي مذنب عن حربه *** أعني ابن فاطمة المعم المخولا
جادت يداك له بعاجل طعنة *** تركت طليحة للجبين مجندلا
و شددت شدة باسل فكشفتهم *** بالسيف إذ يهوون أحول أحولا
و عللت سيفك بالدماء و لم *** يكن لترده حران حتى ينهلا
أبو العلاء السروي :
و هل عرفنا و هل قالوا سواه فتى *** بذي الفقار إلى أقرانه زلفا
يدعو النزال و عجل القوم محتبس *** و السامري بكف الرعب قد ترفا
مفرج عن رسول الله كربته يوم *** الطعان إذا قلب الجبان هفا
[126]
العلوي الجماني :
و واقع يوم أحد بهم جلاد *** يزايل بين أعضاد الشئون
فلم يترك لعبد الدار قدما *** يقيم لواء طاغية اللعين
فأفضوا باللواء إلى صواب *** فعانقه معانقة الوضين
فخذمه أبو حسن فأهوى *** صريعا لليدين و للجبين
و نودوا لا فتى إلا علي *** و ليس لذي الفقار حشا جفون
السوسي :
و في أحد سل عنه تخبر إذ أتى *** إليه أبو سفيان في الشوك و الشجر
فوافاه جبريل عن الله قائلا *** أبا قاسم ألق الحديد على الحجر
فنادى الهزبر الليث حيدر في *** الوغى و قال لهذا اليوم مثلك أنتظر
و شبهته إذ ذو الفقار بكفه *** كبدر الدجى في كفه كوكب السحر
ابن علوية :
و له بأحد بعد ما في وجهه *** شبح النبي و كلم الشفتان
و انقض منه المسلمون و أظهروا *** متطايرين تطاير الخيفان
و نداؤهم قتل النبي و ربنا *** قتل النبي فكان غير معان
و يقول قائلهم ألا يا ليتنا *** نلنا أمانا من أبي سفيان
و أبو دجانة و الوصي وصيه *** بالروح أحمد منهما يقيان
فروا و ما فرا هناك و أدبروا *** و هما بحبل الله معتصمان
حتى إذا ولى سماك مثخنا *** فغشى عليه أيما غشيان
و أخو النبي مطاعن و مضارب *** عنه و منه و قد وهى العضدان
[127]
يدعو أنا القضم القضاضة الذي *** يقمي العدو إذا دنا الرحوان
الحميري :
و له بلاء يوم أحد صالح *** و المشرفية تأخذ الأدبارا
إذ جاء جبرئيل فنادى معلنا *** في المسلمين و أسمع الأبرارا
لا سيف إلا ذو الفقار و لا فتى *** إلا علي إن عددت فخارا