المفجع :
و أخو المصطفى الذي قلب الصخرة *** عن مشرب هناك رويا
بعد أن رام قلبها الجيش جمعا *** فرأوا قلبها عليهم أبيا
و أنزل الله على موسى المن و السلوى ; و علي أعطاه النبي من تفاح الجنة و رمانها و عنبها و غير ذلك .
خاصم موسى و هارون مع فرعون في كثرة خيله , قال الطبري : كان الذهلي و البرقي أربعة آلاف رجل و ظفرا بهم ; و إن محمدا و عليا خاصم اليهود و النصارى و المجوس و المشركين و الزنادقة و قد ظفرا عليهم و هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ .
و كان خصم موسى و هارون فرعون و هامان و قارون و جنودهم ; و خصماء محمد و علي عدد النحل و الرمل من الأولين و الآخرين .
و غرق الله أعداءهما في البحر ثُمَّ أَغْرَقْنَا الْآخَرِينَ * وَ أَنْجَيْنا مُوسى وَ مَنْ مَعَهُ أَجْمَعِينَ ; و سيلقي الله أعداء محمد و علي في جهنم أَلْقِيا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ , و ينجيهما و أحباءهما , ثم ينجي الذين اتقوا .
و عدو موسى برص ; و من عادى عليا برص , قال أنس : هذه دعوة علي .
خاف موسى من الحية في كبره , فقيل خُذْها وَ لا تَخَفْ ; و مزق علي الحية في صغره , و تقول العامة من هذا الوجه : حيدر .
خاف موسى و هارون من الاستهزاء فقال لا تَخافا إِنَّنِي مَعَكُما ; و لم يخف محمد و علي منه اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ .
خاف موسى من عصاه خُذْها وَ لا تَخَفْ ; و لم يخف علي من الثعبان و كلمه .
كان لموسى عصا ; و لعلي سيف .
و كان في عصا موسى عجائب عجزت السحرة عنها ; و في سيف علي عجائب عجزت الكفرة عنها .
و في عصا موسى أربعة أحوال هِيَ عَصايَ ثم تحرك حَيَّةٌ تَسْعى ثم كبرت فَإِذا هِيَ ثُعْبانٌ ثم التقفت فَإِذا هِيَ تَلْقَفُ ; و في سيف علي أربعة أحوال مذكور في بابه .
نزل جبرئيل بعصا موسى فأعطاها شعيبا , و أعطاها شعيب , موسى ; ثم
[250]
أنزل ذا الفقار فأعطي محمد , و أعطاه محمد , عليا .
و كان عصا موسى من اللوز المر ; و شجرة طوبى في دار فاطمة و علي (عليهما السلام) و كان رأسها ذا شعبتين و كان ذو الفقار ذا شعبتين , و عين اسم علي , ذو شعبتين .
موسى قذفته أمه في تنور مسجور ; و قذف علي من منجنيق .
إن ابتلي موسى بفرعون ; فقد ابتلي علي بفراعنة .
و كان لموسى اثنا عشر سبطا ; و لعلي اثنا عشر إماما .
و قيل لموسى فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ ; و أمر علي أن يضع رجله على كتف محمد .
و كان موطئ موسى حجر ; و موطئ علي منكب محمد .
ارتفع موسى على الطور ; و ارتفع علي على كتف الرسول .
و قال لموسى وَ أَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي فكان كل من رآه أحبه ; و فرض حب علي على الخلق و حبه يميز بين الحق و الباطل , و لا يحبك إلا مؤمن تقي ... الخبر .
و قال لموسى وَ أَنَا اخْتَرْتُكَ ; و لعلي وَ رَبُّكَ يَخْلُقُ ما يَشاءُ وَ يَخْتارُ .
و قال لموسى وَ اصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِي ; و لعلي إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللَّهُ ... الآية .
و قال لموسى إِنَّهُ كانَ مُخْلَصاً ; و لعلي إِنَّما نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ .
وَ إِذْ قالَ مُوسى لِفَتاهُ و كان فتى موسى يوشع ; و فتى محمد علي , و لا فتى إلا علي .
و كان لموسى شبر و شبير ; و لعلي شبر و شبير .
و كان ولاية موسى في أولاد هارون ; و ولاية محمد في أولاد علي .
تركوا هارون و عبدوا العجل عِجْلًا جَسَداً لَهُ خُوارٌ ; و تركوا عليا و عبدوا بني أمية إِذا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ .
موسى ساقي بنات شعيب وَ وَجَدَ مِنْ دُونِهِمُ امْرَأَتَيْنِ تَذُودانِ ; و علي ساقي المؤمنين في القيامة , و الوالدان سقاة أهل الجنة و المولى ساقي علي و سقاهم و وقاهم و لقاهم و جزاهم سقاه فسقاه و رواه فرياه و أطعمه فأطعمه .
و جر موسى الحجر من رأس البئر , و كان يجرونه أربعون رجلا وَ لَمَّا وَرَدَ ماءَ مَدْيَنَ ; و علي جر الحجر من عين زاحوما و كان مائة رجل عجزوا عن قلعه .
المفجع :
كان فيه من الكليم جلال *** لم يكن عنك علمها مطويا
كلم الله ليلة الطور موسى *** و اصطفاه على الأنام نجيا
و أبان النبي في ليلة الطائف *** أن الإله ناجى عليا
و له منه عفة عن أناس *** عكفوا يعبدون عجلا خليا
[251]
حرق العجل ثم من عليهم *** إذ أنابوا , و أمهل السامريا
و علي فقد عفا عن أناس *** شرعوا نحوه القنا الزاعبيا
فصل في مساواته مع هارون و يوشع و لوط (عليهم السلام) :
قول النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) يوم بيعة العشيرة , و يوم أحد , و يوم تبوك , و غيرها : يا علي أنت مني بمنزلة هارون من موسى . فالمؤمنون أحبوا عليا كما أحب أصحاب هارون هارون و لم يكن لأحد منزلة عند موسى كمنزلة هارون , و لا أحد عند النبي كمنزلة علي .
و كان هارون خليفة موسى ; و علي خليفة محمد .
و لما دخل موسى على فرعون و دعاه إلى الله قال و من يشهد لك بذلك , قال هذا القائم على رأسك , يعني هارون , فسأله عن ذلك , قال : أشهد الله أنه صادق , و أنه رسول الله إليك .
قال أما إني لا أعاقبه إلا بإخراجه من تكرمتي و إلحاقه بدرجتك .
فدعا له بجبة صوف و ألبسه إياها , و جاء بعصا فوضعها في يده , فعوضه الله من ذلك أن ألبسه قميص الحياة , فكان هارون آمنا في سربه ما دام عليه ذلك ; و كذلك ألبس الله عليا قميص الأمن .
بقول النبي إن من المحتوم أن لا تموت إلا بعد ثلاثين سنة بعد أن تؤمر و تقاتل الناكثين و القاسطين و المارقين , ثم تخضب لحيتك من دم رأسك , وقت كذا .
فكان هارون إذا نزع القميص مخوفا و كان علي آمنا على كل حال .
و كال أول من صدق بموسى هارون ; و هكذا أول من صدق بالنبي علي .
و لما ولد الحسن سماه علي حربا , فقال النبي سمه حسنا , فلما ولد الحسين سماه أيضا حربا , فقال (صلى الله عليه وآله وسلّم) : لا , هو الحسين ; كأولاد هارون شبر و شبير و مشبر .
المفجع :
إن هارون كان يخلف موسى *** و كذا استخلف النبي الوصيا
و كذا استضعف القبائل هارون *** و راموا له الحمام الوحيا
نصبوا للوصي كي يقتلوه *** و لقد كان ذا محال قويا
و أخو المصطفى كما كان هارون *** أخا لابن أمه لا دعيا
[252]
و ساواه مع يوشع بن نون .
علي بن مجاهد في تاريخه مسندا : قال النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) عند وفاته أنت مني بمنزلة يوشع بن نون من موسى .
المفجع :
و له من صفات يوشع عندي *** رتب لم أكن لهن نسيا
كان هذا لما دعا الناس موسى *** سابقا قادحا زنادا و ريا
و علي قبل البرية صلى *** خائفا حيث لا يعاين ريا
كان سبقا مع النبي يصلي *** ثاني اثنين ليس يخشى ثويا
و ساواه مع لوط (عليه السلام) و قد ذكره الله في كتابه في ستة و عشرين موضعا و ذكر عليا في كذا موضعا .
المفجع :
و دعا قومه فآمن لوط *** أقرب الناس منه رحما و ريا
و علي لما دعاه أخوه *** سبق الحاضرين و البدويا
فصل في مساواته مع أيوب و جرجيس و زكريا و يحيى (عليهم السلام) :
ساواه مع أيوب (عليه السلام) : فأيوب أصبر الأنبياء ; و علي أصبر الأوصياء .
صبر أيوب ثلاث سنين في البلايا ; و علي صبر في الشعب مع النبي ثلاث سنين , ثم صبر بعده ثلاثين سنة .
و قد وصف الله صبر أيوب إِنَّا وَجَدْناهُ صابِراً ; و قال لعلي الَّذِينَ إِذا أَصابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ , و قال وَ الصَّابِرِينَ فِي الْبَأْساءِ وَ الضَّرَّاءِ وَ حِينَ الْبَأْسِ .
قال في أيوب مَسَّنِيَ الشَّيْطانُ بِنُصْبٍ وَ عَذابٍ ; و لعلي نصب من نواصب , و عداوة شياطين الإنس .
و قال لأيوب ارْكُضْ بِرِجْلِكَ ; و لعلي بوادي بلقع و غيره .
و لأيوب إِنَّا وَجَدْناهُ صابِراً ; و لعلي وَ جَزاهُمْ بِما صَبَرُوا .
و قال أيوب إِنَّما أَشْكُوا بَثِّي وَ حُزْنِي إِلَى اللَّهِ ; و قال علي : إلى كم أغضي الجفون على القذى .
[253]
المفجع :
و له من عزاء أيوب و الصبر *** نصيب ما كان بردا نديا
جرجيس صبر في المحن ; و علي صبر في المحن و الفتن .
و لم يقبل قوله الحق و قتل في الحق ; و علي كان على الحق و قتل في الحق للحق و .
عذب جرجيس بأنواع العذاب ; و عذب علي بأنواع الحروب .
كسر جرجيس صنما ; و كسر علي ثلاثمائة و ستين في الكعبة سوى ما كسره في غيرها .
أهلك الله أعداء جرجيس بالنار ; و سيهلك أعداء علي بنار جهنم أَلْقِيا فِي جَهَنَّمَ .
يونس : إِذْ ذَهَبَ مُغاضِباً ; فذهب علي مجاهدا محاربا .
فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَ هُوَ مُلِيمٌ ; و سلمت الحيتان على علي , و شتان بين الغالب و المغلوب .
و سماه الله ذا النون ; و سمى النبي عليا ذا الريحانتين .
و قال في يونس إِذْ أَبَقَ إِلَى الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ ; و علي فلك مشحون من العلم , أنا مدينة العلم ... .
و قيل ليونس لَنُبِذَ بِالْعَراءِ وَ هُوَ مَذْمُومٌ , و في موضع وَ هُوَ مُلِيمٌ ; و علي تركوه و خذلوه و لعنوه ألف شهر .
و في يونس وَ أَنْبَتْنا عَلَيْهِ شَجَرَةً مِنْ يَقْطِينٍ ; و أطعم علي من فواكه الجنة .
و قال وَ أَرْسَلْناهُ إِلى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ ; و علي إمام الإنس و الجن .
و إنه عبد الله في مكان ما عبده فيه بشر ; و علي ولد في موضع ما ولد فيه قبله و لا بعده أحد .
زكريا (عليه السلام) : بشر زكريا بيحيى في المحراب ; و علي بشر بالحسن و الحسين .
و سأل زكريا رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً ; و قيل للنبي بلا سؤال ذُرِّيَّةً بَعْضُها مِنْ بَعْضٍ .
و قالت امرأة عمران إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ ما فِي بَطْنِي مُحَرَّراً ; و قال للمرتضى يُوفُونَ بِالنَّذْرِ .
و قالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُها أُنْثى ; و قال الله تعالى في زوجة علي نِساءَنا وَ نِساءَكُمْ .
أجاب الله دعاء زكريا رَبِّ لا تَذَرْنِي فَرْداً ... الآية ; و أجاب عليا من غير سؤال فَاسْتَجابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ .
نشر زكريا في الشجر و جز رأس يحيى في الطشت ; قتل علي في المحراب و ذبح حسين بكربلاء .
و ذكره الله في كتابه في سبعة عشر موضعا , أولها البقرة و آخرها في صاد ; و ذكر عليا في كذا موضعا أوله صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ و آخره وَ تَواصَوْا بِالْحَقِّ .
[254]
و قالت إِنِّي أُعِيذُها بِكَ وَ ذُرِّيَّتَها و قال المصطفى , للحسن و الحسين : أعيذكما من شر السامة و الهامة و من شر كل عين لامة .
و زكريا كان واعظ بني إسرائيل و كافل مريم ; و علي كان مفتي الأمة و كافل فاطمة (عليها السلام) .
المفجع :
و له خلتان من زكريا *** و هما غاضتا الحسود الغويا
كفل الله ذاك مريم إذ *** كان تقيا و كان برا حفيا
فرأى عندها و قد دخل المحراب *** من ذي الجلال رزقا هنيا
و كذا كفل الإله عليا *** خيرة الله و ارتضاه كفيا
خيرة بنت خير رضي الله *** لها الخير و الإمام الرضيا
و رأى جفنة تفور لديها *** من طعام الجنان لحما طريا
يحيى (عليه السلام) : قال في مهده يوم ولد إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتانِيَ الْكِتابَ ; و علي آمن في صغره .
و قال يحيى وَ جَعَلَنِي مُبارَكاً أَيْنَ ما كُنْتُ ; و سمت ظئر علي له ميمونا و مباركا .
و قال أَوْصانِي بِالصَّلاةِ وَ الزَّكاةِ ; و علي صلى و زكى في حالة واحدة إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ ... الآية .
و قال يحيى وَ السَّلامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ ; و قال لعلي سَلامٌ عَلى آلِ ياسِينَ .
و قال ليحيى وَ بَرًّا بِوالِدَيْهِ ; و لعلي إِنَّ الْأَبْرارَ يَشْرَبُونَ .
و كانت أمه بتولا ; و زوجة علي بتول .
يحيى قدم إقراره بالعبودية ليبطل قول من يدعي فيه الربوبية , و كان الله تعالى قد أنطقه بذلك لعلمه بما يتقوله الغالون فيه ; و كذا حكم علي لما ولد في الكعبة شهد الشهادتين ليتبرأ من قول الغلاة فيه .
الحميري :
أ لم يؤت الهدى و الحكم طفلا *** كيحيى يوم أوتيه صبيا
المفجع :
و له من صفات يحيى محل *** لم أغادره مهملا منسيا
[255]
إن رجسا من النساء بغيا *** كفلت قتله كفورا شقيا
و كذاك ابن ملجم فرض الله *** له اللعن بكرة و عشيا
ذو القرنين : قال النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) : إنك لذو قرنيها .
و قد شرحناه , و إنه قد سد على يأجوج و مأجوج ; و سد الله على الشيعة كيد الشياطين .
و إنه كان يعرف لغات الخلق ; و علي علم منطق الطير و الدواب و الوحش و الجن و الإنس و الملائكة .
طلب ذو القرنين عين الحياة و لم يجدها ; و علي عين الحياة من أحبه لم يمت قلبه قط .
و لقمان : ظهرت الحكمة منه ; و علي استفاضت العلوم كلها منه .
و قال الله تعالى وَ لَقَدْ آتَيْنا لُقْمانَ الْحِكْمَةَ ; و قال لعلي الرَّحْمنُ عَلَّمَ الْقُرْآنَ .
نظير الخضر في العلماء فينا *** و ذاك له بلا كذب نظير
و هو فينا كذي القرنين فيهم *** برجعته له لون تصير
شعيب (عليه السلام)
المفجع :
و كما آجر الكليم شعيبا نفسه *** فاصطفى فتى عبقريا
و كذاك النبي كان مدى الأيام *** مستأجرا أخاه التقيا
فوفى في سنين عشر بما *** عاهد عفوا و لم يجده عصيا
فحباه بخيرة الله في النسوان *** عرسا و حبة و صفيا
و شعيبا كان الخطيب إذا ما *** حضر القوم محفلا و نديا
و علي خطيب فيهم إذا المنطق *** أعيا المفوه اللوذعيا
فصل في مساواته مع داود و طالوت و سليمان (عليهم السلام) :
قال الله تعالى يا داوُدُ إِنَّا جَعَلْناكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ .
و علي قال : من لم يقل إني رابع الخلفاء ... الخبر .
و قال وَ قَتَلَ داوُدُ جالُوتَ ; و قتل علي عمرا و مرحبا .
و كان له حجر فيه سبب قتل جالوت ; و لعلي سيف يدمر الكفار .
و قال لداود بَقِيَّةٌ مِمَّا تَرَكَ آلُ مُوسى وَ آلُ هارُونَ ; و لعلي و ولده بَقِيَّتُ اللَّهِ خَيْرٌ لَكُمْ , و بقية الله خير من بقية موسى .
و لداود سلسلة الحكومة ; و علي فلاق الأغلاق , أقضاكم علي .
و قال داود :
[256]
الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي فَضَّلَنا , على العالمين و هذا دعوى ; و قال الله لعلي وَ فَضَّلَ اللَّهُ الْمُجاهِدِينَ , و هذا دليل .
و قال الله لداود وَ الطَّيْرَ مَحْشُورَةً كُلٌّ لَهُ أَوَّابٌ و قوله يا جِبالُ أَوِّبِي مَعَهُ ; و كان علي يسبح بالحصى و يسبحن معه .
و قال الله لداود عُلِّمْنا مَنْطِقَ الطَّيْرِ ; و كان لعلي صوت يميت الشجعان و تكلمه مع الطير في الهواء .
و قال لداود وَ آتَيْناهُ الْحِكْمَةَ وَ فَصْلَ الْخِطابِ ; و قال لعلي قُلْ كَفى بِاللَّهِ شَهِيداً بَيْنِي وَ بَيْنَكُمْ وَ مَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ .
و قال وَ اذْكُرْ عَبْدَنا داوُدَ ذَا الْأَيْدِ ; و قال في علي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَ بِالْمُؤْمِنِينَ .
و داود خطيب الأنبياء ; و علي أوتي فصل الخطاب فقال فَهَزَمُوهُمْ بِإِذْنِ اللَّهِ .
وَ قَتَلَ داوُدُ جالُوتَ ; و علي هزم جنود الكفر و البغي .
كان داود سيف طالوت حتى *** هزم الخيل و استباح العديا
و علي سيف النبي بسلع *** يوم أهوى بعمرو المشرفيا
فتولى الأحزاب عنه و خلوا *** كبشهم ساقطا بحال كديا
أنبئوا الوحي أن داود قد كان *** بكفيه صانعا هالكيا
و علي من كسب كفيه قد أعتق *** ألفا بذاك كان جزيا
و قال داود إِنَّ اللَّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طالُوتَ مَلِكاً قالُوا أَنَّى يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنا وَ نَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ وَ لَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِنَ الْمالِ ; و لما أقام النبي عليا مقامه قالوا نحوه .
فقال النبي : علي مع الحق و الحق مع علي .
و قال في الطالوت وَ زادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَ الْجِسْمِ ; و كان علي أعلم الأمة و أشجعهم .
و قال في طالوت إِنَّ اللَّهَ اصْطَفاهُ عَلَيْكُمْ ; و قال في علي وَ آلَ عِمْرانَ عَلَى الْعالَمِينَ .
و قال وَ اللَّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَنْ يَشاءُ ; و قال لعلي وَ رَبُّكَ يَخْلُقُ ما يَشاءُ وَ يَخْتارُ .
عطش بنو إسرائيل في غزاة جالوت , فقال طالوت إِنَّ اللَّهَ مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ و هو نهر فلسطين فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي فَشَرِبُوا مِنْهُ إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ و كانوا أربعمائة رجل و قيل ثلاثمائة و ثلاثة عشر من جملة ثلاثين ألفا فقال لهم لم تطيعوني في شربة ماء فكيف تطيعوني في الحرب فخلفهم ; و علي أتوه فقالوا امدد يدك نبايعك فقال إن كنتم صادقين فاغدوا علي غدا محلقين ... الخبر .
[257]
قصد جالوت إلى قلع بيت داود
فقتل داود جالوت و استقر الملك عليه ; و طلب أعداء علي قهره فقتلهم و ماتوا قبله و بقيت الإمامة له و لأولاده يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُا نُورَ اللَّهِ .
ابن علوية :
في قصة الملأ الذين نبيهم *** سألوا له ملكا أخا أركان
قال النبي فإن ربي باعث *** طالوت يقدمكم أخا أقران
قالوا و كيف يكون ذاك و ليس *** ذا سعة و نحن أحق بالسلطان
قال اصطفاه عليكم بمزيده *** من بسطة في العلم و الجسمان
و الله يؤتي من يشاء و لم *** يكن من نال منه كرامة بمهان
و كذاك كان وصي أحمد بعده *** متبسطا في الجسم و العرفان
لما تولى الأمر شد عصابة *** عنه شدود توافر الثيران
بكم و هم لا يعقلون و لا هم *** يتصفحون عمون كالصمان
قال النبي فإن آية ملكه *** إتيان تابوت له تيان
إتيان تابوت سيأتيكم به *** أملاك ربي أيما إتيان
فيه سكينة ربكم و بقية *** يا قوم مما ورث الآلان
سليمان : سأل خاتم الملك رب هَبْ لِي مُلْكاً ; و علي أعطى خاتم الملك يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَ يُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَ هُمْ راكِعُونَ , و اليد العليا خير من اليد السفلى , فكان سليمان سائلا و علي معطيا .
سليمان قال رب هَبْ لِي مُلْكاً ; و علي قال : يا صفراء يا بيضاء غري غيري .
سليمان سأل ملكا لا ينبغي لأحد من بعده فأعطي , و كان فانيا ; و أعطي علي ملكا باقيا بلا سؤال نَعِيماً وَ مُلْكاً كَبِيراً .
سليمان لما سأل خاتم الملك أعطي غُدُوُّها شَهْرٌ وَ رَواحُها شَهْرٌ ; و حبا المرتضى خاتمة الملك فأعطي السيادة في الدنيا إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللَّهُ ... الآية , و الملك في العقبى وَ إِذا رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ .
و قال عن سليمان عُلِّمْنا مَنْطِقَ الطَّيْرِ كما أخبر عن الهدهد و عن النملة ; و روى جابر , لعلي , أنه : قال للطير , أحسنت أيها الطير .
و قال لسليمان إِذْ عُرِضَ عَلَيْهِ بِالْعَشِيِّ الصَّافِناتُ الْجِيادُ , و كانت من غنيمة دمشق ألف فرس فلما رأى الله تعالى صلابته رد الشمس عليه فصلى أداء ; و قد ردت الشمس لعلي غير مرة .
[258]
و قال لسليمان فَسَخَّرْنا لَهُ الرِّيحَ ; و علي غلب الريح في بئر ذات العلم , و أطاعته وقت خروجه إلى أصحاب الكهف .
و قال في سليمان وَ حُشِرَ لِسُلَيْمانَ جُنُودُهُ مِنَ الْجِنِّ وَ الْإِنْسِ وَ الطَّيْرِ ; و سخر علي الجن و الإنس بسيفه , و قال له رسول الجن : لو أن الإنس أحبوك كحبنا ... الخبر .