العبدي :
و زوج في السماء بأمر ربي *** بفاطمة المهذبة الطهور
و صير مهرها خمسا بأرض *** لما تحويه من كرم و حور
فذا خير الرجال و تلك خير *** النساء و مهرها خير المهور
و له :
و زوجه بفاطم ذو المعالي *** على الإرغام من أهل النفاق
و خمس الأرض كان لها صداقا *** ألا لله ذلك من صداق
و له :
صديقة خلقت لصديق *** شريف في المناسب
اختاره و اختارها *** طهرين من دنس المعايب
اسماهما قرنا على *** سطر بظل العرش راتب
كان الإله وليها و *** أمينه جبريل خاطب
و المهر خمس الأرض *** موهبة تعالت في المواهب
و نهابها من حمل طوبى *** طيبت تلك المناهب
أمالي الطوسي قال الصادق (عليه السلام) في خبر : و سكب الدراهم في حجره فأعطى منها قبضة كانت ثلاثة و ستين أو ستة و ستين إلى أم أيمن لمتاع البيت .
و قبضة إلى أسماء بنت عميس للطيب .
و قبضة إلى أم سلمة للطعام .
و أنفذ عمارا و أبا بكر و بلالا لابتياع ما يصلحها .
[353]
و كان مما اشتروه : قميص بسبعة دراهم , و خمار بأربعة دراهم
, و قطيفة سوداء خيبرية , و سرير مزمل بشريط , و فراشان من خيش مصر حشو أحدهما ليف و حشو الآخر من جز الغنم , و أربع مرافق من أدم الطائف حشوها إذخر , و سترا من صوف , و حصير هجري , و رحاء اليد , و سقاء من أدم , و مخضب من نحاس , و قعب للبن و شن للماء , و مطهرة مزفتة , و جرة خضراء , و كيزان خزف , و في رواية : و نطع من أدم , و عباء قطواني , و قربة ماء .
وهب بن وهب القرشي : و كان من تجهيز علي داره انتشار رمل لين و نصب خشبة من حائط إلى حائط للثياب و بسط إهاب كبش و مخدة ليف .
أبو بكر مردويه في حديثه : مكث علي تسعة و عشرين ليلة , فقال له جعفر و عقيل : سله أن يدخل عليك أهلك .
فعرفت أم أيمن ذلك , و قالت : هذا من أمر النساء .
فخلت به أم سلمة , فطالبته بذلك .
فدعاه النبي , و قال حبا و كرامة .
فأتى الصحابة بالهدايا , فأمر بطحن البر و خبز .
و أمر عليا بذبح البقر و الغنم .
فكان النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) , يفصل و لم ير على يده أثر دم .
فلما فرغوا من الطبخ , أمر النبي أن ينادي على رأس داره أجيبوا رسول الله و ذلك كقوله وَ أَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ فأجابوا من النخلات و الزروع , فبسط النطوع في المسجد و صدر الناس و هم أكثر من أربعة آلاف رجل , و سائر نساء المدينة , و رفعوا منها ما أرادوا و لم ينقص من الطعام شيء .
ثم عادوا في اليوم الثاني , و أكلوا .
و في اليوم الثالث : أكلوا مبعوثة أبي أيوب .
ثم دعا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) بالصحاف فملئت و وجه إلى منازل أزواجه .
ثم أخذ صحفة , و قال : هذا لفاطمة و بعلها .
ثم دعا فاطمة و أخذ يدها فوضعها في يد علي , و قال : بارك الله لك في ابنة رسول الله يا علي , نعم الزوج فاطمة ; و يا فاطمة , نعم البعل علي .
و كان النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) أمر نساءه أن يزينها و يصلحن من شأنها في حجرة أم سلمة , فاستدعين من فاطمة (عليها السلام) طيبا فأتت بقارورة فسئلت عنها فقالت كان دحية
[354]
الكلبي يدخل على رسول الله فيقول لي يا فاطمة هاتي الوسادة فاطرحيها لعمك .
فكان إذا نهض سقط من بين ثيابه شيء , فيأمرني بجمعه .
فسئل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) عن ذلك .
فقال : هو عنبر , يسقط من أجنحة جبرئيل .
و أتت بماء ورد , فسئلت أم سلمة عنه .
فقالت : هذا عرق رسول الله , كنت آخذه عند قيلولة النبي عندي .
و روي : أن جبرئيل أتى بحلة قيمتها الدنيا , فلما لبستها تحيرت نسوة قريش منها , و قلن من أين لك هذا ?
قالت : هذا من عند الله .
تاريخ الخطيب و كتاب ابن مردويه و ابن المؤذن و ابن شيرويه الديلمي بأسانيدهم عن علي بن الجعد عن ابن بسطام عن شعبة بن الحجاج و عن علوان عن شعبة عن أبي حمزة الضبعي عن ابن عباس و جابر : أنه لما كانت الليلة التي زفت فاطمة إلى علي كان النبي أمامها و جبرئيل عن يمينها و ميكائيل عن يسارها و سبعون ألف ملك من خلفها يسبحون الله و يقدسونه حتى طلع الفجر .
كتاب مولد فاطمة (عليها السلام) عن ابن بابويه في خبر : أمر النبي بنات عبد المطلب و نساء المهاجرين و الأنصار أن يمضين في صحبة فاطمة و أن يفرحن و يرجزن و يكبرن و يحمدن و لا يقولن ما لا يرضى الله .
قال جابر : فأركبها على ناقته .
و في رواية : على بغلته الشهباء , و أخذ سلمان زمامها , و حولها سبعون حوراء , و النبي , و حمزة , و عقيل , و جعفر , و أهل البيت يمشون خلفها مشهرين سيوفهم , و نساء النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) قدامها يرجزن ; فأنشأت أم سلمة :
سرن بعون الله جاراتي *** و اشكرنه في كل حالات
و اذكرن ما أنعم رب *** العلى من كشف مكروه و آفات
فقد هدانا بعد كفر و *** قد أنعشنا رب السماوات
و سرن مع خير نساء الورى *** تفدى بعمات و خالات
يا بنت من فضله ذو العلى *** بالوحي منه و الرسالات
ثم قالت عائشة :
يا نسوة استرن بالمعاجر *** و اذكرن ما يحسن في المحاضر
و اذكرن رب الناس إذ خصنا *** بدينه مع كل عبد شاكر
[355]
فالحمد لله على إفضاله *** و الشكر لله العزيز القادر
سرن بها فالله أعطى ذكرها *** و خصها منه بطهر طاهر
ثم قالت حفصة :
فاطمة خير نساء البشر *** و من لها وجه كوجه القمر
فضلك الله على كل الورى *** بفضل من خص بآي الزمر
زوجك الله فتى فاضلا أعني *** عليا خير من في الحضر
فسرن جاراتي بها إنها *** كريمة بنت عظيم الخطر
ثم قالت معاذة أم سعد بن معاذ :
أقول قولا فيه ما فيه *** و أذكر الخير و أبديه
محمد خير بني آدم *** ما فيه من كبر و لا تيه
بفضله عرفنا رشدنا *** فالله بالخير مجازيه
و نحن مع بنت نبي الهدى *** ذي شرف قد مكنت فيه
في ذروة شامخه أصلها *** فما أرى شيئا يدانيه
و كانت النسوة يرجعن أول بيت من كل رجز ثم يكبرن و دخلن الدار .
ثم أنفذ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) إلى علي و دعاه إلى المسجد .
ثم دعا فاطمة فأخذ يديها و وضعها في يده و قال بارك الله في ابنة رسول الله .
كتاب ابن مردويه : إن النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) سأل ماء فأخذ منه جرعة فتمضمض بها ثم مجها في القعب , ثم صبها على رأسها , ثم قال : أقبلي .
فلما أقبلت , نضح من بين ثدييها .
ثم قال أدبري .
فلما أدبرت , نضح من بين كتفيها . ثم دعا لهما .
أبو عبيد في غريب الحديث : أنه قال اللهم أونسهما أي ثبت الود .
كتاب ابن مردويه : اللهم بارك فيهما و بارك عليهما و بارك لهما في شبليهما .
و روي : أنه قال اللهم إنهما أحب خلقك إلي فأحبهما و بارك في ذريتهما و اجعل عليهما منك حافظا و إني أعيذهما بك و ذريتهما من الشيطان الرجيم .
و روي : أنه دعا لها فقال أذهب الله عنك الرجس و طهرك تطهيرا .
و روي : أنه قال مرحبا ببحرين يلتقيان و نجمين يقترنان ثم خرج إلى الباب يقول طهركما و طهر نسلكما أنا سلم لمن سالمكما و حرب لمن حاربكما أستودعكما الله و أستخلفه عليكما و باتت
[356]
عندها أسماء بنت عميس أسبوعا بوصية خديجة إليها ; فدعا لها النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) في دنياها و آخرتها .
ثم أتاهما في صبيحتهما , و قال : السلام عليكم , أدخل رحمكم الله .
ففتحت أسماء الباب و كانا نائمين تحت كساء ; فقال على حالكما , فأدخل رجليه بين أرجلهما , فأخبر الله عن أورادهما تَتَجافى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضاجِعِ ... الآية .
فسأل عليا كيف وجدت أهلك ?
قال : نعم العون على طاعة الله .
و سأل فاطمة , فقالت : خير بعل .
فقال : اللهم اجمع شملهما , و ألف بين قلوبهما , و اجعلهما و ذريتهما من ورثة جنة النعيم , و ارزقهما ذرية طاهرة طيبة مباركة , و اجعل في ذريتهما البركة , و اجعلهم أئمة يهدون بأمرك إلى طاعتك , و يأمرون بما يرضيك .
ثم أمر بخروج أسماء , و قال : جزاك الله خيرا .
ثم خلا بها بإشارة الرسول (صلى الله عليه وآله وسلّم) .
و روى شرحبيل بإسناده قال : لما كان صبيحة عرس فاطمة جاء النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) بعس فيه لبن فقال لفاطمة اشربي فداك أبوك ; و قال لعلي اشرب فداك ابن عمك .
و لنا :
سماء صلب المرتضى لفاطم *** عن انتسال الحسنين انفطرت
و بانفطار نورها في أرضهم *** كواكب فيها علينا انتثرت
إذ البحار منهما آبينا *** بالعلم و التأويل فينا انفجرت
و علمت من اهتدى بهداها *** ما حالها إذ القبور بعثرت
فعلمت ما قدمت في يومها *** من كتبها بعقدها و أخرت
فصل في حليتها و تواريخها (عليها السلام) :
أنس بن مالك قال : سألت أمي عن صفة فاطمة (عليها السلام) فقالت كانت كأنها القمر ليلة البدر أو الشمس كفرت غماما أو خرجت من السحاب و كانت بيضاء بضة .
عطاء عن أبي رباح قال : كانت فاطمة بنت رسول الله تعجن و إن قصبتها تضرب
[357]
إلى الجفنة .
و روي : أنها كانت مشرقة الرباعية .
جابر بن عبد الله : ما رأيت فاطمة تمشي إلا ذكرت رسول الله تميل على جانبها الأيمن مرة و على جانبها الأيسر مرة .
ولدت فاطمة : بمكة بعد النبوة بخمس سنين و بعد الإسراء بثلاث سنين , في العشرين من جمادى الآخرة , و أقامت مع أبيها بمكة ثماني سنين .
ثم هاجرت : معه إلى المدينة , فزوجها من علي بعد مقدمها المدينة بسنتين , أول يوم من ذي الحجة .
و روي : أنه كان يوم السادس . و دخل بها يوم الثلاثاء لست خلون من ذي الحجة بعد بدر .
و قبض النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) و لها يومئذ : ثماني عشرة سنة و سبعة أشهر .
و عاشت : بعده اثنان و سبعون يوما .
و يقال : خمسة و سبعون يوما .
و قيل : أربعة أشهر .
و قال القرباني قد قيل أربعين يوما ; و هو أصح .
و ولدت : الحسن و لها اثنتا عشرة سنة .
و توفيت : ليلة الأحد لثلاث عشرة ليلة خلت من شهر ربيع الآخر سنة إحدى عشرة من الهجرة .
و مشهدها : بالبقيع , و قالوا : إنها دفنت في بيتها ; و قالوا قبرها بين قبر رسول الله و بين منبره .
و كناها : أم الحسن و أم الحسين و أم المحسن و أم الأئمة و أم أبيها .
و أسماؤها : على ما ذكره أبو جعفر القمي : فاطمة , البتول , الحصان , الحرة , السيدة , العذراء , الزهراء , الحوراء , المباركة , الطاهرة , الزكية , الراضية , المرضية , المحدثة , مريم الكبرى , الصديقة الكبرى ,.
و يقال لها في السماء : النورية السماوية , الحانية , و قلنا الصديقة بالأقوال و المباركة بالأحوال و الطاهرة بالأفعال , الزكية بالعدالة و الرضية بالمقالة و المرضية بالدلالة , المحدثة بالشفقة و الحرة بالنفقة و السيدة بالصدقة , الحصان بالمكان و البتول في الزمان و الزهراء بالإحسان , مريم الكبرى في الستر و فاطم بالسر و فاطمة بالبر , النورية بالشهادة و السماوية بالعبادة و الحانية بالزهادة و العذراء بالولادة , الزاهدة الصفية العابدة الرضية الراضية المرضية المتهجدة الشريفة القانتة العفيفة سيدة النسوان و حبيبة حبيب الرحمن و المحتجبة عن خزان الجنان و صفية الرحمن , ابنة خير المرسلين و قرة عين سيد الخلائق أجمعين و واسطة العقد بين سيدات نساء العالمين و المتظلمة بين يدي العرش يوم الدين , ثمرة النبوة و أم الأئمة و زهرة فؤاد شفيع الأمة ,
[358]
الزهراء المحترمة و الغراء المحتشمة المكرمة تحت القبة الخضراء و الإنسية الحوراء و البتول العذراء ست النساء وارثة سيد الأنبياء و قرينة سيد الأوصياء فاطمة الزهراء الصديقة الكبرى راحة روح المصطفى حاملة البلوى من غير فزع و لا شكوى و صاحبة شجرة طوبى و من أنزل في شأنها و شأن زوجها و أولادها سورة هل أتى , ابنة النبي و صاحبة الوصي و أم السبطين و جدة الأئمة و سيدة نساء الدنيا و الآخرة زوجة المرتضى و والدة المجتبى و ابنة المصطفى , السيدة المفقودة الكريمة المظلومة الشهيدة السيدة الرشيدة , شقيقة مريم و ابنة محمد الأكرم المفطومة من كل شر المعلومة بكل خير المنعوتة في الإنجيل الموصوفة بالبر و التبجيل درة صاحب الوحي و التنزيل , جدها الخليل و مادحها الجليل و خاطبها المرتضى بأمر المولى جبرئيل .
و أولادها : الحسن و الحسين و المحسن سقط و في معارف القتيبي أن محسنا فسد من زخم قنفذ العدوي و زينب و أم كلثوم .
سلامة الموصلي :
يا نفس إن تلتقي ظلما فقد ظلمت *** بنت النبي رسول الله و ابناها
تلك التي أحمد المختار والدها *** و جبرئيل أمين الله رباها
الله طهرها من كل فاحشة *** و كل ريب و صفاها و زكاها
و لبعض الموصليين :
حر صدري و اشتياقي فالأسى *** و احتراقي و اكتئابي و الحرب
لابنة الهادي الرضي فاطمة *** حقها بعد أبيها يغتصب
بل لما نال بني فاطمة *** من بني الطمث الملاعين العيب
يا لقومي ما أتى الدهر بهم *** من خطوب مفظعات و نوب
بريدة قال النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) : إن ملك الموت خيرني فاستنظرته إلى نزول جبرئيل فتجلى ابنته فاطمة الغشي .
فقال لها : يا ابنتي احفظي عليك , فإنك و بعلك و ابنيك معي في الجنة .
بشرت مريم بولدها إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ و بشرت فاطمة بالحسن و الحسين .
في الحديث : أن النبي بشرها عند ولادة كل منهما بأن يقول لها ليهنئك أن ولدت
[359]
إماما يسود أهل الجنة .
و أكمل الله تعالى ذلك في عقبها قوله وَ جَعَلَها كَلِمَةً باقِيَةً فِي عَقِبِهِ يعني عليا .
أبو عبد الله (عليه السلام) : كانت مدة حملها في تسع ساعات .
و ولدت فاطمة الحسن و الحسين و بينهما ستة أشهر على رواية وردت و مريم ابنة عمران و فاطمة بنت محمد و شرف النساء بآبائهم .
و نذرت أم مريم لله محررا ; و محمد (صلى الله عليه وآله وسلّم) أكثر الخلق تقربا إلى الله تعالى في سائر الأحوال , و ذلك يوجب أن يكون قد أتى عند إنساله الزهراء (عليها السلام) بأضعاف ما قالت أم مريم بموجب فضله على الخلائق .
و كان نذرها من قبل الأم و هو يقتضي نصف منزلة ما ينذره الأب قوله وَ كَفَّلَها زَكَرِيَّا و الزهراء كفلها رسول الله , و لا خلاف في فضل كفالة رسول الله على كل كفالة ; و كفالة اليتيم مندوب إليها , و كفالة الولد واجبة .
ولدت مريم بعيسى في أيام الجاهلية ; و ولدت فاطمة بالحسن و الحسين على فطرة الإسلام .
و كان الله أعلم مريم بسلامتها و سلامة ما حملته فلا يجوز أن يتطرق إليها خوف ; الزهراء حملت بهما و هي و لا تعلم ما يكون من حالها في الحمل و الوضع من السلامة و العطب ; فينبغي أن يكون في ذلك مثوبة زائدة و لذلك فضل المسلمون على الملائكة يوم بدر في القتال لأنهم كانوا بين الخوف و الرجاء في سلامتهم و الملائكة ليسوا كذلك .
و قيل لها لا تَحْزَنِي .
و قال النبي : يا فاطمة إن الله يرضى لرضاك .
و قيل لها فَنَفَخْنا فِيهِ مِنْ رُوحِنا ; و فاطمة (عليها السلام) خامسة أهل العباء , و افتخار جبرئيل بكل واحد منهم قوله من مثلي و أنا سادس خمسة .
و لها تُساقِطْ عَلَيْكِ رُطَباً جَنِيًّا فَكُلِي وَ اشْرَبِي يحتمل أن النخلة و النهر كانا موجودين قبل ذلك لأنه لم يبق لهما أثر مثل ما بقي لزمزم و المقام و موضع التنور و انفلاق البحر و رد الشمس و للزهراء حديث التمر الصيحاني و قدس الماء .
و روي : أنه بكت أم أيمن و قالت يا رسول الله فاطمة زوجتها و لم تنثر عليها شيئا .
فقال : يا أم أيمن لم تكذبين , فإن الله تعالى لما زوج فاطمة عليا أمر أشجار الجنة أن تنثر عليهم من حليها و حللها و ياقوتها و درها و زمردها و إستبرقها فأخذوا منها ما لا يعلمون .
و تكلمت الملائكة مع مريم إِنَّ اللَّهَ اصْطَفاكِ وَ طَهَّرَكِ وَ اصْطَفاكِ عَلى نِساءِ الْعالَمِينَ أراد نساء عالم أهل زمانها كقوله لبني إسرائيل وَ أَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعالَمِينَ
[360]
و ليسوا بأفضل من المسلمين قوله كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ ثم إن الصفات في هذه الآيات يشاركها غيرها .
قوله إِنَّ اللَّهَ اصْطَفى آدَمَ إلى قوله ذُرِّيَّةً بَعْضُها مِنْ بَعْضٍ و فاطمة و ذريتها من جملتهم .
و قال النبي : فاطمة سيدة نساء العالمين من الأولين و الآخرين و إنها لتقوم في محرابها فيسلم عليها سبعون ألف ملك من المقربين و ينادونها بما نادت به الملائكة مريم فيقولون يا فاطمة إن الله اصطفاك و طهرك و اصطفاك على نساء العالمين .
و إنه كُلَّما دَخَلَ عَلَيْها زَكَرِيَّا الْمِحْرابَ وَجَدَ عِنْدَها رِزْقاً و ليس في نفس الآية أن ذلك كان الله تعالى يخلقه اختراعا أو يأتيها به الملك و إنما هو يدل على كثرة شكرها لله تعالى كما تقول رزقني الله اليوم درهما كما قال قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ ; و للزهراء من هذا الباب ما لا ينكره مسلم من حديث المقداد و خبر الطائر و الرمان و العنب و التفاح و السفرجل و غيرها و ذلك مما يقطع على أنها كانت تأكل ما لم يكن لغيرها من جميع الخلق بعد هبوط آدم و حواء .
و في الحديث : أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) دخل على فاطمة و هي في مصلاها و خلفها جفنة يفور دخانها فأخرجت فاطمة الجفنة فوضعتها بين أيديهما فسأل علي أنى لك هذا قالت هو من فضل الله و رزقه إن الله يرزق من يشاء بغير حساب .
و رزق مريم من الجنة ; و خلق فاطمة من رزق الجنة .
و في الحديث : فناولني جبرئيل رطبة من رطبها فأكلتها فتحولت ذلك نطفة في صلبي .
و قد مدح الله تعالى مريم في القرآن بعشرين مدحة ; و صح في الأخبار لفاطمة عشرون اسما كل اسم يدل على فضيلة ذكرها ابن بابويه في كتاب مولد فاطمة (عليها السلام) .
و قال تعالى وَ مَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَها يريد بذلك العفاف لا الملامسة و الذرية لأنه لو لم يكن كذلك لجعل حملها له و وضعها و مخاضها بغير ما جرت به العادة , فلما جعله على مجرى العادة دل على مقالنا و يؤكد ذلك الأخبار الواردة في مدح التزويج و طلب الوالد و ذم العزبة و قال تعالى للزهراء و لأولادها لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ .
حسان بن ثابت :
و إن مريم أحصنت فرجها *** و جاءت بعيسى كبدر الدجى
[361]
فقد أحصنت فاطم بعدها *** و جاءت بسبطي نبي الهدى
و أنشدت الزهراء بعد وفاة أبيها :
و قد رزينا به محضا خليقته *** صافي الضرائب و الأعراق و النسب
و كنت بدرا و نورا يستضاء به *** عليك تنزل من ذي العزة الكتب
و كان جبريل روح القدس زائرنا *** فغاب عنا و كل الخير محتجب
فليت قبلك كان الموت صادفنا *** لما مضيت و حالت دونك الحجب
إنا رزينا بما لم يرز ذو شجن *** من البرية لا عجم و لا عرب
ضاقت علي بلاد بعد ما رحبت *** و سيم سبطاك خسفا فيه لي نصب
فأنت و الله خير الخلق كلهم *** و أصدق الناس حيث الصدق و الكذب
فسوف نبكيك ما عشنا و ما بقيت *** منا العيون بتهمال لها سكب
فصل في وفاتها و زيارتها (عليها السلام) :
السمعاني في الرسالة و أبو نعيم في الحلية و أحمد في فضائل الصحابة و النطنزي في الخصائص و ابن مردويه في فضائل أمير المؤمنين (عليه السلام) و الزمخشري في الفائق عن جابر : قال رسول الله لعلي قبل موته السلام عليك أبا الريحانتين أوصيك بريحانتي من الدنيا فعن قليل ينهد ركناك عليك .
قال : فلما قبض رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) , قال علي : هذا أحد الركنين .
فلما ماتت فاطمة , قال علي : هذا الركن الثاني .
البخاري و مسلم و الحلية و مسند أحمد بن حنبل روت عائشة : أن النبي دعا فاطمة في شكواه الذي قبض فيه فسارها بشيء فبكت ثم دعاها فسارها فضحكت فسئلت عن ذلك فقالت أخبرني النبي أنه مقبوض فبكيت ثم أخبرني أني أول أهله لحوقا به فضحكت .
كتاب ابن شاهين قالت أم سلمة و عائشة : إنها لما سئلت عن بكائها و ضحكها .
قالت : أخبرني النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) أنه مقبوض , ثم أخبر أن بني سيصيبهم بعدي شدة فبكيت .
ثم
[362]
أخبرني أني أول أهله لحوقا به , فضحكت .
و في رواية أبي بكر الجعابي و أبي نعيم الفضل بن دكين و الشعبي عن مسروق و في السنن عن القزويني و الإبانة عن العكبري و المسند عن الموصلي و الفضائل عن أحمد بأسانيدهم عن عروة عن مسروق قالت عائشة : أقبلت فاطمة تمشي كان مشيتها مشية رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) فقال رسول الله مرحبا بابنتي فأجلسها عن يمينه و أسر إليها حديثا فبكت ثم أسر إليها حديثا فضحكت .
فسألتها عن ذلك , فقالت : ما أفشي سر رسول الله .
حتى إذا قبض سألتها , فقالت : إنه أسر إلي فقال إن جبرئيل كان يعارضني بالقرآن كل سنة و إنه يعارضني به العام مرتين و لا أراني إلا و قد حضر أجلي , و إنك لأول أهل بيتي لحوقا بي و نعم السلف أنا لك بكيت لذلك .