ابن العودي :
هم باهلوا نجران من داخل العباء *** فعاد المنادي عنهم و هو مفحم
[373]
و أقبل جبريل يقول مفاخرا *** لميكال من مثلي و قد صرت منهم
فمن مثلهم في العالمين و قد غدا *** لهم سيد الأملاك جبريل يخدم
شاعر :
و يوم العباء قد كان باهل أحمد *** به و بسبطيه شبير و شبر
و فاطمة خير النساء و هذه *** لمعجزة لو أنهم يتفكروا
و قال لهم جبريل هل أنا منكم *** و مر على الأملاك إذ ذاك يفخر
يقول أنا من أهل بيت محمد *** و ما أحد غيري على ذاك يقدر
ابن رزيك :
لا تعذلني أنني لا أقتفي *** سبل الضلال لقول كل عذول
عند التباهل ما علمنا سادسا *** تحت الكساء منهم سوى جبريل
و له :
بهم باهل الله أعداءه *** و كان الرسول بهم باهلا
و هذا الكتاب و إعجاز *** على من و في بيت من أنزلا
و روى أبو صالح و مجاهد و الضحاك و الحسن و عطاء و قتادة و مقاتل و الليث و ابن عباس و ابن مسعود و ابن جبير و عمرو بن شعيب و الحسن بن مهران و النقاش و القشيري و الثعلبي و الواحدي في تفاسيرهم و صاحب أسباب النزول و الخطيب المكي في الأربعين و أبو بكر الشيرازي في نزول القرآن في أمير المؤمنين (عليه السلام) و الأشنهي في اعتقاد أهل السنة و أبو بكر محمد بن أحمد بن الفضل النحوي في العروس في الزهد و روى أهل البيت (عليهم السلام) عن الأصبغ بن نباتة و غيره عن الباقر (عليه السلام) و اللفظ له في قوله تعالى : هَلْ أَتى عَلَى الْإِنْسانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ إنه مرض الحسن و الحسين (عليهما السلام) فعادهما رسول الله في جميع أصحابه , و قال لعلي : يا أبا الحسن لو نذرت في ابنيك نذرا عافاهما الله .
فقال : أصوم ثلاثة أيام .
و كذلك قالت : فاطمة و الحسن و الحسين و جاريتهم فضة .
فبرءا , فأصبحوا صياما , و ليس عندهم طعام .
فانطلق علي إلى يهودي يقال له فنحاص بن الحارا و في
[374]
رواية شمعون بن حاريا يستقرضه , و كان يعالج الصوف , فأعطاه جزة من صوف و ثلاثة أصوع من الشعير , و قال : تغزلها ابنة محمد .
فجاء بذلك , فغزلت فاطمة ثلث الصوف , ثم طحنت صاعا من الشعير و عجنته , و خبزت منه خمسة أقراص .
فلما جلسوا خمستهم , فأول لقمة كسرها علي إذا مسكين على الباب , يقول : السلام عليكم يا أهل بيت محمد , أنا مسكين من مساكين المسلمين , أطعموني مما تأكلون أطعمكم الله على موائد الجنة .
فوضع اللقمة من يده و قال :
فاطم ذات المجد و اليقين *** يا بنت خير الناس أجمعين
أ ما ترين البائس المسكين *** قد قام بالباب له حنين
يشكو إلينا جائع حزين *** كل امرئ بكسبه رهين
فقالت فاطمة (عليها السلام) :
أمرك سمعا يا ابن عم طاعة *** ما في من لؤم و لا وضاعة
أطعمه و لا أبالي الساعة *** أرجو إذا أشبعت ذا مجاعة
أن ألحق الأخيار و الجماعة *** و أدخل الخلد و لي شفاعة
و دفعت ما كان على الخوان إليه , و باتوا جياعا , و أصبحوا صياما و لم يذوقوا إلا الماء القراح .
فلما أصبحوا , غزلت الثلث الثاني , و طحنت صاعا من الشعير و عجنته , و خبزت منه خمسة أقراص .
فلما جلسوا خمستهم , و كسر علي لقمة , إذا يتيم على الباب , يقول : السلام عليكم أهل بيت محمد , أنا يتيم من أيتام المسلمين , أطعموني مما تأكلون أطعمكم الله من موائد الجنة .
فوضع اللقمة من يده و قال :
فاطم بنت السيد الكريم *** بنت نبي ليس بالذميم
قد جاءنا الله بذا اليتيم *** من يرحم اليوم فهو رحيم
موعده في جنة النعيم *** حرمها الله على اللئيم
فقالت فاطمة (عليها السلام) :
إني أعطيه و لا أبالي *** و أوثر الله على عيالي
أمسوا جياعا و هم أشبالي
ثم دفعت ما كان على الخوان إليه , و باتوا جياعا لا يذوقون إلا الماء القراح .
[375]
فلما أصبحوا , غزلت الثلث الباقي , و طحنت الصاع الباقي , و عجنته و خبزت منه خمسة أقراص .
فلما جلسوا خمستهم , فأول لقمة كسرها علي , إذا أسير من أسراء المشركين على الباب , يقول : السلام عليكم أهل بيت محمد , تأسروننا و تشدوننا و لا تطعموننا .
فوضع علي من يده اللقمة , و قال :
فاطم يا بنت النبي أحمد *** بنت نبي سيد مسود
هذا أسير للنبي المهتدي *** مكبل في غلة مقيد
يشكو إلينا الجوع قد تقدد *** من يطعم اليوم يجده في غد
عند العلي الواحد الممجد
فقالت فاطمة :
لم يبق مما كان غير صاع *** قد دميت كفي مع الذراع
و ما على رأسي من قناع *** إلا عباء نسجه يضاع
ابناي و الله من الجياع *** يا رب لا تتركهما ضياع
أبوهما للخير ذو اصطناع *** عبل الذراعين شديد الباع
و أعطته ما كان على الخوان , و باتوا جياعا .
و أصبحوا مفطرين و ليس عندهم شيء .
فرآهم النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) جياعا , فنزل جبرئيل و معه صحفة من الذهب مرصعة بالدر و الياقوت مملوءة من الثريد و عراقا يفوح منه رائحة المسك و الكافور , فجلسوا فأكلوا حتى شبعوا , و لم تنقص منها لقمة واحدة .
و خرج الحسين و معه قطعة عراق فنادته امرأة يهودية يا أهل بيت الجوع من أين لكم هذا ? أطعمنيها .
فمد يده الحسين ليطعمها , فهبط جبرئيل , فأخذها من يده و رفع الصحفة إلى السماء .
فقال النبي : لو لا ما أراد الحسين من إطعام الجارية تلك القطعة لتركت تلك الصحفة في أهل بيتي يأكلون منها إلى يوم القيامة ; لا تنقص لقمة .
و نزلت يُوفُونَ بِالنَّذْرِ و كانت الصدقة في ليلة خمس و عشرين من ذي الحجة .
و نزلت هَلْ أَتى في يوم الخامس و العشرين منه .
الخركوشي في شرف المصطفى عن زينب بنت حصين في خبر :
[376]
أن النبي دخل على فاطمة غداة من الغدوات , فقالت : يا أبتاه قد أصبحنا و ليس عندنا شيء .
فقال : هاتي ذينك الطيرين .
فالتفتت , فإذا طيران خلفها , فوضعتهما عنده .
فقال لعلي و فاطمة و الحسن و الحسين : كلوا بسم الله , فبينما هم يأكلون إذ جاءهم سائل , فقام على الباب فقال : السلام عليكم يا أهل البيت أطعمونا مما رزقكم الله .
فرد النبي : يطعمك الله يا عبد الله .
فمكث غير بعيد ثم رجع , فقال : مثل ذلك .
ثم ذهب , ثم رجع , فقالت فاطمة : يا أبتاه سائل .
فقال يا بنتاه : هذا هو الشيطان جاء ليأكل من هذا الطعام , و لم يكن الله ليطعمه هذا من طعام الجنة .
و قال و جاء سبب قوله وَ يُطْعِمُونَ الطَّعامَ عَلى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَ يَتِيماً وَ أَسِيراً موافقا لقول أمير المؤمنين علي بن أبي طالب سيد الأولياء و أبي الأئمة النجباء الهادين بجد إلى الحق حساب كل منهما ألف و ثلاثمائة و ثلاث و تسعون .
ابن رزيك :
ولايتي لأمير المؤمنين علي *** بها بلغت الذي أرجوه من أملي
إن كان قد أنكر الحساد رتبته *** في جوده فتمسك يا أخي بهل
و له :
آل رسول الإله قوم مقدارهم في العلى خطير
إذ جاءهم سائل يتيم *** و جاء من بعده أسير
أخافهم في المعاد يوم *** معظم الهول قمطرير
فقد وقوا شر ما اتقوه *** و صار عقباهم السرور
في جنة لا يرون فيها *** شمسا و لا ثم زمهرير
يطوف ولدانهم عليهم *** كأنهم لؤلؤ نثير
لباسهم في جنات عدن *** سندسها الأخضر الحرير
جازاهم ربهم بهذا *** و هو لما قد سعوا شكور
و له :
إن الأبرار يشربون بكأس *** كان حقا مزاجها كافورا
و لهم أنشأ المهيمن عينا *** فجروها عباده تفجيرا
و هداهم و قال يوفون بالنذر *** فمن مثلهم يوفي النذورا
[377]
و يخافون بعد ذلك يوما *** هائلا كان شره مستطيرا
يطعمون الطعام ذا اليتم *** و المسكين في حب ربهم و الأسيرا
إنما نطعم الطعام لوجه الله *** لا نبتغي لديكم شكورا
غير أنا نخاف من ربنا يوما *** عبوسا عصبصبا قمطريرا
فوقاهم إلههم ذلك اليوم *** و يلقون نضرة و سرورا
و جزاهم بأنهم صبروا في *** السر و الجهر جنة و حريرا
متكئين لا يرون لدى الجنة *** شمسا كلا و لا زمهريرا
و عليهم ظلالها دانيات *** ذلك في قطوفها تيسيرا
و بأكواب فضة و قوارير *** قوارير قدرت تقديرا
و يطوف الولدان فيها عليهم *** فيخالون لؤلؤا منثورا
بكئوس قد مزجت زنجبيلا *** لذة الشاربين تشفي الصدورا
و يحلون بالأساور فيها *** و سقاهم ربي شرابا طهورا
و عليهم فيها ثياب من السندس *** خضر في الخلد تلمع نورا
إن هذا لكم جزاء من الله *** و قد كان سعيكم مشكورا
و له :
و الله أثنى عليهم *** لما وفوا بالنذور
و خصهم و حباهم *** بجنة و حرير
لا يعرفون بشمس *** فيها و لا زمهرير
يسقون فيها كأسا *** رحيقا ممزوجا بكافور
و له :
في هل أتى حين على الإنسان *** ما يقنع من جادل فيه و شبا
يوفون بالنذر و ما أعطاهم *** ربهم من كل فضل و حبا
[378]
و له :
في هل أتى إن كنت تقرأ هل أتى *** ستصيب سعيهم بها مشكورا
إذ أطعموا المسكين ثمة أطعموا *** الطفل اليتيم و أطعموا المأسورا
قالوا لوجه الله نطعمكم فلا *** منكم جزاء نبتغي و شكورا
إنا نخاف و نتقي من ربنا *** يوما عبوسا لم يزل محذورا
فوقوا بذلك شر يوم باسل *** و لقوا بذلك نضرة و سرورا
و جزاهم رب العباد بصبرهم *** يوم القيامة جنة و حريرا
و سقاهم من سلسبيل كأسها *** بمزاجها قد فجرت تفجيرا
يسقون فيها من رحيق تختم *** بالمسك كان مزاجها كافورا
فيها قوارير لها من فضة *** و أكواب قد قدرت تقديرا
يسعى بها ولدانهم فتخالهم *** للحسن منهم لؤلؤا منثورا
و له أيضا :
هل أتى فيهم تنزل فيها *** فضلهم محكما و في السورات
يطعمون الطعام خوفا فقيرا *** و يتيما و عانيا في العنات
إنما نطعم الطعام لوجه الله *** لا للجزاء في العاجلات
فجزاهم بصبرهم جنة الخلد *** بها من كواعب خيرات
الصاحب :
و إذا قرأنا هل أتى *** قرأت وجوههم عبس
و له :
علي له في هل أتى ما تلوتم *** على الرغم من آنافكم فتفردوا
الناشي :
و لقد تبين فضلهم في هل أتى *** فضل تذل به قلوب الحسد
و جزاؤهم بالصبر ما هو جنة *** فيه الحرير لباسهم لم ينفد
[379]
يسقون فيها سلسبيل يديرها *** ولدان حور بين حور خرد
و له :
هل أتى على الإنسان حين من الدهر *** مع الخلق لم يكن مذكورا
و ابتدأ نطفة هنالك أمشاجا غدا *** بعده سميعا بصيرا
و هدى نسله فأصبح إما *** شاكرا مؤمنا و إما كفورا
إن الأبرار يشربون بكأس *** كان مزاجها لهم كافورا
هي عين تجري بقدرة ربي *** فجرتها عباده تفجيرا
إذ وفوا نذرهم يخافون *** يوما في غد كان شره مستطيرا
يطعمون الطعام مسكينهم *** ثم يتيما و يعطمون الأسيرا
أطعموهم لله لا لجزاء *** أطعموهم و لم يريدوا شكورا
ثم قالوا نخاف من ربنا *** يوما عبوسا لهوله قمطريرا
فيوقون شر ذلك اليوم ***و يلقون نضرة و سرورا
و جزاهم بصبرهم في العظيمات على الضيم جنة و حريرا
و اتكاهم على الأرائك لا *** يرون فيها شمسا و لا زمهريرا
دانيات الظلال قد ذلل القطف *** و إن كان قد علا تسميرا
و عليهم تدور آنية الفضة *** تحوى شرابها المذخورا
في قوارير فضة قدروها *** في ثنايا كمالها تقديرا
و يسقون زنجبيل لدى الكأس *** مزاجا و سلسبيلا عبيرا
و يطوف الولدان فيهم يخالون *** من الحسن لؤلؤا منثورا
و إذا ما رأيت ثم تأملت *** نعيما لهم و ملكا كبيرا
و ثياب عليهم سندس خضر *** و حلوا أساور و شذورا
و سقاهم في القدس ربهم الله *** شرابا من الجنان طهورا
[380]
إن هذا هو الجزاء و ما زال *** بلا شك سعيهم مشكورا
الرئيس أبو العباس الضبي :
هل أتى أنزلت بفضل علي *** فمعاديه هل أتى لرشيد
و غيره :
أحببت من لو سألت هل أتى *** عنه لقالت فيه قد أنزلت
أمي حكت أم زياد الدعي *** إن كنت فيما قلته أبطلت
أنشد :
أوفوا لربهم النذور *** يخشون شرا مستطيرا
إذ أطعموا مسكينهم *** و يتيمهم ثم الأسيرا
من خوفهم من ربهم *** يوما عبوسا قمطريرا
فوقوا شرور جهنم و *** لقوا به خيرا كثيرا
أبو صالح عن ابن عباس في قوله : الْحَمْدُ لِلَّهِ وَ سَلامٌ عَلى عِبادِهِ الَّذِينَ اصْطَفى قال هم أهل بيت رسول الله علي بن أبي طالب و فاطمة و الحسن و الحسين و أولادهم إلى يوم القيامة هم صفوة الله و خيرته من خلقه .
أبو نعيم الفضيل بن دكين عن سفيان عن الأعمش عن مسلم البطين عن سعيد بن جبير في قوله تعالى : وَ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنا هَبْ لَنا مِنْ أَزْواجِنا وَ ذُرِّيَّاتِنا ... الآية قال نزلت هذه الآية و الله خاصة في أمير المؤمنين (عليه السلام) قال كان أكثر دعائه يقول ربنا هب لنا من أزواجنا يعني فاطمة , و ذرياتنا يعني الحسن و الحسين , قرة أعين .
قال أمير المؤمنين : و الله ما سألت ربي ولدا نضير الوجه و لا سألت ولدا حسن القامة و لكن سألت ربي ولدا مطيعين لله خائفين وجلين منه حتى إذا نظرت إليه و هو مطيع لله قرت به عيني قال وَ اجْعَلْنا لِلْمُتَّقِينَ إِماماً قال نقتدي بمن قبلنا من المتقين فيقتدي المتقون بنا من بعدنا و قال الله أُوْلئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِما صَبَرُوا يعني علي بن أبي طالب و الحسن و الحسين و فاطمة وَ يُلَقَّوْنَ فِيها تَحِيَّةً وَ سَلاماً خالِدِينَ فِيها حَسُنَتْ مُسْتَقَرًّا وَ مُقاماً .
و قد روي أن : وَ التِّينِ وَ الزَّيْتُونِ نزلت فيهم .
الصادق (عليه السلام) في قوله تعالى : يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَ آمِنُوا بِرَسُولِهِ
[381]
يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَ يَجْعَلْ لَكُمْ نُوراً تَمْشُونَ بِهِ قال الكفلين الحسن و الحسين و النور علي .
و في رواية سماعة عنه (عليه السلام) : نُوراً تَمْشُونَ بِهِ قال إماما تأتمون به .
و يقال في قوله تعالى وَ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنا زَوْجَيْنِ إن الله تعالى بنى الدنيا و العقبى على ثلاثين زوجا عشرة للعالم الصغرى و هي العينان و الأذنان و الخدان و الشفتان و المنكبان و الساعدان و اليدان و الساقان و الرجلان و عشرة للعالم الكبرى و هي الملوان و العصران و الخافقان و الأزهران و السعدان و النحسان و الحجران و الأقطعان و الأبهمان و الأفجران و عشرة للدنيا و الآخرة و هي الداران و الغاران و الأصغران و الأكبران و الأصمعان و الزوجان و الحافظان و الأمران و الحرمان و الحسنان .
و اعلم أن الخط جزءان و المؤلف جوهران و الموجبان اثنان عقلي و شرعي و الكلام اثنان مهمل و مستعمل في كثير من ذلك و منه الأبوان و الجدان و الزوجان و ذلك كثير .
و لنا :
نفسي تفدي لسيدي الحسنين *** من أحمد و الوصي خير الثقلين
زوجان فذا مثل السمع و ذا مثل *** العين فاسلك فيها من كل زوجين اثنين
فصل في محبة النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) إياهما :
أحمد بن حنبل و أبو يعلى الموصلي في مسنديهما و ابن ماجة في السنن و ابن بطة في الإبانة و أبو سعيد في شرف النبي و السمعاني في فضائل الصحابة بأسانيدهم عن أبي حازم عن أبي هريرة : قال النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) : من أحب الحسن و الحسين فقد أحبني
[382]
و من أبغضهما فقد أبغضني .
جامع الترمذي بإسناده عن أنس بن مالك قال : سئل رسول الله أي أهل بيتك أحب إليك قال الحسن و الحسين و قال (صلى الله عليه وآله وسلّم) من أحب الحسن و الحسين أحببته و من أحببته أحبه الله و من أحبه الله أدخله الجنة و من أبغضهما أبغضته و من أبغضته أبغضه الله و من أبغضه الله خلده النار .
جامع الترمذي و فضائل أحمد و شرف المصطفى و فضائل السمعاني و أمالي ابن شريح و إبانة ابن بطة : أن النبي أخذ بيد الحسن و الحسين فقال من أحبني و أحب هذين و أباهما و أمهما كان معي في درجتي في الجنة يوم القيامة .
و قد نظمه أبو الحسين في نظم الأخبار فقال :
أخذ النبي يد الحسين و صنوه *** يوما و قال و صحبه في مجمع
من ودني يا قوم أو هذين أو *** أبويهما فالخلد مسكنه معي
جامع الترمذي و إبانة العكبري و كتاب السمعاني بالإسناد عن أسامة بن زيد قال : طرقت على النبي ذات ليلة في بعض الحاجة فخرج و هو مشتمل على شيء ما أدري ما هو فلما فرغت من حاجتي فقلت ما هذا الذي أنت مشتمل عليه فكشفه فإذا هو الحسن و الحسين على وركيه فقال هذان ابناي و ابنا ابنتي اللهم إني أحبهما فأحبهما و أحب من يحبهما .
فضائل أحمد و تاريخ بغداد بالإسناد عن عمر بن عبد العزيز : قال زعمت المرأة الصالحة خولة بنت حكيم أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) خرج و هو محتضن أحد ابني ابنته حسنا أو حسينا و هو يقول إنكم لتجنبون و تجهلون و تبخلون و إنكم لمن ريحان الله .
علي بن صالح بن أبي النجود عن زر بن حبيش عن ابن مسعود : قال النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) و الحسن و الحسين جالسان على فخذيه من أحبني فليحب هذين .
أبو صالح و أبو حازم عن ابن مسعود و أبو هريرة قالا : خرج علينا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) و معه الحسن و الحسين هذا على عاتقه و هذا على عاتقه و هو يلثم هذا مرة و هذا مرة حتى انتهى إلينا فقال له رجل يا رسول الله إنك لتحبهما فقال من أحبهما فقد أحبني و من أبغضهما فقد أبغضني .
الترمذي في الجامع و السمعاني في الفضائل عن يعلى بن مرة الثقفي و البراء بن عازب
[383]
و أسامة بن زيد و أبي هريرة و أم سلمة في أحاديثهم : أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) قال للحسن و الحسين اللهم إني أحبهما و في رواية و أحب من أحبهما .
أبو الحويرث : أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) قال اللهم أحب حسنا و حسينا و أحب من يحبهما .
معاوية بن عمار عن الصادق (عليه السلام) : قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) إن حب علي قذف في قلوب المؤمنين فلا يحبه إلا مؤمن و لا يبغضه إلا منافق و إن حب الحسن و الحسين قذف في قلوب المؤمنين و المنافقين و الكافرين فلا ترى لهم ذاما .
و دعا النبي الحسن و الحسين قرب موته فقبلهما و شمهما و جعل يرشفهما و عيناه تهملان .
شرف النبي عن الخركوشي و الفردوس عن الديلمي عن ابن عمر و الجامع عن الترمذي عن أبي هريرة و الصحيح عن البخاري و مسند الرضا عن آبائه عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) و اللفظ له قال : الولد ريحانة و الحسن و الحسين ريحانتاي من الدنيا قال الترمذي هذا حديث صحيح , و قد رواه شعبة و مهدي بن ميمون عن محمد بن يعقوب .
و يروى عنه (عليه السلام) أنه قال : إنكما من ريحان الله .
و في رواية عتبة بن غزوان : أنه وضعهما في حجره و جعل يقبل هذا مرة و هذا مرة فقال قوم أ تحبهما يا رسول الله فقال ما لي لا أحب ريحانتي من الدنيا .
و روى نحوا من ذلك راشد بن علي و أبو أيوب الأنصاري و الأشعث بن القيس عن الحسين (عليه السلام) .
قال الشريف الرضي رض : شبه بالريحان لأن الولد يشم و يضم كما يشم الريحان و أصل الريحان مأخوذ من الشيء الذي يتروح إليه و يتنفس من الكرب به .
و من شفقته :
ما رواه صاحب الحلية بالإسناد عن منصور بن المعتمر عن أبي إبراهيم عن علقمة عن عبد الله و عن ابن عمر قال كل واحد منا : كنا جلوسا عند رسول الله إذ مر به الحسن و الحسين و هما صبيان قال مات ابني أعوذهما بما عوذ به إبراهيم ابنيه إسماعيل و إسحاق , فقال : أعيذكما بكلمات الله التامة من كل عين لامة و من كل شيطان و هامة .
ابن ماجة في السنن و أبو نعيم في الحلية و السمعاني في الفضائل بالإسناد عن سعيد بن جبير عن ابن عباس : أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) كان يعوذ حسنا و حسينا , فيقول : أعيذكما بكلمات الله التامة من كل شيطان و هامة و من كل عين لامة و كان إبراهيم يعوذ بها إسماعيل و إسحاق .
[384]
و جاء في أكثر التفاسير : أن النبي كان يعوذهما بالمعوذتين و لهذا سميت المعوذتين .
و زاد أبو سعيد الخدري في الرواية : ثم يقول هكذا كان إبراهيم يعوذ ابنيه إسماعيل و إسحاق و كان يتفل عليهما .
و من كثرة عوذ النبي قال ابن مسعود و غيره : أنهما عوذتان و ليستا من القرآن الكريم .
ابن بطة في الإبانة و أبو نعيم بن دكين بإسنادهما عن أبي رافع قال : رأيت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) أذن في أذن الحسن لما ولد و أذن كذلك في أذن الحسين لما ولد .
ابن غسان بإسناده : أن النبي عق الحسن و الحسين شاة شاة و قال كلوا و أطعموا و ابعثوا إلى القابلة برجل يعني الربع المؤخر من الشاة رواه ابن بطة في الإبانة .