back page fehrest page next page

‏فطوى محاسنها و أوسع أهلها *** منع الحقوق و واجب السمعان

و قال المسيب بن نجية الفزاري و سليمان بن صرد الخزاعي للحسن بن علي (عليه السلام) : ما ينقضي تعجبنا منك بايعت معاوية و معك أربعون ألف مقاتل من الكوفة سوى أهل البصرة و الحجاز .

فقال الحسن : قد كان ذلك فما ترى الآن ?

فقال : و الله أرى أن ترجع لأنه نقض العهد .

فقال : يا مسيب , إن الغدر لا خير فيه و لو أردت لما فعلت .

فقال حجر بن عدي : أما و الله لوددت أنك مت في ذلك اليوم و متنا معك و لم نر هذا اليوم فإنا رجعنا راغمين بما كرهنا و رجعوا مسرورين بما أحبوا .

فلما خلا به الحسن (عليه السلام) , قال : يا حجر قد سمعت كلامك في مجلس معاوية و ليس كل إنسان يحب ما تحب , و لا رأيه كرأيك , و إني لم أفعل ما فعلت إلا إبقاء عليكم و الله تعالى كل يوم هو في شأن .

و أنشأ (عليه السلام) لما اضطر إلى البيعة :

أجامل أقواما حياء و لا أرى *** قلوبهم تغلي علي مراضها

و له (عليه السلام) :

لئن ساءني دهر عزمت تصبرا *** و كل بلاء لا يدوم يسير

و إن سرني لم أبتهج بسروره *** و كل سرور لا يدوم حقير

تفسير الثعلبي و مسند الموصلي و جامع الترمذي و اللفظ له عن يوسف بن

[36]

مازن الراسبي أنه :
لما صالح الحسن بن علي عذل و قيل له يا مذل المؤمنين و مسود الوجوه .

فقال : لا تعذلوني فإن فيها مصلحة .

و لقد رأى النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) في منامه يخطب بنو أمية واحدا بعد واحد فحزن فنزل جبرئيل بقوله إِنَّا أَعْطَيْناكَ الْكَوْثَرَ و إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ و في خبر عن أبي عبد الله (عليه السلام) فنزل أَ فَرَأَيْتَ إِنْ مَتَّعْناهُمْ سِنِينَ إلى قوله يُمَتَّعُونَ ثم نزل إِنَّا أَنْزَلْناهُ يعني جعل الله ليلة القدر لنبيه خيرا من ألف شهر ملك بني أمية .

و عن سعيد بن يسار و سهل بن سهل : أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) رأى في منامه أن قرودا تصعد في منبره و تنزل فساءه ذلك و اغتم به و لم ير بعد ذلك ضاحكا حتى مات و هو المروي عن جعفر بن محمد (عليه السلام)

:
مسند الموصلي : أنه رأى في منامه خنازير تصعد في منبره ... الخبر .

و قال أبو القاسم بن الفضل الحراني : عددنا ملك بني أمية فكان ألف شهر .

شاعر :

لو أنهم آمنوا أبدوا عداوتهم *** لكنهم قمعوا بالذل فانقمعوا

أ ليس في ألف شهر قد مضت لهم *** سقوكم جزعا من بعدها جزع

قال : فلما دخل معاوية الكوفة خطب و ذكر عليا (عليه السلام) فنال منه و من الحسن و الحسين .

فقال الحسن (عليه السلام) :

أيها الذاكر عليا ; أنا الحسن و أبي علي ; و أنت معاوية و أبوك صخر .

و أمي فاطمة ; و أمك هند .

و جدي رسول الله ; و جدك حرب .

و جدتي خديجة ; و جدتك قبيلة .

فلعنة الله على أخملنا ذكرا , و ألأمنا حسبا , و شرنا قوما , و أقدمنا كفرا و نفاقا .

محمد بن الحسن الكلاعي الحميري :

من جده خيرة البرايا *** إن عدد الفاخر العلاء

و من أبوه الوصي أعلى *** من دخل الجنة اعتلاء

إذ شتت الشرك و استنارت *** دلائل تكشف العماء

[37]

و أمه فضلت ففاقت *** بفضلها في الورى النساء

و عمه في الجنان أضحى *** يطير منهن حيث شاء

هذا و أعظم بجدتيه *** فضلا و أوسعهما نداء

نصر بن المنتصر :

من ذا يدانيه إذا قيل له *** من قاب قوسين من الله دنا

سادت نساء العالمين أمه *** و ساد في الخلد أبوه المرتجى

‏نجل نبي العالمين المصطفى *** و ابن أمير المؤمنين المرتضى

‏من ذا له جد تعالى ذكره *** بالله مقرونا إذا قام الندا

من كالنبي و الوصي والده *** و زوجه و ابنيه أصحاب العبا

ابن طوطي :

بنفسي نفسا بالبقيع تغيب *** و نور هدى في قبره ظل يقبر

إمام هدى عف الخلائق ماجد *** تقي نقي ذو عفاف مطهر

أشد عباد الله بأسا لدى الوغى *** و أجلى لكشف الأمر و هو معسر

و أزهد في الدنيا و أطيب محتدا *** و أطعن دون المحصنات و أغير

فصل في المفردات :

الصادق (عليه السلام) : أن أمير المؤمنين كتب لابنه الحسن (صلى الله عليه وآله وسلّم) بعد انصرافه من صفين أما بعد فإني وجدتك بعضي بل وجدتك كلي حتى كأن شيئا لو أصابك أصابني و كأن الموت لو أتاك أتاني فعناني من أمرك ما يعنيني من أمر نفسي فكتبت لك كتابي هذا إن أنا بقيت أو فنيت فإني أوصيك بتقوى الله عز و جل و لزوم أمره و عمارة قلبك بذكره و الاعتصام بحبله و ذكر الوصية .

و نادى عبد الله بن عمر للحسن بن علي (عليه السلام) في أيام صفين , و قال : إن لي نصحه .

فلما برز إليه , قال : إن أباك بغضة لعنة و قد خاض في دم عثمان ; فهل لك أن تخلعه نبايعك ?

فأسمعه الحسن ما كرهه .

فقال معاوية : إنه ابن أبيه .

[38]

و في الإحياء : أنه خطب الحسن بن علي (عليه السلام) إلى عبد الرحمن بن الحارث بنته فأطرق عبد الرحمن ثم رفع رأسه فقال و الله ما على وجه الأرض من يمشي عليها أعز علي منك و لكنك تعلم أن ابنتي بضعة مني و أنت مطلاق فأخاف أن تطلقها و إن فعلت خشيت أن يتغير قلبي عليك لأنك بضعة من رسول الله فإن شرطت أن لا تطلقها زوجتك فسكت الحسن و قام و خرج فسمع منه يقول ما أراد عبد الرحمن إلا أن يجعل ابنته طوقا في عنقي .

و روى محمد بن سيرين : أنه خطب الحسن بن علي (عليه السلام) إلى منظور بن ريان ابنته خولة فقال و الله إني لأنكحك و إني لأعلم أنك غلق طلق ملق غير أنك أكرم العرب بيتا و أكرمهم نفسا فولد منها الحسن بن الحسن .

و رأى يزيد امرأة عبد الله بن عامر أم خالد بنت أبي جندل فهام بها و شكا ذلك إلى أبيه فلما حضر عبد الله عند معاوية قال له لقد عقدت لك على ولاية البصرة و لو لا أن لك زوجة لزوجتك رملة فمضى عبد الله و طلق زوجته طمعا في رملة فأرسل معاوية أبا هريرة ليخطب أم خالد ليزيد ابنه و بذل لها ما أرادت من الصداق فاطلع عليها الحسن و الحسين و عبد الله بن جعفر فاختارت الحسن فتزوجها .

عبد الملك بن عمير و الحاكم و العباس قالوا : خطب الحسن عائشة بنت عثمان فقال مروان أزوجها عبد الله بن الزبير ثم إن معاوية كتب إلى مروان و هو عامله على الحجاز يأمره أن يخطب أم كلثوم بنت عبد الله بن جعفر لابنه يزيد فأبى عبد الله بن جعفر فأخبره بذلك فقال عبد الله إن أمرها ليس إلي إنما هو إلى سيدنا الحسين و هو خالها فأخبر الحسين بذلك فقال أستخير الله تعالى اللهم وفق لهذه الجارية رضاك من آل محمد فلما اجتمع الناس في مسجد رسول الله أقبل مروان حتى جلس إلى الحسين (عليه السلام) و عنده من الجلة و قال إن أمير المؤمنين أمرني بذلك و أن أجعل مهرها حكم أبيها بالغا ما بلغ مع صلح ما بين هذين الحيين مع قضاء دينه و اعلم أن من يغبطكم بيزيد أكثر ممن يغبطه بكم و العجب كيف يستمهر يزيد و هو كفؤ من لا كفؤ له و بوجهه

[39]

يستسقى الغمام فرد خيرا يا أبا عبد الله .

فقال الحسين (عليه السلام) الحمد لله الذي اختارنا لنفسه و ارتضانا لدينه و اصطفانا على خلقه إلى آخر كلامه ثم قال يا مروان قد قلت فسمعنا أما قولك مهرها حكم أبيها بالغا ما بلغ فلعمري لو أردنا ذلك ما عدونا سنة رسول الله في بناته و نسائه و أهل بيته و هو اثنتا عشرة أوقية يكون أربعمائة و ثمانين درهما و أما قولك مع قضاء دين أبيها فمتى كن نساؤنا يقضين عنا ديوننا و أما صلح ما بين هذين الحيين فإنا قوم عاديناكم في الله و لم نكن نصالحكم للدنيا فلعمري فلقد أعيا النسب فكيف السبب و أما قولك العجب ليزيد كيف يستمهر فقد استمهر من هو خير من يزيد و من أب يزيد و من جد يزيد و أما قولك إن يزيد كفؤ من لا كفؤ له فمن كان كفؤه قبل اليوم فهو كفؤه اليوم ما زادته إمارته في الكفاءة شيئا و أما قولك بوجهه يستسقى الغمام فإنما كان ذلك بوجه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) و أما قولك من يغبطنا به أكثر ممن يغبطه بنا فإنما يغبطنا به أهل الجهل و يغبطه بنا أهل العقل ثم قال بعد كلام فاشهدوا جميعا أني قد زوجت أم كلثوم بنت عبد الله بن جعفر من ابن عمها القاسم بن محمد بن جعفر على أربعمائة و ثمانين درهما و قد نحلتها ضيعتي بالمدينة أو قال أرضي بالعقيق و إن غلتها في السنة ثمانية آلاف دينار ففيها لهما غنى إن شاء الله .

قال فتغير وجه مروان و قال أ غدرا يا بني هاشم تأبون إلا العداوة فذكره الحسين (عليه السلام) خطبة الحسن عائشة و فعله ثم قال فأين موضع الغدر يا مروان فقال مروان :

أردنا صهركم لنجد ودا *** قد أخلقه به حدث الزمان

‏فلما جئتكم فجبهتموني *** و بحتم بالضمير من الشنان

فأجابه ذكوان مولى بني هاشم :

أماط الله منهم كل رجس *** و طهرهم بذلك في المثاني

‏فما لهم سواهم من نظير *** و لا كفؤ هناك و لا مداني

[40]

أ يجعل كل جبار عنيد *** إلى الأخيار من أهل الجنان

ثم إنه كان الحسين (عليه السلام) تزوج بعائشة بنت عثمان .

و قال الحسن (عليه السلام) إن لله مدينتين إحداهما في المشرق و الأخرى في المغرب فيها خلق لله لم يهموا بمعصية الله تعالى قط و الله ما فيهما و لا بينهما حجة لله على خلقه غيري و غير أخي الحسين .

فضائل السمعاني و أبي السعادات و تاريخ الخطيب و اللفظ للسمعاني , قال أسامة بن زيد : جاء الحسن بن علي (عليه السلام) إلى أبي بكر و هو على منبر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) فقال انزل عن مجلس أبي قال صدقت إنه مجلس أبيك ثم أجلسه في حجره و بكى فقال علي و الله ما كان هذا عن أمري قال صدقتك و الله ما اتهمتك .

و في رواية الخطيب : إنه قال الحسين (عليه السلام) لعمر انزل عن منبر أبي و اذهب إلى منبر أبيك فقال عمر لم يكن لأبي منبر قال (عليه السلام) فأخذني و أجلسني معه ثم سألني من علمك هذا فقلت و الله ما علمني أحد .

و من أصحابه (عليه السلام) : عبد الله بن جعفر الطيار و مسلم بن عقيل و عبيد الله بن العباس و حبابة بنت جعفر الوالبية و حذيفة بن أسيد و الجارود بن أبي بشر و الجارود بن المنذر و قيس بن أشعث بن سوار و سفيان بن أبي ليلى الهمداني و عمرو بن قيس المشرقي و أبو صالح كيسان بن كليب و أبو مخنف لوط بن يحيى الأزدي و مسلم بن بطين و أبو رزين مسعود بن أبي وائل و هلال بن يساف و أبو إسحاق بن كليب السبيعي .

و أصحابه من خواص أبيه : مثل حجر و رشيد و رفاعة و كميل و المسيب و قيس و ابن واثلة و ابن الحمق و ابن أرقم و ابن صرد و ابن عقلة و جابر و الدؤلي و حبة و عباية و جعيد و سليم و حبيب بن قيس و الأحنف و الأصبغ و الأعور مما لا يحصى كثرة .

الحسن بن علي ميزانه في الحساب... .

[41]

الكميت :

و وصي الوصي ذو الحطة الفضل *** و مردي الخصوم يوم الخصام

ابن بابك :

فأنتم للوصي البر نسل *** و أنتم للنبي الطهر آل

‏أبوكم حامل العزم المؤدي *** و قد أردى على الرشد الضلال

‏و أمكم البتول و في علي *** غلا الغالون و اتسع المقال

‏أذل الشرك فاعتلت قواه *** و من ضرب على الجن الحجال

‏فمشى الأسد في ربق المواشي *** و ساق الربد تقطرها الحبال

مهيار :

و إذا قريش طاولت بفخارها *** في عصر إيمان و عهد فسوق

‏بنتم بما بانت على أخواتها *** بمنى ليالي النحر و التشريق

‏يتوارثون الأرض إرث فريضة *** و يملكون الناس ملك حقوق

سديف :

أنتم يا بني علي ذوو الحق *** و أهلوه و الفعال الزكي

‏بكم يهتدى من الغي و الناس *** جميعا سواكم أهل غي

‏منكم يعرف الإمام و فيكم *** لا أخو تيمها و لا من عدي

ابن حماد :

يا أهل بيت رسول الله إنكم *** لأشرف الخلق جدا غاب أو آبا

أعطاكم الله ما لم يعطه أحدا *** حتى دعيتم لعظم الفضل أربابا

أشباحكم كن في بدو الضلال له *** دون البرية خزانا و حجابا

و أنتم الكلمات اللاي لقنها *** جبريل آدم عند الذنب إذ تابا

و أنتم قبلة الدين الذي جعلت *** للقاصدين إلى الرحمن محرابا

صلى الإله على أرواحكم و سقى *** أجداثكم ودق الوسمي سكابا

[42]

فصل في وفاته و زيارته (عليه السلام) :

لما تم من إمارة معاوية عشر سنين و عزم على البيعة ليزيد دس إلى جعدة بنت الأشعث زوجة الحسن (عليه السلام) إني مزوجك من يزيد ابني على أن تسمي الحسن و بعث إليها مائة ألف درهم فقتلته و سمته فسوغها المال و لم يزوجها من يزيد فخلف عليها رجل من آل طلحة فأولدها و كان إذا جرى كلام عيروهم و قالوا يا بني مسمة الأزواج .

كتاب الأنوار : أنه قال (عليه السلام) سقيت السم مرتين و هذه الثالثة .

و قيل إنه سقى برادة الذهب .

روضة الواعظين في حديث عمر بن إسحاق : أن الحسن قال لقد سقيت السم مرارا ما سقيت مثل هذه المرة لقد قطعت قطعة قطعة من كبدي فجعلت أقلبها بعود معي .

و في رواية عبد الله البخاري : أنه قال يا أخي إني مفارقك و لاحق بربي و قد سقيت السم و رميت بكبدي في الطشت و إنني لعارف بمن سقاني و من أين دهيت و أنا أخاصمه إلى الله عز و جل فقال له الحسين (عليه السلام) و من سقاكه قال ما تريد به أ تريد أن تقتله إن يكن هو هو فالله أشد نقمة منك و إن لم يكن هو فما أحب أن يؤخذ بي بري‏ء و في خبر فبحقي عليك أن تكلمت في ذلك بشي‏ء و أنتظر ما يحدث الله في و في خبر و بالله أقسم عليك أن تهريق في أمري محجمة من دم .

ابن حماد :

سعى في قتله الرجس ابن هند *** ليشفي منه أحقادا و وغما

و أطمع فيه جعدة أم عبس *** و لم يوف بها فسقته سما

و له :

لمن ذا من بني الزهراء أبكي *** بدمع هامر و دم غزير

أ للمسموم بالأحقاد أبكي *** أم المقتول ذي النحر النحير

العلوي :

شاعوا بقتل علي وسط قبلته *** حقدا و ثنوا بسم لابنه الحسن

[43]

و أظهروا ويلهم رأس الحسين على *** رمح يطاف به في سائر المدن

‏هذا لأن رسول الله جدهم *** أوصى بحفظهم في السر و العلن

الصقر البصري :

لو أن عينك عاينت بعض الذي ببنيك حل لقد رأيت فظايعا

أما ابنك الحسن الزكي فإنه *** لما مضيت سقوه سما ناقعا

هروا به كبدا لديك كريمة *** منه و أحشاء به و أضالعا

و سقوا حسينا بالطفوف على الظمإ *** كاس المنية فاحتساها جارعا

قتلوه عطشانا بعرصة كربلاء *** و سبوا حلائله و خلف ضائعا

جسدا بلا رأس يمد على الثرى *** رجلا له و يكف أخرى نازعا

ربيع الأبرار عن الزمخشري و العقد عن ابن عبد ربه أنه : لما بلغ معاوية موت الحسن بن علي : سجد و سجد من حوله و كبر و كبروا معه .

فدخل عليه ابن عباس , فقال له : يا ابن عباس , أ مات أبو محمد ?

قال : نعم رحمه الله , و بلغني تكبيرك و سجودك ; أما و الله ما يسد جثمانه حفرتك و لا يزيد انقضاء أجله في عمرك .

قال : حسبته ترك صبية صغارا و لم يترك عليهم كثير معاش .

فقال : إن الذي وكلهم إليه غيرك .

و في رواية : كنا صغارا فكبرنا .

قال : فأنت تكون سيد القوم ?

قال : أما أبو عبد الله الحسين بن علي (عليه السلام) باق .

للفضل بن عباس :

أصبح اليوم ابن هند آمنا *** ظاهر النخوة إذ مات الحسن

‏رحمة الله عليه إنما *** طالما أشجى ابن هند و أرن

‏استراح القوم منه بعده *** إذ ثوى رهنا لأجداث الزمن

‏فارتع اليوم ابن هند آمنا *** أينما يقمص بالعير السمن

و حكى : أن الحسن (عليه السلام) لما أشرف على الموت , قال له الحسين (عليه السلام) : أريد أن

[44]

أعلم حالك يا أخي .

فقال له الحسن : سمعت النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) لا يفارق العقل منا أهل البيت ما دام الروح فينا فضع يدك في يدي حتى عاينت ملك الموت أغمز يدك فوضع يده في يده فلما كان بعد ساعة غمز يده غمزا خفيفا ; فقرب الحسين أذنه إلى فمه , فقال : قال لي ملك الموت أبشر فإن الله عنك راض و جدك شافع .

و كان الحسن (عليه السلام) أوصى يجدد عهده عند جده ; فلما مضى لسبيله غسله الحسين و كفنه و حمله على سريره .

فلما توجه بالحسن إلى قبر جده , أقبلوا إليهم في جمعهم ; و جعل مروان يقول : يا رب هيجاء هي خير من دعة ; أ يدفن عثمان في أقصى المدينة و يدفن الحسن مع النبي أما لا يكون ذلك أبدا و أنا أحمل السيف .

فبادر ابن عباس و كثر مقالا , حتى قال : ارجع من حيث جئت فإنا لا نريد دفنه هاهنا ; و لكنا نريد أن نجدد عهدا بزيارته ثم نرده إلى جدته فاطمة فندفنه عندها بوصيته ; فلو كان وصى بدفنه مع النبي لعلمت أنك أقصر باعا من ردنا عن ذلك لكنه كان أعلم بحرمة قبره من أن يطرق عليه هدما .

و رموا بالنبال جنازته حتى سل منها سبعون نبلا .

ابن حماد :

فنازعه أناس لم يذوقوا *** و حق الله للإسلام طعما

أ يدفن جنب أحمد أجنبي *** و يمنع سبطه منه و يحمى

‏أ لم يكن ابنه الحسن الزكي *** له لحما بلى و دما و عظما

الصقر البصري :

و أتوا به ليضاجعوك بجسمه *** فأتاه قوم مانعوه فمانعا

منعوا أعز الخلق منك قرابة *** و رضوا بجسمك للغريب مضاجعا

قال ابن عباس : فأقبلت عائشة في أربعين راكبا على بغل مرحل و هي تقول ما لي و لكم ; تريدون أن تدخلوا بيتي من لا أهوى و لا أحب .

فقال ابن عباس بعد كلام : جملت و بغلت و لو عشت تفيلت .

الصقر البصري :

و يوم الحسن الهادي *** على بغلك أسرعت

[45]

و مايست و مانعت *** و خاصمت و قاتلت

‏و في بيت رسول الله *** بالظلم تحكمت

‏هل الزوجة أولى *** بالمواريث من البنت

‏لك التسع من الثمن *** فبالكل تحكمت

‏تجملت تبغلت *** و لو عشت تفيلت

و قال الحسين (عليه السلام) لما وضع الحسن في لحده :

أ أدهن رأسي أم تطيب مجالسي *** و رأسك معفور و أنت سليب‏

أو أستمتع الدنيا لشي‏ء أحبه *** ألا كل ما أدنى إليك حبيب

‏فلا زلت أبكي ما تغنت حمامة *** عليك و ما هبت صبا و جنوب

‏و ما هملت عيني من الدمع قطرة *** و ما اخضر في دوح الحجاز قضيب

‏بكائي طويل و الدموع غزيرة *** و أنت بعيد و المزار قريب

‏غريب و أطراف البيوت تحوطه *** ألا كل من تحت التراب غريب

‏و لا يفرح الباقي خلاف الذي *** مضى و كل فتى للموت فيه نصيب

‏فليس حريبا من أصيب بماله *** و لكن من وارى أخاه حريب

‏نسيبك من أمسى يناجيك طرفه *** و ليس لمن تحت التراب نسيب

و له أيضا (عليه السلام) :

إن لم أمت أسفا عليك فقد *** أصبحت مشتاقا إلى الموت

سليمان بن قمة :

ما كذب الله من نعى حسنا *** ليس لتكذيب نعيه حسن

‏كنت خليلي و كنت خالصتي *** لكل حي من أهله سكن

‏أجول في الدار لا أراك و في *** الدار أناس جوارهم غبن

‏بدلتهم منك ليت أنهم *** أضحوا و بيني و بينهم عدن

[46]

دعبل :

تعز بمن قد مضى سلوة *** و إن العزاء يسلي الحزن

‏بموت النبي و قتل الوصي *** و ذبح الحسين و سم الحسن

منبه الصوفي :

محن الزمان سحائب متراكمه *** عين الحوادث بالفواجع ساجمه

‏فإذا الهموم تراكمتك فسلها *** بمصاب أولاد البتولة فاطمه

الصادق (عليه السلام) : بينا الحسن يوما في حجر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) إذ رفع رأسه فقال يا أبت ما لمن زارك بعد موتك ?

فقال : يا بني من أتاني زائرا بعد موتي فله الجنة ; و من أتى أباك زائرا بعد موته فله الجنة ; و من أتاك زائرا بعد موتك فله الجنة .

باب في إمامة أبي عبد الله الحسين (عليه السلام)

فصل في المقدمات :

الحمد لله العالم بدقيق الأمور و جليله المنعم بكثير الخير و قليله الرحمن العاطف بستر الذنب العظيم و رذيله هدى المؤمن بظاهر برهانه و نير دليله و جمع لباس سنة نبيه و ملة خليله ثم قال و إن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه و لا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله و قال أبو عبد الله (عليه السلام) و قد ذكر عنده الحسين (عليه السلام) و الذين آمنوا و اتبعتهم ذريتهم و قال عز و جل وَ أَنَّ هذا صِراطِي مُسْتَقِيماً و قال وَ هذَا النَّبِيُّ * وَ الَّذِينَ آمَنُوا * وَ اللَّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ أي الأئمة .

الأعرج عن أبي هريرة قال : سألت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) عن قوله وَ جَعَلَها كَلِمَةً باقِيَةً فِي عَقِبِهِ قال جعل الإمامة في عقب الحسين يخرج من صلبه تسعة من الأئمة منهم مهدي هذه الأمة .

المفضل بن عمر قال : سألت الصادق (عليه السلام) عن هذه الآية قال يعني بهذه الآية الإمامة جعلها في عقب الحسين إلى يوم القيامة فقلت كيف صارت في ولد الحسين دون ولد الحسن فقال إن موسى و هارون كانا نبيين و مرسلين أخوين فجعل الله النبوة في صلب هارون دون صلب موسى ثم ساق الحديث إلى قوله و هو

[47]

الحكيم في أفعاله لا يسئل عما يفعل و هم يسئلون .

السدي قوله فِي عَقِبِهِ أي في آل محمد أي نولي بهم إلى يوم القيامة و نتبرأ من أعدائهم إليها .

حماد بن عيسى الجهني عن الصادق (عليه السلام) قال : لا تجتمع الإمامة في أخوين بعد الحسن و الحسين إنما هي في الأعقاب و أعقاب الأعقاب .

زيد بن علي في هذه الآية : لا تصلح الخلافة إلا فينا .

و في الخبر ... لما حضرت الحسين (عليه السلام) الوفاة لم يجز له أن يردها إلى ولد أخيه لقول الله تعالى وَ أُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللَّهِ فكان ولده أقرب إليه رحما من ولد أخيه و أولاده هكذا أولى بها فأخرجت هذه الآية ولد الحسن عن الإمامة و صيرتها إلى ولد الحسين فهي فيهم أبدا إلى يوم القيامة و لقول الله تعالى وَ مَنْ قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنا لِوَلِيِّهِ سُلْطاناً فكان علي بن الحسين بدم أبيه أولى و بالقيام به أحرى .

back page fehrest page next page