إليكم من مالك الضرغام *** ضرب فتى يحمي عن الكرام
يرجو ثواب الله ذي الإنعام
ثم برز أبو ثمامة الصائدي و قال :
عزاء لآل المصطفى و بناته *** على حبس خير الناس سبط محمد
[105]
عزاء لزهراء النبي و زوجها *** خزانة علم الله من بعد أحمد
عزاء لأهل الشرق و الغرب كلهم *** و حزنا على حبس الحسين المسدد
فمن مبلغ عني النبي و بنته *** بأن ابنكم في مجهد أي مجهد
ثم برز إبراهيم بن الحصين الأسدي يرتجز :
أضرب منكم مفصلا و ساقا *** ليهرق اليوم دمي إهراقا
و يرزق الموت أبو إسحاقا *** أعني بني الفاجرة الفساقا
فقتل منهم أربعة و ثمانين رجلا .
قال أبو مخنف : و برز عمرو بن قرظة الأنصاري و هو يقول :
قد علمت كتيبة الأنصار *** أني سأحمي حوزة الذمار
ضرب غلام غير نكس شار *** دون حسين مهجتي و داري
ثم برز أحمد بن محمد الهاشمي و هو ينشد :
اليوم أبلو حسبي و ديني *** بصارم تحمله يميني
أحمي به يوم الوغى عن ديني
و أول من برز من بني هاشم : عبد الله بن مسلم , و هو يقول :
اليوم ألقى مسلما و هو أبي *** و فتية بادوا على دين النبي
ليسوا بقوم عرفوا بالكذب *** لكن خيار و كرام النسب
من هاشم السادات أهل الحسب
فقاتل حتى قتل ثمانية و تسعين رجلا بثلاث حملات , ثم قتله عمرو بن صبيح الصيداوي و أسد بن مالك .
ثم برز جعفر بن عقيل قائلا :
أنا الغلام الأبطحي الطالبي *** من معشر في هاشم من غالب
و نحن حقا سادة الذوائب *** هذا حسين أطيب الأطايب
فقتل رجلين و في قول خمسة عشر فارسا ; قتله بشر بن سوط الهمداني .
ثم برز عبد الرحمن بن عقيل و هو يرتجز :
[106]
أبي عقيل فاعرفوا مكاني *** من هاشم و هاشم إخواني
كهول صدق سادة الأقران *** هذا حسين شامخ البنيان
و سيد الشيب مع الشبان
فقتل سبعة عشر فارسا ; قتله عثمان بن خالد الجهني .
ثم برز محمد بن عبد الله بن جعفر و هو ينشد :
أشكو إلى الله من العدوان *** فعال قوم في الردى عميان
قد بدلوا معالم القرآن *** و محكم التنزيل و التبيان
و أظهروا الكفر مع الطغيان
فقتل عشرة أنفس ; قتله عامر بن نهشل التميمي .
ثم برز أخوه عون قائلا :
إن تنكروني فأنا ابن جعفر *** شهيد صدق في الجنان أزهر
يطير فيها بجناح أخضر *** كفى بهذا شرفا في المحشر
فقتل ثلاثة فوارس و ثمانية عشر راجلا ; قتله عبد الله بن قطنة الطائي .
و روي : أن عبيد الله بن عبد الله أخاه ; قتله بشر بن حويطر القانصي .
و روي : أن عبد الله بن عقيل الأكبر , قاتل ; فقتله عثمان بن خالد الجهني .
و روي : أنه قاتل محمد بن مسلم فطعنه أبو مريم الأزدي .
و روي : أنه قاتل محمد بن سعيد الأحول بن عقيل ; فقتله لقيط بن ياسر الجهني رماه بنبل في جنبه .
ثم برز عبد الله بن الحسن بن علي (عليه السلام) و هو يقول :
إن تنكروني فأنا فرع الحسن *** سبط النبي المصطفى المؤتمن
هذا الحسين كالأسير المرتهن *** بين أناس لا سقوا صوب المزن
فقتل أربعة عشر رجلا ; قتله هاني بن شبيب الحضرمي فاسود وجهه .
ثم برز أخوه القاسم , و عليه ثوب و إزار و نعلان فقط , و كأنه فلقة قمر , و أنشأ يقول :
إني أنا القاسم من نسل علي *** نحن و بيت الله أولى بالنبي
من شمر ذي الجوشن أو ابن الدعي
فقتله ; عمر بن سعيد الأزدي فخر , و صاح يا عماه , فحمل عليه الحسين فقطع يده و سلبه أهل الشام من يد الحسين ; فوقف الحسين على رأسه , و قال : عز على عمك أن تدعوه فلا يجيبك أو يجيبك فلا تنفعك إجابته .
[107]
ثم برز أبو بكر بن علي (عليه السلام) قائلا :
شيخي علي ذو الفخار الأطول *** من هاشم الخير الكريم المفضل
هذا حسين ابن النبي المرسل *** عنه نحامي بالحسام المصقل
تفديه نفسي من أخي مبجل
فلم يزل يقاتل حتى قتله : زجر بن بدر الجحفي , و يقال عقبة الغنوي .
ثم برز أخوه عمر و هو يرتجز :
خلوا عداة الله خلوا من عمر *** خلوا عن الليث الهصور المكفهر
يضربكم بسيفه و لا يفر *** يا زجر يا زجر تدان من عمر
و قتل زجرا قاتل أخيه , ثم دخل حومة الحرب .
ثم برز أخوه عثمان و هو ينشد :
إني أنا عثمان ذو المفاخر *** شيخي علي ذو الفعال الطاهر
هذا حسين سيد الأخاير *** و سيد الصغار و الأكابر
بعد النبي و الوصي الناصر
رماه خولي بن يزيد الأصبحي على جنبه فسقط عن فرسه و حز رأسه رجل من بني أبان بن حازم .
ثم برز أخوه جعفر منشدا :
إني أنا جعفر ذو المعالي *** ابن علي الخير ذو النوال
ذاك الوصي ذو السنا و الوالي *** حسبي بعمي جعفر و الخال
أحمي حسينا ذا الندى المفضال
رماه خولي الأصبحي فأصاب شقيقته أو عينه .
ثم برز أخوه عبد الله قائلا :
أنا ابن ذي النجدة و الإفضال *** ذاك علي الخير ذو الفعال
سيف رسول الله ذو النكال *** في كل يوم ظاهر الأهوال
قتله هاني بن شبيب الحضرمي .
و روي أنه خرج أخوه القاسم فقال :
يا عصبة جارت على نبيها *** و كدرت من عيشها ما قد نقي
في كل يوم تقتلون سيدا *** من أهله ظلما و ذبحا من قفا
فضرب على رأسه عمرو بن سعيد الأزدي فحمل عليه الحسين و ضربه ثم
[108]
أتى الغلام و هو يفحص برجله , فقال : بعدا لقوم قتلوك و خصمهم يوم القيامة فيك جدك .
و كان العباس السقاء قمر بني هاشم صاحب لواء الحسين و هو أكبر الإخوان مضى بطلب الماء فحملوا عليه و حمل هو عليهم و جعل يقول :
لا أرهب الموت إذ الموت رقى *** حتى أوارى في المصاليت لقى
نفسي لنفس المصطفى الطهر وقا *** إني أنا العباس أغدو بالسقا
و لا أخاف الشر يوم الملتقى
ففرقهم , فكمن له زيد بن ورقاء الجهني من وراء نخلة و عاونه حكيم بن طفيل السنبسي فضربه على يمينه .
فأخذ السيف بشماله , و حمل عليهم و هو يرتجز :
و الله إن قطعتم يميني *** إني أحامي أبدا عن ديني
و عن إمام صادق اليقين *** نجل النبي الطاهر الأمين
فقاتل حتى ضعف , فكمن له الحكيم بن الطفيل الطائي من وراء نخلة فضربه على شماله.
فقال :
يا نفس لا تخشي من الكفار *** و أبشري برحمة الجبار
مع النبي السيد المختار *** قد قطعوا ببغيهم يساري
فأصلهم يا رب حر النار
فقتله الملعون بعمود من حديد .
فلما رآه الحسين مصروعا على شط الفرات بكى و أنشأ يقول :
تعديتم يا شر قوم بفعلكم *** و خالفتم قول النبي محمد
أ ما كان خير الرسل وصاكم بنا *** أ ما نحن من نسل النبي المسدد
أ ما كانت الزهراء أمي دونكم *** أ ما كان من خير البرية أحمد
لعنتم و أخزيتم بما قد جنيتم *** فسوف تلاقوا حر نار توقد
ثم برز قاسم بن الحسين و هو يرتجز و يقول :
[109]
إن تنكروني فأنا ابن حيدره *** ضرغام آجام و ليث قسوره
على الأعادي مثل ريح صرصره *** أكيلكم بالسيف كيل السندره
ثم تقدم علي بن الحسين الأكبر (عليه السلام) و هو ابن ثمان عشرة سنة و يقال ابن خمس و عشرين و كان يشبه برسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) خلقا و خلقا و نطقا و جعل يرتجز و يقول :
أنا علي بن الحسين بن علي *** من عصبة جد أبيهم النبي
نحن و بيت الله أولى بالوصي *** و الله لا يحكم فينا ابن الدعي
أضربكم بالسيف أحمي عن أبي *** أطعنكم بالرمح حتى ينثني
طعن غلام هاشمي علوي
فقتل سبعين مبارزا , ثم رجع إلى أبيه و قد أصابته جراحات ; فقال : يا أبة العطش .
فقال الحسين (عليه السلام) : يسقيك جدك .
فكر أيضا عليهم , و هو يقول :
الحرب قد بانت لها حقائق *** و ظهرت من بعدها مصادق
و الله رب العرش لا نفارق *** جموعكم أو تغمد البوارق
فطعنه مرة بن منقذ العبدي على ظهره غدرا فضربوه بالسيف .
فقال الحسين : على الدنيا بعدك العفا , و ضمه إلى صدره و أتى به إلى باب الفسطاط ; فصارت أمه شهربانويه و لهي تنظر إليه و لا تتكلم .
فبقي الحسين وحيدا , و في حجره علي الأصغر ; فرمي إليه بسهم فأصاب حلقه , فجعل الحسين (عليه السلام) : يأخذ الدم من نحره فيرميه إلى السماء ; فما يرجع منه شيء , و يقول : لا يكون أهون عليك من فصيل .
ثم قال (عليه السلام) ائتوني بثوب لا يرغب فيه ألبسه غير ثيابي لا أجرد فإني مقتول مسلوب .
فأتوه بتبان , فأبى أن يلبسه , و قال : هذا لباس أهل الذمة .
ثم أتوه بشيء أوسع منه دون السراويل و فوق التبان , فلبسه .
ثم ودع النساء و كانت سكينة تصيح فضمها إلى صدره و قال :
سيطول بعدي يا سكينة فاعلمي *** منك البكاء إذا الحمام دهاني
لا تحرقي قلبي بدمعك حسرة *** ما دام مني الروح في جثماني
[110]
و إذا قتلت فأنت أولى بالذي *** تأتينه يا خيرة النسوان
ثم برز (عليه السلام) , فقال : يا أهل الكوفة قبحا لكم و ترحا و بؤسا لكم و تعسا حين استصرختمونا ولهين فأتيناكم موجفين فشحذتم علينا سيفا كان في أيماننا و حششتم لأعدائكم من غير عدل أفشوه فيكم و لا ذنب كان منا إليكم فهلا لكم الويلات إذ كرهتمونا تركتمونا و السيف مشيم و الجأش طامن و الرأي لما يستحصد لكنكم أسرعتم إلى بيعتنا كسرع الدبا و تهافتم إليها كتهافت الفراش ثم نقضتموها سفها و ضلة و فتكا لطواغيت الأمة و بقية الأحزاب و نبذة الكتاب ثم أنتم تتخاذلون عنا و تقتلوننا ألا لعنة الله على الظالمين .
قال : ثم أنشأ :
كفر القوم و قدما رغبوا *** ...الأبيات .
ثم استوى على راحلته و قال :
أنا ابن علي الخير من آل هاشم *** ...الأبيات .
ثم حمل على الميمنة و قال :
الموت خير من ركوب العار *** و العار أولى من دخول النار
ثم حمل على الميسرة و قال :
أنا الحسين بن علي *** أحمي عيالات أبي
آليت أن لا أنثني *** أمضي على دين النبي
و جعل يقاتل حتى قتل ألف و تسعمائة و خمسين سوى المجروحين .
فقال عمر بن سعد لقومه : الويل لكم , أ تدرون من تبارزون ? هذا ابن الأنزع البطين . هذا ابن قتال العرب . فاحملوا عليه من كل جانب .
فحملوا بالطعن مائة و ثمانين ; و أربعة آلاف بالسهام .
قال الطبري قال أبو مخنف عن جعفر بن محمد بن علي (عليه السلام) قال : وجدنا بالحسين (عليه السلام) ثلاثا و ثلاثين طعنة و أربعا و ثلاثين ضربة .
و قال الباقر (عليه السلام) : أصيب (عليه السلام) و وجد به ثلاثمائة و بضعة و عشرين طعنة برمح أو ضربة بسيف أو رمية بسهم .
[111]
و روي ثلاثمائة و ستون جراحة و قيل ثلاثا و ثلاثين ضربة سوى السهام و قيل ألف و تسعمائة جراحة ; و كانت السهام في درعه كالشوك في جلد القنفذ و روي أنها كانت كلها في مقدمه .
العوني :
يا سهاما بدم ابن المصطفى منقسمات *** و رماحا في ضلوع ابن النبي متصلات
فقال شمر : ما وقوفكم ? و ما تنتظرون بالرجل ? و قد أثخنته السهام ; احملوا عليه , ثكلتكم أمهاتكم .
فحملوا عليه من كل جانب ; فرماه أبو الحنوق الجعفي في جبينه ; و الحصين بن نمير في فيه ; و أبو أيوب الغنوي بسهم مسموم في حلقه .
فقال (عليه السلام) : بسم الله , و لا حول و لا قوة إلا بالله , و هذا قتيل في رضا الله .
و كان ضربه زرعة بن شريك التميمي على كتفه الأيسر ; و عمرو بن الخليفة الجعفي على حبل عاتقه ; و كان طعنه صالح بن وهب المزني على جنبه ; و كان رماه سنان بن أنس النخعي في صدره ; فوقع على الأرض , و أخذ دمه بكفيه و صبه على رأسه مرارا .
فدنا منه عمر , و قال : حزوا رأسه .
فقصد إليه نصر بن خرشة فجعل يضربه بسيفه ; فغضب عمر , و قال لخولي بن يزيد الأصبحي : انزل فحز رأسه .
فنزل , و حز رأسه .
و سلب الحسين ما كان عليه : فأخذ عمامته جابر بن يزيد الأزدي ; و قميصه إسحاق بن حوى ; و ثوبه جعونة بن حوية الحضرمي ; و قطيفته من خز قيس بن الأشعث الكندي ; و سراويله بحير بن عمير الجرمي ; و يقال أخذ سراويله أبحر بن كعب التميمي ; و القوس و الحلل الرحيل بن خيثمة الجعفي و هاني بن شبيب الحضرمي و جرير بن مسعود الحضرمي ; و نعليه الأسود الأوسي ; و سيفه رجل من بني نهشل من بني دارم ; و يقال : الأسود بن حنظلة ; فأحرقهم المختار بالنار .
و انتدب عشرة : و هم إسحاق بن يحيى الحضرمي , و هاني بن شبيت الحضرمي , و أدلم بن ناعم , و أسد بن مالك , و الحكيم بن طفيل الطائي , و الأخنس بن مرثد , و عمرو بن صبيح المذحجي , و رجاء بن منقذ العبدي , و صالح بن وهب اليزني , و سالم بن خيثمة الجعفي ; فوطئوه بخيلهم .
[112]
.
الرضا :
كأن بيض المواضي و هي تنهبه *** نار تحكم في جسم من النور
لله ملقى على الرمضاء غص به *** فيم الردى بعد إقدام و تشمير
تحنو عليه الظباء ظلا و تستره *** عن النواظر أذيال الأعاصير
و خر للموت لا كف يقلبه *** إلا بوطء من الجرد المحاضير
و دفن جثثهم بالطف : أهل الغاضرية من بني أسد بعد ما قتلوه بيوم ; و كانوا يجدون لأكثرهم قبورا , و يرون طيورا بيضا .
و كان عمر بن سعد صلى على المقتولين من عسكره و دفنهم قال الطبري : كانوا ثمانية و ثمانين رجلا .
و قصد شمر إلى الخيام فنهبوا ما وجدوا حتى قطعت أذن أم كلثوم لحلقة .
قال أبو مخنف : جاءت كندة إلى ابن زياد بثلاثة عشر رأسا و صاحبهم قيس بن الأشعث ; و جاءت هوازن بعشرين رأسا و صاحبهم شمر بن ذي الجوشن ; و جاءت بنو تميم بتسعة عشر رأسا ; و جاءت بنو أسد بتسعة رءوس ; و جاء سائر الجيش بتسعة رءوس ; فذلك سبعون رأسا ; و جاء برأس الحسين خولي بن يزيد الأصبحي ; و جاءوا بالحرم أسارى إلا شهربانويه فإنها أتلفت نفسها في الفرات .
و اختلفوا في عدد المقتولين من أهل البيت فالأكثرون على أنهم كانوا سبعة و عشرين :
تسعة من بني عقيل : مسلم , و جعفر , و عون , و عبد الرحمن , و محمد بن مسلم , و عبد الله بن مسلم , و جعفر بن محمد بن عقيل , و محمد بن أبي سعيد بن عقيل .
و ثلاثة من ولد جعفر : محمد بن عبد الله بن جعفر , و عون الأكبر بن عبد الله , و عبد الله بن عبد الله .
و تسعة من ولد أمير المؤمنين : الحسين , و العباس , و يقال و ابنه محمد بن العباس , و عمر , و عثمان , و جعفر , و إبراهيم , و عبد الله الأصغر , و محمد الأصغر , و أبو بكر شك في قتله .
و أربعة من بني الحسن : أبو بكر , و عبد الله , و القاسم , و قيل بشر , و قيل عمر
[113]
و كان صغيرا .
و ستة من بني الحسين : مع اختلاف فيهم , على الأكبر , و إبراهيم , و عبد الله , و محمد , و حمزة , و علي , و جعفر , و عمر , و زيد , و ذبح عبد الله في حجره , و أسر الحسن بن الحسن مقطوعة يده , و لم يقتل زين العابدين لأن أباه لم يأذن له في الحرب و كان مريضا , و يقال لم يقتل محمد الأصغر بن علي بن أبي طالب لمرضه , و يقال رماه رجل من بني دارم فقتله .
و المقتولون من أصحاب الحسين في الحملة الأولى : نعيم بن عجلان , و عمران بن كعب بن حارث الأشجعي , و حنظلة بن عمرو الشيباني , و قاسط بن زهير , و كنانة بن عتيق , و عمرو بن مشيعة , و ضرغامة بن مالك , و عامر بن مسلم , و سيف بن مالك النميري , و عبد الرحمن الأرحبي , و مجمع العائذي , و حباب بن الحارث , و عمرو الجندعي , و الحلاس بن عمرو الراسبي , و سوار بن أبي عمير الفهمي , و عمار بن أبي سلامة الدالاني , و النعمان بن عمرو الراسبي , و زاهر بن عمرو مولى ابن الحمق , و جبلة بن علي , و مسعود بن الحجاج , و عبد الله بن عروة الغفاري , و زهير بن بشر الخثعمي , و عمار بن حسان , و عبد الله بن عمير , و مسلم بن كثير , و زهير بن سليم , و عبد الله , و عبيد الله : ابنا زيد البصري .
و عشرة من موالي الحسين .
و موليان : من موالي أمير المؤمنين (عليه السلام) .
و كانت زينب تقول : وا محمداه صلى عليك مليك السماء هذا حسين مرمل بالدماء صريع بكربلاء مقطع الأعضاء محزوز الرأس من القفا مسلوب العمامة و الردا ; بأبي من معسكره نهبا ; بأبي من فسطاطه مقطع بالعرا ; بأبي من لا هو غائب فيرجى و لا مريض فيداوى ; أنا الفداء للمهموم حتى مضى ; أنا الفداء للعطشان حتى قضى ; أنا الفداء لمن شيبته تقطر بالدما .
قال الطبري : لما دخل سنان على عبيد الله بن زياد أنشأ يقول :
أوقر ركابي فضة و ذهبا *** أنا قتلت الملك المحجبا
و من يصلي القبلتين في الصبا *** قتلت خير الناس أما و أبا
و خيرهم إذ ينسبون نسبا
فقال عبيد الله ما تلقى مني خيرا إلا ألحقتك به ; و أمر بقتله .
[114]
و قال الطبري و البلاذري و الكوفي : لما وضعت الرءوس بين يدي يزيد جعل يضرب بقضيبه على ثنيته ; ثم قال : يوم بيوم بدر و جعل يقول :
نفلق هاما من رجال أعزة *** علينا و هم كانوا أعق و أظلما
و قال يحيى بن الحكم أخو مروان :
لهام بجنب الطف أدنى قرابة *** من ابن زياد العبد ذي الحسب الوغل
سمية أمسى نسلها عدد الحصى *** و بنت رسول الله أمست بلا نسل
فضرب يزيد في صدر يحيى و قال اسكت لا أم لك .
فقال أبو برزة : ارفع قضيبك يا فاسق ; فو الله رأيت شفتي رسول الله مكان قضيبك يقبله .
فرفع , و هو يتدمر مغضبا على الرجل .
و زاد غيرهم في الرواية : أنه جعل يتمثل بقول ابن الزبعري يوم أحد :
ليت أشياخي ببدر شهدوا *** جزع الخزرج من وقع الأسل
لأهلوا و استهلوا فرحا *** و لقالوا يا يزيد لا تشل
قد قتلنا السبط من أسباطهم *** و عدلناه ببدر فاعتدل
لست من خندف إن لم أنتقم *** من بني أحمد ما كان فعل
لعبت هاشم بالدين فلا *** خبر جاء و لا وحي نزل
الحميري :
لم يزل بالقضيب يعلو ثنايا *** في جناها الشفاء من كل داء
قال زيد ارفعن قضيبك ارفع *** عن ثنايا غر غذي باتقاء
طالما قد رأيت أحمد يلثمها *** و كم لي بذاك من شهداء
الجوالقي :
اختال بالكبر على ربه *** يقرع بالعود ثناياه
بحيث قد كان نبي الهدى *** يلثم في قبلته فاه
الصاحب :
يقرع بالعود ثنايا لها *** كان النبي المصطفى لاثما
[115]
و في كلام عن زين العابدين (عليه السلام) : أنا علي بن الحسين المذبوح بشط الفرات عن غير دخل على ترات ; أنا ابن من انتهك حريمه ; و سلب نعيمه و انتهب ماله و سبي عياله ; أنا ابن من قتل صبرا و كفى بذلك فخرا ; ... إلى آخر كلامه ; ثم قال :
و لا غرو في قتل الحسين و شيخه *** لقد كان خير من حسين و أكرما
فلا تفرحوا يا أهل كوفة فالذي *** أصبنا به من قتله كان أعظما
قتيل بشط النهر نفسي فداؤه *** جزاء الذي أرداه نار جهنما
و من كلام لزينب بنت علي (عليها السلام) : يا أهل الكوفة و يا أهل الختر و الغدر و الختل و الخذل و المكر ; فلا رقأت الدمعة و لا هدأت الزفرة ; إنما مثلكم كمثل التي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثا ; تتخذون أيمانكم دخلا بينكم ; هل فيكم إلا الصلف و العجب و الشنف و الكذب و ملق الإماء و غمز الأعداء كمرعى على دمنة أو كقصة على ملحودة ; ألا بئس ما قدمت لكم أنفسكم ; أن سخط الله عليكم و في العذاب أنتم خالدون ... حتى انتهى كلامها إلى قولها : ألا ساء ما قدمتم لأنفسكم ; و ساء ما تزرون ليوم بعثكم ; فتعسا تعسا و نكسا نكسا ; لقد خاب السعي و تبت الأيدي و خسرت الصفقة و بؤتم بغضب من الله و ضربت عليكم الذلة و المسكنة ; أ تدرون ويلكم أي كبد لمحمد فريتم , و أي عهد نكثتم , و أي كريمة أبرزتم , و أي دم له سفكتم ; لقد جئتم شيئا إدا تكاد السماوات يتفطرن , و تنشق الأرض و تخر الجبال ; هدا لقد جئتم بها شوهاء خرقاء طلاع الأرض و السماء ; أ فعجبتم أن تمطر السماء دما و لعذاب الآخرة أخزى و هم لا ينصرون ; فلا يستخفنكم المهل فإنه عز و جل لا يحقره البدار و لا يخشى عليه فوت ثار ; كلا إن ربك لنا و لهم بالمرصاد . ثم أنشأت تقول :
ما ذا تقولون إذ قال النبي لكم *** ما ذا فعلتم و أنتم آخر الأمم
بعترتي و بأهلي بعد مفتقدي *** منهم أسارى و قتلى ضرجوا بدم
إن كان هذا جزائي إذ نصحت لكم *** أن تخلفوني بسوء في ذوي رحمي
[116]
و هذا الشعر ينسب إلى زين العابدين (عليه السلام) . و إلى أبي الأسود الدؤلي أيضا :
و خرجت أسماء بنت عقيل تنوح و تقول :
ما ذا تقولون إن قال النبي لكم *** يوم الحساب و صدق القول مسموع
خذلتم عترتي أو كنتم غيبا *** و الحق عند ولي الأمر مجموع
أسلمتموه بأيدي الظالمين فما *** منكم له اليوم عند الله مشفوع
ما كان عند عداة الطف إذ حضروا *** تلك المنايا و لا عنهن مدفوع
الكميت :
أضحكني الدهر و أبكاني *** و الدهر ذو صرف و ألوان
لتسعة بالطف قد غودروا *** صاروا جميعا رهن أكفان
و ستة لا يتجازى بهم *** بنو عقيل خير فرسان
ثم علي الخير مولاهم *** ذكرهم هيج أحزاني
الوفي السري :
أقام روح و ريحان على جدث *** ثوى الحسين به ظمآن آمينا
كأن أحشاءنا من ذكره أبدا *** تطوى على الجمر أو تخشى السكاكينا
مهلا فما نقضوا أوتار والده *** و إنما نقضوا في قتله الدينا
دعبل :
هلا بكيت على الحسين و أهله *** هلا بكيت لمن بكاه محمد
فلقد بكته في السماء ملائك *** زهر كرام راكعون و سجد
لم يحفظوا حق النبي محمد *** إذ جرعوه حرارة ما تبرد
قتلوا الحسين فأثكلوه بسبطه *** فالثكل من بعد الحسين مبدد
هذا حسين بالسيوف مبضع *** و ملطخ بدمائه مستشهد
عار بلا ثوب صريع في الثرى *** بين الحوافر و السنابك يقصد
كيف القرار و في السبايا زينب *** تدعو بفرط حرارة يا أحمد
يا جد إن الكلب يشرب آمنا *** ريا و نحن عن الفرات نطرد
[117]
يا جد من ثكلي و طول مصيبتي *** و لما أعاينه أقوم و أقعد
كشاجم :