back page fehrest page next page

ما روي في الحلية و شرف النبي و الأغاني عن محمد بن إسحاق بالإسناد عن الثمالي و عن الباقر (عليه السلام) : أنه كان علي بن الحسين يحمل جراب الخبز على ظهره بالليل فيتصدق به .

قال أبو حمزة الثمالي و سفيان الثوري : كان (عليه السلام) يقول إن صدقة السر تطفئ غضب الرب .

الحلية و الأغاني عن محمد بن إسحاق : أنه كان ناس من أهل المدينة يعيشون لا يدرون من أين معاشهم فلما مات علي بن الحسين فقدوا ما كانوا يؤتون به بالليل .

و في رواية أحمد بن حنبل عن معمر عن شيبة بن نعامة : أنه كان يقوت مائة أهل بيت و قيل كان في كل بيت جماعة من الناس .

الحلية قال : إن عائشة سمعت أهل المدينة يقولون ما فقدنا صدقة السر حتى مات علي بن الحسين .

و في رواية محمد بن إسحاق : أنه كان في المدينة كذا و كذا بيتا يأتيهم رزقهم و ما يحتاجون إليه لا يدرون من أين يأتيهم فلما مات زين العابدين فقدوا ذلك فصرخوا صرخة واحدة .

و في خبر ...عن أبي جعفر (عليه السلام) : أنه كان يخرج في الليلة الظلماء فيحمل الجراب على ظهره حتى يأتي بابا فيقرعه ثم يناول من كان يخرج إليه و كان يغطي وجهه إذا ناول فقيرا لئلا يعرفه الخبر .

و في خبر ... : أنه كان إذا جن الليل و هدأت العيون قام إلى منزله فجمع ما يبقى فيه من قوت أهله و جعله في جراب و رمى به على عاتقه و خرج إلى دور الفقراء و هو متلثم و يفرق عليهم و كثيرا ما كانوا قياما على أبوابهم ينتظرونه فإذا رأوه تباشروا به و قالوا جاء صاحب الجراب .

أبو جعفر في علل الشرائع سفيان بن عيينة : رأى الزهري علي بن الحسين (عليه السلام) في ليلة باردة مطيرة و على ظهره دقيق و حطب و هو يمشي فقال له يا ابن رسول الله ما هذا قال أريد سفرا أعد له زادا أحمله إلى موضع حريز فقال الزهري فهذا غلامي يحمله عنك فأبى فقال فأحمله عنك فإني أرفعك عن حمله فقال علي بن الحسين لكني لا أرفع نفسي عما ينجيني في سفري و يحسن ورودي على ما أرد عليه سألتك بالله لما مضيت في حاجتك و تركتني فانصرف عنه فلما كان بعد أيام قال له يا ابن رسول الله لست أرى لذلك السفر الذي ذكرته أثرا قال بلى يا زهري ليس ما

[154]

ظننت و لكنه الموت و له كنت أستعد .

حمران بن أعين عن أبي جعفر (عليه السلام) : أنه كان يعول مائة بيت من فقراء المدينة و كان يعجبه أن يحضر طعامه اليتامى و الأضراء و الزمنى و المساكين الذين لا حيلة لهم و كان يناولهم بيده و من كان منهم له عيال حمله إلى عياله من طعامه و كان لا يأكل طعاما حتى يبدأ فيتصدق به .

الحلية قال الطائي : إن علي بن الحسين (عليه السلام) كان إذا ناول الصدقة قبلها ثم ناولها .

شوف العروس عن أبي عبد الله الدامغاني : أنه كان علي بن الحسين يتصدق بالسكر و اللوز فسئل عن ذلك فقرأ قوله تعالى لَنْ تَنالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ و كان (عليه السلام) يحبه .

الصادق (عليه السلام) : أنه كان علي بن الحسين يعجب بالعنب فدخل منه إلى المدينة شي‏ء حسن فاشترت منه أم ولده شيئا و أتت به عند إفطاره فأعجبه فقبل أن يمد يده وقف بالباب سائل فقال لها احمليه إليه قالت يا مولاي بعضه يكفيه قال لا و الله و أرسله إليه كله فاشترت له من غد و أتت به فوقف السائل ففعل مثل ذلك فأرسلت فاشترت له و أتت به في الليلة الثالثة و لم يأت سائل فأكل و قال ما فاتنا منه شي‏ء و الحمد لله .

الحلية قال أبو جعفر (عليه السلام) : إن أباه علي بن الحسين قاسم الله ماله مرتين .

الزهري : لما مات زين العابدين (عليه السلام) فغسلوه وجد على ظهره محل فبلغني أنه كان يستقي لضعفة جيرانه بالليل .

الحلية قال عمرو بن ثابت : لما مات علي بن الحسين فغسلوه جعلوا ينظرون إلى آثار سواد في ظهره و قالوا ما هذا فقيل كان يحمل جرب الدقيق ليلا على ظهره يعطي فقراء أهل المدينة و في روايات أصحابنا أنه لما وضع على المغتسل نظروا إلى ظهره و عليه مثل ركب الإبل مما كان يحمل على ظهره إلى منازل الفقراء .

و كان (عليه السلام) إذا انقضى الشتاء تصدق بكسوته و إذا انقضى الصيف تصدق بكسوته و كان يلبس من خز اللباس فقيل له تعطيها من لا يعرف قيمتها و لا يليق به لباسها فلو بعتها فتصدقت بثمنها فقال إني أكره أن أبيع ثوبا صليت فيه .

[155]

السوسي :

علي الساجد للمنان *** معفر الجبهة و الأذنان

‏على السجود تالي القرآن

و مما جاء في صومه و حجه (عليه السلام) :

روي عن أبي عبد الله (عليه السلام) : أنه كان علي بن الحسين إذا كان اليوم الذي يصوم فيه يأمر بشاة فتذبح و تقطع أعضاؤها و تطبخ فإذا كان عند المساء أكب على القدور حتى يجد ريح المرقة و هو صائم ثم يقول هاتوا القصاع اغرفوا لآل فلان حتى يأتي إلى آخر القدور ثم يؤتى بخبز و تمر فيكون بذلك عشاؤه .

معتب عن الصادق (عليه السلام) قال : كان علي بن الحسين (عليه السلام) شديد الاجتهاد في العبادة نهاره صائم و ليله قائم فأضر ذلك بجسمه فقلت له يا أبة كم هذا الدءوب فقال أتحبب إلى ربي لعله يزلفني .

أبو جعفر (عليه السلام) : و لقد سألت عنه مولاة له فقالت أطنب أو أختصر فقيل بل اختصري فقالت ما أتيته بطعام نهارا و لا فرشت له فراشا ليلا قط .

و حج (عليه السلام) ماشيا فسار في عشرين يوما من المدينة إلى مكة .

زرارة بن أعين : لقد حج على ناقة عشرين حجة فما قرعها بسوط رواه صاحب الحلية عن عمرو بن ثابت .

إبراهيم الرافعي : قال التاثت عليه ناقته فرفع القضيب و أشار إليها فقال لو لا خوف القصاص لفعلت و في رواية : من القصاص , و رد يده عنها .

و قال عبد الله بن المبارك : حججت بعض السنين إلى مكة فبينما أنا سائر في عرض الحاج و إذا صبي سباعي أو ثماني و هو يسير في ناحية من الحاج بلا زاد و راحلة فتقدمت إليه و سلمت عليه و قلت له مع من قطعت البر قال مع البار فكبر في عيني فقلت يا ولدي أين زادك و راحلتك فقال زادي تقواي و راحلتي رجلاي و قصدي مولاي فعظم في نفسي فقلت يا ولدي ممن تكن قال مطلبي فقلت أبن لي فقال هاشمي فقلت أبن لي فقال علوي فاطمي فقلت يا سيدي هل قلت شيئا من الشعر

[156]

فقال نعم فقلت أنشدني شيئا من شعرك فأنشد :

لنحن على الحوض ذواده *** نذوق و نسقي وراده

‏و ما فاز من فاز إلا بنا *** و ما خاب من حبنا زاده

‏و من سرنا نال منا السرور *** و من ساءنا ساء ميلاده

‏و من كان غاصبنا حقنا *** فيوم القيامة ميعاده

ثم غاب عن عيني إلى أن أتيت مكة فقضيت حجتي و رجعت فأتيت الأبطح فإذا بحلقة مستديرة فاطلعت لأنظر من بها فإذا هو صاحبي ; فسألت عنه , فقيل : هذا زين العابدين (عليه السلام) .

و روي له (عليه السلام) :

نحن بنو المصطفى ذو غصص *** يجرعها في الأنام كاظمنا

عظيمة في الأنام محنتنا *** أولنا مبتلى و آخرنا

يفرح هذا الورى بعيدهم *** و نحن أعيادنا مآتمنا

و الناس في الأمن و السرور *** و ما يأمن طول الزمان خائفنا

و ما خصصنا به من الشرف الطا *** ئل بين الأنام آفتنا

يحكم فينا و الحكم فيه لنا *** جاحدنا حقنا و غاصبنا

بشار :

أقول لسجاد عليه جلالة *** غدا أريحيا عاشقا للمكارم

‏من الفاطميين الدعاة إلى الهدى *** جهارا و من يهديك مثل ابن فاطم

‏سراج لعين المستضي‏ء و تارة *** يكون ظلاما للعدو المزاحم

الحميري :

فذكر النبي و ذكر الوصي *** و ذكر المطهر ذي المسجد

عظام الحلوم حسان الوجوه *** و شم العرانين و المنجد

[157]

و من دنس الرجس قد طهروا *** فما ضل من بهم يهتدي

‏هم حجج الله في خلقه *** عليهم هدى كل مسترشد

بهم أحييت سنن المرسلين *** على الرغم من أنف الحسد

فمن لم يصل عليهم يخب *** إذا لقي الله بالمرصد

السوسي :

بكم يا بني الزهراء تمت صلاتنا *** و لولاكم كانت خداجا بها بتر

بكم يكشف البلوى و يستدفع الأذى *** كما بأبيكم كان يستنزل القطر

فصل في علمه و حلمه و تواضعه (عليه السلام) :

شتم بعضهم زين العابدين (عليه السلام) فقصده غلمانه فقال دعوه فإن ما خفي منا أكثر مما قالوا ثم قال له أ لك حاجة يا رجل فخجل الرجل فأعطاه ثوبه و أمر له بألف درهم فانصرف الرجل صارخا أشهد أنك ابن رسول الله .

و نال منه الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب (عليه السلام) فلم يكلمه ثم أتى منزله و صرخ به فخرج الحسن متوثبا للشر فقال (عليه السلام) يا أخي إن كنت قلت ما في فأستغفر الله منه و إن كنت قلت ما ليس في يغفر الله لك فقبل الحسن ما بين عينيه و قال بلى قلت ما ليس فيك و أنا أحق به .

و شتمه آخر فقال يا فتى إن بين أيدينا عقبة كئودا فإن جزت منها فلا أبالي بما تقول و إن أتحير فيها فأنا شر مما تقول .

ابن جعدية قال سبه (عليه السلام) رجل فسكت عنه فقال إياك أعني فقال (عليه السلام) و عنك أغضي .

و دعا (عليه السلام) مملوكه مرتين فلم يجبه ثم أجابه في الثالثة فقال (عليه السلام) له يا بني أ ما سمعت صوتي قال بلى قال فما بالك لم تجبني قال أمنتك فقال الحمد لله الذي جعل مملوكي آمنا مني .

و كانت جارية له تسكب عليه الماء فنعست فسقط الإبريق من يدها فشجه فرفع رأسه إليها فقالت إن الله تعالى يقول وَ الْكاظِمِينَ الْغَيْظَ

[158]

قال قد كظمت غيظي قالت وَ الْعافِينَ عَنِ النَّاسِ قال عفى الله عنك قالت وَ اللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ قال فاذهبي فأنت حرة لوجه الله .

و كسرت جارية له قصعة فيها طعام فاصفر وجهها فقال اذهبي فأنت حرة لوجه الله .

و كان إذا دخل عليه شهر رمضان يكتب على غلمانه ذنوبهم حتى إذا كان آخر ليلة دعاهم ثم أظهر الكتاب و قال يا فلان فعلت كذا و لم أؤذيك فيقرون أجمع فيقوم وسطهم و يقول لهم ارفعوا أصواتكم و قولوا يا علي بن الحسين ربك قد أحصى عليك ما عملت كما أحصيت علينا و لديه كتاب ينطق بالحق لا يغادر صغيرة و لا كبيرة فاذكر ذل مقامك بين يدي ربك الذي لا يظلم مثقال ذرة و كفى بالله شهيدا فاعف و اصفح يعف عنك المليك لقوله تعالى وَ لْيَعْفُوا وَ لْيَصْفَحُوا ألا تحبون أن يغفر الله لكم و يبكي و ينوح .

و كان بطال يضحك الناس فنزع رداءه من رقبته ثم مضى فلم يلتفت إليه فاتبعوه و أخذوا الرداء منه فجاءوا به فطرحوه عليه فقال لهم من هذا قالوا رجل بطال يضحك أهل المدينة فقال قولوا إن لله يوما يخسر فيه المبطلون .

و قيل إن مولى لعلي بن الحسين (عليه السلام) يتولى عمارة ضيعة له فجاء ليطلعها فأصاب فيها فسادا و تضييعا كثيرا غاظه من ذلك ما رآه و غمه فقرع المولى بسوط كان في يده فأصاب و ندم على ذلك فلما انصرف إلى منزله أرسل في طلب المولى فأتاه فوجده عاريا و السوط بين يديه فظن أنه يريد عقوبته فاشتد خوفه فأخذ علي بن الحسين السوط و مد يده إليه و قال يا هذا قد كان مني إليك ما لم يتقدم مني مثله و كانت هفوة و زلة فدونك السوط و اقتص مني فقال المولى يا مولاي و الله أن ظننت إلا أنك تريد عقوبتي و أنا مستحق للعقوبة فكيف أقتص منك قال ويحك اقتص قال معاذ الله أنت في حل و سعة فكرر ذلك عليه مرارا و المولى كل ذلك يتعاظم قوله و يحلله فلما لم يره يقتص له قال أما إذا أبيت فالضيعة صدقة عليك و أعطاه إياها .

و انتهى (عليه السلام) إلى قوم يغتابونه فوقف عليهم فقال لهم إن كنتم صادقين فغفر الله لي و إن كنتم كاذبين فغفر الله لكم .

[159]

ابن الحجاج :

ابن من ينتهي إذ افتخر الناس *** له افتخار عبد مناف

‏ابن طه و هل أتى و الحواميم *** و نون و سورة الأعراف

و مما جاء في علمه (عليه السلام) :

حلية أبي نعيم و تاريخ النسائي روي عن أبي حازم و سفيان بن عيينة و الزهري قال كل واحد منهم : ما رأيت هاشميا أفضل من زين العابدين و لا أفقه منه .

و رأى (عليه السلام) الحسن البصري عند الحجر الأسود يقص فقال (عليه السلام) يا هناه أ ترضى نفسك للموت قال لا قال فعلمك الحساب قال لا قال فثم دار العمل قال لا قال فلله في الأرض معاذ غير هذا البيت قال لا قال فلم تشغل الناس عن الطواف ثم مضى قال الحسن ما دخل مسامعي مثل هذه الكلمات من أحد قط أ تعرفون هذا الرجل قالوا هذا زين العابدين فقال الحسن ذرية بعضها من بعض .

و قال (عليه السلام) في قوله تعالى يَمْحُوا اللَّهُ ما يَشاءُ لو لا هذه الآية لأخبرتكم بما هو كائن إلى يوم القيامة .

موسى بن أبي القاسم البجلي بإسناد له : أن زين العابدين (عليه السلام) قال إنا لنعرف الرجل إذا رأيناه بحقيقة الإيمان و بحقيقة النفاق و إن شيعتنا لمكتوبون بأسمائهم و أسماء آبائهم .

و لقيه (عليه السلام) عباد البصري في طريق مكة فقال تركت الجهاد و صعوبته و أقبلت على الحج و لينه و إن الله تعالى يقول إِنَّ اللَّهَ اشْتَرى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَ أَمْوالَهُمْ ... الآية فقال (عليه السلام) اقرأ ما بعدها التَّائِبُونَ الْعابِدُونَ إلى آخرها ثم قال إذا ظهر هؤلاء لم نؤثر على الجهاد شيئا .

و كان الزهري عاملا لبني أمية فعاقب رجلا فمات الرجل في العقوبة فخرج هائما و توحش و دخل إلى غار فطال مقامه تسع سنين قال و حج علي بن الحسين فأتاه الزهري فقال له علي بن الحسين (عليه السلام) إني أخاف عليك من قنوطك ما لا أخاف عليك من ذنبك فابعث بدية مسلمة إلى أهله و اخرج إلى أهلك و معالم دينك فقال له فرجت عني يا سيدي الله أعلم حيث يجعل رسالاته و رجع إلى بيته و لزم علي بن الحسين و كان يعد من أصحابه و لذلك قال له بعض بني مروان يا زهري ما فعل نبيك يعني

[160]

علي بن الحسين (عليه السلام) .

امتحان الفقهاء رجل : كان له ثلاثة أعبد اسم كل واحد منهم ميمون فلما حضرته الوفاة قال ميمون حر و ميمون عبد و لميمون مائة دينار .

من الحر ? و من العبد ? و لمن المائة دينار ?

المعتق من هو أقدم صحبة عند الرجل .

و يقترع الباقيان فأيهما وقعت القرعة في سهمه فهو عبد للذي صار حرا .

و يبقى الثالث مدبرا لا حر و لا مملوك , و يدفع إليه المائة دينار . بالمأثور عن زين العابدين (عليه السلام) .

و روي : أن شاميا سأله (عليه السلام) عن بدء الوضوء فقال قال الله تعالى لملائكته إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً ... الآية فخافوا غضب ربهم فجعلوا يطوفون حول العرش كل يوم ثلاث ساعات من النهار يتضرعون قال فأمرهم أن يأتوا نهرا جاريا يقال له الحيوان تحت العرش فتوضئوا الخبر .

علي بن الحسين (عليه السلام) : كان آدم لما أراد أن يغشي حواء خرج بها من الحرم ثم كانا يغتسلان و يرجعان إلى الحرم .

تفسير علي بن إبراهيم بن هاشم القمي قال سعيد بن المسيب : سألت علي بن الحسين (عليه السلام) عن رجل ضرب امرأة حاملة برجله فطرحت ما في بطنها ميتا فقال (عليه السلام) إذا كان نطفة فعليه عشرين دينارا و هي التي وقعت في الرحم و استقرت فيه أربعين يوما و إن طرحته و هو علقة فإن عليه أربعين دينارا و هي التي وقعت في الرحم و استقرت فيه ثمانين يوما و إن طرحته مضغة فإن عليه ستين دينارا و هي التي إذا وقعت في الرحم استقرت فيه مائة و عشرين يوما و إن طرحته و هو نسمة مخلقة له لحم و عظم مرتل الجوارح و قد نفخ فيه روح الحياة و البقاء فإن عليه دية كاملة .

ابن بابويه في هداية المتعلمين : أن الزهري سأل زين العابدين (عليه السلام) عن الصوم فقال أربعين وجها ثم فصله كما هو المعلوم .

و سأل أبو حمزة الثمالي زين العابدين : لأي علة صار الطواف سبعة أشواط قال لأن الله تعالى قال للملائكة إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً فردوا على الله و قالوا أَ تَجْعَلُ فِيها مَنْ يُفْسِدُ فِيها وَ يَسْفِكُ الدِّماءَ وَ نَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَ نُقَدِّسُ لَكَ قال الله تعالى إِنِّي أَعْلَمُ ما لا تَعْلَمُونَ و كان لا يحجبهم عن نفسه فحجبهم الله عن نفسه سبعة آلاف عام فرحمهم فتاب عليهم و جعل لهم البيت المعمور الذي في السماء الرابعة

[161]

و جعله مثابة للملائكة و وضع البيت الحرام تحت البيت المعمور فجعله مثابة للناس و أمنا فصار الطواف سبعة أشواط لكل ألف سنة شوطا واحدا .

العقد : كتب ملك الروم إلى عبد الملك أكلت لحم الجمل الذي هرب عليه أبوك من المدينة لأغزونك بجنود مائة ألف و مائة ألف و مائة ألف .

فكتب عبد الملك إلى الحجاج : أن يبعث إلى زين العابدين (عليه السلام) و يتوعده و يكتب إليه ما يقول , ففعل .

فقال علي بن الحسين : إن لله لوحا محفوظا يلحظه في كل يوم ثلاثمائة لحظة , ليس منها لحظة إلا يحيي فيها و يميت , و يعز و يذل , و يفعل ما يشاء , و إني لأرجو أن يكفيك منها لحظة واحدة .

فكتب بها الحجاج إلى عبد الملك .

فكتب عبد الملك بذلك إلى ملك الروم .

فلما قرأه , قال : ما خرج هذا إلا من كلام النبوة .

و قلما يوجد كتاب زهد و موعظة لم يذكر فيه قال علي بن الحسين أو قال زين العابدين (عليه السلام) .

و قد روى عنه الطبري و ابن البيع و أحمد و أبو داود و صاحب الحلية و الأغاني و قوت القلوب و شرف المصطفى و أسباب نزول القرآن و الفائق و الترهيب عن الزهري و سفيان بن عيينة و نافع و الأوزاعي و مقاتل و الواقدي و محمد بن إسحاق .

أنشد أبو علي السروي :

ثم الأئمة من أولاده زهر متوجون بتيجان الهدى حنفامن جالس بكمال العلم مشتهر و قائم بغرار السيف قد زحفامطهرون كرام كلهم علم كمثل ما قيل كشافون لا كشفا

و مما جاء في تواضعه (عليه السلام) :

النسوي في التأريخ : قال نافع بن جبير لعلي بن الحسين إنك تجالس أقواما دونا .

فقال له (عليه السلام) : إني أجالس من أنتفع بمجالسته في ديني .

و قيل له (عليه السلام) : إذا سافرت كتمت نفسك أهل الرفقة .

فقال : أكره أن آخذ برسول الله ما لا أعطي مثله .

الأغاني قال نافع : قال (عليه السلام) ما أكلت بقرابتي من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) شيئا قط .

[162]

محاسن البرقي و كافي الكليني : أخبر عبد الملك أن علي بن الحسين أعتق خادمة له ثم تزوجها فكتب إليه قد علمت أنه كان في أكفائك من قريش من تمجد به الصهر و تستحبه في الولد فلا لنفسك نظرت و لا على ولدك أبقيت فأجابه (عليه السلام) ليس فوق رسول الله مرتقى في مجد و لا مستزادا في كرم و إنما كانت ملك يميني خرجت مني أراد الله عز و جل بأمر التمست ثوابه ثم نكحتها على سنته و من كان زكيا في دين الله فليس يخل به شي‏ء من أمره و قد رفع الله بالإسلام الخسيسة و تم به النقيصة و أذهب به اللؤم فلا لؤم على امرئ مسلم إنما اللؤم لؤم الجاهلية فقال سليمان يا أمير المؤمنين لشد ما فخر عليك ابن الحسين فقال يا بني لا تقل ذلك فإنها ألسن بني هاشم التي تفلق الصخر و تغرف من بحر .

و في العقد : أنه قال زين العابدين (عليه السلام) و هذا رسول الله تزوج أمته و امرأة عبده فقال عبد الملك إن علي بن الحسين يشرف من حيث يضع الناس .

و ذكر أنه كان عبد الملك يقول إنه قد تزوج بأمه و ذلك أنه (عليه السلام) كانت ربته فكان يسميها أمي .

حلية الأولياء قال يحيى بن سعيد : سمعت علي بن الحسين (عليه السلام) يقول و اجتمع عليه أناس فقالوا له ذلك القول يعني الإمامة فقال أحبونا حب الإسلام فإنه ما برح بنا حبكم حتى صار علينا عارا و في رواية الزهري ما زال حبكم لنا حتى صار شينا علينا .

و قال سفيان الثوري : ذكر لعلي بن الحسين (عليه السلام) فضله فقال حسبنا أن نكون من صالحي قومنا .

أمالي أبي عبد الله النيسابوري : قيل له إنك أبر الناس و لا تأكل مع أمك في قصعة و هي تريد ذلك فقال أكره أن تسبق يدي إلى ما سبقت إليه عينها فأكون عاقا لها فكان بعد ذلك يغطي الغضارة بطبق و يدخل يده من تحت الطبق و يأكل .

و كان (عليه السلام) : يمر على المدرة في وسط الطريق فينزل عن دابته حتى ينحيها بيده عن الطريق .

أبو عبد الله (عليه السلام) : كان علي بن الحسين يمشي مشية كأن على رأسه الطير لا

[163]

يسبق يمينه شماله .

سفيان بن عيينة قال : ما رئي علي بن الحسين قط جائزا بيديه فخذيه و هو يمشي .

عبد الله بن مسكان عن علي بن الحسين (عليه السلام) : أنه كان يدعو خدمه كل شهر و يقول إني قد كبرت و لا أقدر على النساء فمن أراد منكن التزويج زوجتها أو البيع بعتها أو العتق أعتقتها فإذا قالت إحداهن لا قال اللهم اشهد حتى يقول ثلاثا و إن سكتت واحدة منهن قال لنسائه سلوها ما تريد و عمل على مرادها .

ابن رزيك :

أئمة حق لو يسيرون في الدجى *** بلا قمر لاستصبحوا بالمناسب

‏بهم تبلغ الآمال من كل آمل *** بهم تقبل التوبات من كل تائب

فصل في كرمه و صبره و بكائه (عليه السلام) :

تاريخ الطبري قال الواقدي : كان هشام بن إسماعيل يؤذي علي بن الحسين في إمارته فلما عزل أمر به الوليد أن يوقف للناس فقال ما أخاف إلا من علي بن الحسين و قد وقف عند دار مروان و كان علي قد تقدم إلى خاصته ألا يعرض له أحد منكم بكلمة فلما مر ناداه هشام الله أعلم حيث يجعل رسالاته و زاد ابن فياض في الرواية في كتابه أن زين العابدين أنفذ إليه و قال انظر إلى ما أعجزك من مال تؤخذ به فعندنا ما يسعك فطب نفسا منا و من كل من يطيعنا فنادى هشام الله أعلم حيث يجعل رسالاته .

كافي الكليني و نزهة الأبصار عن أبي مهدي : أن علي بن الحسين (عليه السلام) مر على المجذومين و هو راكب حمار و هم يتغدون فدعوه إلى الغداء فقال إني صائم و لو لا أني صائم لفعلت فلما صار إلى منزله أمر بطعام فصنع و أمر أن يتنوقوا فيه ثم دعاهم فتغدوا عنده و تغدى معهم .

back page fehrest page next page