back page fehrest page next page

و في رواية : أنه تنزه عن ذلك لأنه كان كسرا من الصدقة لكونه حراما عليه .

الحلية : عاد علي بن الحسين (عليه السلام) محمد بن أسامة بن زيد في مرضه فجعل يبكي فقال علي ما شأنك قال علي دين قال كم هو قال خمسة عشر ألف دينار قال فهو

[164]

علي .

و قد روينا ذلك في باب الحسين مع أبيه

الكافي عيسى بن عبد الله قال : احتضر عبد الله فاجتمع غرماؤه فطالبوه بدين لهم فقال لا مال عندي أعطيكم و لكن ارضوا بمن شئتم من ابني عمي علي بن الحسين و عبد الله بن جعفر فقال الغرماء عبد الله بن جعفر ملي مطول و علي بن الحسين رجل لا مال له صدوق فهو أحب إلينا فأرسل إليه فأخبره الخبر فقال (عليه السلام) أضمن لكم المال إلى غلة و لم تكن له غلة تجملا قال فقال القوم قد رضينا و ضمنه فلما أتت الغلة أتاح الله له المال فأوفاه .

الحلية قال سعيد بن مرجانة : عمد علي بن الحسين إلى عبد له كان عبد الله بن جعفر أعطاه به عشرة آلاف درهم أو ألف دينار فأعتقه .

و خرج زين العابدين و عليه مطرف خز فتعرض له سائل فتعلق بالمطرف فمضى و تركه .

ابن الحجاج :

أنت الإمام الذي لو لا ولايته *** ما صح في العدل و التوحيد معتقدي

‏و أن أنت مكان النور من بصري *** يا سيدي و محل الروح من جسدي

‏أعيذ قلبك من واش يغلظه *** بقل هو الله لم يولد و لم يلد

و مما جاء في صبره (عليه السلام) :

أنهي إلى علي بن الحسين (عليه السلام) أن مشرفا استعمل على المدينة و أنه يتوعده و كان يقول (عليه السلام) لم أر مثل المقدم في الدعاء لأن العبد ليست تحضره الإجابة في كل وقت فجعل يكثر من الدعاء لما اتصل به عن المشرف و كان من دعائه (عليه السلام) : رب كم من نعمة أنعمت بها علي قل لك عندها شكري ; و كم من بلية ابتليتني بها قل لك عندها صبري ; و كم من معصية أتيتها فسترتها و لم تفضحني ; فيا من قل عند نعمته شكري فلم يحرمني ; و يا من قل عند بليته صبري فلم يخذلني ; و يا من رآني على المعاصي فلم يفضحني ; يا ذا المعروف الذي لا ينقضي أبدا ; و يا ذا النعماء التي لا تحصى أمدا ; صل على محمد و آل محمد ; و بك أدفع في نحره ; و بك أستعيذ من شره .

[165]

فلما قدم المشرف المدينة , اعتنقه و قبل رأسه , و جعل يسأل عن حاله و حال أهله , و سأل عن حوائجه , و أمر أن تقدم دابته و عزم عليه أن يركبها , فركب , و انصرف إلى أهله .

الحلية قال إبراهيم بن سعد : سمع علي بن الحسين (عليه السلام) واعية في بيته و عنده جماعة فنهض إلى منزله ثم رجع إلى مجلسه فقيل له أ من حدث كانت الواعية قال نعم فعزوه و تعجبوا من صبره فقال إنا أهل بيت نطيع الله عز و جل فيما يحب و نحمده فيما نكره .

و فيها : قال العتبي قال علي بن الحسين (عليه السلام) و كان من أفضل بني هاشم لابنه يا بني اصبر على النوائب و لا تتعرض للحقوق و لا تجب أخاك إلى الأمر الذي مضرته عليك أكثر من منفعته له .

محاسن البرقي : بلغ عبد الملك أن سيف رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) عند زين العابدين فبعث يستوهبه منه و يسأله الحاجة فأبى عليه فكتب إليه عبد الملك يهدده و أنه يقطع رزقه من بيت المال فأجابه (عليه السلام) أما بعد فإن الله ضمن للمتقين المخرج من حيث يكرهون و الرزق من حيث لا يحتسبون و قال جل ذكره إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ فانظر أينا أولى بهذه الآية .

و كان (عليه السلام) : سريره سروره بساطه نشاطه صديقه تصديقه صيابته صيانته وس ادته سجادته إزاره مزاره لحافه إلحافه منامه قيامه هجوعه خضوعه رقوده سجوده تجارته زيارته سوقه شوقه ريحه روحه حرفته حرقته صناعته طاعته بزته عزته سلاحه صلاحه فرسه فراشه أعياده استعداده بضاعته مجاعته أمنيته منيته رضاه لقاه .

الناشي :

و أئمة من أهل بيت محمد *** حفظوا الشرائع و الحديث المسندا

علموا المنايا و البلايا و الذي *** جهل الورى و المنتهى و المبتدا

خزان علم الله من برشادهم *** دل الإله على هداه و أرشدا

و هم الصراط المستقيم و منهج *** منه إلى رب المعالي يهتدى‏

حجج إذا هم العدو بكتمها *** أمر المهيمن قلبه أن يشهدا

و مما جاء في حزنه و بكائه (عليه السلام) :

الصادق (عليه السلام) : بكى علي بن الحسين عشرين سنة و ما وضع بين يديه طعام إلا بكى حتى قال مولى له جعلت فداك يا ابن رسول الله إني

[166]

أخاف أن تكون من الهالكين قال إنما أشكو بثي و حزني إلى الله و أعلم من الله ما لا تعلمون إني لم أذكر مصرع بني فاطمة إلا خنقتني العبرة و في رواية أ ما آن لحزنك أن ينقضي فقال له ويحك إن يعقوب النبي كان له اثنا عشر ابنا فغيب الله واحدا منهم فابيضت عيناه من كثرة بكائه عليه و احدودب ظهره من الغم و كان ابنه حيا في الدنيا و أنا نظرت إلى أبي و أخي و عمي و سبعة عشر من أهل بيتي مقتولين حولي فكيف ينقضي حزني .

و قد ذكر في الحلية نحوه , و قيل : إنه بكى حتى خيف على عينيه .

و كان إذا أخذ إناء يشرب ماء بكى حتى يملأها دمعا فقيل له في ذلك فقال و كيف لا أبكي و قد منع أبي من الماء الذي كان مطلقا للسباع و الوحوش .

و قيل له إنك لتبكي دهرك فلو قتلت نفسك لما زدت على هذا فقال نفسي قتلتها و عليها أبكي .

الأصمعي : كنت بالبادية و إذا أنا بشاب منعزل عنهم في أطمار رثة و عليه سيماء الهيبة فقلت لو شكوت إلى هؤلاء حالك لأصلحوا بعض شأنك فأنشأ يقول :

لباسي للدنيا التجمل و الصبر *** و لبسي للأخرى البشاشة و البشر

إذا اعترني أمر لجأت إلى العرا *** لأني من القوم الذين لهم فخر

أ لم تر أن العرف قد مات أهله *** و أن الندى و الجود ضمهما قبر

على العرف و الجود السلام فما بقي *** من العرف إلا الرسم في الناس و الذكر

و قائلة لما رأتني مسهدا *** كأن الحشى مني يلذعها الجمر

أباطن داء لو حوى منك ظاهرا *** لقلت الذي بي ضاق عن وسعه الصدر

تغير أحوال و فقد أحبة و موت *** ذوي الإفضال قالت كذا الدهر

فتعرفته , فإذا هو علي بن الحسين (عليه السلام) .

فقلت : أبى أن يكون هذا الفرخ إلا من ذلك العش .

[167]

فصل في سيادته (عليه السلام) :

علل الشرائع عن القمي ابن عباس قال : قال النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) إذا كان يوم القيامة نادى مناد أين زين العابدين و كأني أنظر إلى ولدي علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب يخطو في الصفوف .

و في حلية الأولياء : كان الزهري إذا ذكر علي بن الحسين يبكي و يقول زين العابدين .

جابر الجعفي قال الباقر (عليه السلام) : أن علي بن الحسين ما ذكر لله عز و جل نعمة عليه إلا سجد و لا قرأ آية من كتاب الله فيها سجدة إلا سجد و لا دفع الله عنه شرا يخشاه أو كيد كائد إلا سجد و لا فرغ من صلاة مفروضة إلا سجد و لا وفق لإصلاح بين اثنين إلا سجد و كان كثير السجود في جميع مواضع سجوده فسمي السجاد لذلك .

الباقر (عليه السلام) : كأن أبي في موضع سجوده آثار نابتة فكان يقطعها في السنة مرتين في كل مرة خمس ثفنات فسمي ذا الثفنات .

المحاضرات عن الراغب و ابن الجوزي في مناقب عمر بن عبد العزيز أنه : قال عمر بن عبد العزيز يوما و قد قام من عنده علي بن الحسين (عليه السلام) من أشرف الناس فقالوا أنتم فقال كلا فإن أشرف الناس هذا القائم من عندي آنفا من أحب الناس أن يكونوا منه و لم يحب أن يكون من أحد .

ربيع الأبرار عن الزمخشري روى عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) أنه قال : لله من عباده خيرتان فخيرته من العرب قريش و من العجم فارس و كان يقول علي بن الحسين أنا ابن الخيرتين لأن جده رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) و أمه بنت يزدجرد الملك .

و أنشأ أبو الأسود :

و إن غلاما بين كسرى و هاشم *** لأكرم من نيطت عليه التمائم

روضة الواعظين : قال زين العابدين (عليه السلام) نحن أئمة المسلمين , و حجج الله على العالمين , و سادة المؤمنين , و قادة الغر المحجلين , و موالي المؤمنين ,

[168]

و نحن أمان أهل الأرض كما أن النجوم أمان لأهل السماء , و نحن الذين بنا يمسك الله السماء أن تقع على الأرض إلا بإذنه , و بنا يمسك الأرض أن تميد بأهلها , و بنا ينزل الغيث , و بنا ينشر الرحمة و تخرج بركات أهل الأرض , و لو لا ما في الأرض منا لساخت بأهلها .

و في كتاب الأحمر قال الأوزاعي : لما أتي بعلي بن الحسين و رأس أبيه إلى يزيد بالشام قال لخطيب بليغ خذ بيد هذا الغلام فائت به إلى المنبر و أخبر الناس بسوء رأي أبيه و جده و فراقهم الحق و بغيهم علينا قال فلم يدع شيئا من المساوئ إلا ذكره فيهم فلما نزل قام علي بن الحسين فحمد الله بمحامد شريفة و صلى على النبي صلاة بليغة موجزة ثم قال يا معشر الناس فمن عرفني فقد عرفني و من لم يعرفني فأنا أعرفه نفسي أنا ابن مكة و منى أنا ابن مروة و الصفا أنا ابن محمد المصطفى أنا ابن من لا يخفى أنا ابن من علا فاستعلى فجاز سدرة المنتهى و كان من ربه كقاب قوسين أو أدنى أنا ابن من صلى بملائكة السماء مثنى مثنى أنا ابن من أسري به من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى أنا ابن علي المرتضى أنا ابن فاطمة الزهراء أنا ابن خديجة الكبرى أنا ابن المقتول ظلما أنا ابن المجزوز الرأس من القفا أنا ابن العطشان حتى قضى أنا ابن طريح كربلاء أنا ابن مسلوب العمامة و الرداء أنا ابن من بكت عليه ملائكة السماء أنا ابن من ناحت عليه الجن في الأرض و الطير في الهواء أنا ابن من رأسه على السنان يهدى أنا ابن من حرمه من العراق إلى الشام تسبى أيها الناس إن الله تعالى و له الحمد ابتلانا أهل البيت ببلاء حسن حيث جعل راية الهدى و العدل و التقى فينا و جعل راية الضلالة و الردى في غيرنا فضلنا أهل البيت بست خصال فضلنا بالعلم و الحلم و الشجاعة و السماحة و المحبة و المحلة في قلوب المؤمنين و آتانا ما لم يؤت أحدا من العالمين من قبلنا فينا مختلف الملائكة و تنزيل الكتب قال فلم يفرغ حتى قال المؤذن الله أكبر فقال علي الله أكبر كبيرا فقال المؤذن أشهد أن لا إله إلا الله فقال علي بن الحسين أشهد بما تشهد به فلما قال المؤذن أشهد أن محمدا رسول الله قال علي يا يزيد هذا جدي أو جدك فإن قلت جدك فقد كذبت و إن قلت جدي فلم قتلت أبي و سبيت حرمه و سبيتني ثم قال معاشر

[169]

الناس هل فيكم من أبوه و جده رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) فعلت الأصوات بالبكاء فقام إليه رجل من شيعته يقال له المنهال بن عمرو الطائي و في رواية مكحول صاحب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) فقال له كيف أمسيت يا ابن رسول الله فقال ويحك كيف أمسيت أمسينا فيكم كهيئة بني إسرائيل في آل فرعون يذبحون أبناءهم و يستحيون نساءهم و أمست العرب تفتخر على العجم بأن محمدا منها و أمسى آل محمد مقهورين مخذولين فإلى الله نشكو كثرة عدونا و تفرق ذات بيننا و تظاهر الأعداء علينا .

الحلية و الأغاني و غيرهما : حج هشام بن عبد الملك فلم يقدر على الاستلام من الزحام فنصب له منبر و جلس عليه و أطاف به أهل الشام فبينما هو كذلك إذ أقبل علي بن الحسين (عليه السلام) و عليه إزار و رداء من أحسن الناس وجها و أطيبهم رائحة بين عينيه سجادة كأنها ركبة عنز فجعل يطوف فإذا بلغ إلى موضع الحجر تنحى الناس حتى يستلمه هيبة له فقال شامي من هذا يا أمير المؤمنين فقال لا أعرفه لئلا يرغب فيه أهل الشام فقال الفرزدق و كان حاضرا لكني أنا أعرفه فقال الشامي من هو يا أبا فراس فأنشأ قصيدة ذكر بعضها في الأغاني و الحلية و الحماسة و القصيدة بتمامها هذه :

يا سائلي أين حل الجود و الكرم *** عندي بيان إذا طلابه قدموا

هذا الذي تعرف البطحاء وطأته *** و البيت يعرفه و الحل و الحرم

‏هذا ابن خير عباد الله كلهم *** هذا التقي النقي الطاهر العلم

‏هذا الذي أحمد المختار والده *** صلى عليه إلهي ما جرى القلم

‏لو يعلم الركن من قد جاء يلثمه *** لخر يلثم منه ما وطي القدم

‏هذا عليّ رسول الله والده *** أمست بنور هداه تهتدي الأمم

‏هذا الذي عمه الطيار جعفر و *** المقتول حمزة ليث حبه قسم

‏هذا ابن سيدة النسوان فاطمة *** و ابن الوصي الذي في سيفه نقم

‏إذا رأته قريش قال قائلها *** إلى مكارم هذا ينتهى الكرم

‏يكاد يمسكه عرفان راحته *** ركن الحطيم إذا ما جاء يستلم

‏و ليس قولك من هذا بضائره *** العرب تعرف من أنكرت و العجم

[170]

ينمي إلى ذروة العز التي قصرت *** عن نيلها عرب الإسلام و العجم

‏يغضي حياء و يغضى من مهابته *** فما يكلم إلا حين يبتسم

‏ينجاب نور الدجى عن نور غرته *** كالشمس ينجاب عن إشراقها الظلم

‏بكفه خيزران ريحه عبق *** من كف أروع في عرنينه شمم

‏ما قال لا قط إلا في تشهده *** لو لا التشهد كانت لاؤه نعم

‏مشتقة من رسول الله نبعته *** طابت عناصره و الخيم و الشيم

‏حمال أثقال أقوام إذا قدحوا *** حلو الشمائل تحلو عنده نعم

‏إن قال قال بما يهوى جميعهم *** و إن تكلم يوما زانه الكلم

‏هذا ابن فاطمة إن كنت جاهله *** بجده أنبياء الله قد ختموا

الله فضله قدما و شرفه *** جرى بذاك له في لوحه القلم

‏من جده دان فضل الأنبياء له *** و فضل أمته دانت له الأمم

‏عم البرية بالإحسان و انقشعت *** عنها العماية و الإملاق و الظلم

‏كلتا يديه غياث عم نفعهما *** تستوكفان و لا يعروهما عدم

‏سهل الخليقة لا تخشى بوادره *** يزينه خصلتان الحلم و الكرم

[171]

لا يخلف الوعد ميمونا نقيبته *** رحب الفناء أريب حين يعترم

‏من معشر حبهم دين و بغضهم *** كفر و قربهم منجى و معتصم‏

يستدفع السوء و البلوى بحبهم *** و يستزاد به الإحسان و النعم

‏مقدم بعد ذكر الله ذكرهم *** في كل فرض و مختوم به الكلم

‏إن عد أهل التقى كانوا أئمتهم *** أو قيل من خير أهل الأرض قيل هم

‏لا يستطيع جواد بعد غايتهم *** و لا يدانيهم قوم و إن كرموا

هم الغيوث إذا ما أزمة أزمت *** و الأسد أسد الشرى و البأس محتدم

‏يأبى لهم أن يحل الذم ساحتهم *** خيم كريم و أيد بالندى هضم

‏لا يقبض العسر بسطا من أكفهم *** سيان ذلك إن أثروا و إن عدموا

إن القبائل ليست في رقابهم *** لأولية هذا أوله نعم

‏من يعرف الله يعرف أولية ذا *** فالدين من بيت هذا ناله الأمم

‏بيوتهم في قريش يستضاء بها *** في النائبات و عند الحلم إن حلموا

فجده من قريش في أزمتها *** محمد و علي بعده علم

‏بدر له شاهد و الشعب من أحد *** و الخندقان و يوم الفتح قد علموا

و خيبر و حنين يشهدان له *** و في قريضة يوم صيلم قتم

[172]

مواطن قد علت في كل نائبة *** على الصحابة لم أكتم كما كتموا

فغضب هشام و منع جائزته , و قال : ألا قلت فينا مثلها .

قال : هات جدا كجده ; و أبا كأبيه ; و أما كأمه ? حتى أقول فيكم مثلها .

فحبسه بعسفان , بين مكة و المدينة .

فبلغ ذلك علي بن الحسين (عليه السلام) , فبعث إليه باثني عشر ألف درهم ; و قال أعذرنا يا أبا فراس , فلو كان عندنا أكثر من هذا لوصلناك به .

فردها , و قال , يا ابن رسول الله : ما قلت هذا الذي قلت إلا غضبا لله و لرسوله , و ما كنت لأرزأ عليه شيئا .

فردها إليه , و قال : بحقي عليك لما قبلتها , فقد رأى الله مكانك و علم نيتك .

فقبلها .

فجعل الفرزدق يهجو هشاما و هو في الحبس , فكان مما هجاه به قوله :

أ تحبسني بين المدينة و التي *** إليها قلوب الناس تهوى منيبها

تقلب رأسا لم يكن رأس سيد *** و عينا له حولاء باد عيوبها

فأخبر هشام بذلك فأطلقه .

و في رواية أبي بكر العلاف : أنه أخرجه إلى البصرة .

فصل في المفردات و النصوص عليه (عليه السلام) :

روى أبو بكر الحضرمي عن الصادق (عليه السلام) : أن الحسين (عليه السلام) لما سار إلى العراق استودع أم سلمه الكتب و الوصية فلما رجع زين العابدين دفعتها إليه .

أبو الجارود عن الباقر (عليه السلام) : أن الحسين (صلى الله عليه وآله وسلّم) لما حضره الذي حضره دعا ابنته فاطمة الكبرى فدفع إليها كتابا ملفوفا و وصية ظاهرة الخبر .

و روي عن الصادق (عليه السلام) في فضل زيارته : من زار إماما مفترضا طاعته و صلى أربع ركعات كتب الله له حجة مقبولة و عمرة مبرورة .

قال الزهري : كان بينه و بين محمد بن الحنفية منازعة في صدقات علي بن أبي طالب (عليه السلام) فقيل له لو ركبت إلى الوليد بن عبد الملك ركبة لكف عنك من رغب شره فقال (عليه السلام) ويحك أ في حرم الله أسأل غير الله عز و جل إني لآنف أن أسأل الدنيا خالقها فكيف أسأل مخلوقا مثلي قال الزهري لا جرم أن الله تعالى ألقى هيبته في قلب الوليد حتى حكم له .

و يروى : أن عمر بن علي خاصم علي بن الحسين (عليه السلام) إلى عبد الملك في صدقات النبي و أمير المؤمنين (عليه السلام) فقال يا أمير المؤمنين أنا ابن المصدق و هذا ابن ابن فأنا

[173]

أولى بها منه فتمثل عبد الملك بقول أبي الحقيق .

لا تجعل الباطل حقا و لا تلط دون الحق بالباطل

قم يا علي بن الحسين فقد وليتكها فقاما فلما خرجا تناوله عمر و آذاه فسكت عنه و لم يرد عليه شيئا فلما كان بعد ذلك دخل محمد بن عمر على علي بن الحسين (عليه السلام) فسلم عليه و أكب عليه يقبله فقال علي يا ابن عم لا تمنعني قطيعة أبيك أن أصل رحمك فقد زوجتك ابنتي خديجة ابنة علي .

كتاب النسب عن يحيى بن الحسن : قال يزيد لعلي بن الحسين (عليه السلام) وا عجبا لأبيك سمى عليا و عليا فقال (عليه السلام) إن أبي أحب أباه فسمى باسمه مرارا .

تاريخ الطبري و البلاذري : أن يزيد بن معاوية قال لعلي بن الحسين أ تصارع هذا يعني خالدا ابنه قال و ما تصنع بمصارعتي إياه أعطني سكينا ثم أقاتله فقال يزيد .

شنشنة أعرفها من أخزم

هذا من العصا عصية هل تلد الحية إلا الحية

و في كتاب الأحمر قال أشهد أنك ابن علي بن أبي طالب .

و روي أنه قال لزينب تكلمي فقالت هو المتكلم فأنشد السجاد .

لا تطمعوا أن تهينونا فنكرمكم و أن نكف الأذى عنكم و تؤذوناو الله يعلم أنا لا نحبكم و لا نلومكم أن لا تحبونا

فقال صدقت يا غلام و لكن أراد أبوك و جدك أن يكونا أميرين و الحمد لله الذي قتلهما و سفك دماءهما فقال (عليه السلام) لم تزل النبوة و الإمرة لآبائي و أجدادي من قبل أن تولد .

قال المدائني : لما انتسب السجاد إلى النبي (عليه السلام) قال يزيد لجلوازه أدخله في هذا البستان و اقتله و ادفنه فيه فدخل به إلى البستان و جعل يحفر و السجاد يصلي فلما هم بقتله ضربته يد من الهواء فخر لوجهه و شهق و دهش فرآه خالد بن يزيد و ليس لوجهه بقية فانقلب إلى أبيه و قص عليه فأمر بدفن الجلواز في الحفرة و إطلاقه و موضع حبس زين العابدين هو اليوم مسجد .

[174]

و ذكر صاحب كتاب البدع و صاحب كتاب شرح الأخبار : أن عقب الحسين من ابنه علي الأكبر و أنه هو الباقي بعد أبيه و أن المقتول هو الأصغر منهما و عليه يعول فإن علي بن الحسين كان يوم كربلاء من أبناء ثلاثين سنة و أن محمد الباقر (عليه السلام) ابنه كان يومئذ من أبناء خمس عشرة سنة و كان لعلي الأصغر المقتول نحو اثنتي عشرة سنة .

و تقول الزيدية : إن العقب من الأصغر و إنه كان في يوم كربلاء ابن سبع سنين و منهم من يقول أربع سنين و على هذا النسابون .

و جاء في النكت : أن الله تعالى وضع الأشياء على أربعة العناصر و الطبائع و الرياح و فصول السنة و الكتب المنزلة و مختار الملائكة و مصطفى الأنبياء و مختارات النساء و مختار الصحابة و مصطفى البيوتات في قوله إِنَّ اللَّهَ اصْطَفى آدَمَ و لفظة لا إله إلا الله و السجاد أربعة أحرف و هو رابع الأئمة .

عن علي بن الحسين (عليه السلام) :

لكم ما تدعون بغير حق إذا ميز الصحاح من المراض‏عرفتم حقنا فجحدتمونا كما عرف السواد من البياض‏كتاب الله شاهدنا عليكم و قاضينا الإله فنعم قاضي

علم الهدى :

لأنتم آل خير الناس كلهم *** المنهل العذب و المستورد الغدق‏

و ليس لله دين غير حبكم *** و لا إليه سواكم وحدكم طرق

‏و إن يكن من رسول الله غيركم *** سوى الوجوه فأنتم عنده الحدق

‏رزقتم الشرف الأعلى و قومكم *** فيهم غضاب عليكم كيف ما رزقوا

و أنتم في شديدات الورى عصر *** و في سواد الدياجي أنتم الفلق

‏ما للرسول سوى أولادكم ولد *** و لا لنشر له إلا بكم عبق

‏فأنتم في قلوب الناس كلهم *** السمت تقصده و الحبل تعتلق

[175]

هل يستوي عند ذي عين زبى و ربى *** أو الصباح على الأوتاد و الغسق

‏ودي عليه مقيم لا براح له *** من الزمان و رهني عندكم علق

‏وثقت منكم بأن تستوهبوا زللي *** عند الحساب و حسبي من به أثق

شاعر :

شفيعي إلى ربي النبي محمد *** لدى الحشر إذ كل الصدور تحيش

‏شعاري ولاء المصطفى و وصيه *** و عترته ما دمت فيه أعيش

فصل في أحواله و تاريخه (عليه السلام) :

لقبه : زين العابدين و سيد العابدين و زين الصالحين و وارث علم النبيين و وصي الوصيين و خازن وصايا المرسلين و إمام المؤمنين و منار القانتين و الخاشعين و المتهجد و الزاهد و العابد و العدل و البكاء و السجاد و ذو الثفنات إمام الأمة و أبو الأئمة و منه تناسل ولد الحسين (عليه السلام) .

و كنيته : أبو الحسن و الخاص و أبو محمد و يقال أبو القاسم و روي أنه كني بأبي بكر .

مولده : بالمدينة يوم الخميس في النصف من جمادى الآخرة و يقال يوم الخميس لتسع خلون من شعبان سنة ثمان و ثلاثين من الهجرة قبل وفاة أمير المؤمنين بسنتين و قيل سنة سبع و قيل سنة ست فبقي مع جده أمير المؤمنين أربع سنين و مع عمه الحسن عشر سنين و مع أبيه عشر سنين و يقال مع جده سنتين و مع عمه اثنتي عشرة سنة و مع أبيه ثلاث عشرة سنة و أقام بعد أبيه خمسا و ثلاثين سنة .

و توفي : بالمدينة يوم السبت لإحدى عشرة ليلة بقيت من المحرم أو لاثنتي عشرة ليلة سنة خمس و تسعين من الهجرة .

و له يومئذ سبع و خمسون سنة و يقال تسع و خمسون و يقال أربع و خمسون و كانت إمامته أربعا و ثلاثين سنة .

فكان في سني إمامته بقية ملك يزيد و ملك معاوية بن يزيد و ملك مروان

[176]

و عبد الملك و توفي في ملك الوليد .

و دفن : في البقيع مع عمه الحسن (عليه السلام) و قال أبو جعفر بن بابويه سمه الوليد بن عبد الملك .

back page fehrest page next page