back page fehrest page next page

بنوه : اثنا عشر من أمهات الأولاد إلا اثنين محمد الباقر و عبد الله الباهر أمهما أم عبد الله بنت الحسن بن علي و أبو الحسين زيد الشهيد بالكوفة و عمر توأم و الحسين الأصغر و عبد الرحمن و سليمان توأم و الحسن و الحسين و عبيد الله توأم و محمد الأصغر فرد و علي و هو أصغر ولده و خديجة فرد و يقال لم يكن له بنت و يقال له ولد فاطمة و علية و أم كلثوم .

أعقب منهم محمد الباقر و عبد الله الباهر و زيد بن علي و عمر بن علي و علي بن علي و الحسين الأصغر .

و أمه : شهربانويه بنت يزدجرد بن شهريار الكسرى و يسمونها أيضا شاه‏زنان و جهان بانويه و سلافة و خولة و قالوا شاه زنان بنت شيرويه بن كسرى أبرويز و يقال هي برة بنت النوشجان و الصحيح هو الأول و كان أمير المؤمنين (عليه السلام) سماها مريم و يقال سماها فاطمة و كانت تدعى سيدة النساء .

و كان بابه يحيى ابن أم الطويل المطعمي .

و من رجاله من الصحابة : جابر بن عبد الله الأنصاري و عامر بن وائلة الكناني و سعيد بن المسيب بن حزن و كان رباه أمير المؤمنين .

قال زين العابدين (عليه السلام) : سعيد بن المسيب أعلم الناس بما تقدم من الآثار .

أي في زمانه و سعيد بن جهان الكناني مولى أم هاني و من التابعين أبو محمد سعيد بن جبير مولى بني أسد نزيل مكة و كان يسمى جهيد العلماء و يقرأ القرآن في ركعتين قيل و ما على الأرض أحد إلا و هو محتاج إلى علمه و محمد بن جبير بن مطعم و أبو خالد الكابلي و القاسم بن عوف و إسماعيل بن عبد الله بن جعفر و إبراهيم و الحسن ابنا محمد بن الحنفية و حبيب بن أبي ثابت و أبو يحيى الأسدي و أبو حازم الأعرج و سلمة بن دينار المدني الأقرن القاص و من أصحابه أبو حمزة الثمالي بقي إلى أيام موسى (عليه السلام) و فرات بن أحنف بقي إلى أيام أبي عبد الله (عليه السلام) و جابر بن محمد بن أبي بكر و أيوب بن الحسن

[177]

و علي بن رافع و أبو محمد القرشي السدي الكوفي و الضحاك بن مزاحم الخراساني أصله من الكوفة و طاوس بن كيسان أبو عبد الرحمن و حميد بن موسى الكوفي و أبان بن تغلب بن رباح و أبو الفضل سدير بن حكيم بن صهيب الصيرفي و قيس بن رمانة و عبد الله البرقي و الفرزدق الشاعر و من مواليه شعيب .

السوسي :

أحببتكم يا بني الزهراء محتسبا *** و حب غيري حب غير محتسب

‏لا حاجة لي إلى خلق و لا أرب *** إلا إليكم و حسبي ذاك من أرب

‏ما طاب لي مولدي إلا بحبكم *** يا طيبون و لو لا ذاك لم يطب

‏أنتم بنو المصطفى و المرتضى نجب *** من كل منتجب سمي بمنتجب

‏أنتم بنو شاهد النجوى من الغيب *** أنتم بنو صاحب الآيات و العجب

‏أنتم بنو خير من يمشي على قدم *** بعد النبي مقال الحق لا كذب

محمد بن حجر :

فروع رسول الله أصل غصونها *** و أيكتها طوبى و للغرس غارس

‏عليهم لإجلال النبوة هيبة *** يشار إليهم و الرءوس نواكس

‏و قد توجوا بالعلم و استودعوا الهدى *** بهم تحسن الدنيا و تزهو المجالس

‏فأحمد فيهم و الوصي و سبطه *** كرام لما هم أكرمون أشاوس

‏نجوم و أعلام إذا غاب آفل *** أنار لنا نجم فأشرق دامس

‏ينابيع علم يستفيض بحكمة *** هداة إذا ما جاء للعلم قابس

و لغيره :

يا بني طه و نون و القلم *** حبكم فرض على كل الأمم

‏من يدانيكم و لولاكم لما *** خلق اللوح و لا أجرى القلم‏

أنتم أكرم إن عد الورى *** أنتم أعلم ماش بقدم

[178]

أنتم للدين أعلام إذا *** غاب منكم علم لاح علم

‏فوض الله إليكم أمره *** فحكمتم حسب ما كان حكم

‏و بكم تفخر أملاك العلى *** إذ لكم أضحت عبيدا و خدم

باب في إمامة أبي جعفر الباقر (عليه السلام)

فصل في المقدمات :

الحمد لله الذي لم يزل سميعا بصيرا عالما قديرا بذوات القلوب خبيرا أعد للكافرين سعيرا و للمؤمنين أرائك و سريرا و ألبسهم بفضله سندسا و حريرا و سقاهم من عين يفجرونها تفجيرا و وقاهم شر يوم كان شره مستطيرا و أبدع في السماء سراجا وهاجا و قمرا منيرا تبارك الذي جعل في السماء بروجا و جعل فيها سراجا و قمرا منيرا .

أبو الورد عن أبي جعفر (عليه السلام) في قوله تعالى وَ عَلاماتٍ وَ بِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ قال نحن النجم .

الهيتي و داود الجصاص عن الصادق (عليه السلام) و الوشاء عن الرضا (عليه السلام) : النجم رسول الله و العلامات الأئمة .

أبو المضا عن الرضا (عليه السلام) قال النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) لعلي (عليه السلام) أنت نجم بني هاشم .

و عنه قال (عليه السلام) أنت أحد العلامات .

عباية عن علي (عليه السلام) : مثل أهل بيتي مثل النجوم كلما أفل نجم طلع نجم .

تفسير علي بن إبراهيم بن هاشم القمي في قوله تعالى : وَ هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومَ لِتَهْتَدُوا بِها النجوم آل محمد (صلى الله عليه وآله وسلّم) .

محمد بن مسلم و جابر الجعفي في قوله تعالى : فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ قال الباقر (عليه السلام) نحن أهل الذكر .

قال أبو زرعة : صدق الله و لعمري إن أبا جعفر لأكبر العلماء .

قال أبو جعفر الطوسي : سمى الله رسوله ذكرا قوله تعالى قَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكُمْ ذِكْراً رَسُولًا فالذكر رسول الله و الأئمة أهله و هو المروي عن الباقر و الصادق و الرضا .

و قال سلمان الصهري : و ذكر القرآن قوله تعالى إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ و هم حافظوه و عارفون بمعانيه .

[179]

تفسير يوسف القطان و وكيع بن الجراح و إسماعيل السدي و سفيان الثوري أنه قال الحارث : سألت أمير المؤمنين (عليه السلام) عن هذه الآية قال و الله إنا نحن أهل الذكر نحن أهل العلم نحن معدن التأويل و التنزيل .

أبو الورد عن أبي جعفر (عليه السلام) : لِتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ قال نحن هم .

بريد بن معاوية العجلي عن الباقر (عليه السلام) في قوله تعالى : وَ كَذلِكَ جَعَلْناكُمْ أُمَّةً وَسَطاً نحن الأمة الوسط و نحن شهداء الله على خلقه و حجته في أرضه .

و في رواية حمران عن أبيه أعين عنه (عليه السلام) : إنما أنزل الله وَ كَذلِكَ جَعَلْناكُمْ أُمَّةً وَسَطاً يعني عدلا لِتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ وَ يَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً قال و لا يكون شهداء على الناس إلا الأئمة و الرسل فأما الأمة فإنه غير جائز أن يستشهدها الله تعالى على الناس و فيهم من لا تجوز شهادته في الدنيا على حزمة بقل .

عمار الساباطي : سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قوله تعالى أَ فَمَنِ اتَّبَعَ رِضْوانَ اللَّهِ كَمَنْ باءَ بِسَخَطٍ مِنَ اللَّهِ وَ مَأْواهُ جَهَنَّمُ وَ بِئْسَ الْمَصِيرُ * هُمْ دَرَجاتٌ عِنْدَ اللَّهِ فقال الذين اتبعوا رضوان الله هم الأئمة و هم و الله يا عمار درجات للمؤمنين و بولايتهم و معرفتهم إيانا يضاعف لهم أعمالهم و ترفع لهم الدرجات العلى .

عطاء بن ثابت عن الباقر (عليه السلام) في قوله تعالى : وَ يَقُولُ الْأَشْهادُ قال نحن الأشهاد .

أبو حمزة الثمالي عن أبي جعفر (عليه السلام) في قوله تعالى : وَ يَوْمَ نَبْعَثُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيداً قال نحن الشهود على هذه الأمة .

الباقر (عليه السلام) في قوله تعالى : قُلْ كَفى بِاللَّهِ شَهِيداً ... الآية قال إيانا عنى .

العياشي بإسناده إلى أبي الجارود عن الباقر (عليه السلام) في قوله تعالى : ما فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ قال نحن جنب الله .

محمد بن مسلم عن أبي جعفر (عليه السلام) : الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ قال نزلت فينا .

قال جابر الأنصاري عن الباقر (عليه السلام) في قوله : وَ كُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ أي مع آل محمد .

أبو حمزة عن أبي جعفر (عليه السلام) في قوله تعالى : يا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ ... الآية .

قال :قرابة الرسول و سيدهم أمير المؤمنين أمروا بمودتهم فخالفوا ما أمروا به .

الباقر (عليه السلام) في قول إبراهيم (عليه السلام) : إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوادٍ نحن بقية تلك العترة و قال (عليه السلام) كانت دعوة إبراهيم لنا خاصة .

[180]

الباقر و الصادق (عليهما السلام) في قوله تعالى : قُلْ إِنَّما أَعِظُكُمْ بِواحِدَةٍ قال الولاية أن تقوموا مثنى قال الأئمة من ذريتهما .

الباقر (عليه السلام) في قوله تعالى : وَ أَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظاهِرَةً وَ باطِنَةً قال النعمة الظاهرة النبي (عليه السلام) و ما جاء به من معرفته و توحيده و أما النعمة الباطنة ولايتنا أهل البيت و عقد مودتنا محمد بن مسلم عن الكاظم (عليه السلام) الظاهرة الإمام الظاهر و الباطنة الإمام الغائب .

تفسير العياشي في قوله : وَ أُوحِيَ إِلَيَّ هذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَ مَنْ بَلَغَ أن يكون إماما من ولد آل محمد فهو ينذر بالقرآن كما أنذر به النبي (عليه السلام) .

و قالوا الفضل ثلاثة فضل الله قوله تعالى وَ لَوْ لا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَ رَحْمَتُهُ و فضل النبي قوله قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَ بِرَحْمَتِهِ قال ابن عباس الفضل رسول الله و الرحمة أمير المؤمنين و فضل الأوصياء .

قال أبو جعفر (عليه السلام) : أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلى ما آتاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ قال نحن الناس و نحن المحسودون و فينا نزلت .

و قال : إن الله تعالى أعطى المؤمن البدن الصحيح و اللسان الفصيح و القلب الصريح و كلف كل عضو منها طاعة لذاته و لنبيه و لخلفائه فمن البدن الخدمة له و لهم و من اللسان الشهادة به و بهم و من القلب الطمأنينة بذكره و بذكرهم فمن شهد باللسان و اطمأن بالجنان و عمل بالأركان أنزله الله الجنان .

مسند أبي حنيفة قال الراوي : ما سألت جابر الجعفي قط مسألة إلا أتى فيها بحديث و كان جابر الجعفي إذا روى عنه قال حدثني وصي الأوصياء و وارث علم الأنبياء .

أبو نعيم في الحلية : أنه (عليه السلام) الحاضر الذاكر الخاشع الصابر أبو جعفر محمد بن علي الباقر .

و قال غيره : الإمام الباقر و النور الباهر و القمر الزاهر و العلم القاهر باقر العلم معدن الحلم أظهر الدين إظهارا و كان للإسلام منارا الصادع بالحق و الناطق بالصدق و باقر العلم بقرا و ناثره نثرا لم تأخذه في الله لومة لائم و كان لأمره غير مكاتم و لعدوه مراغم .

قالوا الكريم ابن الكريم ابن الكريم ابن الكريم يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم و كذلك السيد ابن السيد ابن السيد ابن السيد محمد بن علي

[181]

بن الحسين بن علي (عليه السلام) .

و مما يدل على إمامته (عليه السلام) : تواتر الإمامية بالنصوص عليه من أبيه و جده و كذلك الأخبار الواردة من النبي (عليه السلام) بالنص على الأئمة الاثني عشر إماما إماما و من قال بذلك قطع على إمامته و منها اعتبار طريق العصمة و غير ذلك .

ابن الحجاج :

إذا غاب بدر الدجى فانظر *** إلى ابن النبي أبي جعفر

ترى خلفا منه يزري به *** و بالفرقدين و بالمشتري

‏إمام و لكن بلا شيعة *** و لا بمصلى و لا منبر

المغربي :

يا ابن الذي بلسانه و بيانه *** هدى الأنام و نزل التنزيل

‏عن فضله نطق الكتاب و بشرت *** بقدومه التوراة و الإنجيل

‏لو لا انقطاع الوحي بعد محمد *** قلنا محمد من أبيه بديل

‏هو مثله في الفضل إلا أنه *** لم يأته برسالة جبريل

غيره :

يا ابن الذين متى استقر هواهم *** في نفس إنسان هوى شيطانه

‏فإذا أراد الله سرا للعلى *** فهم على رغم العدى خزانه

فصل في آياته (عليه السلام) :

قيل لأبي جعفر (عليه السلام) محمد بن مسلم وجع فأرسل إليه بشراب مع الغلام فقال الغلام أمرني أن لا أرجع حتى تشربه فإذا شربته فائته ففكر محمد فيما قال و هو لا يقدر على النهوض فلما شرب و استقر الشراب في جوفه صار كأنما أنشط من عقال فأتى بابه فاستؤذن عليه فصوت له صح الجسم فادخل فدخل و سلم عليه و هو باك و قبل يده و رأسه فقال ما يبكيك يا محمد قال على اغترابي و بعد المشقة و قلة المقدرة على المقام عندك و النظر إليك فقال أما قلة المقدرة فكذلك جعل الله أولياءنا و أهل مودتنا و جعل البلاء إليهم سريعا و أما ما ذكرت من الاغتراب فلك بأبي عبد الله أسوة بأرض ناء عنا بالفرات (صلى الله عليه وآله وسلّم) و أما ما ذكرت من بعد المشقة فإن المؤمن في هذه الدار غريب

[182]

و في هذا الخلق منكوس حتى يخرج من هذه الدار إلى رحمة الله و أما ما ذكرت من حبك قربنا و النظر إلينا و أنك لا تقدر على ذلك فلك ما في قلبك و جزاؤك عليه .

دلالات الحسن بن علي بن أبي حمزة عن بعض أصحابه عن مبشر بياع الزطي قال : أقمت على باب أبي جعفر (عليه السلام) فطرقته فخرجت إلي جارية خماسية فوضعت يدي على يدها و قلت لها قولي لمولاك هذا مبشر بالباب فناداني من أقصى الدار ادخل لا أبا لك ثم قال لي أما و الله يا مبشر لو كانت هذه الجدر يحجب أبصارنا كما يحجب عنكم أبصاركم لكنا و أنتم سواء فقلت جعلت فداك و الله ما أردت إلا الازدياد في ذلك إيمانا .

الحسن بن مختار عن أبي بصير قال : كنت أقرئ امرأة القرآن و أعلمها إياه فمازحتها بشي‏ء فلما قدمت على أبي جعفر (عليه السلام) قال لي يا أبا بصير أي شي‏ء قلت للمرأة فقلت بيدي هكذا يعني غطيت وجهي فقال لا تعودن إليها و في رواية حفص البختري أنه قال لأبي بصير أبلغها السلام فقل أبو جعفر يقرئك السلام و يقول زوجي نفسك من أبي بصير قال فأتيتها فأخبرتها فقالت الله لقد قال لك أبو جعفر هذا فحلفت لها فزوجت نفسها مني .

أبو حمزة الثمالي في خبر... : لما كانت السنة التي حج فيها أبو جعفر محمد بن علي و لقيه هشام بن عبد الملك أقبل الناس ينثالون عليه فقال عكرمة من هذا عليه سيماء زهرة العلم لأجربنه فلما مثل بين يديه ارتعدت فرائصه و أسقط في يد أبي جعفر و قال يا ابن رسول الله لقد جلست مجالس كثيرة بين يدي ابن عباس و غيره فما أدركني ما أدركني آنفا فقال له أبو جعفر (عليه السلام) ويلك يا عبيد أهل الشام إنك بين يدي بيوت أذن الله أن ترفع و يذكر فيها اسمه .

حبابة الوالبية قالت : رأيت رجلا بمكة أصيلا بالملتزم أو بين الباب و الحجر على صعدة من الأرض و قد حزم وسطه على المئزر بعمامة خز و الغزالة تخال على

[183]

تلك الجبال كالعمائم على قمم الرجال و قد صاعد كفه و طرفه نحو السماء و يدعو فلما انثال الناس عليه يستفتونه عن المعضلات و يستفتحون أبواب المشكلات فلم يرم حتى أفتاهم في ألف مسألة ثم نهض يريد رحله و مناد ينادي بصوت صهل ألا إن هذا النور الأبلج المسرج و النسيم الأرج و الحق المرج و آخرون يقولون من هذا فقيل محمد بن علي الباقر علم العلم الناطق عن الفهم محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (عليه السلام) و في رواية أبي بصير ألا إن هذا باقر علم الرسل و هذا مبين السبل و هذا خير من رسخ في أصلاب أصحاب السفينة هذا ابن فاطمة الغراء العذراء الزهراء هذا بقية الله في أرضه هذا ناموس الدهر هذا ابن محمد و خديجة و علي و فاطمة هذا منار الدين القائمة .

و في حديث جابر بن يزيد الجعفي : أنه لما شكت الشيعة إلى زين العابدين (عليه السلام) مما يلقونه من بني أمية دعا الباقر (عليه السلام) و أمره أن يأخذ الخيط الذي نزل به جبرئيل إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) و يحركه تحريكا قال فمضى إلى المسجد فصلى فيه ركعتين ثم وضع خده على التراب و تكلم بكلمات ثم رفع رأسه فأخرج من كمه خيطا دقيقا يفوح منه رائحة المسك و أعطاني طرفا منه فمشيت رويدا فقال قف يا جابر فحرك الخيط تحريكا لينا خفيفا ثم قال اخرج فانظر ما حال الناس قال فخرجت من المسجد فإذا صياح و صراخ و ولولة من كل ناحية و إذا زلزلة شديدة و هدة و رجفة قد أخربت عامة دور المدينة و هلك تحتها أكثر من ثلاثين ألف إنسان ثم صعد الباقر (عليه السلام) المنارة فنادى بأعلى صوته ألا يا أيها الضالون المكذبون قال فظن الناس أنه صوت من السماء فخروا لوجوههم و طارت أفئدتهم و هم يقولون في سجودهم الأمان الأمان و أنهم يسمعون الصيحة بالحق و لا يرون الشخص ثم قرأ فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السَّقْفُ مِنْ فَوْقِهِمْ وَ أَتاهُمُ الْعَذابُ مِنْ حَيْثُ لا يَشْعُرُونَ قال فلما نزل منها و خرجنا من المسجد سألته عن الخيط قال هذا من البقية قلت و ما البقية يا ابن رسول الله قال يا جابر بقية مما ترك آل

[184]

موسى و آل هارون تحمله الملائكة و يضعه جبرئيل لدينا .

المفضل بن عمر : بينما أبو جعفر (عليه السلام) بين مكة و المدينة إذ انتهى إلى جماعة على الطريق و إذا رجل من الحجاج نفق حماره و قد بدد متاعه و هو يبكي فلما رأى أبا جعفر أقبل إليه فقال له يا ابن رسول الله نفق حماري و بقيت منقطعا فادع الله تعالى أن يحيي لي حماري قال فدعا أبو جعفر فأحيا الله له حماره .

أبو بصير : قلت لأبي جعفر (عليه السلام) لما ذهب بصري أنتم ورثة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) قال نعم قلت رسول الله وارث الأنبياء علم كل ما علموا قال نعم قلت فأنتم تقدرون أن تحيوا الموتى و تبرءوا الأكمه و الأبرص قال نعم بإذن الله ثم قال فادن مني يا أبا محمد فمسح على وجهي و على عيني فأبصرت الأشياء قال لي أ تحب أن تكون هكذا و لك ما للناس و عليك ما عليهم يوم القيامة أو تعود كما كنت و لك الجنة خالصا قلت أعود كما كنت فمسح على عيني فعدت كما كنت فحدثت ابن أبي عمير بهذا فقال أشهد أن هذا حق كما أن النهار حق و قد رواه محمد بن أبي عمير .

قال أبو بصير للباقر (عليه السلام) : ما أكثر الحجيج و أعظم الضجيج فقال بل ما أكثر الضجيج و أقل الحجيج أ تحب أن تعلم صدق ما أقوله و تراه عيانا فمسح على عينيه و دعا بدعوات فعاد بصيرا فقال انظر يا أبا بصير إلى الحجيج قال فنظرت فإذا أكثر الناس قردة و خنازير و المؤمن بينهم كالكوكب اللامع في الظلماء فقال أبو بصير صدقت يا مولاي ما أقل الحجيج و أكثر الضجيج ثم دعا بدعوات فعاد ضريرا فقال أبو بصير في ذلك فقال (عليه السلام) ما بخلنا عليك يا أبا بصير و إن كان الله تعالى ما ظلمك و إنما خار لك و خشينا فتنة الناس بنا و أن يجهلوا فضل الله علينا و يجعلونا أربابا من دون الله و نحن له عبيد لا نستكبر عن عبادته و لا نسأم من طاعته و نحن له مسلمون .

أبو عروة : دخلت مع أبي بصير إلى منزل أبي جعفر و أبي عبد الله (عليه السلام) فقال لي أ ترى في البيت كوة قريبة من السقف قلت نعم و ما علمك بها قال أرانيها أبو جعفر .

[185]

حلية الأولياء بالإسناد قال أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين و سمع عصافير يصحن قال : أ تدري يا أبا حمزة ما يقلن قلت لا قال يسبحن ربي عز و جل و يسألن قوت يومهن .

جابر بن يزيد الجعفي قال : مررت بمجلس عبد الله بن الحسن قال بما ذا فضلني محمد بن علي ثم أتيت إلى أبي جعفر فلما بصرني ضحك إلي ثم قال يا جابر اقعد فإنه أول داخل يدخل عليك في هذا الباب عبد الله بن الحسن فجعلت أرمق ببصري نحو الباب و أنا مصدق لما قال سيدي إذ أقبل يسحب أذياله فقال له يا عبد الله أنت الذي تقول بما ذا فضلني محمد بن علي إن محمدا و عليا ولداه و قد ولداني ثم قال يا جابر احفر حفيرة و املأها حطبا جزلا و أضرمها نارا قال جابر ففعلت فلما أن رأى النار قد صارت جمرا أقبل عليه بوجهه فقال إن كنت حيث ترى فادخلها لن تضرك فقطع بالرجل فتبسم في وجهي ثم قال يا جابر فبهت الذي كفر .

أبو حمزة : أنه ركب أبو جعفر إلى حائط له فسأله سليمان بن خالد هل يعلم الإمام ما في يومه فقال يا سليمان و الذي بعث محمدا بالنبوة و اصطفاه بالرسالة إنه ليعلم ما في يومه و ما في شهره و ما في سنته ثم قال بعد هنيهة الساعة يستقبلك رجلان قد سرقا سرقة قد أضمرا عليها فاستقبلنا الرجلان فقال أبو جعفر سرقتما فحلفا له بالله أنهما ما سرقا فقال و الله لئن أنتما لم تخرجا ما سرقتما لأبعثن إلى الموضع الذي وضعتما فيه سرقتكما و لأبعثن إلى صاحبكما الذي سرقتما منه حتى يجي‏ء يأخذكما و يرفعكما إلى والي المدينة ثم أمر غلمانه أن يستوثقوا منهما قال فانطلق أنت يا سليمان إلى ذلك الجبل فاصعد أنت و هؤلاء الغلمان فإن في قلة الجبل كهفا فادخل أنت فيه بنفسك حتى تستخرج ما فيه و تدفعه إلى مولاي هذا فإن فيه سرقة لرجل آخر و سوف يأتي فانطلقت و استخرجت عيبتين و أتيت بهما أبا جعفر فرجعنا إلى المدينة و قد أخذ جماعة بالسرقة فقال أبو جعفر إن هؤلاء برآء و ليسوا هم بسراقة عندي

[186]

ثم قال للرجل ما ذهب لك قال عيبة فيها كذا و كذا فادعى ما ليس له فقال أبو جعفر لم تكذب فقال أنت أعلم بما ذهب مني فأمر له بالعيبة ثم قال للوالي و عندي عيبة أخرى لرجل و هو يأتيك إلى أيام و هو رجل من بربر فإذا أتاك فأرشده إلي فإن عيبته عندي و أما هذان السارقان فلست ببارح من هاهنا حتى تقطعهما قال أحدهما و الله يا أبا جعفر لقد قطعتني بحق ثم جاء البربري إلى الوالي بعد ثلاث أيام فأرسله إلى أبي جعفر فقال له أبو جعفر أ لا أخبرك بما في عيبتك فقال البربري إن أخبرتني علمت أنك إمام فرض الله طاعتك فقال أبو جعفر ألف دينار لك و ألف دينار لغيرك و من الثياب كذا و كذا قال فما اسم الرجل الذي له ألف دينار قال محمد بن عبد الرحمن و هو بالباب ينتظرك فقال البربري آمنت بالله وحده لا شريك له و بمحمد (صلى الله عليه وآله وسلّم) و أشهد أنكم أهل بيت الرحمة الذين أذهب الله عنكم الرجس و طهركم تطهيرا .

back page fehrest page next page