back page fehrest page next page

قال الصادق (عليه السلام) إن أبي قال ذات يوم إنما بقي من أجلي خمس سنين فحسبت فما زاد و لا نقص .

أبو القاسم بن شبل الوكيل بالإسناد عن محمد بن سليمان : أن ناصبيا شاميا كان يختلف إلى مجلس أبي جعفر (عليه السلام) و يقول له طاعة الله في بغضكم و لكني أراك رجلا فصيحا فكان أبو جعفر يقول لن تخفى على الله خافية فمرض الشامي فلما ثقل قال لوليه إذا أنت مددت علي الثوب فائت محمد بن علي و سله أن يصلي علي قال فلما أن كان في بعض الليل ظنوا أنه برد و سجوه فلما أن أصبح الناس خرج وليه إلى أبي جعفر و حكى له ذلك فقال أبو جعفر كلا إن بلاد الشام صرد و الحجاز بلاد حر و لحمها شديد فانطلق فلا تعجلن على صاحبكم حتى آتيكم قال ثم قام من مجلسه فجدد وضوءا ثم عاد فصلى ركعتين ثم مد يده تلقاء وجهه ما شاء الله ثم خر ساجدا حتى طلعت الشمس ثم نهض فانتهى إلى مجلس الشامي فدخل عليه فدعاه فأجابه ثم أجلسه و أسنده فدعا له بسويق فسقاه و قال املئوا جوفه و بردوا صدره بالطعام البارد ثم انصرف و تبعه الشامي فقال أشهد أنك حجة الله على خلقه قال و ما بدا لك قال أشهد أني عمدت بروحي و عاينت بعيني فلم يتفاجأني إلا و مناد ينادي ردوا إليه روحه فقد كنا سألنا ذلك محمد بن

[187]

علي فقال أبو جعفر أ ما علمت أن الله يحب العبد و يبغض عمله و يبغض العبد و يحب عمله قال فصار بعد ذلك من أصحاب أبي جعفر .

الثعلبي في نزهة القلوب روى عن الباقر (عليه السلام) أنه قال : أشخصني هشام بن عبد الملك فدخلت عليه و بنو أمية حوله فقال لي ادن يا ترابي فقلت من التراب خلقنا و إليه نصير فلم يزل يدنيني حتى أجلسني معه ثم قال أنت أبو جعفر الذي تقتل بني أمية فقلت لا قال فمن ذاك فقلت ابن عمنا أبو العباس بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس فنظر إلي و قال و الله ما جربت عليك كذبا ثم قال و متى ذاك قلت عن سنيات و الله ما هي ببعيدة الخبر .

كتاب المعجزات : أن الباقر كان في عمرة اعتمرها في الحجر جالسا إذ أقبل جان حتى دنا من الحجر فطاف بالبيت أسبوعا ثم إنه أتى المقام فقام على ذنبه فصلى ركعتين و ذلك عند زوال الشمس فبصر به عطاء و أناس من أصحابه فأتوا أبا جعفر (عليه السلام) و استغاثوا إليه فقال انطلقوا إليه فقولوا له يقول لك محمد بن علي إن البيت يحضره أعبد و سودان و هذه ساعة خلوته منهم و قد قضيت نسكك و نحن نتخوف عليك منهم فلو خففت و انطلقت قال فكوم كومة من بطحاء المسجد ثم وضع ذنبه عليها ثم مثل في الهواء .

جابر الجعفي مرفوعا : لا يزال سلطان بني أمية حتى يسقط حائط مسجدنا هذا يعني مسجد الجعفي فكان كما أخبر .

قال الكميت الأسدي : دخلت إليه و عنده رجل من بني مخزوم و أنشدته شعري فيهم فكلما أنشدته قصيدة قال يا غلام بدرة فما خرجت من البيت حتى أخرج خمسين ألف درهم فقلت و الله إني ما قلت فيكم لغرض الدنيا و أبيت فقال يا غلام أعد هذا المال في مكانه فلما حمل قال له المخزومي سألتك بالله عشرة آلاف درهم فقلت ليست عندي و أعطيت بالكميت خمسين ألف درهم و إني لأعلم أنك الصادق البار قال له قم و ادخل فخذ فدخل المخزومي فلم يجد شيئا فهذا دليل على أن الكنوز مغطية لهم .

[188]

معتب قال : توجهت مع أبي عبد الله (عليه السلام) إلى ضيعة فلما دخلها صلى ركعتين ثم قال إني صليت مع أبي الفجر ذات يوم فجلس أبي يسبح الله فبينما يسبح إذ أقبل شيخ طوال أبيض الرأس و اللحية فسلم على أبي و إذا شاب مقبل في أثره فجاء إلى الشيخ و سلم على أبي و أخذ بيد الشيخ و قال قم فإنك لم تؤمن بهذا فلما ذهبا من عند أبي قلت يا أبي من هذا الشيخ و هذا الشاب فقال و الله هذا ملك الموت و هذا جبرئيل (عليه السلام) .

جابر بن يزيد الجعفي عن أبي جعفر (عليه السلام) قال : إنا لنعرف الرجل إذا رأيناه بحقيقة الإيمان و بحقيقة النفاق .

قال جرى عند أبي عبد الله (عليه السلام) ذكر عمر بن سحنة الكندي فزكوه فقال (عليه السلام) ما أرى لكم علما بالناس إني لأكتفي من الرجل بلحظة إن ذا من أخبث الناس قال و كان عمر بعد ما يدع محرما لله إلا يركبه .

عبد الله بن عطاء المكي قال : اشتقت إلى أبي جعفر (عليه السلام) و أنا بمكة فقدمت المدينة و ما أقدمنيها إلا شوقا إليه فأصابني تلك الليلة مطر و برد شديد فانتهيت إلى بابه نصف الليل فقلت أطرقه هذه الساعة أو أنتظر حتى أصبح و إني لأتفكر في ذلك إذ سمعته يقول يا جارية افتحي الباب لابن عطاء فقد أصابه في هذه الليلة برد و أذى ففتحت الباب فدخلت .

عبد الله بن كثير قال : نزل أبو جعفر (عليه السلام) بواد فضرب خباه فيه ثم خرج يمشي إلى نخلة يابسة فحمد الله عندها ثم تكلم بكلام لم أسمع بمثله ثم قال أيتها النخلة أطعمينا مما جعل الله فيك فتساقطت رطب أحمر و أصفر فأكل و معه أبو أمية الأنصاري فقال يا أبا أمية هذه الآية فينا كالآية في مريم إذ هزت إليها النخلة فتساقط عليها رطبا جنيا .

عمر بن حنظلة : سألت أبا جعفر (عليه السلام) أن يعلمني الاسم الأعظم فقال ادخل البيت فوضع أبو جعفر يده على الأرض فأظلم البيت و ارتعدت فرائصي فقال ما تقول أعلمك فقلت لا فرفع يده فرجع البيت كما كان .

و يروى : أن زيد بن علي لما عزم على البيعة قال له أبو جعفر (عليه السلام) يا أبا زيد إن مثل القائم من أهل هذا البيت قبل قيام مهديهم مثل فرخ نهض من عشه من غير أن يستوي جناحاه فإذا فعل ذلك سقط فأخذه الصبيان يتلاعبون به فاتق الله في نفسك أن تكون المصلوب غدا بالكناسة فكان كما قال .

[189]

عبد الله بن طلحة عن أبي عبد الله (عليه السلام) في خبر ... : إن أبي (عليه السلام) كان قاعدا في الحجر و معه رجل يحدثه فإذا هو بوزغ يولول بلسانه فقال أبي للرجل أ تدري ما يقول هذا الوزغ فقال الرجل لا علم لي بما يقول قال فإنه يقول و الله لئن ذكرت الثالث لأسبن عليا حتى تقوم من هاهنا .

محمد بن مسلم قال : كنت مع أبي جعفر (عليه السلام) بين مكة و المدينة و أنا أسير على حمار لي و هو على بغلة له إذ أقبل ذئب من رأس الجبل حتى انتهى إلى أبي جعفر فحبس البغلة و دنا الذئب منه حتى وضع يده على قربوس السرج و مد عنقه إلى أذنه و دنا أبو جعفر أذنه منه ساعة ثم قال له امض فقد فعلت فخرج مهرولا فقلت له لقد رأيت عجبا فقال و ما تدري ما قال قلت الله و رسوله و ابن رسوله أعلم قال إنه قال يا ابن رسول الله زوجتي في ذلك الجبل و قد تعسر عليها ولادتها فادع الله يخلصها و أن لا يسلط شيئا من نسلي على أحد من شيعتكم فقلت قد فعلت و قد روى الحسن بن علي بن أبي حمزة في الدلالات هذا الخبر عن الصادق (عليه السلام) و زاد فيها أنه (عليه السلام) مر و سكن في ضيعته شهرا فلما رجع فإذا هو بالذئب و زوجته و جرو عووا في وجه الصادق فأجابهم بمثل عوائهم بكلام يشبهه ثم قال لنا (عليه السلام) قد ولد له جرو ذكر و كانوا يدعون الله لي و لكم بحسن الصحابة و دعوت لهم بمثل ما دعوا لي و أمرتهم أن لا يؤذوا لي وليا و لأهل بيتي ففعلوا و ضمنوا لي ذلك .

الحسن بن محمد بإسناده عن أبي بكر الحضرمي قال : لما حمل أبو جعفر إلى الشام إلى هشام بن عبد الملك و صار ببابه قال هشام لأصحابه إذا سكت من توبيخ محمد بن علي فلتوبخوه ثم أمر أن يؤذن له فلما دخل عليه أبو جعفر قال بيده السلام عليكم فعمهم جميعا بالسلام ثم جلس فازداد هشام عليه حنقا بتركه السلام بالخلافة و جلوسه بغير إذن فقال يا محمد بن علي لا يزال الرجل منكم قد شق عصا المسلمين و دعا إلى نفسه و زعم أنه الإمام سفها و قلة علم و جعل يوبخه فلما سكت أقبل القوم عليه رجل بعد رجل يوبخه فلما سكت القوم نهض قائما ثم قال أيها الناس أين تذهبون

[190]

و أين يراد بكم بنا هدى الله أولكم و بنا يختم آخركم فإن يكن لكم ملك معجل فإن لنا ملكا مؤجلا و ليس من بعد ملكنا ملك لأنا أهل العاقبة يقول الله عز و جل وَ الْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ فأمر به إلى الحبس فلما صار في الحبس تكلم فلم يبق في الحبس رجل إلا ترشفه و حسن عليه فجاء صاحب الحبس إلى هشام و أخبره بخبره فأمر به فحمل على البريد هو و أصحابه ليردوا إلى المدينة و أمر أن لا تخرج لهم الأسواق و حال بينهم و بين الطعام و الشراب فساروا ثلاثا لا يجدون طعاما و لا شرابا حتى انتهوا إلى مدينة فأغلق باب المدينة دونهم فشكا أصحابه العطش و الجوع قال فصعد جبلا أشرف عليهم فقال بأعلى صوته يا أهل المدينة الظالم أهلها إنا بقية الله يقول الله تعالى بَقِيَّتُ اللَّهِ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ * وَ ما أَنَا عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ قال و كان فيهم شيخ كبير فأتاهم فقال يا قوم هذه و الله دعوة شعيب (عليه السلام) و الله لئن لم تخرجوا إلى هذا الرجل بالأسواق لتؤخذن من فوقكم و من تحت أرجلكم فصدقوني هذه المرة و أطيعوني و كذبوني فيما تستأنفون فإني ناصح لكم قال فبادروا و أخرجوا إلى أبي جعفر و أصحابه الأسواق .

كافي الكليني قال سدير الصيرفي : أوصاني أبو جعفر (عليه السلام) بحوائج له بالمدينة فخرجت فبينما أنا في فج الروحاء على راحلتي إذ إنسان يلوي بثوبه قال فملت إليه و ظننت أنه عطشان فناولته الإداوة فقال لا حاجة لي بها و ناولني كتابا طينه رطب قال فلما نظرت إلى خاتمه إذا خاتم أبي جعفر فقلت له متى عهدك بصاحب هذا الكتاب قال الساعة و إذا في الكتاب أشياء يأمرني بها ثم التفت فإذا ليس عندي أحد قال ثم قدم أبو جعفر (عليه السلام) فلقيته فقلت جعلت فداك رجل أتاني بكتابك و طينه رطب فقال يا سدير إن لنا خدما من الجن فإذا أردنا السرعة بعثناهم .

محمد بن يحيى بإسناده عن أبي جعفر (عليه السلام) قال : كانت أمي قاعدة عند جدار فتصدع الجدار و سمعنا هدة شديدة فقالت بيدها لا و حق المصطفى ما آذن لك في السقوط

[191]

فبقي معلقا إلى الجو حتى جازته فتصدق أبي عنها بمائة دينار .

النعمان بن بشير قال : ناول رجل طوال جابر الجعفي كتابا فتناوله و وضعه على عينيه و إذا هو من محمد بن علي إليه فقال له متى عهدك بسيدي فقال الساعة ففك الخاتم و أقبل يقرؤه و يقبض وجهه حتى أتى على آخره و أمسك الكتاب فما رأيته ضاحكا مسرورا حتى وافى الكوفة فلما وافينا بت ليلتي فلما أصبحت أتيته إعظاما له فوجدته قد خرج علي و في عنقه كعاب قد علقها و قد ركب قصبة و هو يقول أدخل منصور بن جمهور أميرا غير مأمور و اجتمع عليه الصبيان و هو يدور معهم و الناس يقولون جن جابر فو الله ما مضت إلا أيام حتى ورد كتاب هشام بن عبد الملك إلي واليه يأمره بقتل جابر و إنفاذ رأسه إليه فقال لجلسائه من جابر بن يزيد الجعفي قالوا أصلحك الله كان رجل له فضل و علم فجن و هو دائر في الرحبة مع الصبيان على القصب يلعب معهم قال فأشرف عليه و رآه معهم بينهم فقال الحمد لله الذي عافاني من قتله قال ثم لم تمض إلا أيام حتى دخل منصور بن جمهور فصنع ما كان يقول جابر .

محمد بن مسلم قال : كنت عنده يوما فرجع زوج ورشان و هدلا هديلهما فرد عليهما أبو جعفر كلامهما ساعة ثم نهضا فلما صارا على الحائط هدل الذكر على الأنثى ساعة ثم طارا فقلت له جعلت فداك ما قال هذا الطائر فقال يا ابن مسلم كل شي‏ء خلقه الله من طير أو بهيمة أو شي‏ء فيه روح فإنه أطوع لنا و أسمع من ابن آدم إن هذا الورشان ظن بأنثاه سوءا فحلفت له ما فعلت فلم يقبل فقالت ترضى بمحمد بن علي فرضيا بي فأخبرته أنه لها ظالم فصدقها .

أبو بصير قال : كنت مع أبي جعفر (عليه السلام) في المسجد إذ دخل عليه أبو الدوانيق و داود بن علي و سليمان بن مجالد حتى قعدوا في جانب المسجد فقال لهم هذا أبو جعفر فأقبل إليه داود بن علي و سليمان بن مجالد فقال لهما ما منع جباركم أن يأتيني فعذروه عنده فقال (عليه السلام) يا داود أما إنه لا تذهب الأيام حتى يليها و يطأ الرجال عقبه و يملك شرقها و غربها و تدين له الرجال و تذل رقابها قال فلها مدة قال نعم و الله ليتلقفنها

[192]

الصبيان منكم كما تتلقف الأكرة فانطلقا فأخبرا أبا جعفر بالذي سمعا من محمد بن علي فبشراه بذلك فلما وليا دعا سليمان بن مجالد فقال يا سليمان بن مجالد إنهم لا يزالون في فسحة من ملكهم ما لم يصيبوا دما و أومى بيده إلى صدره فإذا أصابوا ذلك الدم فبطنها خير لهم من ظهرها فجاء أبو الدوانيق إليه و سأله عن مقالهما فصدقهما الخبر فكان كما قال .

و في حديث عاصم الحناط عن محمد بن مسلم أنه : سأل أبا جعفر (عليه السلام) دلالة فقال يا ابن مسلم وقع بينك و بين زميلك بالربذة حتى عيرك بنا و بحبنا و بمعرفتنا قال إي و الله جعلت فداك لقد كان ذلك فمن يخبركم بمثل ذلك قال يا ابن مسلم إن لنا خدما من الجن هم شيعة لنا أطوع لنا منكم .

أبو بصير قال : أطرق أبو جعفر (عليه السلام) إلى الأرض ينكت فيها مليا ثم إنه رفع رأسه فقال كيف أنتم يا قوم إذا جاءكم رجل فدخل عليكم مدينتكم هذه في أربعة آلاف رجل حتى يستعرضكم بسيفه ثلاثة أيام فيقتل مقاتليكم و تلقون منه بلاء لا تقدرون أن تدفعوه بأيديكم و ذلك يكون في قابل فخذوا حذركم و اعلموا أنه ما قلت لكم كائن لا بد منه فلم يأخذ أحد حذره من أهل المدينة إلا بنو هاشم خاصة فلما كان من قابل تحمل أبو جعفر لعياله أجمعين و بنو هاشم جبا من المدينة فكان كما قال .

مشمعل الأسدي عن أبي بصير قال : سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول لرجل من أهل خراسان كيف أبوك قال صالح قال هلك أبوك بعد ما خرجت و جئت إلى جرجان ثم قال ما فعل أخوك قال خلفته صالحا قال قد قتله جاره صالح يوم كذا و كذا فبكى الرجل ثم قال إنا لله و إنا إليه راجعون مما أصبت به فقال أبو جعفر (عليه السلام) اسكت فإنك لا تدري ما صنع الله بهم قد صاروا إلى الجنة و الجنة خير لهم مما كانوا فيه فقال له الرجل جعلت فداك إني خلفت ابني وجعا شديد الوجع و لم تسألني عنه كما

[193]

سألتني عن غيره قال قد برأ و قد زوجه عمه بنته و أنت تقدم و قد ولد له غلام و اسمه علي و هو لنا شيعة و أما ابنك فليس هو لنا شيعة بل هو لنا عدو .

عاصم الحناط عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر (عليه السلام) قال : سمعته و هو يقول لرجل من أهل إفريقية ما حال راشد قال خلفته حيا صالحا يقرئك السلام قال رحمه الله قلت جعلت فداك و مات قال نعم رحمه الله قلت و متى مات قال بعد خروجك بيومين .

و في حديث الحلبي أنه : دخل أناس على أبي جعفر و سألوا علامة فأخبرهم بأسمائهم و أخبرهم عما أرادوا يسألون عنه و قال أردتم أن تسألوا عن هذه الآية من كتاب الله كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُها ثابِتٌ وَ فَرْعُها فِي السَّماءِ تُؤْتِي أُكُلَها كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّها قالوا صدقت هذه الآية أردنا أن نسألك قال نحن الشجرة التي قال الله تعالى أَصْلُها ثابِتٌ وَ فَرْعُها فِي السَّماءِ و نحن نعطي شيعتنا ما نشاء من أمر علمنا .

علي بن أبي حمزة و أبو بصير قالا : كان لنا موعدا على أبي جعفر (عليه السلام) فدخلنا عليه أنا و أبو ليلى فقال يا سكينة هلمي بالمصباح فأتت بالمصباح ثم قال هلمي بالسفط الذي في موضع كذا و كذا قال فأتته بسفط هندي أو سندي ففض خاتمه ثم أخرج منه صحيفة صفراء فقال علي فأخذ يدرجها من أعلاها و ينشرها من أسفلها حتى إذا بلغ ثلثها أو ربعها نظر إلي فارتعدت فرائصي حتى خفت على نفسي فلما نظر إلي في تلك الحال وضع يده على صدري فقال أ برأت أنت قلت نعم جعلت فداك قال ليس عليك بأس ثم قال ادنه فدنوت فقال لي ما ترى قلت اسمي و اسم أبي و أسماء أولاد لي أعرفهم فقال يا علي لو لا أن لك عندي ما ليس لغيرك ما أطلعتك على هذا أما إنهم سيزادون على عدد ما هاهنا قال علي بن أبي حمزة فمكثت و الله بعد ذلك عشرين سنة ثم ولد لي الأولاد بعدد ما رأيت بعيني في تلك الصحيفة الخبر .

أبو عيينة و أبو عبد الله (عليه السلام) : إن موحدا أتى الباقر و شكا عن أبيه و نصبه و فسقه و إنه أخفى ماله عند موته فقال له أبو جعفر أ فتحب أن تراه و تسأله عن ماله فقال

[194]

الرجل نعم و إني لمحتاج فقير فكتب إليه أبو جعفر كتابا بيده في رق أبيض و ختمه بخاتمه ثم قال اذهب بهذا الكتاب الليلة إلى البقيع حتى تتوسط ثم تنادي يا درجان ففعل ذلك فجاءه شخص فدفع إليه الكتاب فلما قرأه قال أ تحب أن ترى أباك فلا تبرح حتى آتيك به فإنه بضجنان فانطلق فلم يلبث إلا قليلا حتى أتاني رجل أسود في عنقه حبل أسود مدلع لسانه يلهث و عليه سربال أسود فقال لي هذا أبوك و لكن غيره اللهب و دخان الجحيم و جرع الحميم فسألته عن حاله قال إني كنت أتوالى بني أمية و كنت أنت تتوالى أهل البيت و كنت أبغضك على ذلك و أحرمتك مالي و دفنته عنك فأنا اليوم على ذلك من النادمين فانطلق إلى جنتي فاحتفر تحت الزيتونة فخذ المال و هو مائة و خمسون ألفا و ادفع إلى محمد بن علي خمسين ألفا و لك الباقي قال ففعل الرجل كذلك فقضى بها أبو جعفر دينا و ابتاع بها أرضا ثم قال أما إنه سينفع الميت الندم على ما فرط من حبنا و ضيع من حقنا بما أدخل علينا من الرفق و السرور .

جابر بن يزيد سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن قوله تعالى : وَ كَذلِكَ نُرِي إِبْراهِيمَ مَلَكُوتَ السَّماواتِ فرفع أبو جعفر بيده و قال ارفع رأسك فرفعت فوجدت السقف متفرقا و رمق ناظري في ثلمة حتى رأيت نورا حار عنه بصري فقال هكذا رأى إبراهيم ملكوت السماوات و انظر إلى الأرض ثم ارفع رأسك فلما رفعته رأيت السقف كما كان ثم أخذ بيدي و أخرجني من الدار و ألبسني ثوبا و قال غمض عينيك ساعة ثم قال أنت في الظلمات التي رأى ذو القرنين ففتحت عيني فلم أر شيئا ثم تخطى خطى و قال أنت على رأس عين الحياة للخضر ثم خرجنا من ذلك العالم حتى تجاوزنا خمسه فقال هذه ملكوت الأرض ثم قال غمض عينيك و أخذ بيدي فإذا نحن في الدار التي كنا فيها و خلع عني ما كان ألبسنيه فقلت جعلت فداك كم ذهب من اليوم فقال ثلاث ساعات .

ابن حماد :

ولاء النبي و آل النبي *** عقدي و أمني من مفزعي

[195]

و وجهت وجهي لا أبتغي *** سوى السادة الخشع الركع

‏و ما لي هداة سوى الطاهرين *** بدور الهدى الكمل اللمع

‏بحار النوال بدور الكمال *** غيوث الورى الهطل الهمع

‏هم شفعائي إلى ربهم *** و ليس سواهم بمستشفع

‏بهم يرفع الله أعمالنا *** و لو لا الولاية لم ترفع

و له :

يا أهل بيت النبي حبكم *** تجارة الفوز للأولى اتجروا

يا أهل بيت النبي حبكم *** يبلي به ربنا و يختبر

فصل في علمه (عليه السلام) :

محمد بن مسلم عن أبي جعفر (عليه السلام) قال : سمعته يقول إنا علمنا منطق الطير و أوتينا من كل شي‏ء .

سماعة بن مهران عن شيخ من أصحابنا عن أبي جعفر (عليه السلام) قال : جئنا نريد الدخول عليه فلما صرنا في الدهليز سمعنا قراءة سريانية بصوت حزين يقرأ و يبكي حتى أبكى بعضنا .

موسى بن أكيل النميري قال : جئنا إلى باب دار أبي جعفر (عليه السلام) نستأذن عليه فسمعنا صوتا حزينا يقرأ بالعبرانية فدخلنا عليه و سألنا عن قاريه فقال ذكرت مناجاة إيليا فبكيت من ذلك .

و يقال : لم يظهر عن أحد من ولد الحسن و الحسين (عليه السلام) من العلوم ما ظهر منه من التفسير و الكلام و الفتيا و الأحكام و الحلال و الحرام قال محمد بن مسلم سألته عن ثلاثين ألف حديث و قد روي عنه معالم الدين بقايا الصحابة و وجوه التابعين و رؤساء فقهاء المسلمين فمن الصحابة نحو جابر بن عبد الله الأنصاري و من التابعين نحو جابر بن يزيد الجعفي و كيسان السختاني صاحب الصوفية و من الفقهاء نحو ابن المبارك و الزهري و الأوزاعي و أبو حنيفة و مالك و الشافعي و زياد بن المنذر النهدي .

و من المصنفين نحو الطبري و البلاذري و السلامي و الخطيب في تواريخهم و في الموطأ و شرف المصطفى و الإبانة و حلية الأولياء و سنن أبي داود

[196]

و الألكاني و مسندي أبي حنيفة و المروزي و ترغيب الأصفهاني و بسيط الواحدي و تفسير النقاش و الزمخشري و معرفة أصول الحديث و رسالة السمعاني فيقولون قال محمد بن علي و ربما قالوا قال محمد الباقر و لذلك لقبه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) بباقر العلم و حديث جابر مشهور معروف رواه فقهاء المدينة و العراق كلهم .

و قد أخبرني جدي شهرآشوب و المنتهى بن كيابكي الحسيني بطرق كثيرة عن سعيد بن المسيب و سليمان الأعمش و أبان بن تغلب و محمد بن مسلم و زرارة بن أعين و أبي خالد الكابلي : أن جابر بن عبد الله الأنصاري كان يقعد في مسجد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) ينادي يا باقر يا باقر العلم فكان أهل المدينة يقولون جابر يهجر و كان يقول و الله ما أهجر و لكني سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) يقول إنك ستدرك رجلا من أهل بيتي اسمه اسمي و شمائله شمائلي يبقر العلم بقرا فذاك الذي دعاني إلى ما أقول قال فلقي يوما كتابا فيه الباقر (عليه السلام) فقال يا غلام أقبل فأقبل ثم قال له أدبر فأدبر فقال شمائل رسول الله و الذي نفس جابر بيده يا غلام ما اسمك قال اسمي محمد قال ابن من قال ابن علي بن الحسين فقال يا بني فدتك نفسي فإذا أنت الباقر قال نعم فأبلغني ما حملك رسول الله فأقبل إليه يقبل رأسه و قال بأبي أنت و أمي أبوك رسول الله يقرئك السلام قال يا جابر على رسول الله ما قامت السماوات و الأرض و عليك السلام يا جابر بما بلغت السلام قال فرجع الباقر (عليه السلام) إلى أبيه و هو ذعر فأخبره بالخبر فقال له يا بني قد فعلها جابر قال نعم قال يا بني الزم بيتك فكان جابر يأتيه طرفي النهار و أهل المدينة يلومونه فكان الباقر يأتيه على وجه الكرامة لصحبته من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) قال فجلس يحدثهم عن أبيه عن رسول الله فلم يقبلوه فحدثهم عن جابر فصدقوه و كان جابر و الله يأتيه و يتعلم منه .

الخطيب صاحب التأريخ قال جابر الأنصاري للباقر (عليه السلام) : رسول الله أمرني أن أقرئك السلام .

أبو السعادات في فضائل الصحابة : أن جابر الأنصاري بلغ سلام رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم)

[197]

إلى محمد الباقر فقال له محمد بن علي أثبت وصيتك فإنك راحل إلى ربك فبكى جابر فقال له يا سيدي و ما علمك بذلك فهذا عهد عهده إلي رسول الله فقال له و الله يا جابر لقد أعطاني الله علم ما كان و ما هو كائن إلى يوم القيامة و أوصى جابر وصاياه و أدركته الوفاة .

و في رواية غيره أنه قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) يا جابر يوشك أن تبقى حتى تلقى ولدا لي من الحسين يقال له محمد يبقر علم النبيين بقرا فإذا لقيته فأقرئه مني السلام .

القتيبي في عيون الأخبار : أن هشاما قال لزيد بن علي ما فعل أخوك البقرة فقال زيد سماه رسول الله باقر العلم و أنت تسميه بقرة لقد اختلفتما إذا .

back page fehrest page next page