زيد بن علي :
ثوى باقر العلم في ملحد *** إمام الورى طيب المولد
فمن لي سوى جعفر بعده *** إمام الورى الأوحد الأمجد
أبا جعفر الخير أنت الإمام *** و أنت المرجى لبلوى غد
القرطي :
يا باقر العلم لأهل التقى *** و خير من لبى على الأجبل
حمران بن أعين قال لي أبو جعفر و قد قرأت : لَهُ مُعَقِّباتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَ مِنْ خَلْفِهِ قال : و أنتم قوم عرب تكون المعقبات من بين يديه ?
قلت : كيف تقرؤها ?
قال : له معقبات من خلفه , و رقيب من بين يديه , يحفظونه بأمر الله .
و بلغنا أن الكميت أنشد الباقر (عليه السلام) :
من لقلب متيم مستهام *** .. .
فتوجه الباقر (عليه السلام) إلى الكعبة , فقال : اللهم ارحم الكميت و اغفر له ثلاث مرات .
ثم قال : يا كميت , هذه مائة ألف قد جمعتها لك من أهل بيتي .
فقال الكميت : لا و الله , لا يعلم أحد أني آخذ منها حتى يكون الله عز و جل الذي يكافيني ; و لكن تكرمني بقميص من قمصك .
فأعطاه .
و سأل رجل ابن عمر عن مسألة فلم يدر بما يجيبه , فقال : اذهب إلى ذلك الغلام فاسأله , و أعلمني بما يجيبك ; و أشار به إلى محمد بن علي الباقر .
فأتاه و سأله .
فأجابه , فرجع إلى ابن عمر فأخبره .
فقال ابن عمر : إنهم أهل بيت مفهمون .
و وفد عليه عمرو بن عبيد فسأله عن قوله تعالى أَ وَ لَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ
[198]
السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ كانَتا رَتْقاً فَفَتَقْناهُما ما هذا الرتق و الفتق فقال (عليه السلام) كانت السماء رتقا لا تنزل القطر و كانت الأرض رتقا لا تخرج النبات فلما تاب الله تعالى على آدم أمر الأرض فتفجرت أنهارا و أنبتت أشجارا و أينعت ثمارا و أمر السماء فتقطرت بالغمام و أرخت عزاليها فكان ذلك فتقها فانقطع عمرو .
و قال الأبرش الكلبي لهشام من هذا الذي احتوشه أهل العراق و يسألونه قال هذا نبي الكوفة و هو يزعم أنه ابن رسول الله و باقر العلم و مفسر القرآن فاسأله مسألة لا يعرفها فأتاه و قال يا ابن علي قرأت التوراة و الإنجيل و الزبور و الفرقان قال نعم قال فإني سائلك عن مسائل قال سل فإن كنت مسترشدا فستنتفع بما تسأل عنه و إن كنت متعنتا فتضل بما تسأل عنه قال كم الفترة التي كانت بين محمد و عيسى (عليه السلام) قال أما في قولنا فسبعمائة و أما في قولك فستمائة سنة قال فأخبرني عن قوله تعالى يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ ما الذي يأكل الناس و يشربون إلى أن يفصل بينهم يوم القيامة قال يحشر الناس على مثل فرضة الأرض فيها أنهار متفجرة يأكلون و يشربون حتى يفرغ من الحساب فقال هشام قل له ما أشغلهم عن الأكل و الشرب يومئذ قال هم في النار أشغل و لم يشغلوا عن أن قالوا أَنْ أَفِيضُوا عَلَيْنا مِنَ الْماءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ قال فأخبرني عن قول الله تعالى وَ سْئَلْ مَنْ أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنا كان في أيامه من يسأل عنه فيسألهم فأخبروه فأجاب عن ذلك مثل ما تقدم من فصل الميثاق من هذا الكتاب قال فنهض الأبرش و هو يقول أنت ابن بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) حقا ثم صار إلى هشام فقال دعونا منكم يا بني أمية فإن هذا أعلم أهل الأرض بما في السماء و الأرض فهذا ولد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) و قد روى الكليني هذه الحكاية عن نافع غلام ابن عمر و زاد فيه أنه قال الباقر (عليه السلام) ما تقول في أصحاب النهروان فإن قلت إن أمير المؤمنين قتلهم بحق فقد ارتددت
[199]
و إن قلت إنه قتلهم باطلا فقد كفرت قال فولى من عنده و هو يقول أنت و الله أعلم الناس حقا فأتى هشاما الخبر .
و قال أبو جعفر لعبد الله بن عباس أنشدك الله هل في حكم الله اختلاف قال لا قال فما ترى في رجل ضرب أصابعه بالسيف حتى سقطت فذهبت فأتى رجل آخر فأطار كف يده فأتى به إليك و أنت قاض كيف أنت صانع قال أقول لهذا القاطع أعطه دية كف و أقول لهذا المقطوع صالحه على ما شئت أو ابعث إليهما ذوي عدل قال فقال (عليه السلام) له جاء الاختلاف في حكم الله و نقضت القول الأول أبى الله أن يحدث خلقه شيئا من الحدود و ليس تفسيره في الأرض اقطع يد قاطع الكف أولا ثم أعطه دية الأصابع هذا حكم الله .
الحكم بن عيينة سألته امرأة فقالت : إن زوجي مات و ترك ألف درهم و لي عليه مهر خمسمائة درهم فأخذت مهري و أخذت ميراثي ما بقي ثم جاء رجل فادعى عليه ألف درهم فشهدت بذلك على زوجي فجعل الحكم بحسب نصيبها إذ خرج أبو جعفر (عليه السلام) فأخبره بمقالة المرأة فقال أبو جعفر (عليه السلام) أقرت بثلث ما في يدها و لا ميراث لها أي بقدر ما يصيبها من حصته و لا يلزم الدين كله .
أوصى رجل بألف درهم للكعبة فجاء الوصي إلى مكة و سأل فدلوه إلى بني شيبة فأتاهم فأخبرهم الخبر فقالوا له برئت ذمتك ادفعه إلينا فقال الناس سل أبا جعفر فسأله فقال (عليه السلام) إن الكعبة غنية عن هذا انظر إلى من زار هذا البيت فقطع به أو ذهبت نفقته أو ضلت راحلته أو عجز أن يرجع إلى أهله فادفعها إلى هؤلاء .
أبو القاسم الطبري اللالكائي في شرح حجج أهل السنة أنه : قال أبو حنيفة لأبي جعفر محمد بن علي بن الحسين (عليه السلام) اجلس و أبو جعفر قاعد في المسجد فقال أبو جعفر أنت رجل مشهور و لا أحب أن تجلس إلي قال فلم يلتفت إلى أبي جعفر و جلس فقال لأبي جعفر أنت الإمام قال لا قال فإن قوما بالكوفة يزعمون أنك إمام قال فما أصنع بهم قال تكتب إليهم تخبرهم قال لا يطيعون إنما نستدل على من غاب عنا بمن حضرنا قد أمرتك أن لا تجلس فلم تطعني و كذلك لو كتبت إليهم ما أطاعوني فلم يقدر أبو حنيفة أن يدخل في الكلام .
[200]
علي بن مهزيار عن أبي جعفر (عليه السلام) قال : قيل له إن رجلا تزوج بجارية صغيرة فأرضعتها امرأته ثم أرضعتها امرأة أخرى فقال ابن شبرمة حرمت عليه الجارية و امرأتاه فقال (عليه السلام) أخطأ ابن شبرمة حرمت عليه الجارية و امرأته التي أرضعتها أولا فأما الأخيرة لم تحرم عليه لأنها أرضعت لبنته .
و جاءت امرأة إلى محمد بن مسلم نصف الليل فقالت لي بنت عروس ضربها الطلق فما زالت تطلق حتى ماتت و الولد يتحرك في بطنها و يذهب و يجيء فما أصنع فقال يا أمة الله سئل الباقر عن مثل ذلك فقال يشق بطن الميت و يستخرج الولد افعلي مثل ذلك يا أمة الله أنا في ستر من وجهك إلي قالت سألت أبا حنيفة فقال عليك بالثقفي فإذا أفتاك فأعلمينيه فلما أصبح محمد بن مسلم و دخل المسجد رأى أبا حنيفة يسأل عن أصحابه فتنحنح محمد بن مسلم فقال اللهم غفرا دعنا نعيش .
سلام بن المستنير عن أبي جعفر (عليه السلام) في خبر طويل يذكر فيه خلق الولد في بطن أمه قال : و يبعث الله ملكا يقال له الزاجر فيزجره زجرة فيفزع الولد منها و ينقلب فتصير رجلاه أسفل البطن ليسهل الله عز و جل على المرأة و على الولد الخروج قال فإن احتبس زجره زجرة أخرى شديدة فيفزع منها فيسقط إلى الأرض فزعا باكيا من الزجر .
قال كهمس قال لي جابر الجعفي : دخلت على أبي جعفر (عليه السلام) فقال لي من أين أنت فقلت من أهل الكوفة قال ممن قلت من جعف قال ما أقدمك إلى هاهنا قلت طلب العلم قال ممن قلت منك قال إذا سألك أحد من أين أنت فقل من أهل المدينة قلت أ يحل لي أن أكذب قال ليس هذا كذبا من كان في مدينة فهو من أهلها حتى يخرج .
و سأله (عليه السلام) طاوس اليماني متى هلك ثلث الناس فقال يا أبا عبد الرحمن لم يمت ثلث الناس قط يا شيخ أردت أن تقول متى هلك ربع الناس و ذلك يوم قتل قابيل هابيل كانوا أربعة آدم و حواء و هابيل و قابيل فهلك ربعهم قال فأيهما كان أبا للناس القاتل أو المقتول قال لا واحد منهما أبوهم شيث
[201]
و سأله عن شيء قليله حلال و كثيره حرام في القرآن قال نهر طالوت إِلَّا مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ و عن صلاة مفروضة بغير وضوء و صوم لا يحجز عن أكل و شرب فقال (عليه السلام) الصلاة على النبي و الصوم قوله تعالى إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمنِ صَوْماً و عن شيء يزيد و ينقص فقال القمر و عن شيء يزيد و لا ينقص فقال البحر و عن شيء ينقص و لا يزيد فقال العمر و عن طائر طار مرة و لم يطر قبلها و لا بعدها قال (عليه السلام) طور سيناء قوله تعالى وَ إِذْ نَتَقْنَا الْجَبَلَ فَوْقَهُمْ كَأَنَّهُ ظُلَّةٌ و عن قوم شهدوا بالحق و هم كاذبون قال (عليه السلام) المنافقون حين قالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ .
محمد بن المنكدر رأيت الباقر (عليه السلام) و هو متكئ على غلامين أسودين فسلمت عليه فرد علي على بهر و قد تصبب عرقا فقلت أصلحك الله لو جاءك الموت و أنت على هذه الحال في طلب الدنيا فخلى الغلامين من يده و تساند و قال لو جاءني و أنا في طاعة من طاعات الله أكف بها نفسي عنك و عن الناس و إنما كنت أخاف الله لو جاءني و أنا على معصية من معاصي الله فقلت رحمك الله أردت أن أعظك فوعظتني .
و كان عبد الله بن نافع بن الأزرق يقول : لو عرفت أن بين قطريها أحدا تبلغني إليه الإبل يخصمني بأن عليا قتل أهل النهروان و هو غير ظالم لرحلتها إليه .
قيل له : ائت ولده محمد الباقر .
فأتاه , فسأله .
فقال (عليه السلام) بعد كلام ...: الحمد لله الذي أكرمنا بنبوته و اختصنا بولايته يا معشر أولاد المهاجرين و الأنصار من كان عنده منقبة في أمير المؤمنين (عليه السلام) فليقم فليحدث فقاموا و نشروا من مناقبه فلما انتهوا إلى قوله لأعطين الراية الخبر سأله أبو جعفر عن صحته فقال هو حق لا شك فيه و لكن عليا أحدث الكفر بعد فقال أبو جعفر (عليه السلام) أخبرني عن الله أحب علي بن أبي طالب يوم أحبه و هو يعلم أنه يقتل أهل النهروان أم لم يعلم إن قلت لا كفرت فقال قد علم قال فأحبه على أن يعمل بطاعته أو على أن يعمل بمعصيته قال على أن يعمل بطاعته فقال أبو جعفر (عليه السلام) قم مخصوما فقام و هو يقول حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود الله يعلم حيث يجعل رسالاته .
و في حديث نافع بن الأزرق : أنه سأل الباقر (عليه السلام) عن مسائل منها قوله تعالى :
[202]
وَ سْئَلْ مَنْ أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنا أَ جَعَلْنا مِنْ دُونِ الرَّحْمنِ آلِهَةً يُعْبَدُونَ من الذي يسأله محمد و كان بينه و بين عيسى خمسمائة سنة قال فقرأ أبو جعفر (عليه السلام) سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى بِعَبْدِهِ لَيْلًا ثم ذكر اجتماعه بالمرسلين و الصلاة بهم .
و تكلم بعض رؤساء الكيسانية مع الباقر في حياة محمد بن الحنفية قال له : ويحك ما هذه الحماقة أنتم أعلم به أم نحن قد حدثني أبي علي بن الحسين أنه شهد موته و غسله و كفنه و الصلاة عليه و إنزاله في القبر .
فقال : شبه على أبيك كما شبه عيسى ابن مريم على اليهود .
فقال له الباقر : أ فتجعل هذه الحجة قضاء بيننا و بينك ?
قال : نعم .
قال : أ رأيت اليهود الذين شبه عيسى عليهم كانوا أولياءه أو أعداءه ?
قال : بل كانوا أعداءه .
قال : فكان أبي عدو محمد بن الحنفية فشبه له ?
قال : لا .
و انقطع و رجع عما كان عليه .
و جاءه رجل من أهل الشام و سأله عن بدو خلق البيت فقال (عليه السلام) إن الله تعالى لما قال للملائكة إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً فردوا عليه بقولهم أَ تَجْعَلُ فِيها و ساق الكلام إلى قوله وَ ما كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ فعلموا أنهم وقعوا في الخطيئة فعاذوا بالعرش فطافوا حوله سبعة أشواط يسترضون ربهم عز و جل فرضي عنهم و قال لهم اهبطوا إلى الأرض فابنوا لي بيتا يعوذ به من أذنب من عبادي و يطوف حوله كما طفتم حول عرشي فأرضى عنهم كما رضيت عنكم فبنوا هذا البيت فقال له الرجل صدقت يا أبا جعفر فما بدو هذا الحجر قال إن الله تعالى لما أخذ ميثاق بني آدم أجرى نهرا أحلى من العسل و ألين من الزبد ثم أمر القلم فاستمد من ذلك النهر و كتب إقرارهم و ما هو كائن إلى يوم القيامة ثم ألقم ذلك الكتاب هذا الحجر فهذا الاستلام الذي ترى إنما هو بيعة على إقرارهم و كان أبي إذا استلم الركن قال اللهم أمانتي أديتها و ميثاقي تعاهدته ليشهد لي عندك بالوفاء فقال الرجل صدقت يا أبا جعفر ثم قام فلما ولى قال الباقر لابنه الصادق (عليه السلام) أردده علي فتبعه إلى الصفا فلم يره فقال الباقر (عليه السلام) أراه الخضر .
و سأل محمد بن مسلم أبا جعفر (عليه السلام) لأي شيء صارت الشمس أشد حرارة من القمر فقال إن الله تعالى خلق الشمس من نور النار و صفو الماء طبقا من هذا و طبقا من هذا حتى إذا كانت سبعة أطباق ألبسها لباسا من نار فمن ثم كانت أشد حرارة و خلق القمر من نور النار و صفو الماء طبقا من هذا و طبقا من هذا حتى صارت سبعة أطباق
[203]
و ألبسها لباسا من ماء فمن ثم صار القمر أبرد من الشمس .
أبو بكر بن دريد الأزدي بإسناد له و عن الحسن بن علي الناصر بن الحسن بن علي بن عمر بن علي و عن الحسين بن علي بن جعفر بن موسى بن جعفر عن آبائه كلهم عن الصادق (عليه السلام) قال : لما أشخص أبي محمد بن علي إلى دمشق سمع الناس يقولون هذا ابن أبي تراب قال فأسند ظهره إلى جدار القبلة ثم حمد الله و أثنى عليه و صلى على النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) ثم قال اجتنبوا أهل الشقاق و ذرية النفاق و حشو النار و حصب جهنم عن البدر الزاهر و البحر الزاخر و الشهاب الثاقب و شهاب المؤمنين و الصراط المستقيم من قبل أن نطمس وجوها فنردها على أدبارها أو يلعنوا كما لعن أصحاب السبت و كان أمر الله مفعولا ثم قال بعد كلام أ بصنو رسول الله تستهزءون أم بيعسوب الدين تلمزون و أي سبل بعده تسلكون و أي حزن بعده تدفعون هيهات هيهات برز و الله بالسبق و فاز بالخصل و استوى على الغاية و أحرز على الختار فانحسرت عنه الأبصار و خضعت دونه الرقاب و فرع الذروة العليا فكذب من رام من نفسه السعي و أعياه الطلب فأنى لهم التناوش من مكان بعيد و قال .
أقلوا عليهم لا أبا لأبيكم من اللوم أو سدوا المكان الذي سدواأولئك قوم إن بنوا أحسنوا البنا و إن عاهدوا أوفوا و إن عقدوا شدوا
فأنى يسد ثلمة أخي رسول الله إذ شفعوا و شقيقه إذ نسبوا و نديده إذ قتلوا
[204]
و ذي قرني كنزها إذ فتحوا و مصلي القبلتين إذ تحرفوا و المشهود له بالإيمان إذ كفروا و المدعى لبذ عهد المشركين إذ نكلوا و الخليفة على المهاد ليلة الحصار إذ جزعوا و المستودع الأسرار ساعة الوداع إلى آخر كلامه .
الجاحظ في كتاب البيان و التبيين قال : قد جمع محمد بن علي بن الحسين (عليه السلام) صلاح حال الدنيا بحذافيرها في كلمتين صلاح شأن جميع المعايش و التعاشر ملء مكيال ثلثاه فطنة و ثلث تغافل .
حلية الأولياء قال عبد الله بن عطاء المكي : ما رأينا العلماء عند أحد أصغر منهم عند أبي جعفر (عليه السلام) يعني الباقر و لقد رأيت الحكم بن عيينة مع جلالته و سنه عنده كأنه صبي بين يدي معلم يتعلم منه .
علل الشرائع عن القمي القزويني : سئل الباقر عن علة حسن الخلق و سوئه فقال إن الله تعالى أنزل حوراء من الجنة إلى آدم فزوجها من أحد بنيه و تزوج الآخر إلى الجان فولدتا جميعا فما كان للناس جمال و حسن الخلق فهو من الحوراء و ما كان فيهم من سوء خلق فمن بنت الجان و أنكر أن يكون بنوه من بناته رواه ابن بابويه في المقنع .
و سئل (عليه السلام) أنه وجد في جزيرة بيضا كثيرا فقال كل ما اختلف طرفاه و لا تأكل ما استوى طرفاه .
و سأله محمد بن مسلم لم لا تورث المرأة عمن يتمتع بها قال لأنها مستأجرة قال و لم جعل البينة في النكاح قال من أجل المواريث .
و سأله علي بن محمد بن القاسم العلوي عن آدم حيث حج بم حلق رأسه و من حلقه قال نزل جبرئيل عليه بياقوتة من الجنة فأمرها على رأسه فتناثر شعره .
و سأله (عليه السلام) أبو عبد الله القزويني عن غسل الميت و الصلاة عليه و غسل غاسله قال
[205]
يغسل الميت لأنه يجنب و لتلاقيه الملائكة و هم طاهرون فكذلك الغاسل لتلاقيه المؤمنين و علة الصلاة عليه ليشفع له و ليطلب الله فيه و سأله عن علة الوتيرة قال لأن الله تعالى فرض سبع عشرة ركعة و أضاف رسول الله إليها مثليها فصارت إحدى و خمسين .
و سأله (عليه السلام) أبو بكر الحضرمي عن تكبير صلاة الميت فقال أخذت الخمس من الخمس صلوات من كل صلاة تكبيرة .
أبو جعفر القمي فيمن لا يحضره الفقيه عن الباقر (عليه السلام) في خبر طويل ... : كان النساء في زمن نوح إنما تحيض المرأة في كل سنة حيضة حتى إن سبعمائة امرأة جلسن مع الرجال و شهدن الأعياد فرماهن الله بالحيض عند ذلك في كل شهر فأخرجن من بين الرجال فتزوج بنو اللاتي يحضن في كل شهر حيضة بنات اللاتي يحضن في كل سنة حيضة فامتزج القوم فحضن بنات هؤلاء و هؤلاء في كل شهر حيضة فكثر أولاد اللاتي يحضن في كل شهر لاستقامة الحيض و قل أولاد اللاتي لا يحضن إلا حيضة في السنة لفساد الدم قال فكثر نسل هؤلاء و قل نسل أولئك .
و في خبر عنه (عليه السلام) : لما أمر نوح بغرس الأشجار كان إبليس إلى جانبه فقال هذه الشجرة لي يعني الكرم فقال له نوح كذبت فقال إبليس فما لي منها قال نوح لك الثلثان فمن هناك طاب الطلاء على الثلث .
علل الشرائع عن ابن بابويه قال الباقر (عليه السلام) : كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) لا يأكل الكليتين من غير تحريمهما لقربهما من البول .
أبو هاشم الجعفري :
يا آل أحمد كيف أعدل عنكم *** أ عن السلامة و النجاة أحول
ذخر الشفاعة جدكم لكبائري *** فيها على أهل الوعيد أصول
شغلي بمدحكم و غيري عنكم *** بعدوكم و مديحه مشغول
الصاحب :
العدل و التوحيد مذهبي الذي *** يزهي به الإيمان و الإسلام
و ولايتي لمحمد و لآله ديني *** و حصن الدين ليس يرام
[206]
فهناك حبل الله مظفور القوى *** و عليه من سر القضاء ختام
حيث المبلغ جبرئيل و صحفة *** التنزيل فيه و علمه الأحكام
و العلم غض عندهم بطراوة *** الوحي الوحي كأنه إلهام
مالك :
إذا طلب الناس علم القرآن *** كانت قريش عليه عيالا
و إن قيل أين ابن بنت النبي *** نلت بذلك فرعا طوالا
نجوم تهلل للمدلجين *** جبال تورث علما جبالا
فصل في معالي أموره (عليه السلام) :
المدائني بالإسناد عن جابر الجعفي قال : قال الباقر (عليه السلام) : نحن ولاة أمر الله , و خزان علم الله , و ورثه وحي الله , و حملة كتاب الله , طاعتنا فريضة و حبنا إيمان , و بغضنا كفر , محبنا في الجنة و مبغضنا في النار .
و قال معروف بن خربوذ سمعته (عليه السلام) يقول : إن خبرنا صعب مستصعب , لا يحتمله إلا ملك مقرب أو نبي مرسل , أو عبد امتحن الله قبله للإيمان .
و كان (عليه السلام) يقول : بلية الناس علينا عظيمة إن دعوناهم لم يستجيبوا لنا و إن تركناهم لم يهتدوا بغيرنا .
و قال (عليه السلام) : نحن أهل بيت الرحمة و شجرة النبوة و معدن الحكمة و موضع الملائكة و مهبط الوحي .
خيثمة قال سمعت الباقر (عليه السلام) يقول : نحن جنب الله و نحن حبل الله و نحن من رحمة الله على خلقه و نحن الذين بنا يفتح الله و بنا يختم الله نحن أئمة الهدى و مصابيح الدجى و نحن الهدى و نحن العلم المرفوع لأهل الدنيا و نحن السابقون و نحن الآخرون من تمسك بنا لحق و من تخلف عنا غرق نحن قادة غر محجلين و نحن حرم الله و نحن الطريق و الصراط المستقيم إلى الله عز و جل و نحن من نعم الله على خلقه و نحن المنهاج و نحن معدن النبوة و نحن موضع الرسالة و نحن أصول الدين و إلينا تختلف الملائكة و نحن السراج لمن استضاء بنا و نحن السبيل لمن اقتدى بنا و نحن الهداة إلى الجنة و نحن عرى الإسلام و نحن الجسور و نحن القناطر من مضى علينا سبق و من تخلف عنا محق و نحن السنام الأعظم و نحن من الذين بنا يصرف الله عنكم العذاب من
[207]
أبصر بنا و عرفنا و عرف حقنا و أخذ بأمرنا فهو منا .
عمرو بن دينار و عبد الله بن عبيد بن عمير قال سفيان : ما لقينا أبا جعفر إلا و حمل إلينا النفقة و الصلة و الكسوة فقال هذه معدة لكم قبل أن تلقوني .
سليمان بن قرم قال : كان أبو جعفر (عليه السلام) يجيزنا بالخمس مائة إلى الستمائة إلى الألف درهم و قال له نصراني أنت بقر قال أنا باقر قال أنت ابن الطباخة قال ذاك حرفتها قال أنت ابن السوداء الزنجية البذية قال إن كنت صدقت غفر الله لها و إن كنت كذبت غفر الله لك قال فأسلم النصراني .
و قال لكثير امتدحت عبد الملك فقال ما قلت له يا إمام الهدى و إنما قلت يا أسد و الأسد كلب و يا شمس و الشمس جماد و يا بحر و البحر موات و يا حيه و الحية دويبة منتنة و يا جبل و إنما هو حجر أصم قال فتبسم (عليه السلام) و أنشأ الكميت بين يديه :
من لقلب متيم مستهام *** غير ما صبوة و لا أحلام
فلما بلغ إلى قوله :
أخلص الله لي هواي فما *** أغرق نزعا و لا تطيش سهامي
فقال (عليه السلام) :
أغرق نزعا و ما تطيش سهامي
فقال : يا مولاي , أنت أشعر مني في هذا المعنى .
و شكا الحسن بن كثير إليه الحاجة .
فقال : بئس الأخ أخ يرعاك غنيا و يقطعك فقيرا .
ثم أمر غلامه فأخرج كيسا فيه سبعمائة درهم , فقال : استنفق هذه فإذا نفدت فأعلمني .
هشام بن معاذ في حديثه قال : لما دخل المدينة عمر بن عبد العزيز قال مناديه من كانت له مظلمة أو ظلامة فليحضر فأتاه أبو جعفر الباقر (عليه السلام) فلما رآه استقبله و أقعده مقعده فقال (عليه السلام) إنما الدنيا سوق من الأسواق يبتاع فيها الناس ما ينفعهم و ما يضرهم و كم قوم ابتاعوا ما ضرهم فلم يصبحوا حتى أتاهم الموت فخرجوا من الدنيا ملومين لما لم
[208]
يأخذوا ما ينفعهم في الآخرة فقسم ما جمعوا لمن لم يحمدهم و صاروا إلى من لا يعذرهم فنحن و الله حقيقون أن ننظر إلى تلك الأعمال التي نتخوف عليهم منها فكف عنها و اتق الله و اجعل في نفسك اثنتين انظر إلى ما تحب أن يكون معك إذا قدمت على ربك فقدمه بين يديك و انظر إلى ما تكره أن يكون معك إذا قدمت على ربك فارمه وراءك و لا ترغبن في سلعة بارت على من كان قبلك فترجو أن يجوز عنك و افتح الأبواب و سهل الحجاب و أنصف المظلوم و رد الظالم ثلاثة من كن فيه استكمل الإيمان بالله من إذا رضي لم يدخله رضاه في باطل و من إذا غضب لم يخرجه غضبه من الحق و من إذا قدر لم يتناول ما ليس له فدعا عمر بدواة و بياض و كتب بسم الله الرحمن الرحيم هذا ما رد عمر بن عبد العزيز ظلامة محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم بفدك .