بكر بن صالح : أن عبد الله بن المبارك أتى أبا جعفر (عليه السلام) فقال إني رويت عن آبائك (عليه السلام) أن كل فتح بضلال فهو للإمام فقال نعم قلت جعلت فداك فإنهم أتوا بي من بعض فتوح الضلال و قد تخلصت ممن ملكوني بسبب و قد أتيتك مسترقا مستعبدا قال (عليه السلام) قد قبلت فلما كان وقت خروجه إلى مكة قال مذ حججت فتزوجت و مكسبي مما يعطف علي إخواني لا شيء لي غيره فمرني بأمرك فقال (عليه السلام) انصرف إلى بلادك و أنت من حجك و تزويجك و كسبك في حل ثم أتاه بعد ست سنين و ذكر له العبودية التي ألزمها نفسه فقال أنت حر لوجه الله تعالى فقال اكتب لي به عهدا فخرج كتابه بسم الله الرحمن الرحيم هذا كتاب محمد بن علي الهاشمي العلوي لعبد الله بن المبارك فتاه إني أعتقك لوجه الله و الدار الآخرة لا رب لك إلا الله و ليس عليك سيد و أنت مولاي و مولى عقبي من بعدي و كتب في المحرم سنة ثلاث عشرة و مائة و وقع فيه محمد بن علي بخط يده و ختمه بخاتمه .
و يقال إنه هاشمي من هاشميين و علوي من علويين و فاطمي من فاطميين لأنه أول ما اجتمعت له ولادة الحسن و الحسين (عليه السلام) و كانت أمه أم عبد الله بنت الحسن بن علي و كان (عليه السلام) أصدق الناس لهجة و أحسنهم بهجة و أبذلهم مهجة .
الوشاء سمعت الرضا (عليه السلام) يقول : إن لكل إمام عهدا في أعناق أوليائه و شيعته
[209]
و إن من تمام الوفاء بالعهد و حسن الأداء زيارة قبورهم فمن زارهم رغبة في زيارتهم و تصديقا لما رغبوا فيه كانت أئمته شفعاءه يوم القيامة .
أبو خالد البرقي في كتاب الشعر و الشعراء : أن الباقر (عليه السلام) تمثل :
و أطرق إطراق الشجاع و لو يرى مساغا لنائبه الشجاع لصمها
الحميري :
أ ينهونني عن حب آل محمد *** و حبهم مما به أتقرب
و حبهم مثل الصلاة و إنه *** على الناس من كل الصلاة لأوجب
هم أهل بيت أذهب الرجس عنهم *** وصفوا من الأدناس طرا و طيبوا
هم أهل بيت ما لمن كان مؤمنا *** من الناس عنهم بالولاية مذهب
الجماني :
يا آل حم الذين بحبهم *** حكم الكتاب منزلا تنزيلا
كان المديح حلي الملوك و كنتم *** حلل المدائح غرة و حجولا
بيت إذا عد المآثر أهله *** عدوا النبي و ثانيا جبريلا
قوم إذا اعتدلوا الحمائل أصبحوا *** متقسمين خليفة و رسولا
نشئوا بآيات الكتاب فما انثنوا *** حتى صدرن كهولة و كهولا
ثقلان لن يتفرقا أو يطفيا *** بالحوض من ظمإ الصدور غليلا
و خليفتان على الأنام بقوله *** الحق أصدق من تكلم قيلا
فأتوا أكف الآيسين فأصبحوا *** ما يعدلون سوى الكتاب عديلا
ابن المولى الأنصاري :
رهطه واضح برهط أبي القاسم *** رهط اليقين و الإيمان
هم ذوو النور و الهدى و أولو الأمر *** و أهل الفرقان و البرهان
معدن الحق و النبوة و العدل *** إذا ما تنازع الخصمان
عبد المحسن :
فهم عدتي لوفاتي هم *** نجاتي هم الفوز للفائزينا
هم مورد الحوض للواردين *** هو عروة الدين للواثقينا
[210]
هم عون من طلب الصالحات *** فكم لمحبهم مستعينا
هم حجة الله في أرضه *** و إن جحدوا الحجة الجاحدونا
هم عروة الدين للواثقينا *** هم الناطقون هم الصادقونا
هم وارثون علوم الرسل *** فما بالهم لهم وارثونا
فصل في أحواله و تاريخه (عليه السلام) :
اسمه : محمد .
و كنيته : أبو جعفر لا غير .
و لقبه : باقر العلم و الشاكر لله و الهادي و الأمين و الشبيه لأنه كان يشبه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) .
و كان ربع القامة دقيق البشرة جعد الشعر أسمر له خال على خده و خال أحمر في جسده ضامر الكشح حسن الصوت مطرق الرأس .
أمه : فاطمة أم عبد الله بنت الحسن (عليه السلام) و يقال أمه أم عبدة بنت الحسن بن علي .
ولد : بالمدينة يوم الثلاثاء و قيل يوم الجمعة غرة رجب و قيل الثالث من صفر سنة سبع و خمسين من الهجرة .
و قبض : بها في ذي الحجة و يقال في شهر ربيع الآخر سنة أربع عشرة و مائة و له يومئذ سبع و خمسون سنة مثل عمر أبيه و جده .
و أقام : مع جده الحسين ثلاث سنين أو أربع سنين ; و مع أبيه علي أربعا و ثلاثين سنة و عشرة أشهر أو تسعا و ثلاثين سنة و بعد أبيه تسع عشرة سنة و قيل ثماني عشرة و ذلك في أيام إمامته .
و كان في سني إمامته ملك الوليد بن يزيد و سليمان و عمر بن عبد العزيز و يزيد بن عبد الملك و هشام أخوه و الوليد بن يزيد و إبراهيم أخوه و في أول ملك إبراهيم قبض و قال أبو جعفر بن بابويه سمه إبراهيم بن الوليد بن يزيد و قبره ببقيع الغرقد .
أولاده : سبعة جعفر الإمام و كان يكنى به و عبد الله الأفطح من أم فروة بنت القاسم بن محمد بن أبي بكر و عبد الله و إبراهيم من أم حكيم بنت أسد الثقفية و علي و أم سلمة و زينب من أم ولد و يقال زينب لأم ولد أخرى و يقال له ابنة واحدة و هي أم
[211]
سلمة درجوا كلهم إلا أولاد الصادق (عليه السلام) .
و بابه : جابر بن يزيد الجعفي .
و اجتمعت العصابة أن أفقه الأولين ستة و هم أصحاب أبي جعفر و أبي عبد الله (عليه السلام) و هم زرارة بن أعين و معروف الخربوذ المكي و أبو بصير الأسدي و الفضيل بن يسار و محمد بن مسلم الطائفي و يزيد بن معاوية العجلي .
و من أصحابه : حمران بن أعين الشيباني و إخوته بكر و عبد الملك و عبد الرحمن و محمد بن إسماعيل بن بزيع و عبد الله بن ميمون القداح و محمد بن مروان الكوفي من ولد أبي الأسود و إسماعيل بن الفضل الهاشمي من ولد نوفل بن الحارث و أبو هارون المكفوف و طريف بن ناصح بياع الأكفان و سعيد بن طريف الإسكاف الدؤلي و إسماعيل بن جابر الخثعمي الكوفي و عقبة بن بشير الأسدي و أسلم المكي مولى ابن الحنفية و أبو بصير ليث بن البختري المرادي و الكميت بن زيد الأسدي و ناجية بن عمارة الصيداوي و معاذ بن مسلم الفراء النحوي و كثير الرجال .
و من رواة النص عليه من أبيه : إسماعيل بن محمد بن عبد الله بن علي بن الحسين (عليه السلام) و زيد بن علي و عيسى عن جده و الحسين بن أبي العلاء .
و لما حضرت زين العابدين (عليه السلام) الوفاة قال يا محمد احمل هذا الصندوق فلما توفي جاء إخوته يدعون فيه فقال الباقر (عليه السلام) و الله ما لكم فيه شيء و لو كان لكم شيء لما دفعه إلي و كان في الصندوق سلاح رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) .
و الذي يدل على إمامته ما ثبت من وجوب الإمامة و كون الإمام معصوما و منصوصا عليه و أن الحق لا يخرج من بين الأمة .
و في النكت : أن الأصول خمسة و الأشباح خمسة و الصلوات خمس و العبادات خمس و الحمد خمس و الأصابع خمس و الأسابيع خمسة و الحواس خمسة و علم التصريف مبني على خمس
[212]
زيادة و حذف و تغيير بحركة و سكون و إبدال و إدغام و الباقر خامس الأئمة و ميزان محمد الباقر في الحساب هو جواد زاهد معصوم لاستوائهما في أربعمائة و ست و عشرين .
أبو نواس :
فهو الذي قدم الله العلي له *** أن لا يكون له في فضله ثان
فهو الذي امتحن الله القلوب به *** عما تجمجمن من كفر و إيمان
و إن قوما رجوا إبطال حقكم *** أمسوا من الله في سخط و عصيان
لن يدفعوا حقكم إلا بدفعهم *** ما أنزل الله من آي و قرآن
فقلدوها لأهل البيت أنهم *** صنو النبي و أنتم غير صنوان
منصور :
و ما أخل وصي الأوصياء به *** محمد بن علي نوره الصدع
ذرية بعضها من بعض اصطنعت *** فالحق ما صنعوا و الحق ما شرعوا
يا ابن الأئمة من بعد النبي *** و يا ابن الأوصياء أقر الناس أم دفعوا
إن الخلافة كانت إرث والدكم *** من دون تيم و عفو الله متسع
أبو هريرة :
أبا جعفر أنت الإمام أحبه *** و أرضى الذي ترضى به و أتابع
أتانا رجال يحملون عليكم *** أحاديث قد ضاقت بهن الأضالع
الحميري :
و إذا وصلت بحبل آل محمد *** حبل المودة منك فابلغ و ازدد
بمطهر لمطهرين أبوة نالوا *** العلى و مكارم لم تنفد
أهل التقى و ذوي النهى و أولي *** العلى و الناطقين عن الحديث المسند
الصائمين القائمين القانتين *** العائفين بني الحجى و السؤدد
الراكعين الساجدين الحامدين *** السابقين إلى صلاة المسجد
القانتين الراتقين السابحين *** العابدين إلههم بتودد
[213]
الواهبين المانعين القادرين *** القاهرين لحاسد المتحسد
و له :
جعلت آل الرسول لي سببا *** أرجو نجاتي به من العطب
علام الحي على مودة من *** جعلتهم عدة لمنقلبي
لو لم أكن قائلا بحبهم *** أشفقت من بغضهم على نسبي
ابن حماد :
يا آل طه حبكم لم يزل *** فرضا علينا واجبا لازما
من لقي الله بلا حبكم *** خلده الله لظى راغما
خاب و لو صلى على رأسه *** و قطع الدهر معا صائما
من مثلكم و الله لولاكم *** لما برا حواء و لا آدما
شرفكم في الخلق حتى لقد *** صير جبريل لكم خادما
و له :
آل النبي الذي ترجى شفاعته *** يوم القيامة و النيران تشتعل
يوم الجزاء و ما قدمت من عمل *** على محبة أهل البيت متكل
هم الشموس بها الأقمار مشرقة *** هم البدور منيرات و قد كملوا
هم البحار بها الأمواج طامية *** و الناس محتاج ماء ما لهم نهل
الأسد إن ركبوا و الدر إن خطبوا *** و الشرك قد غلبوا و الوحي قد نقلوا
لولاهم لم يكن شمس و لا قمر و لا *** سماء و لا سهل و لا جبل
ابن رزيك :
يا عروة الدين المتين *** و بحر علم العارفينا
يا قبلة للأولياء *** و كعبة للطائفينا
من أهل بيت لم يزالوا في البرية محسنينا
التائبين العابدين *** الصائمين القائمينا
العالمين الحافظين *** الراكعين الساجدينا
يا من إذا نام الورى *** باتوا قياما ساهرينا
[214]
باب إمامة أبي عبد الله جعفر بن محمد الصادق (عليه السلام)
فصل في المقدمات :
الحمد لله الذي لم يزل عزيزا و لا يزال منيعا الرحمن الذي كان لدعاء المضطر مجيبا سميعا الرحيم الذي ستر على العاصي قولا قبيحا و فعلا شنيعا أقنى العبد عاصيا كان أو مطيعا و بذكره شرف عباده شريفا كان أو وضيعا فنصب لأجلنا محمدا شفيعا و أعطاه منزلا رفيعا و أنزل عليه كتابا كريما و إماما بديعا أمر بالاعتصام به و بآله فقال وَ اعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً .
أبان بن تغلب عن الصادق (عليه السلام) : نحن و الله الذي قال وَ اعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً .
أبو الصباح الكناني قال : نظر الباقر إلى الصادق (عليه السلام) فقال هذا و الله من الذين قال الله وَ نُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ ... الآية .
الصادق (عليه السلام) في قوله : هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ نحن الذين يعلمون و عدونا الذين لا يعلمون و شيعتنا أولو الألباب رواه سعد و النضر بن سويد عن جابر عن أبي جعفر (عليه السلام) .
عمار بن مروان عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قوله : إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِأُولِي النُّهى فقلت ما معنى ذلك قال ما أخبر الله عز و جل به رسوله مما يكون من بعده يعني أمر الخلافة و كان ذلك كما أخبر الله رسوله و كما أخبر رسوله عليا و كما انتهى إلينا من علي مما يكون بعده من الملك ثم قال بعد كلام نحن الذين انتهى إلينا علم ذلك كله و نحن قوام الله على خلقه و خزنة علم دينه الخبر .
يحيى بن عبد الله بن الحسن عن الصادق (عليه السلام) : وَ لَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنا لِعِبادِنَا ... الآية قال نحن هم .
أبو حمزة عن الباقر و ضريس الكناسي عن الصادق (عليه السلام) في قوله تعالى : كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ قال نحن الوجه الذي يؤتى الله منه .
و عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قوله تعالى : حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمانَ وَ زَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ
[215]
يعني أمير المؤمنين (صلى الله عليه وآله وسلّم) وَ كَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَ الْفُسُوقَ وَ الْعِصْيانَ بغضنا لمن خالف رسول الله و خالفنا .
تفسير العياشي بإسناده عن أبي الصباح الكناني : قال أبو عبد الله (عليه السلام) نحن قوم فرض الله طاعتنا لنا الأنفال و لنا صفو المال و نحن الراسخون في العلم و نحن المحسودون الذين قال الله في كتابه أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ .
كتاب ابن عقدة : قال الصادق (عليه السلام) للحصين بن عبد الرحمن يا حصين لا تستصغر مودتنا فإنها من الباقيات الصالحات قال يا ابن رسول الله ما أستصغرها و لكن أحمد الله عليها .
تفسير علي بن إبراهيم قال الصادق (عليه السلام) في قوله : إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ نحن المتوسمون و السبيل فينا مقيم و السبيل طريق الجنة و روى هذا المعنى بياع الزطي و أسباط بن سالم و عبد الله بن سليمان عن الصادق (عليه السلام) و رواه محمد بن مسلم و جابر عن الباقر (عليه السلام) .
و سأله داود : هل تعرفون محبيكم من مبغضيكم قال نعم يا داود لا يأتينا من يبغضنا إلا نجد بين عينيه مكتوبا كافر و لا من محبينا إلا نجد بين عينيه مؤمن و ذلك قول الله تعالى إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ فنحن المتوسمون يا داود .
قرأ أبو عبد الله (عليه السلام) قوله : وَ لَقَدْ أَرْسَلْنا رُسُلًا مِنْ قَبْلِكَ وَ جَعَلْنا لَهُمْ أَزْواجاً وَ ذُرِّيَّةً ثم أومى إلى صدره فقال نحن و الله ذرية رسول الله .
أبو عبد الله محمد بن عبد الله الموسوي قال الصادق (عليه السلام) : نحن و الله الشجرة المنهي عنها .
و بيان مقاله (عليه السلام) أنه لما أمر الله الملائكة بالسجود لآدم فسجدت الملائكة و النجم و الشجر و الحجر و المدر فلما نظر إبليس أن لا يسجد الأشباح و أن الله نزهها أن تسجد إلا له امتنع من السجود فنودي أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْعالِينَ فالخطاب يدل على ماض لأن المعقول يدل على أن الأرض لم يكن فيها خلق عال فيقاس به إبليس في السجود فيكون مستأنفا منه العالون على جميع خلقه فحسده إبليس و سأل آدم من هؤلاء الذين أكرمتهم و لولاهم ما خلقت الجن و الإنس فقال يا رب أ فمن ذريتي أم من غيري اللغة هم الكلمة الطيبة التي مثلهم الله بها و نهى آدم عنها كمثل القرية فَلا وَ رَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى
[216]
يُحَكِّمُوكَ فِيما شَجَرَ بَيْنَهُمْ مع كلمة فلما أن هبط آدم استوحش فألهمه الله الكلمات فتلقاها فتاب عليه .
و مما يدل على إمامته : اعتبار العصمة و القطع عليها و زيد بن علي لم يكن مقطوعا على عصمته و لا منصوصا عليه و يستدل أيضا بأن الإمام يجب أن يكون عالما بجميع أحكام الشريعة و لا خلاف في أن كل من يدعي له الإمامة لم يكن عالما بها و ثبت من الطريقين المختلفين أنه منصوص عليه .
و اعلم أنه يشتق من اسم الفاعل و اسم المفعول ستة ستة و الجهات ستة و علاقة الميزان ستة خلق السماوات و الأرض في ستة أيام و أولو العزم من الرسل ستة آدم و نوح و إبراهيم و موسى و عيسى و محمد (عليه السلام) و جبرئيل سادس أهل العباء و قال الله تعالى وَ لا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سادِسُهُمْ و جعفر الصادق سادس الأئمة .
جعفر الصادق ميزانه من الحساب الإمام المطلوب للمؤمن و المنافق لاتفاقهما في تسع و ثمانين و خمسمائة .
الجماني :
هم فتية كسيوف الهند طال بهم *** على المطاول آباء مناجيد
قوم لماء المعالي في وجوههم *** عند التكرم تصويب و تصعيد
يدعون أحمد أي جد الفخار أبا *** و العود ينبت في أفنانه العود
و المنعمون إذا ما لم يكن نعم *** و الرائدون إذا قل المواريد
أوفوا من المجد و العلياء في فلك *** شم قواعدهن البأس و الجود
سبط الأكف إذا شيمت مخائلهم *** أسد اللقاء إذا صد الصناديد
هم المطاف إذا طافوا بكعبته *** فشرفت بهم منه القواعيد
محسدون و من يعقد بحبهم *** حبل المودة يضحى و هو محسود
القاضي :
لمثل علاكم ينتهي المجد و الفخر *** و عند نداكم يخجل الغيث و البحر
[217]
و عمر سواكم في الورى مثل يومكم *** إذا ما علا قدر و يومكم غمر
ملكتم و لا عدوى حكمتم و لا هوى *** علمتم و لا دعوى عملتم و لا كبر
أياديكم بيض إذا اسود حادث *** و أسيافكم حمر و أكنافكم جمر
و ذكركم في كل شرق و مغرب *** على الخلق يتلى مثل ما دينكم شكر
ابن حماد :
صلى الإله على سلالة *** أحمد أهل الكرم
من كان سلمهم سلم أو *** كان حربهم ندم
يرضى الإله إذا رضوا *** و بكل ما حكموا حكم
أزكى الزكاة ولاؤهم *** و المحض منه من النعم
خلق المهيمن نورهم *** من قبل أن برأ النسم
من لم يصلهم بالصلاة *** فلم يصل و لم يصم
الله أوجب حقهم و *** على العباد به حتم
شرع الهداية إن دجى *** ليل الضلالة و ادلهم
لولاهم ما فاز آدم *** بالمتاب و لا رحم
لو لا هدايتهم لما *** عرف السبيل و لا علم
صلى الإله عليهم *** ما غار نجم أو نجم
فصل في معرفته باللغات و إخباراته بالغيب :
مغيث قال لأبي عبد الله (عليه السلام) و رآه يضحك في بيته : جعلت فداك لست أدري بأيهما أنا أشد سرورا بجلوسك في بيتي أو بضحكك قال إنه هدر الحمام الذكر على الأنثى فقال أنت سكني و عرسي و الجالس على الفراش أحب إلي منك فضحكت من قوله و هذا المعنى رواه الفضيل بن يسار في حديث برد الإسكاف أن الطير قال يا سكني و عرسي ما خلق الله خلقا أحب إلي منك و ما حرصي عليك هذا الحرص إلا طمعا أن يرزقني الله ولدا منك يحبون أهل البيت .
سالم مولى بياع الزطي قال : كنا في حائط لأبي عبد الله (عليه السلام) نتغدى أنا و نفر
[218]
معي فصاحت العصافير فقال أ تدري ما تقول فقلت جعلت فداك لا و الله ما أدري ما تقول فقال تقول اللهم إني خلق من خلقك لا بد لنا من رزقك اللهم فاسقنا .
داود بن فرقد و عبد الله بن سنان و حفص بن البختري عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنه : سمع فاختة تصيح في داره فقال تدرون ما تقول هذه الفاختة قلنا لا قال تقول فقدتكم فقدتكم فافقدوها قبل أن تفقدكم .
و روى عمر الأصفهاني عنه (عليه السلام) مثل ذلك في صوت الصلصل .
و روي أنه (عليه السلام) قال : يقول الورشان قدستم قدستم .
عبد الله بن فرقد قال : خرجنا مع أبي عبد الله (عليه السلام) متوجهين إلى مكة حتى إذا كنا بسرف استقبلنا غراب ينعق في وجهه فقال مت جوعا ما تعلم من شيء إلا و نحن نعلمه إلا أنا أعلم بالله منك .
كتاب خرق العادات أنه : دخل عليه (عليه السلام) قوم من أهل خراسان فقال ابتداء من غير مسألة من جمع مالا من مهاوش أذهبه الله في نهابر فقالوا جعلنا الله فداك ما نفهم هذا الكلام فقال از باد آيد بدم شود .
عمار بن موسى الساباطي قال لي (عليه السلام) : مظ الله و كسا و لسحه بساطورا قال فقلت له ما رأيت نبطيا أفصح منك بالنبطية فقال يا عمار و بكل لسان .
و في حديث عامر بن علي الجامعي أنه قال (عليه السلام) : أ تدري ما يقولون على ذبائحهم يعني اليهود قلت لا قال يقولون نوح اودل ادموك يلهز بايحول عالم أسر قدسوا و مضوا بنواصيهم و نيال استخفضوا .
و عن رجل من أهل دوين : كنت أردت أن أسأله عن بيض ديوك الماء فقال (عليه السلام) نيابت يعني البيض و عانا مينا يعني ديوك الماء لا تاحل يعني لا تأكل .
[219]
المفضل بن عمر قال : كنت أنا و خالد الجواز و نجم الحطيم و سليمان بن خالد على باب الصادق (عليه السلام) فتكلمنا فيما يتكلم به أهل الغلو فخرج علينا الصادق بلا حذاء و لا رداء و هو ينتفض و يقول يا خالد يا مفضل يا سليمان يا نجم لا بل عباد مكرمون لا يسبقونه بالقول و هم بأمره يعملون .
و قال صالح بن سهل : كنت أقول في الصادق ما تقول الغلاة فنظر إلي و قال ويحك يا صالح إنا و الله عبيد مخلوقون لنا رب نعبده و إن لم نعبده عذبنا .
عمر بن يزيد قال : كنت عند الصادق (عليه السلام) و هو وجع فتفكرت ما ندري ما يصيبه في مرضه و لو سألته عن الإمامة بعده قال فحول وجهه إلي فقال إن الأمر ليس كما تظن ليس علي من وجعي هذا بأس .
و عنه قال قعدت أغمز رجله فأردت أن أسأله إلى من الأمر بعده فحول وجهه إلي فقال إذا و الله لا أجيبك .
زياد بن أبي الحلال قال : أردت أن أسأل أبا عبد الله (عليه السلام) عما اختلفوا في حديث جابر بن يزيد فابتدأني فقال رحم الله جابر بن يزيد الجعفي فإنه كان يصدق علينا و لعن الله المغيرة بن سعيد فإنه كان يكذب علينا .
شهاب بن عبد ربه قال : أتيت أبا عبد الله لأسأله مسائل فقال جئت لتسألني عن الجنب يغرف الماء من الجب بالكوز فيصيب يده الماء فقلت نعم فقال ليس به بأس ثم قال جئت لتسألني عن الجنب يسهو فيغمس يده في الماء قبل أن يغسلها قلت نعم قال إذا لم يكن أصاب يده شيء فليس به بأس ثم قال جئت تسألني عن الجنب يغتسل فيقطر الماء من جسده في الإناء أو ينضح الماء من الأرض فيضمه في الإناء قلت نعم قال ليس بهذا بأس كله ثم قال خرجت تسألني عن الغدير يكون في جانبه الجيفة أ يتوضأ منه أم لا قلت نعم قال توضأ من الجانب الآخر إلا أن يغلب الماء الريح فينتن .
[220]
صفوان بن يحيى قال جعفر بن محمد بن الأشعث : أ تدري ما كان سبب دخولنا في هذا الأمر أن أبا جعغر يعني أبا الدوانيق قال لأبي محمد بن الأشعث يا محمد ائتني رجلا له عقل يؤدي عني فقال له إني أصبته لك هذا فلان بن فلان بن مهاجر خالي قال فائتني به قال فأتاه بخاله فقال له أبو جعفر يا ابن مهاجر خذ هذا المال فائت المدينة فالق عبد الله بن الحسن و جعفر بن محمد و أهل بيتهم فقل لهم إني رجل غريب من أهل خراسان و بها شيعة من شيعتكم و قد وجهوا إليكم بهذا المال فادفع إلى كل واحد منهم على هذا الشرط كذا و كذا فإذا قبض المال فقل إني رسول و أحب أن يكون معي خطوطكم بقبض ما قبضتم مني فأخذ المال و مضى فلما رجع قال له أبو جعفر ما وراءك فقال أتيت القوم و هذه خطوطهم بقبضهم ما خلا جعفر بن محمد فإنه أتيته و هو يصلي في مسجد الرسول فجلست خلفه و قلت ينصرف فأذكر له ما ذكرت لأصحابه فعجل و انصرف فالتفت إلي فقال يا هذا اتق الله و لا تغر أهل بيت محمد و قل لصاحبك اتق الله و لا تغر أهل بيت محمد فإنهم قريب العهد بدولة بني مروان و كلهم محتاج فقلت و ما ذاك أصلحك الله فقال ادن مني فدنوت فأخبرني بجميع ما جرى بيني و بينك حتى كأنه كان ثالثنا فقال له يا ابن مهاجر اعلم أنه ليس من أهل بيت نبوة إلا و فيهم محدث و أن جعفر بن محمد محدثنا اليوم فكانت هذه الدلالة حتى قلنا بهذه المقالة .