أبو خالد الزبالي قال : نزل أبو الحسن (عليه السلام) منزلنا في يوم شديد البرد في سنة مجدبة و نحن لا نقدر على عود نستوقد به فقال يا أبا خالد ائتنا بحطب نستوقد به قلت و الله ما أعرف في هذا الموضع عودا واحدا فقال كلا يا أبا خالد ترى هذا الفج
[295]
خذ فيه فإنك تلقى أعرابيا معه حملان حطبا فاشترهما منه و لا تماكسه فركبت حماري و انطلقت نحو الفج الذي وصف لي فإذا أعرابي معه حملان حطبا فاشتريتهما منه و أتيته بهما فاستوقدوا منه يومهم ذلك و أتيته بطرف ما عندنا فطعم منه ثم قال يا أبا خالد انظر خفاف الغلمان و نعالهم فأصلحها حتى نقدم عليك في شهر كذا و كذا قال أبو خالد فكتبت تاريخ ذلك اليوم فركبت حماري يوم الموعود حتى جئت إلى لزق ميل و نزلت فيه فإذا أنا براكب مقبل نحو القطار فقصدت إليه فإذا هو يهتف بي و يقول يا أبا خالد قلت لبيك جعلت فداك قال أ تراك وفيناك بما وعدناك ثم قال يا أبا خالد ما فعلت بالقبتين اللتين كنا نزلنا فيهما فقلت جعلت فداك قد هيأتهما لك و انطلقت معه حتى نزل في القبتين اللتين كان نزل فيهما ثم قال ما حال خفاف الغلمان و نعالهم قلت قد أصلحناها فأتيته بهما فقال يا أبا خالد سلني حاجتك فقلت جعلت فداك أخبرك بما فيه كنت زيدي المذهب حتى قدمت علي و سألتني الحطب و ذكرت مجيئك في يوم كذا فعلمت أنك الإمام الذي فرض الله طاعته فقال يا أبا خالد من مات لا يعرف إمامه مات ميتة جاهلية و حوسب بما عمل في الإسلام .
الناشي :
أناس علوا أعلى المعالي من العلى *** فليس لهم في الفاضلين ضريب
إذا انتسبوا جازوا التناهي لمجدهم *** فما لهم في العالمين نسيب
هم البحر أضحى دره و عبابه *** فليس له من مبتغيه رسوب
تسير به فلك النجاة و ماؤها *** لشرابه عذب المذاق شروب
هو البحر يغني من غدا في جواره *** و ساحله سهل المجال رحيب
هم سبب بين العباد و ربهم *** محبهم في الحشر ليس يخيب
حووا علم ما قد كان أو هو كائن *** و كل رشاد يحتويه طلوب
و قد حفظوا كل العلوم بأسرها *** و كل بديع يحتويه غيوب
هم حسنات العالمين بفضلهم *** و هم للأعادي في المعاد ذنوب
[296]
الحميري :
و طبتم في قديم الدهر إذ سطرت *** فيه البرية مرحوما و ملعونا
و لن تزالوا بعين الله ينسجكم *** في مستكنات أصلاب الأبرينا
يختار من كل قرن خيرهم لكم لا *** النذل يلزمكم منهم و لا الدونا
حتى تناهت بكم في أمة جعلت من *** أجل فضلكم خير المصلينا
فأنتم نعمة لله سابغة منه *** علينا و كان الخير مخزونا
لا يقبل الله من عبد له عملا *** و لا عدوكم العمي المضلينا
شاعر :
أ تنسى ذكر أهل الفضل جهلا *** و تذكر غيرهم في الذاكرينا
من الشفعاء يوم الحشر *** أكرم بهم من شافعين مشفعينا
من الأنوار في ظلم الليالي *** من الأنوار عند المجدبينا
من الشجعان يوم الحرب لا بل *** من الفرسان فيها المبدعونا
من الفقهاء في الشبه اللواتي *** يحار لشرحها المتفقهونا
من الحجج التي نصبت منارا *** تزيد بصائر المستبصرينا
على من أنزل القرآن أم من *** أبان الرشد للمسترشدينا
بمن هدي الورى لما استجابوا *** بحجة من أقروا مذعنينا
بمن فخر المطوق جبرئيل *** أ تعرف مثله في الفاخرينا
بمن ضم الكساء بمن يباهي *** رسول الله من كالمنجحينا
بمن ذا باهل الكفار لما *** أتوه مجادلين مباهلينا
فصل في خرق العادات له (عليه السلام) :
أبو الأزهر ناصح بن علية البرجمي في حديث طويل ... : أنه جمعني مسجد بإزاء دار السندي بن شاهك و ابن السكيت فتفاوضنا في العربية و معنا رجل لا نعرفه فقال يا هؤلاء
[297]
أنتم إلى إقامة دينكم أحوج منكم إلى إقامة ألسنتكم و ساق الكلام إلى إمام الوقت و قال ليس بينكم و بينه غير هذا الجدار قلنا تعني هذا المحبوس موسى قال نعم قلنا سترنا عليك فقم من عندنا خيفة أن يراك أحد جليسنا فنؤخذ بك قال و الله لا يفعلون ذلك أبدا و الله ما قلت لكم إلا بأمره و إنه ليرانا و يسمع كلامنا و لو شاء أن يكون ثالثنا لكان قلنا فقد شئنا فادعه إلينا فإذا قد أقبل رجل من باب المسجد داخلا كادت لرؤيته العقول أن تذهل فعلمنا أنه موسى بن جعفر ثم قال أنا هذا الرجل و تركنا و خرجنا من المسجد مبادرا فسمعنا وجيبا شديدا و إذا السندي بن شاهك يعدو داخلا إلى المسجد معه جماعة فقلنا كان معنا رجل فدعانا إلى كذا و كذا و دخل هذا الرجل المصلي و خرج ذاك الرجل و لم نره فأمر بنا فأمسكنا ثم تقدم إلى موسى و هو قائم في المحراب فأتاه من قبل وجهه و نحن نسمع فقال يا ويحك كم تخرج بسحرك هذا و حيلتك من وراء الأبواب و الأغلاق و الأقفال و أردك فلو كنت هربت كان أحب إلي من وقوفك هاهنا أ تريد يا موسى أن يقتلني الخليفة قال فقال موسى و نحن و الله نسمع كلامه كيف أهرب و لله في أيديكم موقت لي يسوق إليها أقداره و كرامتي على أيديكم في كلام له قال فأخذ السندي بيده و مشى ثم قال للقوم دعوا هذين و اخرجوا إلى الطريق فامنعوا أحدا يمر من الناس حتى أتم أنا و هذا إلى الدار .
و في كتاب الأنوار قال العامري : إن هارون الرشيد أنفذ إلى موسى بن جعفر جارية خصيفة لها جمال و وضاءة لتخدمه في السجن فقال قل له بل أنتم بهديتكم تفرحون لا حاجة لي في هذه و لا في أمثالها قال فاستطار هارون غضبا و قال ارجع إليه و قل له ليس برضاك حبسناك و لا برضاك خدمناك و اترك الجارية عنده و انصرف قال فمضى و رجع ثم قام هارون عن مجلسه و أنفذ الخادم إليه ليتفحص عن حالها فرآها ساجدة لربها لا ترفع رأسها تقول قدوس سبحانك سبحانك فقال هارون سحرها و الله موسى بن جعفر بسحره علي بها فأتي بها و هي ترتعد شاخصة نحو السماء بصرها فقال ما شأنك قالت شأني الشأن البديع إني كنت عنده واقفة و هو قائم يصلي ليله
[298]
و نهاره فلما انصرف من صلاته بوجهه و هو يسبح الله و يقدسه قلت يا سيدي هل لك حاجة أعطيكها قال و ما حاجتي إليك قلت إني أدخلت عليك لحوائجك قال فما بال هؤلاء قالت فالتفت فإذا روضة مزهرة لا أبلغ آخرها من أولها بنظري و لا أولها من آخرها فيها مجالس مفروشة بالوشي و الديباج و عليها وصفاء و وصائف لم أر مثل وجوههم حسنا و لا مثل لباسهم لباسا عليهم الحرير الأخضر و الأكاليل و الدر و الياقوت و في أيديهم الأباريق و المناديل و من كل الطعام فخررت ساجدة حتى أقامني هذا الخادم فرأيت نفسي حيث كنت قال فقال هارون يا خبيثة لعلك سجدت فنمت فرأيت هذا في منامك قالت لا و الله يا سيدي إلا قبل سجودي رأيت فسجدت من أجل ذلك فقال الرشيد اقبض هذه الخبيثة إليك فلا يسمع هذا منها أحد فأقبلت في الصلاة فإذا قيل لها في ذلك قالت هكذا رأيت العبد الصالح فسئلت عن قولها قالت إني لما عاينت من الأمر نادتني الجواري يا فلانة ابعدي عن العبد الصالح حتى ندخل عليه فنحن له دونك فما زالت كذلك حتى ماتت و ذلك قبل موت موسى بأيام يسيرة .
المرزكي :
قصدتك يا موسى بن جعفر راجيا *** بقصدي تمحيص الذنوب الكبائر
ذخرتك لي يوم القيامة شافعا *** و أنت لعمر الله خير الذخائر
علي بن أبي حمزة البطائني قال : كنت مع أبي الحسن (عليه السلام) في طريق إذ استقبلنا أسد و وضع يده على كفل بغلته فوقف له أبو الحسن كالمصغي إلى همهمته ثم تنحى الأسد إلى جانب الطريق و حول أبو الحسن وجهه إلى القبلة و جعل يدعو بما لم أفهمه ثم أومى إلى الأسد بيده أن امض فهمهم الأسد همهمة طويلة و أبو الحسن يقول آمين آمين و انصرف الأسد فقلت له جعلت فداك عجبت من شأن هذا الأسد معك فقال إنه خرج إلي يشكو عسر الولادة على لبوته و سألني أن أسأل الله أن يفرج عنها ففعلت ذلك و ألقي في روعي أنها تلد ذكرا فخبرته بذلك فقال لي امض في حفظ الله فلا سلط الله عليك و لا على ذريتك و لا على أحد من شيعتك شيئا من السباع فقلت آمين .
و قد نظم ذلك :
[299]
و اذكر الليث حين ألقى لديه *** فسعى نحوه و زار و زمجر
ثم لما رأى الإمام أتاه *** و تجافى عنه و هاب و أكبر
و هو طاو ثلاث هذا هو الحق *** و ما لم أقله أوفى و أكثر
أبو بصير قال : قلت للكاظم (عليه السلام) بم يعرف الإمام ?
قال : بخصال ; أولهن : تأبه بشيء قد تقدم من أبيه بإشارته إليه ليكون حجة ; و ليسأل فيجيب , و إذا سكت عنه ابتدأ ; و يخبر بما في غد ; و يكلم الناس بكل لسان .
ثم قال : يا أبا محمد , أعطيك علامة قبل أن تقوم .
فلم ألبث أن دخل عليه رجل من أهل خراسان , فقال : فكلمه بالعربية فأجابه أبو الحسن بالفارسية .
فقال له الخراساني : و الله ما منعني أن أكلمك بالفارسية إلا أنني ظننت أنك لا تحسنها .
فقال له : سبحان الله إذا كنت لا أحسن ما أجيبك فما فضلي عليك فيما تستحق به للإمامة ?
ثم قال : يا أبا محمد , إن الإمام لا يخفى عليه كلام أحد من الناس , و لا منطق الطير , و لا كلام شيء فيه روح .
علي بن يقطين قال : استدعى الرشيد رجلا يبطل به أمر أبي الحسن و يخجله في المجلس فانتدب له رجل معزم فلما أحضرت المائدة عمل ناموسا على الخبز فكان كلما رام خادم أبي الحسن تناول رغيف من الخبز طار من بين يديه و استفز هارون الفرح و الضحك لذلك فلم يلبث أبو الحسن أن رفع رأسه إلى أسد مصور على بعض الستور فقال له يا أسد الله خذ عدو الله قال فوثبت تلك الصورة كأعظم ما يكون من السباع فافترس ذلك المعزم فخر هارون و ندماؤه على وجوههم مغشيا عليهم و طارت عقولهم خوفا من هول ما رأوه فلما أفاقوا من ذلك بعد حين قال هارون لأبي الحسن (عليه السلام) أسألك بحقي عليك لما سألت الصورة أن ترد الرجل فقال إن كانت عصا موسى ردت ما ابتلعته من حبال القوم و عصيهم فإن هذه الصورة ترد ما ابتلعته من هذا الرجل .
[300]
السوسي :
من صاحب الرشيد و الإيوان *** و السبع و الساحر و الرغفان
إذ طير الخبز على الخوان *** و خلف هارون وسادتان
و فيهما للسبع تمثالان *** فقال قول الحنق الحردان
يا سبع خذ ذا الكفر و الطغيان *** فزمجر السبع على المكان
و افترس الساحر ذا البهتان *** و افتقد السبع عن العيان
معجزة للعالم الرباني *** الصادق اللهجة و اللسان
و في رواية : أن الرشيد أمر حميد بن مهران الحاجب بالاستخفاف به (عليه السلام) فقال له إن القوم قد افتتنوا بك بلا حجة فأريد أن يأكلني هذان الأسدان المصوران على هذا المسند فأشار (عليه السلام) إليهما و قال خذا عدو الله فأخذاه و أكلاه ثم قالا و ما الأمر أ نأخذ الرشيد قال لا عودا إلى مكانكما .
و له المعجز الذي بهر الخلق بإهلاكه الذي كان يسحرحين قال افترسه يا أسد الله و أومى إلى هزبر مصورفسعى نحوه و مد إليه باع ليث عند الفريسة قسورثم غابا عن العيون جميعا بعد أكل اللعين و الخلق حضر
لما بويع محمد المهدي دعا حميد بن قحطبة نصف الليل و قال إن إخلاص أبيك و أخيك فينا أظهر من الشمس و حالك عندي موقوف فقال أفديك بالمال و النفس فقال هذا لسائر الناس قال أفديك بالروح و المال و الأهل و الولد فلم يجبه المهدي فقال أفديك بالمال و النفس و الأهل و الولد و الدين فقال لله درك فعاهده على ذلك و أمره بقتل الكاظم (عليه السلام) في السحر بغتة فنام فرأى في منامه عليا (عليه السلام) يشير إليه و يقرأ فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَ تُقَطِّعُوا أَرْحامَكُمْ فانتبه مذعورا و نهى حميدا عما أمره و أكرم الكاظم و وصله .
علي بن أبي حمزة قال : كان يتقدم الرشيد إلى خدمه إذا خرج موسى بن جعفر من
[301]
عنده أن يقتلوه فكانوا يهمون به فيتداخلهم من الهيبة و الزمع فلما طال ذلك أمر بتمثال من خشب و جعل له وجها مثل موسى بن جعفر و كانوا إذا سكروا أمرهم أن يذبحوه بالسكاكين فكانوا يفعلون ذلك أبدا فلما كان في بعض الأيام جمعهم في الموضع و هم سكارى و أخرج سيدي إليهم فلما بصروا به هموا به على رسم الصورة فلما علم منهم ما يريدون كلمهم بالخزرية و التركية فرموا من أيديهم السكاكين و وثبوا إلى قدميه فقبلوها و تضرعوا إليه و تبعوه إلى أن شيعوه إلى المنزل الذي كان ينزل فيه فسألهم الترجمان عن حالهم فقالوا إن هذا الرجل يصير إلينا في كل عام فيقضي أحكامنا و يرضي بعضنا من بعض و نستسقي به إذا قحط بلدنا و إذا نزلت بنا نازلة فزعنا إليه فعاهدهم أنه لا يأمرهم بذلك فرجعوا .
خالد السمان في خبر ... : أنه دعا الرشيد رجلا يقال له علي بن صالح الطالقاني و قال له أنت الذي تقول إن السحاب حملتك من بلد الصين إلى طالقان فقال نعم قال فحدثنا كيف كان قال كسر مركبي في لجج البحر فبقيت ثلاثة أيام على لوح تضربني الأمواج فألقتني الأمواج إلى البر فإذا أنا بأنهار و أشجار فنمت تحت ظل شجرة فبينا أنا نائم إذ سمعت صوتا هائلا فانتبهت فزعا مذعورا فإذا أنا بدابتين يقتتلان على هيئة الفرس لا أحسن أن أصفهما فلما بصرا بي دخلتا في البحر فبينما أنا كذلك إذا رأيت طائرا عظيم الخلق فوقع قريبا مني بقرب كهف في جبل فقمت مستترا بالشجر حتى دنوت منه لأتأمله فلما رآني طار و جعلت أقفو أثره فلما قمت بقرب الكهف سمعت تسبيحا و تهليلا و تكبيرا و تلاوة القرآن فدنوت من الكهف فناداني مناد من الكهف ادخل يا علي بن صالح الطالقاني رحمك الله فدخلت و سلمت فإذا رجل فخم ضخم غليظ الكراديس عظيم الجثة أنزع أعين فرد علي السلام و قال يا علي بن صالح الطالقاني أنت من معدن الكنوز لقد أقمت ممتحنا بالجوع و العطش و الخوف لو لا أن الله رحمك في هذا اليوم فأنجاك و سقاك شرابا طيبا و لقد علمت الساعة التي ركبت فيها و كم أقمت في البحر و حين كسر بك المركب و كم لبثت تضربك الأمواج و ما هممت به من طرح نفسك في البحر لتموت اختيارا للموت لعظيم ما نزل بك و الساعة التي نجوت
[302]
فيها و رؤيتك لما رأيت من الصورتين الحسنتين و اتباعك للطائر الذي رأيته واقعا فلما رآك صعد طائرا إلى السماء فهلم فاقعد رحمك الله فلما سمعت كلامه قلت سألتك بالله من أعلمك بحالي فقال عالم الغيب و الشهادة و الذي يراك حين تقوم و تقلبك في الساجدين ثم قال أنت جائع فتكلم بكلام تململت به شفتاه فإذا بمائدة عليها منديل فكشفه و قال هلم إلى ما رزقك الله فكل فأكلت طعاما ما رأيت أطيب منه ثم سقاني ماء ما رأيت ألذ منه و لا أعذب ثم صلى ركعتين ثم قال يا علي أ تحب الرجوع إلى بلدك فقلت و من لي بذلك فقال كرامة لأوليائنا أن نفعل بهم ذلك ثم دعا بدعوات و رفع يده إلى السماء و قال الساعة الساعة فإذا سحاب قد أظلت باب الكهف قطعا قطعا و كلما وافت سحابة قالت سلام عليك يا ولي الله و حجته فيقول و عليك السلام و رحمة الله و بركاته أيتها السحابة السامعة المطيعة ثم يقول لها أين تريدين فتقول أرض كذا فيقول لرحمة أو سخط فتقول لرحمة أو سخط و تمضي حتى جاءت سحابة حسنة مضيئة فقالت السلام عليك يا ولي الله و حجته قال و عليك السلام أيتها السحابة السامعة المطيعة أين تريدين فقالت أرض طالقان فقال لرحمة أو سخط فقالت لرحمة فقال لها احملي ما حملت مودعا في الله فقالت سمعا و طاعة قال لها فاستقري بإذن الله على وجه الأرض فاستقرت فأخذ بعض عضدي فأجلسني عليها فعند ذلك قلت له سألتك بالله العظيم و بحق محمد خاتم النبيين و علي سيد الوصيين و الأئمة الطاهرين من أنت فقد أعطيت و الله أمرا عظيما فقال ويحك يا علي بن صالح إن الله لا يخلي أرضه من حجة طرفة عين إما باطن و إما ظاهر أنا حجة الله الظاهرة و حجته الباطنة أنا حجة الله يوم الوقت المعلوم و أنا المؤدي الناطق عن الرسول أنا في وقتي هذا موسى بن جعفر فذكرت إمامته و إمامة آبائه و أمر السحاب بالطيران فطارت و الله ما وجدت ألما و لا فزعت فما كان بأسرع من طرفة العين حتى ألقتني بالطالقان في شارعي الذي فيه أهلي و عقاري سالما في عافية فقتله الرشيد و قال لا يسمع بهذا أحد .
و في كتاب أمثال الصالحين قال شقيق البلخي : وجدت رجلا عند فيد يملأ الإناء من الرمل و يشربه فتعجبت من ذلك و استسقيته فسقاني فوجدته سويقا و سكرا
[303]
القصة و قد نظموها :
سل شقيق البلخي عنه بما شاهد *** منه و ما الذي كان أبصر
قال لما حججت عاينت شخصا ناحل *** الجسم شاحب اللون أسمر
سائرا وحده و ليس له زاد *** فما زلت دائبا أتفكر
و توهمت أنه يسأل الناس *** و لم أدر أنه الحج الأكبر
ثم عاينته و نحن نزول *** دون فيد على الكثيب الأحمر
يضع الرمل في الإناء و *** يشربه فناديته و عقلي محير
اسقني شربة فلما سقاني *** منه عاينته سويقا و سكر
فسألت الحجيج من يك هذا *** قيل هذا الإمام موسى بن جعفر
عيون أخبار الرضا عن ابن بابويه : أن موسى (عليه السلام) دعا بالمسيب و ذلك قبل وفاته بثلاثة أيام و كان موكلا به فقال له يا مسيب إني ظاعن في هذه الليلة إلى المدينة مدينة جدي رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) لأعهد إلى علي ابني ما عهده إلي أبي و أجعله وصيي و خليفتي و آمره بأمري فقال المسيب كيف تأمرني أن أفتح لك الأبواب و عليها أقفالها و الحرس معي على الأبواب فقال يا مسيب ضعف يقينك في الله عز و جل و فينا قلت لا يا سيدي قال فمه فسمعته يدعو ثم فقدته عن مصلاه فلم أزل قائما على قدمي حتى رأيت قد عاد إلى مكانه و أعاد الحديد إلى رجليه فخررت لله ساجدا شاكرا على ما أنعم علي به من معرفته فقال لي ارفع رأسك يا مسيب و اعلم أني راحل إلى الله عز و جل في ثالث هذا اليوم لا تبك يا مسيب فإن عليا ابني هو إمامك و مولاك بعدي فأته فتمسك بولايته فإنك لن تضل ما لزمته .
عمرو بن رافد : أن الرشيد وضع في صينية عشرين رطبة و أخذ سلكا ففركه في السم و أدخله في سم الخياط و أخذ رطبة منها فأقبل يرود عليها ذلك السم حتى حصل فيها و قال لخادم احمل هذه الصينية إلى موسى بن جعفر و قل له إني اذخرتها لك بيدي بحقي لا تبق منها شيئا و لا تطعم منها أحدا فأتاه بها الخادم فكان يأكل بالخلال و كان للرشيد كلبة تعز عليه فجذبت نفسها و خرجت تجر سلاسلها من ذهب و جوهر حتى حاذت
[304]
موسى بن جعفر فبادر بالخلال إلى الرطبة المسمومة و رمى بها إلى الكلبة فأكلتها و لم تلبث أن ضربت نفسها الأرض و عوت و تهرت قطعة قطعة و استوفى (عليه السلام) باقي الرطب فأخبر الخادم الرشيد بذلك فقال ما ربحنا من موسى إلا أن أطعمناه الرطب و ضيعنا سمنا و قتل كلبتنا ما في موسى من حيلة .
محمد بن الحسن : أن بعض أصحابنا كتب إلى أبي الحسن الماضي يسأله عن الصلاة على الزجاج قال فلما نفذت كتابي إليه تفكرت و قلت هو مما تنبت الأرض و ما كان لي أن أسأله عنه فقال فكتب إلي لا تصل على الزجاج و إن حدثتك نفسك أنه مما أنبتته الأرض و لكنه من الملح و الرمل و هما ممسوخان .
علي بن أبي حمزة قال : كنت معتكفا في مسجد الكوفة إذ جاءني أبو جعفر الأحول بكتاب مختوم من أبي الحسن (عليه السلام) فقرأت كتابه فإذا فيه إذا قرأت كتابي الصغير الذي في جوف كتابي المختوم فاحرزه حتى أطلبه منك فأخذ علي الكتاب فأدخله بيت بزه في صندوق مقفل في جوف قمطر في جوف حق مقفل و باب البيت مقفل و مفاتيح هذه الأقفال في حجرته فإذا كان الليل فهي تحت رأسه و ليس يدخل بيت البز غيره فلما حضر الموسم خرج إلى مكة و أفاد بجميع ما كتب إليه من حوائجه فلما دخل عليه قال له العبد الصالح يا علي ما فعلت بالكتاب الصغير الذي كتبت إليك فيه أن احتفظ به فحكيته قال إذا نظرت إلى الكتاب أ ليس تعرفه قلت بلى قال فرفع مصلى تحته فإذا هو قد أخرجه إلى فقال احتفظ به فلو تعلم ما فيه لضاق صدرك قال فرجعت إلى الكوفة و الكتاب معي فأخرجته في دروز جيبي عند إبطي فكان الكتاب حياة علي في جيبه فلما مات علي قال محمد و حسن ابناه فلم يكن لنا هم إلا الكتاب ففقدناه فعلمنا أن الكتاب قد صار إليه .
و من معجزاته ما نظم قصيدة ابن الغار البغدادي :
و له معجز القليب فصل عنه *** رواة الحديث بالنقل تخبر
[305]
ولدي السجن حين أبدى إلى السجان *** قولا في السجن و الأمر مشهر
ثم يوم الفصاد حتى أتى الآسي *** إليه فرده و هو يذعر
ثم نادى آمنت بالله لا غير *** و أن الإمام موسى بن جعفر
و اذكر الطائر الذي جاء *** بالصك إليه من الإمام و بشر
و لقد قدموا إليه طعاما *** فيه مستلمح أباه و أنكر
و تجافى عنه و قال حرام *** أكل هذا فكيف يعرف منكر
و اذكر الفتيان أيضا ففيها *** فضله أذهل العقول و أبهر
عند ذاك استقال من مذهب *** كان يوالي أصحابه و تغير
فصل في استجابة دعواته (عليه السلام) :
الخطيب في تاريخه بإسناده عن علي بن الخلال قال : ما همني أمر فقصدت قبر موسى بن جعفر و توسلت به إلا سهل الله تعالى لي ما أحب .
و رئي في بغداد امرأة تهرول :
فقيل : إلى أين ?
قالت : إلى موسى بن جعفر , فإنه حبس ابني .
فقال لها حنبلي : إنه قد مات في الحبس .
فقالت : بحق المقتول في الحبس ; أن تريني القدرة .
فإذا بابنها قد أطلق , و أخذ ابن المستهزئ بجنايته .
و حكي : أنه مغص بعض الخلفاء فعجز بختيشوع النصراني عن دوائه و أخذ جليدا فإذا به بدواء ثم أخذ ماء و عقده بدواء و قال هذا الطب إلا أن يكون مستجاب دعاء ذا منزلة عند الله يدعو لك فقال الخليفة علي بموسى بن جعفر فأتي به فسمع في الطريق أنينه فدعا الله سبحانه و زال مغص الخليفة فقال له بحق جدك المصطفى أن تقول بم دعوت لي فقال (عليه السلام) قلت اللهم كما أريته ذل معصيته فأره عز طاعتي فشفاه الله من ساعته .
محمد بن علي بن ماجيلويه قال : لما حبس هارون الكاظم (عليه السلام) جن عليه الليل فجدد موسى طهوره فاستقبل بوجهه القبلة و صلى أربع ركعات ثم دعا فقال يا سيدي نجني من حبس هارون و خلصني من يده يا مخلص الشجر من بين رمل و طين و يا مخلص النار من بين الحديد و الحجر و يا مخلص اللبن من بين فرث و دم و يا مخلص الولد من بين مشيمة و
[306]
رحم و يا مخلص الروح من بين الأحشاء و الأمعاء خلصني من يد هارون الرشيد قال فرأى هارون رجلا أسودا بيده سيف قد سله واقفا على رأس هارون و هو يقول يا هارون أطلق عن موسى بن جعفر و إلا ضربت علاوتك بسيفي هذا فخاف من هيبته ثم دعا بحاجبه فجاء الحاجب فقال له اذهب إلى السجن و أطلق عن موسى بن جعفر و في رواية الفضل بن الربيع أنه قال صر إلى حبسنا و أخرج موسى بن جعفر و ادفع إليه ثلاثين ألف درهم و اخلع عليه خمس خلع و احمله على ثلاث مراكب و خيره إما المقام معنا أو الرحيل أي البلاد أحب فلما عرض الخلع عليه أبى أن يقبلها .
معرفة الرجال حماد بن عيسى قال : دخلت على أبي الحسن الأول فقلت له جعلت فداك ادع لي أن يرزقني الله دارا و زوجة و ولدا و خادما و الحج في كل سنة فقال اللهم صل على محمد و آل محمد و ارزقه دارا و زوجة و ولدا و خادما و الحج خمسين سنة قال فرزقت كل ذلك ثم إنه خرج بعد الخمسين حاجا فزامل أبا العباس النوفلي القصير فلما صار في موضع الإحرام دخل يغتسل في الوادي فحمله فغرقه الماء .