back page fehrest page next page

[340]

من رأسي شعرة فاشهدوا أنني لست بإمام .

مسافر قال : كنت عند الرضا (عليه السلام) بمنى فمر يحيى بن خالد فغطى أنفه من الغبار فقال مساكين لا يدرون ما يحل بهم في هذه السنة ثم قال و أعجب من هذا هارون و أنا كهاتين و ضم بين إصبعيه .

ابن بابويه بإسناده عن يحيى بن محمد بن جعفر قال : مرض أبي مرضا شديدا فأتاه الرضا يعوده و عمي إسحاق جالس يبكي فالتفت إلي و قال ما يبكي عمك قلت يخاف عليه ما ترى قال فقال لا تغتم فإن إسحاق سيموت قبله قال فبرأ أبي محمد و مات إسحاق .

معمر بن خلاد قال : قال لي الريان بن الصلت أحب أن تستأذن لي على أبي الحسن فأسلم عليه و أحب أن يكسوني من ثيابه و أن يهب لي من الدراهم التي ضربت باسمه فدخلت على الرضا فقال لي مبتدئا إن الريان بن الصلت مريد الدخول علينا و الكسوة من ثيابنا و العطية من دراهمنا فأذنت له فدخل و سلم فأعطاه ثوبين و ثلاثين درهما من الدراهم المضروبة باسمه .

ابن قولويه أنه : لما خرج من المدينة في السنة التي حج فيها هارون يريد الحج فانتهى إلى جبل على يسار الطريق يقال له فارع فنظر إليه أبو الحسن ثم قال باني فارع و هادمه يقطع إربا إربا فلم ندر ما معنى ذلك فلما بلغ هارون ذلك الموضع نزله و صعد جعفر بن يحيى الجبل و أمر أن يبنى له فيه مجلس فلما رجع من مكة صعد إليه و أمر بهدمه فلما انصرف فأتى العراق فقطع جعفر بن يحيى إربا إربا .

صفوان بن يحيى قال : لما مضى أبو الحسن موسى (عليه السلام) و تكلم الرضا (عليه السلام) خفنا عليه من ذلك و قلنا له إنك قد أظهرت أمرا عظيما و إنا نخاف عليك من هذا الطاغي فقال (عليه السلام) يجهد جهده فلا سبيل له علي .

الحسن بن علي الوشاء قال الرضا (عليه السلام) : إني لما أرادوا الخروج بي من المدينة جمعت عيالي و أمرتهم أن يبكوا علي حتى أسمع ثم فرقت فيهم اثني عشر ألف دينارا ثم قال أما أني لا أرجع إلى عيالي أبدا .

حمزة بن جعفر الأرجاني قال : خرج هارون من المسجد الحرام مرتين و خرج

[341]

الرضا (عليه السلام) مرتين فقال الرضا ما أبعد الدار و أقرب اللقاء يا طوس ستجمعني و إياه .

موسى بن سيار قال : كنت مع الرضا (عليه السلام) و قد أشرف على حيطان طوس و سمعت واعية فاتبعتها فإذا نحن بجنازة فلما بصرت بها رأيت سيدي و قد ثنى رجله عن فرسه ثم أقبل نحو الجنازة فرفعها ثم أقبل يلوذ بها كما تلوذ السخلة بأمها ثم أقبل علي و قال يا موسى بن سيار من شيع جنازة ولي من أوليائنا خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه لا ذنب عليه حتى إذا وضع الرجل على شفير قبره رأيت سيدي قد أقبل فأفرج الناس عن الجنازة حتى بدا له الميت فوضع يده على صدره ثم قال يا فلان بن فلان أبشر بالجنة فلا خوف عليك بعد هذه الساعة فقلت جعلت فداك هل تعرف الرجل فو الله إنها بقعة لم تطأها قبل يومك هذا فقال لي يا موسى بن سيار أ ما علمت أنا معاشر الأئمة تعرض علينا أعمال شيعتنا صباحا و مساء فما كان من التقصير في أعمالهم سألنا الله تعالى الصفح لصاحبه و ما كان من العلو سألنا الله الشكر لصاحبه .

الحسن بن موسى قال : خرجنا مع الرضا (عليه السلام) إلى بعض أمواله في يوم طلق فقال حملتم معكم الماطر فقلنا و ما حاجتنا إليها في هذا اليوم قال لكني حملته و ستمطرون قال فما مضينا إلا يسيرا حتى مطرنا .

و مما روته العامة مما ذكره الحاكم أبو عبد الله الحافظ بإسناده عن سعد بن سعد أنه قال : نظر الرضا (عليه السلام) إلى رجل فقال يا عبد الله أوص مما تريد و استعد لما لا بد منه فمات الرجل بعد ثلاثة أيام .

و روى الحسن بن محمد بن أحمد السمرقندي المحدث بالإسناد عن الحسن بن علي الوشاء الكوفي قال : كتبت مسائل في طومار لأجرب بها علي بن موسى فغدوت إلى بابه فلم أصل إليه لزحام الناس فبينما خادم يسأل الناس عني و هو يقول من الحسن بن علي الوشاء بن بنت إلياس البغدادي فقلت له يا غلام فها أنا ذا فأعطاني كتاب و قال لي هذه جوابات مسائلك التي معك فقطعت بإمامته و تركت مذهب الوقف .

و روى الحسن السمرقندي هذا عن ابن الوشاء قال : خرجت من الكوفة إلى خراسان فقالت لي ابنتي يا أبة خذ هذه الحلة فبعها و خذ لي بثمنها فيروزجا فلما نزلت مرو فإذا غلمان الرضا (عليه السلام) قد جاءوا و قالوا نريد حلة نكفن بها بعض غلماننا فقلت

[342]

ما عندي فمضوا ثم عادوا و قالوا مولانا يقرأ عليك السلام و يقول لك معك حلة في السفط الفلاني دفعتها إليك ابنتك و قالت اشتر لي بثمنها فيروزجا و هذا ثمنها .

و روى الحاكم أبو عبد الله الحافظ بإسناده عن محمد بن عيسى عن أبي حبيب البناجي قال : رأيت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) في المنام و حدثني محمد بن منصور السرخسي بالإسناد عن محمد بن كعب القرطي قال كنت في جحفة نائما فرأيت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) في المنام فأتيته فقال لي يا فلان سررت بما تصنع مع أولادي في الدنيا فقلت لو تركتهم فبمن أصنع فقال (عليه السلام) فلا جرم تجزى مني في العقبى فكان بين يديه طبق فيه تمر صيحاني فسألته عن ذلك فأعطاني قبضة فيها ثماني عشرة تمرة فتأولت ذلك أن أعيش ثماني عشرة سنة فنسيت ذلك فرأيت يوما ازدحام الناس فسألتهم عن ذلك فقالوا أتى علي بن موسى الرضا (عليه السلام) فرأيته جالسا في ذلك الموضع و بين يديه طبق فيه تمر صيحاني فسألته عن ذلك فناولني قبضة فيها ثماني عشرة تمرة فقلت له زدني منه فقال لو زادك جدي رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) لزدناك ذكره عمر الملا الموصلي في الوسيلة إلا أنه روى أن ابن علوان قال رأيت في منامي كأن قائلا يقول قد جاء رسول الله (عليه السلام) إلى البصرة قلت و أين نزل فقيل في حائط بني فلان قال فجئت الحائط فوجدت رسول الله (عليه السلام) جالسا و معه أصحابه و بين يديه أطباق فيها رطب برني فقبض بيده كفا من رطب و أعطاني فعددتها فإذا هي ثماني عشرة رطبة ثم انتبهت فتوضأت و صليت و جئت إلى الحائط فعرفت المكان الذي فيه رأيت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) فبعد ذلك سمعت الناس يقولون قد جاء علي بن موسى الرضا (عليه السلام) فقلت أين نزل فقيل في حائط بني فلان فهديت فوجدته في الموضع الذي رأيت النبي (عليه السلام) فيه و بين يديه أطباق فيها رطب و ناولني ثماني عشرة رطبة فقلت يا ابن رسول الله زدني فقال لو زادك جدي لزدتك ثم بعث إلي بعد أيام يطلب مني رداء و ذكر طوله و عرضه فقلت ليس هذا عندي فقال بلى هو في السفط الفلاني بعثت به أمرأتك معك قال فذكرت فأتيت السفط فوجدت الرداء فيه كما قال .

و دخل أبو نواس على هارون الرشيد و عنده الرضا (عليه السلام) فقال :

قيل لي أنت أوحد الناس طرا *** في علوم الورى و شعر البدية

[343]

لك من جوهر الكلام نظام *** يثمر الدر في يدي مجتنيه

‏فعلى ما تركت مدح ابن موسى *** و الخصال التي تجمعن فيه

‏قلت لا أهتدي لمدح إمام *** كان جبريل خادما لأبيه

ابن الحجاج :

يا ابن من تؤثر المكارم عنه *** و معالي الآداب تمتار منه

‏من سمى الرضا علي بن موسى *** رضي الله عن أبيه و عنه

و له أيضا :

و سمي الرضا علي بن موسى *** لك فعل يرضى صديقك عنكا

السروجي :

عليك بتقوى الله ما عشت أنه *** لك الفوز من نار تقاد بأغلال

‏و حب علي و البتول و نسلها *** طريق إلى الجنات و المنزل العالي

‏إلى الله أبرأ من موالاة ظالم *** لآل رسول الله في الأهل و المال

الحميري :

لا فرض إلا فرض عقد الولاء *** في أول الدهر و في الآخره

‏لأهل بيت المصطفى أنهم *** صفوة حزب الله ذي المغفره

‏أعطاهم الفضل على غيرهم *** بسؤدد البرهان و المقدره

‏فهم ولاة الأمر في خلقه *** حكامه الماضون في أدهره

فصل في خرق العادات :

أبو الصلت الهروي : لما بلغ الرضا (عليه السلام) من نيسابور إلى القرية الحمراء قيل له قد زالت الشمس أ فلا تصلي فنزل و دعا بماء فقيل له ما معنا ماء فبحث بيده الأرض فنبع من الأرض ماء توضأ به هو و من معه و أثره باق إلى اليوم يقال له چشمه رضا فلما بلغ سناباذ استند إلى الجبل الذي تنحت منه القدور فقال اللهم أنفع به و بارك فيما يجعل منه و فيما ينحت منه ثم أمر به فنحت منه قدور من الجبل و قال لا يطبخ ما آكله إلا فيها و كان خفيف الأكل قليل الطعم فاهتدى الناس إليه من ذلك

[344]

اليوم و ظهرت بركة دعائه فيه قال بعضهم يقول أهل طوس قد ألان الله لنا الحجارة كما ألان لداود الحديد قال ابن الصلت ثم دخل دار حميد بن قحطبة البطائني و دخل القبة التي فيها قبر هارون ثم خط بيده إلى جانبه ثم قال هذه تربتي و سيجعل الله هذا المكان مختلف شيعتي الخبر .

الحاكم أبو عبد الله الحافظ : لما دخل الرضا (عليه السلام) نيسابور و نزل محلة فوز ناحية يعرفها الناس بالإسناد في دار تعرف بدار پسنديده و إنما سميت پسنديده لأن الرضا (عليه السلام) ارتضاه من بين الناس فلما نزلها زرع في جانب من جوانب الدار لوزة فنبتت و صارت شجرة فأثمرت في كل سنة و كان أصحاب العلل يستشفون بلوز هذه الشجرة و عوفي أعمى و صاحب قولنج و غير ذلك فمضت الأيام على ذلك و يبست فجاء حمدان و قطع أغصانها ثم جاء ابن لحمدان يقال له أبو عمرو فقطع تلك الشجرة من وجه الأرض فذهب ماله كله و كان له ابنان يقال لأحدهما أبو القاسم و الآخر أبو صادق فأرادا عمارة تلك الدار و أنفقا عليها عشرين ألف درهم فقلعا الباقي من أصل تلك الشجرة فماتا في مدة سنة .

الصفواني : قطع اللصوص على قافلة خراسان و أقاموا واحدا اتهموه بكثرة المال و ملئوا فاه من الثلج ففسد فمه و لسانه و عجزت الأطباء عن دوائه فرأى في منامه الرضا (عليه السلام) فسأله عن علته فقال خذ من الكمون و الشعير و الملح و دقه و خذ منه في فمك مرتين أو ثلاث فإنك تعافى فلما انتبه قيل له ورد الرضا (عليه السلام) فارتحل من نيسابور و هو برباط سعد فأتاه و قص عليه قصته و سأله الدواء فقال أ لم أعلمك فاستعمل ما وصفته لك في منامك فاستعمل ما وصفه فعوفي من ساعته .

حكيمة بنت موسى (عليه السلام) قالت : رأيت الرضا (عليه السلام) واقفا على باب بيت الحطب و هو يناجي و لست أرى أحدا فقلت سيدي من تناجي فقال هذا عامر الدهراني أتاني يسألني و يشكو إلي فقلت سيدي أحب أن أسمع كلامه فقال إنك إن سمعت حممت سنة فقلت سيدي أحب أن أسمعه فقال لي اسمعي فاستمعت فسمعت شبه الصفير و ركبتني الحمى سنة .

الكليني بإسناده إلى إبراهيم بن موسى قال : قلت للرضا (عليه السلام) في طريق جعلت

[345]

فداك هذا العيد قد أظلنا و لا و الله ما أملك درهما فما سواه و كنت أطالبه بآية من زمان فحك بسوطه الأرض حكا شديدا ثم ضرب بيده فتناول منه سبيكة ذهب ثم قال انتفع بها و اكتم ما رأيت .

الغفاري قال : كان لرجل من آل أبي رافع مولى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) علي حق فألح علي فأتيت الرضا (عليه السلام) و قلت يا ابن رسول الله إن لمولاك فلان علي حق و قد شهرني فأمرني بالجلوس على الوسادة فلما أكلنا و فرغنا قال ارفع الوسادة و خذ ما تحتها فرفعتها فإذا دنانير فأخذتها فلما أتيت المنزل نظرت إلى الدنانير فإذا هي ثمانية و أربعون دينارا و فيها دينار يلوح منقوش عليه حق الرجل عليك ثمانية و عشرون دينارا و ما بقي فهو لك و لا و الله ما كنت عرفت ما له علي على التحديد .

أبو الصلت عبد السلام بن صالح قال : رفع إلى المأمون أن الرضا (عليه السلام) يعقد مجالس الكلام و الناس يفتنون بعلمه فأنفذ محمد بن عمرو الطوسي فطرد الناس عن مجلسه و أحضره فلما نظر إليه المأمون زبره و استخف به فخرج الرضا (عليه السلام) يقول و حق المصطفى و المرتضى و سيدة النساء لأستنزلن من حول الله عز و جل بدعائي عليه ما يكون سببا لطرد كلاب أهل هذه الكورة إياه و استخفافهم به و بخاصته و عامته ثم أتى منزله و اغتسل و صلى ركعتين قال في قنوته يا ذا القوة الجامعة و الرحمة الواسعة إلى آخر دعائه صل على من شرفت الصلاة بالصلاة عليه و انتقم لي ممن ظلمني و استخف بي و طرد الشيعة عن بابي و أذقه مرارة الذل و الهوان كما أذاقنيها و اجعله طريد الأرجاس و شريد الأنجاس فلم يتم دعاءه حتى وقعت الرجفة و ارتفعت الزعقة و ثارت الغبرة فلما سلم من صلاته قال اصعد السطح فإنك سترى امرأة بغية رثة غثة متسخة الأطمار مهيجة الأشرار يسميها أهل هذه الكورة سمانة لغباوتها و تهتكها قد أسندت مكان الرمح إلى نحرها قصبا و قد شدت وقاية لها خمرا إلى طرف لها مكان اللواء فهي تقود جيوش الغاغة و تسوق عساكر الطغام إلى قصر المأمون و هو قصر أبي مسلم في شاهجان قال و رأيت المأمون متدرعا قد برز من قصر الشاهجان متوجها

[346]

للهرب فما شعرت إلا بشاجرد الحجام قد رماه من بعض أعالي السطوح بلبنة ثقيلة أسقطت عن رأسه بيضته بعد أن شقت جلدة هامته فقال بعض من عرف المأمون ويلك أمير المؤمنين فسمعت سمانة فقالت اسكت لا أم لك ليس هذا يوم التمييز و المحاباة و لا يوم إنزال الناس على طبقاتهم و مقاديرهم فلو كان هذا أمير المؤمنين لما سلط ذكور الفجار على فروج الأبكار و طرد المأمون أسوأ طرد بعد إذلال و استخفاف شديد و نهبوا أمواله فصلب المأمون أربعين غلاما و أسلى دهقان مرو و أمر أن يطول جدرانهم و علم أن ذلك من استخفاف الرضا (عليه السلام) فانصرف و دخل عليه و حلفه أن لا يقوم له و قبل رأسه و جلس بين يديه و قال لم تطب نفسي بعد مع هؤلاء فما ترى فقال الرضا (عليه السلام) اتق الله في أمة محمد و ما ولاك من هذا الأمر و خصك به فإنك قد ضيعت أمور المسلمين و فوضت ذلك إلى غيرك يحكم فيها بغير حكم الله عز و جل و قعدت في هذه البلاد و تركت دار الهجرة و مهبط الوحي و إن المهاجرين و الأنصار يظلمون دونك و لا يرقبون في مؤمن إلا و لا ذمة و يأتي على المظلوم دهر يتعب فيه نفسه و يعجز عن نفقته فلا يجد من يشكو إليه حاله و لا يصل إليه فاتق الله يا أمير المؤمنين في أمور المسلمين و ارجع إلى بيت النبوة و معدن الرسالة و موضع المهاجرين و الأنصار أ ما علمت يا أمير المؤمنين أن والي المسلمين مثل العمود في وسط الفسطاط من أراده أخذه فقال نعم ما قلت يا سيدي هذا هو الرأي و خرج يجهز للرحيل و أتاه ذو الرئاستين و قال قتلت أمس أخاك و أظهرت اليوم عقد الرضا و أخرجت الخلافة من بني العباس أ فترضى الناس عنك و هاهنا في حبسك أولياء أبيك نحو علي بن عمران و ابن مؤنس و الجلودي و كانوا لم يدخلوا في عهد الرضا فأمر بإحضار المحبوسين واحدا بعد واحد فأدخل عليه ابن عمران فخاض في عقده للرضا فأمر بقتله و ثنى بابن مؤنس بعد هجره في الرضا فلما أدخل الجلودي قال الرضا (عليه السلام) من كرمه هبني هذا و كان أغار ذلك في دور آل أبي طالب وقت خروج محمد بن أبي طالب و عرى نساءهم فقال يا أمير المؤمنين بالله لا تصغ إلى مقاله في قال نعم و أمر بقتله فاغتم بذلك ذو الرئاستين فقال المأمون لتسليته أكتب حجة لك أن لا أعزلك ما دمت حيا و كتب بما شاء فوقع عليه أمير المؤمنين المأمون و استأذنه في توقيع الرضا (عليه السلام) فقال إنه لا يكتب فأتاه و استدعاه للتوقع فأبى فكان ذو الرئاستين يخلط على الرضا (عليه السلام) و يغيظ المأمون و يكتب إلى

[347]

بغداد بأحواله فبويع إبراهيم بن المهدي و فيه قال دعبل :

يا معشر الأجناد لا تقنطوا *** خذوا عطاياكم و لا تسخطوا

فسوف يعطيكم حنينية *** يلذها الأمرد و الأشمط

و المعبديات لقوادكم *** لا تدخل الكيس و لا تربط

و هكذا يرزق أصحابه *** خليفة مصحفة البربط

فلما سمع المأمون ذلك اغتم و أثر فيه كلام ذو الرئاستين و غيره فعزم على إهلاك الرضا (عليه السلام) .

و في رواية ياسر : أن الحسن بن سهل كتب إلى أخيه الفضل بن سهل في تحويل السنة فوجدت فيه أنك تذوق في شهر كذا يوم الأربعاء حر الحديد و حر النار و أرى أنك تدخل أنت و أمير المؤمنين و الرضا الحمام و تحتجم فيه ليزول عنك نحسه فكتب الفضل إلى المأمون و كتب المأمون إلى الرضا (عليه السلام) بالحضور فأجابه الرضا لست بداخل الحمام غدا فأعاد عليه الرقعة مرتين فأجابه رأيت النبي فنهاني عن ذلك فكتب إليه المأمون صدقت و صدق رسول الله لست بداخل الحمام و الفضل أعلم بما يفعله فلما غابت الشمس قال لنا الرضا (عليه السلام) قولوا نعوذ بالله من شر ما ينزل في هذه الليلة فلم نزل نقول ذلك فلما صلى الصبح قال اصعد السطح فاستمع هل تجد شيئا فسمعت صيحة و كثرت فإذا نحن بالمأمون و قد دخل من بابه إلى الرضا و هو يقول يا أبا الحسن آجرك الله في الفضل فإنه دخل الحمام و قتلوه فأخذ ثلاثة أحدهم ابن خالة الفضل ذي القلمين قال فشغب رجال الفضل على باب المأمون و جاءوا بالنيران ليحرقوا الباب و قالوا هو اغتاله فقال المأمون يا سيدي ترى أن تخرج إليهم فركب أبو الحسن (عليه السلام) فلما ركب نظر إلى الناس فقال بيده تفرقوا فما أشار إلى أحد إلا ركض و مضى لوجهه يقع بعضهم على بعض .

و أتى رجل من ولد الأنصار بحقة فضة مقفل عليها و قال : لم يتحفك أحد بمثلها ففتحها و أخرج منها سبع شعرات و قال هذا شعر النبي (عليه السلام) فميز الرضا أربع طاقات منها و قال هذا شعره فقبل في ظاهره دون باطنه ثم إن الرضا (عليه السلام) أخرجه من الشبهة بأن وضع

[348]

الثلاثة على النار فاحترقت ثم وضع الرابعة فصارت كالذهب .

علي بن إبراهيم قال : دخل أبو سعيد المكاري و كان واقفيا على الرضا (عليه السلام) فقال له أبلغ من قدرك أنك تدعي ما ادعاه أبوك فقال (عليه السلام) ما لك أطفأ الله نورك و أدخل الفقر بيتك أ ما علمت أن الله عز و جل أوحى إلى عمران أني واهب لك ذكرا يبرئ الأكمه و الأبرص فوهب له مريم و وهب لمريم عيسى فعيسى من مريم و مريم من عيسى فعيسى و مريم شي‏ء واحد و أنا من أبي و أبي مني و أنا و أبي شي‏ء واحد فقال أسألك عن مسألة فقال سل لا إخالك تقبل مني و لست من غنمي و لكن هلمها قال ما تقول في رجل قال عند موته كل عبد لي قديم فهو حر لوجه الله المسألة قال فخرج من عنده و ذهب بصره و كان يسأل على الأبواب حتى مات .

و لما نزل الرضا (عليه السلام) في نيسابور بمحلة فوزا أمر ببناء حمام و حفر قناة و صنعة حوض فوقه مصلى فاغتسل من الحوض و صلى في المسجد فصار ذلك سنة فيقال گرمابه رضا و آب رضا و حوض كاهلان و معنى ذلك أن رجلا وضع هميانا على طاقه و اغتسل منه و قصد إلى مكة ناسيا فلما انصرف من الحج أتى الحوض فرآه للغسل مشدودا فسأل الناس عن ذلك فقالوا قد آوى فيه ثعبان و نام على طاقه ففتحه الرجل و دخل في الحوض و أخرج هميانه و هو يقول هذا من معجز الإمام فنظر بعضهم إلى بعض و قالوا أي كاهلان لئلا يأخذوها فسمي الحوض بذلك كاهلان و سميت المحلة فوز لأنه فتح أولا فصحفوها و قالوا فوزا و روي أنه أتته ظبية فلاذت فيه .

قال ابن حماد :

الذي لاذ به الظبية *** و القوم جلوس

‏من أبوه المرتضى يزكو *** و يعلو و يروس

الكليني عن الحسين بن منصور عن أخيه قال : دخلت على الرضا (عليه السلام) في بيت داخل في جوف بيت ليلا فرفع يده فكانت كأن في البيت عشرة مصابيح فاستأذن عليه رجل فخلى يده ثم أذن له .

و عنه : أنه حمل إليه مالا خطيرا قال فلم أره سر به فاغتممت لذلك و قلت في نفسي قد حملت مثل هذا المال و لم يسر به قال فقال للغلام صب علي الماء فجعل يسيل

[349]

من بين أصابعه في الطشت ذهب ثم التفت إلي فقال لي من كان هكذا لا يبالي بالذي حملت إليه .

و ذكره أبو الحسن القزويني في بعض كتبه بالإسناد عن هرثمة بن أعين أنه قال حدثني صبيح الديلمي : أن المأمون دعاني البارحة في ثلاثين غلاما من ثقاته في الثلث الأول من الليل فأخذ علينا العهد و أمرنا أن نفتك بالرضا و قد جعلت لكل واحد منكم على هذا الفعل عشرة بدر دراهم و عشرة أضياع منتخبة و الحظوظ عندي ما بقيت ففعلوا ذلك و زعموا أنهم قطعوه ثم طووا عليه بساطه و مسحوا أسيافهم و خرجوا حتى دخلوا على باب المأمون فقال ما الذي صنعتم فقالوا الذي أمرتنا به يا أمير المؤمنين فقال أيكم كان المسرع إليه فقالوا بأجمعهم صبيح الديلمي فقال لا و الله ما مددت إليه يدا فجزاني خيرا و قربني إليه ثم قال لا تعيدوا علي الذي فعلتم فتبخسوا جعلكم و تتعجلوا الفناء و تخسروا الآخرة و الأولى فلما كان في بلج الفجر خرج المأمون فجلس في مجلسه مكشوف الرأس محلل الأزرار و أظهر وفاته و قعد للتعزية فقبل أن يصل الناس إليه قام قائما يمشي إلى الدار فينظر إليه و أنا بين يديه فلما دخل في حجرته (عليه السلام) سمع همهمة فأراعه ثم قال من عنده فقلنا لا علم لنا يا أمير المؤمنين فقال أسرعوا و انظروا قال صبيح فأسرعت إلى البيت فإذا أنا بسيدي جالس في محرابه يصلي و يسبح فانتفض المأمون و أرعد ثم قال غررتموني لعنكم الله ثم التفت إلي من بين الجماعة فقال لي يا صبيح أنت تعرفه فانظر من المصلي عنده قال صبيح و تولى المأمون راجعا فلما صرت بعتبة الباب قال لي يا صبيح قلت لبيك يا مولاي و سقطت لوجهي فقال قم يرحمك الله فارجع و قال يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُا نُورَ اللَّهِ بِأَفْواهِهِمْ وَ اللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَ لَوْ كَرِهَ الْكافِرُونَ فرجعت إلى المأمون و حكيت له فانتعل و تعمم ثم قال أغلقوا علي الأبواب و افتحوا عليه و قولوا كانت البارحة غشي على الرضا قال هرثمة فرآني الرضا (عليه السلام) فقال لا يضرنا كيدهم شيئا حتى يبلغ الكتاب أجله و نهاني عن إفشاء قول صبيح .

أبو العباس الصولي يخاطب علي بن موسى الرضا (عليه السلام) و يفضله على المأمون :

[350]

كفى بفعال امرئ عالم *** على أهله عادلا شاهدا

يرى لهم طارفا مونقا *** و لا يشبه الطارف التالدا

يمن عليكم بأموالكم *** و تعطون من مائة واحدا

فلا يحمد الله مستنصرا *** يكون لأعدائكم حامدا

فضلت قسيمك في قعدد *** كما فضل الوالد الوالدا

و كان الرضا (عليه السلام) و المأمون يجتمعان في الأب الثامن من عبد المطلب كان يقول فضل أبوك علي أباه عبد الله بن عباس .

قال أبو بكر الخوارزمي :

يا هارون من أمره بدعه *** جاورت قبرا قربه رفعه

‏تريد أن تفلح من أجله *** لن تدخل الجنة بالشفعه

ابن حماد :

ساقها شوقي إلى طوس *** و من تحويه طوس

‏مشهد فيه الرضا *** العالم و الحبر النفيس

‏ذاك بحر العلم و الحكمة *** إن قاس مقيس‏

ذاك نور الله لا يطفى *** له قط طميس

الأديب :

تجوز زيارة قبر ابن حرب *** و تربة حفص و يحيى بن يحيى

‏فلم لا تجوز زيارة قبر *** الإمام علي بن موسى الرضا

سليل البتول و سبط الرسول *** و نجل أبي الحسن المرتضى

فصل في علمه (عليه السلام) :

كان المأمون يمتحنه بالسؤال عن كل شي‏ء فيجيب فيه و كان كلامه كله و جوابه و تمثيله بآيات من القرآن و قال إبراهيم بن العباس ما رأيته سئل عن شي‏ء قط إلا علمه .

back page fehrest page next page