اليسع بن حمزة في حديثه : أن رجلا قال له السلام عليك يا ابن رسول الله أنا رجل من محبيك و محبي آبائك مصدري من الحج و قد نفدت نفقتي و ما معي ما أبلغ مرحلة فإن رأيت أن تهيئني إلى بلدي و لله علي نعمة فإذا بلغت بلدي تصدقت بالذي
[361]
توليني عنك فلست موضع صدقة فقام (عليه السلام) فدخل الحجرة و بقي ساعة ثم خرج و رد الباب و أخرج يده من أعلى الباب فقال خذ هذه المائتي دينار فاستعن بها في أمورك و نفقتك و تبرك بها و لا تتصدق بها عني اخرج و لا أراك و لا تراني فلما خرج سئل عن ذلك فقال مخافة أن أرى ذل السؤال في وجهه لقضاء حاجته أ ما سمعت حديث رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) المستتر بالحسنة تعدل سبعين حجة و المذيع بالسيئة مخذول و المستتر بها مغفور أ ما سمعت قول الأول .
متى آته يوما أطالب حاجة رجعت إلى أهلي و وجهي بمائه
و فرق (عليه السلام) بخراسان ماله كله في يوم عرفة فقال له الفضل بن سهل إن هذا لمغرم فقال بل هو المغنم لا تعدن مغرما ما ابتغيت به أجرا و كرما .
إبراهيم بن العباس : كان الرضا (عليه السلام) إذا جلس على مائدته أجلس عليها مماليكه حتى السائس و البواب .
و له (عليه السلام) :
لبست بالعفة ثوب الغنى *** و صرت أمشي شامخ الرأس
لست إلى النسناس مستأنسا *** لكنني آنس بالناس
إذا رأيت التيه من ذي الغنى *** تهت على التائه باليأس
ما أن تفاخرت على معدم *** و لا تضعضعت لإفلاس
و دخل زيد بن موسى بن جعفر (عليه السلام) على المأمون فأكرمه و عنده الرضا (عليه السلام) فسلم زيد عليه فلم يجبه فقال أنا ابن أبيك و لا ترد علي سلامي فقال (عليه السلام) أنت أخي ما أطعت الله فإذا عصيت الله فلا إخاء بيني و بينك .
و ذكر ابن الشهرزوري في مناقب الأبرار : أن معروف الكرخي كان من موالي علي بن موسى الرضا (عليه السلام) و كان أبواه نصرانيين فسلما معروفا إلى المعلم و هو صبي فكان المعلم يقول له قل ثالث ثلاثة و هو يقول بل هو الواحد فضربه المعلم ضربا مبرحا فهرب و مضى إلى الرضا (عليه السلام) و أسلم على يده ثم إنه أتى داره فدق الباب فقال أبوه من بالباب فقال معروف فقال على أي دين قال على ديني الحنيفي فأسلم أبوه ببركات
[362]
الرضا (عليه السلام) قال معروف فعشت زمانا ثم تركت كلما كنت فيه إلا خدمة مولاي علي بن موسى الرضا (عليه السلام) .
و دخل (عليه السلام) الحمام فقال له بعض الناس دلكني يا رجل فجعل يدلكه فعرفوه فجعل الرجل يستعذر منه و هو يطيب قلبه و يدلكه .
و في المحاضرات : أنه ليس في الأرض سبعة أشراف عند الخاص و العام كتب عنهم الحديث إلا علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (عليه السلام) .
عبد الله بن المبارك :
هذا علي و الهدى يقوده *** من خير فتيان قريش عوده
هشام بن أحمد قال أبو الحسن الأول : هل علمت أحدا من أهل المغرب قدم قلت لا قال بلى قد قدم رجل من أهل المغرب إلى المدينة فانطلق بنا فركب و ركبت معه حتى انتهينا إلى الرجل فاستعرضت منه جارية فعرض علينا سبع جواري كل ذلك يقول أبو الحسن لا حاجة لي فيها ثم قال اعرض علينا فقال ما عندي إلا جارية مريضة فقال له ما عليك أن تعرضها فأبى عليه فانصرف ثم أرسلني من الغد فقال لي قل له كم غايتك فيها فإذا قال لك كذا و كذا فقل قد أخذتها قال هي لك و لكن أخبرني من الرجل الذي كان معك أمس قلت رجل من بني هاشم قال أخبرك أني اشتريتها من أقصى المغرب فلقيتني امرأة من أهل الكتاب فقالت ما هذه الوصيفة معك قلت اشتريتها لنفسي قالت ما ينبغي أن تكون هذه عند مثلك إن هذه الجارية ينبغي أن تكون عند خير أهل الأرض فلم تلبث عنده إلا قليلا حتى تلد غلاما لم يولد بشرق الأرض و لا غربها مثله فولدت له الرضا (عليه السلام) .
و عزى أبو العيناء ابن الرضا عن أبيه : قال له أنت تجل عن وصفنا و نحن نقل عن عظتك و في علم الله ما كفاك و في ثواب الله ما عزاك و الأصل في مسجد رزد في كورة مروانة صلى فيه الرضا (عليه السلام) فبني مسجدا ثم دفن فيه ولد الرضا و يروى فيه من الكرامات .
أبو الصلت و ياسر و غيرهما : أن المأمون قال للرضا (عليه السلام) يا ابن رسول الله قد عرفت فضلك و علمك و زهدك و ورعك و عبادتك و أراك أحق بالخلافة مني فقال الرضا (عليه السلام) بالعبودية لله أفتخر و بالزهد في الدنيا أرجو النجاة من شر الدنيا و بالورع عن المحارم
[363]
أرجو الفوز بالمغانم و بالتواضع في الدنيا أرجو الرفعة عند الله فقال له المأمون فإني قد رأيت أن أعزل نفسي عن الخلافة و أجعلها لك و أبايعك فقال له الرضا إن كانت هذه الخلافة لك فلا يجوز أن تخلع لباسا ألبسكه الله و تجعله لغيرك و إن كانت الخلافة ليست لك فلا يجوز أن تجعل لي ما ليس لك فقال المأمون لا بد لك من قبول هذا الأمر فقال لست أفعل ذلك طائعا أبدا فما زال يجهد به أياما و الفضل و الحسن يأتيانه حتى يئس من قبوله فقال فكن ولي عهدي فقال الرضا و الله لقد حدثني أبي عن آبائه عن أمير المؤمنين عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) أني أخرج من الدنيا قبلك مقتولا بالسم مظلوما تبكي علي ملائكة السماء و الأرض و أدفن في أرض غربة إلى جنب هارون فقال و من الذي يقتلك أو يقدر على الإساءة إليك و أنا حي قال أما إني لو أشاء أن أقول من الذي يقتلني لقلت فقال إنما تريد التخفيف عن نفسك بهذا قال و إني لأعلم ما تريد بذلك أن تقول للناس إن علي بن موسى لم يزهد في الدنيا بل الدنيا زهدت فيه أ لا ترون كيف قبل ولاية العهد طمعا في الخلافة فقال المأمون إن عمر بن الخطاب جعل الشورى في ستة نفر و شرط فيمن خالف منهم أن يضرب عنقه فبالله أقسم لئن قبلت ولاية العهد و إلا أجبرتك على ذلك فإن فعلت و إلا ضربت عنقك فقال الرضا (عليه السلام) إن الله نهاني أن ألقي بيدي إلى التهلكة فإن كان الأمر على هذا فافعل ما بدا لك و أنا أقبل ولاية العهد على أنني لا آمر و لا أنهى و لا أفتي و لا أقضي و لا أولي و لا أعزل و لا أغير شيئا مما هو قائم فأجابه المأمون إلى ذلك كله و خرج ذو الرئاستين قائلا وا عجبا و قد رأيت عجبا رأيت المأمون أمير المؤمنين يفوض أمر الخلافة إلى الرضا و رأيت الرضا يقول لا طاقة لي بذلك و لا قوة لي عليه فما رأيت خلافة قط كانت أضيع منه ثم إنه خرج الفضل فأعلم الناس برأي المأمون في علي بن موسى الرضا (عليه السلام) و أنه قد ولاه عهده و سماه الرضا .
العوني :
ذاك الذي آثره المأمون بالعهد *** و سماه الرضا لما اختبر
و أمرهم بلبس الخضرة و العود لبيعته في الخميس على أن يأخذوا أرزاق سنة فلما كان ذلك اليوم جلس المأمون و الرضا في الخضرة ثم أمر ابنه العباس بن المأمون
[364]
يبايع له أول الناس فرفع الرضا يده فتلقى بظهرها وجه نفسه و ببطنها وجوههم فقال المأمون ابسط يدك للبيعة فقال (عليه السلام) إن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) هكذا كان يبايع فبايعه الناس و يده فوق أيديهم و وضعت البدر و جعل أبو عباد يدعو بعلوي و عباسي فيقبضون جوائزهم .
فخطب عبد الجبار بن سعيد في تلك السنة على منبر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) بالمدينة فقال في الدعاء له ولي عهد المسلمين علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب .
ستة آباء هم من هم *** أفضل من يشرب صوب الغمام
فأمر المأمون فضربت له الدراهم و طبع عليها اسم الرضا و هي الدراهم المعروفة بالرضوية .
و نظر الرضا (عليه السلام) إلى ولي له و هو مستبشر بما جرى فأومى إليه أن ادن فدنا منه فقال سرا لا تشغل قلبك بهذا الأمر و لا تستبشر فإنه شيء لا يتم فسمع منه و قد رفع يده إلى السماء و قال اللهم إنك تعلم أني مكره مضطر فلا تؤاخذني كما لم تؤاخذ عبدك و نبيك يوسف حين دفع إلى ولاية مصر .
محمد بن عرفة : قلت للرضا (عليه السلام) يا ابن رسول الله ما حملك على الدخول في ولاية العهد فقال ما حمل جدي أمير المؤمنين على الدخول في الشورى .
نسخة خط الرضا (عليه السلام) على العهد الذي عهده المأمون إليه
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله الفعال لما يشاء لا معقب لحكمه و لا راد لقضائه يعلم خائنة الأعين و ما تخفي الصدور و صلواته على نبيه محمد خاتم النبيين و آله الطيبين الطاهرين أقول و أنا علي بن موسى بن جعفر إن أمير المؤمنين عضده الله بالسداد و وفقه للرشاد عرف من حقنا ما جهله غيره فوصل أرحاما قطعت و آمن أنفسا فزعت بل أحياها و قد تلفت و أغناها إذ افتقرت مبتغيا رضا رب العالمين لا يريد جزاء من غيره و سيجزي الله الشاكرين و لا يضيع أجر المحسنين فإنه جعل إلي عهده و الإمرة الكبرى إن بقيت بعده فمن حل عقده أمر الله بشدها و قصم عروة أحب الله إيثاقها
[365]
فقد أباح حريمه و أحل محرمه إذ كان بذلك زاريا على الإمام متهتكا حرمة الإسلام بذلك جرى السالف فصبر منه على الفلتات و لم يعترض بها على الغرمات خوفا على شتات الدين و اضطراب حبل المسلمين و لقرب أمر الجاهلية و رصد فرصة تنتهز و بائقة تبتدر و قد جعلت لله على نفسي إذا استرعاني أمر المسلمين و قلدني خلافته العمل فيهم عامة و في بني العباس بن عبد المطلب خاصة بطاعته و سنة رسوله (صلى الله عليه وآله وسلّم) و أن لا أسفك دما حراما و لا أبيح فرجا و لا مالا إلا ما سفكته حدوده و أباحته فرائضه و أن أتخير الكفاة جهدي و طاقتي و قد جعلت بذلك على نفسي عهدا مؤكدا يسألني الله عنه فإنه عز و جل يقول أَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كانَ مَسْؤُلًا فإن أحدثت أو غيرت أو بدلت كنت للعتب مستحقا و للنكال متعرضا و أعوذ بالله من سخطه و إليه أرغب في التوفيق لطاعته و الحول بيني و بين معصيته في عافية لي و للمسلمين و الجامعة و الجفر يدلان على ضد ذلك و ما أدري ما يفعل بي و لا بكم إن الحكم إلا لله يقضي بالحق و هو خير الفاصلين لكني امتثلت أمر أمير المؤمنين و آثرت رضاه و الله يعصمني و إياه و أشهدت الله على نفسي بذلك و كفى بالله شهيدا و كتبت بخطي بحضرة أمير المؤمنين أطال الله بقاه و الفضل بن سهل و يحيى بن أكثم و عبد الله بن طاهر و ثمامة بن أشرس و بشر بن المعتمر و حماد بن النعمان في شهر رمضان سنة إحدى و مائتين .
و قد ذكر ابن المعتز ذلك مع نصبه في قصائد منها :
و أعطاكم المأمون حق خلافة *** لنا حقها لكنه جاد بالدنيا
فمات الرضا من بعد ما قد علمتم *** و لاذت بنا من بعده مرة أخرى
و كان دخل عليه الشعراء ; فأنشد دعبل :
مدارس آيات خلت من تلاوة *** و منزل وحي مقفر العرصات
و أنشد إبراهيم بن العباس :
أزالت عزاء القلب بعد التجلد *** مصارع أولاد النبي محمد
[366]
و أنشد أبو نواس :
مطهرون نقيات ثيابهم *** تتلى الصلاة عليهم أينما ذكروا
من لم يكن علويا حين تنسبه *** فما له في قديم الدهر مفتخر
و الله لما برا خلقا فأتقنه *** صفاكم و اصطفاكم أيها البشر
فأنتم الملأ الأعلى و عندكم *** علم الكتاب و ما جاءت به السور
فقال الرضا (عليه السلام) قد جئتنا بأبيات ما سبقك أحد إليها ; يا غلام هل معك من نفقتنا شيء ?
فقال : ثلاثمائة دينار .
فقال : أعطها إياه ; ثم قال : يا غلام , سق إليه البغلة .
ابن حماد :
إذا جذت شبهة في الدين مبهمة *** فهم مصابيحها للخلق و السرج
هم الشموس التي تهدي الأنام و ما *** غير المنيف إذا يعزى و لا فرج
مشكاة نور و مصباح يضيء بها *** كأنه كوكب يورى و ينسرج
كشاجم :
فكم فيهم من هلال هوى *** قبيل التمام و بدر أفل
هم حجة الله يوم المعاد *** هم الناصرين على من خذل
و من أنزل الله تفضيلهم *** فرد على الله ما قد نزل
فجدهم خاتم الأنبياء *** يعرف ذاك جميع الملل
و والدهم سيد الأوصياء *** معطي الفقير و مردي البطل
أسامة :
أمكم فاطمة و جدكم محمد و *** حيدر أبوكم طبتم و طاب المولد
فصل في المفردات :
علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (عليه السلام) يكنى أبو الحسن و الخاص أبو علي .
و ألقابه : سراج الله و نور الهدى و قرة عين المؤمنين و مكيدة الملحدين كفو الملك و كافي الخلق و رب السرير و رئاب التدبير و الفاضل و الصابر
[367]
و الوفي و الصديق و الرضي .
قال أحمد البزنطي : و إنما سمي الرضا لأنه كان رضا لله تعالى في سمائه و رضا لرسوله و الأئمة (عليه السلام) بعده في أرضه و قيل لأنه رضي به المخالف و المؤالف و قيل لأنه رضي به المأمون .
و أمه : أم ولد يقال لها سكن النوبية و يقال خيزران المرسية و يقال نجمة رواه ميثم و يقال صقر و تسمى أروى أم البنين و لما ولدت الرضا سماها الطاهرة .
ولد : يوم الجمعة بالمدينة و قيل يوم الخميس لإحدى عشرة ليلة خلت من ربيع الأول سنة ثلاث و خمسين و مائة بعد وفاة الصادق بخمس سنين رواه ابن بابويه و قيل سنة إحدى و خمسين و مائة .
فكان في سني إمامته : بقية ملك الرشيد ثم ملك الأمين ثلاث سنين و ثمانية عشر يوما و ملك المأمون عشرين سنة و ثلاثة و عشرين يوما .
و أخذ البيعة في ملكه للرضا (عليه السلام) بعهد المسلمين من غير رضا في الخامس من شهر رمضان سنة إحدى و مائتين ; و زوجه ابنته أم حبيب في أول سنة اثنتين و مائتين و قيل سنة ثلاث و هو يومئذ ابن خمس و خمسين سنة و ذكر ابن همام : تسع و أربعين سنة و ستة أشهر و قيل و أربعة أشهر .
و قام بالأمر : و له تسع و عشرون سنة و شهران .
و عاش مع أبيه : تسعا و عشرين سنة و أشهرا .
و بعد أبيه ; أيام إمامته : عشرين سنة .
و ولده : محمد الإمام فقط .
و مشهده : بطوس من خراسان ; في القبة التي فيها هارون إلى جانبه مما يلي القبلة , و هي دار حميد بن قحطبة الطائي في قرية يقال لها سناباذ من رستاق نوقان .
و رواة نص أبيه : داود بن كثير الرقي و محمد بن إسحاق بن عمار و علي بن يقطين و نعيم القابوسي و الحسين بن المختار و زياد بن مروان و داود بن سليمان و نصر بن قابوس و داود بن رزين و يزيد بن سليط و محمد بن سنان المخزومي .
و روى نعيم القابوسي عن أبي الحسن (عليه السلام) أنه قال : ابني علي أكبر ولدي و آثرهم
[368]
عندي و أحبهم إلي و هو ينظر معي في الجفر و لم ينظر إليه إلا نبي أو وصي نبي .
داود بن رزين قال : جئت إلى أبي إبراهيم (عليه السلام) بمال فأخذ بعضه و ترك بعضه فقلت أصلحك الله لأي شيء تركته عندي فقال إن صاحب هذا الأمر يطلبه منك فلما جاء نعيه بعث إلى أبو الحسن (عليه السلام) فسألني ذلك المال فدفعته إليه .
و كان بابه : محمد بن راشد .
و من ثقاته : أحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي و محمد بن الفضل الكوفي الأزدي و عبد الله بن جندب البجلي و إسماعيل بن سعد الأخوص الأشعري و أحمد بن محمد الأشعري .
و من أصحابه : الحسن بن علي الخزاز و يعرف بالوشاء و محمد بن سليمان الديلمي البصري و علي بن الحكم الأنباري و عبد الله بن المبارك النهاوندي و حماد بن عثمان الباب و سعد بن سعد و الحسين بن سعيد الأهوازي و محمد بن الفرج الرخجي و خلف البصري و محمد بن سنان و بكر بن محمد الأزدي و إبراهيم بن محمد الهمداني و محمد بن أحمد بن قيس بن غيلان و إسحاق بن محمد الحضيني .
قال ابن سنان : كان المأمون يجلس في ديوان المظالم يوم الإثنين و يوم الخميس و يقعد الرضا (عليه السلام) على يمينه فرفع إليه أن صوفيا من أهل الكوفة سرق فأمر بإحضاره فرأى عليه سيماء الخير فقال سوءا لهذه الآثار الجميلة بهذا الفعل القبيح فقال الرجل فعلت ذلك اضطرارا لا اختيارا و قال الله تعالى فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجانِفٍ لِإِثْمٍ فلا إثم و قد منعت من الخمس و الغنائم فقال و ما حقك منها فقال قال الله تعالى وَ اعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَ لِلرَّسُولِ وَ لِذِي الْقُرْبى وَ الْيَتامى وَ الْمَساكِينِ وَ ابْنِ السَّبِيلِ فمنعتني حقي و أنا مسكين و ابن السبيل و أنا من حملة القرآن و قد منعت كل سنة مني مائتي دينار بقول النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) فقال المأمون لا أعطل حدا من حدود الله و حكما من أحكامه في السارق من أجل أساطيرك هذه قال فابدأ أولا بنفسك فطهرها ثم طهر غيرك و أقم حدود الله عليها ثم على غيرك قال فالتفت المأمون إلى الرضا (عليه السلام) فقال ما تقول قال إنه يقول سرقت فسرق قال فغضب المأمون ثم قال و الله لأقطعنك قال أ تقطعني و أنت عبدي فقال ويلك أيش تقول قال أ ليس أمك اشتريت من مال
[369]
الفيء و لا تقسمها بالحق و أنت عبد لمن في المشرق و المغرب من المسلمين حتى يعتقوك و أنا منهم و ما أعتقتك و الأخرى أن النجس لا يطهر نجسا إنما يطهره طاهر و من في جنبه حد لا يقيم الحدود على غيره حتى يبدأ بنفسه أ ما سمعت الله تعالى يقول أَ تَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَ تَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَ أَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتابَ أَ فَلا تَعْقِلُونَ فالتفت المأمون إلى الرضا (عليه السلام) فقال ما تقول قال إن الله عز و جل قال لنبيه (صلى الله عليه وآله وسلّم) قُلْ فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبالِغَةُ و هي التي تبلغ الجاهل فيعلمها بجهله كما يعلمها العالم بعلمه و الدنيا و الآخرة قائمتان بالحجة و قد احتج الرجل قال فأمر بإطلاق الرجل الصوفي و غضب على الرضا في السر .
و في حديث الريان بن شبيب أنه : لما أراد المأمون أن يأخذ البيعة لنفسه بإمرة المؤمنين و للرضا بولاية العهد و للفضل بن سهل بالوزارة أذن للناس فدخلوا يبايعون يصفقون أيمانهم على أيمانهم من أعلى الإبهام إلى الخنصر و يخرجون حتى بايع فتى في آخر الناس من أولاد الأنصار فصفق يمينه من الخنصر إلى أعلى الإبهام فتبسم الرضا (عليه السلام) ثم قال للمأمون كل من بايعنا يفسخ البيعة من عقدها غير هذا الفتى فإنه بايعنا بعقدها فقال المأمون و ما فسخ البيعة من عقدها قال عقد البيعة من أعلى الخنصر إلى أعلى الإبهام و فسخها من أعلى الإبهام إلى الخنصر فأمر المأمون بإعادة الناس إلى البيعة فقالوا كيف يستحق البيعة و الإمامة و هو لا يعرف عقد البيعة إن من علم أولى بهذا ممن لا يعلم .
صفوان قال يحيى بن خالد الطاغي : هذا علي ابنه قد قعد و ادعى الأمر لنفسه فقال ما يكفينا ما صنعنا بأبيه تريد أن تقتلهم جميعا .
و في إعلام الورى أنه قال الحسن الطيب : لما توفي أبو الحسن موسى (عليه السلام) دخل الرضا السوق و اشترى كلبا و كبشا و ديكا فلما كتب صاحب الخبر بذلك إلى هارون قال قد أمنا جانبه .
و كتب الزبيري : أن علي بن موسى قد فتح بابه و دعا إلى نفسه فقال هارون وا عجبا إن علي بن موسى قد اشترى كلبا و كبشا و ديكا و يكتب فيه بما يكتب .
[370]
علي بن محمد بن سيار عن آبائه قال : لما بويع الرضا (عليه السلام) قل المطر فقالوا هذا من نكده فسأله المأمون أن يستسقي فقبل و قال رأيت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) في منامي يقول يا بني انتظر يوم الإثنين و ابرز إلى الصحراء و استسق فإن الله يسقيهم و أخبرهم بما يريد الله و هم لا يعلمون حالك ليزداد علمهم بفضلك و مكانك من ربك فبرز يوم الإثنين و صعد المنبر و حمد الله و أثنى عليه ثم قال اللهم يا رب أنت عظمت حقنا أهل البيت فتوسلوا بنا كما أمرت و أملوا فضلك و رحمتك و توقعوا إحسانك و نعمتك فاسقهم سقيا نافعا عاما غير رائث و لا ضائر و ليكن ابتداء مطرهم بعد انصرافهم من مشهدهم هذا إلى منازلهم و مقارهم فرعدت السماء و برقت و هاجت الرياح فتحرك الناس فنبأهم أن هذا العارض لبلدة كذا إلى تمام عشر مرات ثم بدا عارض فقال هذا لكم و أمرهم بالانصراف و قال لم تمطر عليكم ما لم تبلغوا منازلكم و نزل من المنبر فكان كما قال فقالوا هنيئا لولد رسول الله كرامات الله عز و جل فلما حضر عند المأمون قال له حميد بن مهران تجاوزت حدك و صلت على قومك بناموسك فإن صدقت فأمر هذين الأسدين المصورين اللذين على مسند المأمون أن يأخذاني فغضب الرضا (عليه السلام) و نادى دونكما الفاجر فافترساه و لا تبقيا له عينا و لا أثرا فانقلبا و قطعاه و أكلاه ثم استقبلا الرضا و قالا يا ولي الله في أرضه ما ذا تأمرنا أن نفعل بهذا قال فغشي عليه فقال امكثا ثم قال صبوا عليه ماء ورد و طيبوه فلما صب عليه أفاقه فقالا أ تأمرنا أن نلحقه بصاحبه فقال (عليه السلام) لا لأن لله تعالى في تدبيرا هو متممه فقالا فما تأمرنا قال عودا إلى مقركما كما كنتما فصارا صورتين على المسند فقال المأمون الحمد لله الذي كفاني شر حميد بن مهران .
معرفة الرجال عن الكشي : قال محمد بن إسحاق لأبي الحسن (عليه السلام) إن أبي يقول بحياة أبيك و أنا كثيرا ما أناظره فقال لي يوما سل صاحبك إن كان بالمنزل الذي
[371]
ذكرت أن يدعو الله لي حتى أصير إلى قومكم فأنا أحب أن تدعو الله له قال فرفع أبو الحسن يده اليمنى فقال اللهم خذه بسمعه و بصره و مجامع قلبه حتى ترده إلى الحق فأتى بريد فأخبرني بما كان فو الله ما لبثت إلا قليلا حتى قلت بالحق .
و فيه : أنه قال عبد الله بن المغيرة كنت واقفا فتعلقت بالملتزم و قلت اللهم أرشدني إلى خير الأديان فوقع في نفسي أن آتي الرضا (عليه السلام) فأتيت المدينة فوقفت ببابه و قلت للغلام قل لمولاك رجل من أهل العراق بالباب فسمعت نداء ادخل يا عبد الله بن المغيرة فدخلت فلما نظر إلي قال قد استجاب الله دعوتك و هداك إلى دينك فقلت أشهد أنك حجة الله .
إبراهيم بن شعيب قال : كتبت إلى الرضا (عليه السلام) أن من كان قبلنا من آبائك كان يخبرنا بأشياء فيها براهين قد أحببت أن تخبرني باسمي و اسم أبي و ولدي فجاء جوابه يا إبراهيم إن من آبائك شعيبا و صالحا و من أبنائك محمدا و عليا و فلانة و فلانة و زاد اسما لا نعرفه فقال الناس إنه اسم حنث أنبئك .
ياسر الخادم و ريان بن الصلت : أن المأمون بعث إلى الرضا (عليه السلام) بالركوب إلى العيد و الصلاة بالناس و الخطبة بهم و ذلك بمرو فقال الرضا (عليه السلام) قد علمت ما كان بيني و بينك من الشرائط في دخول الأمر فاعفني من الصلاة بالناس فألح عليه فقال إن أعفيتني فهو أحب إلي و إن لم تعفني خرجت كما خرج رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) و أمير المؤمنين قال اخرج كما شئت و أمر أن يبكروا إلى بابه فوقف الناس و الجنود في المواضع ينتظرونه فلما طلعت الشمس اغتسل أبو الحسن و لبس ثيابا بيضا من قطن و تطيب طيبا و أخذ بيده عكازه و هو حاف قد شمر سراويله إلى نصف الساق فمشى قليلا و رفع رأسه إلى السماء و كبر فلما رآه القواد هكذا تزيوا بزيه فخيل إلينا أن السماء و الأرض تجاوبه و تزعزعت مرو بالبكاء لما رأوه و سمعوا تكبيره فقال الفضل بن سهل