back page fehrest page next page

دخلنا كارهين لها فلما ألفناها خرجنا مكرهينا

و قال أبو جنيد : أمرني أبو الحسن العسكري بقتل فارس بن حاتم القزويني فناولني دراهم و قال اشتر بها سلاحا و أعرضه علي فذهبت فاشتريت سيفا فعرضته عليه فقال رد هذا و خذ غيره قال فرددته و أخذت مكانه ساطورا فعرضته عليه

[418]

فقال هذا نعم فجئت إلى فارس و قد خرج من المسجد بين الصلاتين المغرب و العشاء الآخرة فضربته على رأسه فسقط ميتا و رميت الساطور و اجتمع الناس و أخذت إذ لم ير هناك أحد غيري فلم يروا معي سلاحا و لا سكينا و لا أثر الساطور و لم يروا بعد ذلك فخليت .

و أنشد فيه (عليه السلام) أبو بديل التميمي :

أنت من هاشم بن مناف *** بن قصي في سرها المختار

في الباب و الأرفع الأرفع *** منهم و في النضار النضار .

و أنشدني أبو الفتح محمد بن الخشان الكاتب لنفسه :

حبي موقوف على سادة *** قد اصطفاهم لنبي الهدى

‏سلم لمن سالمهم قلبه *** و حرب من كان عليهم عدى

‏مهاجروه مثل أنصاره *** و آله نحن لكل فدى

‏و فرق ما بينهم ربنا *** علمه من دوننا أحمدا

مهيار الديلمي :

اشدد يدا بحب آل أحمد *** فإنه عقدة فوز لا تحل

‏الطيبون أزرا تحت الدجى *** و الكائنون وزرا يوم الوجل

‏و المنعمون المطعمون و الثرى *** مقطب و العام غضبان أزل

‏لا طلقاء منعم عليهم و لا *** يحارون إذا الناصر قل

‏يستشعرون الله أعلى في الوغى *** و غيرهم شعاره أعل هبل

[419]

لم يتزخرف وثن لعابد *** منهم يزيغ قلبه و لا يضل

علم الهدى :

يا عصب الله و من حبهم *** مهيم ما عشت في صدري‏

و من أرى ودهم وحده *** زادي إذا وسدت في قبري

و هو الذي أعددته جنتي *** و عصمتي في ساعة الحشد

حتى إذا لم يك لي معزة *** من أحد كان بكم نضدي

‏بموقف ليس به سلعة *** لتاجر أنفق من يد

السيد الحميري :

يا آل ياسين يا ثقاتي *** أنتم موالي في حياتي

‏و عدتي إذا دنت وفاتي *** بكم لدى محشري نجاتي

‏إذ يفصل الحاكم القضاء *** أبرأ إليكم من الأعادي

‏من آل حرب و من زياد *** و آل مروان ذي العتاد

و أول الناس في العناد *** مجاهرا أظهر البراء

الهاشمي :

لي سادة قدمتهم الرسل *** عليهم في المعاد أتكل

‏محمد و الوصي و ابنته *** و الزهر أولادهم و ما نسلوا

لحبهم يدخل الجنان غدا *** حشر البرايا و يغفر الزلل

‏هم حجج الله و الذين بهم *** يقبل يوم التغابن العمل

‏شيعتهم يوم بعثهم معهم *** في جنة الخلد حيث ما نزلوا

[420]

في حجرات غدت مقاصرها *** بأهل بيت النبي تتصل

دعبل :

شفيعي في القيامة عند ربي *** محمد و الوصي مع البتول

‏و سبطا أحمد و بنو بنيه *** أولئك سادتي آل الرسول

آخر :

إذا ما همومي أسرجتهم و ألجمت *** جعلت سلاحي حب آل محمد

باب إمامة أبي محمد الحسن بن علي العسكري (عليه السلام)

فصل في المقدمات :

الحمد لله الذي اختار من فضله لقضاء حقه أحرارا أشرافا و أتاح لهم حقائق الحق إطلاعا و إشرافا و أباح لهم لامتصاص درر الفضل أخلافا و أودع في صدورهم لانتقاد درر الصدق أصدافا بهروا إلى نيل بساط القرب بعطف الحق إعطافا و أطافوا بكعبة المجد فنالوا في الطواف ألطافا فألفوا من الإحسان آلافا و وجدوا على الحسنات أضعافا و أعد لهم الحق طرف الطرف و جنات ألفافا فتجملوا بلباس التعفف و اختاروا عفافا و كفافا الذين نعتهم النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) في قوله يذهب الصالحون أسلافا و وصفهم الرب فقال تَعْرِفُهُمْ بِسِيماهُمْ لا يَسْئَلُونَ النَّاسَ إِلْحافاً .

بريد بن معاوية العجلي و أبو بصير و حمران و عبد الله بن عجلان و عبد الرحيم القصيري كلهم عن أبي جعفر (عليه السلام) و روى أسباط بن سالم و الحسين بن زياد الصيقل و حمران بن أعين و المثنى الحناط و عبد الرحمن بن كثير و هارون بن حمزة الغنوي و عبد العزيز العبدي و سدير الصيرفي كلهم عن أبي عبد الله (عليه السلام) و روى محمد بن الفضيل عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام) قالوا في قوله تعالى : بَلْ هُوَ آياتٌ بَيِّناتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ نحن هم و إيانا عنى .

أبو عبد الله (عليه السلام) في قوله تعالى : مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْها ... الآية قال الحسنة معرفة الإمام و طاعته وَ مَنْ جاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَكُبَّتْ وُجُوهُهُمْ ... الآية و إنما أراد بالسيئة إنكار الإمام الذي هو من الله و قال تعالى فيهم وَ كَذلِكَ جَعَلْناكُمْ أُمَّةً وَسَطاً و قال لا يَسْئَلُونَ النَّاسَ إِلْحافاً .

[421]

زيد بن علي في قوله : ثُمَّ جَعَلْناكُمْ خَلائِفَ قال نحن هم .

أبو الورد عن أبي جعفر (عليه السلام) : وَ يَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ ... الآية لآل محمد .

علي بن إبراهيم في تفسير قوله تعالى : قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَ سَلامٌ عَلى عِبادِهِ الَّذِينَ اصْطَفى هم آل محمد .

عبد الرحمن بن كثير عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قوله : هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتابَ مِنْهُ آياتٌ مُحْكَماتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتابِ قال أمير المؤمنين و الأئمة وَ أُخَرُ مُتَشابِهاتٌ قال فلان و فلان و فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ أصحابهم و أهل ولايتهم فَيَتَّبِعُونَ ما تَشابَهَ مِنْهُ ابْتِغاءَ الْفِتْنَةِ وَ ابْتِغاءَ تَأْوِيلِهِ وَ ما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ أمير المؤمنين و الأئمة .

عبد الرحمن بن عجلان عن أبي جعفر (عليه السلام) في قوله : أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تُتْرَكُوا وَ لَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جاهَدُوا مِنْكُمْ وَ لَمْ يَتَّخِذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَ لا رَسُولِهِ وَ لَا الْمُؤْمِنِينَ وَلِيجَة ً يعني بالمؤمنين الأئمة لم يتخذوا الولائج من دونهم .

عبد الله بن جندب عن أبي الحسن (عليه السلام) في قوله : وَ لَقَدْ وَصَّلْنا لَهُمُ الْقَوْلَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ قال إمام إلى إمام .

قوله تعالى الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ حمران بن أعين عن أبي جعفر (عليه السلام) و أبو الصباح عن أبي عبد الله (عليه السلام) : قالا نحن هم .

هو الحسن الهادي بن علي المتوكل بن محمد القانع بن علي الوفي بن موسى الأمين بن جعفر الفاضل بن محمد الشبيه بن علي ذي الثفنات بن الحسين السبط بن علي أبي تراب فتاح الأبواب مذلل الصعاب نقي الجيب بعيد الريب بري‏ء من العيب أمين على الغيب معدن الوقار بلا شيب خافض الطرف واسع الكف كثير الحباء كريم الوفاء عظيم الرجاء قليل الإفتاء لطيف الغذاء كثير التبسم جميل التنعم سريع التحكم أبو الخلف مكنى أبو محمد .

و ألقابه : الصامت الهادي الرفيق الزكي السراج المضي‏ء الشافي المرضي الحسن العسكري و كان هو و أبوه و جده يعرف كل منهم في زمانه بابن الرضا .

أمه : أم ولد يقال لها حديث و ولده القائم (عليه السلام) لا غير .

[422]

ميلاده : يوم الجمعة لثمان خلون من شهر ربيع الآخر بالمدينة و قيل ولد بسرمن‏رأى سنة اثنتين و ثلاثين و مائتين .

مقامه مع أبيه : ثلاث و عشرون سنة .

و بعد أبيه ; أيام إمامته : ست سنين .

و كان في سني إمامته : بقية أيام المعتز أشهرا ثم ملك المهتدي و المعتمد و بعد مضي خمس سنين من ملك المعتمد .

قبض , و يقال استشهد ; و دفن : مع أبيه بسرمن‏رأى .

و قد كمل عمره : تسعا و عشرين سنة و يقال ثمان و عشرين سنة .

مرض في أول شهر ربيع الأول سنة ستين و مائتين و توفي : يوم الجمعة لثمان خلون منه .

و قد أخفى مولد ابنه : لشدة طلب سلطان الوقت له ; فلم يره إلا الخواص من شيعته .

و تولى أخوه أخذ تركته .

و سعى إلى السلطان : في حبس جواري أبي محمد (عليه السلام) .

و شنع على الشيعة في انتظارهم ولده و جرى على المخلف كل بلاء .

و اجتهد جعفر في المقام مقامه : فلم يقبله أحد ; بل برءوا منه , و لقبوه الكذاب .

فورد إلى عبد الله بن خاقان و قال اجعل لي مرتبة أخي , و أنا أوصل إليك في كل سنة عشرين ألف دينار .

فزبره , و قال : يا أحمق ; إن السلطان جرد سيفه في الذين زعموا أن أباك و أخاك أئمة ليردهم عن ذلك , فلم يتهيأ له , فإن كنت عند شيعة أبيك و أخيك إماما فلا حاجة بك إلى مرتب ; ثم أمر أن يحجب عنه .

و يستدل على إمامته (عليه السلام) : بطريق العصمة و النصوص و بما استدل على أمير المؤمنين بعد النبي بلا فصل و كل من قطع على ذلك قطع على أن الإمام بعد علي بن محمد النقي الحسن العسكري لأنه لم يحدث مزقة أخرى بعد الرضا (عليه السلام) و قد صحت إمامته و طريق النص من آبائه (عليه السلام) من المؤالف و المخالف .

و رواة النص من أبيه : يحيى بن بشار القنبري و علي بن عمرو النوفلي و عبد الله بن محمد الأصفهاني و علي بن جعفر و مروان الأنباري و علي بن مهزيار و علي بن عمرو العطار و محمد بن يحيى و أبو هاشم الجعفري و أبو بكر الفهفكي و شاهويه بن عبد الله و داود بن القاسم الجعفري و عبدان بن محمد الأصفهاني .

قال أبو الحسن (عليه السلام) : صاحبكم بعدي الذي يصلي علي ; و لم يكن يعرف أبا محمد قبل ذلك .

[423]

فلما مات أبو الحسن ; خرج أبو محمد فصلى عليه

و روى ابن قولويه عن علي بن جعفر و مروان الأنباري و الحسن الأفطس : أنهم حضروا يوم توفي محمد بن علي بن محمد (عليه السلام) دار أبي الحسن و هي مملوءة من الناس إذ نظر إلى الحسن و قد جاء مشقوق الجيب حتى قام عن يمينه و نحن لا نعرفه فنظر إليه أبو الحسن بعد ساعة من قيامه ثم قال و أحدث لله شكرا فقد أحدث فيك أمرا فبكى الحسن (عليه السلام) و استرجع و قال الحمد لله رب العالمين و أنا أسأل تمام النعمة إنا لله و إنا إليه راجعون .

و من ثقاته : علي بن جعفر قيم لأبي الحسن و أبو هاشم داود بن القاسم الجعفري و قد رأى خمسة من الأئمة و داود بن أبي يزيد النيسابوري و محمد بن علي بن بلال و عبد الله بن جعفر الحميري القمي و أبو عمرو عثمان بن سعيد العمري و الزيات و السمان و إسحاق بن الربيع الكوفي و أبو القاسم جابر بن يزيد الفارسي و إبراهيم بن عبدة بن إبراهيم النيسابوري .

و من وكلائه : محمد بن أحمد بن جعفر و جعفر بن سهيل الصيقل و قد أدركا أباه و ابنه .

و من أصحابه : محمد بن الحسن الصفار و عبدوس العطار و سري بن سلامة و أبو طالب الحسن بن جعفر الفافاني و أبو البختري مؤدب ولد الحجاج .

و بابه : الحسين بن روح النوبختي .

قال الحسين بن محمد الأشعري و محمد بن علي : جرى ذكر العلوية عند أحمد بن عبد الله بن خاقان بقم و كان ناصبيا فقال ما رأيت منهم مثل الحسن بن علي بن محمد بن الرضا جاء و دجل حجابه على أبي فقال أبو محمد بن الرضا بالباب فزجرهم الآذن و استقبله ثم أجلسه على مصلاه و جعل يكلمه و يفديه بنفسه فلما قام شيعه فسألت أبي عنه فقال يا بني ذاك إمام الرافضة و لو زالت الخلافة عن بني العباس ما استحقها أحد من بني هاشم غيره لفضله و عفافه و صومه و صلاته و صيانته و زهده و جميع أخلاقه و لقد كنت أسأل عنه دائما فكانوا يعظمونه و يذكرون له كرامات و قال ما رأيت أنقع ظرفا و لا أغض طرفا و لا أعف لسانا و كفا من الحسن العسكري .

[424]

و ميزان الحسن العسكري لاستوائهما في أربعمائة و خمسين .

و خرج من عند أبي محمد (عليه السلام) في سنة خمس و خمسين و مائتين كتاب ترجمة في جهة رسالة المقنعة يشتمل على أكثر علم الحلال و الحرام و أوله أخبرني علي بن محمد بن موسى و ذكر الحميري في كتاب سماه مكاتبات الرجال عن العسكريين من قطعة و من أحكام الدين .

أبو القاسم الكوفي في كتاب التبديل : أن إسحاق الكندي كان فيلسوف العراق في زمانه أخذ في تأليف تناقض القرآن و شغل نفسه بذلك و تفرد به في منزله و أن بعض تلامذته دخل يوما على الإمام الحسن العسكري فقال له أبو محمد (عليه السلام) أ ما فيكم رجل رشيد يردع أستاذكم الكندي عما أخذ فيه من تشاغله بالقرآن فقال التلميذ نحن من تلامذته كيف يجوز منا الاعتراض عليه في هذا أو في غيره فقال له أبو محمد أ تؤدي إليه ما ألقيه إليك قال نعم قال فصر إليه و تلطف في مؤانسته و معونته على ما هو بسبيله فإذا وقعت الأنسة في ذلك فقل قد حضرتني مسألة أسألك عنها فإنه يستدعي ذلك منك فقل له إن أتاك هذا المتكلم بهذا القرآن هل يجوز أن يكون مراده بما تكلم منه غير المعاني التي قد ظننتها أنك ذهبت إليها فإنه سيقول لك إنه من الجائز لأنه رجل يفهم إذا سمع فإذا أوجب ذلك فقل له فما يدريك لعله قد أراد غير الذي ذهبت أنت إليه فيكون واضعا لغير معانيه فصار الرجل إلى الكندي و تلطف إلى أن ألقى عليه هذه المسألة فقال له أعد علي فأعاد عليه فتفكر في نفسه و رأى ذلك محتملا في اللغة و سائغا في النظر فقال أقسمت إليك إلا أخبرتني من أين لك فقال إنه شي‏ء عرض بقلبي فأوردته عليك فقال كلا ما مثلك من اهتدى إلى هذا و لا من بلغ هذه المنزلة فعرفني من أين لك هذا فقال أمرني به أبو محمد فقال الآن جئت به و ما كان ليخرج مثل هذا إلا من ذلك البيت ثم إنه دعا بالنار و أحرق جميع ما كان ألفه .

الجلاء و الشفاء قال أبو جعفر العمري : إن أبا طاهر بن بلبل حج فنظر إلى علي بن جعفر الهمداني و هو ينفق النفقات العظيمة فلما انصرف كتب بذلك إلى أبي محمد

[425]

فوقع في رقعته قد أمرنا له بمائة ألف دينار ثم أمرنا لك بمثلها .

و هذا يدل على أن كنوز الأرض تحت أيديهم .

علي بن الحسن بن سابور قال : كان في زمن الحسن الأخير (عليه السلام) قحط فخرجوا للاستسقاء ثلاثة أيام فلم يمطر عليهم قال فخرج يوم الرابع بالجاثليق مع النصارى فسقوا فخرج المسلمون يوم الخامس فلم يمطروا فشك الناس في دينهم فأخرج المتوكل الحسن (عليه السلام) من الحبس و قال أدرك دين جدك يا أبا محمد فلما خرجت النصارى و رفع الراهب يده إلى السماء قال أبو محمد لبعض غلمانه خذ من يده اليمنى ما فيها فلما أخذه كان عظما أسود ثم قال استسق الآن فاستسقى فلم يمطروا و صحت السماء فسأل المتوكل عن العظم قال لعله أخذ من قبر نبي و لا يكشف عظم نبي إلا ليمطر .

و كتب (عليه السلام) إلى أهل قم و آبه : أن الله تعالى بجوده و رأفته قد من على عباده بنبيه محمد (صلى الله عليه وآله وسلّم) بشيرا و نذيرا و وفقكم لقبول دينه و أكرمكم بهدايته و غرس في قلوب أسلافكم الماضين رحمة الله عليهم و أصلابكم الباقين تولى كفايتهم و عمرهم طويلا في طاعته حب العترة الهادية فمضى من مضى على وتيرة الصواب و منهاج الصدق و سبيل الرشاد فوردوا موارد الفائزين و اجتنوا ثمرات ما قدموا و وجدوا غب ما أسلفوا و منها فلم تزل نيتنا مستحكمة و نفوسنا إلى طيب آرائكم ساكنة القرابة الراسخة بيننا و بينكم قوية وصية أوصى بها أسلافنا و أسلافكم و عهد عهد إلى شباننا و مشايخكم فلم يزل على حملة كاملة من الاعتقاد لما جمعنا الله عليه من الحال القريبة و الرحم الماسة يقول العالم س إذ يقول المؤمن أخو المؤمن لأمه و أبيه .

و مما كتب (عليه السلام) إلى أبي الحسن علي بن الحسين بن بابويه القمي اعتصمت بحبل الله بسم الله الرحمن الرحيم و الحمد لله رب العالمين و العاقبة للمتقين و الجنة للموحدين و النار للملحدين و لا عدوان إلا على الظالمين و لا إله إلا الله أحسن الخالقين و الصلاة على خير خلقه محمد و عترته الطاهرين منها عليك بالصبر و انتظار الفرج

[426]

قال النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) أفضل أعمال أمتي انتظار الفرج و لا يزال شيعتنا في حزن حتى يظهر ولدي الذي بشر به النبي يملأ الأرض قسطا و عدلا كما ملئت جورا و ظلما فاصبر يا شيخي يا أبا الحسن علي و أمر جميع شيعتي بالصبر فإن الأرض لله يورثها من يشاء من عباده و العاقبة للمتقين و السلام عليك و على جميع شيعتنا و رحمة الله و بركاته و صلى الله على محمد و آله .

و روى الحسين بن روح قال أبو الحسن (عليه السلام) : قبري بسرمن‏رأى أمان لأهل الخافقين .

أبو يحيى المغربي :

يا راكب الشهباء تعمل علبة *** سلم على قبر بسامراء

قبر الإمام العسكري و ابنه *** و سمي أحمد خاتم الخلفاء

الحميري :

هم الأئمة بعد المصطفى و هم *** من اهتدى بالهدى و الناس ضلال

‏و إنهم خير من يمشي على قدم *** و هم لأحمد أهل البيت و الآل

العبدي :

لأنتم على الأعراف أعرف عارف *** بسيما الذي يهواكم و الذي يشنا

أئمتنا أنتم سندعى بكم غدا *** إذا ما إلى رب العباد معا قمنا

و إن إليكم في المعاد إيابنا *** إذا نحن من أجداثنا صرعا عدنا

و إن موازين الخلائق حبكم *** فأسعدهم من كان أثقلهم وزنا

و موردنا يوم القيامة حوضكم *** فيظمى الذي يقصى و يروى الذي يدنى

‏و أمر صراط الله ثم إليكم *** فعلوا لنا إذ نحن عن أربكم جدنا

و إن ولاكم يقسم الخلق في غد *** فيسكن ذا نارا و يسكن ذا عدنا

و أنتم لنا غيث و أمن و رحمة *** فما عنكم بد و لا عنكم مغنى

العوني :

أبهى و أكرم عند الله ما خلقوا *** و نور أنوارهم كالدر منعقد

[427]

يفديكم يا بني الهادي أبا حسن *** نفسي و مالي و الأهلون و الولد

يا خيرة الله خار الله حالمها *** لم يحتلم كذا ما عاش يعتضد

الحميري :

شهدت و ما شهدت بغير حق *** بأن الله ليس له شبيه

‏نحب محمدا و نحب فيه *** بني أبنائه و بني أبيه

‏فأبشر بالشفاعة غير شك *** من الموصى إليه و من بنيه

‏فإن الله يقبل كل قول *** يدان به الوصي و يرتضيه

فصل في معجزاته (عليه السلام) :

كافور الخادم : كان يونس النقاش يغشى سيدنا الإمام و يخدمه فجاءه يوما يرعد فقال يا سيدي أوصيك بأهلي خيرا قال و ما الخبر قال عزمت على الرحيل قال و لم يا يونس و هو يتبسم قال وجه إلي ابن بغي بفص ليس له قيمة أقبلت نقشه فكسرته باثنين و موعده غد و هو ابن بغي أما ألف سوط أو القتل قال امض إلى منزلك إلى غد فرح فما يكون إلا خيرا فلما كان من الغد وافاه بكرة يرعد فقال قد جاء الرسول يلتمس الفص قال امض إليه فلن ترى إلا خيرا قال و ما أقول له يا سيدي قال فتبسم و قال امض إليه و اسمع ما يخبرك به فلا يكون إلا خيرا قال فمضى و عاد و قال قال لي يا سيدي الجواري اختصمن فيمكنك أن تجعله اثنين حتى نغنيك فقال الإمام (عليه السلام) اللهم لك الحمد إذ جعلتنا ممن يحمدك حقا فأي شي‏ء قلت له قال قلت له أمهلني حتى أتأمل أمره فقال أصبت .

أبو هاشم الجعفري عن داود بن الأسود وقاد حمام أبي محمد (عليه السلام) قال : دعاني سيدي أبو محمد فدفع إلي خشبة كأنها رجل باب مدورة طويلة مل‏ء الكف فقال صر بهذه الخشبة إلى العمري فمضيت فلما صرت إلى بعض الطريق عرض لي سقاء معه بغل فزاحمني البغل على الطريق فناداني السقاء صح على البغل فرفعت الخشبة التي كانت معي فضربت البغل فانشقت فنظرت إلى كسرها فإذا فيها كتب فبادرت سريعا فرددت

[428]

الخشبة إلى كمي فجعل السقاء يناديني و يشتمني و يشتم صاحبي فلما دنوت من الدار راجعا استقبلني عيسى الخادم عند الباب فقال يقول لك مولاي أعزه الله لم ضربت البغل و كسرت رجل الباب فقلت له يا سيدي لم أعلم ما في رجل الباب فقال و لم احتجت أن تعمل عملا تحتاج أن تعتذر منه إياك بعدها أن تعود إلى مثلها و إذا سمعت لنا شاتما فامض لسبيلك التي أمرت بها و إياك أن تجاوب من يشتمنا أو تعرفه من أنت فإننا ببلد سوء و مصر سوء و امض في طريقك فإن أخبارك و أحوالك ترد إلينا فاعلم ذلك .

إدريس بن زياد الكفرتوثائي قال : كنت أقول فيهم قولا عظيما فخرجت إلى العسكر للقاء أبي محمد (عليه السلام) فقدمت و على أثر السفر و وعثائه فألقيت نفسي على دكان حمام فذهب بي النوم فما انتبهت إلا بمقرعة أبي محمد قد قرعني بها حتى استيقظت فعرفته فقمت قائما أقبل قدميه و فخذه و هو راكب و الغلمان من حوله فكان أول ما تلقاني به أن قال يا إدريس بَلْ عِبادٌ مُكْرَمُونَ لا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَ هُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ فقلت حسبي يا مولاي و إنما جئت أسألك عن هذا قال فتركني و مضى .

أبو حمزة نصر الخادم قال : سمعت أبا محمد (عليه السلام) عنه يكلم غلمانه بلغاتهم فيهم ترك و روم و صقالبة فقلت في نفسي هذا ولد بالمدينة و لم يظهر حتى مضى أبو الحسن فكيف هذا فأقبل علي فقال إن الله بين حجته من سائر خلقه و أعطاه معرفة كل شي‏ء فهو يعرف اللغات و الأنساب و الحوادث و لو لا ذلك لما كان بين الحجة و المحجوج فرق .

محمد بن صالح الخثعمي قال : عزمت أن أسأل في كتابي إلى أبي محمد (عليه السلام) عن أكل البطيخ على الريق و عن صاحب الزنج فأنسيت فورد علي جوابه لا يؤكل البطيخ

[429]

على الريق فإنه يورث الفالج و صاحب الزنج ليس منا أهل البيت .

محمد بن موسى قال : شكوت إلى أبي محمد (عليه السلام) مطل غريم لي فكتب إلي عن قريب يموت و لا يموت حتى يسلم إليك مالك عنده فما شعرت إلا و قد دق علي الباب و معه مالي و جعل يقول اجعلني في حل مما مطلتك فسألته عن موجبه فقال إني رأيت أبا محمد في منامي و هو يقول لي ادفع إلى محمد بن موسى ماله عندك فإن أجلك قد حضر و اسأله أن يجعلك في حل من مطلك .

حمزة بن محمد السروي قال : أملقت و عزمت على الخروج إلى يحيى بن محمد ابن عمي بحران و كتبت إلى أبي محمد (عليه السلام) أسأله أن يدعو لي فجاء الجواب لا تبرح فإن الله يكشف ما بك و ابن عمك قد مات و كان كما قال وصلت إلي تركته .

محمد بن الربيع الشيباني قال : ناظرت رجلا من الثنوية فقويت في نفسي حجته هذا و أنا بالأهواز ثم قدمت سامراء فحين رأيت أبا محمد (عليه السلام) أومى بسبابته أحدا فوحده فخررت مغشيا علي .

back page fehrest page next page