177 وإذا فعلتَ ذلك نظَر اللّهُ إليك في كلِّ يوم سبعينَ مرّة (62) ، ومن نَظَر اللّهُ إليهِ لم يعذبْه . ياعلي : أكرِمْ جارَك وكُنْ مُحبّاً لخيرِه ، فإن من يحسد خَيرَ جارِه محى اللّهُ عمرَه في الباطل (63) وأنَفقَ مالَه في غيرِ الحقّ (64) . = يدخل الجنّة ، قال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) : إذا أراد الله بقوم خيراً أهدى إليهم هدية ، قالوا : وما تلك الهدية ؟ قال : الضيف ينزل برزقه ، ويرتحل بذنوب أهل البيت »(1). (62) ومن المعلوم أنّ نظره تعالى هو نظر رحمة ، ورحمته خير مطلق . (63) أي انقضى عمره في الباطل . (64) هذا من آثار حسد الجار وترك إكرامه فقد أمر الكتاب الكريم ، وحثّت أحاديث المعصومين (عليهم السلام) على إكرام الجار ، والإحسان إليه ، وحسن الجوار معه .. وقد بلغ الإهتمام بالجار إلى حدّ الإيصاء والتوصية به على لسان الرسول الأمين وأمير المؤمنين .. وجعلوه من الدين المبين .. كما تلاحظها مجموعة في البحار(2). حتّى أنّه جاء في الحديث السابع من الباب مسنداً إلى الإمام الرضا (عليه السلام) أنّه قال : « ليس منّا من لم يأمن جاره بوائقه » أي غوائله وشروره . وفي المجمع ما نصّه : ( في الخبر : كلّ أربعين داراً جيران من بين اليدين والخلف واليمين والشمال .. وفي الحديث : عليكم بحسن الجوار وحُسن الجوار يعمّر الديار . ومن جملة حسن الجوار إبتداؤه بالسلام ، وعيادته في المرض ، وتعزيته في = 1 ـ بحار الأنوار : ج75 ، ص461 ، باب 93 ، ح14 . 2 ـ بحار الأنوار : ج74 ، ص154 ، باب 10 ، الأحاديث . 178 ياعلي : إيّاكَ والحَسد ، فإنّ الحسدَ في الحسناتِ أسرعُ من النارِ في الحَطَب (65) . ياعلي : إيّاكَ والغِيبَة (66) ... = المصيبة ، وتهنيته في الفرح ، والصفح عن زلاّته ، وعدم التطلّع إلى عوراته ، وترك مضايقته فيما يحتاج إليه )(1). وأضاف في السفينة ، انّه ليس حسن الجوار كفّ الأذى عن الجار فقط ، بل تحمّل الأذى منه أيضاً(2). (65) في أنّه يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب .. وقد مضى بيان آفة الحسد في وصيّة الفقيه فراجع . (66) الغيبة بكسر الغين وسكون الياء وفتح الباء كما ضبط(3). وهي كما عرفها المشهور : ( ذكر الإنسان حال غَيبته بما يكره نسبته إليه ، ممّا يُعد نقصاناً في العرف ، بقصد الإنتقاص والذمّ ) . وقد تطابقت على حرمتها الأدلّة الأربعة : الكتاب والسنّة والإجماع والعقل . أمّا الكتاب : فلصريح مثل قوله تعالى : ( وَلاَ يَغْتَبْ بَّعْضُكُم بَعْضاً )(4). وأمّا السنّة فلمتواتر الأحاديث الواردة في حرمتها(5) وذمّها(6). = 1 ـ مجمع البحرين : ص248 . 2 ـ سفينة البحار : ج1 ، ص693 . 3 ـ مجمع البحرين : مادّة غيب ، ص130 . 4 ـ سورة الحجرات : الآية 12 . 5 ـ وسائل الشيعة : ج8 ، ص566 ، باب 152 ، الأحاديث . 6 ـ بحار الأنوار : ج75 ، ص220 ، باب 66 ، الأحاديث . 179 فإن الجَمْرةَ (67) في فَمِ المُسلم خيرٌ له مِن أنْ يغتابَ مسلماً بما فيه (68). ياعلي : إذا كنتَ صائماً فلا تُبالِ اغتبتَ أو شَربتَ شربةً ماءاً بارداً بالنّهار (69) . = وأمّا الإجماع : فلإجماع المسلمين ، بل ضروري الدين بحرمتها(1). وأمّا العقل : فلأنّ غيبة المؤمن إيذاء وإذلال له وهو ظلم ، والظلم قبيح بحكم العقل بل بإستقلاله . (67) أي جمرة النار ، وهي معروفة في احراقها ، وتأذّي المحترق بها . (68) إذْ الجمرة من نار الدنيا وهي أهون من نار الآخرة . (69) من حيث فساد الصوم الحقيقي ، وعدم قبوله ، فإنّ من أدب الصائم الإمساك الكامل عن جميع المحرّمات . وجاء في حديث محمّد بن مسلم ، قال أبو عبدالله (عليه السلام) : « إذا صمت فليصم سمعك وبصرك وشعرك وجلدك ـ وعدّد أشياء غير هذا ـ وقال : لا يكون يوم صومك كيوم فطرك »(2). وفي الحديث أيضاً قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لجابر بن عبدالله : « ياجابر هذا شهر رمضان ، من صام نهاره ، وقام وِرداً من ليله ، وعفّ بطنه وفرجه ، وكفَّ لسانه خرج من ذنوبه كخروجه من الشهر . فقال جابر : يارسول الله ما أحسن هذا الحديث ، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) : ياجابر وما أشدّ هذه الشروط »(3). 1 ـ جواهر الكلام : ج22 ، ص65 . 2 ـ الكافي : ج4 ، ص87 ، ح1 . 3 ـ الكافي : ج4 ، ص87 ، ح2 . 180 ياعلي : إيّاك والنظر إلى حُرَمِ المؤمنين (70) فإنّ مَن نَظر في حُرَمِ المؤمنين أخرجَ اللّهُ خوفَ الآخرةِ مِن قلبهِ ، واليقينَ من صدرِه ، ومَلأَ قلبَه من خوفِ الفقرِ والهمِّ والحُزن (71) . ياعلي : إيّاك والكِذب فإنّه من أخلاقِ المنافقين ، وإيّاك والنميمةَ فإنّ اللّهَ قد حرَّم الجنّةَ على كلّ بخيل ومُراء ونمّام وعاقِّ الوالدين ومانعِ الزكاة وآكلِ الربا وآكلِ الحرام وشاربِ الخمر ، والواشمةِ والمستوشمة (72) ، والواصلةِ الشعر والمستوصلة (73) ، (70) حُرَم ومفردها حُرمة مثل غُرَف وغرفة ـ هي المرأة ـ وحرم الرجل أهله . (71) فإنّ النظر إلى حرم المؤمنين خيانة بهم ، والخيانة لها آثارها هذه . (72) فسّرهما الشيخ الصدوق نقلا عن علي بن غراب بقوله : والواشمة التي تَشِمُ وشماً في يد المرأة أو في شيء من بدنها : وهو أن تغرز بدنها أو ظهر كفّها بابرة حتّى تؤثّر فيه ، ثمّ تحشوها بالكحل أو شيءٌ من النورة فتخضرّ ، والمستوشمة التي يفعل بها ذلك ، ذكر هذا التفسير بعد حديث لعنها عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)(1). (73) أي التي تصل شعر المرأة بشعر امرأة غيرها .. وحُملت حرمة هذا العمل على صورة التدليس بأن تفعله الماشطة بامرأة تدليساً وإخفاءً للعيب ـ لا من باب الزينة والتزيّن لزوجها . لحديث سعد الاسكاف عن الإمام أبي جعفر (عليه السلام) : « لا بأس على المرأة بما تزيّنت به لزوجها »(2). = 1 ـ معاني الأخبار : ص249 . 2 ـ وسائل الشيعة : ج12 ، ص94 ، باب 19 ، ح3 . 181 والناكِحِ البهائم ، والمؤذي جارَه (74) . ياعلي : مَنْ كان له عيالْ فلم يأمُرْهُم بالصلاةِ ، ولم يَنهَهمُ عن أكلِ الحرام فشطرُ الذنوبِ على رَقَبتِه (75) . = ومفصّل البحث في ذلك تلاحظه من الشيخ الأعظم الأنصاري في المكاسب(1) في مبحث تدليس الماشطة . (74) فإنّ مَنْ ذُكِر من الطوائف يعملون بأنفسهم وبسوء إختيارهم أعمالا توجب حرمانهم من الجنّة وتحريم الجنّة عليهم . ومثل لذلك بمن أحدث بنفسه الجنابة والنجاسة التي تمنعه عن دخول بيت الله الحرام ، وتوجب حرمة دخول البيت عليه فيكون هذا بفعل نفسه لا إجباراً له . (75) فإنّ مقتضى الدين أوّلا هو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر . ومقتضى التربية ثانياً الإرشاد إلى فعل الواجبات خصوصاً الصلاة ، وترك المحرّمات .. قال عزّ اسمه : ( يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُوُدها النّاسُ وَالحِجَارَةُ )(2). فإذا قصّر صاحب العيال في ذلك كانت مخالفة العيال مرتبطة بتقصيره ، فيكون شطر الذنوب أي جزئها على رقبته . وقد عقد المحدّث الحرّ العاملي باباً تحت عنوان إستحباب أمر الصبيان بالصلاة لستّ سنين أو سبع ووجوب الزامهم بها عند البلوغ فلاحظ(3). 1 ـ المكاسب : ج2 ، ص159 . 2 ـ سورة التحريم : الآية 6 . 3 ـ وسائل الشيعة : ج3 ، ص11 . 182 ياعلي : وَقِّر (76) الشيخَ الكبيرَ والطفَلَ الصغيرَ ، وكنْ للغريبِ كالأخِ القريب (77) ، ولليتيمِ كالأبِ الرحيم (78) ، وللأرملةِ كالزوجِ الشفيق (79) ليكتبَ اللّهُ لَك بكلّ نَفَس مائةَ حسنة ، وبكلِّ حسنة قصراً (80) . ياعلي : مَن أعزَّ الغنيَّ وأهانَ الفقيرَ سُمِّيَ في السماواتِ عدوُّ اللّه (81) . (76) التوقير هو التعظيم وترفيع الشأن والمنزلة . (77) من حيث المودّة والمبرّة التي تكون في الأخ . (78) من حيث إيواء اليتامى ، والإحسان إليهم ، والترحّم عليهم ، والعطوفة بهم وعدم إيذائهم . (79) من حيث الإحسان إليها ، وتكفّل نفقتها وكسوتها ، والإشفاق بها . (80) فيكون لكلّ نَفَس مدّة هذه الحسنات وفي زمن الإتيان بها مائة قصر . (81) فإنّ الفقر شعار الصالحين ، وذخيرة المؤمن ليوم الآخرة ، ووسيلة لمكافأة الجنّة .. وليس الفقر لأجل هوان الفقير المؤمن أو استهانته عند الله ، بل هو من باب إعطاء الخير الأكثر في الأيّام الآجلة ، وأنّ مرارة الدنيا حلاوة الآخرة . فيلزم إكرامهم ويحرم الإستهانة بهم .. فتكون إهانة الفقير مخالفة مع الله تعالى ومعاداة له . وقد جمع العلاّمة المجلسي ما يقارب تسعين حديثاً في فضل الفقر والفقراء وحبّهم ومجالستهم والرضا بالفقر ، وثواب إكرام الفقراء وعقاب من إستهان بهم فلاحظ(1). = 1 ـ بحار الأنوار : ج72 ، ص1 ـ 56 ، باب 94 ، الأحاديث . 183 ياعلي : أوحى اللّهُ إلى موسى (عليه السلام) : أَكرمِ الفقيرَ كما تُكرمُ الغنيَّ وإلاّ فاجعلْ كلّما عَمِلتَ تحتَ التراب . ياعلي : أوحى اللّهُ تعالى إلى إبراهيمَ (عليه السلام) : ياإبراهيم : أكرِمْ ضيفي كما تُكرمُ ضيفَك .. قال : ياربِّ : مَن ضيفُك ؟ قال : الفقيرُ الحقيرُ بينَ الناس . ياعلي : قل الحقَّ ولو عَليك ، وتصدّقْ ولو بتمرة واحدة ، وصُمْ أيّامَ البيض (82) ، واستُر عيوبَ الناس .. فإنّه مَنْ فَعَل ذلك نَزَل عليه في كلِّ يوم سبعونَ رحمة ، وعلى مالِه سبعونَ بركة . ياعلي : ثلاثٌ توجبُ المَقتَ (83) من اللّهِ عزّوجلّ : الضحكُ من غيرِ عجب (84) ، = وبذلك يظهر لك وجه ما أوصى به الله تعالى إلى خليله إبراهيم ، وكليمه موسى (عليهما السلام)في الفقرتين الآتيتين . (82) أيّام البيض على حذف مضاف ، وأصله أيّام الليالي البيض ، وهي الثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر من الشهر ، وسمّيت بيضاً لبزوغ القمر في تلك الليالي من أوّلها إلى آخرها(1). (83) المقت هو البغض لأمر قبيح . وقد وردت هذه الفقرة في الخصال(2) أيضاً . (84) فإنّ الضحك يلزم أن ينشأ من سبب مُعجب .. فإذا كان من غير عجب كان ناشئاً عن الجهل أو سوء الأدب وهو ممقوت . 1 ـ مجمع البحرين : ص351 . 2 ـ الخصال : ص89 ، ح25 . 184 ونومُ النهارِ من غيرِ سَهَر الليل (85) ، والأكلُ إلى غَلبةِ الشبع (86) . ياعلي : ثلاثةٌ محجوبونَ عن رحمةِ اللّه : من باتَ شبعاناً وعَلِم أنّ جارَه طاو (87) ، ومن جَلَد عبدَه (88) ، ومن ردَّ هديَة صدِيقه (89) . ياعلي : لا تكنْ لَجوجاً ولا تُصاحبْ أهلَ اللّجاجة (90) ، (85) فإنّ ذلك من البطالة وهي مبغوضة . (86) فإنّه مكروه موجب لقسوة القلب وهي ممقوتة . (87) الطوي هو الجوع .. وطاوي البطن هو مَنْ كان خالي البطن .. وفي الحديث الشريف : « ما آمن بي من بات شبعاناً وجاره المسلم جائع »(1). (88) الجَلْد هو الضرب بالسوط وهو ظلم للعبد .. وفي الحديث الصادقي عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)قال : « ألا أُنبئكم بشرّ الناس ؟ قالوا : بلى يارسول الله ، فقال : مَنْ سافر وحده ، ومنع رفده ، وضرب عبده »(2). (89) ففي الحديث عن الإمام الكاظم (عليه السلام)، عن آبائه قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): « مِنْ تكرمة الرجل لأخيه المسلم أن يقبل تحفته ، أو يتحفه ممّا عنده ولا يتكلّف شيئاً »(3). فتكون ردّ الهديّة ردّ الكرامة . (90) لجَّ في الأمر : تمادى عليه وأبى أن ينصرف عنه .. والمُلاجَّة : التمادي في الخصومة(4). 1 ـ بحار الأنوار : ج74 ، ص151 ، باب 9 ، ح8 . 2 ـ بحار الأنوار : ج74 ، ص141 ، باب 4 ، ح7 . 3 ـ بحار الأنوار : ج75 ، ص45 ، باب 37 ، ح6 . 4 ـ لسان العرب : ج2 ، ص353 . 185 ولا تكُن بخيلا ولا تصاحِب البخيلَ .. فإنّ البُخلَ جمرةٌ في قلبِ ابنِ آدم (91) . ياعلي : البخيلُ بعيدٌ من اللّه ، بعيدٌ من رحمتِه ، بعيدٌ من جنّتِه ، قريبٌ من عذابِه . ياعلي : عليك بالسخاءِ (92) فإنّه من أخلاقِ النبيّينَ والمُرسلين (93) . ياعلي : السخيُّ قريبٌ من اللّه ، قريبٌ من رحمتِه ، قريبٌ من جنّتِه ، وبعيدٌ ... (91) مرّ في أوّل نفس هذه الوصيّة الشريفة خساسة صفة البخل فراجع . (92) السخاء ـ بالمدّ ـ : هو الجود والكرم ، وقال بعض الشارحين : السخاء ملكة بذل المال لمستحقّه بقدر ما ينبغي ابتداءً(1). وفي حديث حريز ، عن الإمام الصادق (عليه السلام) : « السخي : الكريم الذي ينفق ماله في حقّ »(2). وقد وردت أحاديث كثيرة في فضيلة السخاء ومدح السخي(3). منها الحديث الثامن عشر من الباب عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أنّه قال : « الجنّة دار الأسخياء » . (93) وتلاحظ سخاء وعطايا النبي وأهل بيته الطاهرين فيما جاء بيانه بتفصيل في الأحاديث والأخبار الواردة المجموعة في السفينة(4) فلاحظها للمعرفة . 1 ـ مجمع البحرين : ص43 . 2 ـ معاني الأخبار : ص256 . 3 ـ بحار الأنوار : ج71 ، ص350 ، باب 87 ، الأحاديث . 4 ـ سفينة البحار : ج4 ، ص103 . 186 من عذابِه (94) . ياعلي : إرْضَ باليَسير من الدنيا ، واعط من القليل .. فإنّه من فَعَل ذلكَ يُحشرُ يومَ القيامةِ في زمرةِ الأنبياءِ والمرسَلين . ياعلي : قُصَّ أظفارَك في كُلِّ شهر مرّتين ، فإنّ من طال ] طالت [أظفارُه قَعدَ الشيطانُ تحتَ ظلّها (95) . (94) جاء مضمونه في بعض الأحاديث الاُخرى مثل حديث السكوني(1). (95) فالدين الإسلامي الأكمل تكفّل بيان جميع ما يحتاج إليه الإنسان في الدنيا والآخرة ، ومنها آداب النظافة وسنن التنظيف .. التي هي من شؤون الإيمان ، ومن أسباب سعادة الإنسان . ففي الحديث : « أنزل الله على إبراهيم الحنيفيّة وهي الطهارة ، وهي عشرة أشياء ، خمسة في الرأس ، وخمسة في البدن . وأمّا التي في الرأس : فأخذ الشارب ، وإعفاء اللّحى ، وطمّ الشعر ، والسواك ، والخلال . وأمّا التي في البدن : فحلق الشعر من البدن ، والختان ، وقلم الأظفار ، والغسل من الجنابة ، والطهور بالماء فهذه خمسة في البدن » . وهي الحنيفية الطاهرة التي جاء بها إبراهيم فلم تنسخ ولا تنسخ إلى يوم القيامة ، وهو قوله : ( .. اتَّبِعْ مِلَّةَ إبراهِيمَ حَنِيفاً .. )(2)»(3). وفي خصوص قصّ الأظفار وردت أحاديث عديدة تأمر به ، وتُحبّب كونه في = 1 ـ بحار الأنوار : ج73 ، ص308 ، ب136 ، ح37 . 2 ـ سورة النحل : الآية 123 . 3 ـ بحار الأنوار : ج76 ، ص68 ، ب2 ، ح3 . 187 ياعلي : قُصَّ شارِبَك ، فإنّه مَن طالَ شاربُه سَكَنَ الشيطانُ في فيهِ ، يأكلُ معه ويشربُ معه (96) . ياعلي : إحتجِم في كلِّ شهر مرّةً ، فإنّكَ لا تحتاج إلى الطبيبِ أبَداً (97) ولا تحتجِمْ في أوّلِ يوم من الشهر ... = يوم الجمعة الذي يوجب خروج الداء ودخول الدواء والشفاء ، وكونه أماناً من الجنون والجذام والبرص والعمى .. ويستحبّ أن يقول حين التقليم : « بسم الله وبالله وعلى سنّة محمّد وآل محمّد (عليهم السلام) » كما تلاحظ مفصّل ذلك في الأحاديث(1). (96) وقد عرفت أنّ أخذ الشارب من السنن الإبراهيمية الحنيفية ، وهي من أسباب النظافة ، ودفع الأوساخ . وفي الحديث : « ولا يطولنّ أحدكم شاربه ، ولا عانته ، ولا شعر ابطه فإنّ الشيطان يتّخذها مخابىء يستتر بها .. » . ويُفسّر بأنّ الشيطان يستأنس بالمواضع القذرة فيسكنها ويختبىء فيها . وتلاحظ أحاديث إستحباب قصّ الشارب يوم الجمعة مع دعاءه في كتب الأخبار(2). (97) الحجامة ـ بكسر الحاء ـ : هو التداوي والعلاج بالمحِجَم .. يعني إمتصاص الدم بالمحِجَم(3). وهي من السنن الشريفة المفيدة الثابتة شرعاً ، والنافعة وجداناً .. ففي حديث أبي جميلة قال: قال أبوعبدالله(عليه السلام): «نزل جبرئيل بالسواك والخلال والحجامة»(4). = 1 ـ بحار الأنوار : ج76 ، ص119 ، ب16 ، الأحاديث . 2 ـ بحار الأنوار : ج76 ، ص109 ، ب13 ، الأحاديث . 3 ـ المعجم الوسيط : ج1 ، ص158 . 4 ـ المحاسن للبرقي : ص558 . 188 0 0 0 0 0 0 0 0 0 0 0 0 0 0 0 0 0 0 0 0 0 0 0 = وعن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) : « إن يكن في شيء شفاء ففي شَرطة الحجّام ، أو في شربة العسل »(1). وعنه (صلى الله عليه وآله وسلم) : « احتجموا ، فإنّ الدم يتبيّغ ـ أي يهيج ـ بصاحبه فيقتله »(2). وعنه (صلى الله عليه وآله وسلم) : « الداء ثلاث والدواء ثلاث ، فالداء : المرّة والبلغم والدم ، فدواء الدم الحجامة ، ودواء المرّة المشي ، ودواء البلغم الحمّام »(3). وعن أمير المؤمنين (عليه السلام) : « إنّ الحجامة تصحّح البدن وتشدّ العقل »(4). فلاحظ أحاديث فوائدها مجموعة في بابها(5). وجاء في آدابها أنّه يقرأ قبل الحجامة آية الكرسي .. وأنّه يتربّع في جلسته أمام الحجّام ، وأنّه يدعو حين خروج الدم ويقول : « بسم الله الرحمن الرحيم أعوذ بالله الكريم في حجامتي هذه من العين في الدم ومن كلّ سوء » . ويقرأ كذلك حين الحجامة : « بسم الله الرحمن الرحيم أعوذ بالله الكريم في حجامتي من العين في الدم ومن كلّ سوء واعلال وأمراض وأسقام وأوجاع ، وأسألك العافية والمعافاة والشفاء من كلّ داء »(6). ثمّ إنّ هذه السُنّة النافعة التي أُوصي بها أكيداً .. حُدّد لها الوقت المناسب تحديداً بحيث يوجب ذلك كمال تأثيرها وبالغ نفعها .. = 1 ـ عيون الأخبار : ج2 ، ص35 . 2 ـ مكارم الأخلاق : ج1 ، ص169 ، ح4 . 3 ـ مكارم الأخلاق : ج1 ، ص175 ، ح39 . 4 ـ البحار : ج62 ، ص114 ، ب54 ، ح18 . 5 ـ بحار الأنوار : ج62 ، ص108 ـ 139 ، ب54 ، الأحاديث . 6 ـ حلية المتّقين : ص87 . |