الصفحة الرئيسية  المكتبة  وصايا الرسول لزوج البتول  الجزء السادس عشر
قبل

189

فإنّه يُورثُ اليَرَقان (98) ..
    ولا في اليومِ الثاني من الشَّهرِ فإنّه يُورثُ الحُمّى النصفَ والرُبع (99) ..
    ولا في اليومِ الثالثِ فإنّه يُورث ...




= ويستفاد من بعض الأحاديث الشريفة أنّ حُسنها يتمّ في النصف الثاني من الشهر ففي حديث أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) : « من احتجم يوم الثلاثاء لسبع عشرة أو تسع عشرة أو لإحدى وعشرين كانت له شفاء من داء السنة »(1).
    وأفاد العلاّمة المجلسي (قدس سره) انّه قد اتّفق الأطباء على أنّ الحجامة في النصف الثاني من الشهر ثمّ في الربع الثالث من أرباعه أنفع من الحجامة في أوّله وآخره ..(2).
    وهذه الوصيّة الشريفة تنهى عن الحجامة في النصف الأوّل من الشهر وتبيّن آثارها ، ثمّ تأمر بالإحتجام في النصف الثاني من الشهر وتبيّن حسن نتائجه بالبيان المذكور فيها :
    (98) وهو من أمراض المرارة ويتغيّر به لون البدن خصوصاً بياض العين فإنّه يتغيّر إلى صفرة أو سواد لجريان الخلط الأصفر أو الأسود إلى الجلد(3).
    (99) الحمّى هي الحرارة الباطنية التي تنتشر في البدن وهي على أقسام منها : حمّى النصف وهي المسمّاة بالغِبّ التي تأتي يوماً بعد يوم ، ومنها حمّى الُربع وهي التي تأتي كلّ أربعة أيّام وهي أخبثها(4).



1 ـ مكارم الأخلاق : ج1 ، ص172 ، ح18 .
2 ـ بحار الأنوار : ج62 ، ص139 .
3 ـ شرح النفيسي : ص268 .
4 ـ دائرة المعارف للأعلمي : ج8 ، ص502 .



190

البَرَص (100) .
    ولا في اليومِ الرابعِ فإنّه يُورثُ الوَجَع في الظَّهورِ ] الظهر [والرُكبتين ..
    ولا في اليومِ الخامسِ فإنّه يورثُ صُفرةَ الوجهِ ودقّةَ العروق ..
    ولا في اليومِ السادسِ فإنّه يورثُ البَلغمَ والرطوبةَ ..
    ولا اليومِ السابعِ فإنّه يُكثرُ الأذى (101) .
    ولا اليوم الثامن فإنّه يُورثُ الريحَ الفالج (102) ..
    ولا اليوم التاسع فإنّه يُورثُ نقصَ العقلِ في الدماغ ..
    ولا اليوم العاشر فإنّه يُورثُ موتَ الفجأة .
    ولا اليوم الحادي عَشَر فإنّه يُنقصُ الجماع ..
    ولا اليوم الثاني عَشَر فإنّه يُورثُ الجَرَب والحَكّة (103) .




    (100) البرص : بياض يظهر في ظاهر البدن في بعض الأعضاء وربّما ينتشر في سائر البدن بسبب سوء مزاج العضو إلى البرودة وغلبة البلغم على الدم(1).
    (101) الأذى هو ما يكره ويُغتمّ به(2) فلا يرتاح له الإنسان .
    (102) الفالج ـ بفتح الفاء وكسر اللام ـ : إسترخاء عامّ يعرض جميع البدن بسبب إنصباب المواد الباردة الرطبة على منبت الأعصاب(3).
    (103) الجَرَب ـ بفتحتين ـ : مرض جلدي مصحوب بحبوب صغيرة على البدن كالحويصلات مع الحكّة(4).



1 ـ شرح النفيسي : ص373 .
2 ـ مجمع البحرين : ص5 .
3 ـ القرابادين : ص545 .
4 ـ دائرة معارف فريد وجدي : ج3 ، ص49 .



191

    ولا تحتجم الرابع عَشَر فإنّه يُورثُ الريحَ البواسير (104) ..
    ولا تحتجم الخامس عَشَر فإنّه يُنقصُ من نورِ البَصَر .
    عليك بالإحتجام في اليومِ السادسِ عَشَر فإنّ صاحبَه يأمنُ من الجُنونِ والجُذامِ والبَرَص .
    وفي السابع عَشَر يزيد في البدنِ ـ الدمَ ولو لم تحتجم إلى سَنَة .
    وفي الثامن عَشَر يجلُو البَصر ..
    وفي التاسع عَشَر يزيدُ في الدَّماغِ وفي قوّةِ البدن .
    واليوم العشرون ينفعُ من سبعينَ داء .
    والحادي والعشرون يزيدُ في اللَّحمِ والدَّم .
    وفي الثاني والعشرين (105) يُصحّحُ اللِّسان .
    والثالث والعشرين يَزيدُ في الشَّجاعةِ وقُوّةِ المِراس (106) .
    واليوم الرابع والعشرين يزيدُ في الدَّماغِ ويُذهبُ الأوجاع .
    والخامس والعشرين يزيدُ في الحِفظ ويقوّي الظهَر والمعدة .
    والسادس والعشرين ... يَذهبُ بالحُمّى وصداعَ الشقيقة (107) .




    (104) البواسير الريحي : ريح غليظ يحدث الألم في نهاية الأمعاء .. وقد يصاحبه البواسير الدموي الذي يكون من زيادة حبيبات تظهر على عروق المقعد(1).
    (105) هكذا مقتضى العبارة وكذا فيما بعده في النسخة المخطوطة .
    (106) أي ممارسة الحروب وقوّة الإقدام فيها .
    (107) الشقيقة ألم يحدث في أحد جانبي الرأس إلى وسطه يسمّى في إصطلاح =



1 ـ القرابادين : ص531 .


192

    واليوم السابع والعشرين يُذهب الهُمومَ والأحزانَ ، ويكونُ صاحبُه آمناً من السَحَرةِ والشياطين .
    والثامن والعشرين والتاسع والعشرين فقد استمسكَ بالعرُوةِ الوثقى من كلِّ ..... وسُقم .
    ياعلي : احذر الحجامةَ يومَ السبت والأربعاء فإنّها تُورث البرص والأسقَام والأمراض (108) .
    وإذا بنيت بيتاً فابدأ به يومَ الأحدِ فإنّ اللّهَ عزّوجلّ بنى السماواتِ والأرضَ يومَ الأحد (109) .




= العصر بالمگرين .
    (108) فإنّ للحجامة من حيث أيّام الأسبوع أيضاً وقتاً مناسباً لها .
    ففي الأحاديث الصادقية (عليه السلام) وردت الحجامة في يوم الأحد ، ويوم الإثنين بعد العصر ، ويوم الخميس بعد الزوال فلاحظها(1).
    (109) فإنّ لبناء البيت كسائر أُمور العيش والحياة آداباً في الشرع المقدّس ، ولذلك عقد الشيخ الطبرسي فصلا في اُمور المسكن فلاحظ إذا شئت المعرفة بالتفصيل(2).
    على أنّ للأيّام في الأسبوع شؤوناً من حيث السعادة والنحوسة عقد لها العلاّمة المجلسي باباً مستقلا فراجع(3). =



1 ـ مكارم الأخلاق : ج1 ، الفصل الرابع ، ص171 ، الأحاديث 15 و 17 و 23 و 24 .
2 ـ مكارم الأخلاق : ج1 ، ص273 .
3 ـ بحار الأنوار : ج59 ، ص18 ، باب 15 .



193

وإذا أردتَ سَفَراً أو تجارةً فاقصد يومَ الثلاثاء .. فإنّ اللّهَ عزّوجلّ خلَقَ فيه الشمسَ والقمَر ، وغَرَس فيه الأشجارَ ، وكان صالحُ النبيّ يخرجُ في ذلكَ اليوم إلى التجارة (110) .
    ويومُ الثلاثاء يومُ خروجِ الدّمِ لأنّ قابيلَ قَتَل هابيلَ يومَ الثلاثاء (111) .
    ويومُ الأربعاء يومٌ مشؤوم يومُ نحس مستمرّ خلقَ اللّهُ تعالى فيه فرعونَ لعنَه اللّهُ ، وفيه ادّعى الربوبيّةَ ، وفيه أغرقَهُ اللّهُ في البحر ، وفيه ابتلاءُ النبيّ أيّوبِ (عليه السلام) ، وفيه طُرِح يوسفُ في الجُبّ ، وفيه التقَمَ الحوتُ يونسَ بن مَتّى ، وفيه خَلَقَ اللّهُ الظلمةَ والرَّعدَ والبَرق ..
    يومُ الخميس طلبُ الحوائج من الناس والدخُولُ على السلطان .. لأنّ إبراهيمَ الخليل (عليه السلام) دخلَ على نمرودَ بن كنعان في حاجتِه فقضاها له ،




= وفي كلّ يوم من أيّام الأسبوع أحاديث ذكرها شيخ المحدّثين الصدوق في الأبواب السبعة فلاحظ(1).
    (110) فللسفر والخروج إلى التجارة أيضاً أوقات مناسبة ، وآدابٌ في الشريعة الإسلامية الجامعة يمكنك ملاحظة تفصيلها في السفينة(2).
    (111) في حديث الخصال(3) كون القتل يوم الأربعاء .. ولعلّ الجمع بينهما بكون الإقدام يوم الثلاثاء ووقوع القتل يوم الأربعاء .



1 ـ الخصال : ص382 ، الأحاديث 59 ـ 101 .
2 ـ سفينة البحار : ج4 ، ص169 ـ 180 .
3 ـ الخصال : ص388 .



194

وفيه خَلَق اللّهُ اللوحَ والقَلم ، وفيه الفردوسُ ، وفيه نجاةُ اللّه من النار ، وفيه رُفِع إدريسُ ، ولُعنَ إبليس .
    يومُ الجمعةِ يومٌ مبَاركٌ ، يومٌ مستجابٌ فيه الدَعوات ، وتُقبل فيه المثوبات وهو يومُ نكاح ، وقراءةِ القرآن ، والزُّهِد ، والعبادات .
    ياعلي : إحفَظْ وصيّتي كما حفظتُها عن أخي جبرئيل ، وعَلِّمها من استَطعت (112) .




    (112) هذا تمام الوصيّة في النسخة المخطوطة من رسالة وصايا النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لابن القاساني أعلى الله مقامه .. وجاء في آخرها قوله : « تمّت الوصيّة والحمد لله » .


195

   3
    ومن الوصايا المفصّلة وصيته (صلى الله عليه وآله وسلم) لأمير المؤمنين (عليه السلام) ، عند إرتحاله إلى العالم الأعلى ، وقرب حدوث المصيبة العظمى ، فقد أوصاه بوصايا مؤكّدة ، وعهد إليه بعهود مغلّظة ، وأشهد عليه بشهادات متعدّدة .. أوصاه بعظيم الصبر في الأمر ، وتحمّل الظلم والهضم ، وأخذ منه عهد الوفاء وضمان الأداء ..
    وقد جاءت تلك الوصايا في الأحاديث التالية التي هي في مضمار واحد ونذكرها مجموعةً بالترتيب التالي:
    أ ) ما رواه ثقة الإسلام الكليني أعلى الله مقامه في جامعه الكبير الكافي بسنده عن الحسين بن محمّد الأشعري، عن معلّى بن محمّد ، عن أحمد بن محمّد ، عن الحارث ابن جعفر ، عن علي بن إسماعيل بن يقطين ، عن عيسى بن المستفاد أبي موسى الضرير قال : حدّثني موسى بن جعفر (عليه السلام) قال: قلت لأبي عبدالله (عليه السلام): أليسَ كان أميرُ المؤمنين (عليه السلام) كاتبَ الوصيّةِ ورسولُ الله (صلى الله عليه وآله وسلم) المُملي عليه وجبرئيلُ والملائكةُ المقرَّبون (عليهم السلام) شهود؟
    قال: فأطرقَ طويلا (1)، ثمّ قال: ياأبا الحسن (2) ...



    (1) يعني أطرق الإمام الصادق (عليه السلام) أي مكث ولم يتكلّم .. وفي بعض النسخ : أطرق مليّاً .
    (2) خطاب إلى الإمام الكاظم بكنيته من والده الإمام الصادق (عليهما السلام) .. أي ثمّ=


196

    قد كانَ ما قلتَ ولكن حينَ نزلَ برسول اللّه (صلى الله عليه وآله وسلم) الأمرُ (3)، نَزَلَت الوصيّةُ من عندِ اللّهِ كتاباً مسجّلا (4) ، نَزَل بهِ جبرئيلُ مع أُمناءِ اللّهِ ( تبارك وتعالى ) من الملائكةِ ، فقال جبرئيلُ : يامحمّد مُر بإخراجِ مَن عندَك إلاّ وصيّك ، ليقبضَها منّا وتُشهِدَنا بدفعِكَ إيّاها إليه ضامناً لها ـ يعني عليّاً (عليه السلام) ـ فأمرَ النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بإخراجِ مَن كانَ في البيت ما خلا عليّاً (عليه السلام) وفاطمةُ فيما بين السترِ والباب ، فقال جبرئيلُ : يامحمَّد ربُّك يقرئكَ السلامَ ويقول : هذا كتابُ ما كنتُ عهدتُ إليك وشرطتُ عليك وشهدتُ به عليك وأشهدتُ به عليك ملائكتي ، وكفى بي يامحمّد شهيداً، قال : فارتَعَدَتْ مفاصلُ النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) (5) فقال : ياجبرئيلُ ربّي هو السَلامُ ومنه السلامُ وإليه يعودُ السلامُ صَدَق ( عزّوجلّ ) وبَرَّ ، هاتِ (6) الكتاب، فدفَعه إليه وأمرهُ بدفعهِ إلى أميرِ المؤمنين (عليه السلام) فقال له (7) : إقرأْهُ ، فقرأهُ حرفاً حرفاً ، فقال :
    ياعلي هذا عهدُ ربّي ( تبارك وتعالى ) إليَّ ، وشرطُه عليَّ وأمانتُه ، وقد بلّغتُ ونصحتُ وأدّيتُ ،




= قال الإمام الصادق للإمام الكاظم ياأبا الحسن .
    (3) نزل به الأمر أي حلّ به أمر الوفاة ، ومصيبة الموت .
    (4) أي معهوداً محفوظاً ـ والسجل هو كتاب العهود والأحكام .
    (5) أي ارتعدت مفاصله من هذا العهد الشديد والميثاق الغليظ .
    (6) هات : اسم فعل بمعنى أعطني .. وهذا خطاب النبي الأعظم لجبرئيل .
    (7) أي قال رسول الله لأمير المؤمنين عليهما وآلهما السلام .


197

فقال علي (عليه السلام): وأنا أشهدُ لك ] بأبي وأُمّي أنت [ بالبلاغِ والنصيحةِ والتصديقِ على ما قلتَ ويشهدُ لكَ بهِ سمعي وبصري ولحمي ودمي ، فقال جبرئيل (عليه السلام) : وأنا لكما على ذلكَ من الشاهدين ، فقال رسولُ اللّه (صلى الله عليه وآله وسلم) : ياعلي أخذتَ وصيّتي ...وعرفتَها وضمنتَ للّهِ ولي الوفاءَ بما فيها؟ فقال علي (عليه السلام) : نعم بأبي أنت واُمّي عَلَيَّ ضمانُها وعلى اللّهِ عوني وتوفيقي على أدائِها ، فقال رسولُ اللّه (صلى الله عليه وآله وسلم) :
    ياعلي إنّي اُريدُ أنْ أُشهِدَ عليك بموافاتي بها يومَ القيامةِ ، فقال علي (عليه السلام) : نعم أَشهِد ، فقال النبيُ (صلى الله عليه وآله وسلم) : إنّ جبرئيلَ وميكائيلَ فيما بيني وبينَك الآن وهما حاضران ، معهما الملائكةُ المقرّبُون لأُشهِدَهم عليك ، فقال : نعم لَيشهَدوا وأنا ـ بأبي أنت واُمّي ـ اُشهِدُهم ، فأَشْهَدَهم رسولُ اللّهِ (صلى الله عليه وآله وسلم) وكان فيما اشترَط عليه النبيُّ بأمرِ جبرئيلِ (عليه السلام) فيما أمرَ اللّهُ ( عزّوجلّ ) أن قال له (7) :
    ياعلي تفي بما فيها من موالاةِ مَنْ والى اللّهَ ورسولَه ، والبراءةِ والعداوةِ لمن عادى اللّهَ ورسولَه ، والبراءة منهم ، على الصبرِ منك (8) ] و [ على كظمِ الغيظِ وعلى ذهابِ حقِّك ، وغصبِ خمسكَ ، وانتهاكِ حرمتِك (9) ؟ فقال : نعم يارسولَ اللّه ،




    (7) هذه جملة من تلك الوصايا المعهودة من رسول الله لأمير المؤمنين سلام الله عليهم وعلى آلهم الطيبين .
    (8) أي الصبر على هذه المصائب الآتية .
    (9) وهي حرمته العظمى ، وقرينته الكبرى فاطمة الزهراء سلام الله عليها في =


198

فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): والذي فلقَ الحبّةَ وبرأ النسمةَ لقد سمعتُ جبرئيل (عليه السلام)يقول للنبيّ : يامحمّد عَرِّفْهُ أنّه يُنتهكُ الحُرمة وهي حرمةُ اللّهِ وحرمةُ رسولِ اللّه (صلى الله عليه وآله وسلم) وعلى أن تخضبَ لحيتُه من رأسِه بدم عَبيط (10) ، فقال أميرُ المؤمنين (عليه السلام) : فصعقتُ (11) حين فهَمتُ الكلمةَ من الأمينِ جبرئيل حتّى سقطتُ على وَجهي وقلتُ : نعم قبلتُ ورضيتُ وإنْ انتُهِكَت الحرمةُ وعُطّلتُ السّنن ومُزّق الكتابُ وهُدّمتُ الكعبةُ وخُضبَت لحيتي من رأسي بدم عبيط (12) صابراً محتسباً أبداً حتّى أقدمُ عليك ، ثمّ دعا رسولُ اللّه (صلى الله عليه وآله وسلم) فاطمةَ والحسنَ والحسينَ وأعلَمَهم مِثْلَ ما أعلمَ أميرَ المؤمنين ، فقالوا مثلَ قولِهِ فخُتِمَت الوصيّةُ بخواتيمَ من ذهب ، لم تمسّهُ النارُ (13) ودُفِعَت إلى أميرِ المؤمنين (عليه السلام) .
    فقلتُ (14) لأبي الحسنِ (عليه السلام) :




= الرزايا التي جرت عليها بعد فقد أبيها من ظالميها .
    (10) الدم العبيط هو الدم الخالص الطري، والخضاب به إشارة إلى خضاب شهادته الحزينة ..
    (11) صعق الرجل صعقة أي غشي عليه من هول ما رأى ومن فزع ما سمع .
    (12) وقد وقعت هذه الِمحن بعد إستشهاد رسول الإسلام كما أخبر الأمير (عليه السلام) .
    (13) أي النار التي كانت تُستعمل لتأثير الختم كما كان متعارفاً .. فلم تمسّه النار لعدم إحتياج تلك الرسالة الملكوتية إليها .
    (14) هذا قول الراوي عن الإمام الكاظم (عليه السلام) ، وهو عيسى بن المستفاد أبو موسى الضرير .


199

بأبي أنت واُمّي ألا تذكُر ما كانَ في الوصيّةِ ؟ فقال : سننُ اللّهِ وسننُ رسولِه (15) ، فقلتُ : أكان في الوصيّةِ توثّبُهم (16) وخلافُهم على أميرِ المؤمنين (عليه السلام) ؟ فقال : نعم واللّهِ شيئاً شيئاً ، وحرفاً حرفاً (17) ،أما سمعتَ قولَ اللّهِ ( عزّوجلّ ) : ( إنَّا نَحْنُ نُحْيي المَوْتَى وَنَكْتُبُ ما قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ وَكُلَّ شَيْء أَحْصَيْناهُ فِي إمَام مُّبِين )(18) واللّهِ لقد قالَ رسولُ اللّهِ (صلى الله عليه وآله وسلم) لأميرِ المؤمنين وفاطمةَ (عليهما السلام) : أليس قد فهمتُما ما تقدّمتُ به إليكما وقبلتُماه ؟ فقالا : بلى وصبرنا على ما ساءَنا وغاظَنا (19) .
    ب ) وأفاد العلاّمة المجلسي بعد نقل هذا الحديث : أنّه رواه مجملا السيّد علي بن طاووس (20) من كتاب الوصيّة لعيسى بن المستفاد .. ثمّ ذكر (قدس سره) (21) :
    أنّه حدّث الإمام الكاظم ، عن أبيه (عليهما السلام) أيضاً قال : قال علي بن أبي طالب (عليه السلام) :



    (15) أي الطريقة والنهج الذي سنّه الله ورسوله لأمير المؤمنين (عليه السلام) .
    (16) التوثّب هو الإستيلاء على الشيء ظلماً .
    (17) أي جميعها مستوعبةً كان مذكوراً في الوصيّة .
    (18) سورة يس ، الآية 12 .
    (19) اُصول الكافي : ج1 ، ص281 ، كتاب الحجّة ، ح4 . وجاء في بحار الأنوار: ج22 ، ص479 ، ب1 ، ح28 .
    (20) في كتابه الطُرف : ص23 ـ 24 .
    (21) ذكر ذلك في البحار : ج22 ، ص495 . ثمّ أفاد بعد نقل هذه الوصيّة الشريفة : أنّها أُخرجت من كتاب الطرف والخصائص ، وأكثرها مروي في الصراط المستقيم للبياضي ، ولي إلى كتاب الوصيّة أسانيد جمّة ، واعتبره الكليني ، وإعتمد عليه السيّدان إبنا طاووس ، وألفاظها ومضامينها شاهدة على صحّتها .


200

أنّه كان في وصيّةِ رسولِ الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في أوّلِها :
    « بسمِ اللّهِ الرحمنِ الرَّحيم هذا ما عَهِدَ مُحمّدُ بن عبدِاللّه (صلى الله عليه وآله وسلم) ، وأوصى به وأسنَدَه بأمر اللّهِ إلى وصيِّه علي بن أبي طالب أمير المؤمنين » .
    وكان في آخرِ الوصيّة :
    « شَهِدَ جبرئيلُ وميكائيلُ وإسرافيلُ على ما أوصى بهِ محمّدٌ (صلى الله عليه وآله وسلم)إلى علي بِن أبي طالب (عليه السلام) ، وقبضَه وصيُّه ، وضمانُه على ما فيها على ما ضَمِنَ يوشعُ بن نُون لموسى بن عمران (عليه السلام) ، وعلى ما ضَمِنَ وأدّى وصيُّ عيسى بن مريم (22) ، وعلى ما ضَمِنَ الأوصياءُ قبلُهم على أنّ محمّداً أفضلُ النبيّين وعليّاً أفضلُ الوصيّين ، وأوصى محمّدٌ وسَلَّمَ إلى علي (23) ، وأقرّ عليٌّ وقبض الوصيّةَ على ما أوصى بهِ الأنبياءُ ،



    (22) وصيّ عيسى وخليفته هو شمعون بن حمّون الصفا الذي ورد في الحديث أنّه لمّا أراد الله تعالى أن يرفع عيسى إلى السماء أوصى إليه أن استودِعْ نور الله وحكمته وعلم كتابه شمعون خليفته على المؤمنين ، ففعل عيسى ذلك ، ولم يزل شمعون في قومه يقوم بأمر الله تعالى ويهدي بجميع مقال عيسى في قومه من بني إسرائيل ويجاهد الكفّار .
    فلمّا مضى شمعون عظمت البلوى ، وإندرس الدين ، واُضيعت الحقوق ، واُهينت الفرائض والسنن إلى أن منّ الله تعالى ببعثة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) كما تلاحظه في البحار : ج14 ، ص345 ، ب24 ، الأحاديث .
    (23) في الطرف : وسلّم الأمر إلى علي بن أبي طالب .


201

وسلَّم محمّدٌ الأمرَ إلى عليِ بن أبي طالب ، وهذا أمرُ اللّه وطاعتُه ، وولاّه الأمرَ على أن لا نُبوّةَ لعلي ولا لغيرِه بعدَ محمّد ، وكفى باللّهِ شهيداً » (24) .
    ج ) ثمّ روى العلاّمة المجلسي حديثاً آخر في المقام نقلا عن السيّد الشريف الرضي أعلى الله مقامه في كتاب خصائص الأئمّة (عليهم السلام) ، عن هارون بن موسى ، عن أحمد بن محمّد بن عمّار العجلي الكوفي ، عن عيسى الضرير ، عن الإمام الكاظم، عن أبيه (عليهما السلام) (25) أنّه قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لعلي (عليه السلام) حين دَفَعَ إليه الوصيّة :
    اتّخذْ لها جواباً (26) غداً بين يَدَي اللّهِ تباركَ وتعالى ربِّ العرش ، فإنّي مُحاجُّك يومَ القيامةِ بكتابِ اللّهِ حلالِه وحرامِه ، ومحكمِه ومتشابهِه على ما أنْزَلَ اللّهُ ، وعلى ما أمرتُك (27) ، وعلى فرائِضِ اللّهِ كما أُنزلَتُ ، وعلى الأحكامِ من الأمرِ بالمعروف والنهيِ عن المنكر واجتنابِه (28) ، مع إقامةِ حدودِ اللّهِ وشروطِه ، والاُمورِ كلّها ، وإقامِ الصلاةِ لوقتِها ، وإيتاءِ الزكاةِ لأهلِها ، وحجِّ البيتِ ،



    (24) بحار الأنوار : ج22 ، ص481 ، ب1 ، ح29 . عن كتاب الطرف : ص21 ـ 22 .
    (25) وجاء فيها عدّة روايات بنفس السند إخترنا منها الوصايا الآتية فيما يلي .
    (26) في الخصائص : ص72 أعدّ لها جواباً .
    (27) في المصدر الأصل : وعلى تبليغه ما أمرتك بتبليغه .
    (28) أي إجتناب المنكر وفي الأصل : وإحيائه ، أي إحياء كلّ واحد من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر .


صلة